التطور الطبيعي للثورة المضادة
في مقالات سابقة قلت وحذرت أن التأخير في محاكمة الفاسدين وعلى رأسهم حسنى مبارك سيؤدي إلى مصائب وكوارث كبيرة جدا تضر مصر والمصريين ، ومن أخطر هذه الكوارث ، عودة الاعتقاد عند الفاسدين وتابعيهم أنهم أبرياء وأن الثورة ظلمتهم ، وأن هذه الثورة حلَّت عليهم بالخراب والدمار وتعطيل المصالح ، بل اعتقد بعضهم أنهم أصحاب حق وأن الثوار هم المذنبون وهم من يستحقون المحاكمة والعقاب ، ونحذر مرة أخرى أنه كلما طالت فترة المحاكمات ، وكلما حدث تباطؤ ، وكلما مُدت يد العون والمساعدة لمبارك وزبانيته لإنقاذهم من حبل المشنقة ، كلما ازداد الخطر على مصر و المصريين ، ويساهم في هذا عوامل كثيرة منها حالة الفراغ والغياب الأمني المقصود من بعض رجال الشرطة و من يدينون بالولاء لمبارك حتى الآن ، بغرض الانتقام من المصريين لأنهم ارتكبوا ذنب المطالبة بحقهم في العيش بكرامة مثل باقي البشر ، ولكن نسوا أن المواطن المصري أصبح لديه قناعة تامة وعقيدة راسخة بعد الثورة أنه يفضل الموت بعزة وكرامة وشرف أفضل من العيش في ذل وخضوع وخنوع لحاكم مستبد مثل مبارك المخلوع ، بمعنى أوضح معظم المصريين ــ وخصوصا الشباب ــ يتمنون الموت ويرفضون أن تعود مصر للوراء.
أعتقد منذ يوم 25 يناير لم يتحقق مطلب واحد كامل من مطالب الثورة ، سقط حسنى مبارك لكنه لا يزال يعيش رئيسا للبلاد ، هذه حقيقة لا يكذبها إلا غافل عن الأحداث اليومية للبلاد ، وإلا لماذا لا يلبس بدلة السجن وينقل لطره شأنه شأن أي مجرم متهم بالقتل والسرقة والفساد.؟ ، والأعجب من هذا أن مبارك والعادلي وباقي المتهمين تنشر صورهم الآن في الجرائد بملابس رسمية ، ويفترض أنهم متهمون وتحت المحاكمة ويجب ان يظهروا بالزي الرسمي للسجن كأي سجين أو متهم ، وذلك بأن يظهروا بالزي الذي يناسب وضعهم الحالي ، كما يحدث في جميع دول العالم الحر ، بالإضافة لحالة النفاق الإعلامي الذي تحول فجأة وأصبح يرفض نعت مبارك بالرئيس المخلوع (هل هناك شك في أن مبارك مخلوع.؟) ، ناهيك عن حالة اللف والدوران التي يقوم بها مجموعة من المنافقين لكي يهيئوا عقول المصريين لاستماع الحكم ببراءة مبارك على جرائمه.
ويساهم في هذا عدد اللقاءات المبالغ فيه لفريد الديب محامي مبارك ، فعلى الأقل كل أسبوع لقاء معه في إحدى الفضائيات ، آخرها مع معتز الدمرداش على قناة الحياة ، وكلام يمجد في مبارك وفي إنجازاته ، ومحاولات واضحة لمحو جميع جرائمه على الأقل منذ بداية الثورة ، وكلام عن غضب مبارك مما يقال ويكتب عنه ، وهنا يجب أن نسأل كيف نكتب ونتحدث عن مجرم أفسد كل شيء في دولة بحجم مصر على مدى ثلاثة عقود مضت ، كما كان الفاعل الأول في قتل أكثر من ألف شهيد وإصابة أكثر من ستة آلاف بطل من أبطال الثورة.؟
وأقول لكل من يدافع عن مبارك لا تحاول استعطاف الشعب المصري تجاه المجرم القاتل شاهد فقط هذا الفيديو لتعلم إلى أي مدى كان مبارك فاسدا ، في هذا الفيديو موكب المخلوع مبارك وعدد رهيب من السيارات التي تحميه ، وبالطبع بداخلها عدد من المأجورين ، وبالطبع السيارات والمأجورين يـُنفق عليهم من دماء الشعب المصري الذي لا يجد معظمه قوت يومه ، أليس هذا إهدار للمال العام ، لأن هذا الموكب كان ملازما لمبارك منذ ثلاثة عقود مضت ، فكم أنفق مبارك على هذا الموكب ــ أو الركاب بلغة الحرس الجمهوري ــ من أموال الشعب المصري .؟ نريد إجابة من كل مواطن يدافع عن مبارك..!!
http://www.youtube.com/watch?v=idfbdnZCq3g&playnext=1&list=PLE17DCF629D7105E5
بكل أسف هناك محاولات لإقناع الناس أن الفساد هو سرقة المليارات فقط ، أو لكي يكون الإنسان فاسدا لابد أن يسرق مليارات ، وهذا واضح جدا في عملية اختزال المليارات إلى ملايين في حصر سرقات مبارك و أفراد عصابته ، و لكن للفساد أوجه كثيرة ، ولكن هذا موضوع شرحه يطول ، وسوف أكتب فيه مقالا مفصلا.
عصابة مبارك : من منهم داخل السجون تتم محاكمتهم ببطيء مميت لا يعبر عن ثورة شعب على الإطلاق ولا يعبر عن محاكمات ثورية ، ورغم إجرامهم الواضح والموثق إلا أننا نجد بعض المنافقين يخرجون في وسائل الإعلام يتحدثون عن تطبيق القانون ، أين كنتم في عهد مبارك .؟ ولماذا لا تتحدثون عن دماء الشهداء وحقهم في شنق من قتلهم يا من تدافعون عن الشرعية وتطبيق القانون .؟ اليوم فقط علمتم أن هناك قانون.؟ ، وهناك فئة أخرى خارج السجون من عصابة مبارك يلعبون لعبة حقيرة ضد مصر والمصريين ، وهم من يديرون الثورة المضادة ، بالتعاون مع كل أعداء الثورة ، وهنا خليط من تيارات واتجاهات مختلفة حيث اتفق وانسجم جميع الفرقاء بعد الثورة لجنى ثمارها وقتلها قبل بلوغ أهدافها المنشودة ، وهنا يجب أن نوضح من هم أعداء الثورة .؟ وكيف تطور أسلوبهم وتغير بمرور الوقت وبسبب التباطؤ في محاكمة المجرمين:ــ
1ــ فئة من رجال الشرطة الذين قتلوا المتظاهرين أثناء الثورة ، وجميع ضباط أمن الدولة الذين عذبوا المصريين على مدى ثلاثة عقود مضت لماذا لا تتم محاكمتهم إلى الآن ، رغم أنهم فعلوا كل هذا من أجل شخص واحد مجرم اسمه مبارك ، وفئة منهم ايضا لا يقومون بواجبهم ولا يؤدون عملهم منذ يوم الثامن والعشرين من يناير ، وهم يتقاضون أجرهم من الشعب .
بالإضافة لأمر خطير أن هناك ممن عادوا من رجال الشرطة للعمل حيث عادوا لضلالهم القديم و أسلوبهم الإجرامي في التعامل مع المصريين الأبرياء وتكرار حالات القتل والتعذيب في شهور قليلة بعد الثورة أكبر دليل على هذه الردة الغير مقبولة في أداء عملهم ، وآخرها حادث تعذيب مواطن المنوفية واعتراف الجندي أنه لو لم ينفذ أمر الضابط لكان حاله مثل المواطن المسكين ، ورغم كل هذا لم يتم محاكمة أي ضابط شرطة حتى الآن ممن اشتركوا في قتل المتظاهرين وقنصهم عمدا ، وسؤال آخر مشروع : (هل جميع جرائم القتل التي ارتكبت في حق المصريين الأبرياء الشرفاء منذ يوم 25 يناير حتى اليوم لا توجد منها قضية واحدة مكتملة الأركان واضحة الأدلة حتى يتم الحكم فيها بالإعدام على القاتل.؟ ، جميع القضايا بلا دليل واضح وبلا دليل يدين قاتل واحد.؟!! عدا قضية أمين الشرطة الهارب..!!!
والكل يعلم انه لن تعود مصر لأمنها واستقرارها بدون محاسبة ومحاكمة القتلة والمجرمين ، إذا كان فعلا المجلس العسكري يبحث عن الأمن والأمان وعودة الهدوء والاستقرار لمصر والمصريين فعليه بمحاكمة القتلة في أسرع وقت ، وكذلك محاكمة الخونة المتسببين في حالة الفراغ الأمني المقصود ، وأكرر المقصود فهؤلاء جميعا أولى وأحق بالمحاكمات العسكرية.
2ــ أعتقد أن كل هذا التأخير في تنفيذ قرار حل المجالس المحلية واستبعاد جميع قيادات الحزب الوطني من العمل السياسي لمدة لا تقل عن خمس سنوات كان سببا في أن الصف الثاني والثالث من قيادات الحزب الوطني يعملون على قدم وساق لإفشال كل عمل يمهد للاستقرار ويقربنا من تحقيق أهداف الثورة ، فهم يشاركون بدون دعوة في جميع المؤتمرات والحوارات الوطنية لكي يبثوا الفرقة والخلافات والانقسامات التي تؤدي للفشل ، وهذا واضح جدا في معظم حوارات الوفاق الوطني فغالبا ما تكون النتيجة حصيلة هائلة من الخلافات وعدم الوصول لحل يفيد المصريين جميعا ويسير بنا خطوات إلى الأمام ، ليس هذا فحسب عندما يصل تهديدهم أنهم لن يستسلموا ويرفضون مبدأ تصفية الحسابات ويستعدون لغزو الانتخابات بـ 250 عضو مهددين بأنهم ثلاثة ملايين عضو ( نعود للمجلس العسكري ثانية أليست هذه التهديدات تستحق التعليق ولفت النظر .؟ خصوصا أنها صدرت عن أشخاص يحتمل تورطهم في قضايا فساد ، ومن المؤكد أن الأيام القادمة ستثبت ذلك) لأنهم القاعدة الأساسية التي كانت ترتكز عليها عصابة مبارك الفاسدة ، ما يفعله هؤلاء من تهديد يعتبر بلطجة سياسية .؟
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=440371&
3ـ من يؤيدون المخلوع مبارك ، وهذا حق مشروع لكل مصري أن يؤيد من يشاء ، ولكن عندما يقود عشرات من المصريين ــ المأجورين أو المغيبين أو المساكين أو المنتفعين ــ مسيرة تأييد لرئيس مخلوع تحت المحاكمة ، ويهددون بأنه لو لم يتم الإفراج عن مبارك وتكريمه بواسطة المجلس العسكري سيلجأون لحرق سجن طره وفي المقابل يطالبون بمحاكمة شباب الثورة ومحاكمة كل من أيمن النور ومحمد البرادعي (ونسأل المجلس العسكري الذي يرفض البلطجة والبلطجية ، كيف ستحاسب من يهددون بحرق سجن طره ويجعلون هذا مقابل الإفراج عن مبارك وتكريمه على انجازاته .؟ لابد من موقف واضح محدد يبين للمصريين جميعا هؤلاء الناس من الذي يحميهم ومن الذي يسمح لهم أن يهددوا مصر بهذا الشكل الواضح بأسلوب بلطجة وبهذه الثقة ، من المؤكد أن هناك جهة معينة لا تزال تؤدي فروض الولاء والطاعة لمبارك ،.
ومن عجب أن تجمع العشرات من مؤيدي مبارك تتوفر لهم الحماية من رجال الشرطة والأمن المركزي ، بينما الثوار الشرفاء مسؤولون عن حماية أنفسهم ، كما فعل الجيش والشرطة يوم جمعة الغضب الثانية.
سؤال مشروع :: لماذا كل شيء في مصر يسير بسرعة ماعدا أمرين :: الأول محاكمة الفاسدين ، الثاني عودة رجال الشرطة لأماكنهم..!!
4ــ ما قاله الدكتور عصام العريان ممثلا فكر ومنهج الإخوان ( في تهديد واضح للجيش المصري وللشعب المصري) ، (حين قال صراحة أنهم سيعارضون الجيش لو تبنى الدستور أولا) ، هل المجلس العسكري سيرد على هذا التهديد .؟ أم سيمر مرور الكرام .؟ ، الإخوان جماعة متطرفة مهما قالوا ومهما فعلوا ومهما تلونوا أو تجملوا ، وتهديد كهذا لأكبر وأقوى مؤسسة في مصر هو تهديد بالانقلاب على الثورة وعلى الثوار وعلى من تكفّـل بحمايتهم وهو الجيش ، وحذرنا من قبل بضرورة أخذ موقف من جميع التيارات الدينية التي استغلت الثورة وركبت ظهور المصريين ، واليوم بكل استعلاء واستكبار يهددون الجيش.
5ــ الشعب المصري لن يسمح لأي مخلوق أن يضحك عليه مرة أخرى ، وعلى الجميع أن يفطن لهذا ، لأن الشعب الذي ضحى بحوالي عشرة آلاف ما بين قتيل وجريح ومفقود لن يبالي في التضحية بمثلهم أو أضعافهم مرة أخرى في سبيل حريته وكرامته وحقوقه كاملة وغير منقوصة ، من يريد لمصر الخير والسلام ، يجب ان يساعد شعبها في تحقيق مطالب ثورته المشروعة ، ويجب أن يقف مع الثورة ضد الفاسدين والحاقدين والمنافقين والمنتفعين ، من يريد حقن دماء المصريين يجب أن يضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه إرهاب المصريين وترويعهم وتهديدهم ، أو يتخاذل في تأدية واجبه وعمله و يترك الباب مفتوحا و يعطي الفرصة للبلطجية يعيثوا في الأرض فسادا ويفعلون ما يشاؤون و الاستمرار في تنفيذ تعليمات وأوامر يوم 28 يناير 2011م .
6 ــ عندما يسمح لمواطن مصري ــ يحتمل تورطه في قضايا فساد مالي وسياسي ــ أن يرشح نفسه لرئاسة مصر بعد الثورة ، ويتم التعامل معه بشكل رسمي وطبيعي فهذه خيانة للثورة ومحاولة للإلتفاف حولها لإرجاع مصر إلى الوراء وفرصة لبقايا نظام مبارك أن يفسدوا مستقبل البلاد.
على الجميع أن ينقذ الثورة وينقذ المصريين من مواجهة حتمية في موقعة جمل جديدة بدأت ملامحها تظهر من بلطجية الحزب الوطني الذين تم الإفراج عنهم ليعودوا لمحاربة الثورة من جديد ، لتمرير مزيد من الوقت وصناعة أحداث جديدة تنشغل فيها النيابات والمحاكم والمستشفيات ووسائل الإعلام عن أهم أهداف الثورة وهي محاكمة الفاسدين والقتلة على أكبر جرائمهم وهي قتل شباب مصر الذى حرر مصر وشعبها من حاكم مستبد عميل وخائن ، وهو معلم كبير لكتيبة كاملة من هذا الصنف من العملاء والخونة والمجرمين ، ولذلك يجب استبعادهم جميعا لكي تجدد دماء الأمة بوجوه ودماء نظيفة طاهرة يكون شغلها الشاغل خدمة الشعب والوطن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق