الخميس، 29 ديسمبر 2011

هل كان أبو بكر الصديق أحرص على الشريعة من الرسول عليه السلام .؟

هل كان أبو بكر الصديق أحرص على الشريعة من الرسول عليه السلام .؟

قبل أي شيء لابد أن نوضح ونبين للمسلمين أن الإسلام نزل رحمة للعالمين ، نزل لنشر الرحمة والحب والتسامح والعدل والمساواة والحرية والعدالة الإنسانية و حقوق الإنسان وعبادة الله بلا شريك لمن شاء أن يؤمن ، نزل يهذب الأخلاق ويربي الأنفس على الفضيلة والسمو الأخلاقي والابتعاد عن الفواحش والرذيلة ، نزل وتجسد وحُـفِـظَ هذا الدين في كتاب عظيم هو القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وفي القرآن الكريم الطريقة التي أمرنا ربنا جل وعلا أن نتعامل بها مع هذا القرآن سواء عند قراءته أو وقت الاستماع إليه ، فقد أمرنا ربنا جل وعلا أن نقرأ القرآن بتدبر وتَـفَـكُّـر وتَـعَـقُّــل وفي خشوع وخضوع وسكينة ، وكذلك أمرنا ربنا جل وعلا أن نُـنـْصِـتُ أثناء الاستماع للقرآن الكريم لعـل تشملنا رحمة الله ، وكذلك أمرنا ربنا جل وعلا ألاّ نـقـعـد مع أي إنسان يخـوض أو يستهـزئ بآيات الله.

ولم يُذكر في القرآن الكريم إطلاقا أن هناك تشريع للغناء أو ما يسمى بالغناءالشرعي ، ولا يوجد في تشريعات الإسلام آية واحدة تشير إلى أن هناك غناء إسلامي حسب الشريعة ، وكذلك لا يوجد في تشريعات الإسلام ما يُحَـرم الغناء ، فهو مباح طالما لا يخدش الحياء أو يدعو للفسوق وهنا يدخل ضمن السيئات واللمم ، لأن الكبائر والمحرمات ذكرت في القرآن في آيات محددة جامعة واضحة.

هذه مقدمة كان لابد منها قـُبيل الدخول على موضوع المقال وهو (تحريم الغناء بين خاتم المرسلين عليه الصلاة والسلام وأبي بكر ) ، سأبدأ المقال بحديث ينسبونه لخاتم النبيين يقولون فيه الآتي:

الحديث: ((عن عائشة . رضي الله عنها . قالت: دخل عليَّ رسول الله عليه الصلاة والسلام وعندي جاريتان تُغَـنّـيَان بغـناء بُعاثٍ ، فاضطجع على الفراش وحوّل وجهه ، ودخل أبو بكر فانـتهـرني وقال: مزمارةُ الشيطان عند النبي. فأقبل عليه رسول الله فقال دَعـْهـُمَا ، فلما غَـفـَلَ غـَمـَزْتـُهتُـمَا فـَخَـرَجَـتا)).

أولا: نقرأ شرح الحديث حسب ما جاء في كتب الحديث وبعد ذلك نكتب التعليق عليه لنظهر ما فيه من تضارب وتناقض في المتن وما فيه من ظلم وادعاءات كاذبة لخاتم النبيين:ــ

شرح الحديث:

((دخل عليّ رسول الله أيام منى وعندي جاريتان دون البلوغ من الأنصار ، إحداهما لحسان بن ثابت ، وقيل: كلتاهما لعبد الله بن سلام ، واسم إحداهما حمامة ، وقيل: واسم الأخرى زينب وقيل: غير ذلك تغنيان ولمسلم في رواية هشام بدف وللنسائي بدفين ، والراجح أنها كانت قبل الهجرة بثلاث سنين لما رواه ابن سعد بأسانيده.

فاضطجع عليه الصلاة والسلام على الفراش وحول وجهه للإعراض عن ذلك.

ودخل أبي بكر فانتهرني أي لتقريرها لهما على الغناء وللزهوي "فانتهرهما" أي الجاريتين لفعلهما ذلك ويمكن أنه زجر الجميع (وقال (مزمارة الشيطان عند النبي.؟) وإنما انكر الصديق ذلك اعتمادا على ما تقرر عنده من تحريم اللهو والغناء مطلقا ، ولم يعلم أنه عليه الصلاة والسلام أقرهن على هذا النحو اليسير لكونه دخل فوجده مضطجعا فظنه نائما ، فتوجه له الإنكار 0فأقبل عليه رسول الله فقال): يا أبابكر (دعهما) أي الجاريتين وفي رواية "دعها" أي عائشة وزاد في رواية هشام "يا أبابكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا" ــ فعرفه عليه الصلاة والسلام ــ الحال مقرونا بيان الحكمة بأنه يوم عيد أي يوم سرور شرعي ، فلا ينكر فيه مثل هذا كما لا ينكر في الأعراس ، قالت عائشة (فلما غفل) ابو بكر (غمزتهما فخرجتا)

ما يؤخذ من الحديث:

واستدل بهذا الحديث على جواز سماع صوت المرأة تغني لأنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر على أبي بكر سماعه بل انكر إنكاره ، ولا يخفى أن محل الجواز إذا أمنت الفتنة)).

التــعــلـيـق:ــ

هذا الحديث حسب وجهة نظري وحسب ما أرى فيه ظلم بَـيِّـن لخاتم النبيين للأسباب التالية:

1ــ أنهم يظهرون خاتم النبيين قد دخل وسمع الغناء ولم يأخذ موقف ، وحّول وجهه واضطجع بينما من أخذ الموقف هو أبو بكر ، أي أن ابو بكر أكثر حرصا على تشريعات الإسلام من النبي عليه السلام . وهنا أيضا كيف يضطجع أمام جاريتان غريبتين وليستا من أهل بيته.

2ــ هناك أخطاء وتناقضات كعادة تناقضات رواة الحديث في المتن والسند وشرح الحديث ، ففي شرح الحديث الاختلاف على الجاريتين هل هما لحسان بن ثابت أو عبد الله بن سلام ؟ ، كذلك الاختلاف في الأسماء قيل إحداهما حمامة والأخرى زينب وقيل غير ذلك إذن لا يوجد دليل قاطع يثبت شخصية الجاريتين الحقيقية ، وهناك خلاف آخر أنهما كانتا تغنيان بدف واحد أو بدفين.؟.

3ــ الأمر الخطير هنا في شرح الحديث يقول أن هذه الحادثة كانت في مِنـَى قبل الهجرة بثلاث سنوات ، والرسول عليه السلام تزوج السيدة عائشة قبل الهجرة بسنتين ، إذن كيف نتصور أن خاتم النبيين قد دخل على عائشة قبل أن يتزوجها وهي في جلسة سمر في بيتها كما يدعي راوي الحديث.

4ــ حين دخل أبو بكر تقول (فانتهرني) وقيل أنه زجر الجميع ، وهذا يعني أنه زَجَـرَ جميع الحضور بما فيهم خاتم النبيين ، فهل هذا يجوز.؟ ، ويبررون موقف أبا بكر أنه تقرر عنده أن خاتم النبيين حرّم الغناء واللهو مطلقا ، ولم يقره أي يبيحه على هذا النحو بالدف و الدف(هو الذي لا جلاجل فيه) ، والسيء في الأمر أن أبا بكر ظنّ أن خاتم النبيين نائما وهنا لابد من سؤال: هل يمكن أن نتصور أن خاتم النبيين يمكن أن ينام في هذا الوضع وهذا الجو.؟ ، وهل نتصور أن أم المؤمنين عائشة يمكن أن تفعـل هكذا سلوك في مكان ينام فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام.؟ ، مجرد أن يظـن أبا بكر أن رسول الله نائما يُـفهـم من هذا ضمنيا أنه كان من المعتاد أنه عليه السلام كان ينام في مثل هذه الأجواء أو الظروف أمام الأغراب وإلا ما تسلل لأبي بكر هذا الظن.

5ــ بعد أن أظهر أبو بكر رفضه وإنكاره لما يحدث قال له خاتم النبيين دعهما أي الجاريتين وفي رواية أخرى قيل دعها أي عائشة وهنا خلاف أيضا ، ثم يدعون أن خاتم المرسلين سوغ هذا بأنه يوم عيد وسرور شرعي وهنا سؤال: متى يكون هذا اليوم من كل عام ؟ ولماذا لم يستمر هذا العيد الإسلامي الشرعي حتى يومنا هذا.؟ أليست هذه سنة من سنن خاتم النبيين تم تجاهلها وإهمالها.؟

6ــ واستمراراً في الاعتداء على خاتم النبيين ، فبعد أن غفل النبي غمزتهما عائشة فخرجتا وكأنه عليه السلام ينام على صوت الدفوف كل يوم ، وهنا اعتراف واضح أن عائشة أمرت الجاريتين بالخروج لأن هذا لم يعجب أبيها ، بينما خاتم النبيين كان يوافق على هذا ولم يعقب بكلمة واحدة بل اضطجع وتركهم يفعلون ما يفعلون.

وهنا نقول :ــ هل خاتم النبيين كان يملك من الوقت ما يجعله ينام أو يضطجع في جلسات الغناء والسمر.؟ حتى لو كانت بالدفوف وبدون جلاجل ، هل يَقبل أي شيخ من مشايخ الإسلام أو مشايخ الأزهر أن يقال عنه مثل هذا الكلام ، ويُنشر عنه وعن خصوصيته في بيته مثل هذا الكلام.؟ ، وهل يَقبل نفس الشيخ أن يقوم صهره (والد زوجته) بوضعه في موضع من يلهو مع النساء.؟

7ــ الشيء الصادم والكارثي في الأمر: أن السيدة خديجة بنت خويلد أم المؤمنين وأولى زوجات خاتم النبيين توفيت قبل الهجرة بثلاث سنوات ، وفي نفس العام الذي توفي فيه عـم الرسول عليه الصلاة والسلام ، وهذا العام سمي عند التراثيين بعام الحُـزن ، فهل يُعـقـل أن يُسمى هذا العام بعام الحُـزن ورغم ذلك تكون هذه هي حياة خاتم النبيين وأم المؤمنين عائشة تزامنا مع هذه الأحداث المحزنة.؟ ((لأنهم يدّعون أن هذا الغناء البُـعاث الذي اضطجع فيه خاتم النبيين كان في قبل الهجرة بثلاث سنوات)) ، هذه إساءة مبالغ فيها لخاتم النبيين وكذب وتناقض صارخ وذلك لأنهم يدّعون أن العام هو عام الحُـزن ورغم ذلك اتهموا خاتم النبيين بأنه يلهو في جلسات الغناء غير متأثر بوفاة زوجته وعمه ، وأكثر من هذا يجعـل من هذا الموعد يوم عـيد ويوم سرور شرعي للمسلمين.

وهذه عينة بسيطة توضح طعـن المُحدثين في شخصية النبي عليه السلام ، والتعرض لحياته الخاصة ، وغالبا ما يكون هذا بإظهار الصورة السلبية في حياته مغلفة بدهاء وكأنهم يدافعون عنه ، وجدير بالذكر هنا أن أقول لكم أن هذا الحديث أحد الروايات المقررة على طلاب المرحلة الثانوية الأزهرية.

أشعر بأحد السلفيين يُحضر رداً مُـفحما يقول فيه أن هذا الحديث ضعيف ، وردي عليه بكل بساطة لماذا هذا الحديث يدرس حتى هذه اللحظة على طلاب الأزهر.؟


الجمعة، 23 ديسمبر 2011

هل كان أبو بكر الصديق أحرص على الشريعة من الرسول عليه السلام .؟

هل كان أبو بكر الصديق أحرص على الشريعة من الرسول عليه السلام .؟

قبل أي شيء لابد أن نوضح ونبين للمسلمين أن الإسلام نزل رحمة للعالمين ، نزل لنشر الرحمة والحب والتسامح والعدل والمساواة والحرية والعدالة الإنسانية و حقوق الإنسان وعبادة الله بلا شريك لمن شاء أن يؤمن ، نزل يهذب الأخلاق ويربي الأنفس على الفضيلة والسمو الأخلاقي والابتعاد عن الفواحش والرذيلة ، نزل وتجسد وحُـفِـظَ هذا الدين في كتاب عظيم هو القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وفي القرآن الكريم الطريقة التي أمرنا ربنا جل وعلا أن نتعامل بها مع هذا القرآن سواء عند قراءته أو وقت الاستماع إليه ، فقد أمرنا ربنا جل وعلا أن نقرأ القرآن بتدبر وتَـفَـكُّـر وتَـعَـقُّــل وفي خشوع وخضوع وسكينة ، وكذلك أمرنا ربنا جل وعلا أن نُـنـْصِـتُ أثناء الاستماع للقرآن الكريم لعـل تشملنا رحمة الله ، وكذلك أمرنا ربنا جل وعلا ألاّ نـقـعـد مع أي إنسان يخـوض أو يستهـزئ بآيات الله.

ولم يُذكر في القرآن الكريم إطلاقا أن هناك تشريع للغناء أو ما يسمى بالغناءالشرعي ، ولا يوجد في تشريعات الإسلام آية واحدة تشير إلى أن هناك غناء إسلامي حسب الشريعة ، وكذلك لا يوجد في تشريعات الإسلام ما يُحَـرم الغناء ، فهو مباح طالما لا يخدش الحياء أو يدعو للفسوق وهنا يدخل ضمن السيئات واللمم ، لأن الكبائر والمحرمات ذكرت في القرآن في آيات محددة جامعة واضحة.

هذه مقدمة كان لابد منها قـُبيل الدخول على موضوع المقال وهو (تحريم الغناء بين خاتم المرسلين عليه الصلاة والسلام وأبي بكر ) ، سأبدأ المقال بحديث ينسبونه لخاتم النبيين يقولون فيه الآتي:

الحديث: ((عن عائشة . رضي الله عنها . قالت: دخل عليَّ رسول الله عليه الصلاة والسلام وعندي جاريتان تُغَـنّـيَان بغـناء بُعاثٍ ، فاضطجع على الفراش وحوّل وجهه ، ودخل أبو بكر فانـتهـرني وقال: مزمارةُ الشيطان عند النبي. فأقبل عليه رسول الله فقال دَعـْهـُمَا ، فلما غَـفـَلَ غـَمـَزْتـُهتُـمَا فـَخَـرَجَـتا)).

أولا: نقرأ شرح الحديث حسب ما جاء في كتب الحديث وبعد ذلك نكتب التعليق عليه لنظهر ما فيه من تضارب وتناقض في المتن وما فيه من ظلم وادعاءات كاذبة لخاتم النبيين:ــ

شرح الحديث:

((دخل عليّ رسول الله أيام منى وعندي جاريتان دون البلوغ من الأنصار ، إحداهما لحسان بن ثابت ، وقيل: كلتاهما لعبد الله بن سلام ، واسم إحداهما حمامة ، وقيل: واسم الأخرى زينب وقيل: غير ذلك تغنيان ولمسلم في رواية هشام بدف وللنسائي بدفين ، والراجح أنها كانت قبل الهجرة بثلاث سنين لما رواه ابن سعد بأسانيده.

فاضطجع عليه الصلاة والسلام على الفراش وحول وجهه للإعراض عن ذلك.

ودخل أبي بكر فانتهرني أي لتقريرها لهما على الغناء وللزهوي "فانتهرهما" أي الجاريتين لفعلهما ذلك ويمكن أنه زجر الجميع (وقال (مزمارة الشيطان عند النبي.؟) وإنما انكر الصديق ذلك اعتمادا على ما تقرر عنده من تحريم اللهو والغناء مطلقا ، ولم يعلم أنه عليه الصلاة والسلام أقرهن على هذا النحو اليسير لكونه دخل فوجده مضطجعا فظنه نائما ، فتوجه له الإنكار 0فأقبل عليه رسول الله فقال): يا أبابكر (دعهما) أي الجاريتين وفي رواية "دعها" أي عائشة وزاد في رواية هشام "يا أبابكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا" ــ فعرفه عليه الصلاة والسلام ــ الحال مقرونا بيان الحكمة بأنه يوم عيد أي يوم سرور شرعي ، فلا ينكر فيه مثل هذا كما لا ينكر في الأعراس ، قالت عائشة (فلما غفل) ابو بكر (غمزتهما فخرجتا)

ما يؤخذ من الحديث:

واستدل بهذا الحديث على جواز سماع صوت المرأة تغني لأنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر على أبي بكر سماعه بل انكر إنكاره ، ولا يخفى أن محل الجواز إذا أمنت الفتنة)).

التــعــلـيـق:ــ

هذا الحديث حسب وجهة نظري وحسب ما أرى فيه ظلم بَـيِّـن لخاتم النبيين للأسباب التالية:

1ــ أنهم يظهرون خاتم النبيين قد دخل وسمع الغناء ولم يأخذ موقف ، وحّول وجهه واضطجع بينما من أخذ الموقف هو أبو بكر ، أي أن ابو بكر أكثر حرصا على تشريعات الإسلام من النبي عليه السلام . وهنا أيضا كيف يضطجع أمام جاريتان غريبتين وليستا من أهل بيته.

2ــ هناك أخطاء وتناقضات كعادة تناقضات رواة الحديث في المتن والسند وشرح الحديث ، ففي شرح الحديث الاختلاف على الجاريتين هل هما لحسان بن ثابت أو عبد الله بن سلام ؟ ، كذلك الاختلاف في الأسماء قيل إحداهما حمامة والأخرى زينب وقيل غير ذلك إذن لا يوجد دليل قاطع يثبت شخصية الجاريتين الحقيقية ، وهناك خلاف آخر أنهما كانتا تغنيان بدف واحد أو بدفين.؟.

3ــ الأمر الخطير هنا في شرح الحديث يقول أن هذه الحادثة كانت في مِنـَى قبل الهجرة بثلاث سنوات ، والرسول عليه السلام تزوج السيدة عائشة قبل الهجرة بسنتين ، إذن كيف نتصور أن خاتم النبيين قد دخل على عائشة قبل أن يتزوجها وهي في جلسة سمر في بيتها كما يدعي راوي الحديث.

4ــ حين دخل أبو بكر تقول (فانتهرني) وقيل أنه زجر الجميع ، وهذا يعني أنه زَجَـرَ جميع الحضور بما فيهم خاتم النبيين ، فهل هذا يجوز.؟ ، ويبررون موقف أبا بكر أنه تقرر عنده أن خاتم النبيين حرّم الغناء واللهو مطلقا ، ولم يقره أي يبيحه على هذا النحو بالدف و الدف(هو الذي لا جلاجل فيه) ، والسيء في الأمر أن أبا بكر ظنّ أن خاتم النبيين نائما وهنا لابد من سؤال: هل يمكن أن نتصور أن خاتم النبيين يمكن أن ينام في هذا الوضع وهذا الجو.؟ ، وهل نتصور أن أم المؤمنين عائشة يمكن أن تفعـل هكذا سلوك في مكان ينام فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام.؟ ، مجرد أن يظـن أبا بكر أن رسول الله نائما يُـفهـم من هذا ضمنيا أنه كان من المعتاد أنه عليه السلام كان ينام في مثل هذه الأجواء أو الظروف أمام الأغراب وإلا ما تسلل لأبي بكر هذا الظن.

5ــ بعد أن أظهر أبو بكر رفضه وإنكاره لما يحدث قال له خاتم النبيين دعهما أي الجاريتين وفي رواية أخرى قيل دعها أي عائشة وهنا خلاف أيضا ، ثم يدعون أن خاتم المرسلين سوغ هذا بأنه يوم عيد وسرور شرعي وهنا سؤال: متى يكون هذا اليوم من كل عام ؟ ولماذا لم يستمر هذا العيد الإسلامي الشرعي حتى يومنا هذا.؟ أليست هذه سنة من سنن خاتم النبيين تم تجاهلها وإهمالها.؟

6ــ واستمراراً في الاعتداء على خاتم النبيين ، فبعد أن غفل النبي غمزتهما عائشة فخرجتا وكأنه عليه السلام ينام على صوت الدفوف كل يوم ، وهنا اعتراف واضح أن عائشة أمرت الجاريتين بالخروج لأن هذا لم يعجب أبيها ، بينما خاتم النبيين كان يوافق على هذا ولم يعقب بكلمة واحدة بل اضطجع وتركهم يفعلون ما يفعلون.

وهنا نقول :ــ هل خاتم النبيين كان يملك من الوقت ما يجعله ينام أو يضطجع في جلسات الغناء والسمر.؟ حتى لو كانت بالدفوف وبدون جلاجل ، هل يَقبل أي شيخ من مشايخ الإسلام أو مشايخ الأزهر أن يقال عنه مثل هذا الكلام ، ويُنشر عنه وعن خصوصيته في بيته مثل هذا الكلام.؟ ، وهل يَقبل نفس الشيخ أن يقوم صهره (والد زوجته) بوضعه في موضع من يلهو مع النساء.؟

7ــ الشيء الصادم والكارثي في الأمر: أن السيدة خديجة بنت خويلد أم المؤمنين وأولى زوجات خاتم النبيين توفيت قبل الهجرة بثلاث سنوات ، وفي نفس العام الذي توفي فيه عـم الرسول عليه الصلاة والسلام ، وهذا العام سمي عند التراثيين بعام الحُـزن ، فهل يُعـقـل أن يُسمى هذا العام بعام الحُـزن ورغم ذلك تكون هذه هي حياة خاتم النبيين وأم المؤمنين عائشة تزامنا مع هذه الأحداث المحزنة.؟ ((لأنهم يدّعون أن هذا الغناء البُـعاث الذي اضطجع فيه خاتم النبيين كان في قبل الهجرة بثلاث سنوات)) ، هذه إساءة مبالغ فيها لخاتم النبيين وكذب وتناقض صارخ وذلك لأنهم يدّعون أن العام هو عام الحُـزن ورغم ذلك اتهموا خاتم النبيين بأنه يلهو في جلسات الغناء غير متأثر بوفاة زوجته وعمه ، وأكثر من هذا يجعـل من هذا الموعد يوم عـيد ويوم سرور شرعي للمسلمين.

وهذه عينة بسيطة توضح طعـن المُحدثين في شخصية النبي عليه السلام ، والتعرض لحياته الخاصة ، وغالبا ما يكون هذا بإظهار الصورة السلبية في حياته مغلفة بدهاء وكأنهم يدافعون عنه ، وجدير بالذكر هنا أن أقول لكم أن هذا الحديث أحد الروايات المقررة على طلاب المرحلة الثانوية الأزهرية.

أشعر بأحد السلفيين يُحضر رداً مُـفحما يقول فيه أن هذا الحديث ضعيف ، وردي عليه بكل بساطة لماذا هذا الحديث يدرس حتى هذه اللحظة على طلاب الأزهر.؟


الأحد، 18 ديسمبر 2011

هل سيضيع الدم المصري بين القبائل

هل سيضيع الدم المصري بين القبائل

مـقـدمــة:

بداية لابد من توضيح حقيقة هامة جدا للقارئ الذي لا زال يقتنع أن رحيل المجلس العسكري معناه سقوط الجيش أو سقوط الدولة ، أعيد وأكرر توضيح هذا للتفريق بين (الجيش أو القوات المسلحة) وبين (أعضاء المجلس العسكري) ، مصر لن تسقط برحيل شخص أو مجموعة أشخاص مهما كان هذا الشخص ومهما كان دوره وقامته وقيمته ومنصبه ومكانته ، ولكي يفيق الشعب المصري أقول للمصريين جميعا:ــ هل سقطت الدولة الإسلامية وانهارت بُعَـيْد موت خاتم النبيين عليهم جميعا الصلاة والسلام.؟ ، وهنا مأزق كبير جدا سيقع فيه كل من يروجون لفكرة أن سقوط أو رحيل المجلس العسكري معناه سقوط مصر ، لأنهم لو قالوا أن الدولة الإسلامية سقطت بُعَــيْد موت خاتم النبيين فهذا دليل قاطع على أن الصحابة انقلبوا على أعقابهم كما قال رب العزة جل وعلا في القرآن الكريم يحذرهم من هذا يقول تعالى (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ)آل عمران:144 ، ولو قالوا أن الدولة الإسلامية لم تسقط بُعَــيْد موت خاتم النبيين إذن مصر لن تسقط أبدا لو رحل المجلس العسكري كله ، أو رحل عنها وتركها كل مجرم من المجرمين الذين شربوا من سياسة مبارك وسرقوا أموال وحقوق المصريين في كل شيء على مدى ثلاثة عقود في صورة مصالح وخدمات و هدايا ومحسوبيات ووساطات وأظرف منـتـفخـة تعبيرا عن الولاء لمبارك ، إذن لن تسقط مصر لو رحل كل هؤلاء الفاسدين من الحياة السياسية و الحياة الإنسانية المصرية ، وأنا هنا لا أقصد أبدا مقارنة خاتم النبيين بأي شخص ، وإنما أقارن سلوكيات وأفعال وعمل إداري كان يقوم به كلاهما في دولته.

بــدايـة: لماذا أسأل عن ضياع دماء المصريين.؟ ، وماذا أقصد بالقبائل.؟ ، أعني بالقبائل (الحكومات المتعاقبة) وهي حكومات شفيق وشرف والجنزوري ، فهو تعبير مجازي عن ضياع الحقوق ومهزلة المحاكمات التي لم تتم حتى الآن ، منذ بدأت الثورة وكل حكومة من هذه الحكومات أو كل قبيلة ــ كما نعتهم عنوان المقال ــ قامت بدور فعال في الثورة المضادة وشاركت بشكل واضح جدا في قتل مجموعة من المصريين ، ولا يمكن أن نبرئ رئيس حكومة عندما يتم قتل وسحل وتعذيب عدد من المصريين والاعتداء على إنسانيتهم وكرامتهم في وجوده ، لأن رئيس الوزراء المسئول الأول عن كرامة وحقوق وحياة كل مصري ، ورغم أن رؤساء الوزراء جميعا حتى الآن شاركوا المجلس العسكري بصورة فاضحة واضحة في قتل المصريين فهم متهمون جميعا ولابد من التحقيق معهم ومحاكمتهم ومحاسبتهم أمام القضاء فهذا أمر بديهي وعادل جدا ، لكنه لم يحدث وهذا هو سبب اختيار العنوان ، وفيما يبدو أن الثورة كلما طالبت بمطلب حتمي يتم إدخال البلاد في معركة يسقط خلالها عشرات القتلى ومئات المصابين وينشغل الجميع بهم وينسوا مؤقتا ثورتهم ، ثم يتكرر الوضع كما تكرر في العباسية والبالون وماسبيرو ومحمد محمود واليوم في القصر العيني ومجلس الوزراء ، وأصبح الأمر أكثر وضوحا ، يقومون باختلاق أي مشكلة بين الثوار بحيث يكون هناك مبرر للتعامل الأمني معهم ، وفي الوقت المناسب يدخل البلطجية في المشهد يحرقون ويسرقون ويخربون ويدمرون المباني والشوارع ويمثلون ما يشبه معركة مع الجيش أو الشرطة لكي يتم تشويه صورة الثورة والثوار ويبدو المشهد وكأن الثوار بلطجية ومخربين ويريدون إحراق مصر على الرغم أن نفس الثوار هم الذين نقلوا 30 ألف كتاب خارج المجمع العلمي لحمايتها من الحريق وسلموها للجيش ، هذا هو السيناريو المقصود تسويقه طوال الوقت عن الثورة وعن الثوار وبكل أسف بعض المصريين صدقوا هذا الكذب والافتراء ، وبكل نذالة وخسة يساهم بعض الاخوان في هذا ويخرج أحدهم على قناة الجزيرة مباشر مصر اليوم الأحد 18/12/2012م ، يتهم الثوار بأنهم يحصلون على تمويل من الخارج (أمريكا) لتنفيذ مخطط ما ، وتناسى هذا الاخواني عملية التنسيق العلني بينهم وبين أمريكا ، هذا هو رد الجميل للثورة والثوار ــ الثورة التي وضعت الإخوان في هذه المنزلة ومنحتهم هذه الفرصة ، ولكن لا نلوم عليهم فمن يستغل الدين لمصالح سياسية ومن يكذب على الناس باسم الدين لا نستبعد عليه فعل أي شيء.

المضحك في كلام الدكتور الجنزوري: أنه يقول صراحة أنه ينوي البدء في تنفيذ خطة تقشف عامة في المجتمع ــ دون أخذ رأي أحد من المصريين ــ لكي يستطيع توفير 20مليار جنيه ، ومقابل هذا يخشى من تطبيق الضريبة التصاعدية على رجال الأعمال الذين سرقوا مصر وشعبها بمساعدة مبارك ، وفي نفس السياق يقول الجنزوري إن تطبيق الحد الأقصى للأجور ليصبح (35 مرة من الحد الأدنى) سوف يُغضب البعض واعترف صراحة أنه لا يمكن أخذ هذا القرار قبل عرضه على مجلس الوزراء ، ثم يقول أن هذا الكلام سيغضب البعض ممن يأخذون أكثر من الحد الأقصى بكثير ، وهنا لابد من سؤال: أين هي الصلاحيات الكاملة.؟ ، حضرتك يا دكتور جنزوري تخشى غضب قلة من المصريين نهبوا حقوق ملايين المصريين ، ولا يحرك فيك ساكنا من لا يجد قوت يومه ، ومن يحصل على راتب لا يكفي الخبز ، ولم تفكر في غضب وحزن وقهر أسر الشهداء والمصابين ، لم تشعـر بخطورة ما تقول وأنت تخشى خوف هؤلاء ، ولا تعير اهتماما لمن عاشوا عقودا طويلة في فقر وجهل ومرض ، وضحوا بأنفسهم في ثورة مصرية عظيمة ، ووصل بك الحال أن تستعطف أصحاب الأجور المليونية وتذكرهم أن مصر بلدهم في محنة مالية واقتصادية وتطلب منهم التضحية برواتهم ، هل هذا أسلوب رئيس وزراء.؟ يفترض أنه يرأس حكومة إنقاذ وطني..!! ، صدقني يا دكتور لن تسطيع تطبيق الضريبة التصاعدية ولا الحد الأقصى على هؤلاء لأنهم شركاء في كل شيء ولن يوافقوا ، والسبب أنهم لن يسكتوا لأنك تريد حرمانهم من ثمن سكوتهم كما كان يفعل مبارك من قبل.
الفيديو هنا: http://www.youtube.com/watch?v=PsmwPAk4-4k

الظريف في الأمر أيضا أن وزير الآثار: قرر اليوم الأحد الموافق 18/12/2012م تشكيل لجنة لمعاينة عاجلة لمبنى المجمع العلمي الذي اشتعلت فيه النيران وأحرقته بالكامل...!! ، هذا القرار يدين وزير الآثار ، وكان يجب عليه التحرك فورا والاتصال بالجهات المسؤولة لإنقاذ المبنى ، لكن يبدو أن هذه خطة متفق عليها ، وأعتقد أن الشعب المصري لم ينسى بعد حريق مجلسي الشعب والشورى من قبل واستمرار اشتعال النيران فيهما لمدة حوالى 24 ساعة أو أكثر ولم تأتى سيارة إطفاء واحدة إلا بعد انتهاء المهمة واحتراق المبنى بالكامل وهذا ما حدث تحديدا مع المجمع العلمي.

بقليل من حسن النية سوف أعتبر نفسي مخطئا فيما قلته وٍسأفرض جدلا أن نفسي شريرة:

أقـول لو كان الثوار فعلا بلطجية ومخربون ويحركهم طرف ثالث.؟ فلماذا لم يقبض عليهم المجلس العسكري منذ أحداث البالون وماسبيرو ومحمد محمود وأخيرا وليس آخرا في أحداث القصر العيني ، ليس هذا فحسب لماذا لا يقبض عليهم ويذيع صورهم وأشكالهم أمام الرأي العام وعلى جميع الفضائيات لكي ينفضح أمرهم ، ثم يقوم بمحاكمتهم بالقانون دون قتل أو سحل أو تعذيب.؟ ، ليستريح الشعب منهم ومن أذاهم ، ولو كان الثوار بلطجية فلماذا تتركهم يحرقون مصر.؟ ، ولماذا تتركهم يخربون مصر.؟ ولماذا تتركهم يصنعون الفتنة بين الجيش والشعب.؟ ، ولماذا تتركهم وتترك حرائقهم حتى تأكل التاريخ والآثار.؟ هذا بخصوص البلطجية.

أما بخصوص الطرف الثالث: أو اللهو الخفي أقـول أين دور جهاز المخابرات العامة وأمن الدولة أو الأمن الوطني.؟ هل فشلوا في الكشف عن هوية الطرف الثالث والقبض عليه ومحاكمته وإعلان حقيقته أمام الرأي العام المصري لكي يهدأ الناس ويطمئنوا على أنفسهم وعلى وطنهم.؟ ، لماذا تتركون اللهو الخفي (الطرف الثالث) يورط الجيش والشرطة العسكرية في جرائم قتل وسحل وهتك عرض لا تقل إجراما عما حدث في موقعة الجمل ، وهنا لابد من الإشارة إلى أن المتهمين في موقعة الجمل قد يكونوا هم السبب في كل ما حدث ويحدث بعد بداية من موقعة الجمل ، لتوريط الجيش والشرطة العسكرية في جرائم أقبح وأقذر مما فعلوه بالمصريين في موقعة الجمل مما يجعـل محاكمتهم مستحيلة لأن المجلس العسكري المسئول عن محاكمتهم قد مارس نفس الأفعال وتورط في نفس الجرائم وهذا بالطبع يخدم موقف كل المتهمين في موقعة الجمل ويخدم جميع المتهمين بقتل الثوار منذ بداية الثورة ، وهنا الخطورة وخوفي من ضياع حقوق الشهداء والمصابين بين اللهو الخفي وبين توريط المجلس العسكري لأفراد الشرطة العسكرية في نفس الجرائم.

الـثـــوار: بكل أسف يتم وصفهم ظلما بأنهم سبب كل شيء ، فالثوار هم سبب الفوضى وتوقف عجلة الانتاج وهم البلطجية وهم يتعاونون مع الطرف الثالث اللهو الخفي ويحرقون ويخربون ، ومطلوب منهم نشر الأمن والأمان في مصر ، ومطلوب منهم أيضا القبض على البلطجية الذين اعتلوا أسطح المباني الحكومية وخربوها وأحرقوها وكسروها وهذه المباني في الأصل هي في حماية الجيش ، ومطلوب منهم تطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور ومطلوب منهم محاكمة مبارك وعصابته ومطلوب منهم محاكمة القتلة والمجرمين وجميع المتهمين بقتل الثوار ، ومطلوب منهم توفير احتياجات المواطنين ومطلوب منهم حل جميع المشاكل التي يتعرض إليها أي مواطن مصري في أي مكان على أرض مصر في حالة غياب الدولة والقانون معا ، ومطلوب منهم أيضا فوق كل هذا تقديم ضحايا ومصابين ومعتقلين كل يوم ، وغيرهم يغسل يديه بدماء هؤلاء الشهداء أو يستغل المرحلة الاستغلال الأمثل ويعيش فرحة و نشوى سياسية غير مسبوقة ، وبكل سفالة يجني ثمار تضحيات ومعاناة هؤلاء الثوار.

الاثنين، 12 ديسمبر 2011

صخب سلفي حـول تحريم الخمر ... فـي مـجـتـمـع يَـعِــجُّ بالـفــقــر

صخب سلفي حـول تحريم الخمر ... فـي مـجـتـمـع يَـعِــجُّ بالـفــقــر

هذا المقال هو وجهة نظر وتدبر بشري يقبل الخطأ قبل الصواب و لا أفرضه على أحد ، وأهديه للسلفيين وكل من يدّعي أن تحريم الخمر يُحتم علينا غلق أو حرق مصانع الخمور ومنع بيعها في الأسواق.

يدّعي فصيل من المسلمين السلفيين الذين يؤمنون وينشرون الفكر الوهابي بأن تحريم الخمر معناه حقهم في محاربة بيع تجارة وصناعة الخمر ، وبناء على هذا التحريم لابد من غلق جميع مصانع الخمور ومنع بيعها في الأسواق تطبيقا للنص القرآني حسب ما يفهمون هم ، وللرد عليهم سوف نتدبر معا بعض الآيات القرآنية التي تثبت بالدليل القاطع أن المولى جل وعلى حين يُحرم علينا نحن البشر أمرا فليس بالضرورة أن يكون ضمن هذا التحريم القضاء على الشيء المُحرم ومنع بيعه وتداوله أو إخفائه وإقصائه من الوجود ، وإنما حكمة التحريم تكون في الأغلب في وجود وبقاء واستمرار تأثير الشيء الذي حرّمه الله علينا ، وهذه هي حكمة الابتلاء والاختبار ، لأنه على سبيل المثال لو حرّم ربنا جل وعلا علينا شرب الخمر ، في مجتمع لا توجد فيه زجاجة خمر واحدة فأين هو الابتلاء والاختبار في هذه المسألة فلابد ان يكون أمامك الخمر الحرام والعصائر الطبيعية الحلال وعليك الاختيار ولا فرق هنا بين الخمر وبين أي إثم او فاحشة أو سيئة يقع فيها الإنسان تاركا فعل الخير ، ولمزيد من التوضيح ولكي لا يتهمني أحد أنني أدعو لنشر الفاحشة في المجتمع إليكم التفاصيل:

ــ في مسألة تحريم الخمر جاء في معرض الحديث والأمر باجتناب عدة أشياء وهي الخمر والميسر والأنصاب والأزلام لأنها رجس من عمل الشيطان وحسب فهمي المتواضع أن اجتناب الشيء هو أمر للإنسان مع بقاء الشيء كما هو مكانه وبقاء أثره أو تأثيره ، إذن الأمر لنا نحن البشر بأن نُـقَـوِّم ونقاوم أنفسنا تجاه هذا الشيء المُحرم يقول تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)النساء:90 ، ولمزيد من التوضيح للفعل (اجتنب) يأمرنا ربنا جل وعلا أن نجتنب الأوثان لأنها رجس وكذلك نجتنب قول الزور ، فهل يمكن لقوة في الأرض أن تمنع قول الزور وشهادات الزور.؟ لأننا لو طبقنا فكر الوهابية السلفية في مسألة الخمر بمنع بيعها لأنها حرام ، فنحن مطالبون بمنع قول الزور من البلاد الإسلامية وهدم جميع الأوثان (الأضرحة) ، يقول تعالى (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمْ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)المائدة:90، تكررت نفس الآية في سورة الحج:30 ، إذن الأمر بالاجتناب جاء يخص الإنسان نفسه ولا علاقة للإنسان بالشيء الذي أُمـِرَ باجتنابه إلا الابتعاد عنه ، وليس من حقه أن يلغي وجوده أو يمنع بقاؤه حرصا على حماية نفسه من الوقوع في الخطيئة ، ولكن الأمر يخص الإنسان فقط ولا دخل له بما نهاه الله عنه إلا أن يطيع أمر ربه باجتنابه ، وهنا تتجلى عملية الاختبار والاختيار وقدرة الإنسان على مجاهدة نفسه ومقاومة الشيطان الرجيم والتحكم في الإرادة والمشيئة البشرية ، ومن عظمة القرآن الكريم أنه لم يُفـرِّط في شيء ، وفي نفس الآية القرآنية التي تصف الخمر بأنها إثم كبير تقرر أن الخمر فيها منافع للناس ، ولكن الإثم أكبر من المنافع ، و هنا اختبار حقيقي لإرادة الإنسان هل سيتعامل مع الخمر ويستغل بعض المنافع بمعنى استخدامها في العلاج وهذا قليل جدا ، أم سيقع فريسة لنزواته وشهواته البشرية ويخالف أمر الله وتتحول علاقته بالخمر إلى إثم كبير ، يقول تعالى(يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ)البقرة:30 ، وأعتقد أن الأمر القرآني في اجتناب كثير من الظن يتساوى هنا مع اجتناب الخمر أو بوضوح أكثر إن الأمر باجتناب بعض الظن هنا يتساوى تماما مع الأمر باجتناب ما في الخمر من إثم كبير ، أي أن بعض الظن حسن وبعضه إثم ، والصراع هنا داخل النفس البشرية في الاختيار يقول تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ )الحجرات:12.

ــ ولمزيد من التوضيح نتدبر الفعل حرّم في القرآن الكريم ونعطي أمثلة:

ربنا جل وعلا أحلّ البيع وحرم الربا ، ولكن يستحيل وأكرر يستحيل أن يعيش مجتمع بدون ممارسة بعض أفراده للربا في بعض أعمالهم أو تعاملاتهم التجارية ، ولذلك أقول للسلفيين كيف تتصرفون مع من يمارسون الربا سرا كسلوك يومي في أعمالهم وكيف تعرفونهم.؟ لكي توقفوا ما حرّم الله ..!! يقول تعالى(ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)البقرة:275 ، هذا لو طبقنا مفهوم التحريم كما يقول السلفيون ، حين يريدون إقصاء وإخفاء و إعدام كل شيء تم تحريمه في القرآن الكريم ، وهناك آيات أكثر وضوحا ، ربنا جل وعلا حرّم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فلو طبقنا منهج إعدام ما تم تحريمه حرصا على عدم الوقوع في المحرمات بالأكل منه ، فنحن مطالبون بجمع الحيوانات الميتة والخنازير وجميع الذباح التي ذبحت لغير الله (ذبحت على النصب أو الأضرحة) وفورا نقوم بإعدامها وإخفائها من الوجود لأن أكلها حرام حرصا على المسلمين يقول تعالى(إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)البقرة:173 ، وتكرر هذا بوضوح وتفصيل أكثر عن المحرمات في الذبائح في قوله تعالى(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً فَمَنْ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)المائدة:3

ــ وفي نفس السياق يقول تعالى (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ)الأنعام:118، 119.

ــ وفي مسألة أخطر وأكثر وضوحا في المحرمات في الزواج (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمْ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً)البقرة:23، تبين الآية الكريمة المحرمات في الزواج للمسلمين فهل معنى هذا أن نبحث داخل المجتمع الإسلامي على هذه الأصناف من النساء ونقوم بإعدامهن حرصا على عدم الزواج منهن ، هذه مسألة كانت موجودة قبل الإسلام مثل شرب الخمر تماما وجاء القرآن يـقـنـن هذه السلوكيات والعلاقات للارتقاء بالمجتمع الإسلامي و حفظا للأنساب وإصلاحا لتشوهات المجتمع ولا فرق هنا بينهما حسب ما أرى ، وأتمنى أن أكون على صواب.

ــ هناك أدلة كثيرة جدا تثبت بطلان فكرة غلق مصانع الخمر ومنع وحظر بيعها في الدولة الإسلامية بحجة أن شرب الخمر حرام يقول تعالى (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)الأنعام:151 ، في هذه الآية على سبيل المثال هل ننصح الفقراء ضعفاء الإيمان وضعفاء الأنفس أن يعيشوا بعيدا عن أولادهم ويعتزل بعضهم بعضا حرصا على حياتهم لكي لا يقتل الآباء الفقراء الأبناء خوفا من الفقر.؟ ، آيات كثيرة جدا تثبت أن المحرمات ترتبط كلها بعملية الاختبار والاختيار التي يعيشها الإنسان خلال حياته وكيف يتحكم في نفسه الأمّارة بالسوء يقول تعالى (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)الأعراف:33 ، (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً)الإسراء:33.

ــ وفي آية أكثر وضوحا في قصة موسى عليه السلام يقول تعالى (وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ )القصص:12 ، ربنا جل وعلا يعبر بأسلوب قرآني رائع يبين أن موسى عليه السلام رفض أو امتنع عن الرضاعة من أي مرضعة غير أمه رغم أنه طفل رضيع ، ولكن استخدم لفظ (حرّمنا) فهل تم قتل جميع النساء المرضعات آنذاك.؟ ، لكنها الحكمة الإلهية لكي يتحـقـق وعد ربنا جل وعلا لأم موسى حين أمرها أن تلقي موسى في اليم (النيل) وأنه جل وعلا سوف يرجع إليها لكي تقرّ عينها ولا تحزن.

ــ جاء الأمر لخاتم النبيين بعدم الصلاة في مسجد الضرار الذي بناه الكفار للكيد للإسلام ، ومما لا شك فيه أن خاتم النبيين نفذ أمر الله بعدم الصلاة في المسجد لكنه لم يفكر في هدمه ، (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)التوبة:107، 108

ــ وللتأكيد أن الخمر كانت موجودة في الدولة الإسلامية ، ولو كان منعها ومنع بيعها في المجتمع فريضة مقترنة وملازمة للتحريم لفعلها خاتم الأنبياء والمرسلين عليهم جميعا الصلاة والسلام في أول دولة إسلامية لأنه الأسوة والقدوة الحسنة ، يقول تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوالا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً)النساء:4، أعتقد حسب فهمي أن بعض المؤمنين كانوا يُصَلون بعد شرب الخمر أو وهم سكارى ، والسبب أن الخمر كان مرضا مزمنا في الجاهلية قبل الإسلام وكان من الصعب على البعض الإقلاع عنه حتى بعد دخول الإسلام وهذا ما توضحه الآية في خطاب الذين آمنوا ، ولذلك جاء تحريمه في تدرج ، لكن اليوم معظم المصريين لا يجدون قوت يومهم حتى يشربون الخمر ، كذلك معظم المصريين لا يجدون مياه شرب نظيفة فهل يشربون الخمر.؟ ، وجدير بالذكر أن الخمر ليست ظاهرة منتشرة بين معظم المصريين لدرجة الإدمان كما كان قبيل نزول الإسلام ، والحصول عليها ليس في متناول معظم المصريين ، هذا تفكير مخيف جدا حين يحاول فصيل سياسي التعامل مع المجتمع والمواطن بهذه النظرة وتلك الثقافة ــ ثقافة الإقصاء والقضاء على كل ما هو حرام سواء كان التحريم بنص القرآن أو كان التحريم من وجهة نظرهم وحسب نظرتهم وفهمهم للدين ، وهنا الخطورة لو تم تعميم هذه الثقافة وتحولت لسلوك في المجتمع فلن تقل خطورتها عن جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في دولة آل سعود ، وأظن أن الشعب المصري لن يقبل هذا أبدا خصوصا بعد الثورة ، لأن هذا انفصال عن الواقع وبُعـد عن الفطرة السليمة وعن العقل و المنطق من ناحية ، ولأن المجتمع والمواطن الآن بحاجة إلى عقول تفكر وتجتهد للنهوض بالدولة وتبحث عن توفير جميع احتياجات الناس وتوفير حياة حرة كريمة في جو من الأمن والأمان والكرامة والعدالة الإنسانية.

الأربعاء، 7 ديسمبر 2011

عسكر أمريكان سعودية ... انتخابات إخوان سلفية

عسكر أمريكان سعودية ... انتخابات إخوان سلفية

بداية نشرح العنوان:

1ــ المجلس العسكري استخدم الانتخابات لشغل معظم المصريين ووضعهم وجها لوجه في مباراة شرسة يظن كل فريق أنه الأحق بالسلطة وتركهم يقتتلون ويختلفون وينتحرون بالبطيء.

2ــ أمريكا تراوغ الإخوان وتتعامل معهم بلغة المصالح

3ـ السعودية تستغل السلفيين للحد من سيطرة الاخوان ووقف التحول الديمقراطي في مصر

لكن خيوط اللعبة الرئيسية في يد المجلس العسكري وأمريكا والسعودية ، أما الإخوان والسلفيون وغيرهم فهم مثل لعب الأطفال يتم تحريكهم بالأمر حينا وبالإيحاءات أحيانا دون أن يشعروا ودون أخذ رأيهم لهدف وحيد هو وقف عملية الإصلاح في مصر وقتل الثورة ووقف عملية التحول الديمقراطي.

مــقـــدمـــة :

مسكين أيها الشعب المصري ، مسكينة يا أرض الكنانة ، مصر الحبيبة التي لم تتوقف عمليات استبدادها واستعباد واستهبال واستغفال أهلها وشعبها وسرقة مقدراتها منذ عقود طويلة حتى اللحظة وتصبر وتتحمل ، مصر التي يُصِـر بعض مدمني السلطة أن أهلها بلهاء وغير عقلاء وأنهم سيفرطوا في حقوق المصابين والشهداء ، ويجهل هؤلاء أن هذا الشعب في أحلك الظروف وفي أصعب الحقب التاريخية كان يُخرج من وسط تلك الصراعات أبطالا نحتوا أسماءهم في صفحات تاريخ مصر الطويل لأنهم خلّصوها من الاحتلال والقمع والقهر والاستعباد ، ومصر الآن سجينة مغتصبة سقطت في يد من لا يرحمون ولا يتقون الله ، أعداء مصر اليوم اتفقوا على هدف واحد لا ثاني له وهو (ألا تقوم لمصر قائمة ، وألا تتحقق على أراضيها عملية تحول ديمقراطي حقيقي) يتم من خلالها بناء دولة وكيان يوفر لكل مصري حقوقه كاملة وغير منقوصة ويعيش فيها المصريون جميعا في أمن وعدل وحرية وكرامة إنسانية لكي يبدؤا معا بناء حضارة جديدة ويكتبوا تاريخا يليق بمصر بعد تضحيات يناير و نوفمبر 2011م ، اتفق أعداء مصر على هذا بقصد وبدون قصد ، وهؤلاء الأعداء هم كل من يقف في وجه هذا التحول الديمقراطي أو يُعطل مسيرته ، بنشر الفوضى وحالة الفراغ الأمني المتعمد ، وهم كل من يتخاذل ويتباطيء في محاسبة ومحاكمة القتلة والمجرمين بداية من مبارك ونهاية بأصغر ضابط من القتلة وأصغر بلطجي من أعوان الداخلية ، بينما يوافق نفس العدو على محاكمة شباب الثورة أمام القضاء العسكري ، ولا يجوز أن نغفل أن نفس العدو يوافق على إقامة رئيس مخلوع مجرم ــ تتم محاكمته ــ في فندق 7 نجوم بينما أطهر شباب مصر الذين فقدوا نور أعينهم لا يجدون علاجا ، وفوق كل هذا هم مستمرون في قتل أبناء مصر الأطهار ويريدون كل يوم وكل لحظة تشويه وسرقة ثورتهم ولا يخجلون من استيراد غازات تساعد القتلة في التخلص من الشباب المرابطين المطالبين بهذه النقلة التاريخية وهذا التحول الذي لو لم يحدث الآن ستقع مصر فريسة للحكم الديني الوهابي ظاهريا بينما سيظل الحكم العسكري كما هو يحكم من وراء حجاب ، ومن المتوقع أيضا حين يتم نجاح التيارات الدينية باكتساح أن يحدث صدام ومواجهة بين العسكر وبين التيارات الدينية لخطف السلطة ، لأن العسكر والإخوان والسلفيون لن يتفقوا على منهج واحد ولن تجمعهم كلمة واحدة أمام مغريات السُلطة ، والتصادم بينهم منتظر ومتوقع مهما اتفقوا ومهما تعاونوا الآن ، ولو حدث هذا قد تستمر عواقبه لعقود طويلة.

أقول هذا الكلام نتيجة أخبار وتصريحات وردود أفعال حدثت بعد الثورة عبّر عنها كل طامع من أعداء مصر عن مكنون فكره وما يجول في خاطره وما يتمناه لنفسه لانشغاله بمصالحه الخاصة ، متناسيا مطالب الثورة التي لم يتحقق أبسطها وأهمها مثل حقوق الفقراء والمصابين والشهداء ، وهنا تنفضح حقيقة ونظرة هؤلاء الأعداء لمستقبل مصر ، ويشترك ويشارك في هذا بقصد أو بدون قصد أمريكا والسعودية والعسكر والاخوان والسلفية ويساعدهم بكل أسف وأسى قطاع من أبناء مصر يسمون أنفسهم الكتلة الصامتة.

ويكفي أن العسكر بعد أن صدعونا طوال عشرة أشهر أنهم من حموا الثورة قد تورطوا فيما تورط فيه مبارك من قبل حين تم استخدام جميع أنواع الذخيرة في مواجهة الثوار المصريين لمدة ستة أيام متتالية بعد جمعة 18 نوفمبر 2011م ، ولا يمكن أن ننكر أن المجلس العسكري مسئول مسئولية كاملة لأنه يقوم بوظيفة ومهمة سياسية في هذه المرحلة وهي (رئيس الدولة) ، ولا يمكن أن ننسى شاحنة الغاز المُسيّل للدموع والمثير للأعصاب التي اشتروها أواخر شهر نوفمبر 2011م بأموال المصريين وتم تخزينها في مخازن وزارة الداخلية لقتل مزيد من شباب مصر في الأيام القادمة إن لزم الأمر ، تزامنا مع شاحنة أخرى محملة بمئات الملايين من أقراص الترامادول المخدر لتوزيعها في الأسواق لغرض معلوم ومحدد وهو تغييب الشعب عن الوعي ، وهذا يلحق العار والخسة بالعسكر وكل من يدافع عنهم حين يتحدثون عن أي شبهة لدخول البلاد في أزمة اقتصادية وشيكة بسبب توقف عجلة الانتاج لأن هذه الشاحنات ثمنها حوال (10مليار جنيه مصري) ، وكل هذا بالطبع من أموال المصريين وتم إنفاق هذا المبلغ في أسبوع واحد فقط ، وكان يجب توفير هذه المليارات العشرة لشراء الطعام إذا كانوا فعلا يخافون على هذا الشعب.!!

ولا يمكن أن نغفل وننسى ما قاله الرئيس الأمريكي في تصريح واضح أنه (على المجلس العسكري أن يسارع بتسليم السلطة لحكومة ديمقراطية منتخبة) ، وسكوت وسكون المجلس العسكري ولم ينطق بحرف واحد معقبا على هذا ، ليبرر موقفه ويعلن أمام العالم أنه ليس من حق أي دولة التدخل في شئون مصر الداخلية كما يفعل نفس المجلس دائما في تعامله مع كل شرفاء مصر حين ينسبون لهم تهم العمالة والخيانة وتنفيذ أجندات أو مساعدة جهات خارجية للتدخل في شئون مصر، ولأنهم لم يفعلوا و سكتوا سكوت مبارك من قبل حين أمره أوباما قبيل خلعه أن يترك السلطة فورا ، فهذا الموقف لا تفسير له إلا أن الحكم العسكري في مصر وفي معظم البلاد العربية أصبح لا يحقق أهداف ومصالح أمريكا وإسرائيل في المنطقة ، وأصبح غير مرغوب فيه ، ولذلك تخلت عنهم أمريكا وبدأت تتعاون مع حلفاء جُدد ، أو حلفاء المرحلة أو حليف أكثر قبولا وأكثر تأثيرا في الشارع المصري والعربي عموما وهم الاخوان ، وهذا الكلام ليس كذبا أو بهتانا من عندي ، وإنما تشهد عليه تصريحات الطرفين سواء الأمريكي أو الإخواني ، فمنذ بدأ يشعر الأمريكان بسقوط العسكر صرعى أمام الثورة المصرية العظيمة ، ومنذ أن نبهوا إلى أن الاستبداد العسكري قد ولّى زمانه في الشرق الأوسط عموما وفي مصر خصوصا بسبب يقظة الشعب المصري من جهة ولعدم وجود قيادة حقيقية واضحة للثورة المصرية يمكن التحالف معها للاتفاق ضد الثورة والالتفاف عليها ، ولأنهم (الإدارة الأمريكية) متأكدون من قوة الإخوان في المشهد المصري أعلنوها صراحة أمام العالم (ليس لدينا مانع في التعاون مع الاخوان لو وصلوا للسطلة في مصر) ، ورد عليهم الاخوان التحية بأحسن منها فقال الاخوان (الإخوان تعطي تطمينات لواشنطن بعدم إلغاء كامب ديفيد إذا وصلوا للحكم في مصر) ، وهنا لا بد أن نتذكر ما كان يقوله الأمريكان (الحكومة الأمريكية) قبيل الثورة حين تتحدث عن الجماعات والتيارات الدينية بأنها جماعات الإرهاب والعنف والتطرف ، وكذلك لا يجب أن ننسى نظرة الإخوان لأمريكا واعتبارها بلاد كفر ولا يجب التعامل معهم فكيف بعد الثورة تغيّر الموقف من الجانبين وتغيّرت لغة الحوار بينهما ولمصلحة من.؟ ، على كل مصري أن يفكر في هذا..!!

وصاحب كل هذا عملية بدأت مبكرا جدا وهي فتح الباب أمام التيارات الدينية كلها أخوان سلفية والجماعة الاس ل ا م ي ة وهذه التيارات تمتعت بحرية غير مسبوقة لا يمكن أن نغفلها لأن العقل والمنطق لا يقبلان إطلاقا أن يكون مواطن مصري بالأمس سجين بتهمة قتل رئيس سابق واليوم يصبح رئيسا لحزب ومرشحا للبرلمان ، وهذا مجرد مثال توضيحي لفتح الباب على مصراعيه أمام هذه التيارات الدينية بعد الثورة ، وهذه خطيئة وقع فيها مبارك قبل خلعه معتقدا أن التيارات الدينية هي الحل الوحيد للتخلص من دعاة الليبرالية والدولة المدينة وكل من يطالبون بالحرية والعدالة والكرامة الإنسانية وهم شباب الثورة ، وسار على خطى مبارك المجلس العسكري حين ترك الباب مفتوحا على مصراعيه أمام هذه التيارات الدينية لخطف الثورة المصرية من شبابها الطاهر النقي الذي لم يحصد من هذه الثورة حتى الآن إلا الشهادة وفقدان البصر وآلاف المصابين والمعتقلين و15 ألف شاب تم الخلاص منهم بالمحاكمات العسكرية ، وتناسوا جميعا أن السادات فعل نفس الخطيئة مع نفس التيارات الدينية للتخلص من الشيوعية ، وكانت النتيجة أنهم انقلبوا عليه وقتلوه.

من فوائد التاريخ أن نقرأ ونعتبر ، ولكن يبدو أن هناك من لا يقرأ التاريخ ومن لا يعتبر.

كل هذه الأمور لم تكن صدفة أو وليدة اللحظة ، ولكنها واقع ملموس مدروس ، وفي ظل هذا الصراع على مصر ومستقبلها خرج السلفيون من جحورهم يحصدون أول ثمرة للثورة رويت بدماء الشهداء ، ويتميز السلفيون بأنهم أكثر التيارات الموجودة تمويلا لأن الدولة السعودية تنفق عليهم مليارات وهذا معلوم ولا جدال فيه ، ومن وجهة نظري أرى أن سر مساندة الدولة السعودية للسلفيين بهذا الشكل وتفكيرهم في تأسيس حزب والدخول في معترك السياسة بهذه السرعة والقوة ــ بعد ان كانوا يختلفون مع الاخوان بسبب مشاركتهم في العمل السياسي ، وبعد ما كانوا يرفضون الخروج على الحاكم ــ هدفه الأهم عدم انفراد الاخوان بالسلطة في مصر لأن الإخوان رغم أنهم وهابيون سعوديون المنشأ والفكر إلا أنهم صنعوا لهم سياسة واتجاه يختلف نسبيا عن سياسة آل سعود والوهابية التي يقوم عليها ويرعاها وينشرها دعاة السلفية بكل همة ونشاط وفداء ، وسبب هذا الفارق بين الاخوان والسلفيين تأثر الإخوان بالبيئة التي كانت ليبرالية في مصر فقد استفادوا منها في تدعيم وجودهم فإنهم كانوا يبطنون ثقافتهم السلفية الإرهابية المتشددة بمزاعم الاعتدال.

وما أقصده هنا أن الإخوان لو وصلوا للحكم لن يقبلوا أن يكونوا تابعين للدولة السعودية لأن الإخوان أصبحوا تنظيم دولي عالمي وهذا يشعر الدولة السعودية بالقلق ولا ننسى الخلاف الذي حدث بين إخوان مصر حين طردهم عبد الناصر وفروا للسعودية وحاولوا تنفيذ منهجهم داخل السعودية ومُنعوا من هذا وقالوها لهم صراحة نحن نريد تطبيق هذا في مصر وليس في السعودية والشيء بالشيء يذكر لا يجب ان نغفل أو ننسى أن الدولة السعودية تُـكِـن كل حقد وضغينة لمصر لأن مصر كانت سببا في سقوط الدولة السعودية مرتين الأولى عام 1818م على يد محمد علي باشا ، والثانية عام 1891م بمساندة من السلطان العثماني ، واليوم تحاول السعودية الثأر من مصر بسقوطها من جهة وإنقاذ السقوط الثالث للدولة السعودية ، لأن التحول الديمقراطي في مصر لو تم بسلام سيكون سببا في سقوط الفكر الوهابي ونهايته لأن المنطقة العربية لا تستوعب قوتين (في مصر وفي السعودية) ، والتاريخ يقول أن مصر لما كانت دولة قوية تملك زمام أمورها فهذا نذير شؤم على آل سعود ومعناه سقوط دولتهم ، ولذلك فإن السلفيين يقومون بدور مهم للدولة السعودية ولا يهمهم مصر ولا مستقبلها ولا شعبها ، فهم يلعبون بمستقبل هذا البلد لصالح الدولة الوهابية في عملية توازن سياسي وتثبيط للعملية الانتقالية التي تحدث في مصر الآن ومحاولة إرجاع مصر قرونا طويلة للوراء بدعوى تطبيق الشريعة حتى لا قوم لمصر قائمة وبالتالي يستمر حكم آل سعود ، ويتميز السلفيون عن الإخوان أنهم ينفذون الفكر الوهابي الصحراوي بكل ما فيه من تطرف وعنف وتعصب وإرهاب ، أما الإخوان فنسبيا قد تأثروا بوجودهم في مصر في بيئة زراعية وبيئة كانت ليبرالية كما وضحت أعلاه.

أخيرا::

لكن حسب ما أرى وحسب مجريات الأحداث على أرض الواقع ورغم كل هذه السلبيات ورغم كل هذا الحقد والعداء لمصر ــ ولثورتها العظيمة ــ في الداخل والخارج أؤكد مصر ستخرج من هذه الأزمة وتستعيد قوتها وعافيتها من جديد وتتخلص من الاستبداد العسكري والديني معا ولكن المسألة مسألة وقت ليس أكثر والشعب المصري لو أخطأ اليوم وأعطى الثقة لفصيل أو تيار لن يسكت في المستقبل ، ولن يقبل حياة الظلم والقهر والاستعباد والاستبداد ، فالنصر للثورة والثوار مهما طال الانتظار.

أهدي هذا الخبر وهذا الفيديو إلى كل مصري يقول أن المجلس العسكري والشرطة خطر أحمر ، وأقول له لا تنخدع لأنهم قد تورطوا جميعا في جرائم حرب ضد الإنسانية باستخدام الأسلحة الكيماوية والرصاص الحي ضد أبناء مصر والفاضح هنا أنهم ( اشتروا بأموالنا سلاحا لقتلنا) شاهد الفيديو وبعد ذلك قرر هل تنزل العباسية مرة أخرى ..!!

أولا: رابط الخبر http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=89468

ثانيا: رابط الفيديو

http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=LmUqTGdrKeQ&skipcontrinter=1


الجمعة، 2 ديسمبر 2011

الـقـرآن بين الإهـمال والاستغـلال وسوء الاستعـمال ..!!

الـقـرآن بين الإهـمال والاستغـلال وسوء الاستعـمال ..!!

أحاول في هذا المقال إلقاء الضوء على عقليات لعيـّنات ونوعيات من المسلمين لإظهار خطأ نظرتهم ، و تعاملهم مع القرآن الكريم ، الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، الكتاب الذي وصفه ربنا جل وعلا بأن فيه شفاء ورحمة وهدى ، الكتاب الذي ليس كمثله شيء وهو أحسن القصص وأحسن الحديث وهو الحق وبالحق نزل ، القرآن الكريم الكتاب الوحيد على كوكب الأرض الذي لا يمكن لعقلنا البشري أن يحصر صفاته ومميزاته ومعجزاته ويفهم جميع آياته ، وكذلك لا يمكن لعقلنا البشري أن يأت بآية واحدة مثل آياته ، الكتاب الذي من أهم صفاته أنه مُيَسّر ، مُفَـصّل ، مُبين ، مُحكم ، وقمة الإعجاز تتجلى هنا أن يكون هذا الكتاب بهذه المواصفات وهذا اليُسر وفي نفس الوقت يكون بهذا الإعجاز الذي لا يمكن أن ندركه كله مهما عشنا ، وذلك لأنه من عند الله.

ويمكن تقسيم مواقف هذه العينات والنوعيات حسب التعامل مع القرآن وحسب العنوان إلى ثلاثة أقسام:

أولا ــ الإهمال ومعناه حسب وجهة نظري (هو عملية تجاهل للقرآن الكريم يقع فيها معظم المسلمين في كل مكان) أو بمعنى أكثر وضوحا عدم تقدير القرآن الكريم حق قدره ، وإلى مزيد من التوضيح:

تجاهل القرآن الكريم ــ واتخاذه مهجورا ــ هو حدث يومي يقع فيه معظم المسلمين ، وذلك لأنهم حتى اليوم لم يعطوا القرآن الكريم حقه من القراءة والتدبر كغيره من الكتب والمؤلفات البشرية ، فرغم أن معظم المسلمين ينظرون لكتب التراث نظرة قدسية واستحسان وتفضيل على جميع المؤلفات البشرية ، ويجعلون إحداها أصدق الكتب بعد القرآن لأنها قديمة ، ولأن كل قديم يكتسب صفة القدسية عند معظم المسلمين ، فوقعوا في خطيئة كبرى وتناسوا جميعا في أكبر غفلة في تاريخهم أن القرآن الكريم أقدم كتاب موجود بين أيديهم (بالنسبة للمسلمين) ، فعمره أكثر من ألف وأربعمائة عام ، ورغم قدم هذا القرآن ، ورغم إنه من عند الله ، وأن ربنا جل وعلا قد تكفل بحفظه دون غيره من الكتب إلا أن المسلمين أهملوه وفضّلوا عليه مؤلفات بشرية مليئة بالأخطاء والمتناقضات ، وتمت صياغتها وكتابتها في عصور يجهلها معظم المسلمين ، كما يجهل معظم المسلمين ولا يعلم أبسط المعلومات عن كتّاب هذه الكتب ومولدهم ونشأتهم وصفاتهم وأخلاقهم وتربيتهم والبيئة التي نشأوا فيها ، ولكن في حالة من الغفلة يقدسون هذه الكتب ويهملون كتاب الله الذي يعلمون من أنزله ومن تكفل بحفظه ومن جعل قراءته وتدبره فريضة عليهم لأنه دينا قيما لا عوج فيه.

وبسبب هذا الإهمال المتواصل الذي تتوارثه الأجيال لم تظهر مدرسة قرآنية حقيقية يكون هدفها دراسة وتدبر القرآن الكريم بمعزل عن كتب التراث ومفاهيمه ومصطلحاته ولغته التراثية ، وإنما كل المدراس التي حاولت دراسة القرآن كانت تقوم على تفسيره بلغة التراث ومفاهيمه ومصطلحاته وأحاديثه ، والأكثر من هذا كانوا يفرضون على القرآن مفاهيم محددة يريدون إثباتها بلَيْ عنق الآيات ، بمعنى أوضح يدخلون على القرآن برؤية مسبقة ووجهة نظر جاهزة يريدون فرضها على آيات الله.

وبمرور الزمن تحول القرآن الكريم إلى مجرد كتاب سماوي يتعامل معه السواد الأعظم من المسلمين على أنه كتاب بركة يستخدم في إخراج الجن وإبعاد الكوابيس عند النوم ، وتلاشت أهميته ودوره ككتاب للهدى وإصلاح سيئات البشر عند قراءته وتدبر آياته ، وهنا المدخل إلى سوء الاستعمال:

ثانيا ــ سوء الاستعمال ، ومعناه من وجهة نظري سوء التعامل ، أو التعامل مع القرآن بطريقة غير لائقة ، ولا أجد مثالا يعبر عن هذا بدقة أفضل من الطريقة التي يُدَرّسُ بها القرآن الكريم في المعاهد الأزهرية ، حيث يقوم المُحَـفِّـظ أو مدرس القرآن (على سبيل المثال) بقراءة صفحة من المقرر أمام التلاميذ داخل الفصل ، ويطلب من أحدهم القراءة ويكرر باقي التلاميذ قراءة ما قرأه زميلهم ، ولكن ليست هذه هي المشكلة ، وإنما المشكلة في الطريقة والمنهج والمتبع و الصوت الصاخب الغوغائي الذي يقرأ به التلاميذ كتاب الله جل وعلا ، لا يمكن على الإطلاق أن تفهم كلمة واحدة من آية أثناء القراءة ، لأن الفصول متاخمة لبعضها ، وجميع حصص القرآن في وقت واحد على جميع الفصول ، وكل مدرس يحاول إظهار أنه يعمل بجد مستخدما قوة صوت التلاميذ في القراءة مؤشرا على جديته في العمل ، في حالة من التنافس على الغوغائية والفوضى ولكن الضحية هنا هو القرآن الكريم وهذه من وجهة نظري جريمة كبرى لابد من الوقوف ضدها في الأزهر ، وأقول هي جريمة كبرى ومعي الدليل :

في حصص القراءة (المطالعة) وفي حصص العلوم أو الدراسات الاجتماعية وفي جميع الحصص الأخرى التي يُطلب من التلاميذ القراءة من الكتاب المدرسي تكون القراءة بطريقة مختلفة تماما وفي هدوء وتركيز وسكينة وفي حالة إنصات من التلاميذ ولا يُطلب من جميع التلاميذ القراءة معا كما يحدث عند قراءة القرآن ، والتناقض هنا أن هذه الكتب وهذه المواد الدراسية على اختلافاتها لم يأت لنا أمرا في القرآن يرشدنا ويأمرنا بطريقة صحيحة عند قراءتها ، ورغم ذلك فكل مدرس يبحث عن طريقة سهلة للقراءة لكي يفهم التلاميذ موضوع الدرس ، وعلى العكس تماما فالقرآن الكريم الذي أمرنا ربنا جل وعلا أن نقرأ آياته في تدبر وتعقل وتركيز ، وأن ننصت إذا سمعنا القرآن يُتلى ، نفعل العكس ونقرأ القرآن بطريقة همجية وغوغائية تخالف تماما أوامر الله جل وعلا من ناحية ، ومن ناحية أخرى تخلق أجيالا من الببغاوات التي لا تفهم ما تقرأ وتكرر ما تسمع دون وعي أو فهم أو تدبر ، وهذا يدخلنا على الجزء الأخير وهو استغلال القرآن الكريم.

ثالثا ـــ الاستغلال ، الاستغلال معناه من وجهة نظري استغلال القرآن الكريم في أمور دنيوية للحصول على المال ، وهذه الجريمة لها صورا شتى نذكر بعضها:

1 ــ من يسمون أنفسهم قراء القرآن الكريم أو ــ (خدام القرآن الكريم) ــ الذين يقرأون القرآن بأجر في المآتم وحفلات العزاء( هم فعلا يسمون المآتم الكبرى بحفلات العزاء أو الحفلات الدينية) ، وكل قارئ من هؤلاء يطلق على نفسه (خادم القرآن الكريم) على الرغم انهم يستخدمون القرآن ويستغلونه من أجل المال.

وفي هذا المجال يقع القراء في سوء التعامل مع القرآن واستغلاله ، لأنه ينتقي من القرآن أجزاء معينة تظهر إمكاناته الصوتية ، وهذا مشهور جدا بين قراء الحفلات الدينية ، لدرجة أن بعض المسلمين يطلبون من القراء في هذه الحفلات قراءة آيات أو أجزاء معينة من القرآن ، وهذا يجعل القرآن أشبه بكتاب في الغناء والشعر (هذا بالطبع حسب سوء تعامل معظم المسلمين معه ) ، ومن جهة أخرى يقع القراء في استغلال القرآن ماديا بحيث يأخذون أجرا قد يصل لخمسة أو عشرة آلاف لبعض القراء الكبار مقابل أن يقرأ ساعتين أو ثلاث ساعات في ليلة واحدة.

2 ــ ولكن المصيبة الكبرى أن يتم تقـنـيـن هذا الاستغلال داخل مؤسسات ومعاهد الأزهر ، وعن طريق قنوات فضائية ، حيث تقوم إدارة الأزهر بتوزيع منشور سنوي على جميع المعاهد الأزهرية (وتشترك إدارة الأزهر بالتعاون مع كل من قناة الحافظ الفضائية ووزارة الأوقاف والجمعيات الشرعية وتحت رعاية المحافظين).

وفحوى هذا المشروع هو البحث عن حفظة القرآن الكريم الذين يتمتعون بموهبة حلاوة الصوت وقدرتهم على حفظ و(تجويد القرآن) رغم تحفظي على مسألة تجويد القرآن ولكن هذا حسب وصفهم ، لأن القرآن لا يحتاج لمن يجوده ، المهم المنشور أو النشرة التي توزع على المعاهد فيها إقرار يوقع عليه ولي أمر كل تلميذ لديه هذه الموهبة بأنه مسئول عن توصيل ابنه لجميع مراحل المسابقة مهما كان مكانها ، وكذلك شرط واضح جدا يقولون فيه صراحة (أن الطرف الأول وهو قناة الحافظ يحق له استغلال موهبة المذكور على أن يحصل الطرف الثاني ــ وهو التلميذ الموهوب ــ على نسبة 20% من صافي ما يقدمه في انتاج مصحف مرئي أو مسموع وفي مجالات الكاسيت والسي دي والدي في دي وشرائط الفيديو) ، وهذا معناه أن القناة سيكون لها 80% من صافي الدخل ، وللتلميذ 20% فقط ، وكل هذا يحدث تحت قبة الأزهر وبموافقة السيد صاحب الفضيلة شيخ الأزهر ، يتم استغلال القرآن الكريم من جهة في الحصول على مكاسب مالية لا علاقة لها بأوامر الله جل وعلا لنا كمسلمين ، وكذلك استغلال تلاميذ الأزهر وأبناء مصر استغلالا ماديا واضحا وصريحا ، ووضعهم لقمة سائغة لرجال الأعمال والمتمسحين بالدين الإسلامي ، الذين لا تأخذهم رحمة مع هؤلاء الفقراء ، فيبدأ الأمر بتوقيع ولي الأمر على إقرار بالموافقة منذ اللحظة الأولى ، ولكن العيب ليس في القناة وكان يجب على إدارة الأزهر أن توقف هذه المهزلة وهذا التهريج الذي يتم على حساب كتاب الله ، ولا أعتقد أن شيخا أزهريا مهما كان يتمتع بالجهل يوافق أو يسمح لأحد أن يقوم باستغلال أحد مؤلفاته بهذه الطريقة السخيفة دون موافقته والاتفاق معه على نسبة من الأرباح ، أو يوافق على استغلال كتابه لحصد مثل هذه المكاسب المالية بهذه الصورة القبيحة ، وإليكم مثالا توضيحيا واقعيا حدث معي شخصيا في جامعة الأزهر:

في العام الجامعي 2000/2001م كنت في السنة النهائية البكالوريوس ، وبفضل الله جل وعلا كنت ملتزما في الدراسة بطبيعتي ، كنت أحضر جميع المحاضرات وأكتب وأسجل كل ما يقوله الأساتذة في المحاضرات ، وبعد العودة للسكن في المدينة الجامعية أقوم بإعادة نسخ (تبييض) هذه المحاضرات في ورق جديد وإضافة بعض التعريفات والتوضيحات من الكتاب الخاص بكل مادة ، زملائي شاهدوا ما أقوم به من عمل ، فطلبوا مني تصوير هذا الورق وهذا التلخيص ، وحرصا على وقتي ووقت زملائي في السكن وضعت نسخة من هذه المحاضرات ــ في جميع المواد ــ في مكتبة أمام المدينة الجامعية بالحي السادس في مدينة نصر ، ومن يرغب في تصوير المحاضرات يذهب للمكتبة ، وبطريقة ما علم بعض الأساتذة بهذه المسألة ، فماذا فعلوا اتفقوا وقدموا بلاغ ضدي لأمن الكلية ، وفي آخر أيام امتحانات البكالوريوس وقبيل بدء وقت امتحان المادة الأخيرة بدقائق قليلة جاءني ضابط الأمن بالكلية إلى لجنة الامتحانات وقال لي بعد الانتهاء من الامتحان أنا في انتظارك في مكتب الأمن ، انهيت الامتحان في المادة الأخيرة وذهبت على الفور لمكتب الضابط فوجدت أربعة من أساتذتي يجلسون معه ، وقد قدموا ضدي بلاغا بأنني أبيع مذكرات للطلاب تؤثر على مبيعات الكتاب الجامعي ، قلت لهم بكل صدق ما فعلته ، ولكنهم لم يصدقوا ، وأصروا على موقفهم في أنني كنت أبيع هذه المذكرات قلت لهم اسألوا الطلاب رفضوا ، والمضحك حين طلب مني أحدهم وكان أصغرهم سنا أن يحدثني على انفراد ، وطلب مني ألفي جنيه لكي يخلصني من هذه المشكلة ، ظنا منه أنني ربحت خمسة آلاف جنيه في هذا الموضوع ، وبفضل الله جل وعلا جاءني أحد زملائي الذين استفادوا من هذه المذكرات ، وقال لي لا تشغل بالك ، وأخبرني أن أخوه يعمل في رئاسة الجمهورية واتصل به على الفور وجاء إلى مبني الجامعة فورا ، وانتهى الموضوع.

هذا نموذج بسيط جدا لموقف أساتذة في الأزهر حين يقترب أي إنسان من كتاب لهم نقلوا معظم ما فيه من مراجع وكتب أخرى ، أما كتاب الله جل وعلا فلا بأس أن يهمل ويساء استعماله ويتم علنا استغلاله.


السبت، 26 نوفمبر 2011

ارفعوا القبعات للإخوان والسلفية وميدان العباسية..!!

ارفعوا القبعات للإخوان والسلفية وميدان العباسية..!!

بعد ما نجح المصريون جميعا في أن يتوحدوا ويتحدوا ويحققوا معجزة كبرى وهي إسقاط رأس أسوأ نظام فاسد مستبد في تاريخ مصر ، وبعد ما اكتشف معظم المصريين أنهم كانوا مغيبين حين عرفوا ما تم سرقته من أموالهم وحقوقهم وموارد وطنهم ، وبعد ما ظهرت على السطح بعض جرائم النظام السابق ، وبعد أن جرّب المصريون ألاعيب النظام واستغلال الوقت في تهريب الأموال وتدمير الأدلة التي تدينه وتثبت عليه تهم التعذيب والقتل والسرقة والفساد السياسي والمالي وتخريب الوطن ، وبعد أن اعترف معظم المصريين أنهم كانوا مخطئين حين تعاطفوا مع مبارك بـُعَـيْد خطابه الأول يوم 28 من يناير عام 2008م ، بعد أن اعترف معظم المصريين ببطولات شباب مصر وعظمة ما فعلوه في التحرير ، وأهمية الثورة وعظمتها في منح جميع المصريين الحرية التي حُـرِمُوا منها ثلاثة عقود مضت ، بعد أن اعترف كثير من المصريين بأنهم كانوا في عهد مبارك أقل شأنا من الحيوانات ، بعد كل هذا يحاول بعض المصريين اليوم قتل مصر وقتل ثورتها والعودة بهم لما هو أسوأ من النظام الساقط ، لأن الوقوف في وجه الثورة المصرية الآن يبشر بسقوط مصر وشعبها في يد العسكر من جديد أو وقوعهما فريسة لحكم أكثر استبدادا وظلما وقهرا وهو الحكم في دولة دينية وهابية.

لماذا أقول ارفعوا القبعات للإخوان والسلفية وميدان العباسية.؟ لأنهم شركاء في الحدث..!!

فبعد كل ما حققته الثورة للجميع في مصر ، وخصوصا الإخوان والسلفيين الذين عاشوا سنوات عجاف وتجرعوا الظلم والقهر والاستبداد في ظل هذا النظام ، وفي ظل حكم العسكر منذ عام 1952م ، واليوم الجمعة الموافق 25/11/2011م ، وما قبلها من أيام ، فقد مرت الثورة والثوار بمرحلة خطيرة وهامة وفارقة ومؤثرة في مصير مصر والمصريين ، ورغم خطورة هذه الأيام تغيب السلفيون و الإخوان عن المشهد وأعلنوا هذا صراحة وشوهوا صورة ما يقوم به الثوار، وراحوا ــ رغم الدماء التي سالت ــ يجهزون حقائبهم لخوض الانتخابات ، دون الوقوف في التحرير للمطالبة بالتحقيق في حوادث القتل العمد وإصابة عشرات الثوار عمدا في عيونهم ، وفي نفس السياق أهلموا ونسوا حقوق شهداء الثورة الأوائل ، تركوا كل هذا وراحوا يبحثون عن الانتخابات ، لأنهم واثقون من نجاحهم في حصد عدد غير مسبوق من المقاعد في أول برلمان مصري بعد الثورة معتمدين على نفس الأغلبية الصامتة التي لم تتعلم الدرس.

سكت الإخوان والسلفيون ولم يساندوا ثوار التحرير في محنتهم ، ولم يهتموا بالشهداء والمصابين الاهتمام الذي يليق بهم ، رغم أنهم جربوا الظلم والقهر والتعذيب والقسوة ، ودائما ما يتفاخرون بهذا في كل مكان ، أنهم دفعوا ثمنا غاليا في معتقلات النظام السابق ، ومن وجهة نظري ليس هناك أى مقارنة بين الاعتقال والتعذيب مهما كان وبين ما حدث ويحدث للثوار مؤخرا في ميدان التحرير في شارع محمد محمود منذ صبيحة يوم السبت الموافق 19/11 ، وحتى صباح الخميس الموافق 24/11/2011م ، ويكفي هنا ذكر استخدام الغازات السامة التي تثير الأعصاب وفقدان الوعي والتوازن ، تصيب الإنسان بالسرطان بعد فترة ، ويظل مفعولها في جسم الإنسان لأكثر من شهرين ، وكذلك لا يجب أن ننسى تعمد إصابة الثوار في عيونهم ورؤوسهم وأجسادهم.

كل هذا لم يحرك قلوب الإخوان والسلفيون وكل من تجمعوا في ميدان العباسية (من يسمون أنفسهم بالأغلبية الصامتة)، كل هذا لم يؤثر فيهم ، ويعطيهم جرس إنذار واحد أن أحدهم معرض أن يكون مثل هؤلاء الشباب فيفقد بصره أو يصاب بالسرطان بسبب هذا التعامل الوحشي ، كل هذا لم يثير فيهم خلايا الذاكرة ويذكرهم أنهم انخدعوا من قبل في خطاب مبارك الأول ووافقوا ورضوا أن يكمل مبارك فترة رئاسته ، وظنوا أنه كان صادقا في خطابه ، لم يفكر أحدهم إطلاقا أن يقارن بين ما حدث بعد خطاب مبارك الأول وخطاب المشير الأول ففي الحالتين حدث تأثير على بعض المصريين ، تبعه مباشرة زيادة رهيبة في التعامل الوحشي مع المتظاهرين ، ثم تلاه تجمع حشود من المصريين لتأييد مبارك في السابق ، ثم تجمع الحشود لتأييد المشير حاليا ، لم يتذكر بعض هؤلاء حين كان بعضهم في التحرير ، وفوجئوا بموقعة الجمال والحمير تدهسهم بهدف قتلهم ، لم يتذكروا محاولات مبارك وعصابته من قيادات الحزب المنحل حين كانوا يستأجرون آلاف من المغيبين للهتاف ضد الثورة لنصرة مبارك المخلوع ، لم يتذكروا جميع المحاولات السابقة لقتل الثورة ، ولأنهم تناسوا كل هذا فماذا فعلوا ، تعاونوا مع الإخوان والسلفيين وغابوا عن المشهد رغم خطورته وبشاعته ووحشيته ، وذهبوا يخططون ويجهزون ويشدون الرحال لصناديق الاقتراع ، وبعض المصريين الذين يسمون أنفسهم الأغلبية الصامتة ذهبوا لقتل الثورة في ميدان العباسية ، وهذه الأغلبية الصامتة من اسمها تفضح نفسها فليخبرنا أحدهم من الذي منحهم الحق والقدرة على الكلام والخروج من خندق الصمت الرهيب.؟ ، لن يجيبوا طالما سمحوا لأنفسهم أن يقبضوا ثمن دماء الشهداء ويُـفرطوا في حقهم وفي حق المصابين بهذه الطريقة ، الأغلبية الصامتة تقول للثورة والثوار أنتم عملاء أنتم تريدون إسقاط الدولة طالما تفكرون في رحيل المجلس العسكري ، الأغلبية الصامتة تقول للثوار أنتم تنفذون أجندات خارجية طالما تفكرون في حكومة إنقاذ وطني ، وتأجيل الانتخابات حتى يتم التحقيق ومحاكمة القتلة والمجرمين و محاكمة كل من أعطاهم الأوامر بالقتل ، الأغلبية الصامتة تقول للثوار أنتم تريدون إسقاط مصر طالما تريدون تطبيق الحد الأدنى للأجور في الوقت الذي لا يزال مئات العاملين في الدولة يحصلون على مرتبات مليونية حتى يومنا هذا ، ومنهم أعضاء المجلس العسكري ، ورغم هذا لا يتوقفوا عن تهديد المصريين بأن مصر قد اقتربت من الإفلاس ، هل نسيتم أزمات الغاز رغم استمرار تصديره لاسرائيل.؟ هل أمنتم في بيوتكم في حالة الفراغ الأمني التي يشرف عليها المجلس العسكري وذراعه الباطشة (وزارة الداخلية) الذين ظهروا كأسود في تعاملهم مع الثوار الشرفاء ، وأغمضوا أعينهم عن البلطجية وتركوا لهم الشعب المصري كله غنائم وسبايا.

إصرار الأغلبية الصامتة في العباسية على موقفها يبشر باحتمالات ثلاثة مرة أولهما: وقوع الفتنة الكبرى بين المصريين هنا وهناك ، لأن إصرار كل طرف على رأيه ينذر بهذا ، والمستفيد الوحيد هم الداخلية والمجلس العسكري لأنهم بذلك ضربوا الشعب المصري ضربة لن يقوم بعدها أبدا لأن الفتنة هذه المرة محكمة ومدبرة ولكن الأغلبية الصامتة لا تتعلم ، الاحتمال الثاني : هو امتداد ونهاية طبيعية لنجاح الاحتمال الأول ، هو سوف يساهم بشكل كبير في تسليم مصر من جديد لحكم العسكر ، وحكم العسكر معناه حكم أسوأ من حكم مبارك حتى يستمر أكبر فترة ممكنة ، وحتى لا ينجح المصريون في القيام بثورة جديدة قبل مائة عام على الأقل ، ولذلك سيكون الحكم أكثر قمعا وقهرا وظلما واستبدادا ، وستكتمل فيه مسيرة نشر الفقر والجهل والمرض بين جميع المصريين ، وكذلك تحويل ملايين من المصريين لبلطجية جدد يساهموا في بقاء هذا الحكم العسكري ، لأننا لا نفصل مطلقا بين وزارة الداخلية وبين الحاكم العسكري فهي ذارع البطش التي يستخدمها في قتل وقمع وسحل معارضيه ، والاحتمال الثالث: هو تسليم البلاد للإخوان والسلفيين ، وهنا الأمر لا يقل سوء عن حكم العسكر ، ولكن مع فارق بسيط العسكر يقهر ويقمع ويتخلص من معارضيه دون تكفيرهم ، لكن الجماعات الدينية تستخدم الدين كوسيلة لتكفير المعارضة واتهامهم بالردة للتخلص منهم بإهدار دمائهم بطريقة شرعية من وجهة نظرهم.

هذه كانت مجرد خواطر أكتبها وأتمنى ألا تتحقق أبدا أبدا ، وأدعو الله العلي القدير أن ينصر مصر وشعبها في ميدان التحرير ، وأن تنجح الثورة المصرية في محاكمة القتلة والسفاحين لكي نؤسس دولة حقيقية يكون أساسها دولة القانون أو دولة تطبيق القانون ، العدل والحرية والكرامة الإنسانية والمساواة بين الجميع ، ويكون فيها الموظف خادما للشعب حتى لو كان رئيسا للدولة ، وهذا ما أعتقد أنه سيتحقق و ستنجح الثورة في تحقيقه كما نجحت في خلع مبارك ووضعه ومعظم أفراد عصابته في السجون ، وهنا أخشى على الأغلبية الصامتة من جديد حين يكتشفون بعض الحقائق الجديدة التي تدين معظم من يهتفون بأسمائهم الآن ، ولكن هذه المرة لابد أن يتعلموا الدرس ويتذكروا جميعا أن مبارك وأعوانه حتى هذه اللحظة لم يحاكموا محاكمة حقيقية تتناسب مع جرائمهم قبل وبعد الثورة ، هل توافق الأغلبية الصامتة على ضياع حقوق الشهداء والمصابين في يناير ونوفمبر.؟ ، هل توافقون أن يهرب مبارك وعصابته من جرائمهم ، هل توافقون أن يهرب كل قاتل وكل سارق وكل فاسد من العقاب العادل.؟ ، في حقيقة الأمر أقول لكل مصري يوافق على هذا أنت خائن لمصريتك وخائن لوطنك وخائن لنفسك ، أظن بل أكاد أجزم أن الحاكم المستبد كلما بالغ في استخدام القوة والعنف كلما أظهر مدى ضعفه ووهنه ، وهذا نذير خير يبشر بسقوطه ، هذا ما فهمنها وما تعلمناه وما توقعناه قبيل سقوط مبارك.

كلمة أخيرة:

أيها الأغلبية الصامتة ألم تتعلموا الدرس بعد.؟ ألم تفهموا مخطط نشر الفتن والانقسامات وأنها سياسة راسخة عند النظام السابق نسيتم الفتن بين الأقباط والمسلمين ، بين القضاة والمحامين ، بين المفتي والسلفيين ، نسيتم الخلاف حول الدستور أولا أو الانتخابات أولا ، نسيتم أن مصدر قوة المصريين في وحدتهم ، نسيتم أن المصريين لم ينجحوا في إسقاط مبارك إلا حين اعتصموا واجتمعوا على قلب رجل واحد ، أيها الأغلبية الصامتة لا تضيعوا حقوق العباد وتشاركوا من جديد في تخريب وسرقة البلاد.

بعد الثورة القتل أصبح بديلا للاعتقال ..!!

بعد الثورة القتل أصبح بديلا للاعتقال ..!!


في العهد البائد عهد المخلوع عليه لعنة الله كان يتم التعامل مع الشرفاء والأبرياء من المصريين بالقمع والاعتقال في سجون العادلي التي انفق عليها مليارات لو تم توجيهها للتعليم والبحث العلمي لتحولت مصر لدولة متحضرة ولأخذت ترتيبا مشرفا بين الدول ، فكان هذا النظام المجرم ينظر لكل صاحب رأي ، وكل إنسان شريف ، وكل إنسان مصلح ، وكل إنسان بريء ، وكل من يعارض سياسة الفساد التي تفشت في البلاد وكأنه يتدخل فيما لا يعنيه ، فيكون الجزاء باعتقال هذا المواطن المسكين وإعطاءه درسا في مقرات أمن الدولة لكي يتوب ويعود لرشده ويمتنع عن الكلام فيما لا يعنيه (حسب وجهة نظر هؤلاء الفاسدين).

بعد الثورة المصرية ، وبعد أن تم خلع المجرم الكبير مبارك والمجرم الصغير العادلي وكثير من أفراد العصابة وحبسهم جميعا ، وذاقوا بعض أنواع الذل المزيف والمقـنّع ، تغير أسلوب التعامل فكان في بدايته يعتمد على جرعات مكثفة من التخويف والإرهاب باعتقال مئات وآلاف من الشباب وتحويلهم للمحاكم العسكرية فورا حتى يرهبوا المصريين ويقتلوا داخلهم الإيمان بالثورة ، ولما فشلت هذه الطريقة وأصر الثوار على اكمال ثورتهم ، ودخل المجلس العسكري في سجال مع منظمات وجمعيات حقوق الإنسان لوقف المحاكمات العسكرية التي فضحت هذا المجلس الذي يحول شبابنا في يوم وليلة للقضاء العسكرى بتهمة إهانة المجلس العسكري ، ونفس المجلس لا يخجل من نفسه وهو يترك المخلوع بدون محاكمات بل يدافع عنه باستماته ، وهو الذي قتل الملايين ونشر بينهم الفقر والجهل والمرض ، فأصبح التعامل مع شباب الثورة بالقتل أو الضرب والسحل حتى الموت ، وهذا باختصار التحول الوحيد الذي نجح فيه المجلس العسكري بعد الثورة ، رغم أنهم يخرجون كل حين يحذرون الشعب من مغبة الدخول في أزمة مالية واقتصادية بسبب تآكل أرصدة الدولة ، فقد قاموا بشراء أسلحة ومعدات جديدة و جميع أنواع الذخيرة والقنابل المسيلة للدموع متجاهلين كلامهم عن الأزمة المالية الوشيكة ، ويوجهون هذه الأسلحة بكل نذالة وخيانة للمصريين أبناء جلدتهم بدلا من توجيهها لأي عدو خارجي ، وهم الذين دفعوا ثمن هذه الأسلحة من أموالهم وقوت يومهم على شكل ضرائب سنوية.

وفيما يبدو أن المجلس العسكري والداخلية والقائمين على تنفيذ خطة مبارك وعصابته وهم داخل السجون فكروا في تخريج دفعة جديدة من كلية الشرطة قبل موعدها الطبيعي لكي يتمكنوا من قتل وإصابة أكبر عدد من المصريين الأحرار انتقاما منهم وأخذا بالثأر من الثوار الأحرار الذين فضحوا حقيقة النظام الفاسد وخلعوه بعد أن ورطـوه في مجموعة من الجرائم التي نفذها جهاز الشرطة المجرم الذي لم ينجح في تاريخه إلا في قمع المصريين وقتلهم وقنصهم ، بينما يترك البلطجية والخارجين عن القانون يفعلون ما يشاؤون في البلاد والعباد.

هذه مجرد كلمات موجزة عما يحدث في مصر الآن من تعمد القتل وتعمل الضرب والسحل حتى الموت ، والأخطر من هذا رمي جثث الموتى في مقالب القمامة ووسط الزبالة ، وكل هذا تم تصويره وتسجيله بالصوت والصورة على هذه الروابط

1ــ قوات الأمن ومعهم ضباط يطلقون الذخيرة على الثوار ويعترفون بأن الضربة أصابت عين أحد الثوار بعد سبه وشتمه ، ويقول أحد الجنود (جدع يا باشا) طبعا الباشا ملازم أول شكلة خريج جديد شاهد الفيديو

http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=DRcprf4jm4c

2ــ فرد أمن يجر مواطن ميت ويرميه على الرصيف فوق الزبالة

http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=Fr2-VlldcuE

3ــ قوات الأمن تقوم بضرب وسحل الثوار حتى الموت

http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=zJ7FHUtxePw#!

هذه مجرد عينات بسيطة للأدلة التي تثبت الجرائم على فاعليها ، ومن الجرائم التي قام بها جهاز الشرطة تظهر حقا أن هؤلاء الأفراد في أمس الحاجة للعلاج النفسي.

أخيرا:

الشعب المصري الآن هو صاحب القرار

ولابد أن نسأل أنفسنا جميعا

إلى متى تتأجل محاكمات مبارك وأفراد عصابته.؟ ، هل عرفتم لماذا يتم تأجيل المحاكمات.؟

لماذا لم يتم محاكمة الضباط الذين قتلوا الثوار في 25 يناير.؟

لماذا لم يتم محاكمة من قتلوا ودهسوا الثوار منذ يوم 25 يناير.؟

لماذا لم يتم محاكمة من خططوا ودبروا أحداث مسرح البالون.؟

لماذا لم يتم محاكمة من تسببوا في أحداث أطفيح وامبابة وماسبيروا .؟

لو تمت محاكمة هؤلاء جميعا اطمئنوا سيتم محاكمة من قَـتَلَ وسَـحَلَ الثوار بعد جمعة 18/11/2011م ، لأن المجرم واحد وهو من خطط وشارك ونفذ كل هذه الجرائم.

سؤال أخير لشعب مصر العظيم : أين الأخوان والسلفييون من هذه الأحداث .؟ .. الإجابة بوضوح يحضرون ويجهزون لمليونية جديدة لو تم تأجيل الانتخابات.. !! أعتقد أن شعب مصر ذكي والآن قد عرف من عدوه ومن ضده و من معه ومن حبيبه..

الجمعة، 4 نوفمبر 2011

أسباب الثورة العارمة على مسلسل (يوسف الصديق)

أسباب الثورة العارمة على مسلسل (يوسف الصديق)

من الحقائق التاريخية المعروفة والثابتة أن أي نظام سياسي مستبد لابد له من كهنوت ديني يوفر له غطاءً شرعيا يسول له ظلمه واستبداده وقهره وقتله وسرقته لشعبه المسكين ، وبينما يعيش معظم سكان المجتمع تحت وطأة الفقر والاستعباد والقمع والقهر فإن الكهنوت الديني ينعم بالعطايا والهدايا والعيش الهانئ ويغرق في النعيم ، بدأ هذا الكهنوت في الظهور مع بداية الدولة العباسية تزامنا مع عصر الحديث (الأحاديث) أو العصر الذهبي للتدوين في الحديث ، فكان يتم اختراع أحاديث مخصوصة لتمكن الحاكم أو السلطان او الخليفة من التخلص من أعداءه ومخالفيه ــ وكل من لا تهواه نفسه ــ تحت غطاء ديني مناسب ، ولا نجد هنا مثالا أفضل من حديث (من بدل دينه فاقتلوه) ، ( لا يحل دم أمرئ إلا بثلاث التارك لدينه المفارق للجماعة) ، وكلها أحاديث تم اختراعها إرضاء للحاكم لكي يتكمن من القضاء على أعداءه والتخلص منهم تحت غطاء ديني حتى ينام هادئ النفس مرتاح الضمير.

استمر الكهنوت الديني تابعا للحاكم في بلاد المسلمين ملازما لكل حاكم ظالم وفاسد ، في مصر والسعودية والعراق وسوريا واليمن وليبيا ومعظم البلاد العربية ، حتى يومنا هذا ، وهذه حقيقة لا جدال فيها والسبب أن هناك معادلة تحكم هذه المسألة يستحيل نجاح واستمرار أي حاكم ظالم وطاغية بدون كهنوت ديني ، وعلى العكس تماما فلو قال رجال الدين كلمة حق في وجه السلطان لوقفه ومنعه عن الظلم ، فلابد من حدوث أحد أمرين الأول: إما أن يؤمن الحاكم ويستفيد من نصيحة رجال الدين الخالصة والصادقة ويتوقف عن الظلم ويبدأ الإصلاح ، بذلك لن يكون الحاكم مستبدا ولا طاغية ، الثاني: أن يعتقلهم ويعذبهم أو يقتلهم ويتخلص منهم للأبد ، لكن الشائع في التاريخ البشري أن أي حاكم ظالم لابد له من كهنوت ديني يساهم في بقاءه واستمراره.

هذه مقدمة بسيطة أدخل منها على رد فعل مشايخ الأزهر والسلفيين الوهابيين على مسلسل يوسف الصديق ، هذا المسلسل الذي ثاروا عليه وحرّموا صناعته وعرضه ومشاهدته ، بحجة تحريم تجسيد شخصيات الأنبياء في الدراما ، وهذه حجة واهية فاقدة للأدلة التي تثبت صحتها ، ولكن الحقيقة أن ثورة هؤلاء على هذا العمل الدرامي الرائع لأسباب مختلفة على الأقل من وجهة نظري:

السبب الأول: بكل نجاح وتفوق نجح أهل السنة والجماعة ــ بعد انتهاء الخلافة الراشدة في الدولة الإسلامية ــ في تضليل المسلمين وإبعادهم عن القرآن الكريم وقراءة آياته وتدبر كلماته ومفرداته ، ووفروا لهم البديل من أحاديث وخطب تراثية مكررة وتفسيرات مغلوطة للقرآن ما انزل الله بها من سلطان ، وبذلك فلن يستطيع معظم المسلمين قراءة القرآن بدون وجهة نظر مسبقة للتعلم من قصص الأنبياء والعبر والأمثلة التي ضربها الله جل وعلا لنا في القرآن الكريم لكي نستفيد منها ونعتبر ، وفي نفس السياق فلن يتمكن مسلم من استخراج كنوز القرآن في قصة يوسف وغيرها من القصص ليتعلم منها أخلاق النبوة وتواضع الأنبياء في التعامل مع الناس في جميع المواقف اليومية ، وهذا ما وضّحه العمل الدرامي الرائع (يوسف الصديق) حيث أظهر المسلسل بكل حرفية وبساطة عظمة ورقي وتواضع وتسامح شخص النبي يوسف عليه السلام ، كما اظهرت صفات مهمة جدا يجب على كل إنسان أن يتحلى بها ، هذا على المستوى الشخصي للنبي ، ودوره ومسئوليته في أن يكون قدوة حسنة لتصحيح أخلاقيات وسلوكيات قومه والناس من بعده لمن يقرأ ويهتم بقصص الأنبياء ، ولم تحدث أي إهانة من أي نوع لشخص يوسف الصديق ، ولكن حاول المخرج وكاتب المسلسل أن يشرح المواقف الهامة التي تدخل في صلب القصة كما جاءت في القرآن في سورة يوسف.

السبب الثاني: وهو لا يقل أهمية عن السبب الأول لأنه يظهر ويبين ويشرح إلى أي مدى كان حاكم مصر ــ الذي يعبد الأصنام آنــذاك ــ يفكر في المصريين ويهتم بمصالحهم ويحرص على حياتهم ، والدليل أن هذا الحاكم (أَمِـنْ حَـوْتِـبْ) حين رأى في المنام الرؤيا التي ذكرت في سورة يوسف في قوله تعالى (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَاي إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ (44) وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَاِدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49) وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50) قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتْ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ (51) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53) وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)يوسف ــ 43: 55 ، والشاهد من هذه الآيات العظيمة فيما يخص الملك أمرين الأول: اهتمام الملك بالرؤيا والبحث بكل جدية عن المعبرين وكل من يستطيع تفسير هذه الرؤيا ، الثاني : قوله (لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون) ، والموقف هنا يظهر إلى أي مدى يهتم الحاكم بكل تفصيله من تفاصيل حياته ويربطها بمستقبل ومصير شعبه ، وحين يقع في محنة أو يشاهد رؤيا مصيرية كهذه فإنه سرعان ما يفكر في حل ويبحث عمن ينجده ويساعده ، خوفا على الشعب ، بالإضافة إلى أمر هام جدا صاحب هذا الموقف وهو يضرب الكهنوت الديني ــ بكل ألوانه وأشكاله ــ في مقتل حين طلب منهم الحاكم تعبير الرؤيا ففشلوا فشلا واضحا ، وعندما جاء يوسف وفسّر الرؤيا كما علمه ربنا جل وعلا ، انقلب الملك على الكهنوت الديني وحاربهم وطردهم من القصر وكفر بآمون ، وآمن برب يوسف عليه السلام ، وازداد اهتمام الملك بالقضية حين عين يوسف أمينا على مصر وأرضها وشعبها يعلمهم قوانين وقواعد الزراعة والحصاد والتخزين الصحيح للقمح الذي يحفظه من التعفن ، لينقذهم من المشاعة وزمن القحط ، وهذه النقلة وهذا التحول في شخص الملك وفضح الكهنوت الديني يبين إلى أي مدى فساد الكهنوت الديني في البلاد الإسلامية ووقفوهم جميعا موقفا مخزيا من شعوبهم لأنهم يشاكون الحكام الطغاة في ظلم وقهر وقتل وسرقة الفقراء ، ولا يقولون أبدا كلمة حق عند سلطان جائر ، ولهذه الأسباب ثاروا جميعا على هذا المسلسل الذي يفضح الحكام العرب جميعا ويضعهم في منزلة وضيعة أقل من حاكم مصر الذي كان يعبد آمون الصنم ، وكذلك يفضح المسلسل فشل الكهنوت الديني في مساعدة الملك واهتمامهم فقط ببطونهم بينما يعيش معظم المصريين في فقر.

السبب الثالث: (الشورى) الملك يؤمن بالحرية والديمقراطية والشورى في قوله تعالى(يَا أَيُّهَا الْمَلأ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَاي) ، ولا يرى في نفسه فلته من فلتات الزمن وحين يمر بموقف لا يعلم له تفسيرا يستعين بغيره ويبحث عن أي شخص يستطيع فهم وتوضيح ما لا لم يفهمه الملك نفسه ويتضح هذا في لجوئه لساقيه حين عرف منه أنه يعرف من يفسر هذه الرؤيا ، فلم يتكبر ولم يرفض الاستعانة بساقيه حين عرض وجهة نظره(وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَاِدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ)

السبب الرابع: الحاكم المصري (أَمِـنْ حَـوْتِـبْ) جعل مصلحة مصر وشعبها فوق كل شيء ، وعندما أخبره الخادم أن هناك سجين يستطيع تعبير الرؤيا لم يرفض وأمر بإحضاره من السجن لسماع وجهة نظره وتعبيره وتفسيره للرؤيا، ولا يجب ان نغفل اعتراف زوجة عزيز مصر بذنبها أمام الجميع لتبرئة يوسف عليه السلام ، وكذلك لا يجب أن نغفل اهتمام الملك بأمور مصر وشعبها وإيجاد حل سريع ومنطقي وعقلي لرؤياه ، وتناسى أن من ساعده في هذا الحل جاء من السجن وجعل مصلحة البلاد والعباد هي العليا والأولى ، ولكن الكهنوت الديني في مصر قبل وبعد الثورة دائما ما يتهمون علماء مصر المغتربين والمهجرين بالعملاء لصالح مبارك المخلوع ، وحرمانهم من تقلد المناصب الهامة في مصر لأن جريمتهم الوحيدة أنهم هاجروا بحثا عن العلم من أجل مصر وشعبها لكن الطاغية مبارك حرمهم جميعا من ممارسة حقهم الطبيعي في خدمة وطنهم ورد الجميل لأهاليهم بعلمهم وجهادهم السلمي في تحصيل هذا العلم ، فهل بعد الثورة سيستمر الكهنوت الديني في تشويه صورة العلماء والمهجرين والمغتربين لحرمانهم من خدمة وطنهم.؟.

أخيرا:

طبيعي جدا أن يدور في عقول البعض أن يوسف عليه السلام نبي ، وما حدث في قصته بكل مراحلها من الحتميات التي قدرها ربنا جل وعلا ، لكن لا ننسى أننا كبشر فرض علينا أن نقرأ هذا القصص القرآني ونتدبر كل ما فيه لنتعظ ونعتبر ونتعلم ونستفيد وهذا ما أخاف وأرهب الطغاة والكهنوت الديني في هذه الأيام ، الذين يعتقدون في أنفسهم أنهم مفوضون من عند الله لنشر الإسلام ، فهم يساعدون الطغاة ضد الفقراء والمعدومين ولا يهمهم إلا إرضاء الحاكم والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه التحدث عن الحاكم ونقده وإظهار جرائمه وجرائم بعض نفر من حاشيته ، وإليكم مثالا توضيحيا حدث معي شخصيا:

في شهر سبتمبر من عام 2007م كتبت مقالا انتقد فيه عمليات تصدير الغاز والحديد والإسمنت لإسرائيل المقال بعنوان (تعليقا على سفر الشباب لإسرائيل) على هذا الرابط

http://ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=2412

في شهر يوليو من عام 2008م وبأمر من شيخ الأزهر تم استدعائي للتحقيق معي عن طريق مكتب شيخ الأزهر شخصيا ، بتهمة الكتابة والنشر على الانترنت ، وتم تهديدي أثناء التحقيق لكي اتوقف عن الكتابة نهائيا ، فلم استجب ولم أتوقف ، فتم اعتقالي في شهر أكتوبر من نفس العام 2008م ، وهذه قصة واقعية تم خلالها تحضيري للاعتقال عن طريق تمثيلية هزلية شارك فيها شيخ الأزهر نفسه ليسول لجهاز أمن مبارك أن يعتقلني ويعذبني وووووو بتهمة ازدراء الدين الإسلامي.

هذا ما أقصده أن الثورة على العمل الدرامي وتجسيد شخصيات الأنبياء له أهداف سياسية واضحة ، بالإضافة إلى أن معظم المسلمين يقدسون الأنبياء وخصوصا خاتم النبيين ، كما يقدسون الصحابة ويرفعونهم فوق مستوى البشر لدرجة أن شيخ الأزهر قالها صراحة أن احترام الصحابة هو الركن السادس من أركان الإسلام ، إلا أنني أرى أن رفض هؤلاء لتجسيد الأنبياء في الدراما هو سبب سياسي مقصود خوفا من فضح ظلم الطغاة وفضح الكهنوت الديني وتفتيح عقول الشعوب على عبر ومعان عظيمة في قصص الأنبياء ، وفضح حقيقة هؤلاء في أنهم يشاركون الطغاة في الظلم والقهر والاستعباد وسرقة البلاد وأموال العباد.