الاثنين، 20 أكتوبر 2008

معني الإرهاب



معني الإرهاب

الإرهاب كلمة ذات مفهوم واسع ، فهي تعني عند الكثيرين مجرد قيام شخص بقتل شخص أخر مسالم مستخدما إحدى الأسلحة النارية ، أوالمتفجرات مثل الحزام الناسف أو القنابل اليدوية ، أو قيام شخص بإزهاق الأنفس البريئة دون ذنب لمجرد أنه اقتنع واستقرت في قرارة نفسه أن هذا الشخص أو هؤلاء يستحقون القتل ، وهذا الشخص يجب أن نطلق عليه إرهابي فوراً ، وبكل صدق وصراحة أقولها أن أي إنسان يقوم بقتل إنسان بريء مسالم لم يعتد عليه و دون وجه حق فهو إرهابي ، بالإضافة إلى أنه كمن قتل الناس جميعا كما قال رب العزة جل وعلا في محكم كتابه في سورة المائدة آية رقم (32) يقول تعالى (
مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ).
وهذا النوع من أنواع الإرهاب (إرهاب القتل المباشر)هو أكثرها خطورة على أي مجتمع ، حيث يلجأ الإرهابي للقتل بديلا عن الحوار ، يفضل التخلص من منافسيه أو من يراهم أعدائه أو من يختلف معهم بأن يقتلهم ، ويريح نفسه من عناء طويل قد لا يقدر عليه.

لكن هناك إرهاب من نوع أخر يختلف في تأثيره المباشر على من يتم إرهابهم من البشر ، ولكنه من الممكن أن يؤدي لنفس النتيجة (قتل المنافس أو الخصم) أو الشخص الذي يختلف في أي قضية مع هذا الإرهابي القاتل أو من قام بإعطائه التصريح بالقتل ، ومن فتح له الباب على مصراعيه وأعطاءه الأمل أنه لو قتل س أو ص من الناس سيكون مصيره حتما إلى الجنة والحور العين في انتظاره ، وهذا النوع من الإرهاب يقوم على محورين أحدهما هو التكفير وإباحة الدم والاتهام بالردة ، ويتم ذلك من علماء أو قادة متخصصون في توصيف مخالفيهم وتصنيفهم ووضعهم أمام مدفع الشباب الذي تم غسل عقولهم ووضعهم في وضع استعداد دائم لكي يكونوا مؤهلين لتنفيذ أوامر القادة في شخص ما بتصفيته والخلاص منه ، وحدث هذا فعلا في مصر عام 1991م عندما قتل الدكتور فرج فودة على أيدي جماعة الأخوان ، والسبب أنهم كانوا يختلفون معه في وجهة نظر ما ، وأفتى أحدهم بأنه مرتد وكافر، ولا أعتقد أن يكون هناك أي خلاف بين الأخوان والدكتور فرج فودة غير ذلك على الإطلاق ، وليس منا ببعيد ما قاله الشيخ العلامة يوسف القرضاوي عن القرآنيين ، وعن كل من ينكرالسنة ، وهو بذلك يجدد نفس الفكر ويتقدم كثيرا إلى الوارء بمعظم شباب الأمة الإسلامية ، ويجعلهم جميعا يختصرون طريق الألف ميل لخطوتين فقط الأولى تكفير الأخر و الثانية قتله والخلاص منه، ولا عزاء للمفكرين.

إذن نحن أمام نوعين من الإرهاب كل منهما يؤدي للقتل في النهاية الأول القتل المباشر ، والثاني القتل الغير مباشر بعد التحريض من القادة ، ويقوم الشباب الطائش بتنفيذ الأوامر معتقداً أنه يجاهد في سبيل الله ، وأن الحور العين في انتظاره بعد دخوله جنات النعيم.

لكن هناك نوع ثالث من الإرهاب جديد قد حدث معي أنا شخصياً ، ولكنني أراه أقل هذه الأنواع ضرراً ، لأنه عبارة عن أحقاد وضغائن داخلية يظهرها أصحابها من المتعصبين والمتطرفين في أمور تفضحهم وتكشف جهلهم وبعدهم التام عن كتاب الله جل وعلا ، وعدم فهمهم لمعنى الإسلام الحقيقي الذي يفرض علينا كمسلمين أن نعيش ونتعايش في سلام مع كل إنسان لا يعتد علينا ، ولكن هؤلاء يؤمنون ويطبقون أحاديث كاذبة تتماشي مع أهوائهم وهي حديث (من بدل دينه فاقتلوه ) وحديث أخر كاذب يقول ( لا يحل دم امريء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا أحد ثلاثة ، وأخرها التارك لدينة المفارق للجماعة) ، فهؤلاء الشباب الغلابة المضحوك عليهم قبل الأكل وبعده ، يقومون بالآتي ، يتفقون فيما بينهم بعدم إفشاء السلام عليَّ في أي مكان نتقابل فيه ، أو في أي وقت يمرون عليَّ وأنا جالس أمام بيتي ، ولكي أكشف لهم ضعفهم وأثبت لهم جميعاً أنهم يتبعون تعليمات قادتهم وكبرائهم دون عقل أو وعي ، ذهبت ذات يوم ألعب معهم (الكرة الطائرة) ، فسمحوا لي على مضض أن ألعب معهم يومين لا ثالث لهما ، وبعد ذلك وبقدرة قادر أصدروا منشورا رسميا داخل الملعب بأنهم لن يسمحوا لي باللعب معهم ، لأنني وصفتهم بالمتطرفين ، وبالطبع فضلت أن ابتعد عنهم وعن تعصبهم ، وذهبت لملعب كرة القدم أمارس هوايتي الرئيسية ، ولكن ما يعنيني في هذا الأمر أن هؤلاء الشباب الغلابة المضحوك عليهم جميعا امتنعوا عن إفشاء السلام عليَّ في وقت واحد ، وهذا يدل على أن هناك من يعطيهم الأوامر ، ومن ينسق لهم ويخطط لهم.
وهم لا حول لهم ولا قوة ينفذون وكأن القادة الذين يتبعونهم يوحى إليهم من السماء.

وما أطلبه هنا في هذا المقال شيء غاية في الأهمية وفي الخطورة على مستقبل مصر ، لأن هؤلاء الشباب الذين دخلوا غياهب هذه الجماعات عن جهل بعد سن العشرين أو أكثر ، ولم يمر على ذلك أكثر من ثلاث أو أربع سنوات أرى أنهم لديهم الاستعداد للتحول إلى النوع الأكبر من الإرهاب وهو القتل ، فمن يسمح لنفسه أن يحاسب الناس في الدنيا ، ويقول لمن يختلف معه (ليس بعد الكفر ذنب) ، فهو لديه الاستعداد لفعل أي شيء ضد أي إنسان يختلف معه أو يفارق الجماعة على حد زعمهم ، وما أطلبه هنا أن يقوم المسئولون عن التعليم في مصر بإصدار سلسلة كتب مدرسية يتم تدريسها على طلاب المراحل الثلاث الإبتدائية والإعدادية والثانوية توضح تاريخ وأفكار وثقافة هذه الجماعات ، حتى يتعلم أطفالنا كيف يفكرون ، وقبل أن يقعوا ضحية في يد هؤلاء ، ومن خلال هذه التوعية سيكون هناك نوع من التوازن بين النشاط الرهيب لهذه الجماعات وهذا الفكر المتطرف الذي يغزو البيوت في الفضائيات وإغراق الأسواق بالشرائط والكتب والكتيبات ، هذه مهمة ليست بالسهلة ، على وزير التلعيم أن يفكر في هذا الأمر ، لأن العواقب ستكون وخيمة ، والسؤال هنا هل باستطاعة المسئولين عن التعليم في مصر التحرك نحو هذه الخطوة التنويرية الإصلاحية لشباب الحاضر والمستقبل؟.

إن كشف حقيقة هذه الجماعة أمراً يحتاج عملا جاداً يبدأ مع الطلاب في سن الطفولة يخطوا بهم خطوات متتتالية نحو التنوير ليعبروا سن المراهقة الذي يكون فيه الخطر الأكبر على الإنسان ، يكون فيه الشاب في مفترق طرق ويريد إثبات ذاته كما يحب أن يكون له دور واضح في شيء ما ، أما ما يقوم به التليفزيون المصري في قنواته الأرضية من وصفه لجماعة الإخوان من وقت لآخر بأنها جماعة محظورة ، وتناول كل من الشيخ على جمعه مفتى الديار المصرية والدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف في حديثهم على استحياء أن الإسلام لم يختزل في لحية أو جلباب أونقاب فهذه الأمور ستجعل من هؤلاء المتطرفون أبطالا في أعين البسطاء المخدوعين من الناس ، ولكن حينما يأخذ هؤلاء المسئولون الأمر بجدية ويقومون بعمل سلسلة كتب حقيقية تدرس في المدارس كما أشرت سابقاً أعتقد أن هذا الأمر سيكون له أعظم الأثر في توعية الناس وفي خلق جيل جديد لا ينخدع بهؤلاء بهذه السهولة ، لأن كل بيت سيكون فيه كتاب أو أكثر يكشف ويفضح حقيقة هذه الجماعات التي استغلت دين الله في خداع البسطاء من الناس والركوب على ظهورهم لهدف واحد لا ثاني له ، هو الوصول للسلطة وإقامة دولة الخلافة الإسلامية التي يحلمون بها.

الاثنين، 13 أكتوبر 2008

لماذا هاجم الشيخ القرضاوي التشيع بهذه الشراسة..؟؟


أولا: لا يمكن أن أتهم الشيخ القرضاوي بسبب موقفه الراهن من التشيع ومن تكفيره لكل من ينكر السنة ، وتكفيره الصريح للقرآنيين بأنه يعمل لحساب أنظمة سياسية بعينها ، والسبب أنني لا املك دليلا قاطعاً ضده في هذا المضمار ، وعلى الرغم أن هجومه الواضح الشرس على التشيع ، وتكفيره للقرآنيين يحمل بين جنباته مصالح سياسية واضحة.
لكن ما سوف أتحدث عنه وبكل ثقة وطمأنينة هو توجيه النقد وتوضيح التناقض في كلام الشيخ القرضاوي ، الكلام الذي يقوله بلسانه وبكامل إرادته أمام العالم أجمع.


قبل أن أتحدث عن أسباب هذا الهجوم الشرس من الشيخ القرضاوي على الشيعة والتشيع في الأيام الماضية ، أقول دائما ما ينجح هذا الشيخ في أن يثبت لكل صاحب عقل أنه يقول ما لا يفعل ويفعل عكس ما يقول ، فبينما ينادي بحرية الفكر وحرية المذهب وحرية المعقتد ، يهاجم الشيعة اليوم أشد الهجوم لدرجة وصلت للتلاسن بألفاظ لا تليق بشخصية مثل الشيخ القرضاوي ، ولأن ما يقوله عن حرية الفكر والمعتقد أمرا ليس متأصلا في فكره ومنهجه في فهم الإسلام ، وفي طريقته للدعوة إلى الدين الإسلامي ، فإنه كلما سنحت له الفرصة للظهور بمظهر دعاة التنوير والإصلاح والحرية لم يضيع الفرصة على نفسه ، فيأخذ اجتهادات وأفكار وعصارة عقول من يتهمهم بالكفر علناً وينسبها لنفسه على الفضائيات و في مؤتمرات حوار الأديان ليثبت لهم أنه أصبح من دعاة الإصلاح والتنوير وحرية الفكر والمعتقد ، وأنه قد ندم على كل كلمة قد مدح فيها بن لادن وأعوانه ، وأنه قد انسلخ من جماعة الأخوان في مصر ولم تربطه بهم أية صلة ، ولأن معظم مستمعي ومشاهدي الشيخ القرضاوي من الطيبين ، أو ممن يعيشون في مراحل فكرية بدائية عند تلقي هذا الكلام يصدقون مثل هذا الكلام المعسول ، ويعتبرون الشيخ القرضاوي من أشهر عشرة رجال أو علماء أو دعاة في العالم ، وهو في الحقيقة يناقض نفسه بنفسه ولا يحتاج لمن يناقشه أو يناظره فبينما يحاول إثبات أنه من دعاة التنوير والإصلاح وحرية الفكر والمعتقد ، يناقض نفسه اليوم ويكفر كل من لا يؤمن بالأحاديث ، ويكفر القرآنيون صراحة ، وبينما يحاول إظهار انسلاخه من جماعة الأخوان في مصر يقع في فخ الدعوة لدولة الخلافة في أخر حلقة من برنامجة الشريعة والحياة الذي يساعد بدوره في أدلجة الدول الإسلامية حسب الطلب السعودي الوهابي ، وبالطبع لا يستطيع أي إنسان يقدس الشيخ القرضاوي إيجاد هذا التناقض الواضح في كلامه من آن لأخر ، لأن معظم المسلمين يعتبرونه ما ينطق عن الهوى ، وكل كلامه مصدق بل واجب التصديق .


أقول هذه المقدمة لأن الشيخ القرضاوي الذي يهاجم الدولة الإيرانية هذه الأيام لأنه يظن أنها تريد نشر التشيع في مصر والمنطقة العربية لأسباب يراها سياسية من وجهة نظره ، فهو بنفسه قد ساعد ولا زال يساعد جماعة الأخوان في نشر فكرهم للوصول للحكم ، وأكد هذا كما قلت في اخر حلقة من برنامجه الشريعة والحياة حيث دعا للدولة الدينية أو دولة الخلافة وأعتبرها حلم المسلمين ، وأقول للشيخ القرضاوي لماذا كل هذا الهلع على نشر التشيع .؟ لو أن لديك ثقة في مان يتبعونك و من يتبعون مذهب أهل السنة والجماعة ، وأن مذهب أهل السنة يتمتع بقوة وحصانة ضد أي هجوم فكري طائفي من أي نوع ، وأن هذا المذهب(مذهب أهل السنة والجماعة) هو من الصعوبة بمكان أن يتأثر بأي موجة فكرية كبرت أو صغرت ، وأن هذا المذهب راسخ في عقول وقلوب متبعيه ، فلماذا كل هذا الهلع وهذا الهجوم الشرس على التشيع من ناحية ، وتكفير القرآنيين من ناحية أخرى.؟ ، لو أنكم أصحاب مذهب قوي متين رصين ثابت لتركتم الباب مفتوح أمام كل الأفكار وكل المذاهب ، وكل إنسان من حقه اعتناق ما يشاء ، لأن المولى عز وجل أباح للإنسان هذا ، ومن حق الإنسان الايمان والكفر ، وهذه قمة الحرية من رب العالمين ، فلماذا تحاربون حرية التشيع أو التسنن أو أو .... وتعتبرون من يخالفكم في المذهب كافر وخارج عن الملة ويجب قتله ، هل تؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ..؟؟.


ونأت لأمر هام وهو ما أشرنا إليه في عنوان المقال ، وهو الهجوم الشرس على التشيع هذه المرة ، اتضح لي من خلال تصفح مواقع الشبكة العنكبوتية أن هلع الشيخ القرضاوي هذه المرة أن نجله قد تشيع ضمن المتأثرين بحملة التشيع التي نسمع عنها ويروج لها الشيخ القرضاوي دون قصد ، ويساعد الكثير من المسلمين في البحث والقراءة عن التشيع ، لمعرفته على حقيقته ، فمنذ أن عرف الشيخ أن ابنه قد تأثر بهذه الحركة ، وأنه على وشك أن يتشيع هاجت أعصابه وبدأ يهاجم هجوما عنيفاً لدرجة جعلته يقول كلاماً يناقض كلامه في المؤتمرات والندوات والحلقات عن الحريات.


وبكل صراحة هجوم الشيخ القرضاوي على التشيع هذه المرة يستحق أن يضحي بكل كلمة قالها من قبل عن حرية الفكر والمعتقد ، لأن من تأثر بالتشيع هذه المرة هو نجله ، الذي يجب أن يكون أول من يتبع منهج وفكر أبيه ، وبهذه الطريقة سيظهر ضعف منهج الشيخ القرضاوي لأنه لم يكن مقنعا مع أقرب الناس إليه ، وبالطبع سوف يقفز الكثير من نسانيس الشبكة العنكبوية لتكذيب خبر تشيع نجل القرضاوي ، والرد عليهم أسهل ما يكون ، أقول لهم يا أصحاب العقول المستنيرة كل ما يخص هذا الكلام منشور وموجود وسيظل موجود على شبكة الإنترنت ، وأنتم بهذه العقول الحاضرة المستنيرة الواعية صدقتم ما كتبه البخاري دون سؤال من أين جاء بهذا الكلام..؟.

وخلاصة القول : بمجرد أن علم القرضاوي بأن هناك شبة تشيع نجله قام بهذه الحملة الشرسة ضد الشيعة والتشيع ، رغم كلامه الجمل المعسول عن التسامح وحرية المعتقد وحرية المذهب.

ويجد على هذا الرابط أخبار تشيع نجل الشيخ القرضاوي ..


http://www.alarabiya.tv/articles/2008/10/07/57850.html?PHPSESSID=6u77l7a51bd3ea2ifdgr4akif5

السبت، 4 أكتوبر 2008

ماذا تعني .... لقد مات موتة حسنة..!!!

ماذا تعني .... لقد مات موتة حسنة..!!!


بسم الله الرحمن الرحيم


يقول جل وعلا (تبارك الذي بيده الملك وهو عل كل شيء قديرـ الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور) الملك 2،1.


هذه الآيات توضح سبب خلق الإنسان ، وسبب حياته ، وأن الإنسان ما خلق إلا ليعبد الله (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) ، للإختبار أثناء حياته وتواجده في هذه الدنيا كما توضح آية 2 من سورة الملك وقد ينجح أو يرسب أي إنسان في اختبار الدنيا ، إذن يحكم الله جل وعلا على كل إنسان من حيث الصلاح أو الفساد من خلال أعماله التي قام بها بإرادته في اختبار الدنيا ، ودون أن يجبره أحد عليها ، ولذلك سيحاسب كل إنسان عن كل ذرة أو مثقال ذرة يعملها في دنياه من خير أو شر ، وهذا قمة العدل من رب العباد أن يكون الجزاء من جنس العمل ، أو يكون الحساب على ما يقوم به الإنسان نفسه من أعمال خير أو شر ، (كل نفس بما كسبت رهينة) .


وهذه البداية أريد من خلالها الدخول لأمر خطير يسيطر على عقائد معظم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، وهو اختراعهم طقوسا عند الموت ثم جعلوا منها حكما أساسيا في تحديد صلاح أو فساد بعض الناس ، بمعنى أوضح ، أصبح الموت في حادث طريق أو في حريق أو مشاجرة عقب مباراة كرة قدم ( شهادة ) صريحة يعترف بها الجميع ، وأصبح الموت في السفر دون الأهل والأصحاب ، والموت بسبب عملية جراحية أو داء في البطن (شهادة) ، وهذا فيما يخص سبب الموت ، وهناك طريقة أخرى يحكم من خلالها الناس على صلاح الميت ، وهي إذا رأوا وجهه أبيض أو أحمر أو كما يقولون وجهه مدور ومنور ، أو كما يقولون بالعامية المصرية (كانت ختمتة عسل) ، أنتشرت هذه الثقافة بين الناس على كافة المستويات الفقراء والأغنياء ، المتعلمون والمثقفون والجهلاء ، وباختصار من يموت بإحدى هذه الطرق يقال عنه أنه مات موتة حسنة ،و بالعامية (مات موتة حلوة) أو( مات موتة كويسة) أو (مات شهيد ) والله مات شهيد ، ومن إحدى هذه الخرافات أيضا جعل سرعة سير النعش (ما يحمل فيه جثمان الميت) مقياسأ أخر على صلاحه ، حيث يقول الناس إن نعش فلان كان يسير بسرعة ،أو كان طاير طيران ، وعلى الرغم أن هذا الميت وهذه الجثة يحملها أربعة أشخاص يتحكمون فيها كيف يشاؤون ، وهو من يحددون سرعة أو بطيء السير ، ولكن رغم هذا يقولون إن فلان كان يسير بسرعة أو طاير طيران ، معتقدين أنه هذا من أسباب الصلاح.


ومن الأمثلة التي شاهدتها بأم عيني : كنت ضمن المشيعين لإحدى الجنازات ، وكان سبب الوفاة موت شاب في سن الأربعين في حادث سيارة على الطريق ، وعندما وصلت الجثة إلى بيت الميت قامت النساء كالعادة بالصراخ والعويل ولطم الخدود ، ولكي يسكتوا هذا الفيضان من البكاء واللطم وشق الجيوب قال لهم أحد الحضور لقد مات شهيدا ، والله العظيم مات شهيد ، دي موتة حلوة والله العظيم موتة حلوة حد طايل يموت موتة زي دي .


وفي مرة أخرى خرج علينا المـُغـَسـِّل بعد أن قام بغسل الميت قائلاً إن جثته كانت ناصعة البياض ، ووجهه شديد البياض و منور وختمته زي الفل ، وشهد له بالصلاح لهذه الأسباب الجسدية التي لا علاقة لها بصلاح أو فساد العمل.


وانتشرت هذه الثقافة بين معظم المسلمين ثقافة لقد مات موتة حسنة أو مات موتة حلوة أو مات موتة كويسة ، لدرجة جعلت بعض الناس يدعون ربهم أن يميتهم مثل هذه الموتة ، وكأنها أصحبت سبيلا للنجاة في الآخرة وتناسوا آيات القرآن الكريم التي تدعو لعبادة الله بلا شريك والإيمان بقرآنه الكريم ، و الإكثار من العمل الصالح قدر ما يستطيع الإنسان لكي ينأى بنفسه من عذاب النار التي لا يدخلها إلا من ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، ويعتقدون أنهم سيدخلون الجنة بمجرد أن أحدهم مات بعيدا عن أهله أو بيته أو مات بوجع في بطنه أو مات أبيض الوجه ، وتناسوا أيضاً أن الجنة لا يدخلها إلا من أمن بالله وعمل صالحا ، فهذه إحدى صور التدين السطحي الذي يضر المجتمع ، ويجعل أفراده يبحثون عن أوهام ليس لها أي وجود في دين الله ، ويستغنون بهذه الأوهام عن العبادة الخالصة لله جل وعلا ، كما يبتعدون كل البعد عن العمل الصالح الذي ينفعهم و ينفع الناس.