الثلاثاء، 28 يونيو 2011

محاكمة مبارك بين الحالة الصحية والحالة الأمنية والتمهيد للبراءة..!!

محاكمة مبارك بين الحالة الصحية والحالة الأمنية والتمهيد للبراءة..!!

المقال في جملتين:

صحة مبارك أهم من حياة جميع المصريين حتى بعد الثورة..!!

أمن مبارك أهم من أمن جميع المصريين حتى بعد الثورة..!!

التفاصيل....

حسب ما نشرته مؤخرا مجلة روز اليوسف عن استعانة مبارك بطاقم أمريكي بريطاني لمساعدته في تهريب أمواله خارج البلاد خلال ثمانية عشر يوما بدأت مع أول أيام الثورة وانتهت بيوم التنحي ، وفي هذه الأيام كان يتم قتل المصريين الأبرياء بالرصاص الحي في جميع محافظات مصر لأنهم طالبوا أن يعيشوا بحرية وكرامة وعدالة اجتماعية.

ومنذ اللحظات الأولى التي أصدر فيها النائب العام قرارا بحبس مبارك ونجليه ومنعهم من السفر ، والتحفظ على ما تبقى من فتات أموالهم و ممتلكاتهم التي لم ينجحوا في تهريبها بأرقام سرية أو نقلها لأسماء وهمية أو تركوها عن عمد ، ونظرا للضغط الثوري الشعبي المستمر لتحقيق المطالب التي فرضتها ثورة الخامس والعشرين من يناير ـ وإن شاء الله لا مفر من تحقيقها ـ ، وكل يوم نقرأ تقريرا طبيا مغايرا عن الحالة الصحية لمبارك ، معظمها كانت تفيد سوء حالته الصحية وخطورة نقله من منتجع شرم الشيخ مما سيعرض حالته النفسية قبل الصحية لخطر قد يؤدي للوفاة ، وأن عملية نقله في هذه الحالة الصحية السيئة تعتبر مخالفة صريحة للقانون المعمول به في مصر ، ولن يستطيع أحد تحمل مسئولية نقل مبارك وهو في حالة صحية سيئة ، وفيما يبدو أن هذا القانون هو قانون خاص بالرئيس المخلوع مبارك وحده.

وتزامنا مع حالة الصخب الإعلامي حول صحة مبارك يقوم جهاز الشرطة المصري بتلقين الشعب المصري درسا لأنه طالب بحقه في الحرية والكرامة ، وطالب بأن يكون رجل الشرطة إنسان يراعي إنسانية المواطنين ، ويقوم البلطجية والخارجين عن القانون والمسجلين خطر بهذا الدور على أكمل وجه من أجل عيون جهاز الشرطة الشرطة ــ الذين يلعبون في أقسام الشرطة لعبة بلاي ستايشن ــ ، تاركين الوطن والمواطنين للبلطجية والخارجين عن القانون يفلعون به وبهم م يشاءون ، حتى يقولوا للمصريين هذا جزاء ثورتكم ضد قمع الشرطة.

وفي نفس السياق حدثت جرائم بشعة في حق خمسة من المصريين على يد رجال الشرطة أدى إلى ضحيتين وثالث فقد عينه ، بالإضافة لقيام ممثل النيابة باستجواب أحدهم وهو تحت تأثير البنج ، ناهيك عن كتابة تقارير كاذبة مضللة غير حقيقية ضد الضحايا لخدمة رجال الشرطة ، ، وذلك لتبرئة رجال الشرطة ، وإلقاء اللائمة على عاتق المواطنين ، وأنهم خالفوا القانون ، حيث تعدى أحدهم بالضرب على مأمور قسم الأزبكية ، والثاني كان شقيقه يسير بالتوك توك مخالفا لقواعد المرور ، جاء أخيه لينجده من الضابط فارتكب أخيه جناية مهاجمة رجال الشرطة بالسلاح الأبيض ، وأنا هنا لا أوجه التهمة لرجال الشرطة ، لأني لا أملك دليلا على ذلك ، لكن الأهم لماذا كانت كل الإجراءات سريعة لمحاولة إخفاء الحقيقة وتضليل العدالة ، كما حدث في محاولة إخفاء الأشعة في موضوع مستشفى بولاق الدكرور التي وصل إليها المصاب وهو يحتضر ولولا ضمير الموظف (فني الأشعة) لضاعت الحقيقة وضاع حق الضحية ، ورغم ذلك أهالي المصاب هم من بلغوا النيابة وطالبوا بتشريح الجثة ، وتمت الإجراءات بهذه السرعة لتبرئة فريق وإدانة الآخر.؟ على الرغم من حدوث جريمتي قتل..!! ولم يحاكم أحد ولم يحاسب أحد ، وهنا لابد أن نسأل أنفسنا أين القانون الذي يتعاملون به مع مبارك في شرم الشيخ وكلهم حرص على حياته وحالته النفسية .؟، عرفتم إلى أي مدى حياة المصريين لا تزال رخيصة.؟.!! (طبعا عند الفاسدين فقط).

وعندما زاد وفاض الحديث عن الحالة الصحية لمبارك في جميع البرامج التلفزيونية والمواقع الإخبارية ونفذت كل سبل الاستعطاف المتاحة لديهم ، واستمرار إهانة وتعذيب وقتل المصريين في أقسام الشرطة ، فأصبح الحديث عن صحة مبارك مسرحية هزلية نسبيا ، وبعد جمعة الغضب الثانية ، التي كان ضمن مطالبها الإصرار على محاكمة جميع القتلة والفاسدين وعلى رأسهم مبارك ، ولما تجمع حوالى خمسة آلاف مصري أمام مستشفى شرم الشيخ مطالبين بنقل مبارك من شرم الشيخ حتى تعود للمدينة طبيعتها الهادئة الآمنة التي تسحر القلوب وتخلب العقول وتجذب السياح من شتى بقاع الأرض لشد الرحال إليها ، كما طالب المعتصمون بسرعة نقل مبارك حتى تعود الحياة لطبيعتها بالنسبة لهم ولأرزاقهم التي تأثرت سلبا بوجوده داخل شرم الشيخ ، فكان لابد من تغيير الخطاب والبحث عن سبب مقنع يمكن تصديقه.

بدأت مرحلة جديدة في التعامل مع مبارك والحديث عن محاكمته ، والحديث عن شخصه ، وأنه ليس متهما عاديا ، ومحاكمته تحتاج لعملية تأمين صعبة جدا ، يصعب على أي جهة تحمل مسئوليتها خصوصا في ظل حالة الانفلات الأمني التي تعاني منها البلاد منذ يوم الثامن والعشرين من يناير الماضي (وسببها الأول والأخير هو جهاز الشرطة) ، وهنا بدأت مرحلة الحالة الأمنية ، معظم المتخصصين في القانون والعمل الأمني والقضاء كان حديثهم يصب في اتجاه واحد وهو استحالة محاكمة مبارك في القاهرة بسبب الحالة الأمنية من جهة ، ومن جهة أخرى بسبب الظروف الصحية ، وبدأ بالفعل التجهيز لمكان المحاكمة في شرم الشيخ ، بعد أن تم تجهيز مستشفى سجن طره منذ أسابيع ، وأعلن رسميا أن مبارك سينقل إلى طره خلال ساعات ، لكن يبدو أنها كانت عملية تنويم للمصريين قبيل جمعة الغضب الثانية.

كما تم إضافة تصريح خطير وهو نقل علاء وجمال مبارك لشرم الشيخ لصعوبة محاكمتهم في القاهرة بسبب الحالة الأمنية أيضا ، ولأنهم سيحاكمون مع أبيهم في نفس التهم وفي قضية واحدة.

التعليق::

أولا: الإصرار على محاكمة مبارك في شرم الشيخ بسبب حالته الصحية أو بسبب الحالة الأمنية أمر قد يكون مقبولا ، رغم رفضي وعدم اقتناعي بهذا مطلقا وأتمنى أن يدخل مبارك سجن طره كما دخله آلاف الشرفاء الأبرياء من شعب مصر ظلما وعدوانا إرضاء لمزاج مبارك من قبل ، مع العلم أن محاكمة مبارك في شرم الشيخ ستكلف الدولة مبالغ طائلة ذهابا وإيابا لأعداد من القضاة وممثلي الادعاء (النيابة) في كل جلسة من جلسات المحاكمة ، لو حدثت المحاكمة أصلا.

ثانيا: أما عملية نقل علاء وجمال من طره إلى شرم الشيخ للمحاكمة فهذه نكتة كبيرة جدا ، ومن يوافق عليها أو يفكر فيها فأقول له بكل ثقة أنت لم تشعر بالثورة حتى الآن ، لأن نقل أي متهم من القاهرة إلى شرم الشيخ هي عملية مكلفة جدا وصعبة جدا جدا ، وهي تضرب عرض الحائط بكل ما يقال عن الحالة الأمنية في القاهرة ، وعن صعوبة المحاكمة داخل القاهرة ، لأنه من وجهة نظري ( كلما بَـعُـدَت المسافة بين مكان الحبس ومكان المحاكمة ـ كلما ازدادت صعوبة تأمين المتهمين ذهابا وإيابا) ، فأقول لأصحاب نظرية (الحالة الأمنية في القاهرة سيئة ولا تصلح لمحاكمة مبارك ونجليه) إذا كان من الصعب تأمين عملية نقل علاء وجمال من طره إلى التجمع الخامس ، فهل الأسهل هو تأمين نفس العملية من القاهرة إلى شرم الشيخ ذهابا وإيابا أكثر من مرة.؟. ألهذه الدرجة تسخرون من عقول المصريين..!!

ثالثا: سيقول قائل من الممكن أن تتم عملية النقل بالطيران ، وهنا أقول أن هذه هي الخطوة الأولى في خطة هروب مبارك ونجليه من مصر بعد نجاحهما في تهريب تحويشة العمر وتأمينها قبيل التنحي بساعات ، كما أعلن موقع روزا ويسف.

رابعا: أعتقد أن تأجيل محاكمة مبارك ونجليه لهذا الأمد البعيد سيكون له مفعول السحر لهما لتصريف الأمور والاتفاق بهدوء لتأمين خطة الهروب خارج البلاد ، وكما نجح مبارك في توكيل طاقم أمريكي بريطاني لتهريب أمواله في نفس الوقت الذي سقط فيه مئات القتلى وآلاف الجرحى ، ولم تهتز شعره من رأسه (هذا حسب ما نشرته روزاليوسف) ، وهذا ليس اتهاما للقضاء بالتواطؤ ، ولكنه مجرد تذكرة وتنبيه أن مزيدا من الوقت يعني إعطاء هؤلاء فرصة لتستيف الأوراق من جديد وإخفاء بقايا لأي دليل ضدهم في جميع التهم المنسوبة إليهم ، حتى لو فشلت خطة الهروب ستكون البراءة هي الحكم الطبيعي الذي ينتظرونه بعد الجهود الكبيرة التي قاموا بها منذ اندلاع الثورة والوقت الوفير الذي استغلوه من البداية ، ولا يزال أمامهم الوقت حتى أولى جلسات المحاكمة في 3سبتمر 2011م ، وأعتقد حين يأتي موعد المحاكمة ستكون الأدلة المتاحة لا تسمح إلا بأحكام بسيطة وتافهة يمكن أن يحكم لهم بالبراءة لعدم كفاية الأدلة.

خامسا: ما جعلني أقول هذا الكلام : حينما سمعت الأستاذ / فريد الديب محامى مبارك ونجليه : في برنامج (ضوء أحمر) على قناة دريم2 حيث كان يتحدث بكل ثقة ، وبكل طمأنينة بأسلوب متمكن فيه احتراف في اختيار الألفاظ والعبارات ، وقال أن التهم الموجهة لمبارك ثلاث تهم فقط ، وأن عنده الرد على كل تهمة وأنه سيقول هذا الرد في المحكمة ، كما ضرب أمثلة كثيرة جدا أنه ترافع في قضايا أخطر من هذه وتمكن من تبرئة المتهمين ، والحوار في مجملة أعتبره من وجهة نظري عملية تمهيد وتأهيل للمواطن العادي لتلقي خبر براءة مبارك ونجليه بصدر رحب.

أخيرا:

خلال الشهور القليلة الماضية تأكدنا جميعا أن عنصري الأمن و الوقت هما أهم العناصر التي استفاد منها أعداء الثورة ، وهناك أمثلة كثيرة على هذا ، وأكرر تأخير محاكمة رموز نظام مبارك ، وتأجيل محاكمة مبارك ونجليه كل هذا الوقت بحجج حالته الصحية وحالة البلد الأمنية هو كلام غير مقبول ، وأقول ـ تجاوزاـ يمكن محاكمة مبارك في شرم الشيخ ، وإذا كان البعض يؤمن بنظرية مضمونها أن عملية نقل مبارك إلى مصر صعبة ومستحيلة أعتقد أن العقل والمنطق يقولان أن عملية نقل نجليه من القاهرة إلى شرم الشيخ ستكون أكثر صعوبة بل مستحيلة تطبيقا لنفس النظرية ، ناهيك عن التكلفة المالية لهذه المحاكمات الغريبة والفريدة من نوعها ، ومن أين ستوفر الدولة ميزانية للإنفاق على هذه التنقلات والمحاكمات التي قد تستمر لشهور طويلة.؟ لو حدثت أصلا..!!

طبعا سيتم الإنفاق عليها من أموال الشعب المسكين الذي لم يذق حلاوة ثورته حتى الآن بحصوله على حد أدنى للأجور ، على الرغم من الصداع الذي سببه لنا جميع خبراء الاقتصاد وكل من يدعى خوفه على مصر من أزمة اقتصادية وشيكة ستحل بالبلاد ، بينما مبارك قابع في شرم الشيخ ولا يعلم أحد من يدفع فاتورة علاجه ، وهؤلاء جميعا لم ينطقوا بحرف واحد بخصوص تكلفة محاكمة مبارك ونجليه في شرم الشيخ ، وكل ما يشغل الجميع هو السفسطة عن الحالة الصحية والحالة الأمنية.

أرجوكم ارحمونا يرحكم الله ..

في الدولة المدنية ... من بـدّل دينه فلا تقتلوه..!!

في الدولة المدنية ... من بـدّل دينه فلا تقتلوه..!!

منذ بداية عام 2006م كنت أشارك في إعادة نسخ الأبحاث والكتب والمقالات وجميع الكتابات التي خطها قلم الدكتور ـ أحمد صبحي منصور ـ ،و سبق نشرها في الصحف والمجلات أو تمت طباعتها في كتب ، وذلك ليعيد نشرها على صفحات الإنترنت ، وفي عهد مبارك البائد كان هذا العمل يعتبر جريمة نكراء يستحق فاعلها الاعتقال على يد زبانية أمن الدولة ، إضافة لترويع الأطفال والعجائز من النساء ، ويتم ذلك بعدة خطوات: تبدأ بحصارنا إعلاميا وتشويه صورتنا ووصفنا واتهامنا بالكفر والردة عن طريق مشايخ الأزهر ودعاة الوهابية في جميع القنوات المحلية و الفضائية ، وهي جريمة يقوم فاعلوها بوضع قلة من الأبرياء تحت الطلب من أباطرة أمن الدولة بالإضافة لوضعهم أمام مدافع القتل من الشباب المتطرف ، وهذا ما حدث معي تحديدا ، عن طريق شيخ الأزهر السابق حين أمر بالتحقيق معي ثم الخصم من راتبي لأنني ارتكبت جريمة الكتابة على صفحات الإنترنت ، وأكمل جهاز أمن الدولة المجرم حلقات هذا المسلسل الكئيب بمعاقبتي بالاعتقال لأنني ارتكبت جريمة الكتابة بواسطة لوحة المفاتيح على جهاز الحاسوب الخاص بي ، وكنت أشارك في إعادة نسخ رحيق العمر الذي ضحى من أجله الدكتور أحمد صبحي منصور بالكثير والكثير ، من أجل كلمة حق قالها ويقولها مهما كانت العواقب ، وعلى الرغم أن أعداءه وكل من يكفروه من أتباع الوهابية يؤمنون بأن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر.

وبينما كنت أقوم بهذه الجريمة (جريمة النسخ أو الكتابة)على حد وصف الأزهر وأمن الدولة ، كان جهاز أمن الدولة يشرف على عمليات سرقة مليارات المصريين ويشرف أيضا على تأمين نهب موارد مصر وبيعها في وضح النهار وبيع وإهداء أراضيها للفاسدين والمجرمين والخونة والعملاء ، وكذلك كان يشرف على توزيع ثروات الشعب المصري على عصابة حسنى مبارك والمقربين منه ، وكان الأزهر ملتزما بالصمت أمام كل هذا ، إضافة لخنوعه وصمته أمام تزوير الانتخابات في عام 2005 ، و2010 ، دون أن يخرج شيخ أزهري يوجه اللوم لمبارك وحزبه الوطني وما فعلوه من جرائم في حق المصريين ، وكانوا يرسلون له برقيات تهنئة سنويا في عيد النصر يوم السادس من أكتوبر وآخرها كان يوم السادس من أكتوبر عام 2010م ، كما نشر في جريدة صوت الأزهر ، وكذلك تهنئته بعيد الفطر وعيد الأضحى من كل عام ، ورغم كل هذا تفوق هؤلاء جميعا على أنفسهم في شيء واحد وهو اضطهاد القرآنيين واتهامهم بجريمة الكتابة ، التي تحولت في سرايا النيابة لتهمة إنكار السنة ، ثم تطورت إلى تهمة (ازدراء الدين الاسلامي) لأن القانون المصري ليس فيه جريمة باسم (إنكار السنة).

وأثناء مساهمتي في إعادة نسخ أعمال الدكتور أحمد صبحي منصور ، كان ضمن هذه الكتابات مقالات نشرت ومقالات لم تنشر بعد أذكر منها مقالا بعنوان (الإسلام دين الحرية في الفكر والعقيدة )وكتابا مفصلا لم ينشر بعد عن (ملامح الدولة المدنية) ، خَـطـّهُما في يناير ــ 1992م ، تفضل فيهما الرجل بتحليل رائع وسهل وبسيط جدا لملامح الدولة المدنية في عهد خاتم النبيين عليهم جميعا السلام وكيف كان يتعامل خاتم النبيين مع أعداءه وأعداء الإسلام طبقا للوحي القرآني ، ومن خلال هذا التحليل وجدت أن هناك عشرات الآيات القرآنية التي تبين لكل ذي بصيرة أنه ليس من حق أي مخلوق بشرى مهما كان اسمه و حجمه أو منصبه أن يتدخل في عقيدة أي مخلوق آخر ، بمعنى أوضح أقول أنه ليس من سُلطة الأزهر أو الكنيسة أن توافق أو تشرف أو تشهد على دخول أو خروج أحد المواطنين من وإلى أي دين ، لأن هذه المؤسسات لم ولن يفوضها الله جل وعلا كي تعمل باسمه على الأرض لتراقب عقائد الناس أو تشرف على اختيارهم الديني ، أو تعطى صكوك الغفران لـ س أو ع من خلق الله ، بالإضافة أن ما يفعله هؤلاء لم يفعله أو يفكر فيه خاتم النبيين عليهم جميعا السلام ، وهو صاحب الرسالة الخاتمة ، كان ينزل عليه الوحي من السماء يشرح له كيفية التعامل مع المنافين والكفار والمشركين ، وكل من يكذب بالقرآن ، وكيف يتعامل مع كل من يقيم جلسات يسخر فيها من القرآن ، وكيف يتصرف مع كل إنسان يسيء للنبي والمسلمين المؤمنين أو يسيء لله جل وعلا وقرآنه العظيم ، ولا توجد آية قرآنية واحدة تبيح لخاتم النبيين أن يقيم حد الردة أو يتهم أحدا بالكفر حتى لو وصل اعتداء هذا الإنسان إلى السخرية من خاتم النبيين وتكذيبه فيما يقول ، لكن كان الوحي يأمر النبي عليه السلام أن يعرض عنهم ويصفح عنهم.

وبعد هذه المقدمة أتناول في عجالة بعض حديث من أحاديث البخاري (من بدل دينه فاقتلوه)...!! ، (لا يحل دم أمرئ إلا بثلاث ....... التارك لدينه المخالف للجماعة) ، وهذه الأحاديث لا تفيد إلا معنى واحد فقط ، وهو أن أي مسلم يترك دين الإسلام أو يبدل دينه أو يفارق الجماعة أو يختلف مع الجماعة يجب قتله ، من لديه تفسير غير هذا فليتفضل.

والأخطر من هذا أن أي مفكر يملك أدوات البحث والاجتهاد يحاول نقد البخاري أو إظهار كذب بعض أو معظم أحاديثه ومخالفتها الصارخة لآيات القرآن يوجهون له تهمة إنكار السنة والردة ، ليسهل تطبيق أحد هذه الأحاديث عليه ، ويتم الخلاص منه ، دون الدخول معه في مناظرات أو حوارات لا يقدرون عليها ، فتحول البخاري لإله يعبد مع الله عند قطاع كبير من المسلمين ، وقد تربى وترعرع على أحاديثه دعاة الوهابية ومن يتبعها من جميع التيارات الدينية ، وأصبح تكذيب البخاري ردة توجب قتل صاحبها ، بينما خاتم النبيين كان مأموراً بأن يعرض ويصفح ويعفو عمن كذبوا عليه ، وكذبوا بالقرآن وسخروا منه واستهزأوا بآياته ، بل وخططوا لهزيمة المسلمين في معاركهم الدفاعية ضد المشركين والكفار.

وأخيرا بعد هذا العمر الطويل اقتنع أحد دعاة السنة أن البخاري تحول إلى إله ، وأن هناك أحاديث في صحيح البخاري وضعت خصيصا للطعن في القرآن ، وهذا ما اقتنع به مؤخرا الشيخ محمد هداية حين كذّب حديث سحر النبي ، في برنامجه طريق الهداية ، ولكن مازال المشوار طويل أمام هؤلاء ليؤمنوا أن البخاري هو أكبر عدو للإسلام والمسلمين ، وأكبر دليل على ذلك ما صرح به الشيخ الحويني مؤخرا حين قال أن احتلال بلاد المسلمين أهون ألف مرة من سقوط البخاري http://www.shorouknews.com/contentdata.aspx?id=454998

وبعد هذه الفقرة سأعرض اقتباس من مقال (الإسلام دين الحرية في الفكر والعقيدة )للدكتور أحمد صبحي منصور ، فيه تحليل قرآني رائع لملامح الدولة المدنية الحقيقية في عهد خاتم النبيين ، ويظهر الهوة السحيقة بين منهج القرآن في بناء الدولة وعلاقة السلطة الحاكمة بالمواطنين ، واحترام حرية الاختلاف وحرية الفكر والمعتقد كما جاءت في القرآن ، وبين ما يقوله البخاري ، وهو ما يريد تطبيقه أرباب التيارات الدينية على الشعوب العربية والإسلامية ، حين يقيمون دولة الخلافة ، بعد أن يعيدوا تربية الناس.

الإسلام دين الحرية في الفكر والعقيدة

اقتباس "الواقع أن الحرية المطلقة للرأى مبدأ أرساه الإسلام منذ ظهوره، وطبّقه الرسول (صلى الله عليه وسلم) وبعض الخلفاء الراشدين ثم صودرت هذه الحرية بقوة السيف فى الدولة الأموية ثم جاءت الدولة العباسية بمفهوم ثيوقراطى للحكم، وتشرع ذلك المفهوم بنصوص دينية مصنوعة تعارض القرآن، ولكن تم ربطها بالرسول من خلال الأحاديث، وتحولت الثيوقراطية العباسية إلى واقع ثابت تأكد بالفترة الطويلة التى قضتها الخلافة العباسية فى الحكم وبتدوين التراث الذى يضم أفكار المسلمين ومعتقداتهم، ذلك التراث الذى لا يزال محسوباً على الإسلام حتى الآن، والذى أصبح الإطار التشريعى لدعاة الدولة الدينية الذين يريدون نظاماً سياسياً دينياً على الطريقة العباسية، وهم يحسبون أن ذلك هو الإسلام، ولهم فى ذلك بعض العذر، لأن المؤسسات الدينية التى ينبغى أن تنهض لتجلية حقائق الإسلام قد عجز المسئولون فيها عن تأدية هذا الدور وداروا عجزها باستخدام نفس التراث العباسى فى اتهام المجتهدين بالردة والكفر، وأولئك المسئولون يجدون كل التعضيد من جماعات التطرف إذ يجمعهم إطار تشريعى واحد هو التراث العباسى وهدف واحد هو الدعوة لقيام الدولة الدينية، ثم يجد أولئك المسئولون فى نصوص القانون الحالى ما يحقق هدفهم من السيطرة على أجهزة الإعلام والنشر والحياة الفكرية بحيث يصادرون من خلالها أى فكر بحجة أنه يهاجم الإسلام.
هذا مع أنهم يمثلون بذلك أكبر خطر على مستقبل الوطن حيث يمهدون لقيام دولة دينية لا تعترف باختلاف الرأى وتعتبره خروجاً على الدين يستحق القتل وتفتى بأن للحاكم الدينى أن يقتل ثلث الأمة لإصلاح حال الثلثين.. أى قتل عشرات الملايين ليصفو لهم الجو..!!
إن النضال ضد هذه الأفكار ينبغى أن يبدأ بالمطالبة بالتخلص من تلك القوانين التى تجعل من أولئك المسئولين متحكمين فى الفكر الدينى، وبالعودة إلى حقائق الاسلام التى تؤكد على حرية العقيدة والتعبير عنها بكل الصور.. هذا إذا كنا نهتم بمستقبل بلدنا وأولادنا.. والله المستعان.

القسم الأول
حرية الرأى فى نصوص القرآن
جذور حرية الرأى فى عقيدة الإسلام:
حرية الرأى للإنسان هى الأساس فى وجوده فى هذه الدنيا، بل هى الأساس فى خلق الله تعالى للكون وهى الأساس فى فكرة اليوم الآخر. إلى هذا الحد تمتد جذور حرية الرأى فى عقيدة الإسلام، وذلك بالقطع ينهى كل الحجج التى يخترعها أنصار مصادرة الرأى باسم الدين.
ونأتى إلى آيات القرآن الخاصة بذلك الموضوع وبالترتيب.
1-
فالله تعالى أبدع هذا الكون بما فيه من كواكب ونجوم ومجرات، وتلك النجوم والمجرات مجرد مصابيح كما وصفها القرآن للسماء الدنيا، فالسماوات السبع تقع فيما وراء الكون الذى نعجز عن مجرد تخليه، والله تعالى يقول ﴿لَخَلْقُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ النّاسِ وَلَـَكِنّ أَكْـثَرَ النّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ (غافر 57).
2-
ولكن هذا الكون وتلك السماوات مع عظمتها الهائلة فقد خلقها الله تعالى لهدف واحد هو اختبار ذلك المخلوق المسمى بالإنسان، يقول تعالى ﴿وَهُوَ الّذِي خَلَق السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ (هود 7) أذن فخلق السماوات والأرض ليخبرنا الله أينا أحسن عملا.
3-
ونتيجة هذا الاختيار وموعده يكون يوم القيامة، حيث يدمر الله تعالى ذلك الكون وتلك السماوات ويأتى بأرض جديدة وسماوات جديدة ويحاسب الناس على أعمالهم فى الدنيا ﴿يَوْمَ تُبَدّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهّارِ﴾ (إبراهيم 48).
4-
لذا فالإنسان مأمور أن يتفكر فى الحكمة من خلق السماوات والأرض ﴿وَيَتَفَكّرُونَ فِي خَلْقِ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ رَبّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النّارِ﴾ (آل عمران 191). فالله تعالى لم يخلق السماوات والأرض عبثا ﴿وَمَا خَلَقْنَا السّمَآءَ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ﴾ (الأنبياء 16) بل خلقهما لهدف حق، وجعل لهما أجلاً معيناً يلحقهما التدمير بعده ﴿مَا خَلَقْنَا السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاّ بِالْحَقّ وَأَجَلٍ مّسَمًى وَالّذِينَ كَفَرُواْ عَمّآ أُنذِرُواْ مُعْرِضُونَ﴾ (الأحقاف 3). وكل إنسان له اختباره حين يوجد على هذه الأرض ويعيش فيها فترة عمره المقدرة له سلفاً، وبعد هذه الحياة يموت ويعود إلى البرزخ الذى منه جاء، ومطلوب من الإنسان فى تلك الحياة أن يعرف أن الله أوجده فى هذه الدنيا لاختبار موعده فى الحياة الأخرى ﴿الّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ (الملك 2). وحين يقضى الإنسان حياته غافلاً عن ذلك الهدف من وجوده يفشل فى الاختبار ويكون مصيره إلى النار، ويقول له الله تعالى يذكره بالهدف من وجوده ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ﴾ (المؤمنون 115).
يقول له هذا فى اليوم الآخر بعد أن ينتهى كل شىء!!
5-
ويلاحظ أن الله تعالى قد جعل عناصر الاختيار متوازنة وعادلة، فقد خلق الإنسان على الفطرة النقية أى الميزان الحساس الداخلى الذى يميز بين الخير والشر والذى يؤمن بالله وحده، وفى مقابل هذه الفطرة سلط عليه الشيطان للغواية، وأرسل له الرسل وأنزل معهم الكتب السماوية وفى مقابل ذلك زين له الدنيا وغرورها، وفوق ذلك كله خلقه حراً فى أن يطيع وأن يعصى وفى أن يؤمن وأن يكفر وجعل له سريرة يحتفظ فيها بكل أسراره ونوازعه ومشاعره وهواجسه وأفكاره بعيدة عن متناول كل مخلوق سواه لتكون له ذاتيته المستقلة، فإذا أراد أن يكون حراً كان حراً وإذا أراد بمحض اختياره أن يكون عبداً لغيره من البشر ومن الأفكار كان كذلك، المهم أن الاختيار فى يده هو، وعن طريق هذا الاختيار يستعمل الإنسان حريته كما شاء، فإذا تسلط الآخرون عليه بقوانين غير إلهية وصادروا حقه فى الكفر اختار هو فى سريرته أن يكفر بل أن ينكر الفطرة فى داخله، وينكر وجود الله الذى خلقه... إلى هذا الحد خلق الله تعالى الإنسان حر الإرادة إلى درجة أنه تعالى سمح له بأن يصل تفكيره الحر إلى إنكار وجود الخالق تعالى ذاته.
6-
وفى مقابل هذه الحرية التى خلق الله الإنسان عليها فى الدنيا فإن يوم الاختبار أو يوم القيامة لا مجال فيه للحرية أو الاختبار، فتلك الحرية الفردية الإنسانية فى التفكير وفى العمل والتصرف تنتهى عند لحظة الاحتضار والموت، وبعدها يتعين على الإنسان أن يواجه مسئوليته عن عمله الدنيوى، ولذلك فإن حديث القرآن عن يوم القيامة يأتى دائماً بصيغة المبنى للمجهول، يقول تعالى مثلاً ﴿وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِـيءَ بِالنّبِيّيْنَ وَالشّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ. وَوُفّيَتْ كُلّ نَفْسٍ مّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ. وَسِيقَ الّذِينَ كَـفَرُوَاْ إِلَىَ جَهَنّمَ زُمَراً.... وَسِيقَ الّذِينَ اتّقَوْاْ رَبّهُمْ إِلَى الّجَنّةِ زُمَراً..﴾ (الزمر 69: 71، 73) فلم يقل جاء النبيون والشهداء، إنما قال ﴿وَجِـيءَ بِالنّبِيّيْنَ وَالشّهَدَآءِ﴾ ولم يقل وذهب الذين كفروا إلى جهنم وإنما قال ﴿وَسِيقَ الّذِينَ كَـفَرُوَاْ إِلَىَ جَهَنّمَ زُمَراً﴾ وهكذا قال ﴿وَسِيقَ الّذِينَ اتّقَوْاْ رَبّهُمْ إِلَى الّجَنّةِ زُمَراً﴾.
إذن كل منا يؤتى به يوم القيامة مقبوضاً عليه ﴿وَجَآءَتْ كُلّ نَفْسٍ مّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ﴾ (ق 21) أو بالتعبير القرآنى ﴿وَإِن كُلّ لّمّا جَمِيعٌ لّدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾، ﴿إِن كَانَتْ إِلاّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لّدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ (يس 36،53). وكلمة "محضرون" بضم الميم وسكون الحاء وفتح الضاد، أى يتم إحضارهم حيث تنعدم لديهم حرية الإرادة وإمكانية الهرب.
فالله تعالى أعطانا حرية الإرادة فى الدنيا ليختبرنا، وأنزل الدين الذى أمرنا باتباعه، وأنزل بذلك الدين كتباً سماوية، ولم ينزل معها سيفاً وملائكة تأمر الناس باتباع ذلك الدين، ولم يجعل الجحيم فى الدنيا، بحيث أن من يكفر ويعصى يؤتى به ليلقى فى الجحيم أمام أعين البقية من البشر، ولو فعل ذلك ما كان هناك اختبار أو امتحان، وإنما أنزل الدين مجرداً عن ذلك وترك الحرية لمن يؤمن ولمن يكفر وجعل الامتحان مؤجلاً ليوم سماه "يوم الدين" أو "يوم الحساب" وقال أنه سيأتى فى ذلك اليوم وسيحكم فيه بين الناس بذاته، وحين يأتى الله تعالى يوم الدين وحين تشرق الأرض بنور ربها فقد اتنتهت إلى الأبد حرية البشر فى الإرادة وتعين عليهم أن يواجهوا نتيجة عملهم الذى كان.
7-
والله تعالى لم يعط سلطته فى الدنيا لبعض الناس ليعاقبوا باسمه من اختلف معهم فى الرأى، أو من كفر بالله، والذين يدعون لنفسهم هذا الحق المزعوم إنما يفسدون القضية من جذورها ويتقمصون دور الإله حيث لا إله إلا الله، ويتحكمون فيما رغب عن التحكم فيه رب العزة حين ترك العقل الإنسانى حراً بلا قيد، يفكر بلا حدود ويؤمن إذا شاء، ويكفر إذا أراد، ويعلن ذلك بجوارحه كيف أراد. هذه الفئة من البشر علاوة على أنها تزيف دين الله وتغتصب سلطاته التى ادخرها لذاته يوم الدين فإنها أيضاً تعطى الحجة لمن ينكر حساب الآخرة وعذاب النار، وحجتهم أنه إذا كان هناك إرغام على الإيمان، وإذا كان هناك إكراه فى الدين فلا مجال حينئذ لأن يكون هناك حساب وعقاب يوم الدين. بل إنهم يعطون دين الله تعالى وجهاً قبيحاً متشدداً دموياً متحجراً متخلفاً، ويسهمون فى إبعاد أغلبية الناس عنه، وهذا الوجه القبيح لا علاقة له بدين الله تعالى، بل هو وجههم هم، وهو دينهم هم، الذى يناقض دين الله تعالى جملة وتفصيلا.
ولأنهم الأعداء الحقيقيون لدين الله فإن الله تعالى شرع القتال والجهاد ضدهم، وشرع القتال والجهاد لا لإرغام الناس على دخول الإسلام وإنما لتقرير حق الناس فى الإيمان أو فى الكفر وفى رفع وصاية الكهنوت عليهم، والكهنوت هم أولئك الذين يدعون التكلم باسم الله ويتحكمون باسمه فى عقول الناس وأفكارهم. حاربهم الإسلام بالجهاد وتشريع القتال، ولكن أفلح الكهنوت العباسى والشيعى فى قلب المفاهيم وتحريف الإسلام عن مواضعه.
8-
والله تعالى أوضح فى أكثر من موضع فى القرآن الكريم بأنه سيحكم بين الناس فى اختلافاتهم الدينية يوم القيامة، ولذا سماه يوم الدين، وكان المشركون يأتون للنبى ليجادلوه عناداً، فأمره ربه بأن يعرض عنهم وأن يعلن لهم تأجيل الحكم إلى يوم الدين، حيث يحكم الله تعالى بينه وبينهم ﴿وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ. اللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ (الحج 68: 69) ويقول تعالى عن حال الكافرين فى عدم الإيمان بالقرآن ﴿وَلاَ يَزَالُ الّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرْيَةٍ مّنْهُ حَتّىَ تَأْتِيَهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ. الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ للّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ﴾ (الحج 55: 56).
وحين انتقل النبى للمدينة وأصبح حاكماً لدولة وقائداً لأمة لم تسمح له نصوص القرآن بإكراه المنافقين على الإيمان والطاعة، بل كانت لهم حرية الرأى مطلقة، وكانوا يتربصون بالمؤمنين فى أوقات الحرب، وتلك خيانة عظمى فى القوانين الوضعية، ولكن الله تعالى جعل العقوبة عليها مؤجلة إلى يوم الدين، حيث سيحكم فيها بين المؤمنين والمنافقين، يقول تعالى ﴿الّذِينَ يَتَرَبّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مّنَ اللّهِ قَالُوَاْ أَلَمْ نَكُنْ مّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوَاْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾ (النساء 141).
إن الدين لله وحده، وقد شاء أن يختبرنا فخلق السماوات والأرض، ثم خلقنا أحراراً نؤمن إذا شئنا ونكفر إذا أردنا، ولم يجعل سلطة للأنبياء وهم صفوة البشر على إكراه أحد على الإيمان، وكل منها ينتهى اختباره بلحظة وفاته، وبعد قيام الساعة سيواجه كل منا مصيره فى يوم اسمه يوم الحساب أو يوم الدين." انتهى الاقتباس

ولمتابعة المقال كاملا على هذا الرابط

http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=26


لا أريــد من رئـيس الدولة أن يدخـلــني الجنـة....!!

لا أريــد من رئـيس الدولة أن يدخـلــني الجنـة....!!

تمهيدا لهذا الموضوع الذي قد يكون عنوانه غريبا على القراء خصوصا من يتمتعون بالتعصب الديني.

أقول لو أجرينا مقارنة عادلة بين رؤساء جميع الدول الأوروبية و أمريكيا وكندا وإسرائيل وجميع الدول التي يرأسها إنسان غير مسلم ـ في جهة ، وبين رئيس مصر المخلوع حسني مبارك في جهة أخرى ، ولو أسقطنا نفس المقارنة على جميع المسؤولين في نفس الدول سالفة الذكر وبين أباطرة الفساد في حكومة مبارك ، مع ظني أن جميع الرؤساء وجميع أفراد الحكومات في تلك الدول الغير إسلامية هم غير مسلمين ، ولا يقيمون الصلاة ، ولا يعلمون الكثير عن تعاليم الإسلام ولا يفكرون في تطبيق الشريعة الإسلامية ، ومع الأسف معظم معرفتهم بالإسلام جاءت عن طريق جماعات التطرف والإرهاب ، ومع علمي أن جميع المسؤولين في مصر وعلى رأسهم حسني مبارك كانوا يؤدون الصلوات خصوصا لو قام التليفزيون بتصويرهم وهم يصلون في المساجد حتى يثبتوا للشعب أنهم مسلمون يخافون الله.

لو أجرينا هذه المقارنة بالعدل لتقييم الأداء الوظيفي ونجاح كل شخص في تنفيذ مهام وظيفته وخدمة المواطنين في بلده ـ سنحصل على نتيجة مؤسفة تبين لنا أن الرئيس مبارك وأعوانه كانوا عبارة عن عصابة من المجرمين لا يخافون الله رغم أنهم مسلمون ويـُصلون ويصومون ، ورغم ذلك قاموا بعملية سرقة منظمة لثروات مصر ، كما ساهموا في إفساد كل شيء في مصر من التعليم والصحة والزراعة والصناعة وقتلوا المواهب الشابه ، وساعدوا كل فاسد واعتقلوا وعذبوا وظلموا معظم المصريين الأبرياء الشرفاء وهجّروا ملايين المصريين لأسباب متعددة منها الاضطهاد ، أو البحث عن فرص عمل ، على الرغم أن مصر كفيلة بتوفير أعمال ووظائف لكل أبنائها.

ويفترض أن يكون رئيس الدولة وكل من معه من المسئولين خدما للشعب ويسهرون على راحته وتوفير جميع سبل العيش لهم ولأولادهم حسب إمكانات وموارد الدولة ، ولكن فعل حسني مبارك العكس تماما ، وفعله بإرادته وبتفكيره هو وأعوانه على مدار ثلاثة عقود مضت على الرغم أنهم مسلمون ، فعلوا ذلك عن عمد وبقصد وبمنهجية وتخطيط ودون أن يرغمهم أحد على فعل هذه الجرائم ، لأنهم الأقوى وليس من المنطق أن نصدق أن أحدا كان بإمكانه أو يمتلك القوة لإرغام مبارك أو أي من رجاله على فعل أي شيء فيه شبهة فساد ، وفي المقابل فشلوا فشلا منقطع النظير فيما حققه الآخرون من الحكام الغير مسلمين ، وأكبر دليل على ذلك تقدم الدول الأخرى وارتفاع مستوى دخل الفرد وتوفير حياة صحية كريمة آدمية لمعظم المواطنين على الأقل ، بينما كان معظم المصريين يعانون الذل والقهر ، بالإضافة للمرض والفقر والجهل ثلاثي التخلف لأي مجتمع.

وفي المقابل لو نظرنا لأي دولة من الدول السالفة الذكر ، وشاهدنا أداء رئيس الوزراء فيها وهو الحاكم الفعلي للبلاد أو أداء رئيس الدولة على الرغم أن الرؤساء في تلك الدول لا يحكمون الشعوب ، سنلمس قدرتهم على فعل كل شيء لمصلحة بلادهم وأبناء أوطانهم ، وسعيهم الدؤوب لتوفير معظم متطلبات الحياة لجميع المواطنين ، واهتمامهم بجميع المواطنين وتوفير حياة كريمة يسودها العدل والمساواة وتكافؤ الفرص والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وإعطاء كل ذي حق حقه من أبناء هذه الشعوب ، وعدم التفرقة بين المواطنين بسبب الدين والمعتقد أو الفكر أو اللون أو الجنس ، حتى في تعاملهم مع المهاجرين إليهم يحتضنوهم ويحاولون توفير حياة كريمة لهم تليق بالآدميين ويتعاملون معهم طبقا لحديث القرآن عن ابن السبيل رغم جهلهم بآيات القرآن الكريم ، وهذا ما يجعل كثير من أعضاء الجماعات والتيارات الدينية المختلفة يذهبون لهذه الدول لسعة العيش هناك ولنشر الوهابية أملا في فتح تلك الدول ، ومع ذلك يتهمون نفس الدول التي تأويهم بالكفر.

ومن دواعي تعظيم هذه الدول وهؤلاء الرؤساء لشعوبهم قد تقيم دولة حربا ضد دولة أخرى أو تقطع العلاقات الدبلوماسية معها على الأقل بسبب ضرر تعرض له فرد أو عدة أفراد من أبناء الوطن ، وعلى العكس تماما في مصر ـ حين قتل 1038 مواطن مصري في حادث غرق العبارة السلام 98 ، وبفضل مبارك وجهازه الأمني الذي لم ينجح إلا في قمع وقهر المصريين أفلت المجرم بجريمته وفتحت له أبواب المطار وغادر من صالة كبار الزوار.

ولا ننسى ما يحدث للمصريين في جميع الدول العربية وتهديهم بترحيل العمالة المصرية كل يوم ، أو منع التأشيرات للمصريين ، وكل هذا نتمنى أن يحدث حتى تعود للمصريين كرامتهم ومكانتهم لأن هذه الدول لن يستطيعوا الاستغناء عن المصريين بهذه السهولة وبهذه السرعة ، ولكن الأهم هو أن هؤلاء الحكام المسلمون يدافعون عن سارق قاتل ويضغطون على الحكومة الحالية في مصر لتبرئة مجرم قاتل مثل مبارك ، ويفترض أن يكون يدافع الحاكم أو الرئيس المسلم عن الضعفاء والفقراء و أسر الشهداء ويساندهم في استرداد حقوقهم ، وهذا ما فعلته السعودية مؤخرا حيث أعلنت عدم تجديد الإقامة لأي مصري يعمل في السعودية منذ أكثر من ست سنوات ، وهو أسلوب جديد للضغط في مسألة محاكمة مبارك.

كل هذا يحدث بعد ثورة 25 يناير بعدما ظهرت حقيقة مبارك وأعوانه للعامة من الناس ، وظهر إجرامهم وجرائمهم التي لا تحصى ولا تعد ، وأعتقد أن مصر صاحبة لقب أقدم دولة في التاريخ لم تشهد حكما فاسدا مثل حكم مبارك ، ظهرت وتكشفت حقائق أمام عامة المصريين لم تكن تخطر ببالهم ، وكلما ازدادت الجرائم التي ظهرت وتم الإعلان عنها في وسائل الإعلام كلما ازدادت تصريحات السلفيين والاخوان في إقامة دولة إسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية ، لأنهم يعلمون جيدا أن الحديث عن الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة في هذا التوقيت سيلقى قبولا كبيرا عند المصريين الذين تعطشوا لحاكم عادل يوفر لهم ولأولادهم حياة كريمة تليق بالآدميين ، والمواطن البسيط الذي يشكل نسبة كبيرة جدا من المصريين ، لأن معظم المتعلمين أعتبرهم بسطاء ويعيشون في سطحية ، وهذا ليس عيبا فيهم ، ولكنهم ضحايا التعليم الفاسد الذي صنعه مبارك ووزراءه وجهاز إعلامه الكاذب المضلل ، فهذه الشريحة التي تعاني من سطحية كبيرة بالأمور قد تنخدع بكلام الإخوان والسلفيين عن الدولة الإسلامية أو الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية ، ويقولون مهما كان تطبيق الشريعة سيكون أفضل من حكم مبارك ، وهذه كارثة كبرى يجب الوقوف عندها والتفكير فيها.

أولا: يجب أن نسأل : هؤلاء يريدون دولة إسلامية ، ولابد من التوضيح هل هي دولة إسلامية بمفهوم ورؤية الاخوان أو السلفيين أو الجماعة الإسلامية .؟.

نحن نعيش في بلاد معظم سكانها يدينون بالإسلام وينتمون له ، ورغم ذلك عشنا قرونا طويلة في فساد لم تشهده أي دولة في العالم ، ابتلينا منذ عام 1928م بمرض الوهابية الذي بدأ بحركة الاخوان التي اخترقت الجمعية الشرعية الصوفية وحولتها لصالحها ولنشر دعوتها ، ونبتت من شجرة الاخوان فصائل متعددة هي السلفية وأنصار السنة والجماعة الإسلامية والجهاد وغيرها من الحركات في بلاد عربية مجاورة ، ماذا فعل هؤلاء في تطبيق العدل وحقوق الإنسان والمساواة والتسامح مع الناس ومساعدة الفقراء لوجه الله دون انتظار مقابل منهم.؟

ماذا قدّم هؤلاء منذ أكثر من ثمانية عقود لبلادهم ، وهل نضمن لو وصل هؤلاء للحكم سنعيش مثل أي دولة من الدول التي ذكرناها.؟ أم أنهم سيقومون بتطبيق الشريعة(شريعتهم) التي تسمح لهم بالتدخل في كل شيء يخص المواطن ، في طريقة لبسه وأكله وشربه وإجباره على الصلاة وتطبيق الحدود مثل حد الرجم و والقطع والقتل كما يحدث في بلاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومن المتوقع أن يمنعوا السيدات والبنات من العمل والتعليم ، ويعتقلونهم في البيت ومن تخرج منهم لقضاء حاجتها لابد لها من نقاب ومِحْـرِم ، على الرغم أن هذه سُبـَّة في حق أي دولة تدعي أنها تطبق الشريعة لأن المرأة لو لم تأمن على نفسها في بلاد تطبق الشريعة وتجبرها شريعة هذه الدولة على لبس النقاب وأن تخرج مع محرم حرصا على نفسها فهل تأمن على نفسها في أي بلد آخر.؟

هل سينج هؤلاء لو وصولوا للحكم أن يوفروا لنا شربة ماء نقية خالية من مسببات الفشل الكلوي الذي أصيب به معظم المصريين في عهد مبارك.؟

هل يستطيع هؤلاء توفير تعليم جيد يتناسب مع عقلية وذكاء الطفل المصري الذي تقول الأبحاث عنه أنه أذكى أطفال العالم حتى سن السادسة.؟

هل يستطيع هؤلاء تطوير الصناعة المصرية ويجعلونها تنافس الصناعات الغربية حتى لا نستورد كل شيء ، ونتحول لبلد يصدر بعض الصناعات.؟

هل سينجح هؤلاء في قيام نهضة زراعية بالتوسع في استصلاح الأراضي الجاهزة للزراعة لحل مشكلة التكدس السكاني ورفع مستوى الاقتصاد المصري ليتناسب مع الزيادة السكانية وننعم بزراعات خالية من المسرطنات.؟

هل بمقدرة هؤلاء تطوير وزارة الصحة وتوفير علاج مناسب بسعر يتناسب مع دخل معظم المصريين.؟

أم أنهم سيركزون عملهم في تطبيق الشريعة(شريعتهم) ، والاهتمام باللحية والنقاب والجلباب وتطبيق الحدود وامتلاك الأرض وتحويل مصر لإمارة سعودية وهابية أكثر قمعا واستبدادا من حكم مبارك ، ويكون اسم الإسلام هو الوسيلة التي يستخدمها هؤلاء للوصول لأغراضهم.

أم أنهم سيحولون مصر لأفغانستان وطالبان جديدة ، وفي هذه البلاد يجندون الأطفال في سن 14 سنة ويقولون لهم ويقنعونهم أنه لا جدوى من التعليم ، والأهم أن تستعدوا للجهاد ودخول الجنة ، بأن تقتلوا أكبر عدد من غير المسلمين ، وما يحدث هناك من أفعال إجرامية تحت قيادة ورعاية بن لادن والظواهري وهم أفضل من أنجبت الوهابية من إرهابيين ، هذا هو تطبيق الشريعة بمفهوم إحدى الفصائل الدينية التي تتفق فكرا ومنهجا ومنشئا مع الاخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية لأن جميع هؤلاء وهابيون سعوديون المنشأ.

إذن وظيفة الحكومة أو النظام الحاكم في أي دولة هي توفير حياة صحية كريمة تليق بالآدميين ، توفير جو من الحرية والمساواة والعدل بين جميع فئات وطبقات المجتمع دون تفريق بينهم ، احترام المواطنين جميعا وتأصيل مبدأ تكافؤ الفرص ، وتوزيع المناصب حسب الكفاءة والتفوق ولا علاقة لهذا بالدين أو المعتقد لأن الأصل أن ينجح الشخص في مهام عمله التي تفرضها عليه وظيفته ، حتى ينجح كل موظف في الدولة في خدمة المواطنين والدولة على أكمل وجه.

وأخيرا:

نريد دولة مدنية يحاسب فيها المواطن على عمله وأفعاله وسلوكياته في المجتمع حسب القانون ، ونترك حسابه في مسألة الدين والمعتقد على الله.

سؤالي الأخير لجميع دعاة الدولة الدينية وتطبيق الشريعة (شريعتهم)

أريد مثالا لدولة دينية في العالم نجحت في قيام نهضة حقيقية وثورة علمية وتكنولوجية تنافس بها دول العالم الأول.؟ دون حدوث مجازر وحمامات دماء ، حتى نطمأن ونسلم لكم ونؤمن أنكم قادرون على نهضة مصر وتحويلها إلى بلد متطور متحضر متقدم ينافس الأمم الأخرى علميا ثقافيا تكنولوجيا وصناعيا.

ماذا قامت الثورة.؟ ... ومن الذي استفاد منها حتى الآن.؟!!

ماذا قامت الثورة.؟ ... ومن الذي استفاد منها حتى الآن.؟!!

الثورة المصرية في خطر

هناك مؤامرة ضد الثورة وضد الشعب المصري

التيارات الدينية هي أكثر من استفاد من هذه الثورة ، وكل يوم تزداد مكاسبهم

*******

لماذا الثورة المصرية في خطر.؟ لأن هناك قاعدة تاريخية وسياسية تقول( أن أنصاف الثورات هي مقابر للشعوب) ، ولو لم تكتمل الثورة المصرية وتمضي قدما في تحقيق مطالبها كاملة وغير منقوصة ، ستتحول شوارع مصر لحمامات دماء ، وستكون صحراء مصر هي المقابر الجماعية التي لن يكفي ترابها لتغطية جثث الشهداء الذين سيقتلهم نظام ذاق طعم الذل والمهانة بعد أن تفوق على فرعون موسى في إجرامه وقهره وظلمه واستبداده.

نصف ثورة أو (عدم تحقيق مطالب الثورة) يعني نجاح الفاسدين والظالمين والمتآمرين في قتل ثورة سلمية نظيفة فجرها وضحى من أجلها شرفاء مصر ، نصف ثورة تعني ضياع حقوق الشهداء والمصابين ، وانتظار ملايين الضحايا وملايين المصابين بعاهات.

ما هي مطالب الثورة.؟

1ـ محاكمة مبارك محاكمة عادلة أمام القضاء الذي نحسبه حتى الآن مع الثورة ، ولا نريد أن نشكك في نزاهته ونتعامل معه بحسن النية حتى وقتنا هذا ، ومحاكمة مبارك أسهل ما يكون على الأقل في جريمة واحدة فقط وهي قتل المتظاهرين ، لأن أثناء قيام كلابه بنهش أجساد الشرفاء من شباب مصر ، وقنصهم وقتلهم ، كان يرأس غرفة عمليات القوات المسلحة ويشاهد تقريرا مفصلا عن الأحداث ،

http://www.youtube.com/watch?v=ATFOmzIPOx0

كان ذلك يوم 30 يناير 2011م

http://www.awsatnews.net/?p=48522

ولا نستبعد أن يكون قد شاهد فيديوهات لقنص وقتل الثوار ، وحالة الفزع والرعب التي قام بها البلطجية والمسجلين والخارجين عن القانون والهاربين من السجون ، وهذا دليل دامغ على تورطه في قتل الثوار الشرفاء من أبناء مصر وإشرافه على كل شيء كان يحدث ضد الثوار العزل ، ولو كان مبارك يرفض التعامل بالرصاص الحي مع الثوار وضد قتل الشهداء فلماذا لم يصدر تعليماته فورا بوقف عمليات القنص والقتل .؟ ويعلن ذلك صراحة كما أعلن زيارته لغرفة عمليات القوات المسلحة ، وغير مقبول على الإطلاق تحويل محاكمة مبارك إلى مكلمة ووصلات من الردح والكلام الفارغ الذي يضر بمصلحة مصر والمصريين ، فكل ساعة تقرير جديد عن حالته الصحية وعن إمكانية نقله وعدم نقله من شرم الشيخ ، هذا كلام فارغ ويظهر تواطؤ واضح مع مبارك ، ومحاولة لتمييع عملية محاكمته ووضعه في السجن كمجرم ومتهم يستحق العقاب ، وأعتقد أن السجون المصرية يقيم فيها عشرات السجناء أسوأ حالا من مبارك ، إلا إذا كانت هناك نية حقيقية لإعفاء مبارك من المحاكمة.

2ـ لماذا لا تتم محاكمة جميع الضباط والقيادات العاملة في وزارة الداخلية وأمن الدولة على جرائمهم قبل وبعد الثورة.؟ ، وكيف يعود ضابط أو قيادي في وزارة الداخلية إلى عمله دون محاكمته على قتل وتعذيب المصريين.؟ ، فهذا تواطؤ واضح وتسيب وتراخي يدعو للقلق.

3ـ لماذا لا يتم إصدار قرار فورى باستبعاد جميع قيادات الحزب الوطني من العمل السياسي ومنعهم من المشاركة في أي عمل سياسي وطني خلال خمسة أو عشرة سنوات قادمة.؟ ، لأنهم أفسدوا كل شيء في مصر على مدى ثلاثة عقود مضت ، وليس من المنطق أن نترك لهم المجال ليخربوا الثورة ويخربوا الدولة ، وأول المؤشرات على ذلك ما فعلوه في مؤتمر الحوار الوطني على مدار يومين متتاليين ، حاولوا إفساد المؤتمر ، واتهموا شباب الثورة بالديكتاتورية ، هذه بشاير مشاركة بقايا نظام حسني مبارك في العمل السياسي أو العمل الوطني ، فلابد أن يتخذ معهم إجراء سريع وحازم وحاسم حتى لا نعطيهم الفرصة أن يفسدوا كل شيء نريد إصلاحه ، وإلا سنضطر لتفسير ذلك أنه جزء من المؤامرة ضد الثورة والشعب.

4ـ لماذا لا يتم حل المحليات إلى الآن وتركها تمارس الفساد علنا وكأن مبارك لا يزال رئيسا للبلاد ، المحليات هي أعمق قاعدة شعبية للفساد في البلاد ويجب الخلاص منها فورا ، لأنه حتى الآن يتم البناء على الأراضي الزراعية ، بعلم المحليات ، كما تستخدم هذه المحليات القاعدة الشعبية لمحاربة الثورة بشتى الصور.

5ـ يجب أن تتحول وتنتقل محاكمات مبارك ونظامه الفاسد من طور الكلام إلى طور التنفيذ الفعلي السريع.

6ـ لماذا يسمح للتيارات الدينية بإنشاء أحزاب على اساس ديني ومرجعية دينية.؟ ، فهذا ضد الدستور البائد المعمول به في عهد مبارك ، فهل من الطبيعي أن يسمح لهذه التيارات جمعاء أن تنشئ أحزابا دينية بهذه السهولة حتى بعد الثورة (هي أحزاب دينية مهما فعلوا ومهما قالوا) فهذا ضحك على الذقون ، الاخوان والسلفية وحتى الجماعة (الاسلامية) أسسوا أحزابا وفضائيات وجرائد ، واستغلوا الثورة أفضل استغلال ، ونجحوا في جنى ثمارها بأسرع وقت ممكن ، وفكروا في مصالحهم الشخصية ، وهذا واضح منذ اللحظات الأولى والنجاحات الأولية للثورة ، فحين أقال مبارك المخلوع حكومته وعين عمر سليمان نائبا للرئيس وأعلن سليمان عن جلسة حوار وطني ، كان الاخوان أول من رحب بهذا الحوار ، كما فعل رؤساء الأحزاب ، ومنذ أيام قليلة كان الشارع المصري يغلي بسبب ما أشيع عن العفو عن مبارك ، بينما الجماعة (الإسلامية) كانت تحتفل بتأسيس أول حزب وقناة فضائية وجريدة ، فهذه التيارات الدينية هي تيارات انتهازية تبحث عن مصالحها وأهدافها ومكاسبها الشخصية ، ولا شأن لها بالثورة ولا بتحقيق أهدافها ، والحديث عن السلفية يحتاج مجلدات ، فهم يلتزمون الصمت بعدما شاركوا في جميع محاولات إشعال الفتنة ، ويتنظرون تعليمات جديدة.

تعقيب بسيط على الجماعة (الإسلامية) ، وخصوصا (عبود الزمر وطارق الزمر) ـ يفترض أنهما كانا في السجن بتهمة التآمر على قتل السادات ، فهل من المنطق بعد خروج قاتل من المعتقل يسمح له أن يشارك في العمل السياسي بهذه السهولة بحيث يكون عبود وطارق الزمر ضمن مجلس شورى الجماعة التي أسست حزبا سياسيا دينيا سوف يساهم في رسم سياسة المستقبل لهذا الوطن ، فهذا الأمر يدعو للقلق والحيرة والاستغراب ، ويبين إلى أي مدى الدولة السعودية تفرض نفوذها إلى الآن على سير الأمور في مصر.

7ـ كنت أظن أن ضباط أمن الدولة فقط هم الذين عادوا لممارسة أعمالهم حسب منهجهم القديم ، ولكن كل يوم تثبت الأيام أن معظم ضباط الشرطة عادوا أيضا لضلالهم القديم ، بل والأكثر من هذا إعلان بعضهم صراحة أن بعد النصر ظلم ، وكان ذلك في شرم الشيخ التي أشك أن تكون الثورة قد وصلت إليها ، وتكرار ما حدث لأحد المحققين العاملين في مصلحة الطب الشرعي على يد ضباط الشرطة في أحد الأقسام بالقاهرة يتكرر بنفس الأسلوب مع دكتور جامعي في شرم الشيخ ، حيث الإهانة والسب والقذف وسوء المعاملة من الضباط والتحرش من البلطجية والخارجين عن القانون داخل أماكن الحجز ،، لأن هذا المحقق كان بداية فضح رئيس الطب الشرعي السابق (السباعي) وإظهار حقيقته وخيانته للثورة وتواطئه مع مبارك ، ولذلك كان التعامل معه من ضباط الشرطة بهذه الطريقة.

وجدير بالذكر إقامة حفل تكريم في مكتبة الاسكندرية للضباط المتورطين في قتل المتظاهرين ، إلا أن بعض النشطاء أوقفوا هذه المهزلة ، وهذه الخيانة الواضحة للثورة وشهداءها.

8ـ الأخطر من كل هذا ما حدث في برنامج (آخر كلام) على قناة أون تي في مساء الثلاثاء الموافق 24/5/2011م ، حيث قام اللواء (حسام سويلم) الخبير الاستراتيجي بالقوات المسلحة سابقا ـ باتهام شباب الثورة ، واتهام الثورة أنها خطة أمريكية مقصودة وتم تمويلها بمبلغ 270مليون دولار ، (بالطبع اللواء حسام يعبر عن نفسه فقط) ، لكن لا يجب مرور كلامه مرور الكرام ، وقد حاول الإعلامي يسرى فودة مشكورا أن يلطف من حدة هذا الاتهام ، ولكنه اتهام واضح وصريح ، وهو يذكرنا بما فعله الإعلامي (سيد على) بمشاركة الاعلامية (هناء سمرى حين استضافا فتاة مصرية تعمل في إحدى الصحف ، واتهمت الثوار أيضا بأنهم تلقوا تدريبات في امريكا لقلب نظام الحكم في مصر وحصلوا على مبالغ مالية مقابل هذا.

إذن لابد من ربط مجموعة من الأحداث ببعضها لنعلم مدى الخطورة التي تتعرض لها الثورة المصرية ، اتهامات بالعمالة تم تكذيبها من قبل بعد أن تم فضح (سيد على) و(هناء سمرى) والفتاة صاحبة القصة المسكينة ، لكن حينما يظهر نفس الاتهام مرة أخرى في هذا التوقيت وعلى لسان شخص مثل اللواء حسام سويلم ، إضافة لقوله بكل عصبية لضيوف البرنامج الشباب

( حسني مبارك واولاده في السجن ووزراء مبارك كلهم في السجن انتم عاوزين ايه تاني عاوزين ايه تاني) ، ونربط بين هذا وبين ما فعله رجال الحزب الوطني في مؤتمر الحوار الوطني في محاولة لنشر الفتن والخلافات بين شرفاء هذا الوطن ، وكانت النتيجة اتهام شباب الثورة بالديكتاتورية وأنهم يمارسون نفس الديكتاتورية التي كان يمارسها مبارك من قبل ، ويجب أيضا ان نربط بين كل هذا وبين حالة النهم الغير طبيعية عند جميع التيارات الدينية في حصد مكاسب واغتنام الفرص ، وتكوين أحزاب وتوزيع منشورات يشوهون فيها صورة العلمانية كما فعل الأخوان مؤخرا ، أعتقد أن كل هؤلاء يتآمرون على الثورة والشعب سواء خططوا معا لهذا أو لم يخططوا ، سواء حدث هذا بقصد أو بدون قصد ، لكن كل ما يحدث هو بعيد كل البعد عن مطالب الثورة الحقيقية التي لم يتحقق حتى الآن أقوى مطلب منها وهو محاكمة من قتل الشهداء ، ورغم أن هذا لم يتحقق ، إلا أن التيارات الدينية تبحث عن مصالحها ومكاسبها الشخصية ، بل تحاول تشويه الثورة والثوار ، وتحاول تشويه كل من يدعو للنزول يوم 27 مايو للمطالبة بتحقيق مطالب الثورة لأننا فعلا لم نشعر بأي تغيير بعد الثورة إلا بتغيير واحد فقط وهو حرية ونشاط غير مسبوق للتيارات الدينية ، وكأن الثورة قامت لتحرير هذه التيارات وتسليمها مقاليد الأمور لتخرب عقول البسطاء من الناس وتنتقل مصر من استبداد سياسي إلى استبداد ديني أكثر عنفا وتعصبا وإرهابا ، ليس هذا فحسب ، ولكن سيكون من أضرار مساعدة المجرمين والقتلة في الهروب من المحاكمة والعقاب.

أخيرا ::

شباب الثورة الذين كان لهم النصيب الأكبر في تفجير هذه الثورة والتحمل والتضحية من أجل الوطن ، حتى الآن لم ينجحوا في تأسيس حزب خاص بهم ، ولم ينجحوا في استغلال نجاحات الثورة كما فعل أرباب التيارات الدينية ، أعلم أن الشباب لدية مشكلة تمويل لكي يؤسس حزب او فضائية أو جريدة يومية ، لكن التيارات الدينية بمساعدة الدولة الوهابية تتيسر لها كل هذه المشاكل ويتوفر التمويل المطلوب ، وهذا ما يلعب عليه الوهابيون السعوديون ،عندما فشلوا في إنقاذ دولة مبارك ، فسارعوا في تمويل وتأسيس دولة آل وهاب ، ولا عزاء للشهداء.