الثلاثاء، 28 يونيو 2011

لا أريــد من رئـيس الدولة أن يدخـلــني الجنـة....!!

لا أريــد من رئـيس الدولة أن يدخـلــني الجنـة....!!

تمهيدا لهذا الموضوع الذي قد يكون عنوانه غريبا على القراء خصوصا من يتمتعون بالتعصب الديني.

أقول لو أجرينا مقارنة عادلة بين رؤساء جميع الدول الأوروبية و أمريكيا وكندا وإسرائيل وجميع الدول التي يرأسها إنسان غير مسلم ـ في جهة ، وبين رئيس مصر المخلوع حسني مبارك في جهة أخرى ، ولو أسقطنا نفس المقارنة على جميع المسؤولين في نفس الدول سالفة الذكر وبين أباطرة الفساد في حكومة مبارك ، مع ظني أن جميع الرؤساء وجميع أفراد الحكومات في تلك الدول الغير إسلامية هم غير مسلمين ، ولا يقيمون الصلاة ، ولا يعلمون الكثير عن تعاليم الإسلام ولا يفكرون في تطبيق الشريعة الإسلامية ، ومع الأسف معظم معرفتهم بالإسلام جاءت عن طريق جماعات التطرف والإرهاب ، ومع علمي أن جميع المسؤولين في مصر وعلى رأسهم حسني مبارك كانوا يؤدون الصلوات خصوصا لو قام التليفزيون بتصويرهم وهم يصلون في المساجد حتى يثبتوا للشعب أنهم مسلمون يخافون الله.

لو أجرينا هذه المقارنة بالعدل لتقييم الأداء الوظيفي ونجاح كل شخص في تنفيذ مهام وظيفته وخدمة المواطنين في بلده ـ سنحصل على نتيجة مؤسفة تبين لنا أن الرئيس مبارك وأعوانه كانوا عبارة عن عصابة من المجرمين لا يخافون الله رغم أنهم مسلمون ويـُصلون ويصومون ، ورغم ذلك قاموا بعملية سرقة منظمة لثروات مصر ، كما ساهموا في إفساد كل شيء في مصر من التعليم والصحة والزراعة والصناعة وقتلوا المواهب الشابه ، وساعدوا كل فاسد واعتقلوا وعذبوا وظلموا معظم المصريين الأبرياء الشرفاء وهجّروا ملايين المصريين لأسباب متعددة منها الاضطهاد ، أو البحث عن فرص عمل ، على الرغم أن مصر كفيلة بتوفير أعمال ووظائف لكل أبنائها.

ويفترض أن يكون رئيس الدولة وكل من معه من المسئولين خدما للشعب ويسهرون على راحته وتوفير جميع سبل العيش لهم ولأولادهم حسب إمكانات وموارد الدولة ، ولكن فعل حسني مبارك العكس تماما ، وفعله بإرادته وبتفكيره هو وأعوانه على مدار ثلاثة عقود مضت على الرغم أنهم مسلمون ، فعلوا ذلك عن عمد وبقصد وبمنهجية وتخطيط ودون أن يرغمهم أحد على فعل هذه الجرائم ، لأنهم الأقوى وليس من المنطق أن نصدق أن أحدا كان بإمكانه أو يمتلك القوة لإرغام مبارك أو أي من رجاله على فعل أي شيء فيه شبهة فساد ، وفي المقابل فشلوا فشلا منقطع النظير فيما حققه الآخرون من الحكام الغير مسلمين ، وأكبر دليل على ذلك تقدم الدول الأخرى وارتفاع مستوى دخل الفرد وتوفير حياة صحية كريمة آدمية لمعظم المواطنين على الأقل ، بينما كان معظم المصريين يعانون الذل والقهر ، بالإضافة للمرض والفقر والجهل ثلاثي التخلف لأي مجتمع.

وفي المقابل لو نظرنا لأي دولة من الدول السالفة الذكر ، وشاهدنا أداء رئيس الوزراء فيها وهو الحاكم الفعلي للبلاد أو أداء رئيس الدولة على الرغم أن الرؤساء في تلك الدول لا يحكمون الشعوب ، سنلمس قدرتهم على فعل كل شيء لمصلحة بلادهم وأبناء أوطانهم ، وسعيهم الدؤوب لتوفير معظم متطلبات الحياة لجميع المواطنين ، واهتمامهم بجميع المواطنين وتوفير حياة كريمة يسودها العدل والمساواة وتكافؤ الفرص والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وإعطاء كل ذي حق حقه من أبناء هذه الشعوب ، وعدم التفرقة بين المواطنين بسبب الدين والمعتقد أو الفكر أو اللون أو الجنس ، حتى في تعاملهم مع المهاجرين إليهم يحتضنوهم ويحاولون توفير حياة كريمة لهم تليق بالآدميين ويتعاملون معهم طبقا لحديث القرآن عن ابن السبيل رغم جهلهم بآيات القرآن الكريم ، وهذا ما يجعل كثير من أعضاء الجماعات والتيارات الدينية المختلفة يذهبون لهذه الدول لسعة العيش هناك ولنشر الوهابية أملا في فتح تلك الدول ، ومع ذلك يتهمون نفس الدول التي تأويهم بالكفر.

ومن دواعي تعظيم هذه الدول وهؤلاء الرؤساء لشعوبهم قد تقيم دولة حربا ضد دولة أخرى أو تقطع العلاقات الدبلوماسية معها على الأقل بسبب ضرر تعرض له فرد أو عدة أفراد من أبناء الوطن ، وعلى العكس تماما في مصر ـ حين قتل 1038 مواطن مصري في حادث غرق العبارة السلام 98 ، وبفضل مبارك وجهازه الأمني الذي لم ينجح إلا في قمع وقهر المصريين أفلت المجرم بجريمته وفتحت له أبواب المطار وغادر من صالة كبار الزوار.

ولا ننسى ما يحدث للمصريين في جميع الدول العربية وتهديهم بترحيل العمالة المصرية كل يوم ، أو منع التأشيرات للمصريين ، وكل هذا نتمنى أن يحدث حتى تعود للمصريين كرامتهم ومكانتهم لأن هذه الدول لن يستطيعوا الاستغناء عن المصريين بهذه السهولة وبهذه السرعة ، ولكن الأهم هو أن هؤلاء الحكام المسلمون يدافعون عن سارق قاتل ويضغطون على الحكومة الحالية في مصر لتبرئة مجرم قاتل مثل مبارك ، ويفترض أن يكون يدافع الحاكم أو الرئيس المسلم عن الضعفاء والفقراء و أسر الشهداء ويساندهم في استرداد حقوقهم ، وهذا ما فعلته السعودية مؤخرا حيث أعلنت عدم تجديد الإقامة لأي مصري يعمل في السعودية منذ أكثر من ست سنوات ، وهو أسلوب جديد للضغط في مسألة محاكمة مبارك.

كل هذا يحدث بعد ثورة 25 يناير بعدما ظهرت حقيقة مبارك وأعوانه للعامة من الناس ، وظهر إجرامهم وجرائمهم التي لا تحصى ولا تعد ، وأعتقد أن مصر صاحبة لقب أقدم دولة في التاريخ لم تشهد حكما فاسدا مثل حكم مبارك ، ظهرت وتكشفت حقائق أمام عامة المصريين لم تكن تخطر ببالهم ، وكلما ازدادت الجرائم التي ظهرت وتم الإعلان عنها في وسائل الإعلام كلما ازدادت تصريحات السلفيين والاخوان في إقامة دولة إسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية ، لأنهم يعلمون جيدا أن الحديث عن الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة في هذا التوقيت سيلقى قبولا كبيرا عند المصريين الذين تعطشوا لحاكم عادل يوفر لهم ولأولادهم حياة كريمة تليق بالآدميين ، والمواطن البسيط الذي يشكل نسبة كبيرة جدا من المصريين ، لأن معظم المتعلمين أعتبرهم بسطاء ويعيشون في سطحية ، وهذا ليس عيبا فيهم ، ولكنهم ضحايا التعليم الفاسد الذي صنعه مبارك ووزراءه وجهاز إعلامه الكاذب المضلل ، فهذه الشريحة التي تعاني من سطحية كبيرة بالأمور قد تنخدع بكلام الإخوان والسلفيين عن الدولة الإسلامية أو الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية ، ويقولون مهما كان تطبيق الشريعة سيكون أفضل من حكم مبارك ، وهذه كارثة كبرى يجب الوقوف عندها والتفكير فيها.

أولا: يجب أن نسأل : هؤلاء يريدون دولة إسلامية ، ولابد من التوضيح هل هي دولة إسلامية بمفهوم ورؤية الاخوان أو السلفيين أو الجماعة الإسلامية .؟.

نحن نعيش في بلاد معظم سكانها يدينون بالإسلام وينتمون له ، ورغم ذلك عشنا قرونا طويلة في فساد لم تشهده أي دولة في العالم ، ابتلينا منذ عام 1928م بمرض الوهابية الذي بدأ بحركة الاخوان التي اخترقت الجمعية الشرعية الصوفية وحولتها لصالحها ولنشر دعوتها ، ونبتت من شجرة الاخوان فصائل متعددة هي السلفية وأنصار السنة والجماعة الإسلامية والجهاد وغيرها من الحركات في بلاد عربية مجاورة ، ماذا فعل هؤلاء في تطبيق العدل وحقوق الإنسان والمساواة والتسامح مع الناس ومساعدة الفقراء لوجه الله دون انتظار مقابل منهم.؟

ماذا قدّم هؤلاء منذ أكثر من ثمانية عقود لبلادهم ، وهل نضمن لو وصل هؤلاء للحكم سنعيش مثل أي دولة من الدول التي ذكرناها.؟ أم أنهم سيقومون بتطبيق الشريعة(شريعتهم) التي تسمح لهم بالتدخل في كل شيء يخص المواطن ، في طريقة لبسه وأكله وشربه وإجباره على الصلاة وتطبيق الحدود مثل حد الرجم و والقطع والقتل كما يحدث في بلاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومن المتوقع أن يمنعوا السيدات والبنات من العمل والتعليم ، ويعتقلونهم في البيت ومن تخرج منهم لقضاء حاجتها لابد لها من نقاب ومِحْـرِم ، على الرغم أن هذه سُبـَّة في حق أي دولة تدعي أنها تطبق الشريعة لأن المرأة لو لم تأمن على نفسها في بلاد تطبق الشريعة وتجبرها شريعة هذه الدولة على لبس النقاب وأن تخرج مع محرم حرصا على نفسها فهل تأمن على نفسها في أي بلد آخر.؟

هل سينج هؤلاء لو وصولوا للحكم أن يوفروا لنا شربة ماء نقية خالية من مسببات الفشل الكلوي الذي أصيب به معظم المصريين في عهد مبارك.؟

هل يستطيع هؤلاء توفير تعليم جيد يتناسب مع عقلية وذكاء الطفل المصري الذي تقول الأبحاث عنه أنه أذكى أطفال العالم حتى سن السادسة.؟

هل يستطيع هؤلاء تطوير الصناعة المصرية ويجعلونها تنافس الصناعات الغربية حتى لا نستورد كل شيء ، ونتحول لبلد يصدر بعض الصناعات.؟

هل سينجح هؤلاء في قيام نهضة زراعية بالتوسع في استصلاح الأراضي الجاهزة للزراعة لحل مشكلة التكدس السكاني ورفع مستوى الاقتصاد المصري ليتناسب مع الزيادة السكانية وننعم بزراعات خالية من المسرطنات.؟

هل بمقدرة هؤلاء تطوير وزارة الصحة وتوفير علاج مناسب بسعر يتناسب مع دخل معظم المصريين.؟

أم أنهم سيركزون عملهم في تطبيق الشريعة(شريعتهم) ، والاهتمام باللحية والنقاب والجلباب وتطبيق الحدود وامتلاك الأرض وتحويل مصر لإمارة سعودية وهابية أكثر قمعا واستبدادا من حكم مبارك ، ويكون اسم الإسلام هو الوسيلة التي يستخدمها هؤلاء للوصول لأغراضهم.

أم أنهم سيحولون مصر لأفغانستان وطالبان جديدة ، وفي هذه البلاد يجندون الأطفال في سن 14 سنة ويقولون لهم ويقنعونهم أنه لا جدوى من التعليم ، والأهم أن تستعدوا للجهاد ودخول الجنة ، بأن تقتلوا أكبر عدد من غير المسلمين ، وما يحدث هناك من أفعال إجرامية تحت قيادة ورعاية بن لادن والظواهري وهم أفضل من أنجبت الوهابية من إرهابيين ، هذا هو تطبيق الشريعة بمفهوم إحدى الفصائل الدينية التي تتفق فكرا ومنهجا ومنشئا مع الاخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية لأن جميع هؤلاء وهابيون سعوديون المنشأ.

إذن وظيفة الحكومة أو النظام الحاكم في أي دولة هي توفير حياة صحية كريمة تليق بالآدميين ، توفير جو من الحرية والمساواة والعدل بين جميع فئات وطبقات المجتمع دون تفريق بينهم ، احترام المواطنين جميعا وتأصيل مبدأ تكافؤ الفرص ، وتوزيع المناصب حسب الكفاءة والتفوق ولا علاقة لهذا بالدين أو المعتقد لأن الأصل أن ينجح الشخص في مهام عمله التي تفرضها عليه وظيفته ، حتى ينجح كل موظف في الدولة في خدمة المواطنين والدولة على أكمل وجه.

وأخيرا:

نريد دولة مدنية يحاسب فيها المواطن على عمله وأفعاله وسلوكياته في المجتمع حسب القانون ، ونترك حسابه في مسألة الدين والمعتقد على الله.

سؤالي الأخير لجميع دعاة الدولة الدينية وتطبيق الشريعة (شريعتهم)

أريد مثالا لدولة دينية في العالم نجحت في قيام نهضة حقيقية وثورة علمية وتكنولوجية تنافس بها دول العالم الأول.؟ دون حدوث مجازر وحمامات دماء ، حتى نطمأن ونسلم لكم ونؤمن أنكم قادرون على نهضة مصر وتحويلها إلى بلد متطور متحضر متقدم ينافس الأمم الأخرى علميا ثقافيا تكنولوجيا وصناعيا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق