الاثنين، 25 أبريل 2011

صناعة البلطجية الأسباب والعـــلاج

صناعة البلطجية الأسباب والعـــلاج





ظاهرة البلطجة التي أصبحت تشكل خطراً أمنيا حقيقياً على مستقبل مصر ، ولا يمكن السكوت عليها ، ولابد لكل مصري غيور على هذا البلد أن يفكر في إيجاد حلول حقيقية واقعية للتعامل مع هذه الظاهرة ، وتقويمها والقضاء عليها تماما، حتى لا يُخرج لنا مبارك ونظامه الفاسد ألسنتهم من جديد ولسان حالهم يقول اشربوا ، فهذا هو ثمن الحرية يا ثوار مصر وشعبها.

تحولت البلطجة من حالة أو حالات فردية إلى ظاهرة ، وهذه قمة الخطورة ، لأن البلطجة تحدث بشكل يومي في معظم أنحاء مصر تقريبا ، وبنفس الأسلوب وبنفس الطرق وباستخدام نفس الأسلحة ، فهم أشخاص تمت صناعتهم وتربيتهم في مناخ واحد وبأسلوب واحد ، وتحولوا اليوم في ظل حالة الفراغ الأمني ـ الغير مبرر من وزارة الداخلية ـ إلى قنبلة موقوته تهدد مصر في كل شيء ، لأن أعداء مصر وأعداء ثورتها يحاولون استخدام هؤلاء البلطجية في تخريب المنشآت الحيوية الهامة في البلاد ، كما يحاولون ترويع وترهيب المواطنين ونشر الخوف والفزع والرعب بين المصريين ، بالإضافة للتأثير المباشر على الاقتصاد بسبب توقف عجلة الانتاج وحرق وتدمير منشآت هامة في البلاد ، ولا يمكن أن نغفل عن تأثير هذا على حياة المرضى بعد الهجوم المتكرر للبلطجية على العديد من المستشفيات الحكومية، مما أدى إلى قرار بغلق إحدى هذه المستشفيات بالمطرية.

ما هي أسباب انتشار البلطجة كمهنة والبلطجية كأشخاص.؟

ما أقوله هنا ليس افتراءا على أحد ، ولكنه واقع ملموس وظاهر للعيان من المصريين الذين يحسنون رؤية الواقع في الشارع المصري.

ــ نجح نظام مبارك الفاسد بكل قياداته الفاسدة في اصطناع مهنة جديدة اسمها (البلطجة) ، وكانوا يستخدمون أرباب هذه المهنة في جميع منازلاتهم السياسية الانتخابية منها أو غيرها من المواقف الأخرى التي تحتاج للقوة والبلطجة للحصول على ما يريدون ، وحتى يخلو لهم الجو في تزوير الانتخابات ، وذلك بقيام أرباب هذه المهنة بترويع المواطنين الذين يريدون دخول لجان الانتخابات للإدلاء بأصواتهم ، وبهذا الأسلوب نجح الفاسدون بمعاونة الجيش السري من البلطجية في نشر حالة من الخوف بين المصريين أجبرتهم على الإقلاع عن المشاركة في الانتخابات ، وهذا الخوف مع الوقت تحول لسلبية مزمنة عند معظم المصريين حرصا على حياتهم ، وخوفا من مواجهة من يحملون أسلحة بيضاء من سيوف وسنج وخناجر وسكاكين ، وكانت وزارة الداخلية بقيادة العادلي وأعوانه يقومون بحماية البلطجية و يشرفون من بعيد على أعمالهم التخريبية الإجرامية التي قتلت روح التعاون بين معظم المصريين و جعلتهم يعزفون عن المشاركة الفعالة في أي شيء يخدم مصر.

من جهة أخرى نشأت صداقة غير شرعية ومخالفة للقانون بين معظم العاملين في وزارة الداخلية من ضباط الشرطة وضباط المباحث تحديدا و أمناء الشرطة والمخبرين من جهة ، وبين البلطجية والمسجلين خطر وشاربي البانجو والمخدرات وتجار المخدرات من جهة أخرى ، وهذا لا يستطيع أحد أفراد الداخلية إنكاره على الإطلاق ، فجأة تحول المواطن الشريف إلى كائن مكروه يتعامل معه معظم رجال الشرطة بقسوة وعنف وسب وقذف وقلة أدب وسفالة ، وفي المقابل نشأت العلاقات الحميمة والصداقة بين رجال الشرطة وبين البلطجية والمسجلين وكل من على شاكلتهم ، وسبب هذه العلاقة:

قد يساهم هؤلاء البلطجية والمسلجون في الإرشاد عن بعض زملائهم ليقوم ضابط المباحث بتسجيل حالات قبض على أعداد من الخارجين عن القانون ، وكذلك يقوم هؤلاء بتوفير جميع أنواع المخدرات للضباط والأمناء والمخبرين ، وقد شاهدت بأم عيني أكثر من مرة سائقي الميكروباص يعطون أمناء الشرطة سيجارة محشوة بالبانجو أثناء مرورهم عليهم في الطريق ، إذن علاقة الضباط وغيرهم من أفراد الشرطة بهذه الشريحة من المجتمع توفر لهم ما يحتاجون من المخدرات بكل سهولة لأن معظم رجال الشرطة يدخنون السجائر ومعظم من يدخنون السجائر منهم يشربون المخدرات ومن يكذبني فعليه إجراء تحليل يثبت خلو دمه من المواد المخدرة ويقدمه للوزارة ، وبدون مبالغة أقول معظم الشباب الذين دخلوا كلية الشرطة في العشر سنوات الأخيرة يدخنون السجائر وأشياء أخرى ، ويفترض أثناء توقيع الكشف الطبي عليهم أن يكونوا غير لائقين طبياً ، ورغم ذلك دخلوا كلية الشرطة.!!!.

من الأسباب الهامة لهذه العلاقة الغير شرعية هو أن رجال الشرطة بهذه الطريقة يتـَّـقـُـون شرور هؤلاء الناس ، حرصا على أنفسهم من أفعالهم الإجرامية التي قد تصل للقتل بالسيوف والخناجر.

هذه النوعية من المصريين حين يدخلون السجون ، من المفروض أن السجن كما يقولون(إصلاح وتأهيل) إذن يفترض أن يخرج الواحد من هؤلاء مواطن صالح ينفع نفسه وعائلته ووطنه ، بعد أن يتعلم مهنة داخل السجن مثل النجارة أو البناء أو السباكة أو الخياطة أو النقاشة أو أي مهنة توفرها السجون المصرية في مدارسها داخل السجون ، لكن مع الأسف المدارس داخل السجون خاوية على عروشها خالية من أي منفعة أو إصلاح أوتأهيل للسجناء الجنائيين الذين يجب على المجتمع إصلاحهم وتقويمهم ليتحولوا لعناصر نافعة وفعالة في المجتمع بدلا من أن يكونوا عالة عليه أو خطرا يهدد أمنه واستقراره ، ويجب أن ترصد لهم وزارة الداخلية ميزانية وتوفر لهم جوا يؤهلهم للعودة لطبيعتهم كأفراد نافعين صالحين.

الأخطر من هذا أن يتم إدخال مخدرات للسجناء داخل السجون ، وهذه جريمة أخرى ، ومن وجهة نظري من رابع المستحيلات أن يتم هذا إلا بمعرفة رجال المباحث الذين يفتشون كل شيء بحرص شديد في زيارات المساجين ، ولقد شاهدت بعيني دخان البانجو يخرج من الزنازين أثناء اعتقالي في قسم شرطة كفر صقر ، ومن المفارقات العجيبة أن يتهمني ضابط شرطة بأني أكره (من الكره) القرآن ، بينما جاء للمسجلين خطر وتجار البانجو يأخذ منهم أجهزة الموبايل وجميع الأشياء المخالفة حتى يمر التفتيش على خير وبعد ذلك أرجع لهم كل شيء ، وهذا شاهدته وسمعته بعيني.

فتحولت وزارة الداخلية من هيئة للقبض على المخالفين للقانون وإصلاحهم وتأهليهم للعودة للمجتمع بصورة أفضل إلى مؤسسة ترعى الخارجين عن القانون وتوفر لهم جوا آمنا لا يحظى به معظم المصريين الشرفاء ، إذن نحن بصدد جريمة أخرى ضمن جرائم العادلي ومبارك وجميع رموز نظامه لأنهم شركاء في صناعة هذه المهنة وهؤلاء الأشخاص لأنهم بدلا من أن يوفروا لهم عملا شريفا يعيشون منه ، وفروا لهم أعمال خارجة عن القانون بفرض أسلوب البلطجة على الناس وتوفير الحماية اللازمة لهم وتوفير المخدرات لهم.

ــ سلبية وخوف كثير من رجال الشرطة في تعاملهم مع البلطجية والخارجين عن القانون له عامل كبير جدا في شعور هؤلاء بأنهم لا رادع لهم وأنهم الأقوى ، لدرجة جعلت معظم المصريين ينظرون لرجل الشرطة أنه لا يحل ولا يربط ، ولو تم الاتصال به لفض مشكلة أو خناقة بين عدد من المواطنيين لا يحضر إلا بعد انتهاء المشكلة تماما ، وبعد ان يكون من أصيب قد أصيب ومن مات قد مات ومن هرب قد هرب ، وهذه الحالة في التعامل مع المشاكل وخصوصا التي يشترك فيها البلطجية والخاريجن عن القانون أعطتهم ثقة أنهم سيفعلون ما يشاؤون ولن يحضر رجال الشرطة إلا بعد فوات الأوان وبعد أن ينتهي كل شيء ، وكان ذلك سببا رئيسيا في انهيار صورة ضابط الشرطة في أعين المصريين وخصوصا الخارجين عن القانون ، لأن رجل الشرطة إما صديق لهم أو زميل وصاحب كيف (مزاج) مثلهم ، أو يتعامل معهم بسلبية في أوقات تحتم عليه الضرب بيد من حديد على أيديهم.

ــ وهذه الحالة السلبية لمعظم ضباط الشرطة لها سبب منطقي من وجهة نظري ، وهو أن معظم ضباط الشرطة دخلوا هذا المجال ليس رغبة وحبا فيه ، ولكنهم دخلوه لأسباب أخرى: إما بدافع الغيره أو الحقد على قريب أو جار أو صاحب ، وهذا السبب قد يجعل بعض الآباء الاستغناء عن فدان من أرضه في مقابل أن يدخل أحد أبناءه كلية الشرطة ، طبعا هذا الضابط الذي دفع مبلغ لا يقل عن مائة ألف جينه ليدخل كلية الشرطة بعد التخرج يريد تعويض هذا المبلغ من دم المصريين.

بعض الشباب يُـقدمون على هذا العمل حبا في السلطة والجاه والمنصب ، وهؤلاء أيضا لم يسلموا من دفع الرشوة.

والبعض الآخر لابد من دخولهم كلية الشرطة بسبب أن الوالد يعمل في نفس المجال وطبيعي جدا أن يكون ابن الضابط ضابطا مثله.

فكل هذه الأسباب وغيرها تجعل من المستحيل على ضابط شرطة بهذه المواصفات أن يقحم نفسه في خناقة ترتفع فيها السيوف والسكاكين ، فيفضل الصبر والانتظار حتى ينتهي كل شيء ، وبعد ذلك يدخل يسجل المحضر على الجاهز ، ومقابل التخازل المخزي في مواجهة البلطجية والخارجين عن القانون وادعاء الخوف منهم ، تفوق هؤلاء الضباط في قمع المصريين العـُزَل في جميع المظاهرات منذ ثلاثة عقود ، كما نجحوا في قتل مئات من المصريين بالرصاص الحي في ثورة 25 يناير ، وهذا ما يجعلني أتسائل إذا كان باستطاعة ضباط الشرطة إطلاق الرصاص الحي وقتل المواطنين الشرفاء العـُزل فلماذا لا يتعاملون بنفس القوة مع البلطجية الذين انتشروا في جميع أنحاء مصر يسرقون ويقتلون ويخربون ويرهبون ويروعون ويغتصبون .؟ وسؤال آخر لمصلحة من تتم هذه المسألة ولمصلحة من يستمر هذا الفراغ الأمني وهذا التخازل في مواجهة هذه الظاهرة.؟.

قلنا بعض الأسباب ولابد من طرح وجهة نظر للعلاج والحل

أبدأ كلامي عن الحل بنصيحة لجميع المصريين حتى لا أتهم أني اتحامل على رجال الشرطة ، لابد للمصريين أن يثقوا في رجال الشرطة ، وأن يحترمومهم ، ويتعاملون معهم بدون تجريح أو إهانة ، كما يحدث من البعض حين يطلب منه ضابط شرطة إبراز رخصته فيقول له كان زمان ، أو يسير كل مواطن مخالفا لقواعد المرور ، فهذا غير مقبول على الاطلاق ويجب على جميع المصريين أن يغييروا هذه الطريقة إذا كانوا يخافون على هذا البلد ، ويساعدوا رجال الشرطة للعودة مرة أخرى للشارع ليعم الأمن والأمان في البلاد.

وكذلك على رجال الشرطة أن يتعاملوا مع البلطجية والمسجلين والخارجين عن القانون بقوة لردعهم ووقف سيطرتهم على الشارع بهذه الصورة ، ولابد أن يشعر البلطجي أنه لو لم ينصاع لأمر رجل الشرطة سيكون ذلك سببا في إطلاق النار عليه ، لأن البلطجية معهم أسلحة نارية ، وأسلحة بيضاء يمكن أن يقتلوا بها أي مواطن ، لكن حالة السلبية في التعامل مع هؤلاء من قبل رجال الشرطة لابد أن تتغير ، حتى يشعروا جميعا أنهم غير مرغوب فيهم بهذه الطريقة الخارجة عن القانون ، كذلك يجب على جميع رجال الشرطة من الضابط حتى المخبر قطع جميع أنواع العلاقات والصداقات مع هؤلاء البلطجية ومدمني المخدرات ، وذلك حرصا على هيبة وكرامة وزارة الداخلية التي يفوضها الشعب لحمايته ، فليس من المنطق أن يقوم رجال فوضهم الشعب بحمايته بمصحابة ومصادقة المجرمين والخارجين عن القانون الذي يخيفون ويرعبون الناس في كل مكان.
وغير منطقي أن قوات الأمن المركزي المددجة التي قاومت الثوار لمدة أربعة أيام متتالية قبل انسحابهم من الشارع ، مع الأخذ في الاعتبار أن الثوار كانوا بعشرات الآلاف ، فهل من المنطق أن يعجز هذا الجيش المدجج للأمن المركزي في مقاومة هذه الأعداد من البلطجية الذين يستحيل أن يتجمعوا بأعداد أكثر من مائة أو مائتين على الأكثر ، بالإضافة أن أعداد البلطجية سيقل كل يوم لو تم التعامل معهم بطريقة حازمة وحاسمة بأن يتم القبض على كل من يقوم بأعمال عنف وبلطجة وقتل وترويع وسرقة وقطع الطريق وتخريب منشآت الدولة ، فإذا تم التعامل على هذا النحو سنقضي على هذه الظاهرة في أقل وقت ممكن ، ولا ننسى أن وزارة الداخلية تضم مليون وسبع مائة ألف رجل ، فهل سيفشل هذا العدد من رجال الشرطة في القضاء على قلة من البلطجية والخارجين عن القانون الذين تجمعوا وكانوا في قمة قوتهم ، ورغم ذلك استطاع الثوار العـُـزَّل مواجهتهم وقهرهم وهزيمتهم يوم 2 فبراير في موقعة الجمل ، واستمرت هذه المواجهة حتى فجر الثالث من فبراير.؟.

كلمات أخيرة:

يا رجال الشرطة إن التاريخ يسجل صفحات جديدة لمصر وأتمنى أن تكتب أسماؤكم بحروف من نور في تلك الصفحات ، فهذه فرصتكم في رد اعتباركم أمام أنفسكم أولا وأمام الشعب المصري الذي أثق أنه يسامح وينسى مهما كان.

عودوا لمواقعكم احترموا المواطن المصري عاملوه بإنسانية اقبضوا على أي مخالف أو خارج عن القانون مهما كان حجمه أو منصبه ، تعاملوا بحسم مع كل من تسول له نفسه تخريب هذا البلد الآمن ، ولن ينسى لكم التاريخ ما تفعلوه ، عليكم باللحاق بالقوات المسلحة حتى تكتب أسماؤكم جنبا إلى جنب وفي نفس السطور وفي معية تاريخية لن ننساها نحن ولا الأجيال القادمة ، وفي المقابل لو تخازلتم واستمرت حالة الفراغ الأمني ، ونقضتم اليمين الذي أقسمت عليه حين تخرجتم من كلية الشرطة ،وتركتم مصر وشعبها لقلة من البلطجية والخارجين عن القانون في هذه الحالة لن ينسى لكم التاريخ هذه السقطة وهذه الجريمة ، وحينئذ يجب على المصريين تشكيل لجان شعبية من جديد لحماية أنفسهم وممتلكاتهم كما فعلوا من قبل وقد نجحوا في ذلك نجاحا مبهرا ، وعلى جميع رجال الشرطة الاستقالة من العمل لأنه من غير المنطقي أن ينام رجال الشرطة في البيوت ويأخذوا رواتبهم آخر كل شهر من دماء المصريين.

على رجال الشرطة أن يثبتوا للمصريين وبسرعة إذا كانوا مع الشعب المصري وثورته فعليهم النزول للشارع مرة أخرى بأسرع وقت لتوفير الأمن والأمان.

السبت، 23 أبريل 2011

هـذه مــؤامــرة ضــد الـشـعـب الـمـصـري

هـذه مــؤامــرة ضــد الـشـعـب الـمـصـري

إن ما يحدث منذ أيام في محافظة قنا من اعتصام يندد ويرفض تعيين محافظ قبطي لهذه المحافظة ، أعتبره من وجهة نظري جزء من مؤامرة تحاك ضد الشعب المصري وضد الثورة المصرية البيضاء النظيفة التي أطاحت بأكبر طاغية في تاريخ مصر ، وهذه المؤامرة لها اتجاهات وطرق وأساليب متعددة تم فيها توزيع الأدوار بدقة لشل حركة حكومة تسيير الأعمال من ناحية وإرهاق المجلس الأعلى للقوات المسلحة والتشويش على عقول المصريين ، ونشر الفوضى والخوف والرعب والفزع في البلاد مما يؤدي لإيقاف عجلة الإنتاج ، ويشرف عليها عصابة متكاملة تريد تخريب مصر اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وفكريا ، كما يطمح المشرفون على هذه المؤامرة ـ في الداخل والخارج ـ إغراق مصر في بحر من الدماء بسبب الفتنة الطائفية التي تدق أبواب مصر وتريد الدخول من محافظة قنا.

فهناك عصابة كبيرة جدا يريدون الانتقام من الشعب المصري الذي استطاع قهر الخوف والظلم وكسر حاجز الصمت والخضوع والخنوع ، وحوّل الحاكم إلى محكوم ومتهم ، وحول العزيز إلى ذليل ، هذا الشعب جدير بأن ينتقم منه المجرمون الفاسدون الذين لم يتم القبض عليهم حتى الآن ، ويعاون ويساند هؤلاء الفلول والمجرمون بعض الحكام العرب الذين لا يرضيهم ولا يعجبهم محاكمة مبارك حاكم أكبر دولة فى المنطقة ، ويشعر كل واحد منهم أن الدور سيصيبه لا محالة ، فبعض الحكام العرب يحاولون دفع أموال لقتل الثورة المصرية التي ستكون سببا في الإطاحة بهم واحدا تلو الآخر.

هذه المؤامرة تريد لعجلة الإنتاج أن تقف ولا تتحرك ، وذلك عن طريق المطالب الفئوية في كل مكان ، كما تريد أن تعم الفوضي البلاد ، وذلك ما يقوم به البلطجية في كل مكان من قتل وترويع وخطف وهجوم مسلح وقطع للطرقات هنا وهناك ، كما تريد تخريب البلاد ، وذلك بحرق مصنع أو شركة كل يوم أو يومين ، وتريد اختلاق فتنة طائفية بين المسلمين والأقباط الذين عاشوا معا أياما تاريخيه لن ينساها التاريخ حينما كانوا جنبا إلى جنب يرسمون ثورتهم البيضاء في ميدان التحرير.

وبكل أسف يشارك في هذه المؤامرة جماعات تدعي أنها تدافع عن الإسلام ، ولكن أي إسلام هذا الذي يفكر أهله في ركوب ظهور من صنعوا الثورة ، والبلاد في مرحلة حرجة ويجب على الجميع التفكير في العمل من أجل بناء وتنمية هذا البلد ، ومن أجل إصلاح ما أفسده الفاسدون ، ومن أجل توفير لقمة عيش قد تكون عزيزة غدا أو بعد غدٍ.

مشايخ السلفية الذين ظهروا فجأة مثل الوباء ، وفجأة يريدون السيطرة على كل شيء ، ويريدون الظهور في جميع وسائل الإعلام ، فلا تجد وقفة احتجاجية هنا أو هناك إلا ويسيطر عليها السلفييون و دائما ما يظهرون على الشاشات ، فهي عملية مقصودة ومدروسة ، لفرض أنفسهم على الساحة بصورة أو بأخرى حتى لو كانت على حساب الشعب المصري كله ، ولو كان هؤلاء الناس يفكرون في مستقبل هذا البلد لما فعلوا كل هذا وما قالوا هذه التصريحات التي من شأنها تشعل نار الفتنة من جديد ، والأخطر من هذا تقتل الثورة المصرية العظيمة التي كانت سببا في خروجهم من جحورهم وإيقاظهم من سباتهم الطويل ، فيكون رد الجميل للثورة هو المساهمة في زيادة التوتر والاحتقان ونشر الفوضى في البلاد.

أحدهم ذهب ووعدد الناس في محافظة قنا أنه سيقنع الحكومة بتغيير المحافظ ، وهذا ليس من حقه أن يفرض أمرا ما على الحكومة بهذه الطريقة ، لأن هذا التصرف سواء فعله الداعية السلفي بقصد أو بدون قصد زاد من حدة التوتر حينما رفض رئيس الوزراء تغيير المحافظ.

وقال آخر مهددا ـ إن لم يتم الإفراج عن كاميليا شحاته سيقومون بمهاجمة الأديرة ، ولابد من وضع خط تحت كلمة الأديرة لأن هذا الكلام يثبت أن ما يفعله هؤلاء هو مؤامرة كاملة الأركان ، لأنهم لو يريدون كاميليا شحاته فقط سيقومون بمهاجمة دير واحد فقط يفترض انها محتجزة فيه ، ولكن لماذا يقول الشيخ السلفي سنقوم بمهاجمة الأديرة ، وهذه الكلمات كافية لشحن كثير من المراهقين من أنصاف المتعلمين وآلاف من ضحايا التعليم الفاسد في الأزهر والتربية والتعليم ، ولو حدث هذا ستكون هذه أول خطوة في دخول البلاد في مغبة حرب أهلية قد تحول شوارع مصر لحمامات دم.

وقد نظم تيار ديني آخر وقفة احتجاجية أمام السفارة الأمريكية ، اعتبروها رمزية هذه المرة للمطالبة بالإفراج عن الشيخ عمر عبد الرحمن ، على الرغم أن شيخ الأزهر أطلق المبادرة الأولى للإفراج عن الشيخ عمر بصورة محترمة ، ولكن الجماعة أيضا تريد الظهور والعودة للشارع مرة أخرى ، والسيطرة على جزء من الحالة السياسية والإعلامية الحالية حتى لو كان كل هذا على حساب مستقبل مصر ، وعلى حساب طعامنا في الأيام القادمة ، فاليوم يطالبون بعودة عمر عبد الرحمن ، وغدا سيطالبون بعودة الظواهري.

وقام أخرون بتوزيع منشورات يحذرون فيها من الدولة المدنية ، ويقولون أنه لابد من قيام دولة إسلامية لأن الدولة المدنية ستكون سببا في الصراع بين المذاهب والفوضي الفكرية واستعباد الشعوب الفقيرة ، وهنا ظهر شبح الخوف داخل السلفية حيث يخافون من الدولة المدنية التي ستكون سببا في الفوضى الفكرية التي يخاف منها السلفييون لأنهم لو أتيحت لغيرهم مناقشتهم بحرية دون تكفير ودون اتهام بالردة ستكون نهايتهم الحتمية ، وهم يخافون من صراع المذاهب واستعباد الشعوب الفقيرة ، وهنا لابد من سؤال : لمن كتب هذا المنشور الذي ينم عن جهل وسطحية ، أريد من أكبر داعية من دعاة السلفية بنفسه أن يقوم بإجراء مقارنة عادلة بين الفقراء في البلاد الإسلامية والبلاد الكافرة على حد وصفهم مثل اوروبا وأمريكا ، ويخبرنا بعدها مدى القهر والاستعباد للفقراء هنا وهناك ، ويخبرنا أيضا ما هي أنواع الصراع بين المذاهب في الدول المدينة ، وما هي أضرار الفوضى الفكرية التي سمحت لهذه الجماعات بكل انواعها بالجهر بدعوتهم بكل حرية في جميع بلاد العالم التي يعتبرونها بلاد كفر ودار حرب.

كما تفضل أحد شيوخ السلفية برفع دعوى قضائية تجرم التظاهر في ميدان التحرير ، وهذه عجيبة من عجائب الزمن ، لن هذا الشيخ لم نسمع له صوتا منذ يوم 25 يناير وحين ظهر تفضل برفع هذه الدعوى ليساعد بصورة واضحة فلول النظام ومن يديرون الثورة المضادة في إحكام السيطرة على الثوار الشرفاء ، ومنعهم من إكمال مسيرة الإصلاح التي بدؤها.

كلمة أخيرة

بالنسبة لاهتمام هؤلاء بموضوع كاميليا شحاته ـ أقول لهم جميعا ، نبي الله نوح عليه السلام كان ابنه كافرا ، خليل الله إبراهيم عليه السلام كان أبوه كافرا ، نبي الله لوط عليه السلام كانت زوجته كافره ، ولم يعترض أحدهم على قضاء الله ، ولم يعتصم ولم يفكر في وقف عجلة الحياة ، وكل هذا كان قبل الإسلام الذي منحنا الله جل وعلا الحق في الإيمان والكفر ، وجعل الحساب يوم الحساب يا من تريدون محاسبة الناس قبل الحساب.

الاثنين، 18 أبريل 2011

الدولة الإسلامية بين الأخوان والسلفية

الدولة الإسلامية بين الأخوان والسلفية


قبيل ثورة 25 يناير كانت جميع التيارات الدينية سواء كانت جماعات تمارس العمل السياسي مثل الإخوان ، أو كانت فصائل تعيش في كنف النظام وتنام في حجره وتنعم بالطمأنينة والهدوء مثل السلفية ، فكل هؤلاء جميعا كانوا يعيشون في حالة سبات طويل الأمد ، ولم يجرؤ أحدهم على الاطلاق أن يتلفظ بلفظ واحد يغضب النظام ، يقول فيه أننا نريد إقامة دولة إسلامية بهذا الوضوح وهذا التشبث وهذه الجرأة ، كما لم يتجرأ أحدهم أن يتلفظ بكلمة واحدة عن المادة الثانية من الدستور ، ولكنهم جميعا كانوا يوافقون على ما يفعله النظام غير عابئين بالفساد والظلم والقهر والاستعباد ، وكان اعتراضهم على النظام محصورا ومحددا فقط على إبراز ورفع مظالمهم الشخصية مع نقد عادي جدا للنظام الحاكم شأنه شأن النقد المُروض والمتفق عليه ، الذي كانت تقوم به المعارضة الكرتونية التي صنعها النظام الفاسد في مصر على مدى ثلاثة عقود أو أكثر ، باختصار كان الأخوان والسلفييون يقتسمون مع الشعب المصري كل شيء من ظلم وقهر وذل وخنوع وخضوع ورضاء بالمقسوم.

وهنا يجب أن لا نفرق بين المعارضين المصريين الذين صنعهم النظام وبين التيارات الدينية التي تتخذ من الاسلام ستارا للضحك على الناس وخداعهم باسم الدين ، فكلاهما فشل في قهر هذا النظام ، وفشل في مواجهة الفساد مواجهة حقيقية ، وأحدهم كان يدعى أنه معارض لهذا النظام وهم معظم من ينتمون للمعارضة السياسية بكل أنواعها ، والآخر كان يدعي أنه يريد تطبيق الشريعة ويرفض الظلم والفساد وهم جماعة الأخوان وكل الفصائل التي ولدت من رحم هذه الجماعة ، الجميع فشل فشلا واضحا في صناعة أي شيء يخدم هذا الوطن ، أو يساعد بأي طريقة في وضع نهاية لهذا النظام الفاسد ، ولكنهم اليوم ركبوا على أكتاف الثوار ، وأكثر من استفاد من الثورة ، وكلما مرت الأيام ظهروا جميعا أنهم يبحثون عن مصالح ومكاسب شخصية خاصة لا علاقة لها بمصلحة مصر وشعب مصر ومستقبل مصر ، وتمكنهم خبرتهم في العمل السياسي من التعامل بوعي وحرص وحرفية مع كل مرحلة جديدة تمر بها البلاد بعد الثورة.

في هذا المقال سوف أبين أن الأخوان والسلفيين يقولون مالا يفعلون ، ويفعلون عكس ما يقولون ، وأوجه لهم اللوم لأنهم بين الفينة والأخرى يقحمون اسم الإسلام في كل ما يقولون أو يفعلون ، وكأنهم يتحدثون باسم السماء أو يوحى إليهم مثل الأنبياء ، أو اعتبروا أن الاسلام حكرا لهم دون غيرهم ، وأنهم فقط من حقهم إقامة الدولة الإسلامية حسب منهجهم وفكرهم وطموحاتهم وأهواءهم ، وأن مصر وشعبها يعيشون كفرا واضحا وهم يريدون نشر الإسلام وتطبيق الشريعة الإسلامية الآن لانقاذ الشعب المصري من كفره ، ولو كنت مخئا في هذا فليفسر لي أحدهم معنى إقامة دولة إسلامية في مصر ، فمن وجهة نظري لا تقام دولة إسلامية إلا في بلد كافر..!!

أولا: السلفية

السلفييون كل يوم يظهرون علاقتهم الوثيقة بأمن الدولة ، وأنهم يأخذون أوامر حتى يومنا هذا من فلول أمن الدولة لتدمير مصر وتخريبها ، وحرقها على رؤوس أهلها ، وما يحدث في قنا مؤخرا دليل هذا التعاون الواضح بين أمن الدولة والسلفية والبلطجية ، وأبشع ما في هذا الأمر أنهم يقولون أنهم يريدون دولة إسلامية ويريدون تطبيق الشريعة الإسلامية ، رغم كل الجرائم التي ارتكبوها منذ بداية الثورة تنفيذا لأوامر العاملين بأمن الدولة وبالتعاون مع البلطجية ، الذين سيصبحون عما قريب سلفييون في ثوب جديد ، حيث يتم إعدادهم الآن ، ولكن بعد أن ينمو شعر لحاهم حتى يتحولوا إلى سلفيين شكلا وفعلا ، و أعتقد أن هذا ما يحضره فلول أمن الدولة الآن ، وهي عملية تدريب للبلطجية على شعارات وكلمات سلفية في محاضرات يلقيها عليهم بعض دعاة السلفية المجندين في جهاز أمن الدولة ، وذلك لصناعة جيش جديد من السلفيين يتمتع بالبلطجة والقدرة على القتل بحرفية ومهارة ، ويلبس لباس الدين ، وهنا تحقيقا واضحا لنبؤات مبارك من قبل حين أعلنها وحذرنا منها أنه يجب الاختيار بين الفوضى والاستقرار ، وأنه يخاف لو ترك الحكم أن يستولى عليه الإسلامييون.

فهذه حقيقة فصيل يدّعي أفراده أنهم يريدون دولة إسلامية ، ورغم ذلك ولاءهم لأعداء هذا الوطن ، ولا يمكن على الإطلاق أن نصدق كلام كبار دعاة السلفية حين يدافعون و يقولون أن هؤلاء قلة لا يمثلون السلفية الحقيقية وأنهم شباب مندفع ، لأن هذا هراء وخداع وضحك على خلق الله ، لأنهم بذلك يظهرون فشلهم وكذبهم وتزويرهم للحقائق ، لأن هؤلاء الشباب الذين يفعلون هذه الجرائم قد تلقوا العلم في دروس ومحاضرات على يد نفس الدعاة الذين يتملصون منهم الآن سواء كان هذ التلقي في مساجد أو عبر الفضائيات ، فهم صناعتهم الفاسدة التي يتنكرون منها الآن.

ثانيا: الإخوان

حقا من يريد معرفة الأخوان يقرأ ما يكتبون ، ويسمع ما يقولون ، هذه مقوله نصحني بها أحدهم حين قلت له في حوار دار بيننا أن الأخوان كانت لهم صفقات مع النظام الحاكم في مصر ، فقال لي أنت تسمع عن الأخوان.

وعملا بهذه النصيحة سوف أقارن بين ما قاله بعض قيادات الأخوان بأنفسهم وأعلنوه صراحة في أخر مؤتمر لهم ، وبين ما قالوه في بداية الثورة:
في بداية الثورة وقبل أن تظهر معالم أي نجاح أوانتصار للثورة ظهر الأخوان في ثوب جديد جدا عليهم فكلهم وبلا استثناء وافقوا على جميع مطالب الثورة والثوار ، كانوا يتحدثون عن الدولة المدنية وموافقتهم على قيام دولة مدنية حقيقية ، واعترفوا جميعا أن الإسلام ليس فيه دولة دينية وأن دولة الاسلام هي دولة مدنية ينعم أهلها بالعدل والحرية والديمقراطية وحرية العقيدة والمساواة في الحقوق والواجبات ، وكلهم سواسية أمام القانون ، ولا فرق بين مسلم أو غير مسلم ، وأعلنوا احترامهم لحرية العقيدة وحرية ممارسة شعائر الدين ، وحينما تطور الأمر وازدادت نجاحات الثورة وأصبح من حقهم تأسيس حزب قال أحد أعضاء مكتب الإرشاد أن هذا الحزب لن يكون حزبا دينيا ، ولا علاقة له بعمل الجماعة الدعوي ، ومن حق أي مواطن مصري حتى لو كان قبطيا أن يكون عضوا في هذا الحزب فهو حزب لكل المصريين ، وأعلنوا موافقتهم على ترشيح القبطي والمرأة لرئاسة الدولة ، كل هذا قالوه بوضوح شديد.

لكن حينما استقرت الأمور وبدأت الثورة تعلن بوضوح عن مطالبها الحقيقية في دولة مدنية ديمقراطية لا علاقة لها بدولة الأخوان الدينية التي ينشدونها ، تغير خطابهم وتغيرت وتبدلت تصريحاتهم ، لأنهم لا يريدون ضياع الفرصة المواتية الآن ، فقد انهزم نظام مبارك الذي أذاقهم الذل والقهر والاستبعاد والاعتقال مثل باقي المصريين ، وساعدهم القدر في القضاء على النظام الفاسد الذي لم يخطر في وجدانهم أنه سيسقط بهذه السهولة ، وستفتح لهم الدنيا ذراعيها بهذه الطريقة.

أعلن الأخوان صراحة عن حقيقتهم وحقيقة مطالبهم وحقيقة هدفهم المنشود ، وتناقضوا مع أنفسهم ومع مطالب الثورة التي وافقوا عليها من قبل ، وهذا ما قاله قادة الجماعة الراشدون العقلاء ، حتى لا يقوم أحدهم بتكذيبي أو بتسفيه شخصيات من أدلى بهذه التصريحات ووصفه بأنه لا يعبر عن منهج الجماعة ولا يعبر عن الجماعة ككل كما يفعل كبار دعاة السلفية:

في آخر مؤتمر صحفي للجماعة قالوا الآتي:

((قال المهندس سعد الحسيني وهو عضو مكتب الإرشاد ـ إن مجد الأخوان هو نهضة الأمة وصبغة الشعب بصبغة الإسلام ، وأضاف، خلال المؤتمر الجماهيرى الذى نظمته الجماعة، مساء أمس الأول، فى منطقة إمبابة بالجيزة: «نحن نريد فى هذه الفترة ريادة المجتمع لتحقيق هويته الإسلامية تمهيداً للحكم الإسلامى، الذى تترسخ فيه قيم الحرية والعدالة والشورى والتعاون، لأن حريتنا هى أن نمكن الدين الإسلامى ونرفع رايته وندعو له.
ووجه «الحسينى» كلامه إلى التيارات الإسلامية الأخرى قائلاً: «يا سلفيين.. يا صوفية.. يا أنصار السنة، لا نوم بعد اليوم، حتى نمكن لهذا الدين فى مصر، فلا تضيعوا علينا هذه الفرصة العظيمة فى الانتشار السياسى بالمساجد والمصانع والجامعات».
وحول موقف الجماعة من تطبيق الحدود فى الشريعة الإسلامية قال الدكتور محمود عزت، نائب المرشد العام، إن هذا الأمر يأتى بعد «امتلاك الأرض»، فلابد أن تقام الحدود بعد أن يكون الإسلام فى حياة الناس وأخلاقهم وتعاملاتهم.
وأشار «عزت» إلى أن الجماعة لن تدير حزب الحرية والعدالة، لكنه سيشترك معها فى تحقيق نفس الأهداف والسياسة والاستراتيجية، موضحاً أن الحزب وسيلة للحكم.))انتهى.

وهنا تناقض واضح جدا بين ما قالوه من قبل عن حرية العقيدة وحرية ممارسة العقائد ، وعن الدولة المدنية التي يمكن أن يعيش فيها من هم على عقائد وأديان مختلفة ، وعن حقوق الإنسان والمساواة والعدل ، فهذا تناقض وتباين واضح جدا ، لم أخترعه من عند نفسي ، ولكنه من كلامهم هم ومن أفواههم.

وعلى الرغم من صعوبة ما قيل في هذه التصريحات إلا أنه مفيد جدا لإظهار حقيقة هذه الجماعة ، وكشف عن وجهها الحقيقي وتوجهاتها وأهدافها المنشودة ، فقد استخدموا في أول الأمر منهج التهدئة وطمأنة المجتمع لكسب التعاطف وزيادة المؤيدين ، وقد نجحوا في هذا بتفوق ، وأقنعوا بعض المثقفين أنهم جماعة معتدلة ذات منهج إسلامي وسطي معتدل بعيد كل البعد عن العنف والتعصب والتطرف والإرهاب ، لكن هذه التصريحات الواضحة فضحت حقيقتهم.

ومع أن الأخوان يتحدثون عن الاسلام كمنهج ينهجونه ويريدون تطبيقه إلا أن مقاصد الشريعة الاسلامية ليس فيها على الإطلاق مسألة امتلاك الأرض ، فكيف نصدق هذا التناقض في القول خلال هذه المدة القليلة.؟.

غير مقبول على الاطلاق أن نسمع أو نقرأ كل حين عن تصريحات مثل هذه التصريحات الأخوانية شديدة التطرف والتعصب ، وإقصاء الآخر واحتكار الدولة أرضا ودينا وشعبا ، غير مقبول أن يقوم هؤلاء كل يوم بعملية جس نبض للمصريين بهذه الطريقة الخادعة ليتمكنوا من التخطيط للمرحلة القادمة ، ولكي يكون خطابهم مناسبا لردود الأفعال التي حدثت ، فهم يضحكون على المصريين ، ويخدعونهم باسم الإسلام ، فأنا لا أتجنى عليهم فما قالوه من متناقضات قاله قادتهم وأعضاء مكتب إرشادهم ، فلابد للمصريين أن يفطنوا جيدا أنهم قاموا بثورة حقيقية ، ولا يمكن أن تكون نهاية الثورة بالخلاص من نظام حكم فاسد مستبد ومجيء نظام حكم أكثر فسادا وظلما وقهرا يقهر المصريين ويختزل حياتهم في لحية وجلباب ونقاب ، ويحرمهم من مجرد التفكير لأن طاعة ولي الأمر هي أساس الدولة الدينية التي يحلم بها الأخوان وكل الجماعات التي تتمسح بالاسلام ، وأنهم جميعا يؤمنون بحديث يـجعل من الحاكم راعٍ ومن الشعب رعية ، ويبيح للحاكم (الراعي) قتل ثلث الرعية لإصلاح حال الثلثين.

سؤالي الأخير ::

هل قامت الثورة المصرية لتأت بحاكم (براعٍ) تمنحه سلطته أن يقتل ثلث شعبه (رعيته).؟.


الخميس، 14 أبريل 2011

هل الثورة المصرية انتهت.؟ .... أم بــدأت.؟

هل الثورة المصرية انتهت.؟ .... أم بــدأت.؟

بعد حبس الأربعة الكبار عزمي وسرور وشريف ونظيف ، الذين جاء حبسهم عقب يوم السبت الدامي كنوع من التهدئة والتغطية على الأحداث الدامية التي حدثت فجر السبت التاسع من أبريل الماضي ، وبعد كلمة مبارك البائسة التي أذاعتها القناة السعودية اضطر النائب العام لاتخاذ إجراءات عاجلة للتحقيق مع كل من علاء وجمال نجلي الرئيس المخلوع وحبسهما ، وقرر حبس مبارك بعد التحقيق معه هو الآخر ، بعد كل هذه الأحداث التاريخية العظيمة التي لم يكن يحلم بها أي مواطن مصري ، بأن يتم حبس نظام كامل برئيسه في شهور قليلة ، بثورة شبابـية وإرادة شعبية وضغط شعبي ثوري متواصل ، بعد كل هذا ظن بعض المصريين أن الثورة قد انتهت ونجحت وحققت جميع أهدافها ومطالبها ، والدنيا ربيع وخصوصا أن عيد الربيع قد اقترب ، وقد يفكر البعض في مليونية الاحتفال بالنصر للمرة الثانية.


أقول لكم ، ـ لكنها بطريقتي ـ لا ـ بطريقة مبارك المخلوع ـ إن الثورة بعد حبس رؤوس النظام وحبس مبارك ونجليه قد بدأت ، الثورة المصرية الحقيقية قد بدأت الآن بعد الضغط والثبات حتى تنفيذ أهم وأصعب مطلب من مطالب الثورة وهو حبس مبارك ونجليه ورؤس نظامه الكبار ومحاكمتهم بالقانون ، فهذه من وجهة نظري بداية الثورة الحقيقية وبداية سيادة القانون ودولة القانون ، واستكمالا لنجاحات الثورة وتحقيقا لباقي مطالبها ، لابد من المطالبة بعدة أشياء:

أولا: يتم القبض على كل الفاسدين وخصوصا القيادات الكبيرة ، والتحقيق معهم ، فيما هو منسوب إليهم من فساد مالي وبيع لأراضي الدولة ، والأخطر من هذا تسترهم على جريمة تهريب أموال آل مبارك أثناء الثورة ، والمخزي أن أحدهم ينوى جديا الترشح لرئاسة الدولة المصرية العظيمة ، أليس هذا عارا وخزيا ، يجب الانتهاء منه بالقبض عليه فورا ، كذلك لماذا لم يتم القبض على الوزير صاحب صفقة الغاز مع اسرائيل.؟ ، وغيرهم من الفاسدين ، أمور كثيرة لابد من المطالبة بها حتى تتحقق كما تحققت المطالب السابقة ، حتى نجهض الثورة المضادة قبل أن تجهد وتجهض ثورتنا العظيمة.

ثانيا: منع المحبوسين داخل السجون من الاتصال بأي مخلوق بشري خارج السجون ، وذلك بالتفتيش عليهم جيدا ، بنفس الأسلوب وكما كان يفعل رجال حبيب العادلي مع جميع المعتلقين السياسيين يوميا في عمليات التفتيش المفاجيء التي عِـشتها بنفسي في معتقلات مبارك رغم اعتقالي في حبس انفرادي في طره ، كما يجب تفريق هذه الزمرة الفاسدة في عدة سجون ، لأنهم من الممكن أن يديروا ثورة مضادة من داخل السجن ، خصوصا أنهم يعيشون في فندق طره أو بورتو طره المجهز بكل شيء.

ثالثا: حبس مبارك في مستشفى عسكري في القاهرة إذا كانت حالته الصحية الآن لا تسمح دخوله ليمان طره مع أولاده ليحمل رقم (نزيل 25) ويا لعبة القدر في هذا الرقم ، علاء وجمال أخذا رقم 23 ، 24 ، فلو ذهب إليهما مبارك سيحصل على رقم 25 وهو يوم ميلاد الثورة.

رابعا: محاكمة مبارك على جريمة إفساد الحياة السياسية في مصر هو وباقي أركان نظامه وكل من شارك في هذا العمل الإجرامي محاكمة عادلة مثل غيرها من الجرائم ، ومن غير المنطقي أن يقول بعض القضاه والمسؤولين ورجال القانون عن هذا (أنه ليس هناك حكم أو محاكمة بدون نص أو ليست هناك عقوبة بدون نص) يقصدون أن القانون المصري لم يحدد عقوبة لجريمة إفساد الحياة السياسية ، وهم جميعا كانوا يعيشون مع مبارك ويعلمون أن هناك مئات أو آلاف في المعتقلات بدون محاكمات ، فأين هو النص القانوني الذي استند واعتمد عليه مبارك في حبس آلاف من المصريين سنوات طويلة بدون محاكمات ، فهذا ظلم للمصريين وخيانة للثورة وكيل بمكيالين.

خامسا : التعجيل في محاكمة كل المجرمين بدءا من حبيب العادلي وعز وهم أول من قـُبِضَ عليهم وانتهاء بأخر النزلاء في سجن طره ، لأن التباطؤ في المحاكمات يثير مشاعر الشك والتآمر على الثورة وعلى المصريين ، وأعتقد أن الشعب المصري أصبح في حالة من الصعب خداعه أو الضحك عليه ، ولن يستطيع أي مخلوق مهما كان حجمه أو منصبه أو رتبته أن يتحكم في إرادة الشعب المصري بعد أن أصَـرّ على موقفه حتى حبس رئيسه السابق.

سادسا: المحاكمات تتم أولا في القضايا حسب أهميتها وحجمها ، بمعنى أنه يجب محاكمة جميع المتورطين في قضية قتل المتظاهرين أولا ، وأعتقد أن هذه أهم قضية الآن ، وبعد ذلك تتم المحاكمات في قضايا الفساد المالي والتربح من الوظيفة وخيانة الوطن والمساهمة في إفساد الحياة السياسية وإهدار المال العام وبيع مقدرات الدولة ، لأن قضية قتل المتظاهرين ستوفر كثيرا على القضاء لأنه من خلالها سيتم الحكم على عدد كبير من أركان النظام وعلى رأسهم مبارك ، لأنهم جميعا شركاء فيها ، ومن المحزن أن يركز القضاء على محاكمة نظيف والعادلي وغالي في قضية اللوحات المعدنية بينما دماء الشهداء لم تجف.

سابعا: على وزارة الداخلية بكل رجالها الشرفاء النزول للشارع مرة أخرى وممارسة عملها الطبيبعي حسب القانون وأكرر حسب القانون ، وحسب المتغيرات التي حدثت في مصر بعد ثورة 25 يناير ، حتى ينالوا الاحترام من المصريين ، وعلى كل رجل من رجال الشرطة مسؤلية خاصة بأن يثبت بنفسه أنه يحترم هذا الشعب ويحسن معاملته ، فهذه هي الطريقة الوحيدة لعودة العلاقة بين الشعب والشرطة لتكون علاقة طبيعية لا غبار عليها ، لأنه لا مبرر لغياب الأمن وغياب معظم رجال الشرطة طوال هذه المدة بحجة أن الناس يسيئون معاملتهم ، وهنا لابد أن نشير للثورة المضادة التي لا تزال تعمل بلا هوادة لتدمير وتخريب مصر في كل شيء ، ولا نشك في أن الثورة المضادة ومن يشرف عليها من المجرمين هم من فكروا في إحداث الوقيعة بين الشعب والجيش في أعقاب جمعة التطهير ، والحمد لله استفادت الثورة من هذا العمل الإجرامي وكانت النتيجة الإسراع في محاكمة وحبس أهم أركان النظام ورئيسه ونجليه.

ــ وعلى نفس النهج تعمل الثورة المضادة في قطع كل طريق يؤدي للإنسجام بين الشعب والشرطة ، ولا أعتقد على الإطلاق أن هناك مواطن مصري حقيقي شارك في الثورة لا زال يكره رجال الشرطة رغم كل ما فعلوه ، فالمصريون من أرقى وأطيب شعوب العالم ومن السهل جدا عندهم التسامح و نسيان الظلم بقليل من الرحمة والعدل وحسن المعاملة ، حتى لو بالكلام ، وهذا ما يلعب عليه أباطرة الثورة المضادة ، فمنذ لحظات أذاعت قناة الجزيرة تسجيلا لبعض المصريين المأجورين يحملون صورا لمبارك المخلوع يطالبون بتكريمه ، ويرفضون ما حدث له ولأولاده ، وأطمنأنهم وأطمأن كل من دفع لهم أنه سيتم تكريم مبارك بوضعه في سجن ليمان طره بجوار نجليه ، وأتمنى ألّا يتأخر هذا القرار حتى لا نعطي فرصة للثورة المضادة لتخريب البلاد وإفساد عقول البعض أكثر من ذلك ، بنشر وترويج الإشاعات ، وتوجيه بعض الناس عن طريق مواقع ومنتديات الإنترنت للقيام بالتظاهرات الفئوية ، والتشكيك في الشخصيات الهامة في مصر مثل النائب العام ، ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ، وغيرهم ، فكل هذا يثير حالة من عدم الاستقرار في الشارع ويؤثر سلبيا على عمل حكومة الدكتور عصام شرف.

ثامنا: لماذا لا يتم توزيع ضباط أمن الدولة على وظائف أخرى في أماكن أخرى بوزارة الداخلية ، لا علاقة لها بالسلطة وأمن الدولة.؟ ، فجهاز الأمن الوطني الذي تم تغيير اسمه فقط ليعمل بنفس قيادات وضباط أمن الدولة السابقين تعتبر مسرحية هزلية ومهزلة كبيرة ، وإعطاء فرصة للمجرمين السابقين أن يفتحوا صفحات جديدة من الإجرام في أماكن ووظائف جديدة ، تماما مثل عودة الحزب الوطني الجديد ، وأين هؤلاء الضباط من المحاكمات.؟. هل هم خط أحمر أو هم أكبر من مبارك.؟.

تاسعا: لماذا لم يتم حل الحزب الوطني كما أُشيع من قبل.؟ ، ولمصلحة من يتم إعادة ظهوره بهذه الطريقة عن طريق مؤتمر صحفي للإعلان عن فكر جديد للحزب ، أعتقد أن الحزب الوطني القديم في عهد مبارك كان له فكر جديد أيضا ، كما أعتقد أيضا أنه تم خداع طلعت السادات حين عـُينَ رئيسا لهذا الحزب ، وأعتقد أنه سيتم استغلاله ضد الثورة لإرجاع الحزب الوطني بكل قياداته الفاسدة ـ بدءا من الصف الثاني والثالث ـ للحياة السياسية والاستمرار في إفساد كل شيء في مصر عن طريق الأغلبية التي تحدث عنها طلعت السادات في مجلس الشعب ، وعن طريق القاعدة الشعبية العريضة التي أسسها هذا الحزب الفاسد.

ــ أرجو من المجلس العسكري أن يصدر قرارا بحل الحزب الوطني ، ومنع جميع قياداته وأعضائه من العمل السياسي لمدة خمس سنوات على الأقل ، وذلك لسببين:

السبب الأول: أن هذه القيادات شاركت النظام السابق في إفساد الحياة السياسية على مدى ثلاثة عقود ، كما ساهمت في تزوير الحقائق وخداع المصريين لصالح مبارك ، وشاركت في سرقة حقوق وأموال المصريين أيضا في صورة مصالح ومحسوبيات ووظائف ، ولا ننكر تورط معظمهم في المشاركة في الثورة المضادة منذ بداية الثورة.

السبب الثاني: وهو الأهم خلال الخمس سنوات سيكون الشعب المصري في حالة وعي سياسي كاملة بكل فئاته وطبقاته ولا توجد فئة يمكن استغلالها عن طريق هذه القيادات الفاسدة ، وخلال هذه المدة أيضا سيراجع كل واحد من هذه القيادات نفسه مرات ومرات ، وسيحاكم كثيرون منهم مع الوقت لأنهم جميعا شاركوا بطريقة أو بأخرى في أعمال فساد.

ــ مع العلم أن قيادات ورجالات الحزب الوطني التي يجب منعها من المشاركة السياسية تنتشر في جميع أنحاء الجمهورية بدءا من الوزراء وأعضاء مجلس الشعب ، وانتهاءا بالمحافظين ومديري الأمن ورؤساء مجالس المدن ورؤساء المجالس المحلية ، كل هؤلاء شاركوا في الفساد ، ولذلك يجب إبعادهم الآن إذا كنا نريد بناء هذا الوطن ، ولا نتركهم يعيدوا بناء الحزب الذي كان سببا في تخريب وإفساد كل شيء في مصر على مدى ثلاثة عقود مضت.

ــ وإذا كنت أطالب باستبعادهم خمس سنوات فقط فأنا لا أظلمهم ، لأن الشعب المصري تركهم ثلاثة عقود يحتكرون الحياة السياسية في مصر بحماية رئيس الحزب الفاسد مبارك ، فمن حق الشعب المصري الآن أن يمارس الحياة السياسية بعيدا عن هؤلاء الفاسدين.

إذا كنا نفكر في بناء هذا الوطن فلابد أن نقف على أرضية ثابته نظيفة خالية من الفساد والفاسدين.

أخيرا::

أتمنى أن أكون مخطئا فيما أقوله هذا

أخاف من خطة جديدة بعد القبض على هؤلاء الفاسدين جميعا ووضعهم في مأمن في سجن من أحسن سجون مصر مجهز بأحدث سبل العيش ، وذلك لحمايتهم من عبث بلطجية الثورة المضادة الذين يمكن أن يشعلوا البلاد شرقا وغربا ، ويحولوا مصر إلى جحيم ، هذا طبعا لو تركت لهم الساحة كما هي وترك بقايا النظام أحرارا ، والتباطؤ في محاكمة من هم داخل السجون ، وعدم أخذ موقف واضح من ضباط أمن الدولة الذين يديرون هذه الثورة حتى الآن ، ولم يحاكم ضابط منهم حتى الآن على جرائم التعذيب.

الثلاثاء، 12 أبريل 2011

فكرة عن ... كيف نحاسب كل من تعدى على الأراضي الزراعية بالبناء.؟؟

فكرة عن ... كيف نحاسب كل من تعدى على الأراضي الزراعية بالبناء.؟؟

منذ حاولي ست سنوات أو أكثر وتحديدا قبيل انتخابات مجلس الشعب وانتخابات الرئاسة المصرية في 2005م ـ انتشرت ظاهرة غريبة جدا ومفزعة جدا في معظم أنحاء مصر ، وهي جريمة ترتكب في حق الشعب المصري وفي حق الأراضي الزراعية.

فالشعب المصري الذي عاش تاريخه الطويل يعشق الأرض الزراعية ويرتبط بها ارتباطا وثيقا ويحبها حبا عميقا ، قد نجحت أنظمة الفساد في مصر على يد حسنى مبارك وأعوانه في تضييق الخناق على المصريين بكل فئاتهم ، وجعلت الزراعة عبء على الفلاح بعد أن كانت مصدرا أساسيا من مصادر تحسين الدخل ، وما حدث للقطن المصري هو أوضح مثال و خير دليل على هذا الفساد ، فرضت الدولة قواعد وقوانين غريبه مع ارتفاع أسعار السولار الذي يستخدم في تشغيل ماكينات الري ، وارتفاع مفاجيء ومفزع في أسعار الأسمدة ، والمستفيد الوحيد من رفع هذه الأسعار هم أذناب الحزب الوطني الذين تحولوا بقدرة قادر إلى تجار أسمدة تقف أمام منازلهم كسّاحات محمّلة بالأسمدة بينما يعاني كل فلاح بسيط من أجل الحصول على حقه وحصته من هذا السماد بأسعار خياليه ، وعلى الرغم أن كلاهما مواطن مصري لكن الأول عضو أو أمين وحدة حزبية أو أمين لجنة سياسات أو يعمل في أي عمل يخدم الحزب الوطني ، والثاني فلاح من عامة الشعب لا حول له ولا قوة.

فرضت الحكومة على الفلاحين زراعة أنواع محددة من المحاصيل ، وقدمت لهم يد العون والمساعدة بتوفير واستيراد بذور فاسدة ، واستخدام موبيدات فاسدة ومسرطنة بأسعار باهظة لصالح أباطرة الفساد في الحزب الوطني ، وكل هذا يصاحبه انخافض في أسعار الحاصلات الزراعية مما يضع الفلاح آخر العام أو عند الحصاد في مأزق قد يصل لخروجه مدينا لم يتحصل حتى على أجرة عمله وعرقه طوال العام ، بالإضافة للبطالة التي يعاني منها أبناء الفلاحين ، وعدم توفير أي وظائف لهم بعد معاناة طويلة يعانيها هؤلاء البسطاء في تعليم أبنائهم وحصولهم على مؤهلات عليا أو متوسطة ، كل هذا جعلهم يلجأون للسفر للخارج بحثا عن فرصة عمل وتكوين مبالغ مالية قد تساعدهم في بناء بيوت لهم لكي تسير عجلة الحياة ، ولكن كانت الضحية هي الأراضي الزراعية الثروة المتجددة للمصريين منذ فجر التاريخ المصري القديم ولا ننسى أن مصر كانت سلة غذاء العالم في عهد يوسف الصديق عليه السلام ، رغم قلة المساحات المزروعة وقتها ، وقلة الإمكانات أيضا.

فتزعزعت العلاقة الوثيقة والحب العميق للأرض الزراعية من جهة المواطن بسب طغوط الحياة وهذا الفساد ، إضافة لكل هذه العوامل سالفة الذكر.

واستمر التعدي على الأراضي لدرجة أن معظم الفلاحين ومعظم المصريين يلجأون للبناء على الأراضي الزراعية بمساحات كبيرة جدا ، وذلك بحثا عن حلول لمشاكل أولادهم الذين بلغوا سن الزواج ولا يجدون بيوتا يسكنون فيها.

فساد الدولة ككل وخصوصا فساد وزارة الزراعة والمجالس والوحدات المحلية وكل الهيئات التي لها رقابة مباشرة للمحافظة على الأراضي الزراعية بما فيها وزارة الداخلية التي كانت تساعد فقط في تأمين إزالة البيوت المخالفة ، فكل هؤلاء مجتمعين ساعدوا المواطن المصري الضحية في التعدي على الأرض الزراعية بالبناء.

وهذا التعدي له أوقات محددة يزداد فيها بدرجة كبيرة جدا ، يقوم بتحديدها موظفوا الوحدات المحلية والمهندس الزراعي لأنهم من يعطون تصريح البناء ويحددون أن الأرض المبني عليها داخل الكردون السكني أو يحيطها مبانى من جميع الجهات مما يخفف العقوبة على صاحب الأرض بعد كتابة تقرير يفيد أو يضر المواطن ، وذلك يتوقف على المبلغ الذي دفعه على سبيل الرشوة ، فهم دائما ينصحون أن يكون البناء ليلا وفي آخر أيام الأسبوع ، ويفضل أن يكون البناء في توقيت مناسب وفي حالة انشغال أجهزة الدولة بحدث هام مثل الانتخابات بكل أنواعها ، أو بحلول إجازة عيد من الأعياد ، فهذه الطريقة هي باب ظاهره الرحمة ومن قبله العذاب لأن هؤلاء الموظفون المرتشون الفاسدون يظهرون حبهم للفلاح وأنهم ينعون هَـمَّه وهَـمْ أولاده ولذلك يساعدوه في إيجاد حل لمشاكلهم ـ (مقابل حصولهم على رشوة) ـ ، ولكنهم يرتكبون جريمة في حق المصريين جميعا وفي حق الأرض الزراعية التي يجب ان نحافظ عليها ، ومن المخزي أثناء ثورة 25 يناير قام كثير من المصريين بأعمال بناء في الأراضي الزراعية ، في الوقت الذي كان يكتب فيه شباب مصر تاريخا جديدا للبلاد ـ كان هؤلاء منشغلون بأنفسهم ومصالحهم الشخصية منفصلين عن الواقع وعن هذا الحدث التاريخي ، وسبب هذا هو رواسب ثقافة حب الذات وثقافة أنا ومن بعدي الطوفان ومصلحتي أولا ، وهي جرائم صنعها مبارك وأصـّلها داخل معظم المصريين خلال مدة حكمه.

قد بلغت المخالفات التي وقع فيها المصريون في هذا الشأن ستة آلاف مخالفة في محافظة الشرقية فقط وكلها أمام القضاء الآن ، وتتراوح المساحات فيها بين 175متر مربع إلى 4200متر مربع أو يزيد.

ولذلك أعرض فكرة قد تساهم في زيادة مساحة الأراضي الزراعية بصورة تغطي العجز الذي حدث في السنوات القليلة الأخيرة ، وهذه الفكرة قبل أن أعرضها يجب ان أسأل سؤال.

س ـ كيف نتعامل مع المصريين الذين قاموا بالبناء على الأراضي الزراعية .؟

ج ـ مع اقتناعي التام أن البناء على الأرض الزراعية خطأ ومخالف للقانون وأنا أرفضه شخصيا ، لكن لا يمكن أن يكون الحل هو هدم هذه المباني ، كما قال أحمد شفيق قبيل رحليه بأيام ، أنه سوف يهدم هذه المباني بنفسه ، لأنه من المنطق هذه المباني كلفت الدولة مليارات ، والمصريون جميعا في حاجة إليها ، لأنها على قسمين القسم الأول : بيوت سكنية أصحابها في حاجة إليها.

القسم الثاني : من هذه المباني مزارع دواجن ومزارع ماشية وهذه مشاريع هامة جدا لتمنية المجتمع وتوفير الثروة الحيوانية والثروة الداجنة ومنتجات الألبان ، وكذلك توفير عدد محدود من الوظائف البسيطة لبعض الشباب ، والأهم من هذا أن إزالة أو هدم هذه البنايات سواء كانت بيوت أو مزارع فهو فتح صفحة من العداء بين المصريين والحكومة ، وهذا ما يجب تجنبه في المستقبل لأننا نفكر في البناء وندين الهدم بكل أنواعه سواء هدم المباني أو هدم العقول .

ولذلك يمكن تقدير المساحة التي استخدمها وتعدى عليها كل مواطن بالبناء ولو زادت عن مساحة 300 متر أو 400 متر ، أو ما يزيد عن ذلك فعليه دفع غرامة تكفي لإستصلاح فدان من الأراضي الجديدة التي يمكن إستصلاحها ، على سبيل المثال قام مواطن بالبناء على مساحة 300 متر وأضر بمساحة حول هذا البناء حوالي 100 متر فهذا يفرض عليه غرامة عشرة آلاف جنيه إذا كان استصلاح الفدان يحتاج لهذا المبلغ ، وكلما زادت مساحة الأرض التي تم البناء عليها كلما زادت الغرامة وتضاعفت ، وهذه التقديرات ليست ظالمة لسببين:

السبب الأول : أن تصريح البناء في أي مكان (في أرض غير زراعية) يـُكلف المواطن حوالي خمسة آلاف جنيه أو يزيد حسب المساحة المصرح بها.

السبب الثاني : أن المواطن الذي يستطيع الاستغناء عن مساحة فدان من أرضه الزراعية ويقوم بالبناء عليها بيوتا أو مشاريع أعتقد أنه في حالة مادية ميسورة تسمح له بدفع الغرامة المقررة.

وقبل ذلك يتم فتح حساب أو تأسيس صندوق خاص بهذه المسألة للإنفاق منه على استصلاح مساحات من الأراضي الصحراوية في الساحل الشمالي أو في أي مكان صالح للزارعة في ربوع مصر ، والمتخصصون في هذا المجال من الممكن أن يستعينوا بهذه الفكرة التي قد تساعد في الحصول على رأس مال سريع يساعد في قيام نهضة زراعية للمصريين تساعدهم في مواجهة المستقبل وتعوض الفاقد الكبير في الأراضي الزراعية الذي يقدر بحوالي نصف مليون فدان تقريبا في جميع أنحاء مصر ، وكذلك سنوفر عددا من الوظائف للشباب.

ولمزيد من الحرص على ما تبقى من الأراضي الزراعية يقوم رئيس الحكومة بإعلان عن هذه الفكرة بعد دراستها دراسة مقننة وموسعة لوضع ضوابط لها حسب لجان متخصصة ، ويتبع ذلك ـ التنبيه والإعلان عن غرامات من نوع آخر بدءا من تاريخ هذا الإعلان على كل من تسول له نفسه البناء على الأرض الزراعية مرة أخرى، وتكون الغرامة هذه المرة بالسجن ، ولكن قبل ذلك يجب أن يتم الإعلان في جميع وسائل الإعلام عن هذا بوضوح ، ومشاركة المواطن في المسئولية القومية والوطنية في كل شيء ووضعه في الصورة بكل جوانبها وإعلامه بأضرار ذلك عليه وعلى الدولة ، وإعلامه بالعقوبات المفروضة.

أخيرا ::

غير مقبول على الإطلاق محاسبة المصريين بهذه القسوة بهدم المنازل أو المزارع أو دفع غرامات مبالغ فيها ، والجريمة هي أنهم تعدوا على أرض يملكونها ، وإذا تم التعامل معهم بهذا الأسلوب (بإزالة المباني مع دفع غرامات ) ـ من منطلق تطبيق العدل والقانون فلماذا لا تتم محاسبة من سرقوا أراضي ملك الشعب المصري ونزعوا ملكيتها لأنفسهم بثمن بخث وبمخالفات واضحة للقانون ، وشيدوا عليها مشاريع جبارة وفنادق وقرى سياحية ومدن خيالية ليس في استطاعة معظم المصريين الإقامة فيها لمدة ساعات قليلة ، والشعب المصري في الأساس شريك في ملكية هذه الأرض ، أليس من العدل تطبيق القانون على هؤلاء المجرمين أولا قبل التفكير في هدم وإزالة وتغريم الفلاحين الذين ارتكبوا أخطاء لم يخططوا لها ولم يفهموا ضررها ، وقد لجأوا إليها رغما عنهم بسبب فساد المجرمين الكبار ، حاكموا كل مجرم سرق حقوق المصريين أولا ، وبعد ذلك فكروا في محاسبة من ارتكب هذه الأخطاء البسيطة وليكن حسابهم بقليل من التعقل ومزيد من العدل.

الأربعاء، 6 أبريل 2011

الإخوان بين جمعة الإنقاذ وجمعة التطهير

الإخوان بين جمعة الإنقاذ وجمعة التطهير

الإخوان المسلمون ، مع أني أتحفظ على هذه التسمية وأفضل أن أنعتهم بالإخوان فقط ، لأنه عندما نقول الإخوان المسلمون فهذا احتكار للإسلام واختزاله في أفراد هذه الجماعة فقط ، لو كان تحفظي في غير محله ، فبأي تسمية ننعت باقي مسلمي العالم الذين لا ينتمون لهذه الجماعة.؟ ، إذن هو احتكار للدين ووضع الناس في موضع قد يـُجبرون فيه على الإنتماء لهذه الجماعة حتى e;تى ينالوا هذه التسمية.
فهذه الجماعة لها أكثر من ثمانين عاما تعمل في السياسة على حساب الدين ، وإن صح التعبير فهي تمتطي الدين للوصول لأهداف سياسية بحتة ، وتجعل من الدين وسيلة رخيصة للضحك على البسطاء من الناس ، وإقناعهم وتعبئتهم وغسل عقولهم للإستفادة منهم في العمل السياسي من ناحية ، ولكي يظهروا أنهم قوة لا يستهان بها في المجتمع ، ومنذ نشأة هذه الجماعة وفي السنوات الأولى كان حسن البنا يهتم بهذا الشأن ، وكان طموحا ونشيطا لكي ينتشر الفكر بين معظم الناس مهما كانت مناصبهم أو وظائفهم.

ورغم قِـدَم هذه الجماعة وخبرتها السياسية وتواجدها المستمر في المشهد السياسي طوال عقود مضت ، إلا أنها لم تنجح مطلقا في حشد الشعب المصري على قلب رجل واحد للقيام بثورة حقيقية لقهر حاكم مستبد ، أوتغيير نظام حكم فاسد يستعبد الناس ويسرق أحلامهم وأموالهم ، وبمراجعة تاريخهم سريعا ، سنجد أنهم جماعة متلونة ولا تثبت على رأي أو فكر محدد ، لأن العمل في السياسة يتطلب التلون والتشكل وتغيير الخطاب حسب المواقف ، لكي يتناسب مع العصر والحدث الذي يقال فيه ، ولكي يحظى بقبول معظم الناس ، ومن أهم ما يؤيد هذا هو تعريف جماعة الأخوان حسب مؤسسها البنا نفسه فقد عرفها بأنها (دعوة سلفية ـ وطريقة سنية ـ وحقيقة صوفية ـ وهيئة سياسية ـ وجماعة رياضية ـ ورابطة علمية وثقافية ـ وشركة اقتصادية ـ وفكرة اجتماعية) ، وبهذا التعريف فهو ضمن إرضاء جميع الأذواق ، ولو رجعنا لما قاله حسن البنا في تعريف الدولة الإسلامية قال: (أن يكون للبلاد الإسلامية حاكم واحد ، ويكون له الولاية الكاملة على كل بلاد المسلمين ، لكنه قبل الحاكم الإسلامي لابد من وجود الدولة الإسلامية وهي تعني بحسب المرشد( مجتمعا إسلاميا ـ ثقافة إسلامية ـ اقتصاداً إسلامياً ـ تعليما إسلامياً ـ تربية إسلامية) ، وهنا لابد أن يجيب الأخوان اليوم عن هذا السؤال البريء : هل توافقون على هذا الكلام الذي قاله مرشدكم الأول؟، وكيف نوفق بين هذا الكلام وبين تصريحاتكم اليوم عن الدولة المدنية والديمقراطية وحرية العقيدة وحق القبطي والمرأة في الترشح لرئاسة الدولة.؟.
أما عن ضعف هذه الجماعة سياسيا وعدم قدرتها منذ ثمانين عاما على تنظيم ثورة حقيقية على نظام الحكم في مصر ، فهذا من وجهة نظري له سببين:

السبب الأول: أن هذه الجماعة تعيش مع الأنظمة السياسية في حالة تزاوج غير شرعي ، و تتبع لغة المصالح والصفقات.

السبب الثاني: أن هذه الجماعة أضعف ما يكون رغم عمرها الطويل ، ومن السهل جدا هدم هذا الكيان والبنيان الهش الذي تم بناؤه في الأساس على الخديعة والكذب واستغلال الدين في غير موضعه للضحك على الطبقة الفقيرة في العلم والمال ، بالإضافة لبعض المغريات المادية التي ينفقها الأخوان.

ويتجلى ضعف وهشاشة هذه الجماعة التي تعتبر أقوى فصيل وتيار سياسي في مصر أنها لم تسطع الوقوف في وجه نظام حاكم فاسد مثل نظام مبارك ، وفي المقابل جاء الدكتور البرادعي وخلال عام ونصف أو أقل وقرر أن مصر ستتغير ، وبمساعدة مجموعة من الشباب الذين ظلمهم المجتمع ووصفهم بأنهم عيال سيس ، استطاعوا تفجير ثورة عظيمة سلمية بيضاء قهورا بها نظام مبارك وخلعوه من سدة الحكم في مدة قياسية ثمانية عشر يوما ، وكان دور جماعة الأخوان في هذه الثورة واضح تماما ، فقد التزموا الصمت في البداية وكانوا يرفضون المشاركة ويعتبرون التظاهر أمر غير لائق وقال لي أحدهم وهو زميلي في العمل أن المطالبة بالإصلاحات تكون بأسلوب مهذب ومؤدب ولا تكون بهذا الأسلوب ، كان هذا يوم الأربعاء الموافق 26 يناير 2011م ، وبعد أن نجحت الثورة وبدأ انهيار النظام قفز الأخوان على أكتاف الثوار واعتلوا منصات الهتاف والتوجيه ليظهروا في الصورة ، وفوجئت بزميلي في العمل أنه ذهب للتحرير أكثر من مرة ليشارك في الثورة التي كان يرفضها ، ولكن المصلحة تحتم عليه أن يغير رأيه وقناعته عملا بمبدأ الطاعة العمياء الذي علمه لهم حسن البنا حين قال (طاعة الأوامر في المنشط والمكره).

لم يشارك الأخوان في جمعة إنقاذ الثورة يوم 1 أبريل ، وكانت حجتهم انشغالهم بيوم اليتيم ، ولكن هذه حجة لا يصدقها طفل رضيع ، لأن أعداد الأخوان كبيرة جدا ولا يمكن على الاطلاق أن ينشغلوا جميعا في هذا العمل.
لكن غيابهم له أسباب من وجهة نظري ، وحسب رؤيتي أنهم لا يخطون خطوة إلا بحساب ، فقبل جمعة الإنقاذ شاعت أخبار كثيرة تطالب بالقبض على رؤس النظام مثل عزمي وسرور وشريف ونظيف ، كما أشيعت أخبار عن التحقيق مع مبارك ونجله ، وهذه الأخبار كانت تفيد الأخوان في أمرين :
الأمرالأول: أن هؤلاء قد قاموا بتهريب كل أموالهم خارج البلاد ولذلك يعلن المجلس العسكري أنه سيتم التحقيق معهم خلال أسبوع بعد أن انتهوا من تهريب كل شيء خارج البلاد ، وعملية تهريب الأموال في حد ذاتها هي مكسب للأخوان.

الأمر الثاني : هو عملية خداع للمصريين وتسكين لهم لكي لا يذهبوا لميدان التحرير يوم الجمعة ،
وعملية اختبار للثورة والثوار ووضعهم في امتحان نجحوا فيه ببراعة وانضم إليهم ائتلاف ضباط الجيش وائتلاف ضباط الشرطة ، وهذا ما أزعج الأخوان وأجبرهم على الاعتذار.

وقد انتظر الأخوان بعيدا لكي يشاهدوا الموقف ويحددون الأصلح والأفضل لهم ، فوجدوا أنه من الأفضل عدم المشاركة ، لأنهم خبراء في العمل السياسي فاستشعروا أن هذا التباطؤ في محاكمة رؤوس النظام أو استدعائهم للتحقيق معهم كان هدفه الأساسي منحهم الفرصة الكافية لتهريب أموالهم خارج البلاد والتخلص من بقايا لأي أدلة أو مستندات تدينهم جميعا ، وهذا ما فعله تماما أحمد شفيق خلال 38 يوم كان وسيلة لتهريب المليارات ونقلها لحسابات سرية ، وكذلك وسيلة لكي يتخلص جهاز أمن الدولة من فرم وحرق المستندات.


ونرجع لموضوع تهريب الأموال الذي سيحدث كارثة اقتصادية كبيرة جدا نتيجة تهريب كل هذه الأموال خارج مصر ، وليس من المتوقع حسب سير الأحداث بهذا الشكل بالطيء أن نأمل في عودة الأموال المنهوبة بسهولة أو في وقت قريب ، وهذه الأزمة الاقتصادية لابد لها من حل فوري ينتشل الدولة من مغبة الوقوع في انهيار اقتصادي لا تحمد عقباه ، وهنا يظهر الأخوان بوضوح مرة أخرى ، حيث أنهم جاهزون ماليا ومستعدون بالتضحية بالغالي والنفيس لإنقاذ البلاد من هذه الأزمة الاقتصادية لأن هذا العمل سيرفعهم فوق الأعناق ولن ينسى لهم المصريون هذا الجميل ، ومصادر التمويل معروفة ، لا يخفى على أحد القدرة الاقتصادية للتنظيم العالمي للأخوان ، ولا يخفى على أحد أن الوهابية السعودية تمثل لهم مصدرا هاما للتمويل ، ومن هنا سيكون الأخوان في صدارة الترتيب في نظر الشعب المصري كله ، وهذا ما ينتظره ويتمناه الأخوان ، ليحصدوا من ورائه المكاسب التي لا تحصى ولا تعد.

بعد أن انقضى الأسبوع التالي لجمعة الإنقاذ ولم يحدث أي جديد ، إلا تكرار نفس الإشاعات التي تنتشر هنا وهناك عن استدعاء مبارك وجمال للتحقيق ، وحصر تركة رؤوس النظام عزمي وسرور وشريف ونظيف ، وكلها أخبار باهتة كاذبة مضللة مسكنة للثورة ، ولما شعر الأخوان أنهم قد أخطأوا حين تغييبوا عن جمعة الإنقاذ ، بادروا بالاعتذار أنهم كانوا في يوم الطفل اليتيم ، وكانوا في أوائل الصفوف في جمعة التطهير ، وخطب الدكتور صفوت حجازي الذي وصفوه بأنه الأب الروحي للثورة ، ويبدو أنهم شاركوا خصيصا لتمرير هذه الكذبة على أسماع الثوار ، وهذه سرقة وكذب وبهتان ، لأن الأب الروحي للثورة وملهمها الأول هو الدكتور محمد البرادعي ، لأنه الشخص الوحيد الذي قالها بصوت عال في وجه مبارك ونظامه الفاسد (سنغير) وأسس الجمعية الوطنية للتغير ، وخلال سنة ونصف تقريبا كان سببا في تفجير هذه الثورة التي أطاحت بنظام مبارك الفاسد الذي عاش معه الأخوان على مدى ثلاثة عقود يقبلون تزوير الانتخابات ويقبلون المشاركة في مجلس شعب مزور ، ويقبلون الاشتراك في الحياة السياسية الفاسدة في كل شيء ، طالما في النهاية يحصدون مكاسب خاصة بالجماعة ، واليوم يكذبون ويقولون أن صفون حجازي هو الأب الروحي للثورة ، كان من الممكن أن تكذبوا على المصريين قبل 25 يناير ، ولكن اليوم أصبح من الصعب عليكم خداع المصريين بمعسول الكلام ، وأعتقد أن ما حدث من هتاف اليوم ضد جماعة الأخوان كان سببه هذه الكذبة التي قالوها على صفوت حجازي ، وأعتقد أنهم يفكرون في ترشيحه في الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية وهذه خطوة في تلميعه وتجهيزه لهذا الحدث.

أخيرا::

يجب على الشعب المصري أن يقرأ كل هذه المتغيرات والتقلبات في سياسة الجماعة وفي تصريحاتها ، ويقارن مواقفها المتباينة منذ بداية الثورة ، فخلال أقل من ثلاثة أشهر تباينت مواقفهم واختلفت تصريحاتهم أكثر من مرة ، وظهرت حقيقة أنهم يبحثون عن مصالحهم ومكاسبهم الشخصية ، ومن أهم مكاسب هذه الثورة أنها أظهرت وبكل تأكيد فشل الأخوان وفشل أي تيار ديني مهما كان حجمه أو قدراته البشرية و إمكاناته المادية في القيام بإصلاح حقيقي عن طريق ثورة سلمية بيضاء صادقة هدفها الأول والأخير هو القضاء على أي نظام حكم فاسد والمطالبة بحقوق الإنسان والحرية والديمقراطية للجميع دون البحث في عقائد الناس وأشكالهم وألوانهم ، وتقسيم الشعب لفئات ودرجات حسب الدين والمذهب والمعتقد ، نجح الشباب المصري (شباب الفيس بوك) فيما فشل فيه الجميع ، وهنا يجب أن نؤمن بحقيقة هامة جدا أن السلفيين و الأخوان والجماعة الإسلامية وجميع التيارات الدينية حتى الصوفية لن ينجحوا في تغيير أي شعب ، ولن ينجحوا في قهر أي ظلم ، ولن ينجحوا في إصلاح أي فساد ، ولن ينجحوا في تنظيم ثورة مثل ثورة 25 يناير ، والدليل تاريخهم الطويل وفشلهم في تحقيق أي شيء يفيد المجتمع ككل ، فهم يقومون بحملات تعبئة خاصة لخدمة مصالحهم وأهدافهم المنشودة ، وهذا هو الواقع المُـر الذي تجرعه المصريون منذ نشأة هذه التيارات الدينية.

الاثنين، 4 أبريل 2011

هل .. ثـورة بـتـتـسرق .. ومـصـر بـتـتـحــرق .. وصف صحيح ..؟؟

هل .. ثـورة بـتـتـسرق .. ومـصـر بـتـتـحــرق .. وصف صحيح ..؟؟



سؤال مركب من عشرات الأسئلة لكنه يطرح نفسه ، ويدور في أذهان كل مواطن مصري شريف مؤمن بالتغيير وشارك وساهم في إنجاح ثورة 25 يناير ويخاف على هذا البلد ويدعم الثورة ويقف بجانبها ويدعو لمحاكمة الفاسدين والمجرمين ، السؤال المركب هو :: لماذا التأخير في محاكمة المجرمين أمثال العادلي واسماعيل الشاعر وأحمد عز والمغربي وجرانه ، وكل من نُسبت إليهم تهم واضحة بأدلة واضحة.؟ ، ولمصلحة من يتم تأجيل محاكمتهم.؟ ، ولماذا إلى الآن لا يتم القبض على مبارك ونجليه وحرمه ، وكبار مساعديه مثل سرور وعزمى والشريف ونظيف.؟ ، ولماذا الإصرار على تمرير قوانين تلجم المواطنين وتمنعهم من التظاهر السلمي والتعبير عن حقوقهم في تغيير وإصلاح هذا الوطن.؟ على الرغم أن هذا التغيير الذي حدث منذ 25 يناير كان نتيجة كسر الحواجز المقيدة للحريات ، و نجد في المقابل البلطجية وفلول النظام يفسدون في الأرض ليلا ونهارا لإجهاض الثورة دون مانع أو رادع ، ولماذا يترك المجلس العسكري ـ بصفته الحاكم الفعلي للبلاد ـ السلفيين بلا مانع أو رادع يعيثون في الأرض فسادا دون أن يسن لهم قانون يحجم من تطرفهم الذي سيحرق مصر عما قريب.؟ ، ولماذا التباطؤ والتلكؤ في اتخاذ القرارات والإجراءات في كل شيء.؟ ، ولماذا رفض المجلس العسكري إلغاء الدوري المصري لكرة القدم بعد أن أمر عصام شرف رئيس الوزراء بإلغائه.؟ هل مصر الآن في حاجة للدوري المصري لهذه الدرجة .؟ أم أنه سيبقى لأداء دورا هاما في الثورة المضادة كما حدث في مباراة الزمالك أمام الفريق التونسي تحديدا.؟ ، لإيجاد عمل للبلطجية والخارجين عن القانون الذين تمت صناعتهم على مدى عقدين داخل وزارة الداخلية ، الدورى المصري في حاجة لمزيد من أفراد الأمن ، والدولة في هذه الأيام العصيبة يجب الإهتمام بالأولويات ، وتأجيل أي شيء لا يفيد في إنهاء المرحلة الإنتقالية بدون خسائر ، بالإضافة لكل هذا غياب أفراد الشرطة بصورة واضحة ، ورمي الحِـمـْل كلية على المؤسسة العسكرية ، ناهيك عن عدم التعرض بشكل رسمي لملف الفساد الرياضي في مصر حتى هذه اللحظة.

أسئلة كثيرة جدا لن تنتهي::

الثورة المصرية العظيمة تعاني منذ بدايتها من ثورة مضادة قوية يشرف عليها متخصصون في الإجرام والتخريب ، وإذا لم تتخذ التدابير السليمة الواضحة الصارمة بسرعة ضد كل من يساهم في هذه الثورة المضادة مهما كان حجمه أو اسمه أو منصبه ستكون العواقب وخيمة على هذا البلد ، لأن هذه السلبية وهذا التباطؤ سيزيد من ثقة المخربين في أنفسهم وسيزيد من المساحات التي قاموا بتخريبها ، لأنهم لم يتوقفوا ، كل يوم نقرأ عن حريق في إحدى المباني الهامة في مصر وآخرها ما حدث اليوم (حريق مصنع للبلاستيك في العاشر من رمضان ، وحريق في برج مصر للسياحة) ، هذا من ناحية فلول النظام ، ومن جهة أخرى يشرف أمن الدولة على إدارة عملية حقيرة يقوم بها السلفييون ، وفيها يقوم السلفييون من وقت لآخر بهدم ضريح في إحدى المحافظات أو تكفير بعض المخالفين أو إصدار بيانات يوضوحون فيها أنهم قادمون وأن المستقبل لهم ، ونيتهم في تحويل مصر إلى إمارة إسلامية يحكمونها بشريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(حسب مفهوهم للدين) ، والإعلام المصري بكل قنواته يساعد في تضخيم حجم السلفيين وإزاعة كل أخبارهم وتحركاتهم وعد أنفاسهم.

كما يحاول النظام الفاسد البائد جس النبض في الشارع المصري بنشر خبر عن احتمال تأسيس حزب (حزن) جديد برئاسة جمال مبارك لا علاقة له بالحزب (بالحزن) القديم ، ومجرد إشاعة مثل هذا الخبر ونشره يعتبر إهانة للثورة المصرية والتفريط في دم الشهداء بدرجة مخزية ، وكذلك يمثل إهانة واضحة للقوات المسلحة فمجرد أن يفكر مجرم سارق فاسد في إنشاء حزن جديد ، رغم أنه متهم في جرائم واضحة يستحق فاعلها الإعدام شنقا أو ضربا بالبراطيش ، فهو إهانة للمؤسسة الحاكمة لللبلاد ، والتي تقول أنها تستمد شرعيتها من الثورة ، كما أعتبر السماح لأحمد شفيق أن يعلن عن ترشحه للرئاسة إهانة أخرى ، لأنه متهم في قضايا فساد ، لم يتم التحقيق فيها حتى الآن ، فيجب أولا أن يتم التحقيق معه في ما هو منسوب إليه ، وأعتقد أنه ليس من حقه أن يرشح نفسه بهذه السهولة دون أدنى اعتبار لما قاله عن الثورة والثوار من قبل ، ودون النظر أنه كان ضمن رجال مبارك الفاسدين ، ولا ننسى ما قاله عن جهاز أمن الدولة ووصفه إياه بأنه يقوم بعمل وطني ولا يمكن إلغاؤه.

والسؤال الهام جدا :: إذا كان مبارك ونجليه وحرمه متهمون بالفساد السياسي والمالي فلماذا إلى الآن يقيمون في شرم الشيخ ويتمتعون بحياة كريمة تملؤها السعادة والرفاهية غير عابئين بما يحدث في القاهرة من مهاترات وصخب سياسي وإعلامي وينفقون من أموال هذا الشعب الثائر ـ أليس هذا تواطؤ واضح وغير مبرر ويجب أن يبين المجلس العسكري موقفه بوضوح من مبارك وعائلته وكذلك يبين موقفه من الثورة بكل وضوح ، فإذا كان المجلس العسكري مع الثورة والثوار فعليه القبض على كل المجرمين وعلى رأسهم حسني مبارك وعائلته ، إذا كان المجلس العسكري مع الثورة والثوار فعليه إصدار أوامر بسرعة محاكمة حبيب العادلي وأعوانه قبل أن تتم المؤامرة بتصفيتهم أو تهريبهم خارج البلاد.
الشيء الوحيد الذي يتم بسرعة هو اتخاذ القرارات التي تضر بالثورة وتضر بمصلحة البلاد وتجهض كل إصلاح كانت تبتغيه الثورة مثل تحديد موعد انتخابات مجلس الشعب بعد ستة أشهر من الإعلان الدستوري الذي لا يعبر عن الثورة ، ويصب في مصلحة النظام الفاسد البائد ، كما يصب في مصلحة الأخوان ، الذين يقومون بدور هام جدا يساند ويساعد الثورة المضادة ، وهو الإعلان عن استقالة بعض من أعضاء الجماعة البارزين ، وهذا يضر مصر والثورة من ناحيتين:

الأولى : ضررها قريب ـ وهي المساعدة في زيادة المادة الإعلامية التي لا تفيد ولا تساعد في تحقيق مطالب الثورة كما يحدث في الإعلام ، وكما يفعل السلفييون والجماعة الإسلامية من تصريحات وفتاوى وأفعال إرهابية ، فكل هذا يصب في مصلحة الثورة المضادة حيث يساهم هؤلاء جميعا في تشويش عقول المواطنين بدلا من المساعدة في نشر حالة من الوعي والتثقيف السياسي الذي نحن في حاجة ماسة إليه في الشهور القليلة القادمة لتأهيل المواطنين لكيفية خوض مرحلة جديدة من الانتخابات ، والتي يمكن من خلالها إصلاح مصر أو تسليمها لطغاة جدد أو تحويلها لدولة دينية تحكمها جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

الثانية : وضررها بعيد ـ سيتم زيادة عدد المرشحين التابعين للأخوان سواء من المنشقين عن الجماعة أو التابعين لها ، وفي النهاية هم جميعا يمثلون تيار سياسي مناهض للثورة ولا يبشر بمستقبل مشرق للبلاد ، ولا يمكن على الاطلاق التشكيك في أن استقالة بعض أعضاء الجماعة في هذا التوقيت هو مجرد تكتيك لحصد أكبر قدر من المقاعد في الانتخابات القادمة ، يكون بعضها تابع صريح للجماعة والبعض الآخر تابع لها سرا ، لكنه ظاهريا سيكون ضمن المرشحين المستقلين ، وهذا كله لا علاقة له بمطالب الثورة الحقيقية التي اتفق عليها الثوار والأخوان وقتما كان الأخوان يدَّعون إيمانهم بالحرية والديمقراطية والدولة المدنية والمواطنة ويهتفون يحيا الهلال مع الصليب.

إذن هناك جهات وفصائل متعددة تشن حربا شعواء ضد الثورة سواء اتفقوا فيما بينهم على ذلك أو لم يتفقوا.

ولذلك أهيب بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي علمنا أنه رفض منذ البداية إطلاق النيران الحية على المتظاهرين حين أمره مبارك ، أتمنى ألاّ يكون المجلس العسكري ضد الثورة والثوار و ألاّ يفاضل بين الحفاظ على ماء وجه مبارك الفاسد وبين حماية الثورة حماية فعلية وحقيقية واضحة نلمسها ونشاهدها بقرارات واضحة وإجراءات سريعة حقنا للدماء وحفاظا على ما تبقى من مصر ، لأنه إذا كان (الشعب والجيش إيد واحدة) فلابد من الإسراع في مواجهة ومحاكمة الأعداء حتى لا نحصد كل يوم مزيد من الخسائر وبمرور الأيام نقول أن الثورة فعلا سُـرِقَـت ومصر فعلا حـُرِقَـت.


الجمعة، 1 أبريل 2011

قالها مبارك .... يجب الاختيار بين الفوضى والاستقرار

الأرضية الثقافية التي صنعها مبارك بمساعدة مشايخ السُلطة

هناك حقيقة يجب أن نشير إليها ... أن جميع الحركات والتيارات الدينية الموجودة في مصر كلها تنتمى لمنشأ واحد هو الوهابية السعودية ، سواء كانوا أخوان أو جماعة إسلامية أو سلفيين أو أنصار السنة أو جهاد أو القاعدة أو أو ...إلخ) ، فكلهم ينتمون لنفس الفكر ونفس المنشأ ، وتراودهم جميعا فكرة عودة الخلافة الإسلامية وإقامة الدولة الدينية مهما اخفوا ذلك ، لكن لكل تيار طريقته وأسلوبه ومنهجه ، ومن الممكن جدا ان يتفق هؤلاء جميعا لو سمحت لهم الظروف بذلك وتبين لهم أن في ذلك مصلحة ، كما حدث في الاستفتاء على التعديلات الدستورية حين اتفقوا على التصويت بنعم وتضافرت جهودهم لاقناع العامة بــ نعم ، ظنا منهم أنهم يحافظون على الاسلام.
وعلى الرغم أن الرئيس الراحل السادات قـُـتِلّ بسبب خطأ ارتكبه حين أفرج عن هذه التيارات خصوصا أعضاء الجماعة الإسلامية معتبرا أن الإفراج عنهم وخروجهم من محبسهم هو الحل الأمثل لمواجهة الشيوعية في الحياة السياسية المصرية.

إلا أن مبارك ومنذ اللحظة الأولى في حكمه وهو يعرف كيف يتعامل مع هؤلاء ، فقد استخدم معهم سياسة المد والجذب والصفقات والثواب والعقاب ، وسلّـط عليهم أمن الدولة يـُعذب من يشاء ويقتل من يشاء ويُجًنـّـدُ من يشاء ، فتح مبارك الباب على مصراعيه أمام التيارات الدينية بكل ألوان طيفها بالرغم من الاعتقالات ، وكان نظام مبارك يبارك المد الوهابي السعودي لمصر بكل وضوح لا خلاف عليه ، وساعد في هذا مشايخ النظام المباركي ، ومعظم من عمل في مجال الدعوة واعتلى منبرا من منابر الدعوة في عهد مبارك كان له بصمة واضحة في تنمية هذا الفكر وهذا المد وهذا الهجوم على الهوية المصرية المتسامحة الأصيلة ، جميعهم وقعوا في جريمة مساندة الفكر الوهابي ورعايته وحمايته من أي هجوم فكري مضاد أو نقاش أو نقد ، لدرجة أحاطته بسور مكتوب عليه ممنوع الاقتراب أو التصوير وكأنه منطقة عسكرية ، حتى من التزم الصمت تجاه هذا الفكر وهذه الثقافة فهو قد شارك ضمنيا في تمريره داخل مؤسسات الدولة ، لأنه لم يظهر موقفا إيجابيا أو سلبيا واضحا يبين للعامة مميزات أو سلبيات هذا الفكر وهذه الثقافة الدخيلة على الثقافة المصرية الليبرالية.
ازداد نمو الوهابية في مصر في عهد مبارك بمساعدة ومباركة شيوخه الأفاضل ، وانتشر النقاب والحجاب ومعهما انتشرت اللحية والجلباب في مشارق الأرض ـ المصرية ـ ومغاربها ، وأصبح السلفييون في نظر العامة هم رمز الصدق والأمانة والأخلاق الحسنة والالتزام والتدين الصحيح داخل المجتمع المصري ، لدرجة أنه إذا تم الحديث عن أحدهم بسوء فسرعان ما يدافع عنه البعض بالقول(إنه ملتزم ـ أو متدين ـ أو بـ لحية ).

فتحت لهم وسائل الدعاية والمنابر ، سَمَحَ لهم النظام الحاكم بنشر فكرهم بين الطلاب في المعاهد الأزهرية والمدارس بكل مراحلها وحتى الجامعات وفي النوادي، وهذا حقهم لا ننكره ولا نؤيد اعقتالهم على الاطلاق ، لكن المشكلة الكبرى أن مبارك لم يسمح لأي فكر آخر أن ينافس أو يناقش هذا المد الوهابي ، بل لم يتجرأ أحد مشايخ الأزهر على مدى عقديين ماضيين على الأقل ـ مواجهة هذا الزحف الوهابي على الحياة المصرية بكل أشكالها الثقافية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية ، لم نقرأ ولو بحث أو مقال مفصل واضح المعالم لأحد مشايخ الأزهر يبين فيه للمصريين حقيقة الوهابية وحقيقة هؤلاء الناس ، لم نشاهد عالم أو مفكر أزهري يخرج علينا في إحدى الفضائيات يبين للناس خطورة هذا التيار المتشدد الذي يمكن أن يحول مصر إلى أفغانستان أو صومال أو عراق جديد ، لم يجرؤ أحدهم على ذلك ، بل التزموا الصمت وعاشوا عقودا في سلبية مميته ، وتركوا هذا الفكر ينتشر بين أطفال وشباب الوطن ورجاله ونسائه ، وشاهدوه من بعيد وهو ينهش في جسد الثقافة المصرية مكتفين بنقد سطحى للنقاب واللحية.

ويبدو أن مبارك كان واعيا ومدركا أهمية انتشار هذا الفكر بين جميع فئات وطبقات ومؤسسات الدولة لمساعدته في الاستبداد وقهر المصريين وسرقة أموالهم ، فهو درس قد تعلمه من السعودية التي صدرت لنا هذا الفكر ، أنه لا سبيل لتغييب العقول عما يحدث من سرقة ونهب لمقدرات الدولة ، وتجهيل الناس بحقوقهم إلا عن طريق نمو هذه التيارات الفكرية السطحية التي تساعد على تغييب وتهميش العقول وتسطيح الشعوب ، وشغلهم بتوافه الأمور وتحولهم للاهتمام وتقديس الشكل والمظهر ونسيان الجوهر.
وأثناء الثورة المصرية خرج علينا مبارك بعدة خطب ، شدّ انتباهي منها بعض عبارة ـ منها حين قال :( في هذه الأيام العصيبة لابد أن نختار بين الفوضى والاستقرار) و قال أيضا في تصريح : ( أنه لا يريد التخلي عن السلطة حتى لا يستولى عليها الأخوان) ، وهاتين العبارتين لهما دلائل هامة جدا وارتباط وثيق الصلة بين كل ما حدث أثناء الثورة قبل وبعد التنحي وكل ما يحدث في مصر حتى الآن معتمدا على الأرضية الثقافية التي صنعها خلال فترة حكمه ::: وإليكم التوضيح :::

هدد مبارك أنه يجب الاختيار بين الفوضى والاستقرار

وأعتقد بل أكاد أجزم أن من كتب له هذه الخطب وهذه العبارات هم ترزية القوانين وأباطرة الفساد في مصر ، وكانوا يقصدون كل كلمة حرفيا ، ولأن الثوار والشعب لم يستجيبوا ، فكان الرد بكل إجرام وسفالة من هذا النظام الذي يديره ويشرف عليه مجموعة من المجرمين المتمرسين في الإجرام ، حاولوا نشر الرعب بين الناس بكل الطرق منذ يوم 28 يناير بحالة الفراغ الأمني التي لا تزال سارية نسبيا إلى يومنا هذا ، هجوم البلطجية أكثر من مرة على المدارس وعلى المباني السكنية لارهاب الناس ، قطع الطريق وتهديد المواطنين بالقتل وابتزازهم ماليا بالأسلحة النارية والبيضاء ، نشر الإشاعات والأكاذيب كل يوم وكل ساعة ، السيطرة على الإعلام المصري حتى الآن لخداع المواطنيين ، يحاول هؤلاء بكل الطرق نشر الفوضى والخوف وعدم الاستقرار في الشارع المصري مستخدمين جميع الوسائل المساعدة من بلطجية وإعلام وسلفيين وغياب نسبي للشرطة (وهو غياب غير مبرر)، وهي محاولة يائسة وبائسة لوأد الثورة وإجهاضها وقتلها ، أو نشر حالة من الخوف من المجهول والملل من استمرار الثورة ليضع المواطنيين في حالة تجعلهم يعولون على أيام مبارك ، ويقرون بحكمته لأنه توقع ما حدث من فوضى قبل أن يحدث ، وأنه حذر الشعب من الأخوان وقدرتهم على الاستيلاء على السطلة إذا تنحى ، فهي خطط مدروسة ومفهومة وواضحة.

حذر مبارك من استيلاء الأخوان على السلطة إذا ما تنحى هو

وهنا الواقع يعبر بكل وضوح عن هذه الخطة الواضحة ، فبعد أن تنحى مبارك عن السلطة سُـمِـحَ للقرضاوي النزول إلى مصر وإمامة الثوار في ميدان التحرير في جمعة الاحتفال بالنصر ، كما ظهر العديد من قيادات الأخوان في الفضائيات بعد غياب عقود طويلة ، وبدأ تأسيس الأحزاب الدينية بأسماء مستعارة ، انفصال الأخوان عن الثورة وخيانتهم الواضحة لمطالب الثورة ، وأكبر دليل على ذلك ما فعلوه قبيل الاستفتاء في عملية شحن عقول المسلمين البسطاء للتصويت بنعم ، والتصويت بنعم ليس خيانة ولكن الخيانة هي الأسلوب الذي اتبعه الأخوان في اقناع البسطاء ، والأخطر من هذا كله خرج من الجحـور وظهر في المشهد السياسي آفة من آفات الوهابية ، وهم الجماعة الإسلامية ، كما أظهر السلفييون وجههم الحقيقي ، وسيطروا على جزء كبير جدا من المشهد العام في مصر خلال شهر مضى تقريبا ، وفتحت وسائل الإعلام أبوابها لعمل سبق إعلامي مع عبود الزمر وطارق الزمر اللذان اعترفا بضلوعهم في التخطيط لقتل السادات
، وتم تصوير هؤلاء وكأنهم أفضل من أبطال حرب أكتوبر 73 ، وانشغل الجميع بالسلفيين والجماعة الإسلامية والخلاف بين السلفيين والصوفية وهدم الأضرحة ، وتنفيذ القصاص على مواطن مصري بقطع أذنه ، وفتوى من أحد مشايخ السلفية بإهدار دم البرادعى الذي شرب الإعلام المصري معظم قطرات دمه ، ونشر حالة من التغييب الفكري الجديد ، على رأسها فتح التحقيق في مقتل السادات ، وحالة من الصخب الإعلامي الذي يصب في مصلحة الفاسدين الذين يجب أن يمثلوا أمام القضاء لمحاكمتهم فورا ، ولا عُـذر لمن يؤخر محاكمتهم.

فكل هذه الألاعيب والأكاذيب تم التخطيط لها مسبقا لأنها تتم بحرفية واضحة المعالم مرتبطة ببعض ما قاله مبارك في خطبه وتصريحاته قبيل رحيله ، فهؤلاء المجرمون يريدون كسب الوقت لإلهاء وشغل الرأي العام عن التفكير في محاكمة مبارك وعائلته ومحاكمة سرور وعزمى والشريف ونظيف ، وباقي فلول النظام ، هذه خطة واضحة يساعد فيها الإعلام المصري إلى الآن ، ويساعد فيها الأخوان والسلفيين لأنهم ادعوا أنهم مع الثورة في وقت من الأوقات والآن يبحثون عن حل مشاكلهم الداخلية بين الشباب ومكتب الإرشاد وبين من استقال من الجماعة ، والسلفيين يقومون بالدور الأمثل في تنفيذ أوامر أمن الدولة بداية من تكفير وإهدار دم البرادي واعتبار الأخوان والقرضاوي والبرادعى من الخوارج لأنهم لم يطيعوا ولي الأمر ، وتزييف معاني كثيرة مثل معنى الدولة المدنية ومعنى الليبرالية وشرحهما بمعاني كاذبة للبسطاء من الناس ، ودورهم الواضح في محاربة الصوفية وهدم الأضرحة التي بنيت قبل أن يولد معظم السلفيين بمئات أو عشرات السنين ، وفجأة وبقدرة قادر اكتشفوا أنها اوثان ويجب هدمها الآن.
هذه هي الأرضية الثقافية التي صنعها وتركها لنا مبارك ، وعندما حاولنا كشف هذه الحقائق ونقدها بموضوعية ، وقلنا أنه يجب الاهتمام بها ، ويجب طبع كتيبات تدرس ضمن المناهج الدراسية لنشر الوعي بين أطفال وشباب الأمة قام جهاز أمن الدولة بمساعدة الأزهر باعتقالنا ووجه إلينا تهمة ازدراء الدين الاسلامي ، واليوم الجمعة الموافق 1 أبريل هاجم الشيخ علي جمعة أفعال السلفيين ووصفها بالفاسدة ووصف عقولهم بالعقول الخربة وأنهم ضد الإسلام ، لأنهم فكروا في هدم ضريح الحسين ، المكون من طوب وأسمنت وحديد ، لكنهم حينما هدموا عقول شباب وأطفال الأمة منذ عقود مضت لم يتعرض لهم أحد بأي سوء ، وكانوا جميعا يلتزمون الصمت على طول الخط مكتفين بالتعليق على النقاب ووصفه بأنه عادة وليس عبادة.