السبت، 30 يوليو 2011

الهوية المصرية في خطر

الهوية المصرية في خطر



من حق الثوار بكل ألوان طيفهم أن يرفعوا لافتات أو ينطقوا بهتافات أو يكتبوا شعارات ، وليس من حق أي فصيل أن يقصي الآخر ، لكن بشرط أن تكون هذه الشعارات واللافتات والهتافات سياسية لا دينية ، لأن الثورة هي تجسيد لموقف الشعب المصري من سياسة الدولة وسياسة النظام السابق الفاسدة التي تم عن طريقها تخريب الاقتصاد المصري ، وتخريب وتجريف العقول وسلب ونهب مقدرات الوطن وإفساد الحياة السياسية في مصر ، وكل هذه الأسباب وغيرها كانت سببا في انفجار هذه الثورة المصرية العظيمة ، ولا يمكن على الاطلاق أن يدّعي البعض أن الثورة قامت لأن مبارك المخلوع كان لا يحافظ على صلاة الفجر في جماعة ، أو لأن العادلي كان يحف اللحية والشارب ولا يتركهما حرصا على تطبيق الشريعة السنية ، لابد أن يتذكر الجميع أن الثورة قامت لإصلاح الفساد السياسي والاجتماعي والثقافي وكانت المطالب واضحة وضوح الشمس (كرامة عيش حرية عدالة اجتماعية).

من الطبيعي جدا أن مصر كدولة لها تاريخها الطويل وحضارتها العريقة والعتيقة أن تكون لها هوية وثقافة مستقلة عن باقي دول العالم ، وخصوصا الدول العربية ، وهذه الهوية لا نقصد بها إلغاء الدين على الإطلاق ـ كما يمكن أن يفسر هذا أرباب التيارات الدينية ـ ويتهمونا بالكفر ، ولكن الهوية المصرية هي حالة ونمط وكيان وصفات وسلوكيات وعلاقات ومواصفات اجتماعية داخلية تشكل ملامح المجتمع المصري ، و تجعله فعلا مغايرا تماما عن جميع البلاد العربية ، ويعلم هذا جميع سكان الوطن العربي ، حتى على مستوى التدين فإن التاريخ يقول أن مصر ظلت تتميز بالتدين الوسطي المعتدل ــ حتى وإن كان مخالفا لدين الإسلام ــ كما هو الحال مع التصوف السني ، وكان غريبا علي التدين المصري أي ملمح من ملامح التطرف أو العنف أو التعصب أو فرض الدين على الناس كما حدث منذ بدأ الغزو الوهابي لمصر وبدأت ملامح الهوية والشخصية المصرية تتأثر بهذا الغزو والمد الوهابي السعودي حيث ظهر المتعصبون والمتطرفون ، وما دفعني لكتابة هذا المقال أمرين:

الأمر الأول :ــ حدث منذ ما يقرب من خمسة عشر يوما ــ حين سافر المواطن المصري (محمد حسان) إلى الدولة السعودية ، وقد قرر نيابة عن الشعب المصري كله ، دون أن يستشير هذا الشعب عن نيته أنه سيناقش مع شيوخ المذهب السلفي تطبيق الشريعة الإسلامية وتفعيل الدستور الإسلامي في مصر ، ومن هؤلاء الشيوخ د / سليمان عودة
هذا باختصار هو محور الموضوع الأول ::

التفاصيل :

تعريف بالمواطن المصري (محمد حسان) هو الداعية السلفي (محمد حسان) ، ونعته بالمواطن المصري هو شرف له ولأي إنسان ، لأنه من وجهة نظري أن مصر هي أفضل بلاد الدنيا ، ليس هذا فحسب بل إن مصر أقدم دولة في التاريخ ، ودولة بهذا الحجم لا يجوز لمواطن أن يتحدث باسمها ، متجاهلا ملايين المصريين ، وهذا الأمر مرفوض إذا تم في إطار العمل سياسي ، كما حاول بعض أعداء الثورة تشويه صورة الثوار في التحرير واتهامهم بأنهم قلة ولا يمثلون الشعب المصري وأخذوا عليهم أنهم أخطأوا حين تحدثوا باسم الشعب المصري ، وهم ألوف عدة (على الرغم أنهم تحدثوا في أمور سياسية) ، فهل من حق المواطن محمد حسان أن يذهب للدولة السعودية ويعلن أنه سيناقش تطبيق الشريعة الإسلامية وتفعيل الدستور الإسلامي في مصر نيابة عن الشعب المصري كله.؟

ما هي الصفة الرسمية للمواطن المصري محمد حسان لكي يتحدث باسم المصريين بهذه البساطة وهذه السهولة دون أن يحاسبه أحد.؟ ، وهل مصر دولة كافرة ودستورها دستور يدعو للكفر.؟ حتى يناقش محمد حسان تطبيق الشريعة الإسلامية وتفعيل الدستور الإسلامي في مصر الآن.؟ نريد إجابات من كل مسئول في مصر سواء كان من المجلس العسكري أو الحكومة ، ولماذا التهاون والسكوت مع تصرف مثل هذا.؟.

من الذي فوض المواطن محمد حسان لكي يناقش نيابة عن المصريين مسائل تخص تطبيق الشريعة الإسلامية في مصر.؟ ، وهل مصر بلا إسلام .؟ ومنتظرة لكي يقوم هذا الرجل بتطبيق الشريعة الإسلامية الآن.؟

أعتقد أن مسئولية هذا تقع على عاتق المجلس العسكري والحكومة الحالية والأزهر ، لأنهم سكتوا ولم يحققوا في هذا الأمر ، ومر عليهم مرور الكرام ، وعلى النقيض تماما يتعاملون مع ثوار التحرير على أنهم قلة ولا يمثلون الشعب المصري ، بينما سمحوا لمواطن مصري واحد أن يتحدث باسم المصريين أقباط ومسلمين ، دون تعليق أو تحقيق ، ويبدو أن الدولة السعودية لا زالت مسيطرة على أمور كثيرة في مصر.

الأمر الثاني:ــ هو ما حدث في ميدان التحرير اليوم الجمعة التاسع والعشرين من يوليو ، حيث تم نقض عهد الثورة وتبديل المطالب وتغيير الهتافات ، حتى الأعلام فقد طغى العلم السعودي على علم مصر ، وهنا مكمن الخطورة على الهوية المصرية وعلى الوطنية المصرية الحقيقية ، طبعا سوف يقول قائل ما الضرر في علم مكتوب عليه لا إله إلا الله .؟ أقول لا ضرر في لا إله إلا الله ، وإنما هذا تلاعب بعقول الناس واستغلال الدين استغلال رخيص جدا وغير مقبول وكتابة لا إله إلا الله على العلم المصري هو أيضا ضمن هذه الخطة لكي يعلق أو يرفض أو يغضب البعض ، وهنا تكون فرصتهم فيقولون (أنتم ترفضون لا إله إلا الله) ، هذه التيارات الدينية أدمنت خلط الدين بالسياسة حسب أمزجتهم وأهواءهم ومصالحهم ، فهم من كانوا يرفضون التظاهرات والخروج على الحاكم ومن ينتقدون الاخوان لأنهم يشاركون في العمل السياسي ، لكن اليوم لاحت الفرصة لفرد العضلات وتوصيل رسالة محددة مقصودة ومدبرة ، والضحية هنا هي الهوية المصرية ، ظهرت مصر اليوم وكأنها إمارة سعودية ، بداية من الهتافات التي قالت بوضوح (المشير هو الأمير) و (إسلامية إسلامية) و( ارفع راسك فوق انت مسلم) و( الشعب يريد تطبيق شرع الله) وانتهاء برفع العلم السعودي و علم مصر الذي كتب عليه لا إله إلا الله ، ونكرر لسنا ضد لا إله إلا الله ، ولكننا ضد انتهاك حرمة الوطن ، وضد تشويه الهوية المصرية وضد سرقة الثورة المصرية التي ضحى من أجلها ألف شهيد وألف مفقود وألف فقدوا أعينهم وخمسة آلاف مصاب ، وضد أي مخلوق بشري يستغل دين الإسلام لكي يركب ظهورنا ويضحك على البسطاء منا لكي يحصد مكاسب سياسية ، ثم يحكمنا باسم الدين.

الهوية المصرية ، الدولة المصرية ، الثورة المصرية في خطر ، ومن ملامح الخطورة أن يقال في ميدان روكسي تعقيبا على ما حدث اليوم في ميدان التحرير أن هذا ما كنا نريده ، وما كنا نتمناه ، وبدى ثوار التحرير وكأنهم جناه ومخطئون ومخربون ومحاصرون من كل حدب وصوب ، فقد اتهمهم المجلس العسكري في أمانتهم وشرفهم بتهم الخيانة والتمويل ، واتهمهم أرباب التيارات الدينية بأنهم ليبراليون وعلمانيون ودعاة دولة مدنية وأنهم ضد الإسلام لأنهم يرفضون رفع شعارات دينية ، واتهمهم أهل روكسي بأنهم يعطلون عجلة الانتاج ، وهذا الحصار هو أكبر خطر على مصر وعلى المصريين ، فبالرغم من خوفي من التيارات الدينية على هويتنا المصرية ، إلا أن خوفي تضاعف ، لأن الشكل العام يقول أن حصار الثوار بهذا الشكل ومحاولة إقناع الأغلبية الصامتة ـ التي ظهرت فجأة ـ أنهم خطر بحيث يتم حشدهم وتجنيدهم فكريا وسياسيا ضد الثوار ، ولا يدرك الجميع أن هناك خطة واضحة لمحو الهوية المصرية من العقول ، وصبغ الشعب المصري بصبغة مختلفة وثقافة دخيلة لم يعهدها من قبل ، ظهرت ملامحها الحقيقية اليوم الجمعة 29يوليو في ميدان التحرير.

الأحد، 24 يوليو 2011

نجاح الثورة في تحقيق مطلبين ..!!

نجاح الثورة في تحقيق مطلبين ..!!

بدأت الثورة المصرية بمطالب أساسية ومحدودة ، كان أهمها تحقيق العدالة الاجتماعية ، وبعدما سقط الشهداء بنيران القتلة والخونة من بعض رجال الشرطة ، أصبح القصاص هو المطلب الأول والأهم من مطالب الثورة ، ومن وجهة نظري إن الثورة المصرية لكي يكتب لها النجاح المؤقت في المرحلة الراهنة بعيدا عن الدستور أولا أو الانتخابات ثانيا ، وبعيدا عن كل هذا الضجيج السياسي الذي يبحث عنه ويجري خلفه أعداء الثورة وعلى رأسهم التيارات الدينية ، يجب تحقيق هذين المطلبين على الأقل:

المطلب الأول: العدالة الاجتماعية ، وتتحقق من وجهة نظري بتطبيق الحد الأدنى للأجور فوراً.

المطلب الثاني: القصاص للشهداء فوراً ، وذلك بالقبض على جميع القتلة والقناصين ومحاكمتهم جميعا مع قادتهم في محاكمة استثنائية بتطبيق قانون الغدر ، إذا كنا فعلا في ثورة.

التفاصيل:

أولا :ــ حين خرج المصريون في يوم الخامس والعشرين من يناير كانت مطالبهم المعروفة والمعلومة للعامة هي ( كرامة حرية عدالة اجتماعية) وسوف أتناول العدالة الاجتماعية كمطلب يمكن اختزاله الآن في تطبيق الحد الأدنى للأجور مع علمي أن العدالة الاجتماعية مسألة متشعبة وتتعلق بجميع حقوق المواطن في كل شيء ، وبتوضيح أهمية تنفيذ هذا المطلب وتأثيره الإيجابي على المصريين وعلى نجاح ثورتهم ، بداية لن اتهم أحدا من القائمين على شئون البلاد بأنه خائن للثورة ، أو يريد إجهاض الثورة وسنتعامل بحسن النية رغم كل هذا التأخير وهذه الأحداث وهذا التآمر الواضح ضد الثورة ، ولكن عليهم أن يبحثوا عن أقرب وأبسط الحلول التي تساهم في نجاح هذه الثورة وفي تهدئة قطاع كبير من المصريين ، وهذا ما أقصده في تطبيق الحد الأدنى للأجور ، في مصر وحسب معلوماتي ، يوجد حوالي ستة ملايين ونصف مليون موظف في الحكومة يعني (6.5 مليون موظف) هذا العدد ليس سهلا لأن كل موظف هو رب أسرة أو ينتمي لأسرة ، ولو استفاد هذا العدد من تطبيق الحد الأدنى للأجور سيؤثر هذا على حوالي من 26 : 39 مليون مصري في جميع الأعمار تقريبا ، وذلك بمتوسط عدد أفراد من 4 : 6 لكل أسرة ، أعتقد أن مطلب كهذا لو تم تنفيذه فوراً سيؤدي لحالة من الرضا والهدوء والطمأنينة عند حوالي 30 مليون مصري ـ يقل أو يزيد ـ ، بالإضافة أن هذا العدد الرهيب سيؤمن إيماناً قطعيا بالثورة بعد أن ذاق حلاوتها في تحقيق مطلب واحد من مطالبها ، وبأنها عادت عليه بالنفع وظهرت نتائجها ملموسة وسريعة بدلا من حدوث العكس بظهور حالة بين عدد من المصريين الناقمين على الثورة سواء كانوا مأجورين أو فعلا هذه وجهة نظرهم في الثورة ، وهذا الكلام ليس صعبا ، ومعلوم كيف سيتم توفير الميزانية التي ستغطي الحد الأدنى للأجور ، وأنها لن تكلف الدولة مليم أحمر زائد عن الموازنة العادية ، حيث سيتم توزيع الملايين التي تصرف كرواتب وبدلات لعصابة مبارك ورجاله من موظفين الدولة في جميع القطاعات ويتم توزيعها بعد إعادة هيكلة الأجور بوضع حد أدنى 1200 أو 1500 جنيه ، وكذلك وضع حد أقصى لا يزيد عن 20 ألف جنيه أو خمسة عشر ضعفا من الحد الأدنى ، ومن يعترض على هذا ممن كان يحصل على الملايين كل شهر فعليه بتقديم استقالته ، لأن أي موظف مصري مهما كان عمله أو وظيفته لا اعتقد أنه يستطيع أن ينتج في عمله بحيث يستحق راتبا أكثر من 30 ألف جنيه شهرياً ، (وهذا من منطلق أن الأجر يجب أن يتناسب مع العمل وأداء وإنتاج الفرد في هذا العمل) ، كما أنه ليس هناك أفضلية لمصري على آخر ، وأعتقد أن مصر عامرة بالكفاءات التي تصلح للعمل في جميع المجالات لو اعترض واستقال بعض رجال مبارك.

ثانيا :ــ كان المطلب الأول متعلقاً بالعدالة الاجتماعية وعدم التفرقة بين المصريين في مستوى المعيشة ، وحرصا على تطبيق العدالة ، ولكن من منظور آخر فيجب القصاص من القتلى الذين قتلوا الشهداء وأصابوا آلاف من شباب الثورة ، وهؤلاء القتلة بالتدرج لهم قائد أعلى هو حسنى مبارك ، ويليه حبيب العادلي ثم عدد من مديري الأمن في قطاعات مختلفة ، ثم الضباط الذين نفذوا وعلى رأسهم القناصة ، و (بخصوص القناصة) ، ــ لأن الشيء بالشيء يذكر ــ غير مقبول على الإطلاق إصرار وزير الداخلية على عدم وجود قناصة في وزارة الداخلية لأن وزارة الداخلية بها قناصة وشاهدتهم بنفسي فوق أسطح كليات جامعة الأزهر عدة مرات في فترة الدراسة ، حين كان مبارك المخلوع يزور قاعة المؤتمرات بمدينة نصر ، كان القناصة يعتلون أسطح كليات التجارة والتربية واللغات والترجمة ، وبعض العمارات القريبة من قاعة المؤتمرات ، وكنا نشاهدهم بأم أعييننا ، وآلاف من طلاب الأزهر شهود عيان على هذا ، إذن مسألة أن الوزارة ليس بها قناصة فهذا لا يليق لأنه يثبت إدانة الوزارة والقناصة ولا يبرئهما.

ونعود للقصاص ، إذا كان المجلس العسكري يعترف بقانون الغدر ولا يمانع في تفعيله كما قال اللواء (حسن الرويني) على قناة دريم ، فلماذا لا يصدر المجلس العسكري قراراً بصفته الحاكم الحقيقي للبلاد بتطبيق قانون الغدر في محاكمة جميع القتلة والفاسدين ، ورغم عدم التحرك في هذا الشأن إلا أن اللواء الرويني يُصر بغرابة على محاكمة البلطجية أمام المحاكم العسكرية ، على جرائم هي أقل بكثير من جرائم قتل الثوار أو إفساد الحياة السياسية وسرقة الثروات المصرية وتخريب كل شيء في مصر.

إذن ومن وجهة نظري المتواضعة ، ماذا لو تم تحقيق هذين المطلبين فوراً.؟

تحقيق المطلب الأول كما قلت سيؤدي لنتائج عظيمة وهدوء وسكينة عند قطاع كبير من المصريين ، على الرغم من تذمر قلة من أصحاب الرواتب الضخمة ، ولكن تطبيق الحد الأدنى والحد الأقصى للأجور لن يظلم هذه القلة.

وتحقيق المطلب الثاني بالقصاص والمحاكمة الثورية السريعة بتطبيق قانون الغدر المعترف به من المجلس العسكري سيرسم أولى الخطوات التي تجعل مصر دولة قانون ، بحيث تولد ثقافة جديدة يتعلمها جميع المصريين (لا يوجد أي مصري مهما كان فوق القانون) ، إضافة لحالة الطمأنينة والسكينة التي سيشعر بها أهالي الشهداء ، وهذا أقل حقوقهم أن يشاهدوا من قتل أبناءهم وهو يعاقب على جريمته.

إن تسلسل الأحداث منذ بداية الثورة وانتهاءً بموقعة العباسية يثبت بالدليل القاطع أن جهاز أمن الدولة لا زال يسيطر على كل شيء في مصر ، يوجه البلطجية ويستخدمهم كما يشاء وقتما يشاء ، بالأمر يبعد التيارات الدينية عن معظم المشاهد الدامية ، وكذلك الموقف السلبي للجيش وهو يشاهد شباب الثورة يقع فريسة لحملة الحجارة والسيوف والمولوتوف ، وهذه المسألة مخيفة للغاية وتجعل العقل الباطن يسأل:ــ هل قلة من ضباط أمن الدولة أقوى من كل شيء في مصر.؟ ، هل قلة أخرى من البلطجية أقوى من كل شيء في مصر.؟ ، هل من الصعب على المجلس العسكري القبض على جميع البلطجية .؟ ، وسؤالي الأخير: هل سنترك مبارك وعصابته ورجال أمن الدولة وبعض رجال الشرطة والبلطجية يخربون مصر.؟ ويتحكمون في أمنها واستقرارها وقتما يشاؤون.؟ ، ثم نوجه اللوم للثوار وأنهم السبب وأنهم عملاء وأنهم سيخربون البلاد.؟. قبل أن نحاكم كل متهم بالعمالة ومن قتل وخرب فعلا..!!

أعتقد أن المجلس العسكري ــ وهو أقوى مؤسسة في البلاد بقواته المسلحة ــ قادر على تنفيذ مطالب الثورة كلها ، وقادر على تطبيق الحد الأدنى للأجور ، وقادر على تطبيق قانون الغدر في محاكمة القتلة والفاسدين بدلا من موافقته على ترقية ونقل بعضهم ، وتأخير محاكمة البعض الآخر كل هذا الوقت ، وقادر على القبض على جميع البلطجية والمسجلين ومحاكمتهم ، أم أن البلطجية هم السلاح السحري الذي يستخدم ضد الثورة والثوار ولا يمكن الاستغناء عنه.؟ ، لأن الثورة تعرضت لهجمات متكررة بنفس الأشخاص ونفس الأسلوب ونفس التخطيط خلال ستة أشهر ، ولم يتخذ أي إجراء ملموس عاجل و طارئ للقبض على جميع البلطجية والمسجلين ومن وراءهم ومن يخطط لهم رغم علم وزارة الداخلية بجميع البلطجية.

وأخيرا : أقول لو تم القبض على كل من شارك بالقول أو الفعل أو الأمر أو التمويل أو التخطيط في موقعة الجمل الأولى ، وتمت محاكمتهم جميعا لما تكررت موقعة الجمل للمرة الثالثة في العباسية ، وكان يجب القبض على كل من يشارك و يدير ويوجه البلطجية في مصر قبل محاكمة بعض البلطجية محاكمات عسكرية ، وكان باستطاعة قوات الأمن المركزي والشرطة العسكرية محاصرة هؤلاء جميعا في كردون أمني في العباسية ، والقبض عليهم جميعاً بدلا من هذا الموقف السلبي والمخزي بترك الثوار فريسة لهم يواجهونهم بسيوفهم وإجرامهم ، وبافتراض أن الشرطة والجيش لا علاقة لهما بتدبير هذه الخطة القذرة ضد المسيرة السلمية للثوار فهل من الشهامة والوطنية أن يتركوا شباب الثورة لقلة من المجرمين يستحلون أرواحهم بهذا المنظر.؟ ، ثم في الأخير يخرج علينا كالعادة خبير عسكري سابق ليتهم الثوار بأنهم عملاء ويتم تمويلهم ، وأن الثوار في التحرير قلة قليلة والباقي بلطجية وباعة ، هذه هي سياسة مبارك القذرة في التعامل مع خصومه حين يفشل في الرد عليهم بشرف ، وبكل أسف لا زالت موجودة بيننا رغم ثورتنا العظيمة.

إلى متى السكوت على هذه المهازل.؟

إلى متى السكوت على هذه الجرائم.؟

إلى متي يتم اتهام الثوار وتحميلهم مسئولية ليس لهم ذنب فيها.؟

يجب محاسبة كل من شارك في هذه المهزلة ضد الثوار ، وهذه هي مسئولية المجلس العسكري إذا كان فعلا مع الثورة.

السبت، 23 يوليو 2011

إخوان سلفية .... أمن دولة بلطجية ..!!

إخوان سلفية .... أمن دولة بلطجية ..!!




من الطبيعي جدا أن تمر أي ثورة بفترات نشاط وفترات كسل و خمول ، فترات قوة وفترات ضعف ، فترات خلافات واختلافات بين الثوار في تحديد المطالب و الأولويات ، وفترات يتم فيها الاتفاق والتحدث بقلب رجل واحد ووضع مصلحة الوطن فوق مصلحة الجميع ، فترات تشتت ، وفترات اتزان وتوافق وتعقل ، كل هذه الأمور طبيعية جدا ومنطقية ، لكنها في مجملها تخص الثوار وتحدث فيما بينهم ، وهي صفات عادية لمن قاموا بالثورة ومن يدافعون عنها ويقفون بجانبها لتحقيق جميع مطالبها كاملة ، هذه التغيرات غالبًا ما تحدث للثورة وللثوار نتيجة ردود الفعل الأخرى التي يواجهونها من عدة اتجاهات لجهات مختلفة متمثلة في قرارات وإجراءات من يقومون بإدارة شئون البلاد من جهة ، وكذلك من يحاربون الثورة ويحاولون قتلها وتفكيكها وتفريغها من مضمونها ، وتشويه صورة من يحميها أو يحاول الثبات لكي تكتمل الثورة وتحقق جميع مطالبها.
وفي حقيقة الأمر كنا في البداية نقول أن أعداء الثورة هم فلول النظام السابق وحدهم ، ويساعدهم بعض رجال الشرطة وأمن الدولة مع تشكيلة من جيش سري من البلطجية التابعين لوزارة الداخلية ، وكان هذا هو التحليل البدائي للثورة المضادة ، أو لأعداء الثورة ، ولكن بمرور الوقت وتدفق الأحداث تظهر على السطح حقائق تفرض نفسها وتقول لكل ذي عقل أنا ضد الثورة ، أنا أحارب الثورة أنا عدو للثورة ، ولا يمكن على الإطلاق أن يكون الحق مثل الباطل ، أو الكذب مثل الصدق ، فأنا كمواطن أدعي أنني مع الثورة ، فلابد أن تكون أقوالي وأفعالي ومواقفي مع الثورة بكل وضوح وشفافية دون نفاق أو رياء أو خوف من أحد ، كذلك يجب أن أثبت على موقفي وأدافع عنه بكل قوة مهما كان الثمن ، ولا يجوز أن أتلون أو أغير موقفي وأغير طريقة تعبيري عن هذا الموقف حرصا على مصلحة شخصية ، ثم أدعي أنني لا زلت مع الثورة ، أو أدعي أنني من فجر الثورة ومن خطط لها ومن يحميها ، فيجب أن أصارح الجميع حين أغير موقفي وأتحول للبحث عن مصالح شخصية خاصة ، بأن أقولها صراحة أنا ضد الثورة ، أو أنا أرفض مطالب هذه الثورة وأرفض الاعتصامات بل وأرفض الثورة جملة وتفصيلا ، كما يفعل أعداء الثورة من المغيبين والمأجورين والمنتفعين من أنصار حسني مبارك المخلوع ، حين تباكوا عندما سمعوا النطق بالحكم في قضية رفع اسمه من على الشوارع والمؤسسات ، وهذا الحكم في مضمونه أكثر عداء للثورة ممن بكوا عليه ، لأنه كان سببا في أن يجرؤ شاب مصري ويقول (أن هذا الحكم هو أول ضربة في قبر بتوع التحرير ، مهددا هانجيبكم من خيامكم النهاردة أول خطوة في انتصارنا عليكم ولا ثورة ولا بتاع) طبعا هذه العبارات معلوم من الذي لقنها لهذا الشاب المسكين ولا أستبعد أن يكون هذا الشاب مخبر في أمن الدولة أو أمين شرطة في أمن الدولة ، إذن هناك قوى متعددة تحارب الثورة.

ولا أريد أن أسمع صوت من بعيد ينادي قائلا إن القضاء المصري خط أحمر وخط أزرق ، ولا يجوز نقده ، فأي مخلوق بشري مهما كان يجوز نقده ونقد فكره وأفعاله وأقواله والقضاة بشر ، ومثلهم في هذا المجلس العسكري لا يوجد إنسان فوق النقد مهما كان اسمه وحجمه وموقعه ، وما دفعني لقول هذا الكلام هو تجرؤ مواطن مصري عقب سماعه هذا الحكم بقوله مفيش حاجة اسمها ثورة ، يعني لا يكفيهم الدفاع عن مجرم مثل مبارك وإنما ينكرون الثورة ويوجهون تهم واضحة للثوار ، ولا حياة لمن تنادي.
ومن جهة أخرى:: على الرغم أن التيارات الدينية هي أكثر الفصائل المصرية استفادة من الثورة إلا أنهم أكثر عداءً للثورة ، وذلك حينما يقول قادة الجماعة الإسلامية أن معتصمو التحرير علمانيون وشيوعيون ومطالبهم تدمر الوطن إضافة إلى تهديهم للمعتصمين وتصريحهم أنهم سيذهبون الجمعة القادمة لتطهير الميدان ، و لا يختلف هذا كثيرا عما قاله أحد قادة السلفية أن المعتصمون في التحرير بلطجية ومخربون ، وكل هذا بالطبع يصب في مصلحة النظام السابق الذي يستمتع حاليا بحالة الغليان في الشارع المصري وحالة الصدام المنتظر التي يمكن أن تؤدي لحرب أهلية طبقا لتهديدات الجماعة الإسلامية التي أعلنت صراحة أنها ستقوم بتطهير ميدان التحرير ، وكان أكرم لهذه الجماعة المتطرفة أن تساند الثورة في تطهير مصر أولا ، وفي تحقيق مطالب الثورة والقصاص للشهداء من القتلة الذين تم ترقيتهم مكافأة لجهودهم في قتل وإصابة حوالي عشرة آلاف شاب مصري أثناء الثورة .

الإخوان أمرهم عجيب لكن والحمد لله يفضحون أنفسهم بأنفسهم فرغم حالة الانسجام والموافقة على كل قرارات وإجراءات المجلس العسكري طوال ستة أشهر مضت بداية من الاستفتاء على تعديل المواد التسعة ، لدرجة جعلت الإخوان يقاطعون الثورة في كثير من الجُمَع إرضاء للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ، إلا أنهم حينما يشعرون أن مصالحهم في خطر يظهرون وجههم الحقيقي ، وحدث هذا في موقفهم من المواد فوق الدستورية ، كما اعترضوا على قرار المجلس إصدار إعلان دستوري جديد لاختيار الهيئة التأسيسية التي ستقوم بوضع دستور جديد للبلاد ، بالنسبة للانتخابات فالإخوان يصرون على إجرائها في موعدها لأنهم واثقون أنهم سينتصرون في غزوة الصناديق كلما اقترب موعد أي انتخابات ، وبالطبع سيظهر رد فعل مناقض تماما لو تم تأجيل الانتخابات.

الأغرب من كل هذا أنتشار تظاهرات في أماكن مختلفة من أنحاء القاهرة ، وكلها ضد التحرير ومن يطالبون بتحقيق أهداف الثورة ، ومنهم من خرج لتأييد المجلس العسكري وإعطائه فرصة هو والحكومة الجديدة ، ومنهم من خرج يضرب الثورة في مقتل بتهم الخيانة والتمويل الخارجي ، ومنهم من اتهم الثوار بالبلطجة وتخريب الوطن ، لكن الجميع اتفق على مبدأ أن (من يعتصمون في التحرير هم قلة ولا يمثلون الشعب المصري) وهنا يجب ان أسأل كل من نطق بهذه العبارة سؤال بريء: إذا كان شباب الثورة لا يمثل الشعب المصري .؟ ، فلماذا وافقت على ما حققه من مكتسبات منذ يوم 25 يناير وسمحت لنفسك أن تستفيد من هذه المكتسبات.؟ ، ولماذا تسمح لنفسك كمواطن مصري أن تتحدث عن الثورة المصرية ، طالما من قام بها هم قلة ولا يمثلون الشعب المصري.؟ ، وسؤالي الأخير : إذا كان سكان التحرير لا يمثلون الشعب المصري .؟ ، فهل مظاهرات روكسي ومصطفى محمود والعباسية ورمسيس هي التي تمثل الشعب المصري.؟ هذه مرحلة حرجة يتم التخطيط لها من جهاز أمن الدولة القذر ، وبكل أسف عادت التيارات الدينية مرة أخرى تلعب في أحضان أمن الدولة بقصد وبدون قصد ، أرجو ألا ننجرف لهذا الطريق لأن نهايته حتما حربا أهلية ستغرق فيها شوارع القاهرة بالدماء ، خصوصا بعد التهديدات الصريحة التي أعلنتها الجماعة (الإسلامية) بأنها تنوي تطهير ميدان التحرير ، وتناسوا جميعا أن ميدان التحرير هو من أعطاهم الحرية وأخرجهم من سجون مبارك ، سرعان ما التفوا على الثورة وعلى الميدان وأعلنوا الحرب عليهم.

كلمتي الأخيرة لكل من يدعو لمليونيات خارج ميدان التحرير بأسماء لا علاقة لها بالثورة الحقيقية في الميدان ، أقول اسألوا أنفسكم لو أن الثورة على خطأ فلماذا يضطر المجلس العسكري لتنفيذ المطالب حتى بعد فوات الأوان.؟ ، لو أن الثورة على خطأ ومن يحافظ عليها عميل ومخرب فلماذا توافقون على بعض مطالبها.؟ ، لو أن الثورة على خطأ والثوار بلطجية ، فلماذا وافق المجلس العسكري على تغيير الحكومة بضغط وإصرار مجموعة من البلطجية.؟ ، أقولها وأكررها مصر يُكْتَبْ لها تاريخ جديد وفرصة كل مواطن مصري أن يسجل موقفاً مشرفا في صفحات هذا التاريخ ، وأقول لمن يستعجل حصد المكاسب أنت جاهل تاريخيا الثورة المصرية لا زالت في بداية الطريق ، ومن يستعجل فهو يضرب الثورة والثوار.


أهمية البُعد الزمني في الثورة المصرية..!!

أهمية البُعد الزمني في الثورة المصرية..!!




منذ أن بدأت الثورة المصرية المجيدة في الخامس والعشرين من يناير ، وبدت لي ظاهرة شديدة الوضوح حاولت السكوت عنها وعدم الكتابة فيها ، وانتظرت عدة أشهر لعل وعسى تنصلح الأمور ويتفهم القائمون بإدارة شئون البلاد أن مصر حدثت فيها ثورة حقيقية ، ثورة بكل ما تحمل الكلمة من معنى ، ثورة فريدة من نوعها ، ثورة سلمية أشاد بها العالم في منهجها وأسلوبها وسلميتها وطهارتها ، كل هذا بالرغم من عدم وجود قيادة حقيقية واضحة لها ، وبالرغم من محاولات سرقة هذه الثورة من جهات و تيارات كثيرة ، وتحويلها لطريق آخر وتغيير مسارها الطبيعي ، إلا أن الثوار كل يوم يكتسبون خبرة كافية تحمي ثورتهم من غدر الغادرين وخيانة الخائنين وتواطؤ المتواطئين ، وبينما يكتسب الثوار هذه الخبرات كل يوم ، لا يزال في الجانب الآخر أحوال لا تسر عدو ولا حبيب ، تختلط هذه الأحوال بين تأخر المحاكمات للقتلة والفاسدين عدم تطبيق الحد الأدنى للأجور ، وحتى عدم الانتهاء من تعويضات أسر الشهداء ، وبين تيارات دينية دأبت استغلال الفرص مهما كان الثمن ، حتى لو وصل الثمن لعقد صفقات مع س أو ص لتقاسم المستقبل الذي لا يعلمه إلا الله ، ويشترك هؤلاء جميعا في صناعة حلقات من الكلام والتصريحات بلا حدود ، وفي مقابل هذه الوصلات من الكلام الذي لم يتحقق ربعه على أرض الواقع ولم يوضع له جدول زمني محدد ، هناك ينتظر الثوار بمطالبهم المختصرة الواضحة المحددة التي تعبر عن ثورتهم باختصار ، لأنهم يدركون قيمة الوقت ، أو عامل الزمن في بناء هذا البلد ، لأننا في ثورة ، وجميع الأحكام والقرارات والإجراءات يجب أن تكون ثورية وغير عادية أو تكون استثنائية ، وليتذكر الجميع ما فعله مبارك وأعوانه من بيع وسرقة لمقدرات مصر بالأمر المباشر ، وتوزيع ثروات مصر وأراضيها على الأصدقاء والأقارب والحبايب بقوانين وقرارات وإجراءات وتوصيات وتعليمات استثنائية وغير قانونية ، وكل هذا بدون ثورة ، إذن لماذا يستنكر القائمون على إدارة شئون البلاد أن يتم اتخاذ إجراءات وقرارات ومحاكمات ثورية ، ويساعدهم في هذا ثورة الشعب المصري ، ولا يليق أن يتحدث بعضهم أن هذه المحاكمات الاستثنائية ستلغي حقنا في المطالبة بالأموال المنهوبة التي تم تهريبها خارج مصر ، لأن هذه الأموال إن آجلا أو عاجلا لن يعود منها مليم أحمر ، وبالتالي حرصا على مستقبل مصر يجب أن يحاكم كل فاسد وكل قاتل على جريمته ، وذلك لتأصيل مبدأ العدل والثواب والعقاب للأجيال الحالية والقادمة ، وحتى لا يثبت في عقول وأذهان المصريين إمكانية التلاعب بالقانون والهروب من العدالة مهما كانت حجم الجرائم ، وهذه ستوكن قاعدة لفئة كبيرة من المصريين في صناعة فساد من نوع قد يكون أكثر كارثية وإجراما في حق مصر والمصريين.

ويجب أن يفطن هؤلاء جميعا أن الثوار الذين خلعوا مبارك الذي عاش عمراً طويلا ، وصل فيه لقمة الفساد والطغيان ، ووصل تقديس أتباعه له لدرجة التسبيح بحمده بدلا من الله جل وعلا ، وإنه لمن الغباء أن يعتقد كائنا من كان أن مصر يمكن أن تتحول للقمة سائغة لتيار أو فصيل أو مؤسسة أو حزب بعينه ينفرد بها أو يتحكم فيها ، و يسيطر عليها وعلى شعبها كما كان في الماضي ، فقد عرف الشعب المصري أسباب ضعفه ووهنه ومن المتسبب فيهما ، وكذلك عرف مكمن قوته الحقيقية.

يجب أن يفطن هؤلاء جميعا أن الشعب الذي استيقظ على هتافات ثورة أطاحت بطاغية مثل مبارك بكل عنفوانه ، فإنه قادر على قهر أي شيء فيما بعد ، ومن يراهن بالشك في هذا فهو خاسر مقدماً..

ومن أهم ملامح الثورة المصرية (عنصر السرعة) ، والسرعة تدخلنا في البعد الزمني الذي أقصده في ثورتنا المصرية العظيمة ، شهادة وكلمة حق يجب ان تقال (إن الثورة المصرية كانت في بدايتها تظاهرة عادية ترفع لافتات للمطالبة بالحرية والعدالة والكرامة الإنسانية) وبعد تطور المشهد في أحداث جمعة الغضب في الثامن والعشرين من يناير ، وبدون تخطيط أو تحضير وبعفوية وبفطرة نقية تحولت التظاهرة إلى ثورة حقيقية ، حدث هذا في وقت قياسي ، يجعلنا نلحظ حالة التباطؤ المميتة في تنفيذ مطالب الثورة ، فبالرغم من مرور كل هذا الوقت إلاّ أن إدراك مفهوم الثورة والاعتراف بها كحقيقة واقعية ملموسة تفرض مطالبها ، وكل القرارات وكل الإجراءات التي تمت حتى الآن في مجملها جاءت متأخرة كثيرا عن موعدها ، وظهرت هذه المفارقات بين رتم الثورة والثوار من جهة ، وبين الجهة الأخرى التي تضم بقايا النظام السابق الذي لم يدرك ولم يفهم معنى الثورة ، والمجلس العسكري من بعده وجميع من عمل في الحكومات التي جاءت لتسانده في هذا الدور.

فمنذ البداية ، تحولت التظاهرة إلى ثورة بينما ظلّ نظام مبارك الفاسد بكل وزرائه وبكل أعوانه يحاربون الثورة ، ويخططون لإجهاضها وقتلها ، فعلوا الكثير في هذا بداية من انسحاب الشرطة وإطلاق سراح البلطجية والمسجلين ، ومرورا بموقعة الجمل ، وجمع الحشود التي خرجت تدافع عن مبارك وتعتذر له وتطالب بتكريمه ، ولم تنتهي هذه المحاولات عند تهديد بعض المصريين بأنه لو لم يتم الإفراج عن مبارك وتكريمه سيقومون بحرق سجن طره ، وتزامن هذا في نفس اليوم مع تهديدات صريحة لبقايا الحزب الوطني وقياداته أنهم لن يستسلموا ، وأظهروا هذا في محاولات واضحة لنشر الفرقة والخلافات بين جميع أطياف الثورة وتحويل جميع مؤتمرات الوفاق الوطني لمعارك تنتهي بالفشل دون التوصل لأية نتيجة ، وأخر ما حدث من هذا الجانب كان على ما يبدو في أحداث مسرح البالون وميدان التحرير في حالة من التعاون الواضح بين بقايا الحزب الوطني المنحل ، والبلطجية وبعض رجال الشرطة ، ومن وجهة نظري لو أن هذا الجمع يعرف حقا معنى كلمة ثورة لما فكّر في كل هذه التفاهات التي أظهرت قوة الشعب المصري وأصالته ومدى إيمانه بثورته.

ولأن هؤلاء جميعا لم يدركوا أن مصر تعيش ثورة حقيقة ، والسبب هو البعد الزمني في الرؤية والإدراك والفهم لما يجرى في البلاد ، معظم هؤلاء شربوا وتجرعوا البيروقراطية واختلطت بدمائهم ، وانعكس هذا على أقوالهم وأفعالهم وجميع سلوكياتهم ، بينما الثوار تتزايد طموحاتهم ويعلو سقف مطالبهم أملا في أن تتحول مصر لدولة حقيقية يسودها العدل والحرية وحقوق الإنسان ويعيش فيها الجميع سواسية لا فرق بين رئيس ولا مرؤوس ، لا فرق بين مواطن أو لواء أو وزير أو رئيس ، الجميع يعيش لخدمة الوطن بحق قولا وفعلا ، يجب أن يقدر الجميع قيمة الزمن ، قيمة الوقت ، إذا كانوا فعلا يريدون بناء هذا الوطن ، لأن الثورة أثبتت أنها تفرض مطالبها وتـُصر عليها حتى تتحقق إذن من يضيع الوقت ويؤثر سلبا على اقتصاد وأمن الوطن لا الثورة ولا الثوار ، ولكن فيما يبدو أن السبب هم من يوافقون على تحقيق المطالب في وقت متأخر بعد طول انتظار.

إن اختلاف نظرة المسنين من أفراد الشعب ومن المسئولين سواء في الحكومة أو المجلس العسكري أو أي مسئول سابق عن نظرة الشباب الذي فجر الثورة فهناك بعد زمني في الأمر يجعل فرقا كبيرا بين نظرة كل فئة للثورة ولكيفية وإمكانية تحقيق مطالبها وكذلك للطريقة المثلى لتحقيق مطالب الثورة وهنا يدخل العامل الزمني كمؤثر خطير حيث اعتاد المسنون أو كبار السن على البطء والتباطؤ والصبر والملل ولم يتكيفوا الى الان مع الثورة التي تفجرت في عجالة ومضى على سقوط الحاكم الفاسد للبلاد شهور ولا زال يسيطر على كبار السن نظرية اعطونا فرصة لكي نعمل .. وأنا بقدر ما اوجه لهم النقد لا ألومهم لأنهم قد اكتسبوا هذا رغما عنهم نتيجة علاقتهم الطويلة مع مبارك..

الثورة المصرية كل يوم تظهر لنا حقائق جديدة ودلالات عديدة تبين لنا تأثير الحياة البئيسة التي عاشها ملايين من المصريين تحت مظلة حكم مبارك القمعي الذي صنع أجيالا خانعة ساكتة وساكنة لا يشغلها إلا البحث عن لقمة العيش مهما كانت التنازلات التي سيقدمها من يبحث عن هذه اللقمة .

نجح مبارك في تحطيم ملايين من المصريين وقوقعتهم في هذا القالب المغلف بالخوف والتخوين من أقرب الناس ، ونجح في خلق الشتات بين المصريين ، في حالة فريدة من نوعها وجديدة على الشعب المصري الذي عاش قرونا طويلة يتميز بالحب والتسامح والتعاون والنخوة والرجولة والشهامة مع بعضه البعض ، وحتى مع الأغراب والوافدين من بلاد أخرى ، كل هذه القيم والصفات النبيلة والعظيمة ، نجح مبارك في طمسها ومحوها من عقول معظم المصريين بالتدريج وساعده في هذا جميع أجهزة الدولة الاعلام والشرطة والتعليم والسياسة بعض رجال الدين .

ومعظم المتأثرين بحكم مبارك تجدهم من المسنين أو الطاعنين في السن ، حيث أن الشباب تحت سن الأربعين لم يصيبهم هذا الوباء بنفس القدر ، ولم يتحول معهم إلى مرض مزمن كما حدث مع الفئة الأكبر عمرا في مصر ، وهذه حقائق واقعية نلمسها كل يوم لا يوجد حتى الآن مواطن مصري يحاول التمسح بمبارك أو التحدث عن حكمته أو أنه كان قائدا أو أن له حسنات إلا بعض هذه الفئة العمرية التي طعنت في العقد السادس والسابع من العمر ، وسبب هذا هو أنهم عاصروا مبارك منذ أن كان نائبا للرئيس ، وعاشوا معه لحظة بلحظة وشربوا من كل أنواع سياساته الفاسدة قطرة قطرة.

وعندما قامت الثورة بعض هؤلاء وإن أيدوا الثورة بعض الوقت لحفظ ماء وجههم أمام الناس إلا انهم لا يستطيعون تأييد الثورة بنسبة مائة في المائة ، ولابد أن يرموا الثورة ببعض السلبيات واتهامها بأن استمرارها سيضر بمصلحة الدولة ، ويظهر هذا جليا عندما يتحدث أحدهم أن هذا الشباب لا يستطيع أن يقيم دولة أو يدير شئون دولة بمفرده دون الاستعانة بالخبرات والكفاءات ، وهنا نقول لهؤلاء المسنون جميعا ماذا قدمتم للثورة ، بخبرتكم الفريدة من نوعها ، انتم حينما فكرتم في اتخاذ موقف من الثورة فكرتم كثيرا وكان لدى معظمكم أمل كبير جدا أن مبارك سيعود وسيطير على الشباب ويقتلهم ويعتقلهم ويقتل ثورتهم ويعود ديكتاتورا قاتلا مستبدا ، ولا يفوتني هنا ان أذكر بأن معظم هؤلاء المسنون قالوها صراحة على التلفزيون(احمدوا ربنا ان مصر لم يحدث فيها مثل ليبيا واليمن وسوريا والبحرين) وكأن ما حدث في مصر كان لعب وهزار مع الثوار عندما قتلوا ما يقرب من ألف شهيد وأصابوا أكثر من ستة آلاف من خيرة شباب مصر.

هذه هي النظرة المناسبة للفئة العمرية التي عايشت مبارك ثلاثة أو أربعة عقود كاملة ، وهذه النظرة تتناقض في معظمها مع نظرة شباب الثور لمصر ومستقبلها
ويتجلى هذا التناقض بين الفئة العمرية السالفة الذكر وبين الشباب أن هذه الفئة العمرية توافق على تحقيق أقل المطالب ، وهذا يرجع لتأثرهم لعقود بسياسة القمع والظلم والقهر وانتظار العلاوة والحقيرة كل عام من مبارك الحرامي وعصابته .

لكن شباب الثورة الذي واجه مبارك بكل جبروته وقمعه وتسلطه وأجهزته بكل انواعها ، وشباب الثورة الذي فجر هذه الثورة بلا مواعيد وبلا تخطيط وبلا جدول زمني وبلا (اعطونا فرصة نعمل) مثلما يقول المجلس العسكري وحكومته هذا الشباب لا يمكن أن يقبل تحقيق بعض المطالب ، ولن يقبل ان تعود مصر إلى الوراء
هذا الشباب يريد لمصر أن تكون دولة بمعنى الكلمة يتم فيها اصلاحا حقيقيا لا صوريا ، يتم بناء مجتمع خال من الفساد والمحسوبية مجتمع حر يتمتع فيه كل مصري بحقه وحريته ويكون جميع المصريين سواسية أمام القانون ، مجتمع يتحقق فيه مبدأ تكافؤ الفرص للجميع وتكون القيادة و تقلد المناصب الهامة بالكفاءة لا بالرشوة والمحسوبية والمعارف والفساد كما كان .

هذه مجرد وجهة نظر وتحليل متواضع لما يحدث الآن بين شباب الثورة وبين فئة عمرية عاشت وعاصرت مبارك وتأثرت به كثيرا ، وبكل أسف رغم أن ثورة قامت وأسقطت هذا الفاسد إلا أن بعض هذه الفئة العمرية لا تزال تتناقض مع نفسها ولا تستطيع أن تؤمن بالثورة بنسبة مائة في المائة ، وللعلم إن هذه الفئة العمرية تنتشر بين جميع المصريين في كل المستويات وفي كل المواقع وفي كل المؤسسات ..

اتقوا الله في مصر .. رفقا بالثوار .. فهم ليسوا ملائكة ..!!

اتقوا الله في مصر .. رفقا بالثوار .. فهم ليسوا ملائكة ..!!




منذ أن بدأت الثورة المصرية ، ومنذ أن تنحى مبارك مُجبراً ، بقوة وإرادة الشعب المصري الشريف المسالم الذي فرض شرعية جديدة للبلاد ، ومنذ أن تسلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد ومنذ أن اعترف بأنه يحترم شرعية الثورة والشعب ، والجميع يخطئ في حق مصر وفي حق ثورتها السلمية المجيدة ، وأقصد هنا بالجميع (كل مسئول ، وكل جهة في الدولة ، وكل مؤسسة وكل جماعة وكل تيار وكل حزب) الجميع أخطأ في حق مصر والمصريين ، لأن معظم هؤلاء منهم من استغل الثورة لصالحة متجاهلا حق الشهداء ، وهذا ما فعله بامتياز أرباب التيارات الدينية بكل ألوان طيفها ، فهم أول من أخطأ في حق الثورة ولا يزالون ، وآخرهم المتحدث الرسمي باسم الجماعة (.....) يقول على المتواجدين في ميدان التحرير الآن أنهم قلة ولا يزيد عددهم عن ثلاثة آلاف ، وكلهم من العلمانيين والشيوعيين ، وجميعنا نعلم الأرضية التي صنعها هؤلاء في تعريف الشعب المصري بالعلمانية ، وتناسى هذا الشيخ وغيره من الشيوخ أن هؤلاء الشباب قد منحوه هو وأمثاله أغلى منحة وهي الحرية.

معظم الخبراء العسكريين السياسيين الذين تربوا على يد مبارك ولحم أكتافهم من رواتب الولاء له ، أصبح الشغل الشاغل لهم تشويه صورة الثورة والثوار ، لدرجة أن أحد هؤلاء وهو لواء سابق وخبير عسكري ، قالها صراحة على القناة الأولى المصرية اليوم الأربعاء 13/7/2011م (لا أدري من أين جاء هؤلاء الثوار بكل هذا الغل .؟) ، وهنا يجب أن نعترف أن مثل هذه الشخصيات لا يمكن على الإطلاق أن يكون قد آمن بالثورة أو أحس بها أصلا ، فهو ضمن جيل مبارك وأحد من تربو على يديه ، وللعلم التلفزيون المصري حتى اللحظة وأثناء كتابة هذا المقال لا زال يحارب الثورة ، ويعادي الثورة ويحاول بقدر المستطاع تشويه الثورة ، واختزالها في سلوكيات وتصرفات عابرة ، وعلى سبيل المثال ما قاله الخبير العسكري اللواء السابق في (برنامج اتجاهات) على القناة الأولى (قال فوجئت بطفل في السابعة عشرة من عمره يقول سنفتح المجمع (مجمع التحرير) يومي الأربعاء والخميس) واصفا هذا الطفل بقوله (مين ده) أعتقد يا سيادة الخبير العسكري أن هذا الطفل وأمثاله من الأطفال هم من منحوك الفرصة للظهور في التليفزيون وأعطوك الجرأة لوصف مبارك(بالرئيس السابق) وأنت وأمثالك قبل الثورة كنتم تسبحون بحمد مبارك.

الجهات المنوط بها محاسبة ومحاكمة الفاسدين والقتلة أخطأوا في حق مصر وفي حق المصريين خصوصا بعد الثورة ، لأن كل هذه الجهات بكل أنواعها ومراكزها المختلفة منحت القتلة والفاسدين فرصا عدة للتخلص من أدلة إدانتهم ، أعطتهم الفرصة كاملة لتهريب الأموال وإخفاء أي شبهة دليل يدين فاسد أو قاتل فتحت الباب أمام البلطجية لترويع المصريين وإرهابهم ، وهنا الأمثلة كثيرة جدا ولا تحصى ولا تعد ، منها ترك زكريا عزمي وصفوت الشريف في قصر الرئاسة أكثر من شهر ونصف بعد تنحي مبارك ، وترك مئات غيرهم أحرار طلقاء يفعلون ما يشاؤون بل ويحاربون الثورة بأسلوب قذر منحط في معارك لم يشهدها التاريخ الإنساني ، محاكمة الضباط المتهمين بالقتل دون وقفهم عن العمل ، حتى يستطيعوا تهديد وابتزاز أهالي الشهداء ، وكذلك إخفاء أدلة إدانتهم مثل الأسلحة والمعدات والمستندات ، والأكثر إجراما من هذا هو قيام هؤلاء الضباط أنفسهم بعمل التحريات المطلوبة ضدهم لتقديمها للنيابة في التهم المنسوبة إليهم ، والأكثر عارا من هذا إلى الآن لم نسمع عن اسم قناص واحد من القناصين الذين قتلوا عشرات في جميع أنحاء مصر ، ويكفي أن وزير الداخلية قال أن الوزارة ليس بها قناصين.

أعتقد أن سرية المحاكمات للقتلة والفاسدين طوال ستة أشهر مضت هو خطأ وظلم للثورة والثوار ، ومن العار اليوم أن يتم الموافقة على علانية المحاكمات بعد ستة أشهر من الثورة ، وأعتقد أن الخطأ الأكبر الوضع الذي يعيش فيه القتلة والفاسدين داخل سجن طره ، ويكفيهم هنا امتلاك أجهزة المحمول فقط ، لسرعة الاتصالات والتخطيط من داخل السجن ومحاربة الثورة بأقذر الطرق والأساليب ، والبحث عن طرق للنجاة من الجرائم التي تلاحق كل منهم ، وأكبر دليل على التأثير السلبي لهذا التعامل المائع والمتسيب والمتساهل والمتواطئ مع هؤلاء القتلة هو أحكام البراءة للضباط وبعض الوزراء ، وكانت هذه الأحكام نتيجة طبيعية جدا لمجهود كبير قاموا به في إخفاء أدلة إدانتهم.
أعتقد أن بقاء مبارك في شرم الشيخ إلى الآن هو عار وخطأ كبير جدا على كل مسئول في مصر ، وهو أمر ليس له أي مبرر على الإطلاق ، كما أن البيانات التي ألقاها علينا كل من رئيس الوزراء واللواء الفنجري كانت تحوم حول مطالب الثورة وفي مجملها جاءت مخيبة للآمال ناهيك عن وجود نبرة التهديد والتخويف ، ورغم ذلك لم تنطق هذه البيانات بكلمة واحدة عن مبارك ، وكأن الحديث عن مبارك لا يزال خطاً أحمر لا يمكن الاقتراب منه ، أو من الممكن المطالبة بأي شيء بعيدا عن مبارك الذي ننتظر براءته قريبا لو استمر الوضع على هذا النحو ، وفي المقابل معظم المصابين من شباب الثورة تم التعامل معهم في المستشفيات الحكومية وكأنهم قتلة ومجرمون ولم يحظوا بالعلاج والاهتمام الذي يليق بهم.

حقوق الشهداء وحقوق أسر الشهداء لماذا تأخرت كل هذا الوقت ، وإعلان رئيس الوزراء أنه سوف يشرف عليها بنفسه بعد ثلاثة أشهر من توليه المسؤولية ، أليست هذه أخطاء.؟
الحد الأدنى للأجور الذي خدعونا به ، وضحكوا علينا ، ورغم وضعهم حد أدنى للأجور إلا أنهم خافوا من وضع حد أقصى للأجور ، خوفا من الأثرياء ، فكل شيء يسير عكس مصلحة الفقراء وعكس مصلحة مصر لأن الفقراء هم القطاع العريض من هذا البلد ، ولو قامت لمصر قائمة ستكون بسواعد هؤلاء الفقراء بعد بتحقيق العدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق الطبقية بين فئات الشعب.

بعد كل هذا الملل الذي يشعرنا أن ثورة لم تقم يخرج علينا أشخاص مغيبون يُجَـرِّمون ما فعله شباب الثورة حين أغلقوا مجمع التحرير ، كما يعتبرون إصرار الثوار على البقاء في التحرير ضد مصالح الوطن ، وضد سير عجلة الانتاج ، ومحاولات لتخويف المصريين من الجوع والدخول في أزمات اقتصادية ، وهنا يجب أن أسأل هؤلاء جميعا أين كنتم حين تم تهريب مليارات الجنيهات وأطنان من المشغولات الذهبية بمليارات أخرى ، وكل هذا يتم نقله في طائرات مصرية بأموال مصرية ، تزامنا مع قتل المئات وإصابة الآف من شباب مصر الحر ، أليست هذه الجرائم أكثر خطرا على المصريين وعلى الحالة الاقتصادية للبلاد.؟.

الجميع يعرف أن تأسيس أحزاب على أساس دينية هو مخالفة للقانون ، ورغم ذلك معظم الأحزاب التي تأسست بعد الثورة واستفادت منها هي أحزاب دينية ، وهذا خطأ يهدد أمن واستقرار مصر ، حاضرها ومستقبلها ، وهذه حقيقة لن نعرف خطورتها الآن ، ولكن هي كلمة حق أقولها مثل من قالوها وأجرى على الله.
الثوار ليسوا ملائكة ، الثوار بشر عاشوا أصعب لحظات حياتهم حين جعلوا أرواحهم فداء لتخليص مصر من الاستبداد والقتل والقمع والتعذيب ،ووضعوا أرواحهم على أكفتهم ، وهم عزّل ، و طالبوا بالعدالة والحرية والكرامة الإنسانية لجميع المصريين ، لم يفكروا في وزارة ولا رئاسة ولا حزب ، فكل ما يشغلهم هم نجاح الثورة واستكمال مطالبها كاملة ، حتى لا يضيع كل شيء هباء ، هم أكثر خوفا على هذا الوطن من جميع الأصناف والألوان والتيارات والجماعات والقيادات التي اشتركت في ظلم الثورة والثوار وفي سرقة أحلام هذا الشباب قبل أن تكتمل ، وفي خطف هذا النجاح وهو لا يزال وليدا ، وكل هؤلاء شاركوا في حملة شرسة لتشويه الثورة والثوار وتحويلهم لقلة مندسة ، وترويج إشاعات كاذبة أن هناك أيادي خارجية تحركهم وتدفع لهم ، وفي أحيان كثيرة يحاول أعداء الثورة الفصل بين من قام بالثورة في الأيام الأولى وبين من يصرون اليوم على تحقيق مطالب الثورة ، وذلك بتوجيه اتهامات باطلة وظالمة لشباب نقي طاهر يعرض نفسه كل يوم لبطش بلطجية طلقاء لا رابط لهم ، ولا رادع ، ويتم توجيههم كل حين للنيل من هذا الشباب كلما لزم الأمر ، هنا الخطأ الأكبر الذي يشترك فيه كل مسئول مصري لماذا لا يتم القبض على جميع البلطجية ، وهم أصدقاء وأحباب بعض العاملين في وزارة الداخلية ، ويعرفونهم كما يعرفون أبناءهم.

سؤال: هل سيبقى الميدان آمنا من أي هجوم للبلطجية.؟ ، في ظل غياب واضح للشرطة منذ يوم الثامن من يوليو ، أم أن هناك تخطيط وتجهيز لعملية جديدة لاقتحام الميدان ، وهذا ما كان يحدث أيام مبارك المخلوع بعد كل خطاب فيه إقصاء لوزراء أو تغيير في الحكومة ، و حتى بعد مبارك حدث ذلك بعد إقالة شفيق ، وبعد حل الحزب الوطني ، وبعد حل المحليات ، وهذه المرة الدائرة دارت على بعض الوزراء و بعض رجال الشرطة ، لو حدث ذلك فعلا ، وتم الاعتداء على الثوار في الميدان بإجرام وقسوة وبلا رحمة فمن نحاسب.؟ ومن نحاكم .؟ ومن المسئول.؟ ، وهل عندها سنلوم الشباب على اعتصامهم وبقائهم في التحرير ، وعلى إصرارهم على تحقيق جميع مطالب الثورة كاملة وغير منقوصة.؟

أخيرا : يجب أن نغفر لشباب الثورة أخطاءه البسيطة التي لا تضاهي كم الخطأ والجرم الذي وقع ويقع فيه كل مسئول عن هذا البلد ، فكلنا بشر ، يخطئ ويصيب ويكفي أن هذا الشباب كان سببا في خلع حاكم مثل مبارك ، بعد أن أضاع أعمار ملايين من المصريين وسرق أحلامهم وجعل همهم هو العيش جنب الحيط وتربية الأولاد ، ارحموا شباب الثورة وارحمونا يرحمكم الله.




هل الشيطان هو الذي اختار مكان المسجد النبوي.؟

هل الشيطان هو الذي اختار مكان المسجد النبوي.؟




في أحد الحوارات الشهيرة لأسد من أسود السنة تفجرت هذه القنبلة ، حين قال الأسد أن الإبل خلقت من الشياطين ، وبدافع البحث عن الحقيقة ، وقبل أن أظلم أسد السنة ، رجعت لكتاب صحيح البخاري ، للتأكد أن هذه الرواية موجودة فعلا ، فوجدت أنه قد وردت ضمن أحاديثه الكاذبة ، أنه ينسب لخاتم النبيين عليهم جميعا السلام حديث يقوله فيه الآتي :

اقتباس "فتح الباري شرح صحيح البخاري - كِتَاب الْوُضُوءِ - النهي عن الصلاة في معاطن الإبل
قَوْلُهُ : ( أَبُو التَّيَّاحِ ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقَانِيَّةِ ثُمَّ التَّحْتَانِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ وَهَذَا الْحَدِيثِ فِي الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ قَالَ بِطَهَارَةِ أَبْوَالِهَا وَأَبْعَارِهَا قَالُوا : لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو مِنْ ذَلِكَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يُبَاشِرُونَهَا فِي صَلَاتِهِمْ فَلَا تَكُونُ نَجِسَةً ، وَنُوزِعَ مَنِ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ لِاحْتِمَالِ الْحَائِلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَ عَلَى حَائِلٍ دُونَ الْأَرْضِ وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّهَا شَهَادَةُ نَفْيٍ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إِنَّهَا مُسْتَنِدَةٌ إِلَى أَصْلٍ ، وَالْجَوَابُ أَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى حَصِيرٍ فِي دَارِهِمْ وَصَحَّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ : هَذَا الْحَدِيثُ مَنْسُوخٌ ; لِأَنَّ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ - ص 408 - أَنْ يُبْنَى الْمَسْجِدُ فَاقْتَضَى أَنَّهُ فِي أَوَّلِ الْهِجْرَةِ وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُمْ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ وَأَنْ تُطَيَّبَ وَتُنَظَّفَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ وَلِأَبِي دَاوُدَ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ وَزَادَ " وَأَنْ نُطَهِّرَهَا " قَالَ : وَهَذَا بَعْدَ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ . وَمَا ادَّعَاهُ مِنَ النَّسْخِ يَقْتَضِي الْجَوَازَ ثُمَّ الْمَنْعَ وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ إِذْنَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ ثَابِتٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ . نَعَمْ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى طَهَارَةِ الْمَرَابِضَ لَكِنْ فِيهِ أَيْضًا النَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ فَلَو اقْتَضَى الْإِذْنُ الطِّهَارَةَ لَاقْتَضَى النَّهْيُ التَّنْجِيسَ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِالْفَرْقِ لَكِنَّ الْمَعْنَى فِي الْإِذْنِ وَالنَّهْيِ بِشَيْءٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّهَارَةِ وَلَا النَّجَاسَةِ وَهُوَ أَنَّ الْغَنَمَ مِنْ دَوَابِّ الْجَنَّةِ وَالْإِبِلَ خُلِقَتْ مِنَ الشَّيَاطِينِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ." انتهي الاقتباس

وهذا ما قاله فضيلة الشيخ أسد السنة يؤكد هذا الكذب وينسبه كذبا وظلما لخاتم النبيين مثل شيخه وإمامه البخاري.
التوضيح في هذا الفيديو على الرابط ادناه
http://ahewar.org/rate/sy.asp?yid=5267

الـتـعــلـيــق:
ــ واستكمالا لرحلة البحث عن الحقيقة كان لابد من الاستناد لما قاله رب العزة جل وعلا في القرآن الكريم عن الإبل ، وحتى تتضح الصورة أمام القارئ ، ولكي نثبت كم التناقض الهائل بين القرآن الكريم وبين ما قاله البخاري كذبا ثم نسبه لخاتم النبيين في أكبر عملية كذب و تدليس وتلفيق عرفها التاريخ الإنساني ، وعلى كل إنسان أن يختار بنفسه بأن يصدق البخاري فيما يقول ، أو يصدق رب العزة فيما يقول في القرآن الكريم ، وفي الحالتين كل إنسان مسئول عن اختياره يوم القيامة ، وحسابه على الله.
وقبل أن نذكر الآيات القرآنية التي تبين كذب البخاري سنرد على كل من يؤمن أن الإبل خلقت من الشياطين بسؤال واحد : لو فعلا الإبل خلقت من الشياطين ، ــ ويجب أن نركز نحن نقول (الإبل) وهي لفظ مُعرف بـ أل ، وهي تعني جميع الإبل ــ هل يصح أن يسمح خاتم النبيين عليهم جميعا السلام لمخلوق شيطاني أن يساعده في اختيار المكان المناسب الذي بـُنِيَ فيه أول مسجد في الإسلام.؟ ، هل يعقل أن الرسول عليه السلام الذي اتهموه بأنه (نهي عن الصلاة في معاطن الإبل لأن الإبل خلقت من الشياطين) ، هو نفسه يختار المكان الذي بركت فيه ناقته ــ المخلوقة من إحدى الشياطين ــ ليبني فيه أول مسجد في تاريخ الإسلام ، هل هناك تناقض أكثر من هذا.؟ ، وهل هناك ظلم لخاتم النبيين عليهم السلام أكثر من هذا.؟. ، وطبعا قصة الناقة معروفة ولا تحتاج لدليل أو توضيح ، كما أن الحديث يتهم الرسول والمسلمين بأنهم بلهاء ، حين يقول البخاري أن الرسول "نهى عن الصلاة في معاطن الإبل" ، هل يوجد إنسان سوى عاقل يمكن أن يُصلي في مكان قذر يستخدم للبهائم.؟ بعد أن توضأ وتطهر ونظف أعضاءه ليقف بين يدي الله جل وعلا ، أعتقد أن هذا استهزاء وسخرية بالمسلمين ، والأكثر من هذا كله كيف ينهى الرسول عليه الصلاة السلام من مجرد الصلاة في معاطن الإبل ثم يوافق على بناء مسجد في المكان الذي بركت فيه ناقته.؟
موضوع آخر : بما أن الإبل خلقت من الشياطين لماذا يؤمن معظم المسلمين بحديث التبرك ببول الإبل.؟ أليس هذا تناقضا واضحا آخر ، لكن قبل التناقض هناك عملية استغفال كبيرة جدا قام بها البخاري وشربها معظم المسلمين على مر العصور.
البخاري يقول بول الإبل مقدس ويمكن التبرك به ، معظم المسلمين يقولون آمين.
البخاري يقول الإبل خلقت من الشياطين ، معظم المسلمين يقولون آمين.
كتب السيرة والتاريخ تقول أن الرسول استعان بناقته في اختيار المكان الذي بُنِيَ فيه أول مسجد في الإسلام على الرغم أن هذه الناقة خلقت من الشياطين شأنها شأن باقي الإبل ، معظم المسلمين يقولون آمين.
ونرجع للقرآن الكريم و آياته البينات لنظهر مدى كذب البخاري وظلمه لله جل وعلا ولنبيه عليه الصلاة والسلام.
يقول ربنا جل وعلا عن جميع المخلوقات في هذا الكون في آية عظيمة محكمة جاءت في معرض الحديث عن يوم الحساب وتحديدا عن موقف كفار قوم لوط ((إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ))القمر:49، والإبل هي ضمن هذه المخلوقات ، ولم يخلقها ربنا جل وعلا عبثا ، ولكنها خلقت بقدر.

ولأن الإبل مخلوق له قيمة ، فكان لها دور واضح في هذه الحياة الإنسانية ، وفي مساعدة الإنسان ، وأكبر وأعظم من هذا جعلها الله تعالى مثالا للبشر يتفكرون ويتدبرون فيه ، تعودنا في القرآن الكريم أن المولى جل وعلا يضرب الأمثال للناس لعلهم يهتدون يقول تعالى(وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ )إبراهيم :25 ، (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ )العنكبوت:43 ، وفي معرض الحديث عن يوم القيامة ، ووصف حال أهل النار ومن بعده وصف حال أهل الجنة يأتي المثال الذي يعبر عن قيمة الإبل ووجوب التأمل في خلقها فيضرب ربنا جل وعلا مثلا بالإبل ويطلب منا نحن البشر أن ننظر ونتدبر كيف خلقت يقول تعالى ))أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ))الغاشية:17 ، ليس هذا فحسب ، لقد جاءت الإبل مع مخلوقات عظيمة خلقها الله جل وعلا بل ذكرت قبلها في المثال يقول تعالى ( أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ) الغاشية 17 : 20 ، جاءت الإبل مع السماء والجبال والأرض كأمثلة تبين قدرة الله جل وعلا على الخلق ، في أمر من أوامر الله جل وعلا لخاتم النبيين لكي يذكرنا بها.

وفي معرض الحديث عن فوائد الأنعام التي خلقها ربنا جل وعلا وسخرها لخدمة الإنسان ، وفي توضيح المحرمات من الذبائح يقول تعالى ))وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ))الأنعام:144
ربنا جل وعلا وصف الناقة في قصة صالح بأنها آية أي معجزة نزلت لقوم صالح يقول تعالى ))وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِي))الأعراف:73 ، يقول تعالى(وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ))هود :64
كانت للناقة دور عظيم ، حيث جعلها ربنا جل وعلا في اختبار قوم نبيه صالح أو فتنتهم ، حين أرسل إليهم الناقة وطلب من صالح عليه السلام أن يراقب قومه ماذا سيفعلون بها ، وكانت الناقة هي الاختبار أو الامتحان لقوم صالح هل سيؤمنون بنبوته أم سيكفرون به ، يقول تعالى ((إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ ))القمر:27، وفي سورة أخرى يبين ربنا جل وعلا ماذا فعلوا بها يقول تعالى ((فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ))الأعراف:77 ، فرد عليهم ربنا جل وعلا قائلا ((وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ))الإسراء:59.

هذا بالإضافة لأهمية الإبل في حياة الإنسان العادية حيث كانت الناقة هي وسيلة السفر الوحيدة في المسافات البعيدة ، لدرجة أن الناس اطلقوا عليها سفينة الصحراء ، ومن صفات الإبل الفسيولوجية أنها تخزن كميات من المياه في جسمها ، يمكن أن يستفيد منها المسافرون عند ذبحها واستغلال هذا المخزون من الماء.

في النهاية :
البخاري يقول أن الإبل خلقت من الشياطين ، ورغم ذلك لا غضاضة في أكلها.
وكتب السية تقول أن خاتم النبيين اعتمد على الناقة وهي أنثى الإبل في اختيار المكان الذي بنى فيه أول مسجد في تاريخ المسلمين.
القرآن الكريم يقول أن الناقة مخلوق عظيم ويجب أن ننظر فيه ونتفكر في خلقه مثله مثل السماء والأرض ، والأكثر من هذا اعتبرها ربا جل وعلا آية ومعجزة لهداية قوم صالح عليه السلام.
والحكم هنا للقارئ يصدق ما يشاء ويختار ما يشاء وبناء على اختياره فحسابه على الله يوم القيامة.



التطور الطبيعي للثورة المضادة

التطور الطبيعي للثورة المضادة




في مقالات سابقة قلت وحذرت أن التأخير في محاكمة الفاسدين وعلى رأسهم حسنى مبارك سيؤدي إلى مصائب وكوارث كبيرة جدا تضر مصر والمصريين ، ومن أخطر هذه الكوارث ، عودة الاعتقاد عند الفاسدين وتابعيهم أنهم أبرياء وأن الثورة ظلمتهم ، وأن هذه الثورة حلَّت عليهم بالخراب والدمار وتعطيل المصالح ، بل اعتقد بعضهم أنهم أصحاب حق وأن الثوار هم المذنبون وهم من يستحقون المحاكمة والعقاب ، ونحذر مرة أخرى أنه كلما طالت فترة المحاكمات ، وكلما حدث تباطؤ ، وكلما مُدت يد العون والمساعدة لمبارك وزبانيته لإنقاذهم من حبل المشنقة ، كلما ازداد الخطر على مصر و المصريين ، ويساهم في هذا عوامل كثيرة منها حالة الفراغ والغياب الأمني المقصود من بعض رجال الشرطة و من يدينون بالولاء لمبارك حتى الآن ، بغرض الانتقام من المصريين لأنهم ارتكبوا ذنب المطالبة بحقهم في العيش بكرامة مثل باقي البشر ، ولكن نسوا أن المواطن المصري أصبح لديه قناعة تامة وعقيدة راسخة بعد الثورة أنه يفضل الموت بعزة وكرامة وشرف أفضل من العيش في ذل وخضوع وخنوع لحاكم مستبد مثل مبارك المخلوع ، بمعنى أوضح معظم المصريين ــ وخصوصا الشباب ــ يتمنون الموت ويرفضون أن تعود مصر للوراء.

أعتقد منذ يوم 25 يناير لم يتحقق مطلب واحد كامل من مطالب الثورة ، سقط حسنى مبارك لكنه لا يزال يعيش رئيسا للبلاد ، هذه حقيقة لا يكذبها إلا غافل عن الأحداث اليومية للبلاد ، وإلا لماذا لا يلبس بدلة السجن وينقل لطره شأنه شأن أي مجرم متهم بالقتل والسرقة والفساد.؟ ، والأعجب من هذا أن مبارك والعادلي وباقي المتهمين تنشر صورهم الآن في الجرائد بملابس رسمية ، ويفترض أنهم متهمون وتحت المحاكمة ويجب ان يظهروا بالزي الرسمي للسجن كأي سجين أو متهم ، وذلك بأن يظهروا بالزي الذي يناسب وضعهم الحالي ، كما يحدث في جميع دول العالم الحر ، بالإضافة لحالة النفاق الإعلامي الذي تحول فجأة وأصبح يرفض نعت مبارك بالرئيس المخلوع (هل هناك شك في أن مبارك مخلوع.؟) ، ناهيك عن حالة اللف والدوران التي يقوم بها مجموعة من المنافقين لكي يهيئوا عقول المصريين لاستماع الحكم ببراءة مبارك على جرائمه.
ويساهم في هذا عدد اللقاءات المبالغ فيه لفريد الديب محامي مبارك ، فعلى الأقل كل أسبوع لقاء معه في إحدى الفضائيات ، آخرها مع معتز الدمرداش على قناة الحياة ، وكلام يمجد في مبارك وفي إنجازاته ، ومحاولات واضحة لمحو جميع جرائمه على الأقل منذ بداية الثورة ، وكلام عن غضب مبارك مما يقال ويكتب عنه ، وهنا يجب أن نسأل كيف نكتب ونتحدث عن مجرم أفسد كل شيء في دولة بحجم مصر على مدى ثلاثة عقود مضت ، كما كان الفاعل الأول في قتل أكثر من ألف شهيد وإصابة أكثر من ستة آلاف بطل من أبطال الثورة.؟
وأقول لكل من يدافع عن مبارك لا تحاول استعطاف الشعب المصري تجاه المجرم القاتل شاهد فقط هذا الفيديو لتعلم إلى أي مدى كان مبارك فاسدا ، في هذا الفيديو موكب المخلوع مبارك وعدد رهيب من السيارات التي تحميه ، وبالطبع بداخلها عدد من المأجورين ، وبالطبع السيارات والمأجورين يـُنفق عليهم من دماء الشعب المصري الذي لا يجد معظمه قوت يومه ، أليس هذا إهدار للمال العام ، لأن هذا الموكب كان ملازما لمبارك منذ ثلاثة عقود مضت ، فكم أنفق مبارك على هذا الموكب ــ أو الركاب بلغة الحرس الجمهوري ــ من أموال الشعب المصري .؟ نريد إجابة من كل مواطن يدافع عن مبارك..!!
http://www.youtube.com/watch?v=idfbdnZCq3g&playnext=1&list=PLE17DCF629D7105E5

بكل أسف هناك محاولات لإقناع الناس أن الفساد هو سرقة المليارات فقط ، أو لكي يكون الإنسان فاسدا لابد أن يسرق مليارات ، وهذا واضح جدا في عملية اختزال المليارات إلى ملايين في حصر سرقات مبارك و أفراد عصابته ، و لكن للفساد أوجه كثيرة ، ولكن هذا موضوع شرحه يطول ، وسوف أكتب فيه مقالا مفصلا.

عصابة مبارك : من منهم داخل السجون تتم محاكمتهم ببطيء مميت لا يعبر عن ثورة شعب على الإطلاق ولا يعبر عن محاكمات ثورية ، ورغم إجرامهم الواضح والموثق إلا أننا نجد بعض المنافقين يخرجون في وسائل الإعلام يتحدثون عن تطبيق القانون ، أين كنتم في عهد مبارك .؟ ولماذا لا تتحدثون عن دماء الشهداء وحقهم في شنق من قتلهم يا من تدافعون عن الشرعية وتطبيق القانون .؟ اليوم فقط علمتم أن هناك قانون.؟ ، وهناك فئة أخرى خارج السجون من عصابة مبارك يلعبون لعبة حقيرة ضد مصر والمصريين ، وهم من يديرون الثورة المضادة ، بالتعاون مع كل أعداء الثورة ، وهنا خليط من تيارات واتجاهات مختلفة حيث اتفق وانسجم جميع الفرقاء بعد الثورة لجنى ثمارها وقتلها قبل بلوغ أهدافها المنشودة ، وهنا يجب أن نوضح من هم أعداء الثورة .؟ وكيف تطور أسلوبهم وتغير بمرور الوقت وبسبب التباطؤ في محاكمة المجرمين:ــ

1ــ فئة من رجال الشرطة الذين قتلوا المتظاهرين أثناء الثورة ، وجميع ضباط أمن الدولة الذين عذبوا المصريين على مدى ثلاثة عقود مضت لماذا لا تتم محاكمتهم إلى الآن ، رغم أنهم فعلوا كل هذا من أجل شخص واحد مجرم اسمه مبارك ، وفئة منهم ايضا لا يقومون بواجبهم ولا يؤدون عملهم منذ يوم الثامن والعشرين من يناير ، وهم يتقاضون أجرهم من الشعب .
بالإضافة لأمر خطير أن هناك ممن عادوا من رجال الشرطة للعمل حيث عادوا لضلالهم القديم و أسلوبهم الإجرامي في التعامل مع المصريين الأبرياء وتكرار حالات القتل والتعذيب في شهور قليلة بعد الثورة أكبر دليل على هذه الردة الغير مقبولة في أداء عملهم ، وآخرها حادث تعذيب مواطن المنوفية واعتراف الجندي أنه لو لم ينفذ أمر الضابط لكان حاله مثل المواطن المسكين ، ورغم كل هذا لم يتم محاكمة أي ضابط شرطة حتى الآن ممن اشتركوا في قتل المتظاهرين وقنصهم عمدا ، وسؤال آخر مشروع : (هل جميع جرائم القتل التي ارتكبت في حق المصريين الأبرياء الشرفاء منذ يوم 25 يناير حتى اليوم لا توجد منها قضية واحدة مكتملة الأركان واضحة الأدلة حتى يتم الحكم فيها بالإعدام على القاتل.؟ ، جميع القضايا بلا دليل واضح وبلا دليل يدين قاتل واحد.؟!! عدا قضية أمين الشرطة الهارب..!!!

والكل يعلم انه لن تعود مصر لأمنها واستقرارها بدون محاسبة ومحاكمة القتلة والمجرمين ، إذا كان فعلا المجلس العسكري يبحث عن الأمن والأمان وعودة الهدوء والاستقرار لمصر والمصريين فعليه بمحاكمة القتلة في أسرع وقت ، وكذلك محاكمة الخونة المتسببين في حالة الفراغ الأمني المقصود ، وأكرر المقصود فهؤلاء جميعا أولى وأحق بالمحاكمات العسكرية.

2ــ أعتقد أن كل هذا التأخير في تنفيذ قرار حل المجالس المحلية واستبعاد جميع قيادات الحزب الوطني من العمل السياسي لمدة لا تقل عن خمس سنوات كان سببا في أن الصف الثاني والثالث من قيادات الحزب الوطني يعملون على قدم وساق لإفشال كل عمل يمهد للاستقرار ويقربنا من تحقيق أهداف الثورة ، فهم يشاركون بدون دعوة في جميع المؤتمرات والحوارات الوطنية لكي يبثوا الفرقة والخلافات والانقسامات التي تؤدي للفشل ، وهذا واضح جدا في معظم حوارات الوفاق الوطني فغالبا ما تكون النتيجة حصيلة هائلة من الخلافات وعدم الوصول لحل يفيد المصريين جميعا ويسير بنا خطوات إلى الأمام ، ليس هذا فحسب عندما يصل تهديدهم أنهم لن يستسلموا ويرفضون مبدأ تصفية الحسابات ويستعدون لغزو الانتخابات بـ 250 عضو مهددين بأنهم ثلاثة ملايين عضو ( نعود للمجلس العسكري ثانية أليست هذه التهديدات تستحق التعليق ولفت النظر .؟ خصوصا أنها صدرت عن أشخاص يحتمل تورطهم في قضايا فساد ، ومن المؤكد أن الأيام القادمة ستثبت ذلك) لأنهم القاعدة الأساسية التي كانت ترتكز عليها عصابة مبارك الفاسدة ، ما يفعله هؤلاء من تهديد يعتبر بلطجة سياسية .؟

http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=440371&

3ـ من يؤيدون المخلوع مبارك ، وهذا حق مشروع لكل مصري أن يؤيد من يشاء ، ولكن عندما يقود عشرات من المصريين ــ المأجورين أو المغيبين أو المساكين أو المنتفعين ــ مسيرة تأييد لرئيس مخلوع تحت المحاكمة ، ويهددون بأنه لو لم يتم الإفراج عن مبارك وتكريمه بواسطة المجلس العسكري سيلجأون لحرق سجن طره وفي المقابل يطالبون بمحاكمة شباب الثورة ومحاكمة كل من أيمن النور ومحمد البرادعي (ونسأل المجلس العسكري الذي يرفض البلطجة والبلطجية ، كيف ستحاسب من يهددون بحرق سجن طره ويجعلون هذا مقابل الإفراج عن مبارك وتكريمه على انجازاته .؟ لابد من موقف واضح محدد يبين للمصريين جميعا هؤلاء الناس من الذي يحميهم ومن الذي يسمح لهم أن يهددوا مصر بهذا الشكل الواضح بأسلوب بلطجة وبهذه الثقة ، من المؤكد أن هناك جهة معينة لا تزال تؤدي فروض الولاء والطاعة لمبارك ،.
ومن عجب أن تجمع العشرات من مؤيدي مبارك تتوفر لهم الحماية من رجال الشرطة والأمن المركزي ، بينما الثوار الشرفاء مسؤولون عن حماية أنفسهم ، كما فعل الجيش والشرطة يوم جمعة الغضب الثانية.

سؤال مشروع :: لماذا كل شيء في مصر يسير بسرعة ماعدا أمرين :: الأول محاكمة الفاسدين ، الثاني عودة رجال الشرطة لأماكنهم..!!

4ــ ما قاله الدكتور عصام العريان ممثلا فكر ومنهج الإخوان ( في تهديد واضح للجيش المصري وللشعب المصري) ، (حين قال صراحة أنهم سيعارضون الجيش لو تبنى الدستور أولا) ، هل المجلس العسكري سيرد على هذا التهديد .؟ أم سيمر مرور الكرام .؟ ، الإخوان جماعة متطرفة مهما قالوا ومهما فعلوا ومهما تلونوا أو تجملوا ، وتهديد كهذا لأكبر وأقوى مؤسسة في مصر هو تهديد بالانقلاب على الثورة وعلى الثوار وعلى من تكفّـل بحمايتهم وهو الجيش ، وحذرنا من قبل بضرورة أخذ موقف من جميع التيارات الدينية التي استغلت الثورة وركبت ظهور المصريين ، واليوم بكل استعلاء واستكبار يهددون الجيش.

5ــ الشعب المصري لن يسمح لأي مخلوق أن يضحك عليه مرة أخرى ، وعلى الجميع أن يفطن لهذا ، لأن الشعب الذي ضحى بحوالي عشرة آلاف ما بين قتيل وجريح ومفقود لن يبالي في التضحية بمثلهم أو أضعافهم مرة أخرى في سبيل حريته وكرامته وحقوقه كاملة وغير منقوصة ، من يريد لمصر الخير والسلام ، يجب ان يساعد شعبها في تحقيق مطالب ثورته المشروعة ، ويجب أن يقف مع الثورة ضد الفاسدين والحاقدين والمنافقين والمنتفعين ، من يريد حقن دماء المصريين يجب أن يضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه إرهاب المصريين وترويعهم وتهديدهم ، أو يتخاذل في تأدية واجبه وعمله و يترك الباب مفتوحا و يعطي الفرصة للبلطجية يعيثوا في الأرض فسادا ويفعلون ما يشاؤون و الاستمرار في تنفيذ تعليمات وأوامر يوم 28 يناير 2011م .

6 ــ عندما يسمح لمواطن مصري ــ يحتمل تورطه في قضايا فساد مالي وسياسي ــ أن يرشح نفسه لرئاسة مصر بعد الثورة ، ويتم التعامل معه بشكل رسمي وطبيعي فهذه خيانة للثورة ومحاولة للإلتفاف حولها لإرجاع مصر إلى الوراء وفرصة لبقايا نظام مبارك أن يفسدوا مستقبل البلاد.

على الجميع أن ينقذ الثورة وينقذ المصريين من مواجهة حتمية في موقعة جمل جديدة بدأت ملامحها تظهر من بلطجية الحزب الوطني الذين تم الإفراج عنهم ليعودوا لمحاربة الثورة من جديد ، لتمرير مزيد من الوقت وصناعة أحداث جديدة تنشغل فيها النيابات والمحاكم والمستشفيات ووسائل الإعلام عن أهم أهداف الثورة وهي محاكمة الفاسدين والقتلة على أكبر جرائمهم وهي قتل شباب مصر الذى حرر مصر وشعبها من حاكم مستبد عميل وخائن ، وهو معلم كبير لكتيبة كاملة من هذا الصنف من العملاء والخونة والمجرمين ، ولذلك يجب استبعادهم جميعا لكي تجدد دماء الأمة بوجوه ودماء نظيفة طاهرة يكون شغلها الشاغل خدمة الشعب والوطن.

الدعوة السلفية تأصيل لعقيدة - هذا ما وجدنا عليه آباءنا -

الدعوة السلفية تأصيل لعقيدة - هذا ما وجدنا عليه آباءنا -



أقصد بالسلفية هنا كل مذهب أو تيار أو جماعة تريد إرجاع الناس للماضي وإقناعهم أن تاريخ المسلمين وتراثهم طاله التقديس ، وأصبح ينافس القرآن الكريم في قدسيته وصدقه ، بل الأكثر من هذا اعتبار المسلمين السابقين مقدسين أيضا ، وأنهم عاشوا بلا خطأ ولا خطيئة ، وأقاموا دولا أطلقوا عليها الخلافة الإسلامية وهي في معظمها تخالف جوهر الإسلام ، في محاولة لإقناع الناس أن تلك الدول كانت تقيم العدل والحرية وحقوق الإنسان ، لإقناع البسطاء أن نجاة الأمة هي بالعودة للخلافة الإسلامية ، وتطبيق ما كان عليه الخلفاء وتابعيهم وكل من تبعهم ، وحين تحاول إقناعهم أن هؤلاء بشر يخطئون ويصيبون ، ولا يجب أن نقدسهم أو نصفهم بالعصمة ويجب اتباع سنة الله واتباع ما اتبعه رسول الله ، يقولون أنت حاقد على الصحابة والخلفاء ، لأنهم أفضل الخلق ، وقد تطرف شيخ الأزهر السابق حين قال أن احترام الصحابة هو الركن السادس من أركان الإسلام ، ولا يمكن وصف ذلك إلا أنه تحريف واضح لحديث من أحاديثهم المقدسة التي يعتبرونها فوق القرآن الكريم.
والسؤال هنا : لماذا يصر هؤلاء على اتباع السلف أو العودة لدولة الخلافة أو الرجوع بالمسلمين عشرات القرون بهدف الاقتداء بقلة من البشر لم يوحى إليهم ولم يكونوا أنبياء.؟ وفي المقابل ترك وهجر القرآن الكريم.؟

أولا: العودة لهذا الزمان والدعوة للاقتداء بغير الأنبياء مخالفا للقرآن الكريم ، وهدفها الأساسي استعباد المسلمين باسم الدين الإسلامي ، واستغلال اسم الإسلام للضحك على عقول الناس وقهرهم وقمعهم ، والتحكم فيهم وفي ثرواتهم ، كما يحدث في كثير من البلاد العربية وفي مقدمتهم السعودية.
ثانيا : معظم أصحاب هذه الدعوات يتمتعون بالمرض النفسي ناهيك عن الكذب والخداع والنفاق واستغلال الظروف لمصالحهم وقد ظهرت كل هذه الصفات واضحة بعد الثورة في تناقض الإخوان والسلفيين وأرباب التيارات الدينية جميعا مع انفسهم وتضارب تصريحاتهم ومواقفهم ، واستغلالهم للثورة لمصالحهم الشخصية على الرغم أن الثورة لم تحقق أي هدف كامل من اهدافها حتى الآن.

ثالثا : وهو الأهم إن الدعوة لاتباع السلف ، والدعوة لاتباع السابقين ، والدعوة لاتباع تدين صنعه البشر هو بكل وضوح تأصيل لعقيدة "هذا ما وجدنا عليه آباءنا". وهي عقيدة كان يؤمن بها ويدافع عنها جميع البشر قبل الإسلام في الأمم السابقة ، التي كانت تحارب أنبياء الله ، وترفض اتباع رسالة النبي المنزلة من عند الله ، حيث كانوا يقولون للأنبياء على سبيل المثال (قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا ٱلْكِبْرِيَآءُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ)يونس :78 ، وقوله تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَا أَوَلَوْ كَانَ ٱلشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ) لقمان :21 ، ويقول تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ) المائدة 104 ، وآيات أخرى كثيرة منها ( البقرة 170 ، الزخرف 22 ، 23 ، والآيات في سورة الشعراء من الآية رقم (69 : 78) تشرح الحوار بين إبراهيم عليه السلام وقومه حين ناقشهم في حقيقة ما يعبدون من دون الله من أصنام ، فردوا عليه قائلين (قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ) ، وهي نفس العقيدة عقيدة ما وجدنا عليه آباءنا التي توارثها البشر عبر الأجيال ، وكأنها تنتقل إلى الناس عبر الجينات الوراثية ، ولكن السبب الحقيقي في استمرار هذه العقيدة وثباتها في قلوب معظم الناس أن المسبب واحد أي الشيطان واحد لم يتغير فهو الذي يزين للإنسان سوء عمله فيراه حسنا ليضله عن سبيل الله ويضله عن الذكر أي القرآن ، يقول تعالى (أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ ) فاطر : 8 ، ( لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ ٱلذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً )الفرقان :29

التفاصيل:ــ

من المعلوم أن جميع الأنبياء والرسل جاءوا بدين واحد لا ثانيَ له هو الإسلام (إن الدين عند الله الإسلام) ، كما بين القرآن العظيم أن الله جل وعلا قد فضل بعض أنبياءه على العالمين يقول تعالى (إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ ءَادَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ)آل عمران :33 ، فإذا كان هؤلاء حقا يريدون الخير للمسلمين فعليهم بدعوة المسلمين في كل مكان إلى اتباع أفضل خلق الله واتباع من وصفهم الله بأنهم الأفضل ، ويجب عليهم الاقتداء بملة إبراهيم ، لأن الأنبياء من بعده اتبعوه وحاولوا تصحيح ما حدث من أخطاء عقيدية وما نتج من تدين بشرى بجانب الدين الإلهي العظيم ، الى أن نزل القرآن الكريم يصحح التشوهات العقيدية التي أنتجتها العصور منذ إبراهيم وحتى بعثة خاتم النبيين عليهم جميعا السلام.
و يجب أن نعلم جميعا أن جميع الأنبياء والمرسلين بعد إبراهيم عليه السلام جاءوا لتصحيح ما أفسده الناس في ملة إبراهيم ، وما حرفوه وأدخلوه عليها من اكاذيب وعقائد فاسدة تدعو إلى الشرك مع الله آلهة أخرى ، وهذا ما كان يبلغه جميع الانبياء من بعد إبراهيم لأقوامهم ، حيث كانوا يدعونهم لعبادة الله وحده لا شريك له ، والابتعاد عن عقائد الشرك وترك ما وجدوا عليه الآباء ، والكفر بكل العقائد التي تخالف دين الله وتخالف رسالة أنبياءه.

وتكرر هذا الخطاب مع العديد من الأنبياء بعد إبراهيم عليه السلام ، يقول تعالى يبين ما وصى به نبي الله يعقوب عند موته (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـٰهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) البقرة:133 ، ويقول جل وعلا عن يوسف ابن يعقوب عليهم جميعا السلام (وَٱتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـيۤ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَآ أَن نُّشْرِكَ بِٱللَّهِ مِن شَيْءٍ ذٰلِكَ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ ) يوسف : 38 ، وكما أشرت من قبل أن الله تعالى قد اصطفى وفضل آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ، وكذلك فالمولى جل وعلا يجعل أحسن دين يمكن أن يتبعه الإنسان هو ملة إبراهيم يقول تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَٰاهِيمَ حَنِيفاً وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً)النساء :125 ، هذه الآيات نزلت أولا على خاتم النبيين عليهم جميعا السلام ، ثم لنا من بعده ، فكيف يكون أمر الله لخاتم النبين أن يتبع ملة إبراهيم حنيفا لأنها الأفضل ، ثم نجد اليوم من يريد جر المسلمين لاتباع مجموعة من البشر لم يوحى إليهم من السماء ولم يفضلهم الله كما فضل أنبياءه ، ونترك ملة إبراهيم التي جاء القرآن ونبيه الخاتم لتصحيحها ودعوة الناس إليها ، ألا يعتبر هذا محاربة لله ورسوله .؟.

ومن عجب أن يغضب أرباب التيارات الدينية حين يسمعون كل مسلم يدعو الناس إلى عبادة الله وحده بلا شريك ، أو يدعو الناس إلى عدم تقديس غير الله ، حتى لو كان نبيا مرسلا والاحتكام في كل هذا للقرآن الكريم رسالة خاتم النبيين ، ولو أتيحت لهم الفرصة لقضوا عليه لتخلوا لهم الساحة يفعلون بعقول الناس ما يشاءون ، وهذا الغضب أو رد الفعل عند سماع القرآن وحده هو أمر متكرر حدث كثيرا وأشار إليه القرآن الكريم يقول تعالى (وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) الزمر :45 ، وهذا تحديدا ما يحدث هذه الأيام حيث يهتم معظم المسلمين بسماع خطب الشيخ فلان أو علان ، وحين تقول له القرآن يقول كذا يولى مستكبرا كأن لم يسمع ما تقول ، ويفضل أقوال مشايخ الدين من البشر يقول تعالى (وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ءَايَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِيۤ أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)لقمان :7 ، (يَسْمَعُ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)الجاثية :8 ، وهذه حقائق نتعرض لها اليوم وكل يوم منذ سنوات ، يفضل معظم المسلمين أقاويل البشر مثل أحاديث البخاري ، وكتب التفاسير ، وفتاواى مشايخ الوهابية ويتعاملون معها بكل تقديس واحترام ، وإذا قيل للواحد منهم أن ربنا جل وعلا يقول كذا وكذا في القرآن قد يصل غضبه بأن يرد قائلاً : وما الذي أدراك أن القرآن الكريم من عند الله ، طالما تكذب بالأحاديث ، معللين ذلك بقولهم (أن القرآن والأحاديث وصلا إلينا بنفس الطريقة) ، و أظن أن هذا هو الهدف الأساسي الذي كتبت من أجله الأحاديث وتم تلفيقها لخاتم النبيين وهي ترسيخ عقيدة أنه لو تم تكذيب الأحاديث فلابد من الطعن في القرآن.

كلمة أخيرة:

إذن نحن أمام خيارين لا ثالث لهما إما أن تتبع دين الله المنزل من عنده على رسله وأنبياءه دون ان تفرق بينهم ، وبذلك ستنجو بنفسك من عذاب الآخرة يقول تعالى (قُلْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)آل عمران :84
وإما أن تؤمن بما وجدنا عليه آباءنا وتهجر القرآن الكريم وترفض اتباعه وبذلك تتحمل مسئولية نفسك أمام الله في الآخرة يقول تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَا أَوَلَوْ كَانَ ٱلشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ)لقمان :21
فإذا كان دعاة الدولة الدينية أو الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية يريدون الخير للمسلمين فعليهم باتباع ما كان يتبعه خاتم النبيين نفسه ، وهي ملة إبراهيم حنيفا كما وضح القرآن الكريم (ثُمَّ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ أَنِ ٱتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ)النحل :123، فهذه هي دعوة القرآن الكريم ، الذي هجره المسلمون وفضلوا عليه أقاويل بشرية ، والآيات في سورة الفرقان من الآية (21 : 30) تبين الموقف يوم الحساب وندم الكافرين والظالمين وكيف يعض الظالم على يديه ، وندمهم أنهم لم يتخذوا مع الرسول طريقا ، وأنهم نادمون على مصداقة فلان الذي أضلهم عن الذكر (القرآن) ، وفي آخر الآيات يقول خاتم النبيين وصاحب الرسالة الخاتمة أن قومه قد هجروا القرآن(وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يٰرَبِّ إِنَّ قَوْمِي ٱتَّخَذُواْ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ مَهْجُوراً)الفرقان:30
ودائماً صدق الله العظيم

بداية يجب أن نوضح من هم الاخوان.؟

بداية يجب أن نوضح من هم الاخوان.؟

الإخوان لا يمثلون المسلمين ، لأن المسلمين ثلاث طوائف كبرى ـ سنة وشيعة وصوفية بالإضافة إلى طوائف صغرى كثيرة كالقرآنيين والاباضية والبهائية والمعتزلة ، إذا كانوا حقا يؤمنون بحرية الدين والمعتقد فيجب عليهم الاعتراف بهذه الطوائف مهما كانت صغيرة ومهما اختلفت معهم في الفكر والمنهج والمعتقد.
ينتمى الإخوان إلى طائفة السنة وهم أكثر المسلمين تعصبا ، ولكن الإخوان لا يمثلون كل الطائفة السنية ، لأن السنيون أربعة مذاهب مشهورة ـ الأحناف ، المالكية ، الشافعية ثم الحنابلة ، الحنابلة هم أشد المذاهب السنية تعصبا ، وينتمي الإخوان إلى المذهب الحنبلي ، لكنهم لا يمثلون كل الحنابلة السنيين لأن الحنابلة مدارس متنوعة ، وأكثرهم تشددا مدرسة ابن تيمية ، وينتمي الإخوان إلى مدرسة بن تيمية ، لكنهم لا يمثلون مدرسة ابن تيمية ، لأن مدرسة ابن تيمية فيها تيارات مختلفة وأشدها تعصبا الوهابية ، والدولة السعودية (الوهابية) الراهنة التي أنشأها عبد العزيز آل سعود هي التي أنشأت تنظيم الإخوان في مصر على يد الشيخ رشيد رضا وصديقه الشيخ محب الدين الخطيب وتلميذهما المصري الشاب حسن البنا سنة 1928م ، فهذه نبذة مختصرة جدا عن الإخوان. وباقي التفاصيل في بحث كامل بعنوان (يسألونك عن الاخوان المسلمين) دكتور ـ أحمد صبحي منصور http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=68
ولمعرفة تاريخ الإخوان وكيف انتشر هذا الفكر في مصر أنصح بقراءة هذا المقال(شجرة الاخوان المسلمين ــ زرعها السعوديون في مصر في عهد عبد العزيز آل سعود) http://www.ahl-alquran.com/arabic/printpage.php?main_id=104&doc_type=1

ونعود لإخوان اليوم
أولا : منذ النجاحات الأولى للثورة ونجح الإخوان في استغلال كل شيء يخدم مصالحهم ، مثل اعتلاء منصة التحرير والسيطرة عليها ، كغيرها من المنصات في باقي محافظات مصر ، للظهور بكثافة لتعويض الغياب في الأربعة أيام الأولى من الثورة.
نجحوا في استغلال الحرية التي منحتها لهم الثورة في عقد الندوات والمؤتمرات في جميع أنحاء البلاد لفرد العضلات أمام الناس ، وخداع البسطاء من الناس أن الإخوان هم الثورة والثورة هم ، والإخوان هم الإسلام ، والإخوان هم كل شيء ولولاهم لضاعت الثورة وضاع الإسلام. لا ننسى ما قاله مرشد الإخوان أن سقوط النظام جاء انتقاما للشيخ حسن البنا ، وهنا توافق واضح جدا في الرؤى وتطابق في المنهج بين ما قاله المرشد وما قاله الاستاذ صبحي صالح حين قال صراحة أنه لولا حسن البنا والإخوان لقلنا على الاسلام يا رحمن يا رحيم.
ونذكر بعض التصريحات المفزعة للإخوان التي تؤكد صدق كلامي ، قبل الدخول في مسألة تطبيق الحدود ، كانت بعض التصريحات كالآتي:ــ
ــ الإسلام أصبح دين ودولة بعطاء الإخوان وجهاد الإخوان ..!!
ــ وأصبحت حقائق الإسلام من المسلمات التي لا تحتمل جدلا ولا نقاشا بفضل الإخوان..!!
ــ تصوروا حال الأمة لو لم يأتي حسن البنا ، لتحولت مصر إلى أثر بعد عين ، ولقلنا رحم الله الإسلام والمسلمين ــ البنا مجدد الأمة في القرن العشرين.
ــ تخيل لو لم يقم الإخوان ... كان رحم الله الإسلام
ــ ومن أخطر التصريحات التي لم ينتبه إليها أحد ولم يعلق عليها أحد هذا التصريح الخطير" نحن أبناء هذا الوطن وحراسه ، لن نسمح لأحد أن يشطب الإخوان من على الخريطة السياسية أبدا ، لا تستطيع قوة على الأرض كائنة ما كانت أن تشطب الإخوان من على الخريطة السياسية".
ــ وتتجلى خطورة هذا التصريح من ناحيتين : الأولى : أن التصريح يحمل نوعا من الثقة الكبيرة جدا ، ويظهر أن هناك دعم كبير وجهة ما تقف وراء الإخوان وتساندهم مهما كانت الظروف ومهما كانت التضحيات ، الثانية: أنه جاء بعد وصلة من الاستعطاف الشديد الذي قام به صاحب هذه التصريحات مدعيا أن شباب الثورة الذين ضحوا بأرواحهم يريدون إقصاء الإخوان الذين غابوا عن الثورة حتى تأكدوا أن النظام سقط ، وبعد ذلك ظهروا في المشهد بوضوح واحتلوا منصة الثورة وسرقوها من أهلها وأصحابها وحصدوا مكاسبها ولا زالوا ، واليوم يريد الإخوان بهذه التصريحات الخطيرة تشويه صورة شباب الثورة وتشويه صورة الحرية والديمقراطية وإظهار الإخوان أنهم الفرقة المظلومة ، وإقناع الناس أن الاخوان هم فقط من ضحوا في المعتقلات والسجون ومن ذاقوا التعذيب ، ومن قاموا بالثورة فكيف يتم حرمانهم من المشاركة في العمل السياسي وأن الثورة أصلا هي منحة من الله للإخوان أدت لسقوط النظام انتقاما لحسن للشيخ حسن البنا.؟
ولو اتبع الجميع منطق الإخوان وما تعرضوا له في المعتقلات ، إذن كل من دخل المعتقلات فعليه أن يرشح نفسه للبرلمان أو للرئاسة..!! ، وهذا أكبر دليل على أنهم لا يتحملون الأذى والظلم لأجل هذا الوطن أو لأجل الإسلام أو في سبيل الله كما يدعون فهم الآن يطالبون المجتمع بفاتورة اضطهادهم واعتقالهم بأن يحكموا الناس ، وهذا هو المقابل أو الثمن.
وما لفت نظري أن الاخوان لديهم تصريحات خاصة ولغة خطاب محددة تستخدم في وسائل الإعلام مثلما فعل قيادي الاخوان في برنامج العاشرة مساء في مناظرة الدكتور ـ خالد منتصر ، وبينما كان كلامه وتصريحاته تتناقض تماما مع ذلك حينما كان في مؤتمر شعبي في العباسية ، إذن هناك لغة لرجل الشارع والمؤتمرات التي تقام في خيام ويحضرها قلة معظمهم من الإخوان ، ولغة أخرى لوسائل الاعلام التي يشاهدها العالم كله وهذه هي ضمن استراتيجية الاخوان في الخطاب السياسي و الديني.
ــ وفي عودة للحديث عن تطبيق الحدود قال بديع: سنربي الشعب المصري علي المنسوب الإيمانى والضميري حتي إذا أخطأ يأتينا طالباً تطبيق الحدود ، http://www.rosaonline.net/Daily/News.asp?id=111604
رغم أن الاخوان يتحدثون عن الديمقراطية والحرية وحرية الفكر والمعتقد إلا أنهم لا يستطيعون التخلص من الكلام عن تطبيق الحدود لأنها مسألة عقيدة راسخة في قلوبهم فهم يريدون تطبيق حديث الراعي والرعية وأن الراعي (الحاكم من حقه قتل ثلث الرعية لإصلاح حال الثلثين) وهذا حديث في البخاري يؤمن به الإخوان وأرباب التيارات الدينية الذين أسسوا الأحزاب وانصهروا في الحياة السياسية في المجتمع بعد الثورة.

ثانيا : ونعود لمسألة الاستراتيجية السياسية وتطبيق الحدود:
في كلمات بسيطة وسهلة يمكن أن نلخص هذه الاستراتيجية السياسية التي يسير عليها الإخوان بهدف الوصول للحكم كهدف منشود ثابت في عقيدة الجماعة جيلا بعد جيل مهما طال الزمان ، وهي تربية المجتمع أو بمعنى أوضح التربية الثقافية الدينية للفرد والمجتمع ، وصولا إلى إخضاعه للسمع والطاعة بدون مناقشة لولي الأمر وفق مبدأ الحاكمية الذي يؤمنون به كعقيدة دينية وسياسية ، لو قيل للإخوان الآن تعالوا احكموا لرفضوا الحكم ، لأنه سيكون امتحانا صعبا عليهم ، وهم يعرفون مقدما أنهم سيخسرون فيه في موقع الحكم ، لأنهم سيكونون في متناول النقد والمعارضة ومطالبون بتنفيذ الوعود السياسية في (كيف يكون الإسلام هو الحل ) ، وكيف يتم تطبيق الشريعة ، وهم ليسوا مؤهلين للحكم الديمقراطي إذ لا يعرفون إلا الحاكمية التي تعني أن يكون الحاكم مسئولا فقط أمام الله تعالى يوم القيامة باعتباره أي الحاكم الراعي ، والشعب هو الرعية أو الأغنام.
ولأن البلاد تمر بمرحلة تغيير جارف لكل سياسات الاستبداد السياسي الذي ظل كاتما أنفاس المصريين أكثر من نصف قرن ، فلا يمكن على الإطلاق أن يجازف الإخوان وينافسوا على الحكم في هذه الفترة الحرجة التي اشتاق فيها المصريون إلى استنشاق هواء وعبير الحرية والديمقراطية بعد خروج أخر زفير للظلم والاستبداد والقهر والاستعباد ، ولنفس السبب يظهرون خلافهم الواضح مع كل من خالف شريعة الجماعة وأعلن ترشحه لرئاسة الدولة ، لأن هذا يضر بالتخطيط الإخواني بعيد المدى ويعكر صفو الاستراتيجية السياسية لهم في هذه المرحلة المليئة بالمكاسب.

ومن هنا يتبين أن هناك استراتيجية سياسية متعددة المراحل طويلة الأجل بعيدة المدى ، تنظم مطالب كل مرحلة وتحدد ما يقال من تصريحات وتقدر حجم المشاركة السياسية الذي يناسب كل مرحلة من مراحل العمل السياسي الذي يخلطون فيه الدين بالسياسة ، ويقع الدين ضحية للوصول لأهداف دنيوية ، حيث يكون الدين وسيلة للضحك على عقول البسطاء من الناس ، وفي هذه المرحلة نجد أن الإخوان اكتفوا بالحرية والديمقراطية وحرية الدعوة و العمل وتأسيس الأحزاب وخلاصهم من لقب الجماعة المحظورة ، وهذه مكتسبات عظيمة جدا حققها الإخوان بعد الثورة ، كأكثر فصيل سياسي استفاد من الثورة المصرية حتى كتابة هذا المقال ، ونربط أيضا بين الرضا والقبول بهذه المكاسب وبين غياب الإخوان عن جمعة الغضب الثانية ، و تصريحات من بعض القيادات بوصفها أنها كانت جمعة الوقيعة ، ولا داعي لها ، وقال أحدهم نرفض هذه المليونية لأن مطالب الثورة تتحقق ، ومع الأسف هذا الشخص أطلقوا عليه زورا ملهم الثورة ، ورغم ذلك يقول مطالب الثورة تتحقق ، كيف يقول مطالب الثورة تتحقق ودماء الشهداء لم تجف.؟!!
http://www.shorouknews.com/ContentData.aspx?id=464672

والشريعة الإخوانية هي نفس الشريعة الوهابية السنية بما فيها ما يسمونه بالحدود ومنها حد الرجم وحد الردة وقتل الزنديق ، و للعلم فالزنديق هو المفكر المسلم الذي يخالفهم في الرأي ، فهذه شريعتهم المناقضة للإسلام ، وهي شريعة وهابية مستوردة من دولة آل سعود ، والمرجعية الوحيدة لهذه الشريعة هي أحاديث البخاري والفقه السني ، فهناك قضايا هامة وخطيرة جدا يرفضها البخاري وهو المرجعية الثانية ــ بعد القرآن أو أصدق كتاب بعد القرآن ــ عند الاخوان ، يعلن الاخوان توافقهم مع الديمقراطية ، لكنهم بذلك يخالفون شريعة البخاري ، وإذا وافقوا الديمقراطية والاسلام فعليهم التبرؤ من الفقه السني وأحاديثه الكاذبة المتعصبة ، ولذلك نجد تناقضات كثيرة جدا في كلامهم وتصريحاتهم لأنهم يريدون إرضاء الذوق العام وعدم الصدام مع الناس وفي نفس الوقت لا يستطيعون مخالفة البخاري ، وهذا ما سنعلق عليه في الجزء الثاني.