الاثنين، 8 ديسمبر 2014

الخلط البـيّـن بين (الـديـن) و (الفـن والثقافة والتـديـن) ..!!



الخلط البـيّـن بين (الـديـن)  و (الفـن والثقافة والتـديـن) ..!!

قرات مقالات بالصدفة في جريدة صوت الأزهـر ، استفز داخلي فكرة رائعة وجديدة للرد على من يقدسون التراث والحديث..
إليكم المقال وبعده رد وتعليق ...
" يأخذني المشهد إلى هناك لأراني محرراً في بداية مشوراي الصحفي بأخبار اليوم وحدث أن عرض التليفزيون مسلسل  (العائلة) ، في شهر رمضان حيث ترتفع نسبة المشاهدة ، ومرت مشاهد المسلسل مرور الكرام إلا مشهدا أقام الدنيا ولم يقعدها ، لدرجة أن وزير الإعلام (صفوت الشريف) وقتها طلب شخصيا منا ان ننظم في الصحيفة ندوة يحضرها نجوم المسلسل لاستعراض حلقاته ومشاهده ، خاصة المشهد (المكهرب) " يعني أيه عذاب قبر ، هو فيه حاجة اسمها عذاب قبر .؟" تلك الكلمات جاءت على لسان نجم المسلسل الفنان (........) وكانت كافية لتفجير قنبلة من الغضب الشعبي ، وجاء الفنان "إياه" الندوة بضغط من وزير الإعلام المصري ، فالمعروف أنه لا يحب الظهور في وسائل الإعلام ، وبدأت النقاشات ، كل أدلى بدلوه ، لكن ارتفع ضغطى عندما قال الفنان (.....) "حكاية عذاب القبر لم تكن ضمن حوار المسلسل هذا كلام من عندي هو فيه صحيح عذاب قبر " ، ورأيتني امسك بورقة واكتب سؤالا له ، وأعطى الورقة لمدير تحرير الصحيفة الناقد الفني الراحل أحمد صالح ، فقراها ثم ابتسم ووضعها في جيبه ، ولأنه كان رئيسي في العمل وأستاذي سكت وبعد الندوة سالته عن سر عدم توجيه السؤال ، فقال " فلان الفلاني ، الفنان المعجزة لا يفيق تقريبا من الخمر ...!
كان سؤالي لنجم المسلسل "إذا كنت لا تدري أن هناك عذاب قبر فتلك مصيبة وإن كنت تدري وتستغرب ذلك في وسيلة جماهيرية فالمصيبة أعظم ، مرت سنوات طويلة رحل معظم من حضر الندوة عن دنيانا ، فما الذي أيقظ المشهد من سباته العميق بداخلي .؟! ربما يكون السبب الحملة الشرسة التي يشنها البعض حاليا لإنتاج أفلام سينمائية يظهر فيها الأنبياء صراحة دون رمزية ويبررون ذلك بحرية الإبداع وأن هذا الظهور في صالح الأديان وليس ضدها.
هذه المرة لن امسك بورقة وأكتب فيها علامة استفهام حائرة وأدسها في يد مدير تحرير ، ولكن سأطلق استفهاماتي في وجه هؤلاء بلا مواربة ، المفروض أن يكون أي ممثل قد عايش الشخصية التي سيؤديها معايشة كاملة ، بكل تفاصيل حياتها ، أو على الأقل يستعين بشخصية مرت بنفس التجربة التي سيقدمها على الشاشة ..
والسؤال : من في الدنيا عايش لحظة نزول الوحي عليه إلا الأنبياء ، فكيف سيتم تجسيد هذه اللحظات لينقل شعور " النبي لنا ".؟ هل من المنطق أن يجسد الممثل شخصية سكير في فيلم ، ثم نراه نبياً في فيلم آخر..؟
عاتبت الفنان نور الشريف الذي جسد شخصية عمر بن عبدالعزيز خامس الخلفاء الراشدين في مسلسل وفي نفس توقيت عرض المسلسل قدم فيلما سينمائيا لعب فيه دور زئر نساء ... وأبدى ندمه على ذلك فما رأيكم .؟ ألا يخدش تقديم ممثل لشخصية نبي قدسية هذه الشخصية وصورتها النقية في أذهان اتباعه..؟
ألستم معى أن المشاهد تترسخ في ذاكرته صورة الممثل وليست صورة من يجسد شخصيته ، وهذا ما حدث في فيلم "بلال مؤذن الرسول" ..؟
ألا تتفقون أن التطرف يغذيه أحيانا ويصنعه من يخرجون على قيم المجتمع ويخرجون ألسنتهم لبعض ثوابته .؟!  ..... انتهى المقال ...
 وهو منشور في جريدة صوت الأزهـــر في العدد 792 بتاريخ 28 نوفمبر 2014 ، في الصفحة الأخيرة بعنوان (أنبياء على الشاشة) للكاتب الصحفي / محمد الحافي ...
الرد والتعليق على المقال
**********************
بداية يجب أن أشكر الكاتب الصحفي / محمد الحافي ــ على هذا المقال الذي منحني فرصة وفكرة رائعة لكي أبدع وأستخرج أدلة جديدة تدين كل من يقدس بشرا مع الله جل وعلا ، وتثبت أن كل من يقدسون التراث يتناقضون مع انفسهم فيخلطون الدين الإلهي بالتدين والثقافة والفن والعمل البشري ، فتوارثوا تقديس البشر ، وتقديس اقوالهم وأفعالهم البشرية ، وكذلك توارثوا الخلط بين الدين وبين ثقافة المجتمع الدينية وسلوكياته وفنـّه وأفعاله الاجتماعية اليومية التي تتغير بتغير الوقت والظروف بينما يظل الدين ثابت لا يتغير مهما اختلف المكان او الزمان ...
ــ لن أوجه تهمة للكاتب بأنه يحاول في هذا المقال في جزئه الأول أن يظهر الوزير (صفوت الشريف) أنه كان يدافع عن عذاب القبر أحد ثوابت الأمة والدين ، ويبين الكاتب إصرار الوزير أن يعقد ندوة لمناقشة الخطأ الفادح في معلوم من الدين بالضرورة ، لدرجة انه ضغط على الممثل الذي وجه إساءة لعذاب القبر..
ــ من ناحية أخرى حين يصف الكاتب أن هذا المشهد (مكهرب) فهذه مبالغة كبيرة جدا لأن مسلسل العائلة حسب علمى كان يعرض في التسعينات ، وهذا يتزامن مع نشر كتاب كامل بعنوان (أكذوبة عذاب القبر والثعبان الأقرع) لـ د / أحمد صبحي منصور المفكر والأستاذ الأزهري..
ــ الكاتب يعتبر جهل أي إنسان بموضوع عذاب القبر مصيبة ، لماذا لا اعلم .؟ على الرغم أن ملايين المسلمين حتى الآن لا يستطيعون قراءة أو تدبر آية واحدة من القرآن ، ألا تعتبر هذه أكبر المصائب ..!!!! لأنها ترتبط بإهمال امر إلهى لكل مسلم تجاه الرسالة الخاتمة ، ورغم ذلك لم يتكهرب الجو في بلاد المسلمين بسبب هذه المصيبة ، ولم نسمع أن كل مسلم أخذ مجموعة من أقاربه وجيرانه يعلمهم دراسة وتدبر القرآن تنفيذا لمر الله جل وعلا..
ــ يشن الكاتب هجوما ضاريا ويطلق علامات استفهام في وجه كل من يحاول تجسيد شخصيات الأنبياء في الدراما صراحة دون رمزية ، ويقول ان المفروض على أي ممثل يقوم بتمثيل شخصية معينة سيؤديها لابد ان يعايش هذه الشخصية معايشة كاملة بكل تفاصيل حياتها ، او يستعين بشخصية مرت بنفس التجربة التي سيقدمها .. ، وهنا مربط الفرس ..
هنا الخلط البيّـن بين الثقافة والفن والابداع أو حتى التدين (فهم وتطبيق البشر للدين) ، وبين دين الله جل وعلا ، معلوم أنه لم يحدث ولن يحدث أن أي فنان او ممثل بعد تجسيده لشخصية صحابي او نبي سيخرج علينا قائلا أن هذا العمل الدرامي أصبح دينا يجب تقديسه والعمل به واعتباره معلوما من الدين بالضرورة ، ويجب التعامل معه كأنه نصا دينيا مقدسا ... اعتقد لم ولن يحدث هذا أبدا مع أي عمل فنى ...
ورغم ذلك يريد الكاتب من هذا الممثل او ذاك أن يعايش الشخصية التي سيؤديها لحظة بلحظة أو على الأقل يستعين بشخصية مرت بنفس التجربة.. وأكرر رغم ان ما سيقدمه الممثل هو عمل درامي تمثيلي لا علاقة له بدين أو تدين أصلا وسينسب في النهاية لإحدى الوزارات التي لا تمثل الدين..
والسؤال الخطير هنا : لماذا إلى الآن لم يسأل الكاتب نفسه كيف يقدس المسلمون البخاري وأحاديثه ، رغم أنه وُلدَ بعد وفاة النبي بحوالي قرنين من الزمان دون أن يعايش النبي لحظة واحدة ودون ان يعايش أي شخصية من الذين عاشوا مع النبي لحظة واحدة ، ورغم ذلك كتب البخاري كتابا أصبح الآن أصح كتاب بعد القرآن الكريم (حسب زعم من يقدسون البخاري) ، أليس من العجيب والغريب أن تطالب حضرتك الممثل الذي يؤدي عملا فنيا لا يفرضه على الناس كدين ، بل بالعكس يحاول الممثل اختيار أفضل وأبهى صياغة في كتابة العمل الدرامي كما حدث في مسلسل يوسف الصديق حيث ظهرت شخصية يوسف تتميز بالصدق والأمانة والمودة والتسامح والعدل والعفو والصفح والعقل الواعي المتفتح والقائد الناجح ووووو إلخ).. ورغم ذلك عُـرضَ المسلسل وانتهى وهو مجرد عمل درامي جميل وليس دينا ..
لكن على النقيض نجد أكبر و أشهر أئمة الحديث الذين لم يعاصروا النبي ولم يعايشوه لحظة واحدة كتبوا عنه روايات ملفقة بالآلاف ، وتجرأوا ودخلوا حجرة نومه مع نسائه ووصفوا علاقاته الزوجيه بالتفصيل ، وكيف كان يغتسل ، وكيف كان يجامع زوجاته بغسل واحد وكيف أُعطىَ قوة أربعين رجلا في الجماع ، وكيف كانت السيدة عائشة تعلم الشباب كيف كان يغتسل رسول الله ، واتهام الرسول بأنه كان يدخل بيوت النساء دون وجود أزواجهم ، من الذي عايش هذه الأفعال اليومية لحظة بلحظة وظلّ حيا إلى أن رآه البخاري أو مسلم وغيرهم وأخذوا منه هذه الأفعال والأقوال ودونوها وأصبحت دينا مقدسا عند معظم المسلمين ..؟؟!! ، البخارى يكتب احاديثه عن فلان عن فلان عن فلان عن فلان ، وبكل أسف لم يرى أحدا من الذين كتب عنهم لأنهم ماتوا قبل مائتي عام على الأقل ...
ألا يحتاج هذا السؤال إلى رد ..؟؟!!
 إن هذه المغالطات الكثيرة والخطيرة تسببت في أن معظم المسلمين أكثر الناس إساءة لدينهم.
لأنهم لم يتعلموا كمسلمين أن يفرقوا بين الإسلام كدين إلهى نزل محفوظا في القرآن الكريم بقدرة الله جل وعلا ، وبين تدين المسلمين وفهمهم وتطبيقهم لهذا القرآن ، الدين الإسلامي هو القرآن وحده ، أما ما فعله المسلمون في الماضي والحاضر ، وما كتبه واجتهد فيه المسلمون في الماضي والحاضر من فقه وتشريع ديني فهو تدين وثقافة وتراث ديني ينسب للمسلمين وحدهم ، ولا يجوز أبدا أن نعتبر ما فعله المسلمون في أي زمان او مكان جزء من الدين ، ولا يجوز الادعاء بأن فلان أو علان يمثل الإسلام أو شيخ الإسلام أو سيف الإسلام أو حجة الإسلام ، فكل هؤلاء بشر يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق يصيبون ويخطئون يتبولون وسيموتون وتحلل أجسادهم وسيأكلها الدود ، وحرصا على هذا الدين يجب ان نفصل بين أقوالهم وأفعالهم بأن ننسبها إليهم صراحة ، وبين دين الله جل وعلا ، بحيث يكون هناك حدا فاصلا واضحا بين (أقوال وأفعال واجتهادات البشر) وبين (كتاب رب البشر ودينه الحق في القرآن الكريم) ، وإذا لم يُقْـدِم المسلمون بكل شجاعة على الاعتراف بأن تاريخهم وتراثهم الفكري والثقافي والديني هو عمل بشري يقبل النقاش والأخذ والرد فيه الصواب و فيه الخطأ ، وأنه قد يتفق في بعضه ، وقد يتناقض في معظمه مع تشريعات وحقائق القرآن ، فسيظل الإسلام متهما بالتطرف والإرهاب ، لأن كل من هبّ ودبّ يقتل ويقطع الرقاب ويرجم ويستعبد الأطفال والنساء ويسرق ويكنز الأموال وينشر الفقر والجهل والتطرف والإرهاب باسم هذا الدين ويعتبر نفسه مدافعا عن الدين وهو أكبر عدو له وأكثر الناس إساءة له بأن ينسب أفعاله وجرائمه للإسلام ، والإسلام بريء منه ومن أفعاله ..
في النهاية : أقول اننا حين نطالب ممثل سيقدم عملا فنيا يجسد فيه شخصية نبي او رسول بوجوب معايشته للشخصية لحظة بلحظة حتى لا يمثل شيئا يضر بالشخصية نفسها ، إذن حسب مطلب الكتاب فإن ما فعله البخاري بأن ألف احاديثا ولفقها للرسول عليه الصلاة والسلام دون ان يراه او يعايشه ودون ان يرى شخصا واحدا من الذين عاشوا في عصر الرسول ثم يتحول كتاب البخاري لأصح كتاب بعد القرآن فهذه جريمة و قمة السخرية والتناقض ومخالفة المنهج العلمي ، لأن ما فعله الممثل سيقع ضرره على الشخصية ، أما ما فعله البخاري وقع ضرره على دين الله وعلى معظم المسلمين ، وهذا هو الفارق الجوهري في الموضوع ، ومن هنا واعتمادا على نظرية الأستاذ الصحفي علينا جميعا ان نراجع انفسنا فيما نقرأ وقبل ان نقدس نصا كتبه بشر يجب علينا أن نسأل انفسنا هل كاتب هذا النص عاصر الشخصية التي يكتب عنها.؟ خصوصا إذا كان هذا النص يخص الدين والتشريع ومصائر الناس وحياتهم ...


 

الجمعة، 12 سبتمبر 2014

بعـض العـلمـانيـيـن أكـثـر تـشــددا مـن السـلـفـيـيـن ..!!!

بعـض العـلمـانيـيـن أكـثـر تـشــددا مـن السـلـفـيـيـن ..!!!
كتبت هذا المقال بعد مشاركتي في عدة حوارات ــ بالكتابة حينا والقراءة أحيانا ــ على صفحات الفيس بوك ، حتى لو اختلفت الرؤى والقناعات والاتجاهات والأهواء والتطلعات لكل من قرأت لهم وشاركت بالكتابة معلقا على ما يقولون ، وفي النهاية أتصور بأني خرجت بنتيجة مقنعة ومُرضية (من الرضا) أن مثل هذه الحوارات والنقاشات المطولة التي يختلط وينخرط فيها الباحثون عن الحقيقة  والمدافعون عن الحريات والعدالة وحقوق الإنسان مع الهواة والباحثين عن الترف الفكري ، وهؤلاء يريدون دينا مناسبا لأهوائهم وأمزجتهم ونزواتهم ونظرتهم التحررية الخالصة للحياة ، وبكل بساطة يريدون فرض أسلوبهم البشري في التعامل مع الله جل وعلا خالقهم ورازقهم ومحييهم ومميتهم ، لدرجة أنهم يريدون محاسبة الله جل وعلا عن كل صغيرة وكبيرة ذكرت في كتابه القرآن الكريم.
وحين يتمسك أحدهم بفكرة أو قضية يريد إثبات أن فهمه الخاص  لهذه القضية صحيح مهما ذكرت له أدلة وبراهين ، ويريد تعميم هذه الفكرة أو القضية على جميع البشر عامة ، متجاهلا الفوارق والاختلافات والفروق الفردية بين طبائع البشر  وثقافتهم وسلوكياتهم وأخلاقهم ومدى قدرة كل إنسان على التمسك بالقيم والمثل العليا والأخلاق والقانون ، ويريدون تحميل ربنا جل وعلا أخطاء البشر من جهة ، ومن جهة أخرى يريدون تحميله جل وعلا مشاكل تكاسلهم في القراءة والبحث ومنح القرآن فرصته  بمزيد من الوقت والاهتمام والاطلاع ، وفعلوا ما يفعله المتشددون الذين ينتقدونهم طول الوقت ، ويصبون اللعنات على الإسلام ويصفونه بكل نقيصة بسبب هؤلاء المتشددين الذين لا يؤمنون بحرية الدين وحرية الرأي وحرية الاعتقاد ، ولا يؤمنون بحقوق المرأة و لا المساواة بينها وبين الرجل ، ويصفون المرأة بأنها ناقصة عقل ودين ، وانها خلقت لإمتاع الرجل ولخدمته ، ورغم كل هذه السفاهات التي يدافع عنها السلفيون الوهابيون ويعتبرونها دينا وهي لا علاقة لها بتعاليم الإسلام من قريب أو بعيد  إلا أن أكثر العلمانيين يهاجمون الإسلام آخذين هذه الأفكار سببا ودليلا أن الإسلام دينا يدعو للعنف والقتل وضرب المرأة وحبسها وظلمها واعتبارها نصف إنسان ، وحين يحاول شخص باحث عن الحقيقة توضيح تناقض هذه الأفكار مع حقائق الإسلام ، ويحاول إثبات وإظهار عظمة الدين الإسلامي ودفاعه عن حقوق المرأة وأن هذا الدين فضّل المرأة على الرجل ، وساوى بينهما في كل شيء ، تجد أكثر العلمانيين يرفضون هذا الكلام وهذا الدفاع عن الإسلام ويصرون علا موقفهم أن الإسلام ضد كل هذه القيم والمباديء ، بل ويسخرون منه علانية ، فيقصون أجزاء من الآيات ويعتبروها أدلة قاطعة على أهوائهم وما يؤمنون به وما يرودون فرضه تماما كما يفعل الوهابيون السلفيون ، وأكثر من هذا فإنهم يستخدمون كلام السلفية الوهابية من أحاديث ظنية وفتاوى بشرية ويريدون فرضها على الله وعلى قرآنه بل ويعتبرونها حجة دامغة تدحض حقائق القرآن ، إذن هم ينتقدون الوهابية لأنها شريرة ومعادية لحقوق الإنسان وحريته وحقوق المرأة وحريتها ، ثم يقعون في أكبر خطيئة علمية وفكرية وعقلية ومنطقية ، وهي استخدامهم أفكار الوهابيين من فتاوى وأحاديث وتراث فكري بشرى ، ويجعلون منه أدلة وحجج وبراهين يردون بها على كل من يحاول مناقشتهم بالقرآن الكريم ، وحين تقول لهم أن كل إنسان يجتهد في فهم النص القرآني حسب زمانه ومكانه ، كل إنسان مسئول عما يقول ويكتب يغضبون ، ويرددون نفس الأدلة ونفس الكلام بدعوى أن معظم المسلمين يؤمنون بكذا ويعتبرونه دينا.
هذا ملخص لما حدث خلال أسابيع طويلة من الحوارات ، وأذكر هنا كمثال حوار شاركت فيه منذ أيام قليلة بيني وبين صديقة أعتز بصداقتها وأحترمها وأقدرها مهما اختلفنا في بعض وجهات النظر.
بدأ الحوار حين نشرت صديقتى رشا منشورا على صفحتها يقول الآتي :
"احيانا بيبقى الاسخف من الجريمة تبريرها!
يعنى لما نشرت البوستات اللى بتندد بمفهوم اية ضرب الزوجة فى القران
لقيت ناس بتقولى على فكره يا جاهله الضرب فى الاية دى يعنى مش ضرب الضرب يعنى حبس!!
** لا اقتنعت انا كده وغيرت رأيى صحيح عايزه تجيبى الضرب للحبس من حقه يحبسها والمفروض يعملوا زنزانه تأديب فى كل بيت او اوضة فئران زى بتاعت المدرسة الزوج يحبس فيها مراته بين الحين والاخر فكرة عبقرية الصراحة !!
-----الهانم اللى بتشهر بالاسلام مكلفتش نفسها تقرا حديث الضرب بالسواك!
** على فكرة فى قصص كثير بتجيز الضرب وتكسير العضم كمان هبقى انزلها لكم فى البوست اللى جاى بس لنفترض الضرب بالسواك اولا الكلام ده مضحك جدا كانك بتقول الضرب بريشه عصفوره ويقولك قال لما يضربها بالسواك هتحس بغلطها وبالجريمة اللى ارتكبتها!!
شخصيا لوحصلت معايا هاخد السواك من ايده واوجهه لمكان حساس هههههه!!
------ حضرتك متعرفيش ان الغرب فيه اعلى نسبة فى ضرب النساء ؟؟ فى امريكا لوحدها ست بتضرب من جوزها كل فيمتو ثانيه مبتتكلميش عنهم ليه وتسبينا فى حالنا ؟
** فعلا ما هو ده من ضمن الاعجاز وبيدل على ان القران سبق عصره وشاف ان الضرب هيبقى موجود حتى تقوم الساعه فقال نشرعنه عملا بالمثل الشائع الايد اللى متقدرش تقطعها بوسها!!!!
المصيبة فى المقتنعين بالهرى المكتوب اعلاه ده
ان معندهمش ادنى مشكلة فى فكرة تأديب الزوجة من الاساس ولا فكرة خروج الزوجه عن طوع جوزها !! ولا فكرة عدم وجود مبدأ المعاملة بالمثل التى لا احبذها لاننا مش داخلين حلبة مصارعه !! وبالنسبة لهم اتجوز يعنى اشترى جاريه ولما تخرج عن طوعك ادبها و احبسها و اضربها وكله بالشرع !
الطريف ان الشيوخ اللى بيتكلموا فى الضرب بيبتدوا دائما الكلام بوصانا نبى الرحمة بالنساء فى خطبة الوداع ورفقا بالقوارير وينتهوا بالاعجاز العلمى فى الضرب اللى حدد له الشرع شروط صارمه زى ما قال الكتاب : من شروط ضرب الزوجة أن يكون ضرباً غير مبرح لا يكسر عظاماً ولا يسيل دماً ولا يسبب عاهة مستديمة يشوّه جمال وجه الزوجة !!!!!!!!! يا حنين..
والاعجاز اللوذعى يكمن فى ان الست حسب طبيعة تكوينها المذكورة فى اكتر من رسالة دكتوراه عالمية و اكدها الباحث اليابانى هيروشيما الحاصل على جائزة نوبل فى اخر مؤتمر طبى عمله ان المرأة خلقت من ضلع اعوج !! ويجب بين الفتره والاخرى تأديبها واكسر للبنت ضلع يطلعلها عشره !!!! شوف عظمة الاسلام!
على فكره اللى تبلغ عن جوزها عشان ضربها تبقى بتخالف شرع الله!
والحمد لله على نعمة الاسلام"
انتهى المنشور الذي كان سببا في هذا المقال مع بعض ردود الأصدقاء التي استفزتني فكريا ، وبدأ الحوار بيننا ...
رضـا ـ مشكلتك يا رشا انك بتطرحى فكرة أو رأي وبناء على رأى قلة من غير الدارسين للفكر القرآني السليم وغير القادرين على فهم الآيات في سياقها العام وربطها بما قبلها وما بعدها تصدرين أحكاما على الاسلام غير صحيحة ، الاسلام دين الله الحنيف أسس قواعد المساواة والعدل والتسامح والعفو والرحمة ، لكن هناك معاقبة لمن يخرج عن المألوف من الجنسين ذكرا كان أو أنثى ولكى تفهمى حقيقة المعنى يجب قراءة الآيات في السياق العام للموضوع هذا من ناحية ومن ناحية اخرى قراءة جميع الآيات التى تستخدم نفس المفردة في مواضع أخرى من القرآن لكي نفهم المعنى الحقيقي للكلمة ، لكن مسألة قراءة آية واقتطاعها من سياقها وبناء حكم ورأي سريع عليها فهذا خطأ كبير جدا ، ومثل للتوضيح معظم من يدللون على صحة الأحاديث يخدعون المسلمين بقراءة وذكر جزء آية رقم 7 من سورة الحشر فيقولون (وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وهذا يعتبر دليل قاعط على ان الرسول له أحاديث يجب ان نأخذ ونعمل بها ، والحقيقة أن الآية في الأصل تتحدث عن توزيع الغنائم بعد الانتصار على الكفار الذين بدأوا بالاعتداء على المسلمين .. اسف على الاطالة وأولا وأخيرا لك مطلق الحرية فيما تعتقدين وتؤمنين وتفكرين ولك كل الاحترام ..
 
رشـا ــ رضا هل الكلام اللى مكتوب ده من تاليفى ولا ده اللى بيتبعه السنه والازهر نفسه من امهات الكتب ويروجه شيوخ الاسلام السنى على مختلف اطيافهم ؟؟ فهل التيار السنى فى مصر قله ؟؟؟
رضـا ــ  دا كلام موجود وعقيدة راسخه ومقدسة عند السنة انا عارف الكلاد دا كويس لكن هذا ليس حكما على القرآن وليس الفهم الاول والاخير لدين الله وليس من حق هؤلاء الادعاء بأنهم ممثلون للإسلام والمتحدثون باسمه كل إنسان يمثل نفسه وكل فكر ينسب لصاحبه ، وليس من حق أي شخص او مؤسسة الادعاء بأن فهمه واجتهاده البشري يعتبر جزء من الدين ، القرآن الكريم المصدر الوحيد الذي لم يطله التحريف عند المسلمين يظل حاكما وحكما على كل اجتهادتنا ، هذا الرد سيفتح أمامك السؤال من يمثل الاسلام إذن ، أقول ان القرآن كتاب لكل زمان ومكان وفيه ما يناسب الحياة الانسانية بكل جوانبها في كل عصر مهما اختلفت وتغيرت وتبدلت الثقافات واللغات لكن الكارثة في فهم الإنسان لهذا الكتاب وأسلوب تطبيقه على ارض الواقع ، حين تستغل بعض وتقرأ النصوص وتقرأ بعيد عن سياقها العام وربطها بما بعدها وما خلفها وجميع وبقية الآيات الاخرى التى تتناول نفس الموضوع ، مثلا في موضوع القتال البعض لكي يثبت ان القرآن دين قتل يستغل آية (واقتلوهم حيث ثقفتموهم) ، المشكلة الكبرى أننا كبشر لكي نثبت وجهات نظرنا نلجأ للهجوم على القرآن واستخراج آيات تثبت وجهة نظرنا ، ويساهم في هذا وجود ما يعضد هذا في كتب التراث وفي عقائد وتدين المسلمين وتراثهم الفكرى الذي كتب متأثرا بظروف سياسية لخدمة السلاطين القتلة المجرمين لكي يستعبدوا الشعوب ويسرقوا حقوقهم وأعمارهم ، فبدلا من إثبات خطأ هذا التراث وظلم هؤلاء الناس لرب العالمين وللقرآن ، بالعكس نصدق هذا التراث ونعتبره حجة على القرآن ونستدل به ونحكم به على آيات القرآن لكي نثبت أن القرآن يبيح ضرب الزوجة وقتل المخالف في العقيدة على سبيل المثال ..
ناصر العـبد : موافق رضا فى رأيه...
واكيد مش معنى ان اتباع الدين السلفي المنسوب للاسلام والمنتشر بإسمه بيحرفوا الكلم عن مواضعه يبقى دا هو الفهم الحقيقي للاسلام.
هل يعقل ناخد بكلام الازهر وقم والنجف لما ينشروا ان المرأة ناقصة عقل ودين وانها مخلوقة من ضلع اعوج؟ وبالنسبة لضرب المرأة (زي رضا ما قال نشوف السياق العام مع ربط كل الموضوعات اللى فيها الكلمة المراد تدبرها وفهمها) الضرب هو التجاهل فى البيت، ودا تدرج طبيعى فى العقوبة، فبعد العقوبة البدنية تيجى عقوبة نفسية وهى اشد ايلام للنفس والجسد.
بشكرك على توضيح تعاليم الدين السلفي وردود معتنقيه.
رشـا : ده المذهب السنى المنتشر فى مصر ومعتمد رسميا من الدولة يعنى للاسف هو السائد فى مصر والاسوء منه المذهب الوهابى .. اى حد له فهم مختلف للاسف مش مؤثر فى الثقافه العامه
 
رضـا: وهل معنى هذا اننا نستسلم للخطأ الذي يتبعه الاغلبية ونؤيده لأنه مؤثر على الثقافة العامة ضد من يبحث عن العقلانية والحقيقة حتى لو كانوا قلة اعتقد ان هذا بعيد عن المنطق ..
رشـا : وانت شايفنى مؤيداه ازاى اذا كنت بنتقده !!
المشكله انى معترضه اصلا على فكرة العقوبه وعلى فكرة التدرج فيها !! ايات زى دى مع احترامى لفهمكم فى بتكرس لكون المرأه مخلوق متدنى ويجب وضع طريقه للتعامل معاها وعقابها وهنا تكمن المشكله
رضـا: يا رشا المصيبة الكبرى عند معظم المفكرين والفقهاء في تاريخ المسلمين وحتى اليوم أن عقولهم لا تستطيع قبول فكرة انهم بشر مثلنا يخطؤون ويصيبون ويؤخذ من كلامهم ويرد عليه وأن وجهات نظرهم وفهمهم للدين واجتهادهم في فهم الدين وفهم النص القرآني قد يكون صحيح وقد يكون خطأ ، والأهم من هذا أن هذا الفهم وإنا كان صحيحا يتناسب فقط مع العصر الذي عاشوا فيه ، بمعنى لا يمكن اطلاقا أن نسيّر امور حياتنا اليوم بأفكار واجتهادات الشافعى ومالك وابن حنبل وابن تيمية حتى لو كانت صحيحة مائة بالمئة لأن هذه الاجتهادات تناسب عصرهم وقيلت وقتها لأنها تتناسب مع الوقت والظروف والحياة ..
انا كلامى غير موجه لك شخصيا انا ردي عام وكلام عام بعضه قد يعتبر ردا على كلامك الآن والبعض الآخر أو النظر لكلامى في جملته يعتبر ردا على أشياء أخرى مرتبطة بمواضيع وتفرعات أخرى قد يلجأ إليها اخرون ، واكيد انت تعلمين أنى لا أشخصن المسائل ، وتعلمين أيضا مدى تقديرى واحترامي لك ولعقلك وفكرك هذا لا يحتاج كلام وتوضيح
رشـا : طيب رد على الكلام ده يار ضا المشكله انى معترضه اصلا على فكرة العقوبه وعلى فكرة التدرج فيها !! ايات زى دى مع احترامى لفهمكم فى بتكرس لكون المرأه مخلوق متدنى ويجب وضع طريقه للتعامل معاها وعقابها وهنا تكمن المشكله
رضـا: دا ليس فهمنا دا فهم أهل السنة والجماعة يهم يدعون ان المرأة ناقصة عقل ودين وانها خلقت لخدمة وامتاع الرجل وهذا كلام فارغ ، المرأة كائن له احترامه مثله مثل الرجل لا فرق بينهم على الاطلاق ولا تمييز ، وربنا جل وعلا في القرآن حين ينزل اوامر ونواهى في تخص الجنسين ، وحين أراد ربنا جل وعلا أن يضرب مثلا للذين أمنوا كانت أنثى ، والأكثر أن ربنا جل حعل الانثى أفضل من الرجل حين قال (وليس الذكر كالأنثى) ، لو المرأة ناقصة وليس لها قيمة ولا تمثل دورا هاما ومحوريا في الحياة الانسانية وتعتبر ركيزة أساسية في بناء أي مجتمع ناجح ما تكرر ذكرها في القصص القرآني في كثير من القصص العظيمة التى تثبت ذلك ، من ينظرون للمرأة على أنها كمالة عدد ومخلوق متندى هم مرضى نفسيين ويعانون من شذوذ أخلاقى قبل الجنسي لأنهم يريدون أن تكون المرأة متدنية لكي يستطيعون شراءها بالمال ويستطيعون الزواج بأكثر من واحداة عن طيب خاطر من النساء ، لكن حين تؤمن كل أنثى أنها مثل الرجل لها نفس الحقوق وعليها نفس الوجبات وأنها جزء أصيل وفعال في نجاح المجتمع وقتها سيتحول معظم الرجال إلى أرامل بسبب حالات الطلاق متعددة الأسباب منها الضعف الجنسي والسادية والهطل وعدم القوامة وسيتحول جزء كبير من الذكور إلى العنوسة لأن المرأة في هذا المجتمع الذي يساوى بين المرأة والرجل لن تقبل الزواج إلا من رجل حقيقي مثقف خلوق جنتل مان يقدر قيمة المرأة ويضعها في مكانها الطبيعي ..
ناصر العـبد : العقاب مشترك للطرفين يا رشا لما يكون فى هجر اكيد للطرفين وبرضه المقاطعة للطرفين.
لو حد بيزعل مع حد من اخواته فى البيت والاتنين بيكونوا موجودين فى وقت واحد البيت بيكون متكهرب.
وازاى المرأة مخلوق متدنى ومفيش اى فرق بينها وبين الرجل فى العمل الصالح او عكسه والثواب او العقاب.
رشـا :الضرب معناه حسب قراءتهم القرانيه وفقا لمدرسة صبحى منصور هو الهجر الفكره فى توجيه الايات للرجل كتدرج فى عقاب المرأه الناشز
مشكله فهم القرانيين وفقا لمدرسة صبحى منصور فى المذكر والمؤنث فى القران لازم تتعاد صياغتها
رضـا : المشكلة ان كل إنسان في هذا الكون له هوى أو رؤية معينة ويريد أن يثبت امام نفسه انها صحيحة وسليمة يقوم بالاعتداء على القرآن باستخدام بعض الايات ليؤكد للناس أن كلامه سليم وان الاسلام دين كذا وكذا وكذا ، وسؤالى هنا لهؤلاء جميعا .. كم حضرتك جلست مع القرآن مثله مثل أي كتاب عادى جذبك لكي تقرأه كله لأخر صفحة.؟ كم مرة حاولت البحث في القرآن الكريم عن موضوع معين وأجبرت على قراءة القرآن كله عدة مرات لكي تفهم موضوع واحد .؟ كم مرة حضرت ورقة وقلم وبدأت تكتب أرقام الآيات والسور وتجمعها وتقرأها معا لكي تفهم تفاصيل اي موضوع جذبك وشد انتباهك .؟ اعتقد انك فعلت هذا في قراءات وكتابات وكتب أخرى أدبية او علمية أو ثقافية أو فنية لكي تفهم الموضوع ولكي لا تظلم الكاتب وتحكم عليه ظلما ، لكن حين تتعامل مع الله وقرآنه وآياته فأسهل الطرق أن تأخذ آية وتجري بها هنا وهناك وتهلل وتحاول اثبات أن القرآن دين القتل والذبح وظلم وقهر المرأة وتؤكد كلامك بقولك أن معظم المسلمين يؤمنون بهذا ويدافعون عنه ، وللأسف معظم المسلمين لم يقرأوا القرآن مثلك ، وبهذا تظلم رب العالمين وكتابه ، رغم انك رفضت تظلم مؤلفا من البشر حين حاولت قراءة كتابا بشريا يحمل فكرا غير ديني ...
رشـا : يعنى اهجروهن النون دى عائده على مين نون النسوه ولا نون عائده على مين لو نون النسوه معناه ان الخطاب موجه للذكور وبالتالى لا ينفى ذكورية الخطاب
طب هيبقى الضرب يعنى الهجر لو تاويل عقلى وتبقى الايات برضو موجهه للرجل ودى المشكله من وجهة نظرى هى توجيه الخطاب اصلا للرجل
رضـا : يا رشا ما انا بقولك لازم نقرأ الآية ونربطها الموضوع الأصلى كاملا بما قبلها وما بعدها ستجدى المسألة ليست محصورة في كلمتى (اضربوهن ، واهجروهن) المسألة لا تفاصيل أكبر ، وبالطبع معلوم أن الإنسان (النس) سواء ذكر او أنثى بينهم فروق فردية وليس كلهم أسوياء
يا جماعة انا ولا أبشر ولا يحزنون انا بقول وجهة نظرى اللى انا مقتنع بها ومؤمن بها ولا أفرضها على أحد وكلامي اجتهاد شخصي يقبل الخطأ والصواب ولا أنسبه للإسلام .. هذا أخر كلام عندى وأعتذر لكم عن الاطالة في الردود ..
وفي نهاية المقال ختمت كلامي بهذه الفقرة :
القناعات الدينية مسألة صعبة جدا ومعقدة جدا لأنها تتأثر بعاملين الأول المصدر أو المنهج الذي يتبعه الإنسان ويبحث فيه عن الحقيقة ، والعامل الثانى يتعلق بالإنسان نفسه ومدى وحدود وإخلاص صدق نواياه في البحث عن الحقيقة والتضحية من اجلها بأي شيء ، او اتباع هوى النفس التي تريد وتتمنى دينا تفصيلا على مقاس مزاجه الشخصى وهواه
الأهم من هذا أنه من النادر جدا أن يقتنع إنسان بفكر ديني نتيجة السماع أو الحوار مع شخص أو جماعة ، ولكن غالبا الاقتناع يأت بالبحث والقراءة والاطلاع والمقارنات والتعب وبذل الجهد وقتها يشعر الانسان بأنه بذل جهدا وعانى في سبيل ما يبحث عنه فيكون اقتناعه من عدمه بناء على قراره الشخصي بأوامر ذاتية دون تأثير خارجى ولذلك يتحمل مسؤلية اختياره بنفسه ، وهذا الطريق ما يرفض السير فيه معظم من يبحثون عن الحقائق الدينية ...
والحوار كاملا على هذا الرابط  لمن يريد متابعته :

الوهابية وتحويل الصلاة لتمارين بدنية

الوهابية وتحويل الصلاة لتمارين بدنية
في الأسابيع القليلة الماضية قامت الدنيا ولم تقعـد لأن بعض الكتاب والباحثين الناشئين أعادوا إثارة حفيظة المدافعين عن التراث الديني للمسلمين ، بإنكارهم عذاب القبر والثعبان الأقرع وبتشكيكهم في أحاديث البخارى ، وحتى الآن لا زال الجدال محتدما بين الطرفين ، أحدهما مستخدما العقل والمنطق والتدبر فيما يقرأ ليثبت أن البخارى بشر وأن أحاديثه ظنية الثبوت ، وأن معظمها يتناقض مع آيات القرآن الكريم وهذا ليس جديدا ، والطرف الأخر يرد مستخدما نفس الردود والجمل بل والكلمات ليدافع عن قدسية وعصمة البخارى الذي رفعوه وجعلوا كتابه أصح كتاب بعد القرآن الكريم كتاب رب العالمين وأكدوا أن البخارى مستحيل يخطيء لأنه معصوم من الخطأ ، وكرروا نفس الاتهامات بالعمالة والتمويل الخارجي وعدم التخصص للطرف الأخر وهذا أيضا ليس بجديد ، ولأنهم يكررون ردود الأسلاف  ويرددون نفس التهم الواهية التي تؤكد وتثبت الإفلاس الفكري وعدم امتلاك أي حجة حقيقية أو برهان واضح حين صدموا باجتهادات وأفكار ومشوار حياة ومشروع فكرى متكامل بدأه الإمام محمد عبده قبل أكثر من مائة عام ، وسار على نهجه وطوره وأكمله وأبدع فيه أحمد صبحى منصور.
 وحيث أن نقطة الخلاف والاختلاف والجدال سببها البخارى فإن هذا المقال محاولة متواضعة لإثبات تناقض بعض الأحاديث مع بعضها في أصح كتاب بعد القرآن كما يدّعون ، ومن باب التوضيح مجرد وصف أي كتاب بأنه أصح كتاب بعد القرآن فهذا يعتبر شرك بالله جل وعلا ، حتى لو كتب هذا الكتاب نبيا مرسلا ، لأنك ترفع عملا بشريا لتضعه في منزلة كلام الله جل وعلا وحده لا شريك له.
موضوع المقال:
منذ فترة انتشر هذا الفيديو التعليمي الذي يبين ويوضح ويصحح بعض الأخطاء في الصلاة عند المسلمين ، ومن خلال هذا الفيديو سأبين وأثبت أن الأحاديث تتناقض مع بعضها وإليكم التفاصيبل: أولا رابط الفيديو أرجو مشاهدته أولا:
ثانيا :
بكل أمانة هذا الفيديو حوّل الصلاة لمجموعة من الحركات البدنية لأعضاء الجسم فقط لأنه يركز على الظاهر وهو يخص الجسد ، وتجاهل الباطن وهي النفس التي يتعلق بها جوهر الصلاة وهو توحيد الله جل وعلا وعدم الإشراك به بأن نذكر معه أحدا ، فقد تم تحويل الصلاة في هذا الفيديو لمقطع يصحح بعض التمارين البدنية والأوضاع الرياضية التي تخص الجسم.
1ــالخطأ الأول : يعالج مسألة مسابقة الإمام أو موافقته أو التأخر عنه مدة طويلة ، وتم ذكر حديث يقول أن من سبق الإمام في الصلاة حوّل الله رأسه رأس حمار ، أو أن يجعل الله صورته صورة حمار ، وجعلوا مسابقة الإمام من الكبائر أو كبائر الذنوب.
والرد على هذا الكذب من صحيح البخارى نفسه الذي يقول أن من مات وفي قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان دخل الجنة ، وفي حديث أخر يقول من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ، اعتقد أن من يذهب للمسجد ويتوضأ ويصلى فسيكون في قلبه أكثر بكثير من مثقال حبة من خردل من الإيمان حتى لو سبق الإمام ، كيف يعتبر البخارى أن مسابقة الإمام من كبائر الذنوب ، هل لأسباب سياسية معينة تزامنت مع  وقت كتابة هذا الحديث لتقديس رجل الدين .؟ الله أعلم. ، الملفت هنا في التناقض كيف يدخل الجنة من مات وفي قبله مثقال حبة من خردل من إيمان ، وفي نفس الوقت أي إنسان يصلى ويداوم على الصلاة ويذهب للمسجد يحول الله رأسه إلى رأس حمار أو يحول صورته إلى صورة حمار لمجرد أنه سبق الإمام في الصلاة ، جعلوا مسابقة الإمام من كبائر الذنوب مثل الزنا.
2ــ لا يجوز أن تقول (ربنا لك الحمد ولك الشكر) ، ولكن الصواب أن تقول ربنا ولك الحمد فقط ، شيء غريب جدا ، كيف تمنع من يصلى أن يعترف بشكره لله جل وعلا في الصلاة ، وما أدراك أن هذا الأمر لم يفعله الرسول ، معنى ذلك أن الرسول كان لا يشكر الله في صلاته ، من جهة أخرى تجد الشكر لله جل وعلا مرتبط بالصلاة والصيام والوضوء والطعام والشراب والرزق والتمكين في الأرض في مواضع مختلفة في القرآن الكريم (ابحث عن كلمة شكر في القرآن) إذن ، كيف نمتنع عن شكر الله ، وكيف نصدق أن الرسول كان لا يشكر الله في الصلاة.؟
3ــ رفع اليدين ، ونظرة العين ، مسائل في منتهى الفكاهة ، الأكثر فكاهة ادعائهم أن النبي قد نهى الناس عن النظر للسماء أثناء الصلاة حتى لا تخطف أبصارهم ، وسؤالى هنا : كيف كان يرى الرسول وهو إمام من يصلى خلفه من المسلمين وهو يسبقه أو يتأخر عنه أو يرفع بصره بشكل خطأ.؟ ، قبل أن تجيب أيها السلفى وتقول أن الصحابة كانوا يسألون سأرد عليك قائلا أن من عاصروا الرسول لو كان مستوى  أسئلتهم بهذا الشكل فهذا أكبر دليل أنهم فهموا  الدين خطأ ، والدين  كان عندهم مجموعة من الحركات البدنية.
4ــالركوع يجب أن يكون بزاوية قائمة ، وإلا فركوعك مخالفا للسنة ، أكرر كأننا في حصة تربية بدنية.
5ــممنوع التثاؤب في الصلاة ، وحاول بقدر الإمكان أن تكتم أنفاسك ، لأن النبي نهى عن التثاؤب في الصلاة.
6ــ ثنى الأكمام في الصلاة مرفوض ، لأن النبي نهى عنه
7ــالشيء الوحيد المقبول هو الصلاة بطمأنينة لأنها مطلوبة للخشوع في الصلاة.
8ــيجب أن تنزل بركبتيك عند السجود في الصلاة أي تقديم الركبتين على اليدين ، لا أعلم ما فائدة هذا في الصلاة ، ولكنه يدخل أيضا في نطاق العمل البدني الذي يختلف من شخص لآخر حسب الفروق الفردية في  أجسامنا.
9ــمن الأفعال  المخالفة للسنة في الصلاة ، السجود على الأنف دون الجبهة ، السجود على الجبهة دون الأنف ، الافتراش بافتراش اليدين والساعدين لملامسة الأرض ، وهذا الفعل يسمونه افتراش الكلب وهو من الأعمال المكروهة في الصلاة ، لا أدرى لما سمى بافتراش الكلب ، هل الكلاب تصلى .؟ ، عدم مجافاة اليدين عن الجنبين في السجود وهو مخالف للسنة أيضا ، رفع القدمين أثناء السجود أو رفع قدم فوق الأخرى ، السجود على أطراف الأصابع ، السجود على القبضة كل منهما فعل مخالف للسنة.
والصحيح عندهم أن يكون السجود على سبعة مواضع و بدقة لا يمكن أن يطبقها إلا من يمارس رياضة الجمباز ويمتلك لياقة بدنية عالية.
10ــشرح مواضع رفع اليدين في الصلاة بتفصيل وتدقيق
11ــيجب افتراش القدم اليسرى ونصب  اليمنى عند الجلوس للتشهد الأول ، أما في التشهد الأخير في  الصلاة الثلاثية والرباعية فالسنة نصب القدم اليمنى وتقديم اليسرى وادخالها تحت اليمنى والجلوس على المقعدة وهذا هو التورك.
12ــ في التسليم يجب الالتفات يمينا ويسارا بدون تحريك الرأس بهزها أو تحريك اليدين فلا يجوز  فعله عند التسليم ..
التعليق ::
في حقيقة الأمرهذه الأخطاء التي يظن الوهابيون أنه تبطل الصلاة لا قيمة لها ولا فائدة إلا شغل الناس بتوافه الأمور بمجموعة من الحركات البدنية التي تعتبر مسائل ثانوية في الصلاة ، ولقد تجاهلوا الحديث عن أهم شيء في الصلاة وهو الإخلاص في الصلاة بأن تكون خالصة لوجه الله جل وعلا بدون شرك ، لأن الشرك ظلم عظيم ولا يغفره ربنا جل وعلا وهو الأجدر بالاهتمام والتصحيح والتناول ، هذا إذا كانوا فعلا يريدون تصحيحا ، ولكن هذه عادة الوهابية تحويل كل شعيرة في الدين لمجموعة من الحركات البدنية الظاهرية ، حولوا الدين لمجموعة من المظاهر ، ويثبت ويؤكد هذا الفيديو إلى أي حد اهتمامهم بتفاصيل كل حرة لكل عضو من جسم الإنسان ، وأهملوا أهم عضو وهو القلب.
ومن وجهة نظرى لو فكر كل مسلم في تطبقيق ما جاء في هذا الفيديو من تعليمات فلن يستطيع الخشوع والطمأنينة في الصلاة مهما حاول ذلك.
أهم ما يثبت ويؤكد أن هذا الهراء والهلس الديني كذب وضلال ولا علاقة له برسول الله عليه الصلاة والسلام ، أن القرآن الكريم لم يذكر ولو مرة واحدة سؤالا عن تفاصيل الصلاة ، وجاءت كلمة (يسألونك  ويسألك) في القرآن في ستة عشر موضعا ، ليس في إحداها أي استفسار عن الصلاة ، وهذا يثبت ويؤكد ان ما جاء في هذا الفيديو افتراء ، وكذلك يثبت ويؤكد أن الصلاة بهيئتها وحركاتها كانت معروفة ومعلومة عند أهل مكة ، ولذلك لم يذكر القرآن الكريم أس استفسارات تخص الصلاة.
ونذكر المواضع التي ذكرت فيها كلمة (يسألونك ، يسألك) :
1ـ (يسألونك عن الأهلة ) البقرة :189
2ــ (يسألونك عن ماذا ينفقون)البقرة:215
3ــ (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه)البقرة:217
4ــ (يسألونك عن الخمر والميسر ، يسألونك ماذا ينفقون) البقرة:219
5ــ (يسألونك عن اليتامى)البقرة:220
6ــ (يسألونك عن المحيض)البقرة :222
7(يسألونك مذا أحل لهم)المائدة:4
8ـ (يسألونك عن الساعة ، يسألونك كأنك حفى عنها) الأعراف:187
9ــ (يسألونك عن الأنفال) الأنفال: 1
10ــ (يسألونك عن الروح)الإسراء:85
11ــ (يسألونك عن ذي القرنين)الكهف :83
12ــ (يسألونك عن الجبال) طه : 105
13(يسألونك عن الساعة)النازعات:42
14ــ (يسألك الناس عن الساعة)الأحزاب:63
أعتقد أن الصلاة من الأهمية بمكان أن يقوم المسلمون بتوجيه أسئلة عن أي تفصيلة غير واضحة فيها ، لأنهم سألوا عن حقوق اليتامى وعن شرب الخمر وعن الانفاق وعن المحيض وعن الساعة عن القتال وعن أشياء أخرى كما أوضحنا ، إذن من ألف هذا الفيديو واستعان بالأحاديث الكاذبة الملفقة فكلاهما هدفه الأول والأخير هو تحويل الصلاة لمجموعة من الحركات البدنية ، وهذه هي ثقافة الوهابية التي تهتم بالبدن وتقدس المظهر مثل اللحية والنقاب والحجاب والسواك والجلباب على حساب النفس وهي الجوهر.
 

الجمعة، 30 مايو 2014

ثــلاجــة لـلـه يـا سـلـفـيـيـن ...!!!

ثــلاجــة لـلـه يـا سـلـفـيـيـن ...!!!
في شهر مايو الجاري 2014م كانت زوجتي في إحدى المستشفيات الخيرية التي أنشأتها الجمعية الشرعية السلفية فرع محافظة الشرقية
كانت زوجتي في شهرها الثامن من حملها ، وكانت تعانى وجنينها من متاعب ومشاكل كثيرة وكبيرة أدت لموت الجنين في بطنها ، وقررّ الطبيب المعالج تحويلنا فورا لإحدى المستشفيات لكي يجري لها عملية ولادة قيصرية لإخراج الجنين حرصا على حياتها ، ومنعا لحدوث أي حالة من حالات تسمم الحمل.
ذهبت مع زوجتي للمستشفى وجلسنا في انتظار الطبيب ، وجاء وأجرى لها العملية القيصرية ، وأخرجوا الجنين الميت من بطنها وخرجت من العمليات ، وفي هذه الأثناء انشغلت بزوجتي ورافقتها لغرفتها وبعد أن اطمئن قلبي عليها تذكرت هي وذكرتني بالجنين الميت ، وقالت لي اذهب وأحضره من غرفة العمليات لأن أحد الممرضين ألقاه على الأرض بعد أن أخرجه الطبيب من بطني وسلمه له ، وهذا الفعل أثر كثيرا في نفسيتي.
ذهبت وطلبت من الممرضين أن يسلموني الجنين الميت ، بعد مداولات ونظرات استغراب واستهجان كثيرة لا أعلم سببها حتى الآن ، أخذت الجنين وبدأت أفكر كيف أحفظ هذه الجثة حتى الصباح سليمة حتى لا تبدأ في التعفن وإخراج روائح كريهة لا يتحملها أي إنسان سليم ، ولكي أقوم بدفنها بعد عودتي في اليوم التالي لبلدتي في مدافن العائلة ، وأعتقد أن هذا الأمر طبيعي جدا وليس فيه أي مبالغة مني.
بدأت المعاناة مع العاملين في المستشفى السلفي المحترم ، الذي يعج باللحى والنقاب ، سألت الممرضين والممرضات ، سألت الإداريين والعمال والعاملات هل ممكن وضع جثة هذه الطفلة الميتة في أي ثلاجة في المستشفى حتى الصباح لأن الجو حار جدا وخطر أن أتركها هكذا في درجة الحرارة العادية ، سمعت إجابات غريبة جدا ونظرات أغرب ، أفتى أحدهم قائلا " من الممكن أن تأخذ (توك توك) وتذهب للمدافن وهي قريبة من هنا وتضعها في أي قبر مفتوح " ، وقال أخر: " من الممكن أن تذهب لأي منطقة مجاورة في الأراضي الزراعية وتدفنها في أي مكان" ، المهم كلهم أجمعوا أن المستشفى ليس به ثلاجات ولا ديب فريزر لكي يتهربوا من تقديم المساعدة لي ، وفجأة قال أحدهم من الممكن أن تأخذها وتذهب للمستشفى العام هنا وتضعها في ثلاجة المستشفى وتتسلمها في الصباح ، طبعا هذا الأمر يحتاج لمستندات وأوراق وتصاريح وقصة روتينية فاشلة ومملة قبل أن أنتهى منها ستشرق شمس اليوم التالى الذي سنذهب فيه لبلدتنا.
في هذا الموقف فكرت سريعا واضررت لوضع الجثة في كيس كبير وربطها في نافذة مطلة على منور للمستشفى فيه تيار هواء شديد ، وظلّت هكذا حتى الصباح حتى أخذتها ، ثم تحركنا وخرجنا من المستشفى وعدنا لبلدتنا ودفنتها بيدي في قبر والدي رحمه الله.
أترك لكم التعليق ...

الأربعاء، 2 أبريل 2014

لا يمكن إصلاح الفكر الديني ..



لا يمكن إصلاح الفكر الديني ..
لست متشائما حين أقول لا يمكن إصلاح الفكر الديني بقدر رؤيتي الواقعية للمشهد والواقع الحالى في معظم بلاد العرب والمسلمين ، بعد فشل معظم الثورات العربية في إحداث تحول ديمقراطي حقيقي يحترم حقوق الإنسان ويحقق الأمن و العدالة الاجتماعية والمساواة وعدم التمييز بين جميع المواطنين بمختلف أشكالهم وألوانهم ودينهم ومعتقداهم وأفكارهم.
وكل يوم يزداد ضحايا الفكر الديني السلفي الوهابي المجرم الذي يقف على قاعدة صلبة وأساسية يؤمن بها حتى لو تناقضت مع كلام الله جل وعلا ، وهي قتل الأخر المختلف ، بعد نشر الفتن والضغائن في المجتمع بكره هذا الأخر المختلف في الفكر والرأي والدين والمعتقد ، فتحول المجتمع على أيد هؤلاء إلى مسلمين وكفار ، وطبيعي أن النتيجة الحتمية لهذا الانقسام هو الدخول في حرب قتالية يقع فيها معظم المسلمين ضحايا صرعى يقتل بعضهم بعضا بلا دية ولا هدف ولا فائدة تعود على المجتمع والأمثلة كثيرة في وطننا العربي.
وبعد فشل الاخوان في السلطة في مصر وسقوطهم وانكشاف أمرهم أمام بعض العقلاء والمنتبهين ، يحاول الآن السلفيون تقمص دور المصلح وداعية التنوير ومحاربة الارهاب والتكفير والعنف ، وهي أكبر نكتة ساخرة أسمع عنها منذ أن وعيت ، أن يقوم قاتل مجرم داعية من دعاة الارهاب والتكفير بتمثيل دور المصلح الذي يرفض التكفير والعنف والارهاب ، والنكتة التي تزيد عنها سخرية أن يصدقهم ويسير خلفهم بعض المغيبين من المواطنين أو السلاطين.
ولذلك أقولها بكل ثقة لا يمكن أبدا بهذه الطريقة إصلاح الفكر الديني ، لأن عملية إصلاح الفكر الديني لو صحّ استعمال هذا التعبير لا يمكن أبدا أن يحدث هذا الإصلاح على أيد هؤلاء القتلة الذين عاشوا عقودا طويلة يقتلون ويعلمون الأطفال والمراهقين الكره والبغض والطائفية و التحريض على الأخرين وتكفيرهم وحمل السلاح ضدهم ، فمن غير المعقول أبدا أن يتحول هؤلاء إلى ملائكة رحمة يريدون إنقاذ الدولة بحيث يقودون حملات للتنوير والاصلاح ورفض العنف والارهاب والتكفير ، فهذه مأساة بكل المقاييس ولا يجوز السكوت عليها مهما كان الثمن.

أين المشكلة والأسباب.؟
من وجهة نظري أرى أن الفكر الديني يتأسس على عاملين :
الأول : (المادة العلمية) أو المرجعيات (أي كل ما تم تدوينه وكتابته في عصور السلف) ويعتبر مرجعيات ثابتة لا تقبل الشك عند هؤلاء ، فهم يقدسونها ويرفعونها فوق آيات الله في القرآن الكريم بل ويحكمون من خلالها على القرآن الكريم الذي يعلو ولا يعلى عليه.
الثاني: العامل البشري أو من يقومون بعملية نشر هذه الدعوة وهذا الفكر الديني الموروث بلا تصحيح أو تفكير أو تنوير أو محاولة بسيطة يرجعون فيها لكتاب الله القرآن الكريم لكي ينير طريقهم ويصحح أخطاءهم ، ولأنهم لا يريدون هدى ولا نورا فهم ينشرون الفكر كما بكل ما فيه من حُسْـن وقـُـبـْح ، بل يقيمون حوله متاريس تحميه من النقد والنقاش ، ولا يسمحون لأحد سواهم أن يتعدى على تخصصهم لأنهم اعتبروا أنفسهم حماة هذا الدين وهذا التراث لدرجة أنه أصبح بالنسبة لهم مصدر رزقهم ، رغم تقديسهم لهذا التراث والفكر الديني الموروث لا مانع أبدا أن يقوم احدهم بوصف حديث أو أكثر بأنه كذب او ضلالات أو ضعيف أو موضوع ، وحدث هذا بعد ثورة 25 يناير ، ومن أشهر هذه الأحاديث حديث خيرج أجناد الأرض ، حيث قام الحويني ووجدي غنيم بوصفه بالكذب والضلالات ، وهذا أكبر دليل وأكبر تأكيد أن الفكر الديني بهذا الشكل يتأثر بالظروف السياسية الدائرة في المجتمع ، وأكبر دليل على صحة كلامي هو تناقض الاخوان والسلفيين في وجهات نظرهم وخطابهم السياسي والديني عدة مرات ــ في الفترة بعد 25 يناير 2011م ــ لينساب ويخدم مصالحهم ومشروعهم ، وهذا ما يبرر تمسكهم بهذا التراث ودفاعهم عنه لأنه يخدم مصالحهم ويحقق طموحاتهم ويخدمها ، ولكن القرآن الكريم واضح صريح لا يقبل الظلم واستباحة الدماء لأتفه الأسباب.
ولذلك بكل إصرار أكرر أنه لا إصلاح لهذا الفكر الديني ، لأن معظمه خطأ يدعو للتعصب للتمذهب للطائفية  لكره الأخر للتصفية الجسدية للمعارضين للتمييز بين الرجل والمرأة لظلم المرأة للتعامل مع المرأة على أنها وسيلة لتحقيق نزوات وشهوات الرجل وووووو... إلخ) ، والأهم لأنه فكر قديم اجتهد أصحابه في كتابته في عصور وظروف سياسية واجتماعية واقتصادية تختلف تماما عن العصر الذي نعيش فيه ، ومن المستحيل أن نقوم بعمليات تجديد أو إصلاح أو إجراء عمليات جراحية لهذا الفكر لكي نجعله مناسبا لعصرنا ، لأنه أولا وأخيرا كلام بشر لا يناسب إلا الزمن الذي قِيلَ فيه ، وطالما هذا الكلام كلام بشر فلابد أن يتأثر هذا الكلام بشخصيات من قالوه وبالوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الظروف التي عاشوا فيه.
والحل هنا في أمرين :
 الأول :ـ هو الاعتراف بكل شجاعة أن هذا الموروث الديني والفكر الديني الذي تركه السابقون لا يمثل الإسلام في شيء ، وإنما هو مجرد تاريخ وقصص عن السابقين نقرأه من باب معرفة التاريخ  ومن باب المعرفة العلمية فقط ، ولكن الفكر الديني الحقيقي الذي يجب أن نهتم به ونبحث عنه هو الاجتهاد لتجلية حقائق الإسلام عن طريق تدبر و فهم آيات وسور القرآن الكريم واستخراج صيغة جديدة مناسبة لعصرنا الراهن بكل ما فيه من متغيرات ومتطلبات لا يمكن أن تلبيها أفكار واجتهادات أشخاص عاشوا منذ أكثر من ألف عام.
الثاني :ـ اعتراف جميع مشايخ ودعاة السلفية والوهابية وجميع من يدافعون عن هذا التراث الديني البشري بأنهم كانوا على الخطأ ، وأنهم كانوا يعيشون في غفلة عن كتاب الله جل وعلا ، وأنهم تابوا وعادوا لرشدهم وأن مرجعيتهم الوحيدة الآن هي القرآن الكريم يحكمون به على كل تراثهم الفكري ويستنبطون منه مباديء جديدة يقيمون بها دولة حقيقية تحترم الإنسان وتقرر مباديء العدل والمساواة والحرية والديمقراطية والعدالة وعدم التمييز ، والقرآن الكريم جدير بهذا لأنه ما فرط في شيء ، ولأنه كلام رب العالمين فهو سار المفعول إلى يوم الدين ، وهو الكلام الوحيد الذي يناسب ويتناسب مع كل العصور مهما اختلفت ومهما تطورت أو تغيرت ، وهو الكلام الوحيد الذي يمكن أن يجتهد كل جيل في فهمه  ويستخرج منه أسلوب ومنهج حياة لأنه الكتاب الوحيد الذي أنزل من عند رب العالمين وتمت كتابته وصياغته بألفاظ وكلمتا معجزة غاية في الدقة والحكمة والعدل من الخالق جل وعلا بلا تمييز ودين تزكية لطائفة ضد أخرى إلا بالتقوى  والعمل الصالح  وفعل كل ما ينفع الناس ، ودون أن تتأثر هذه الكتابة الربانية بأوضاع سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية كما حدث في كل تراثنا الفكري والديني البشري ، وهنا جوهر الاختلاف بين كلام الناس وكلام رب الناس.
فليس من المنطق أن يقوم بمحاربة الإرهاب والتكفير من عاش عمره متخصصا ومتفرغا لنشر الارهاب وتعليمه للناس ، وكذلك لا يمكن أن يتم مقاومة الارهاب والتكفير بنفس المنهج الفكري والمرجعية الدينية التي تدعو للتكفير والارهاب والعنف والتمييز ، الخطوات الأولى في مسيرة الإصلاح هي الاعتراف بالمرض ، اعتراف المريض وهم الدعاة بأنهم قتلة مجرمون ارهابيون وأنهم كانوا على خطأ عظيم ، ويطلبون من المجتمع العفو التسامح معهم ، وكذلك الاعتراف بأن المنهج والمرجعية الفكرية والدينية لهم هي السبب الحقيقي فيما وقعوا فيه وفيما اقترفوه من آثام وجرائم.
لو حدث هذا سنعترف بأنهم فعلا يريدون الإصلاح والتنوير والتجديد ، ولو لم يحدث فأبشركم من الآن أننا في انتظار عشرات العقود من الرجعية والتعصب والتطرف والإرهاب باسم الدين ، ولكن هذه المرة كلمة السر هي الادعاء والتظاهر من جديد بالاعتدال والاصلاح والتنوير والمراجعات الشكلية الظاهرية ، وسيقع المسلمون في فخ جديد يمزق أواصل الرحمة والمحبة والتسامح بينهم وتسيل دماءهم في الشوارع ويعانون من الفقر والقهر والظلم بينما هؤلاء الدعاة الإرهابيون يعانون من التخمة ورغد العيش..