إخوان سلفية .... أمن دولة بلطجية ..!!
من الطبيعي جدا أن تمر أي ثورة بفترات نشاط وفترات كسل و خمول ، فترات قوة وفترات ضعف ، فترات خلافات واختلافات بين الثوار في تحديد المطالب و الأولويات ، وفترات يتم فيها الاتفاق والتحدث بقلب رجل واحد ووضع مصلحة الوطن فوق مصلحة الجميع ، فترات تشتت ، وفترات اتزان وتوافق وتعقل ، كل هذه الأمور طبيعية جدا ومنطقية ، لكنها في مجملها تخص الثوار وتحدث فيما بينهم ، وهي صفات عادية لمن قاموا بالثورة ومن يدافعون عنها ويقفون بجانبها لتحقيق جميع مطالبها كاملة ، هذه التغيرات غالبًا ما تحدث للثورة وللثوار نتيجة ردود الفعل الأخرى التي يواجهونها من عدة اتجاهات لجهات مختلفة متمثلة في قرارات وإجراءات من يقومون بإدارة شئون البلاد من جهة ، وكذلك من يحاربون الثورة ويحاولون قتلها وتفكيكها وتفريغها من مضمونها ، وتشويه صورة من يحميها أو يحاول الثبات لكي تكتمل الثورة وتحقق جميع مطالبها.
وفي حقيقة الأمر كنا في البداية نقول أن أعداء الثورة هم فلول النظام السابق وحدهم ، ويساعدهم بعض رجال الشرطة وأمن الدولة مع تشكيلة من جيش سري من البلطجية التابعين لوزارة الداخلية ، وكان هذا هو التحليل البدائي للثورة المضادة ، أو لأعداء الثورة ، ولكن بمرور الوقت وتدفق الأحداث تظهر على السطح حقائق تفرض نفسها وتقول لكل ذي عقل أنا ضد الثورة ، أنا أحارب الثورة أنا عدو للثورة ، ولا يمكن على الإطلاق أن يكون الحق مثل الباطل ، أو الكذب مثل الصدق ، فأنا كمواطن أدعي أنني مع الثورة ، فلابد أن تكون أقوالي وأفعالي ومواقفي مع الثورة بكل وضوح وشفافية دون نفاق أو رياء أو خوف من أحد ، كذلك يجب أن أثبت على موقفي وأدافع عنه بكل قوة مهما كان الثمن ، ولا يجوز أن أتلون أو أغير موقفي وأغير طريقة تعبيري عن هذا الموقف حرصا على مصلحة شخصية ، ثم أدعي أنني لا زلت مع الثورة ، أو أدعي أنني من فجر الثورة ومن خطط لها ومن يحميها ، فيجب أن أصارح الجميع حين أغير موقفي وأتحول للبحث عن مصالح شخصية خاصة ، بأن أقولها صراحة أنا ضد الثورة ، أو أنا أرفض مطالب هذه الثورة وأرفض الاعتصامات بل وأرفض الثورة جملة وتفصيلا ، كما يفعل أعداء الثورة من المغيبين والمأجورين والمنتفعين من أنصار حسني مبارك المخلوع ، حين تباكوا عندما سمعوا النطق بالحكم في قضية رفع اسمه من على الشوارع والمؤسسات ، وهذا الحكم في مضمونه أكثر عداء للثورة ممن بكوا عليه ، لأنه كان سببا في أن يجرؤ شاب مصري ويقول (أن هذا الحكم هو أول ضربة في قبر بتوع التحرير ، مهددا هانجيبكم من خيامكم النهاردة أول خطوة في انتصارنا عليكم ولا ثورة ولا بتاع) طبعا هذه العبارات معلوم من الذي لقنها لهذا الشاب المسكين ولا أستبعد أن يكون هذا الشاب مخبر في أمن الدولة أو أمين شرطة في أمن الدولة ، إذن هناك قوى متعددة تحارب الثورة.
ولا أريد أن أسمع صوت من بعيد ينادي قائلا إن القضاء المصري خط أحمر وخط أزرق ، ولا يجوز نقده ، فأي مخلوق بشري مهما كان يجوز نقده ونقد فكره وأفعاله وأقواله والقضاة بشر ، ومثلهم في هذا المجلس العسكري لا يوجد إنسان فوق النقد مهما كان اسمه وحجمه وموقعه ، وما دفعني لقول هذا الكلام هو تجرؤ مواطن مصري عقب سماعه هذا الحكم بقوله مفيش حاجة اسمها ثورة ، يعني لا يكفيهم الدفاع عن مجرم مثل مبارك وإنما ينكرون الثورة ويوجهون تهم واضحة للثوار ، ولا حياة لمن تنادي.
ومن جهة أخرى:: على الرغم أن التيارات الدينية هي أكثر الفصائل المصرية استفادة من الثورة إلا أنهم أكثر عداءً للثورة ، وذلك حينما يقول قادة الجماعة الإسلامية أن معتصمو التحرير علمانيون وشيوعيون ومطالبهم تدمر الوطن إضافة إلى تهديهم للمعتصمين وتصريحهم أنهم سيذهبون الجمعة القادمة لتطهير الميدان ، و لا يختلف هذا كثيرا عما قاله أحد قادة السلفية أن المعتصمون في التحرير بلطجية ومخربون ، وكل هذا بالطبع يصب في مصلحة النظام السابق الذي يستمتع حاليا بحالة الغليان في الشارع المصري وحالة الصدام المنتظر التي يمكن أن تؤدي لحرب أهلية طبقا لتهديدات الجماعة الإسلامية التي أعلنت صراحة أنها ستقوم بتطهير ميدان التحرير ، وكان أكرم لهذه الجماعة المتطرفة أن تساند الثورة في تطهير مصر أولا ، وفي تحقيق مطالب الثورة والقصاص للشهداء من القتلة الذين تم ترقيتهم مكافأة لجهودهم في قتل وإصابة حوالي عشرة آلاف شاب مصري أثناء الثورة .
الإخوان أمرهم عجيب لكن والحمد لله يفضحون أنفسهم بأنفسهم فرغم حالة الانسجام والموافقة على كل قرارات وإجراءات المجلس العسكري طوال ستة أشهر مضت بداية من الاستفتاء على تعديل المواد التسعة ، لدرجة جعلت الإخوان يقاطعون الثورة في كثير من الجُمَع إرضاء للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ، إلا أنهم حينما يشعرون أن مصالحهم في خطر يظهرون وجههم الحقيقي ، وحدث هذا في موقفهم من المواد فوق الدستورية ، كما اعترضوا على قرار المجلس إصدار إعلان دستوري جديد لاختيار الهيئة التأسيسية التي ستقوم بوضع دستور جديد للبلاد ، بالنسبة للانتخابات فالإخوان يصرون على إجرائها في موعدها لأنهم واثقون أنهم سينتصرون في غزوة الصناديق كلما اقترب موعد أي انتخابات ، وبالطبع سيظهر رد فعل مناقض تماما لو تم تأجيل الانتخابات.
الأغرب من كل هذا أنتشار تظاهرات في أماكن مختلفة من أنحاء القاهرة ، وكلها ضد التحرير ومن يطالبون بتحقيق أهداف الثورة ، ومنهم من خرج لتأييد المجلس العسكري وإعطائه فرصة هو والحكومة الجديدة ، ومنهم من خرج يضرب الثورة في مقتل بتهم الخيانة والتمويل الخارجي ، ومنهم من اتهم الثوار بالبلطجة وتخريب الوطن ، لكن الجميع اتفق على مبدأ أن (من يعتصمون في التحرير هم قلة ولا يمثلون الشعب المصري) وهنا يجب ان أسأل كل من نطق بهذه العبارة سؤال بريء: إذا كان شباب الثورة لا يمثل الشعب المصري .؟ ، فلماذا وافقت على ما حققه من مكتسبات منذ يوم 25 يناير وسمحت لنفسك أن تستفيد من هذه المكتسبات.؟ ، ولماذا تسمح لنفسك كمواطن مصري أن تتحدث عن الثورة المصرية ، طالما من قام بها هم قلة ولا يمثلون الشعب المصري.؟ ، وسؤالي الأخير : إذا كان سكان التحرير لا يمثلون الشعب المصري .؟ ، فهل مظاهرات روكسي ومصطفى محمود والعباسية ورمسيس هي التي تمثل الشعب المصري.؟ هذه مرحلة حرجة يتم التخطيط لها من جهاز أمن الدولة القذر ، وبكل أسف عادت التيارات الدينية مرة أخرى تلعب في أحضان أمن الدولة بقصد وبدون قصد ، أرجو ألا ننجرف لهذا الطريق لأن نهايته حتما حربا أهلية ستغرق فيها شوارع القاهرة بالدماء ، خصوصا بعد التهديدات الصريحة التي أعلنتها الجماعة (الإسلامية) بأنها تنوي تطهير ميدان التحرير ، وتناسوا جميعا أن ميدان التحرير هو من أعطاهم الحرية وأخرجهم من سجون مبارك ، سرعان ما التفوا على الثورة وعلى الميدان وأعلنوا الحرب عليهم.
كلمتي الأخيرة لكل من يدعو لمليونيات خارج ميدان التحرير بأسماء لا علاقة لها بالثورة الحقيقية في الميدان ، أقول اسألوا أنفسكم لو أن الثورة على خطأ فلماذا يضطر المجلس العسكري لتنفيذ المطالب حتى بعد فوات الأوان.؟ ، لو أن الثورة على خطأ ومن يحافظ عليها عميل ومخرب فلماذا توافقون على بعض مطالبها.؟ ، لو أن الثورة على خطأ والثوار بلطجية ، فلماذا وافق المجلس العسكري على تغيير الحكومة بضغط وإصرار مجموعة من البلطجية.؟ ، أقولها وأكررها مصر يُكْتَبْ لها تاريخ جديد وفرصة كل مواطن مصري أن يسجل موقفاً مشرفا في صفحات هذا التاريخ ، وأقول لمن يستعجل حصد المكاسب أنت جاهل تاريخيا الثورة المصرية لا زالت في بداية الطريق ، ومن يستعجل فهو يضرب الثورة والثوار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق