الجمعة، 21 يونيو 2013

الـكــافــر بـيـن الـمـديـح والـتـقـبـيـح ....1

الـكــافــر قـبـيـح لكنه أحيانا يستحق الـمـديـح....

إن العالم العربي الآن يمر بمرحلة فارقة في تاريخه ، ورغم خطورة هذه المرحلة وصعوبتها إلا أنها يمكن أن تجعل البلاد العربية في أبهى صورة ، بشرط لو تخلصت من التسلط على الناس باسم الدين وصاغت قوانين تحمى حقوق الإنسان وتنشر العدل والحرية والمساواة وعدم التفريق بين المواطنين بسبب المذهب او المعتقد أو اللون أو الجنس ، كذلك فإن نفس المرحلة قد ترسل الوطن العربي كله بأسرع مكوك فضائي إلى غياهب الجهل والرجعية والتخلف والعصبيات والقتال من أجل الاختلاف في رأي أو وجهة نظر ، وهذا ما يمكن تسميته بالانتحار الأخير لسكان الوطن العربي ، والسيناريوهات التي يمكن أن يتحقق بها هذا الانتحار متعددة وكثيرة وأعتقد أن إرهاصات حدوثها متوفرة وواضحة للعيان في معظم البلاد العربية ، وبشكل أوضح يوجد في كل البلاد العربية مجموعات أو جماعات تنشر مفردات ومصطلحات جديدة وغريبة على المواطن العربي تؤثر على وعيه وفكره وثقافته ثم سلوكه تجاه الأخر وكلها مفردات تدعو للكره والبغض والأحقاد والانقسامات بين أبناء الوطن الواحد ، وهذه الجماعات وظيفتها الأساسية تغذية الوعي العام بهذه المفردات والمصطلحات الجديدة التى تنتمي كلها لفكر ومنهج تمزيق الشعوب وإهلاك الأمم ومن وجهة نظري يمكن تسمية هذا العمل بأنه من مخلفات الفكر الإنساني.
 
أعتقد أن معظم المثقفين العرب بوجه عام في النصف قرن الماضي يتحملون جميعا ، ويتحمل معهم الأزهر بوجه خاص مسئولية انتشار هذه النوعية من الأفكار لدرجة أنها أصبحت شبه مسيطرة على قطاعات عريضة في كل دولة ، ولو أخذنا مصر كمثال توضيحي مهم ومؤثر ، سنجد أن الأزهر فشل فشلا واضحا في إنتاج فكر ديني معتدل يوازن بين تواجد السلفية الوهابية في كل مكان وعلى كل شبر من أرض مصر ، كذلك فشل الأزهر في فضح السلفية الوهابية خلال النصف قرن الماضي ، قد يكون هذا حدث بقصد من بعض مشايخ الأزهر ، وبدون قصد من البعض الأخر لكن يكفي أن الأزهر وقف بالمرصاد لكل مفكر مستنير حاول إظهار وتجلية حقائق الإسلام ، وقف الأزهر وحارب كل من حاول الدفاع عن الإسلام العظيم وتنقيته من الشوائب التي علقت به خلال تاريخه الطويل ، وتخليصه من هذا الفكر الرجعي المتخلف الذي يُكـِن كل عداء للإسلام والمسلمين ، فكان يتم اتهامه بالكفر والردة وازدراء الدين من كبار شيوخ الأزهر ، بينما كان المجال مفتوحا والمنابر جاهزة لدعاة التطرف والقتل والارهاب في غياب معظم مشايخ الأزهر الذين يقولون أنهم مسئولون عن نشر الإسلام الوسطي المعتدل ، ولا أدرى أي نشروا الإسلام الوسطي المعتدل..؟

ومن المؤسف اليوم بعد أن نجح بعض المهمومين بمشاكل المسلمين في كشف حقائق تاريخية وحقائق قرآنية لم يجرؤ أحدهم التحدث عنها أو الخوض فيها وانتشر عبر وسائل الاتصالات الحديثة فكرا مستنيرا ورؤية دينية جديدة و4راءة جديدة للإسلام والقرآن ، تكشف حقيقة هذه التيارات المتسترة بالدين ، وبعد أن فضحت الوهابية نفسها أمام الشعب المصري وأثبتت فشلها في إدارة الدولة وأثبتت تناقضها مع حقائق الإسلام من خلال الكذب والتدليس والنفاق وخداع الناس من أجل البقاء في السلطة ، يخرج علينا في الفضائيات بعض مشايخ وأساتذة الأزهر يبكون بدموع على الإسلام ويندبون حظهم وحظ المسلمين الذين وقعوا فريسة في أيدي هؤلاء الوهابيون ، وأخيرا وقبيل فوات الأوان اعترفوا أن الوهابية السعودية هي سبب كل بلاء تعاني منه مصر ويعاني منه العرب والمسلمون ، واعترفوا أن هذه الجماعات يتم تمويلها من الخارج ، لدرجة أن أحد مشايخ الأزهر وصف شيوخ الوهابية بخوارج أخر الزمان ، حقيقة لا اعلم هل ثورة بعض مشايخ الأزهر هي ثورة من أجل نصرة الإسلام الحقيقي ، أم أنها ثورة من أجل أنفسهم ثورة بسبب مجموعة من الإرهابيين أخذوا مكانهم واحتلوا مكانتهم في عقول وقلوب الناس ، هذا علمه عند الله جل وعلا.

سكت الجميع في مصر أمام انتشار مفردات خطيرة جدا أدت لتقسيم المجتمع منها (كافر ، فاسق ، فاجر ، أنجاس ، داعر) ، سكت الجميع في مصر حين اعتلى المنابر دعاة الارهاب والفتن ، سكت الجميع في مصر حين أصبح القتلة نجوما في الفضائيات يتحدثون عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وعن وضع رؤية لإصلاح مصر ، سكت الجميع في مصر حين أصبح قتلة العقود الماضية أبطالا في أعين العامة من المصريين ، سكت الجميع في مصر حين تم وصف كل من يعارض الوهابية بأنه كافر وعدو للدين وعدو لله ، يدخل في هذا الشيعي والصوفي والبهائي والمسيحي والعلماني ، الليبرالي ، الاشتراكي ، الثوري ، الناشط السياسي ، الفنان ، المثقف ، كل مواطن مصري تسول له نفسه أن يفكر خارج حظيرة الوهابية يتم وصفه بالكفر ، ولا مانع أبدا من إهدار دمه على رؤوس الأشهاد ، كل هذا حدث ويحدث في حالة من التخاذل والانبطاح الغير مبرر من معظم المثقفين وبعض مشايخ الذين يدّعون الاعتدال.

والآن بعد أن أوشك المصريون على الدخول في مواجهة دموية من أجل السلطة بين جماعة تحكم لها قلة من الأتباع والمؤيدين والإرهابيين في جانب ، وبين الشعب المصري كله في جانب أخر ، في ظل كارثة كبرى ، هي حالة التغذية المستمرة التي يحاول بها مشايخ ودعاة وكهنة السلطان إظهار الحاكم أنه ممثل الله على الأرض وأنه مفوض لحكم مصر وخلافة المسلمين حتى ينتهى أجله ، لدرجة أن أحدهم يحكي رؤيا (مناما) يدّعي فيه أن الرسول عليه الصلاة والسلام قدّم الرئيس مرسي إماما في الصلاة وصلى خلفه ، ويكمل هذا الشيخ أكاذيبه قائلا أن الرئيس مرسي سيبقى في السلطة فترتين حسب رؤيا أخرى ، هذا ما يحدث في تصويرهم لمرسي وجماعته ، كذلك صوروا المعارضة أنها كافرة تكن عداء للإسلام وترفض المشروع الإسلامي وترفض الإسلام ، وبالتالي فهذه المعارضة كافرة تستحق القتل ، وأعلنوها صراحة في تهديد واضح بقتل كل من ينزل يوم 30/6 يعبر عن رفضه حكم الاخوان.

ما يزيد الأمر خطورة وكارثية حالة الازدواجية والجهل والغياب الفكري والذهني التي يعاني منها معظم المصريين ــ بكل طبقاتهم ــ في نظرتهم وتعاملهم مع كلمة كفر وكافر ، فمرة يكون الكافر جميلا يستحق الثناء والمديح ، ولا نسأل أصلا عن سبب كفره حتى لو كان من أقصى بلاد الدنيا وذلك حين يقدم لنا خدمة أو عملا نحبه ونحتاج إليه ويروق لنا مزاجيا ، ومرة أخرى يكون الكافر قبيحا مذموما يستحق القتل حتى لو كان من أبناء جلدتنا لمجرد اختلافه مع محمد مرسي  والأخوان ، وهذا ما فعله المجرمون المتاجرون بالدين في عقول ووعي معظم المصريين ، وهذا سنوضحه في المقال القادم ..

   


الأربعاء، 12 يونيو 2013

هـل الـمـســلـمـون يـسـيـئـون لـلـرســــل وهـم لا يـشـعــرون..؟



هـل الـمـســلـمـون يـسـيـئـون لـلـرســــل وهـم لا يـشـعــرون..؟

قرأت كثيرا على صفحات الفيس بوك رسائل وأخبار وموضوعات عن بعض الدعاة والمشايخ والشخصيات الذين أفنوا أعمارهم في الدعوة للإسلام ، ويحاول من يكتب عن هذه الإنجازات إظهار قدرة هؤلاء على التأثير في الناس ونجاحهم في إدخال ملايين من البشر إلى دين الإسلام ، لفت نظري هذا الموضوع الذي أرى أن معظم معلوماته غير حقيقية وغير صحيحة لأنها تتناقض مع العقل والمنطق السليم ، ولا يمكن حدوثها على أرض الواقع أصلا ، والأخطر من هذا كله أن من كتبها وكل من ساهم في نشرها هو يشارك بقصد أو بدون قصد في تفضيل أحد هؤلاء الدعاة ورفعهم درجة على الأنبياء والمرسلين عليهم جميعا السلام ، ودون أن يدري من ينشر هذه الأخبار يظهر هذا الداعية أنه أكثر كفاءة وأكثر إقناعا في تقديمه رسالة الإسلام ودعوة الناس إليه ، ولذلك فقد نجح هذا الداعية أن يدخل الإسلام على يديه سبعة ملايين إنسان  في 29 سنة رغم أنه ليس نبيا مرسلا ، وهذا الإنجاز من وجهة نظري لم يحققه معظم الأنبياء والمرسلين.

وإليكم انجازات أحد هؤلاء الدعاة ثم أتبعها برد وتعليق:
"هذا الرجل الذي نحسبه من الصالحين ، ودع الدنيا بعد إسلام 7 مليون شخص على يده.
أكيد يجهله الكثير منا ، فمن هو ..؟؟
إنه أحد فرسان الأمة رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة وجزاه الله عنا وعن الإسلام خيرا:
أسلم على يده 7 مليون شخص .!!! بعد أن قضى 29 عاما يدعو للإسلام في أفريقيا
بنى 5700 مسجد
كفل 1500 يتيم
حفر 9500 بئر في فريقيا
بنى 860 مدرسة و4 جامعات و204 مركز إسلامي
والعجيب أنا لا نعرف عنه الكثير رغم أن أمثاله ينبغي أن تكتب سيرهم بماء الذهب
انه الشيخ الدكتور  .............................. ـ رحمه الله تعالى
فقد توفى اليوم هذا الرجل الصالح.
كم تناقلنا انجازات ستيف جوبز مخترع الآي فون بعد مماته.؟
فالأجدر بنا أن نجعل من وفاة هذا الرجل درسا نتعلم منه سيرته لكي نتعلم منها كيف نكون قادرين على الإجابة عن السؤال التالي:
ماذا قدمت للإسلام..؟؟؟ "  انتهى الكلام عن الانجازات.

الـتــعــلــيــق :ـــــ
أولا: أنا لا أشكك أبدا في هذا الرجل ولا في درجة إيمانه أو صلاحه ولا شأن لي بهذا على الاطلاق ، لأن هذا كله علمه عند الله وليس لي حق التدخل فيه أو الحكم عليه أو على غيره من البشر.
ثانيا: ما يعنيني هنا هو الكلام المكتوب عنه بعد موته ولا شأن لي بشخصه كإنسان فارق الحياة ، وهذا الكلام المكتوب يحتاج لقليل من التدبر والتفكر ولو أجرينا بعض الحسابات ستحدث لنا صدمة كبيرة ، لأن هذه الانجازات فوق طاقات وإمكانات وقدرات البشر ، ومن جهة أخرى أتصور أن ما حققه هذا الشيخ حسب الراوي يجعله أكثر نجاحا وقدرة على التأثير في الناس من الأنبياء ، لأن نبي الله يونس أسلم معه حسب ما جاء في القرآن مائة ألف أو يزيدون (الصافات ــ 147 ، 148 ) ، وأعتقد أن خاتم المرسلين عليه الصلاة والسلام وقت وفاته لم يصل عدد المسلمين في العالم كله إلى ربع هذه الملايين السبعة وهو نبي مرسل وصاحب الرسالة الخاتمة ، لو رجعنا قليلا لتاريخ وسيرة خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام سنجد أن الرسول توفى في عام 11هـ ، غزوة بدر الكبرى كانت في عام 2هــ أي قبيل وفاته بتسع سنوات ، لو تذكرنا كم عدد المسلمين المشاركين في هذه الغزوة ، كانوا 314 مسلم فقط ، وهو عدد قليل جدا ، طبعا أعلم أن هذا ليس العدد الكلي للمسلمين وقتئذ ولكن هذا عدد الجيش الإسلامي الذي خرج مع الرسول للقتال فكم عدد المسلمين ككل .؟ ، هذا العدد أسلم  بعد أربعة عشر عاما من الدعوة ، وهو عدد قليل جدا جدا خصوصا أن صاحب الدعوة وحاملها نبي مرسل من عند الله جل وعلا ، هنا مكمن الخطورة في هذا الكلام وهذه الإنجازات التي يتناقلها المسلمون بلا وعي وبدون تفكير وينسبونها لشخص ليس بنبي أو رسول ، الجدير بالذكر أن عدد المسلمين في حجة الوداع كان ما يقرب من مائة ألف ، وحجة الوداع حسب كتب التاريخ كانت في سنة 9 هـ ، هذا فيما يخص الدعوة وعدد المسلمين ، الذين تحدث القرآن عنهم وقال أن بعضهم من المنافقين وكل هذا علمه عند الله وقال تعالى لرسوله الكريم أنه لا يعلم المنافقين ولكن الله يعلمهم (التوبة ـ 101) فكيف عرف هؤلاء أن عدد 7 مليون دخلوا في الإسلام حقيقة ولا يوجد منهم شخص منافق يدعى أنه مسلم ، فهذا علمه عند الله جل وعلا ولا دخل لبشر فيه وليس من حق أي بشر أن يحكم فيه أصلا.
لو رجعنا لكتاب الله جل وعلا وتذكرنا وتدبرنا قصة نوح عليه السلام الذي ظل يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاما (العنكبوت ــ 14) ، ورغم ذلك لم يؤمن معه إلا قليل من الناس وحسب ما جاء في القرآن فقد ركبوا في السفينة جميعا تنفيذا لأمر الله أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين وأهله ومن آمن هـود ــ40) ، ومعنى ذلك أنهم كانوا بضعة مئات من المسلمين أو المؤمنين ، ويستحيل أن يصلوا لعشر هذا العدد رغم أن نوح ظل ألف سنة إلا خمسين عاما يدعو.
 كذلك لم يستطيع خاتم النبيين بناء عُـشْـر هذا العدد من المساجد ، طبعا أقدر قلة وندرة الإمكانات المتاحة أيام النبي عليه الصلاة والسلام ، لكن العقل لا يقبل أبدا أن يستطيع إنسان خلال 29 عام أن يدعو إلى الإسلام 7 مليون شخص فيسلموا جميعا بهذه السرعة ، فهذا يتطلب أن يُسلم معه عدد 661 شخص كل يوم بدون انقطاع ، كذلك يقولون أنه بنى 5700 مسجد فلو افترضنا أنه سيقوم ببناء مسجد كل يوم فهذا يحتاج 15 سنة كاملة ، ويقولون أنه حفر 9500 بئر فهذا يحتاج 26 سنة كاملة بحيث يحفر كل يوم بئر ، ويقولون أنه بنى 860 مدرسة فهذا يحتاج سنتين وثلث تقريبا بحيث يقوم ببناء مدرسة كل يوم.
لمزيد من التوضيح :: ما أقصده هنا أنه مطالب بأن يدعو كل يوم 661 شخص للدخول في دين الإسلام فيوافقوا جميعا من المرة الأولى دون نقاش أو جدال أو سؤال أو حوار مطول  أو استفسار ، ويبدأ في دعوة نفس العدد كل يوم جديد فيدخلوا بنفس الطريقة ويستمر كذلك طوال 29 سنة أعتقد هذا الأمر مستحيل لأنه لم يحدث مع الأنبياء والمرسلين. 
بالنسبة لموضوع بناء المساجد والمدارس والمراكز الإسلامية والجامعات وحفر الآبار لو فرضنا أنه سيخصص لكل مبنى من هذه المباني يوما واحدا فقط من حياته يزور المكان ويتفقد الأحوال ويتابع ما جرى وما حدث ويقول وجهة نظره ويسأل عدة أسئلة عن المبنى ، ثم ينصرف ليفكر في مبنى أخر أو في عمل أخر ، فهذه المباني والآبار تحتاج 33 سنة بحيث يهتم أو يشرف أو يزور أو يخصص لكل منها يوما كاملا على الأقل ، سواء كان مسجدا أو مدرسة أو بئرا أو مركزا إسلاميا أو جامعة.
بالطبع كل هذا قام به دون أن ينام أو يأكل أو يشرب أو يصلي أو يمرض ، أو يدخل بيت الراحة أو يشاهد برنامج تلفزيوني ، أو يسافر في رحلة مع أهله ، أو يحصل على إجازة لو أسبوع ، فهو يعمل على مدار 24 ساعة بلا توقف لمدة 29 سنة كاملة ، فهل هذا يعقل..؟؟








الخميس، 6 يونيو 2013

مـاذا فـعــل الاسـتـبــداد فـي عــقــول الـعــبـاد..؟؟

مـاذا فـعــل الاسـتـبــداد فـي عــقــول الـعــبـاد..؟؟

مقدمة لابد منها :ــ
سبب كتابة هذا المقال حوار دار بيني وبين أحد الأصدقاء على صفحات الفيس بوك بسبب ما يجرى الآن في تركيا ، أذكر لحضارتكم عينة بسيطة من الحوار وأتبعها بالتعليق والتحليل ::
الـحـــــــــــــــــــــــوار
 نقطة البداية:ــ حين نشر صديقي صورة أردوغان ومكتوب بجوارها هاتين العبارتين (أردوجان: ليس لدي ما أقوله للذين يصفون خادم الشعب بأنه ديكتاتور)
           (أردوجان : لن نطلب إذنا في مشاريع (الدولة) من بضعة لصوص)
بدأت الرد بتعقيب بسيط ، لم أكن أتوقع أن الحوار سيصل لهذا الحد
فكتبت ــ أن أردوغان يتعلم من المصريين كيف يواجه الثوار حين يتهم الثوار باللصوص
فردّ صديقي ــ اردوجان:"عندما يطلقون على شخص هو خادم للشعب أنه ديكتاتور ، فليس لدي ما أقوله
كتبت ــ هناك فرق كبير جدا بين مفهومنا هنا في مصر والوطن العربي لمعنى خادم الشعب ومعنى الديكتاتورية أيضا ، نحن نهلل ونطبل لأي مسئول أو موظف في الدولة حين يقوم بربع واجبات ومهام وظيفته.......... أما في تركيا واوروبا وامريكا المواطن يرى أن المسئول أو الموظف لا يجب ان يُقصر في أقل القليل من واجبات عمله ووظيفته ، و المواطن هناك لا يقبل أبدا أي نوع من الوصاية عليه فمجرد أن مسئول سياسي يحاول فرض أي شيء عليه يصبح في نظره ديكتاتور.
رد صديقي ــ أردوجان لن نطلب إذنا في مشاريع (الدولة) من "بضعة لصوص"
كتبت ــ أردوغان بالنسبة لنا أسطورة وشخص خيالي لكن بالنسبة لهم شخص عادى وأقل من العادي وطبيعي جدا انه يعمل ويجتهد ليحقق الامن والعدالة لكل فرد في المجتمع ، انت تراه هنا شيء مستحيل يتكرر لكن هناك هو شخص ناجح لكنه عادي واقل من العادي ولو فرضنا أن كل من خرجوا ضده لصوص في تركيا هل تركيا فيها كل هذا العدد من اللصوص .؟
رد صديقي ــ انت معرفتش ان المتظاهرين قاموا بإضرام النيران والقيام بأعمال سلب ونهب.ولا ماشفتهاش دي
ولا الناس دي اشرف من انها تعمل كده ومعصومه من الخطا ولا ايه
رجب اردوغان اسطوره بالنسبه لاي حد في العالم مش لينا احنا بس يا استاذ ؟
الجميع ينظر إلى نهضة تركيا الإسلامية وزعيمها الإسلامي وتاريخها الإسلامي فيرتعب ويرتبك ويعيد حساباته ألف مرة ، ويعتذر عما بدر منه من أخطاء في اي شان يخصها.
كتبت ــ بص سيبك من كمية الاسلامية اللى في كلامك عن تركيا دي الله يخليك تركيا دولة علمانية سواء انت وافقت . لم افقت انت حر طبعا وبلاش حكاية الارتباك دي برضه لأن فيه دول كبرى تتحكم في السياسات الكبرى في العالم وتفرض سلطانها على العالم  كله........... سؤالي الأخير .. احنا بلاد اسلامية ليه فشلنا هذا الفشل اللى كل يوم بيزيد رغم اننا العالم العربي يعني بلاد اسلامية .؟
رد صديقي ــ قريب ياباشا ان شاء الله ماتستعجلش خليك متفائل وقول يارب . انت يزعلك في حاجه ان نهضتها تكون اسلاميه ولا زعيمها اسلامي مش فاهم
كتبت ــ بلاش تدخل لى من السكة دي علشان عيب ........ فيه فرق كبير بين إني اكون زعلان ان دولة اسلامية لها حضارة عريقة ومتقدمة وبين إني اقول واقع وحقيقة دولة علمانية  وليست إسلامية
رد صديقي ــ انا كلامي كان واضح يا استاذ بقولك زعيم اسلامي وتاريخ اسلامي مجبتش سيره الدولو ايه دلوقتي وبعدين ياعم رضا زعيم اسلامي حقق نهضه في دوله علمانية. انا ماقصدش اي حاجه ده سياق حوار عادي ولا اعرف ايي سكك انا برد عليك بس
كتبت ــ لما تقول لأي حد وانت بتكلمه هو يزعلك في حاجه ان نهضتها تكون اسلاميه ولا زعيمها اسلامي  ، وتختم كلامك (مش فاهم) انا شخصيا بعتبر ان دا لا يليق طبعا انا حر .............. راجع كلامك عن تركيا كده هاتلاقي نفسك كتبت عنها انها مرة اسلامية ونهضتها ومرة علمانية.
رد صديقي ــ علي كده انت عارف توجهات المتظاهرين الاتراك وضامنهم وواثق في حسن نواياهم .اردوغان العالم كله عارفه طيب وشوية المتظاهرين دول ايه ظروفهم
انا ما قلتش انا بقولك اردوغان في خطابه هو اللي قال كده وكاتب قبلها اردوغان
كتبت ـــ ماشي انت نقلت كلامه يعني مصدقه انا عارف انك كاتب قبلها ادروغان
رد صديقي ــ واكدبه ليه .ههههههههههههه
وأكتفي بهذا القدر بعد رد صديقي بــ (واكدبه ليه)
الـتـعـلـيــق
حرصا على مشاعر صديقي من أعــدقاء السوء لابد من توضيح بسيط قبل البدء في التعليق ، حين أخصص مقالا كاملا لمناقشة أسباب انتشار وسيطرة مثل هذه الظاهرة على العقول ، فلا يمكن أبدا يكون المقصد والغرض منها تشويه صورة شخص بعينه ، وإنما الغرض منها إظهار حقائق تاريخية وظواهر مجتمعية حقيقية ، موجودة فعلا عند معظم المصريين والعرب ، ويجب إلقاء الضوء على هذه الظواهر الخطيرة التي لو لم تعالج وتختفي من عالمنا بأن نقضى عليها ونغيرها فلا أمل لإصلاح مصر وإصلاح عالمنا العربي ، لأنه من وجهة نظري الإصلاح الفكري هو بداية الإصلاح في أي دولة تفكر في الإصلاح والبناء.
بداية لابد أن نوضح ونبين أن الاستبداد على نوعين : استبداد فكري (ديني ـ علمي ـ ثقافي ـ معرفي) ، واستبداد سياسي (سلطوي) ، وأعتقد أن كلاهما يستمد قوته وحضوره ووجوده من الأخر حسب وجهة نظري وتقديري ورؤيتي ، لأن الاستبداد السياسي لا يستمر ولا يدوم ولا يحيا ولن يُكتب له البقاء في أي مجتمع إلا من خلال ترسيخ ثقافة الاستبداد الفكري وخلق شعب أسير لمجموعة من الأفكار والأشخاص ، واعتبار التفكير جريمة يعاقب عليها الدين قبل القانون حتي يتم تقديس ما يقوله أنصار هذا الاستبداد حتى لو قالوا على حاكم فاسد وظالم أنه أب لكل المواطنين ، فلا يمكن لأحد أن يناقش أو يعترض بل يقر ويعترف ويصمت ويوافق الجميع أن هذا الحاكم الفاسد الظالم لا يجوز الخروج عليه وهو فعلا أب لكل المواطنين لأن أحد شيوخ السلطان قرر هذا ، وكذلك الأمر فإن الاستبداد الفكري العلمي الثقافي المعرفي لا يوجد و لا يعيش أبدا إلا في ظل حكم سياسي مستبد أيضا لأن كلاهما لا يقبل النقد أو الأخذ والرد وكلاهما ينتفض غضبا من المعارضة فلو حدث وظهرت أي بؤرة معارضة حسب نظرتهم ، فسريعا سيتعاون أنصار الاستبداد الفكري مع أنصار الاستبداد السياسي للقضاء على المعارضة وعلى كل من تسول له نفسه ارتكاب جريمة التفكير في المجتمع والأمثلة كثيرة ، فيسير ويعيش في ظلهما واستبدادهما معظم الشعب مثل القطيع لا يمكن لأحدهم الخروج عن النص أو التغريد خارج السرب ، فسيلقى مصيرا مظلما مجهولا بوضعه في غياهب السجون تارة ، وقد يتطور الأمر بتصفيته جسديا بعد أن يقوم دعاة هذا الاستبداد والجمود الفكري بسبه وقذفه وتشويه صورته واتهامه في شرفه وعرضه ، ثم اتهامه بالردة ومخالفة الدين والإفتاء بقتله ــ والأمثلة كثيرة أيضا ــ خوفا من أن يتسلل فكره ونور عقله وضياء كلماته إلى العقول فيحدث ما لا يحمد عقباه بأن تتحول ثلة من المواطنين إلى مفكرين مستنيرين ، وهذا ما يخيف ويرعب الطغاة والمستبدين من النوعين.
 حدث كل هذا بعد قرون طويلة من توارث ونشر الجمود الفكري وتقديس التراث والأشخاص ، ثم عقود أخرى من الفساد السياسي والاستبداد وفساد التعليم وجميع وسائل الإعلام التي تشكل الوعي العام وتبني الثقافة العامة عند المصريين أو في عالمنا العربي ، فقد تأثرنا تأثرا لا مثيل له بهذا الجمود الفكري الذي توارثناه وقدسناه جيلا بعد جيل ، دون أن يقرأ معظمنا إحدى صفحاته ، وتأثرنا بهذا الاستبداد والفساد الذي نعيش فيه بين مطرقة الفساد والاستبداد السياسي وسندان الجمود والاستبداد الديني والفكري والعلمي والثقافي.
فنشأت عشرات الأجيال مشوهة العقول هزيلة الفكر والثقافة مدمنة للتبعية دون أن تدري غارقة في الرجعية ، أجيال متخندقة في قالب ومنهج لا تجرؤ الخروج عنه أو الاعتراض عليه أو مناقشته خوفا من الوقوع في جريمة التفكير ، والأمثلة على هذا  كثيرة منها طريقة التعليم والمناهج المحددة كل عام بداية من المراحل التعليمية الأساسية ، وانتهاء بالمراحل الجامعية التي يفترض أن يتحول فيها المتعلم إلى باحث حقيقي متخصص في مجال ما ، ولكن أيضا يظل أسيرا لمنهج ثابت لا يجوز الخروج عليه ، حتى لو فكر في عمل دراسات عليا فغالبا ما يطلب منه أستاذه المشرف ألا يتعدى حدودا معينة في البحث بدون إذنه ، وأذكر أننا في الامتحانات الثانوية والجامعية كنّا نرفع أصواتنا بالشكوى حين نجد سؤالا في أي مادة خارج الكتاب المدرسي أو الجامعي ، ونطالب بحضور مدرس المادة أو أستاذ المادة ، وفي ظل هذه الحياة التي تحوطها من جميع الجوانب المحاذير والمتاريس والعقبات التي تمنع وتعوق التفكير وفي ظل هذا المناخ الذي يعتبر التفكير حرام وخروج عن الدين و القانون بحيث أصبحت في محاكم مصر قضايا ومحاكمات لمن يفكرون ويكتبون كلاما على ورق وسلاحهم الوحيد هو القلم والكلمة وسميت هذه القضايا والمحاكمات بقضايا الرأي أو ازدراء الدين أو تعكير السلم العام أو قلب نظام الحكم أو إهانة الرئيس أو إهانة س أو ص من الشخصيات المقدسة في التاريخ والتراث ، كل هذا الهزل التاريخي والسياسي صنع عقولا وهنة واهية تعاني من العجز والخوف معا تعاني من العجز عن التفكير الذي اختلط بالجينات الوراثية مع الخوف ، وتم بناء العديد من الأسوار العالية حول هذه العقول جعلتها تمتنع وترفض تماما أن تفكر في أي شيء مهما كان تافها وخياليا ومقززا وسفيها ومناقضا للعقل والمنطق والإنسانية ، وهنا لا مجال أبدا للحديث عن الإبداع ، لأنه مرحلة متقدمة في التفكير لن يصل إليها إلا قلة قليلة من المغامرين الذين يصرون على كسر الحواجز ، رغم أن العامة والقطاع العريض من المواطنين يرفضون الخروج عن النسق أو السياق المحدد المرسوم داخل الدولة فإذا كان التفكير حرام وجريمة يحاكم صاحبها فلا أتصور أنه سيكون هناك أدنى وجود للإبداع وسط هذا القطاع ، فتشبعت هذه الأجيال بثقافة التبعية العمياء وزاد الطين بلة أسلوب التعليم نفسه وطرق التدريس التي تعتمد في الأساس على التلقين من طرف والاستماع من طرف ، فشاخت العقول في عز شبابها ، أو بتعبير ومعنى أخر أكثر دقة ظلّت العقول في مراحلها الطفولية في التفكير أي توقفت وهي ما أطلق عليه بعض المفكرين في عصرنا (الطفولة الفكرية) وهو من وجهة نظري تعبير رائع ودقيق وعميق لأنه يستحيل أبدا أن نطلب من إنسان يعيش بعقل طفل أن يفكر بطريقة طبيعية سوية ولا يمكن أن ننتظر منه أن يكون له رأي أو فكر ، رغم أن بعض الأطفال أحيانا يكون لهم رأي وفكر صحيح وسليم في بعض الأمور ، وأعتقد أن السبب في هذا أن عقولهم لم تلوث ولم يتغلل أو يصل لتلافيفها ما تجرعته هذه الأجيال عبر عقود طويلة.
 أقول لصديقي وكل من يفكر بطريقته ثم أسئلهم ..
 يا سادة يا كرام لا يمكن لأي مسئول سياسي في أي دولة أوروبية أو أي دولة متقدمة مثل تركيا أن يحقق مثل هذه النجاحات منفردا فهو فرد ضمن فريق عمل أو مجموعة عمل متكاملة ، هم يؤمنون بأسلوب ونهج فريق العمل في النجاح ونحن لا زلنا نتخبط  ونتسابق في ظلمات تقديس الأشخاص وصناعة المستبد الجديد (في السياسة والفكر والدين) والديكتاتور والشخصية الخارقة ، هم يرون أن ما فعله أردوغان شيء عادي جدا وطبيعي جدا وواجب تحتمه عليه مهام وظيفته ونحن ننظر لما فعله أردوغان على أنه وهـم وأسطورة وخيال ومستحيل ولذلك ندافع عن أردوغان عن بُعد ونسانده في موقفه ضد شعبه عن بُعد أيضا شعبه الذي ثار عليه ، لأننا نعيش على هامش الحياة والتاريخ وبعضنا صدّق ان من خرجوا ضد أردوغان في تركيا لصوص لأن أردوغان وصفهم بأنهم لصوص يريدون تخريب الدولة فيجب ان نصدق أردوغان لأنه مسئول اسلامي صاحب مشروع نهضة إسلامي ، إلى هذه الدرجة ثقافتنا وميراثنا الفكري ضغط على عقولنا وأوقفها عن التفكير وعدم قبول فكرة أن يتحول شخص مقبول إلى شخص مرفوض ، في النهاية فالحكم في هذا كله مرجعه للشعب التركي وحده ، الأغرب أن أردوغان ليس في بلادنا وندافع عنه هل نحن أكثر حرصا على تركيا من الأتراك الذين خرجوا في شوارع تركيا ..؟
هل حضراتكم أكثر خوفا على مصالح هؤلاء وأكثر حرصا على حياتهم ومستقبلهم.؟
هل انتم أكثر علما ومعرفة ودراية بأردوغان من هذا القطاع الغير قليل من الشعب التركي الذي ثار عليه لدرجة أنكم ترفضون ثورتهم عليه .؟ ، لأنه مسئول إسلامي وصاحب مشروع نهضة إسلامي ، أم أن انكم تخافون أن يسقط أردوغان الأسطورة في تركيا بعد كل منا فعله وما لا ننكره ، فيسقط الاخوان صرعى في مصر غير مأسوف عليهم.؟
أخيرا:: أكرر أن مقاييس ومعنى الحرية والديكتاتورية في تركيا تختلف تماما عن نظرتنا نحن للحرية والديكتاتورية هذا هو مربط الفرس لأن الشعب التركي نجح في إحداث التوازن بين ماضيه وتاريخه الطويل وبين طموحه ورؤيته للحاضر والمستقبل ولا أتصور أبدا أن هذا الشعب سيسمح لأي قائد مهما كان ومهما حقق من نجاحات أن يرجع بتركيا أبدا إلى الوراء لتكون تابعة للعربان أو قريبة منهم ثقافيا وفكريا ، أعتقد أن المواطن التركي لن يسمح أبدا بعد كل هذه الحريات والانفتاح على العالم بأن يصبح
 في نفس الكفة مع هؤلاء العربان وما يؤمنون به من ثقافة بول البعير ورضاعة الكبير ، فهذا هو مربط الفرس الذي ثار بسببه ومن اجله الشعب التركي ، ولا يمكن أن يثور كل هذا العدد بسبب حديقة كما قالت وسائل الإعلام العربية.