اتقوا الله في مصر .. رفقا بالثوار .. فهم ليسوا ملائكة ..!!
منذ أن بدأت الثورة المصرية ، ومنذ أن تنحى مبارك مُجبراً ، بقوة وإرادة الشعب المصري الشريف المسالم الذي فرض شرعية جديدة للبلاد ، ومنذ أن تسلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد ومنذ أن اعترف بأنه يحترم شرعية الثورة والشعب ، والجميع يخطئ في حق مصر وفي حق ثورتها السلمية المجيدة ، وأقصد هنا بالجميع (كل مسئول ، وكل جهة في الدولة ، وكل مؤسسة وكل جماعة وكل تيار وكل حزب) الجميع أخطأ في حق مصر والمصريين ، لأن معظم هؤلاء منهم من استغل الثورة لصالحة متجاهلا حق الشهداء ، وهذا ما فعله بامتياز أرباب التيارات الدينية بكل ألوان طيفها ، فهم أول من أخطأ في حق الثورة ولا يزالون ، وآخرهم المتحدث الرسمي باسم الجماعة (.....) يقول على المتواجدين في ميدان التحرير الآن أنهم قلة ولا يزيد عددهم عن ثلاثة آلاف ، وكلهم من العلمانيين والشيوعيين ، وجميعنا نعلم الأرضية التي صنعها هؤلاء في تعريف الشعب المصري بالعلمانية ، وتناسى هذا الشيخ وغيره من الشيوخ أن هؤلاء الشباب قد منحوه هو وأمثاله أغلى منحة وهي الحرية.
معظم الخبراء العسكريين السياسيين الذين تربوا على يد مبارك ولحم أكتافهم من رواتب الولاء له ، أصبح الشغل الشاغل لهم تشويه صورة الثورة والثوار ، لدرجة أن أحد هؤلاء وهو لواء سابق وخبير عسكري ، قالها صراحة على القناة الأولى المصرية اليوم الأربعاء 13/7/2011م (لا أدري من أين جاء هؤلاء الثوار بكل هذا الغل .؟) ، وهنا يجب أن نعترف أن مثل هذه الشخصيات لا يمكن على الإطلاق أن يكون قد آمن بالثورة أو أحس بها أصلا ، فهو ضمن جيل مبارك وأحد من تربو على يديه ، وللعلم التلفزيون المصري حتى اللحظة وأثناء كتابة هذا المقال لا زال يحارب الثورة ، ويعادي الثورة ويحاول بقدر المستطاع تشويه الثورة ، واختزالها في سلوكيات وتصرفات عابرة ، وعلى سبيل المثال ما قاله الخبير العسكري اللواء السابق في (برنامج اتجاهات) على القناة الأولى (قال فوجئت بطفل في السابعة عشرة من عمره يقول سنفتح المجمع (مجمع التحرير) يومي الأربعاء والخميس) واصفا هذا الطفل بقوله (مين ده) أعتقد يا سيادة الخبير العسكري أن هذا الطفل وأمثاله من الأطفال هم من منحوك الفرصة للظهور في التليفزيون وأعطوك الجرأة لوصف مبارك(بالرئيس السابق) وأنت وأمثالك قبل الثورة كنتم تسبحون بحمد مبارك.
الجهات المنوط بها محاسبة ومحاكمة الفاسدين والقتلة أخطأوا في حق مصر وفي حق المصريين خصوصا بعد الثورة ، لأن كل هذه الجهات بكل أنواعها ومراكزها المختلفة منحت القتلة والفاسدين فرصا عدة للتخلص من أدلة إدانتهم ، أعطتهم الفرصة كاملة لتهريب الأموال وإخفاء أي شبهة دليل يدين فاسد أو قاتل فتحت الباب أمام البلطجية لترويع المصريين وإرهابهم ، وهنا الأمثلة كثيرة جدا ولا تحصى ولا تعد ، منها ترك زكريا عزمي وصفوت الشريف في قصر الرئاسة أكثر من شهر ونصف بعد تنحي مبارك ، وترك مئات غيرهم أحرار طلقاء يفعلون ما يشاؤون بل ويحاربون الثورة بأسلوب قذر منحط في معارك لم يشهدها التاريخ الإنساني ، محاكمة الضباط المتهمين بالقتل دون وقفهم عن العمل ، حتى يستطيعوا تهديد وابتزاز أهالي الشهداء ، وكذلك إخفاء أدلة إدانتهم مثل الأسلحة والمعدات والمستندات ، والأكثر إجراما من هذا هو قيام هؤلاء الضباط أنفسهم بعمل التحريات المطلوبة ضدهم لتقديمها للنيابة في التهم المنسوبة إليهم ، والأكثر عارا من هذا إلى الآن لم نسمع عن اسم قناص واحد من القناصين الذين قتلوا عشرات في جميع أنحاء مصر ، ويكفي أن وزير الداخلية قال أن الوزارة ليس بها قناصين.
أعتقد أن سرية المحاكمات للقتلة والفاسدين طوال ستة أشهر مضت هو خطأ وظلم للثورة والثوار ، ومن العار اليوم أن يتم الموافقة على علانية المحاكمات بعد ستة أشهر من الثورة ، وأعتقد أن الخطأ الأكبر الوضع الذي يعيش فيه القتلة والفاسدين داخل سجن طره ، ويكفيهم هنا امتلاك أجهزة المحمول فقط ، لسرعة الاتصالات والتخطيط من داخل السجن ومحاربة الثورة بأقذر الطرق والأساليب ، والبحث عن طرق للنجاة من الجرائم التي تلاحق كل منهم ، وأكبر دليل على التأثير السلبي لهذا التعامل المائع والمتسيب والمتساهل والمتواطئ مع هؤلاء القتلة هو أحكام البراءة للضباط وبعض الوزراء ، وكانت هذه الأحكام نتيجة طبيعية جدا لمجهود كبير قاموا به في إخفاء أدلة إدانتهم.
أعتقد أن بقاء مبارك في شرم الشيخ إلى الآن هو عار وخطأ كبير جدا على كل مسئول في مصر ، وهو أمر ليس له أي مبرر على الإطلاق ، كما أن البيانات التي ألقاها علينا كل من رئيس الوزراء واللواء الفنجري كانت تحوم حول مطالب الثورة وفي مجملها جاءت مخيبة للآمال ناهيك عن وجود نبرة التهديد والتخويف ، ورغم ذلك لم تنطق هذه البيانات بكلمة واحدة عن مبارك ، وكأن الحديث عن مبارك لا يزال خطاً أحمر لا يمكن الاقتراب منه ، أو من الممكن المطالبة بأي شيء بعيدا عن مبارك الذي ننتظر براءته قريبا لو استمر الوضع على هذا النحو ، وفي المقابل معظم المصابين من شباب الثورة تم التعامل معهم في المستشفيات الحكومية وكأنهم قتلة ومجرمون ولم يحظوا بالعلاج والاهتمام الذي يليق بهم.
حقوق الشهداء وحقوق أسر الشهداء لماذا تأخرت كل هذا الوقت ، وإعلان رئيس الوزراء أنه سوف يشرف عليها بنفسه بعد ثلاثة أشهر من توليه المسؤولية ، أليست هذه أخطاء.؟
الحد الأدنى للأجور الذي خدعونا به ، وضحكوا علينا ، ورغم وضعهم حد أدنى للأجور إلا أنهم خافوا من وضع حد أقصى للأجور ، خوفا من الأثرياء ، فكل شيء يسير عكس مصلحة الفقراء وعكس مصلحة مصر لأن الفقراء هم القطاع العريض من هذا البلد ، ولو قامت لمصر قائمة ستكون بسواعد هؤلاء الفقراء بعد بتحقيق العدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق الطبقية بين فئات الشعب.
بعد كل هذا الملل الذي يشعرنا أن ثورة لم تقم يخرج علينا أشخاص مغيبون يُجَـرِّمون ما فعله شباب الثورة حين أغلقوا مجمع التحرير ، كما يعتبرون إصرار الثوار على البقاء في التحرير ضد مصالح الوطن ، وضد سير عجلة الانتاج ، ومحاولات لتخويف المصريين من الجوع والدخول في أزمات اقتصادية ، وهنا يجب أن أسأل هؤلاء جميعا أين كنتم حين تم تهريب مليارات الجنيهات وأطنان من المشغولات الذهبية بمليارات أخرى ، وكل هذا يتم نقله في طائرات مصرية بأموال مصرية ، تزامنا مع قتل المئات وإصابة الآف من شباب مصر الحر ، أليست هذه الجرائم أكثر خطرا على المصريين وعلى الحالة الاقتصادية للبلاد.؟.
الجميع يعرف أن تأسيس أحزاب على أساس دينية هو مخالفة للقانون ، ورغم ذلك معظم الأحزاب التي تأسست بعد الثورة واستفادت منها هي أحزاب دينية ، وهذا خطأ يهدد أمن واستقرار مصر ، حاضرها ومستقبلها ، وهذه حقيقة لن نعرف خطورتها الآن ، ولكن هي كلمة حق أقولها مثل من قالوها وأجرى على الله.
الثوار ليسوا ملائكة ، الثوار بشر عاشوا أصعب لحظات حياتهم حين جعلوا أرواحهم فداء لتخليص مصر من الاستبداد والقتل والقمع والتعذيب ،ووضعوا أرواحهم على أكفتهم ، وهم عزّل ، و طالبوا بالعدالة والحرية والكرامة الإنسانية لجميع المصريين ، لم يفكروا في وزارة ولا رئاسة ولا حزب ، فكل ما يشغلهم هم نجاح الثورة واستكمال مطالبها كاملة ، حتى لا يضيع كل شيء هباء ، هم أكثر خوفا على هذا الوطن من جميع الأصناف والألوان والتيارات والجماعات والقيادات التي اشتركت في ظلم الثورة والثوار وفي سرقة أحلام هذا الشباب قبل أن تكتمل ، وفي خطف هذا النجاح وهو لا يزال وليدا ، وكل هؤلاء شاركوا في حملة شرسة لتشويه الثورة والثوار وتحويلهم لقلة مندسة ، وترويج إشاعات كاذبة أن هناك أيادي خارجية تحركهم وتدفع لهم ، وفي أحيان كثيرة يحاول أعداء الثورة الفصل بين من قام بالثورة في الأيام الأولى وبين من يصرون اليوم على تحقيق مطالب الثورة ، وذلك بتوجيه اتهامات باطلة وظالمة لشباب نقي طاهر يعرض نفسه كل يوم لبطش بلطجية طلقاء لا رابط لهم ، ولا رادع ، ويتم توجيههم كل حين للنيل من هذا الشباب كلما لزم الأمر ، هنا الخطأ الأكبر الذي يشترك فيه كل مسئول مصري لماذا لا يتم القبض على جميع البلطجية ، وهم أصدقاء وأحباب بعض العاملين في وزارة الداخلية ، ويعرفونهم كما يعرفون أبناءهم.
سؤال: هل سيبقى الميدان آمنا من أي هجوم للبلطجية.؟ ، في ظل غياب واضح للشرطة منذ يوم الثامن من يوليو ، أم أن هناك تخطيط وتجهيز لعملية جديدة لاقتحام الميدان ، وهذا ما كان يحدث أيام مبارك المخلوع بعد كل خطاب فيه إقصاء لوزراء أو تغيير في الحكومة ، و حتى بعد مبارك حدث ذلك بعد إقالة شفيق ، وبعد حل الحزب الوطني ، وبعد حل المحليات ، وهذه المرة الدائرة دارت على بعض الوزراء و بعض رجال الشرطة ، لو حدث ذلك فعلا ، وتم الاعتداء على الثوار في الميدان بإجرام وقسوة وبلا رحمة فمن نحاسب.؟ ومن نحاكم .؟ ومن المسئول.؟ ، وهل عندها سنلوم الشباب على اعتصامهم وبقائهم في التحرير ، وعلى إصرارهم على تحقيق جميع مطالب الثورة كاملة وغير منقوصة.؟
أخيرا : يجب أن نغفر لشباب الثورة أخطاءه البسيطة التي لا تضاهي كم الخطأ والجرم الذي وقع ويقع فيه كل مسئول عن هذا البلد ، فكلنا بشر ، يخطئ ويصيب ويكفي أن هذا الشباب كان سببا في خلع حاكم مثل مبارك ، بعد أن أضاع أعمار ملايين من المصريين وسرق أحلامهم وجعل همهم هو العيش جنب الحيط وتربية الأولاد ، ارحموا شباب الثورة وارحمونا يرحمكم الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق