الاثنين، 20 أكتوبر 2008

معني الإرهاب



معني الإرهاب

الإرهاب كلمة ذات مفهوم واسع ، فهي تعني عند الكثيرين مجرد قيام شخص بقتل شخص أخر مسالم مستخدما إحدى الأسلحة النارية ، أوالمتفجرات مثل الحزام الناسف أو القنابل اليدوية ، أو قيام شخص بإزهاق الأنفس البريئة دون ذنب لمجرد أنه اقتنع واستقرت في قرارة نفسه أن هذا الشخص أو هؤلاء يستحقون القتل ، وهذا الشخص يجب أن نطلق عليه إرهابي فوراً ، وبكل صدق وصراحة أقولها أن أي إنسان يقوم بقتل إنسان بريء مسالم لم يعتد عليه و دون وجه حق فهو إرهابي ، بالإضافة إلى أنه كمن قتل الناس جميعا كما قال رب العزة جل وعلا في محكم كتابه في سورة المائدة آية رقم (32) يقول تعالى (
مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ).
وهذا النوع من أنواع الإرهاب (إرهاب القتل المباشر)هو أكثرها خطورة على أي مجتمع ، حيث يلجأ الإرهابي للقتل بديلا عن الحوار ، يفضل التخلص من منافسيه أو من يراهم أعدائه أو من يختلف معهم بأن يقتلهم ، ويريح نفسه من عناء طويل قد لا يقدر عليه.

لكن هناك إرهاب من نوع أخر يختلف في تأثيره المباشر على من يتم إرهابهم من البشر ، ولكنه من الممكن أن يؤدي لنفس النتيجة (قتل المنافس أو الخصم) أو الشخص الذي يختلف في أي قضية مع هذا الإرهابي القاتل أو من قام بإعطائه التصريح بالقتل ، ومن فتح له الباب على مصراعيه وأعطاءه الأمل أنه لو قتل س أو ص من الناس سيكون مصيره حتما إلى الجنة والحور العين في انتظاره ، وهذا النوع من الإرهاب يقوم على محورين أحدهما هو التكفير وإباحة الدم والاتهام بالردة ، ويتم ذلك من علماء أو قادة متخصصون في توصيف مخالفيهم وتصنيفهم ووضعهم أمام مدفع الشباب الذي تم غسل عقولهم ووضعهم في وضع استعداد دائم لكي يكونوا مؤهلين لتنفيذ أوامر القادة في شخص ما بتصفيته والخلاص منه ، وحدث هذا فعلا في مصر عام 1991م عندما قتل الدكتور فرج فودة على أيدي جماعة الأخوان ، والسبب أنهم كانوا يختلفون معه في وجهة نظر ما ، وأفتى أحدهم بأنه مرتد وكافر، ولا أعتقد أن يكون هناك أي خلاف بين الأخوان والدكتور فرج فودة غير ذلك على الإطلاق ، وليس منا ببعيد ما قاله الشيخ العلامة يوسف القرضاوي عن القرآنيين ، وعن كل من ينكرالسنة ، وهو بذلك يجدد نفس الفكر ويتقدم كثيرا إلى الوارء بمعظم شباب الأمة الإسلامية ، ويجعلهم جميعا يختصرون طريق الألف ميل لخطوتين فقط الأولى تكفير الأخر و الثانية قتله والخلاص منه، ولا عزاء للمفكرين.

إذن نحن أمام نوعين من الإرهاب كل منهما يؤدي للقتل في النهاية الأول القتل المباشر ، والثاني القتل الغير مباشر بعد التحريض من القادة ، ويقوم الشباب الطائش بتنفيذ الأوامر معتقداً أنه يجاهد في سبيل الله ، وأن الحور العين في انتظاره بعد دخوله جنات النعيم.

لكن هناك نوع ثالث من الإرهاب جديد قد حدث معي أنا شخصياً ، ولكنني أراه أقل هذه الأنواع ضرراً ، لأنه عبارة عن أحقاد وضغائن داخلية يظهرها أصحابها من المتعصبين والمتطرفين في أمور تفضحهم وتكشف جهلهم وبعدهم التام عن كتاب الله جل وعلا ، وعدم فهمهم لمعنى الإسلام الحقيقي الذي يفرض علينا كمسلمين أن نعيش ونتعايش في سلام مع كل إنسان لا يعتد علينا ، ولكن هؤلاء يؤمنون ويطبقون أحاديث كاذبة تتماشي مع أهوائهم وهي حديث (من بدل دينه فاقتلوه ) وحديث أخر كاذب يقول ( لا يحل دم امريء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا أحد ثلاثة ، وأخرها التارك لدينة المفارق للجماعة) ، فهؤلاء الشباب الغلابة المضحوك عليهم قبل الأكل وبعده ، يقومون بالآتي ، يتفقون فيما بينهم بعدم إفشاء السلام عليَّ في أي مكان نتقابل فيه ، أو في أي وقت يمرون عليَّ وأنا جالس أمام بيتي ، ولكي أكشف لهم ضعفهم وأثبت لهم جميعاً أنهم يتبعون تعليمات قادتهم وكبرائهم دون عقل أو وعي ، ذهبت ذات يوم ألعب معهم (الكرة الطائرة) ، فسمحوا لي على مضض أن ألعب معهم يومين لا ثالث لهما ، وبعد ذلك وبقدرة قادر أصدروا منشورا رسميا داخل الملعب بأنهم لن يسمحوا لي باللعب معهم ، لأنني وصفتهم بالمتطرفين ، وبالطبع فضلت أن ابتعد عنهم وعن تعصبهم ، وذهبت لملعب كرة القدم أمارس هوايتي الرئيسية ، ولكن ما يعنيني في هذا الأمر أن هؤلاء الشباب الغلابة المضحوك عليهم جميعا امتنعوا عن إفشاء السلام عليَّ في وقت واحد ، وهذا يدل على أن هناك من يعطيهم الأوامر ، ومن ينسق لهم ويخطط لهم.
وهم لا حول لهم ولا قوة ينفذون وكأن القادة الذين يتبعونهم يوحى إليهم من السماء.

وما أطلبه هنا في هذا المقال شيء غاية في الأهمية وفي الخطورة على مستقبل مصر ، لأن هؤلاء الشباب الذين دخلوا غياهب هذه الجماعات عن جهل بعد سن العشرين أو أكثر ، ولم يمر على ذلك أكثر من ثلاث أو أربع سنوات أرى أنهم لديهم الاستعداد للتحول إلى النوع الأكبر من الإرهاب وهو القتل ، فمن يسمح لنفسه أن يحاسب الناس في الدنيا ، ويقول لمن يختلف معه (ليس بعد الكفر ذنب) ، فهو لديه الاستعداد لفعل أي شيء ضد أي إنسان يختلف معه أو يفارق الجماعة على حد زعمهم ، وما أطلبه هنا أن يقوم المسئولون عن التعليم في مصر بإصدار سلسلة كتب مدرسية يتم تدريسها على طلاب المراحل الثلاث الإبتدائية والإعدادية والثانوية توضح تاريخ وأفكار وثقافة هذه الجماعات ، حتى يتعلم أطفالنا كيف يفكرون ، وقبل أن يقعوا ضحية في يد هؤلاء ، ومن خلال هذه التوعية سيكون هناك نوع من التوازن بين النشاط الرهيب لهذه الجماعات وهذا الفكر المتطرف الذي يغزو البيوت في الفضائيات وإغراق الأسواق بالشرائط والكتب والكتيبات ، هذه مهمة ليست بالسهلة ، على وزير التلعيم أن يفكر في هذا الأمر ، لأن العواقب ستكون وخيمة ، والسؤال هنا هل باستطاعة المسئولين عن التعليم في مصر التحرك نحو هذه الخطوة التنويرية الإصلاحية لشباب الحاضر والمستقبل؟.

إن كشف حقيقة هذه الجماعة أمراً يحتاج عملا جاداً يبدأ مع الطلاب في سن الطفولة يخطوا بهم خطوات متتتالية نحو التنوير ليعبروا سن المراهقة الذي يكون فيه الخطر الأكبر على الإنسان ، يكون فيه الشاب في مفترق طرق ويريد إثبات ذاته كما يحب أن يكون له دور واضح في شيء ما ، أما ما يقوم به التليفزيون المصري في قنواته الأرضية من وصفه لجماعة الإخوان من وقت لآخر بأنها جماعة محظورة ، وتناول كل من الشيخ على جمعه مفتى الديار المصرية والدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف في حديثهم على استحياء أن الإسلام لم يختزل في لحية أو جلباب أونقاب فهذه الأمور ستجعل من هؤلاء المتطرفون أبطالا في أعين البسطاء المخدوعين من الناس ، ولكن حينما يأخذ هؤلاء المسئولون الأمر بجدية ويقومون بعمل سلسلة كتب حقيقية تدرس في المدارس كما أشرت سابقاً أعتقد أن هذا الأمر سيكون له أعظم الأثر في توعية الناس وفي خلق جيل جديد لا ينخدع بهؤلاء بهذه السهولة ، لأن كل بيت سيكون فيه كتاب أو أكثر يكشف ويفضح حقيقة هذه الجماعات التي استغلت دين الله في خداع البسطاء من الناس والركوب على ظهورهم لهدف واحد لا ثاني له ، هو الوصول للسلطة وإقامة دولة الخلافة الإسلامية التي يحلمون بها.

الاثنين، 13 أكتوبر 2008

لماذا هاجم الشيخ القرضاوي التشيع بهذه الشراسة..؟؟


أولا: لا يمكن أن أتهم الشيخ القرضاوي بسبب موقفه الراهن من التشيع ومن تكفيره لكل من ينكر السنة ، وتكفيره الصريح للقرآنيين بأنه يعمل لحساب أنظمة سياسية بعينها ، والسبب أنني لا املك دليلا قاطعاً ضده في هذا المضمار ، وعلى الرغم أن هجومه الواضح الشرس على التشيع ، وتكفيره للقرآنيين يحمل بين جنباته مصالح سياسية واضحة.
لكن ما سوف أتحدث عنه وبكل ثقة وطمأنينة هو توجيه النقد وتوضيح التناقض في كلام الشيخ القرضاوي ، الكلام الذي يقوله بلسانه وبكامل إرادته أمام العالم أجمع.


قبل أن أتحدث عن أسباب هذا الهجوم الشرس من الشيخ القرضاوي على الشيعة والتشيع في الأيام الماضية ، أقول دائما ما ينجح هذا الشيخ في أن يثبت لكل صاحب عقل أنه يقول ما لا يفعل ويفعل عكس ما يقول ، فبينما ينادي بحرية الفكر وحرية المذهب وحرية المعقتد ، يهاجم الشيعة اليوم أشد الهجوم لدرجة وصلت للتلاسن بألفاظ لا تليق بشخصية مثل الشيخ القرضاوي ، ولأن ما يقوله عن حرية الفكر والمعتقد أمرا ليس متأصلا في فكره ومنهجه في فهم الإسلام ، وفي طريقته للدعوة إلى الدين الإسلامي ، فإنه كلما سنحت له الفرصة للظهور بمظهر دعاة التنوير والإصلاح والحرية لم يضيع الفرصة على نفسه ، فيأخذ اجتهادات وأفكار وعصارة عقول من يتهمهم بالكفر علناً وينسبها لنفسه على الفضائيات و في مؤتمرات حوار الأديان ليثبت لهم أنه أصبح من دعاة الإصلاح والتنوير وحرية الفكر والمعتقد ، وأنه قد ندم على كل كلمة قد مدح فيها بن لادن وأعوانه ، وأنه قد انسلخ من جماعة الأخوان في مصر ولم تربطه بهم أية صلة ، ولأن معظم مستمعي ومشاهدي الشيخ القرضاوي من الطيبين ، أو ممن يعيشون في مراحل فكرية بدائية عند تلقي هذا الكلام يصدقون مثل هذا الكلام المعسول ، ويعتبرون الشيخ القرضاوي من أشهر عشرة رجال أو علماء أو دعاة في العالم ، وهو في الحقيقة يناقض نفسه بنفسه ولا يحتاج لمن يناقشه أو يناظره فبينما يحاول إثبات أنه من دعاة التنوير والإصلاح وحرية الفكر والمعتقد ، يناقض نفسه اليوم ويكفر كل من لا يؤمن بالأحاديث ، ويكفر القرآنيون صراحة ، وبينما يحاول إظهار انسلاخه من جماعة الأخوان في مصر يقع في فخ الدعوة لدولة الخلافة في أخر حلقة من برنامجة الشريعة والحياة الذي يساعد بدوره في أدلجة الدول الإسلامية حسب الطلب السعودي الوهابي ، وبالطبع لا يستطيع أي إنسان يقدس الشيخ القرضاوي إيجاد هذا التناقض الواضح في كلامه من آن لأخر ، لأن معظم المسلمين يعتبرونه ما ينطق عن الهوى ، وكل كلامه مصدق بل واجب التصديق .


أقول هذه المقدمة لأن الشيخ القرضاوي الذي يهاجم الدولة الإيرانية هذه الأيام لأنه يظن أنها تريد نشر التشيع في مصر والمنطقة العربية لأسباب يراها سياسية من وجهة نظره ، فهو بنفسه قد ساعد ولا زال يساعد جماعة الأخوان في نشر فكرهم للوصول للحكم ، وأكد هذا كما قلت في اخر حلقة من برنامجه الشريعة والحياة حيث دعا للدولة الدينية أو دولة الخلافة وأعتبرها حلم المسلمين ، وأقول للشيخ القرضاوي لماذا كل هذا الهلع على نشر التشيع .؟ لو أن لديك ثقة في مان يتبعونك و من يتبعون مذهب أهل السنة والجماعة ، وأن مذهب أهل السنة يتمتع بقوة وحصانة ضد أي هجوم فكري طائفي من أي نوع ، وأن هذا المذهب(مذهب أهل السنة والجماعة) هو من الصعوبة بمكان أن يتأثر بأي موجة فكرية كبرت أو صغرت ، وأن هذا المذهب راسخ في عقول وقلوب متبعيه ، فلماذا كل هذا الهلع وهذا الهجوم الشرس على التشيع من ناحية ، وتكفير القرآنيين من ناحية أخرى.؟ ، لو أنكم أصحاب مذهب قوي متين رصين ثابت لتركتم الباب مفتوح أمام كل الأفكار وكل المذاهب ، وكل إنسان من حقه اعتناق ما يشاء ، لأن المولى عز وجل أباح للإنسان هذا ، ومن حق الإنسان الايمان والكفر ، وهذه قمة الحرية من رب العالمين ، فلماذا تحاربون حرية التشيع أو التسنن أو أو .... وتعتبرون من يخالفكم في المذهب كافر وخارج عن الملة ويجب قتله ، هل تؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ..؟؟.


ونأت لأمر هام وهو ما أشرنا إليه في عنوان المقال ، وهو الهجوم الشرس على التشيع هذه المرة ، اتضح لي من خلال تصفح مواقع الشبكة العنكبوتية أن هلع الشيخ القرضاوي هذه المرة أن نجله قد تشيع ضمن المتأثرين بحملة التشيع التي نسمع عنها ويروج لها الشيخ القرضاوي دون قصد ، ويساعد الكثير من المسلمين في البحث والقراءة عن التشيع ، لمعرفته على حقيقته ، فمنذ أن عرف الشيخ أن ابنه قد تأثر بهذه الحركة ، وأنه على وشك أن يتشيع هاجت أعصابه وبدأ يهاجم هجوما عنيفاً لدرجة جعلته يقول كلاماً يناقض كلامه في المؤتمرات والندوات والحلقات عن الحريات.


وبكل صراحة هجوم الشيخ القرضاوي على التشيع هذه المرة يستحق أن يضحي بكل كلمة قالها من قبل عن حرية الفكر والمعتقد ، لأن من تأثر بالتشيع هذه المرة هو نجله ، الذي يجب أن يكون أول من يتبع منهج وفكر أبيه ، وبهذه الطريقة سيظهر ضعف منهج الشيخ القرضاوي لأنه لم يكن مقنعا مع أقرب الناس إليه ، وبالطبع سوف يقفز الكثير من نسانيس الشبكة العنكبوية لتكذيب خبر تشيع نجل القرضاوي ، والرد عليهم أسهل ما يكون ، أقول لهم يا أصحاب العقول المستنيرة كل ما يخص هذا الكلام منشور وموجود وسيظل موجود على شبكة الإنترنت ، وأنتم بهذه العقول الحاضرة المستنيرة الواعية صدقتم ما كتبه البخاري دون سؤال من أين جاء بهذا الكلام..؟.

وخلاصة القول : بمجرد أن علم القرضاوي بأن هناك شبة تشيع نجله قام بهذه الحملة الشرسة ضد الشيعة والتشيع ، رغم كلامه الجمل المعسول عن التسامح وحرية المعتقد وحرية المذهب.

ويجد على هذا الرابط أخبار تشيع نجل الشيخ القرضاوي ..


http://www.alarabiya.tv/articles/2008/10/07/57850.html?PHPSESSID=6u77l7a51bd3ea2ifdgr4akif5

السبت، 4 أكتوبر 2008

ماذا تعني .... لقد مات موتة حسنة..!!!

ماذا تعني .... لقد مات موتة حسنة..!!!


بسم الله الرحمن الرحيم


يقول جل وعلا (تبارك الذي بيده الملك وهو عل كل شيء قديرـ الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور) الملك 2،1.


هذه الآيات توضح سبب خلق الإنسان ، وسبب حياته ، وأن الإنسان ما خلق إلا ليعبد الله (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) ، للإختبار أثناء حياته وتواجده في هذه الدنيا كما توضح آية 2 من سورة الملك وقد ينجح أو يرسب أي إنسان في اختبار الدنيا ، إذن يحكم الله جل وعلا على كل إنسان من حيث الصلاح أو الفساد من خلال أعماله التي قام بها بإرادته في اختبار الدنيا ، ودون أن يجبره أحد عليها ، ولذلك سيحاسب كل إنسان عن كل ذرة أو مثقال ذرة يعملها في دنياه من خير أو شر ، وهذا قمة العدل من رب العباد أن يكون الجزاء من جنس العمل ، أو يكون الحساب على ما يقوم به الإنسان نفسه من أعمال خير أو شر ، (كل نفس بما كسبت رهينة) .


وهذه البداية أريد من خلالها الدخول لأمر خطير يسيطر على عقائد معظم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، وهو اختراعهم طقوسا عند الموت ثم جعلوا منها حكما أساسيا في تحديد صلاح أو فساد بعض الناس ، بمعنى أوضح ، أصبح الموت في حادث طريق أو في حريق أو مشاجرة عقب مباراة كرة قدم ( شهادة ) صريحة يعترف بها الجميع ، وأصبح الموت في السفر دون الأهل والأصحاب ، والموت بسبب عملية جراحية أو داء في البطن (شهادة) ، وهذا فيما يخص سبب الموت ، وهناك طريقة أخرى يحكم من خلالها الناس على صلاح الميت ، وهي إذا رأوا وجهه أبيض أو أحمر أو كما يقولون وجهه مدور ومنور ، أو كما يقولون بالعامية المصرية (كانت ختمتة عسل) ، أنتشرت هذه الثقافة بين الناس على كافة المستويات الفقراء والأغنياء ، المتعلمون والمثقفون والجهلاء ، وباختصار من يموت بإحدى هذه الطرق يقال عنه أنه مات موتة حسنة ،و بالعامية (مات موتة حلوة) أو( مات موتة كويسة) أو (مات شهيد ) والله مات شهيد ، ومن إحدى هذه الخرافات أيضا جعل سرعة سير النعش (ما يحمل فيه جثمان الميت) مقياسأ أخر على صلاحه ، حيث يقول الناس إن نعش فلان كان يسير بسرعة ،أو كان طاير طيران ، وعلى الرغم أن هذا الميت وهذه الجثة يحملها أربعة أشخاص يتحكمون فيها كيف يشاؤون ، وهو من يحددون سرعة أو بطيء السير ، ولكن رغم هذا يقولون إن فلان كان يسير بسرعة أو طاير طيران ، معتقدين أنه هذا من أسباب الصلاح.


ومن الأمثلة التي شاهدتها بأم عيني : كنت ضمن المشيعين لإحدى الجنازات ، وكان سبب الوفاة موت شاب في سن الأربعين في حادث سيارة على الطريق ، وعندما وصلت الجثة إلى بيت الميت قامت النساء كالعادة بالصراخ والعويل ولطم الخدود ، ولكي يسكتوا هذا الفيضان من البكاء واللطم وشق الجيوب قال لهم أحد الحضور لقد مات شهيدا ، والله العظيم مات شهيد ، دي موتة حلوة والله العظيم موتة حلوة حد طايل يموت موتة زي دي .


وفي مرة أخرى خرج علينا المـُغـَسـِّل بعد أن قام بغسل الميت قائلاً إن جثته كانت ناصعة البياض ، ووجهه شديد البياض و منور وختمته زي الفل ، وشهد له بالصلاح لهذه الأسباب الجسدية التي لا علاقة لها بصلاح أو فساد العمل.


وانتشرت هذه الثقافة بين معظم المسلمين ثقافة لقد مات موتة حسنة أو مات موتة حلوة أو مات موتة كويسة ، لدرجة جعلت بعض الناس يدعون ربهم أن يميتهم مثل هذه الموتة ، وكأنها أصحبت سبيلا للنجاة في الآخرة وتناسوا آيات القرآن الكريم التي تدعو لعبادة الله بلا شريك والإيمان بقرآنه الكريم ، و الإكثار من العمل الصالح قدر ما يستطيع الإنسان لكي ينأى بنفسه من عذاب النار التي لا يدخلها إلا من ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، ويعتقدون أنهم سيدخلون الجنة بمجرد أن أحدهم مات بعيدا عن أهله أو بيته أو مات بوجع في بطنه أو مات أبيض الوجه ، وتناسوا أيضاً أن الجنة لا يدخلها إلا من أمن بالله وعمل صالحا ، فهذه إحدى صور التدين السطحي الذي يضر المجتمع ، ويجعل أفراده يبحثون عن أوهام ليس لها أي وجود في دين الله ، ويستغنون بهذه الأوهام عن العبادة الخالصة لله جل وعلا ، كما يبتعدون كل البعد عن العمل الصالح الذي ينفعهم و ينفع الناس.

الخميس، 25 سبتمبر 2008

هل يغفر الله جل وعلا لمن يشرك أو يكفر..؟؟...1

مقدمة:

أولاً: وقبل الإجابة على هذا التساؤل يجب أن نوضح بالآيات القرآنية من هو المشرك ومن هو الكافر ، كما يجب أن نوضح أن هذه التسمية ، وهذا التصنيف والتمييز (مشرك وكافر) بالطبع ليست متاحة لنا نحن البشر ، بمعنى لا يجوز لأي إنسان أن يتهم إنساناً بالكفر أو الشرك بالله ، وليس من حق أي بشر أن ينادي إنساناً بقوله (يا كافر ، ويا مشرك) وإلا يكون قد وضع نفسه مكان الله جل وعلا ، ولكن هذا هو كلام الله وحكم الله على فئة بعينها من الناس نتيجة شركهم بالله آلهة أخرى ، أو كفرهم بالله وتكذيبهم لآياته ورسله ، لأنه جل وعلا يعلم السر وأخفى ، وطالما لم يتعد أحدهما مرحلة الشرك والكفر العقيدي فليس من حقنا أن نعاديهم ، إلا إذا تحولا إلى الشرك والكفر السلوكي الذي من شأنه الاعتداء على المسلمين ، ففي هذه الحالة يجب رد الاعتداء بالمثل.

ونأت لتوضيح معنى المشرك والكافر من خلال آيات القرآن الكريم.

1ـ المشرك حسب السياق القرآني:

هو من لا يكتفي بالله جل وعلا رباً ، ويشرك معه آلهة أخرى ظناً منه أنهم سيقربونه إلى الله زلفى مثل قول الله جل وعلا (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ)الزمر: 3 ، ويحدد المولى جل وعلا ويبين أن التقرب إليه لا يكون إلا بالإيمان والعمل الصالح يقول تعالى(وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ )سبأ:37.
وعلى الرغم أن العزة لله جميعاً في قوله تعالى (
مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ....) فاطر:10 ، ويقول تعالى (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ )الصافات:180 ، ولكن المشركين يتخذون من دون الله آلهةً أخرى ليكونوا لهم عزاً يقول تعالى(وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا)مريم:81 ، ويتخذ المشركون شركاء مع الله ليشفعوا لهم يوم الحساب يقول تعالى(وَقِيلَ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُواْ يَهْتَدُونَ)القصص:64 ، الشركاء يوم الحساب لن يشفعوا لمن أشركوا فحسب ، ولكنهم لن يستجيبوا لهم عندما يروا العذاب ، يقول تعالى(وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقًا) الكهف:52 ، وهذه الآية تبين أن هؤلاء الشركاء لن يستجيبوا لمن أشركوا بهم في الدنيا فحسب ، ولكن سيجعل الله بينهم حاجزاً من العذاب يهلكهم جميعاً.

المشرك يظلم نفسه و يدعو مع الله إلهاً آخر طلباً للنفع ، وهو لا ينفع ولا يضر يقول تعالى (وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ)يونس:106.
معظم المشركين يظنون أنهم على الحق وأنهم من المؤمنين ، ولا يعترفون بشركهم إطلاقا ، ظناً منهم أنهم على صواب كما في قصة يوسف حيث بـيـَّـن ذلك رب العزة جل وعلا في قوله تعالى (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ{103} ثم يقول جل شأنه (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ)يوسف:106.

المشرك يؤمن بوجود الله ، لكنه يشرك مع الله آلهة أخرى أو يدعو مع الله إلهاً آخر ، مثل التقرب إلى الله عن طريق الأضرحة والأولياء ، أو البشر و الحجر والشجر والبقر ، المشرك يسلك طريقاً في العبادة مستخدما بينه وبين الخالق جل وعلا واسطة ، وهذا ما يجعله (يظلم ويخسر) يظلم نفسه ، ويخسر في الآخرة ، ويتحول من مؤمن موحد بالله إلى مشرك ظالم خاسر ، لأن الإيمان الحقيقي يعتمد في الأساس على التوحيد الخالص لله وحده بلا شريك أو وسيط بين العبد وربه ، يقول تعالى(وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)غارف:60، وقال تعالى(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)البقرة:186، ومن هذه الآيات يتضح عدم وجود آيّة واسطة بين الإنسان وربه فيما يخص العبادة أو الدعاء أو علاقة الإنسان بربه عموماً.

إذن قضية الشرك هي أن يجعل الإنسان مع الله إلهاً آخر يقول تعالى(الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)الحجر:96، ويقول تعالى( لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولا )الإسراء:22، ويقول تعالى(وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ )المؤمنون:117.
من أهم صفات المشركين حب الدنيا وحرصهم على البقاء فيها يقول تعالى(وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ(البقرة:96 ، المشرك يريد حياة أبدية لا موت فيها ، ويحرص على ذلك كل الحرص ، وينسى تماماً أن هناك أجل محتوم.
وهناك من الأفعال إذا وقع فيها الإنسان سيكون مشركاً بالله يقول تعالى(وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ)الأنعام:121.

وفي هذه الآيات يوضح جل وعلا وحدانيته وقدرته سبحانه وتعالى على خلق وتدبير كل شيء ، وهو وحده لا شريك له يبدأ الخلق ثم يعيده ، وجاءت هذه الآيات بعد إهلاك قوم لوط يقول تعالى(أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (64)النمل، ورغم قدرة الله جل وعلا التي وسعت كل شيء ، ولكنهم يشركون.

يقول تعالى يبين إحدى صفات المشركين والكافرين باليوم الآخر ، الذين يولون الأدبار عندما يذكر الله وحده في القرآن، يقول تعالى( وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا (45) وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (46))الإسراء ، هنا يشترك الكافر والمشرك في أن الله يجعل على قلوبهم أكنة ، وأنهم لا يفقهون القرآن ، وهذه الآية تنطبق على بعض المسلمين عندما يسمعون اسم الله جل وعلا في القرآن أو في أي خطاب لا يحرك فيهم ساكناً ، وعلى العكس تماماً إذا ذكر اسم النبي عليه السلام فيسارعون بالقول عليه الصلاة والسلام.

وفيما يخص الصلاة كفرض أمرنا المولى عز وجل أن نقيم الصلاة لذكر الله وحده، كما أوحى لنبيه موسى يقول تعالى(وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)طــه ، والآيات فيها تأكيد واضح على وحدانية الله وعبادته وإقامة الصلاة لذكر الله ، وهذا ما لا يفعله معظم المسلمين، وهناك آية واضحة تخص الصلاة أيضاً وتؤكد على وحدانية الله جل وعلا يقول تعالى(وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)) وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19) قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (20)الجــن ، وهنا توضيح لما كان يفعله خاتم النبيين عندما يدعو الله كان لا يشرك به أحداً ، وهو قدوتنا ومعلمنا الأول فهل نقتدى به في صلاتنا.؟.

المشركون لا يؤمنون بالآخرة ، وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوبهم ، وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون يقول تعالى(وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ)الزمر:45.
يبين المولى عز وجل أن المشركين أكثر الناس عداوة للمؤمنين ، وعلى العكس أقرب الناس للذين أمنوا الذين قالوا إنا نصارى يقول تعالى )
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ )المائدة:82، وفي نفس السياق الذي يتحدث فيه رب العزو جل وعلا عن علاقة الناس في المجتمع الواحد يبين المولى عز وجل أن الفصل والحكم في أي خلاف ديني أو عقيدي مرجعه إلى الله جل وعلا يوم القيامة ، يقول تعالى
)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )الحج:17 ، إذن كل أبواق التكفير والاتهام بالردة والخروج عن إجماع الأمة كل هذا كلام بشر ، مخالف للقرآن الكريم كتاب الله.


2ـ الكافر من خلال السياق القرآني:

الكافر هو من يكفر بالله جل وعلا أصلاً ويكذب آياته ، ويقتل الرسل والنبيين بغير الحق ويحاربهم في نشر دعوتهم ، ويفعل هذا علنا بمعنى أنه لا يكتفي بالكفر العقيدي الذي يضر به بفسه فقط ، لكنه يزيد على ذلك بالكفر السلوكي الذي يضر به المسلمين ، كما أنه يسارع في الاستهزاء بما جاء به أي رسول من الرسل ويحارب ويقتل من يأمرون بالحق والقسط من الناس ، مع محاولة إرهابهم وترويعهم وتهديدهم وقض مضاجعهم ، الكافر يود لو يكفر المؤمن مع الإساءة إليه بالقول ، الكافر يتهم الرسل بالسحر والكذب يقول تعالى (وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ )ص:4 ، ويقول تعالى )أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ )يونس:2 ، الكافر إذا سمع آيات الله لا يفهمها لأن على قلبه حجاباً ، يقول على آيات الله أساطير الأولين يقول تعالى(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ )الأنعام:25 ، ويقول تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْـزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ )النحل:24 ، الكافر يسخر ويستهزئ برسل الله ويكفر بالقرآن أو ذكر الرحمن يقول تعالى (وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ)الأنبياء:36، الكافر يكفر برسل الله البشر ، ويريد أن يـُنـَزل الله رسلاً ملائكة من السماء يقول تعالى(إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لأَنْـزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ)فصلت:14، الكافر يستكبر و يكذب آيات الله )بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ)الزمر:59 ، كما وصفوا القرآن بأنه أضغاث أحلام ، وأن الرسول افتراه من عنده ، وطلبوا منه معجزة ووصفوا الرسول بأنه شاعر يقول تعالى (بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ)الأنبياء:5 ، وهنا شيء هام يجب توضيحه إذا كان الكفار يكذبون القرآن العظيم الكتاب المعجز في القول واللفظ والمعنى و الوضوح مع البيان والمكفول بحفظ من الله إلى يوم يبعثون ، وعندما سمعوا الرسول يقرأه قالوا عليه ساحر ومجنون وكذاب وشاعر ، كما وصفوا القرآن بأنه أساطير الأولين ، فماذا هم قائلون (أي الكفار في عصر الرسول) لو حدثهم الرسول ببعض ما نسب إليه كذباً في كتب الحديث.؟ لقد اتهموه بالساحر والمجنون ، وهو يتلو عليهم آيات الله البيـِّـنات المعجزات ، فماذا هم فاعلون لو حدثهم بأحاديث آحاد ظنية تقبل كما يدعي البعض أنها أحاديث رسول الله.

وفي أول آيات سورة محمد توضيح لمعنى الكفر مع مقارنة واضحة بين الذين آمنوا والذين كفروا ، والفرق بينهما أن الذين كفروا اتبعوا الباطل والذين أمنوا اتبعوا الحق الذي نـُـزِّلَ على محمد ، لأنه الحق من ربهم يقول تعالى(الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3)محمد ، إذاً الذين آمنوا اتبعوا الحق أو ما نـُـزِّلَ على محمد وهو القرآن الكريم ، الذين كفروا اتبعوا الباطل وهو أي شيء غير الحق الذي نـُـزِّلَ على محمد عليه السلام.


الكافرون يريدون دينا يتماشى مع أهوائهم وأمزجتهم ، ويريدون أن يؤمنوا ببعض آيات الله ويكفرون ببعضها يقول تعالى(
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا (150) أُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً(151)النساء.

ــ هناك بعض المرادفات لمعنى المشركين والكافرين
وهذه المرادفات ذكرت في العديد من الآيات في السياق القرآني ، ومن هذه المرادفات ( الظالمين ، الفاسقين ، الخاسرين ، المعذبين ....إلخ) وكل من وصفهم الله جل وعلا بهذه الصفات قد فعلوا نفس أفعال المشركين والكافرين ، لهم نفس العقاب من الله جل وعلا ، وهو دخولهم جميعاً النار في الآخرة ، يقول تعالى يوضح أن الكافرين والمشركين هم (الفاسقون) أيضاً (وَلَقَدْ أَنْـزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلا الْفَاسِقُونَ (البقرة:99 ، ويوضح رب العزة أن هؤلاء لن يغفر الله لهم حتى لو استغفر لهم خاتم النبيين يقول تعالى(سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)المنافقون:6 ، ويتكرر نفس المعنى في آية أكثر وضوحا تبين أن الرسول حتى لو استغفر لهؤلاء الكافرين الفاسقين سبعين مرة فلن يغفر الله لهم يقول تعالى(اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)التوبة:80.

ــ (الظالمون) أيضا جاءت في السياق القرآني تشير إلى القوم الكافرين يقول تعالى )كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)آل عمران:86 ، ومرة أخرى جاءت تشير إلى المشركين يقول تعالى)سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَـزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ)آل عمران:151، ويقول جل شأنه مخاطباً خاتم النبيين عليهم جميعاً السلام(وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ)يونس:106 ، وهذه آية توضح أن الكافرين يوم القيامة هم الظالمون(يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَٰكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَٱلْكَٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ)البقرة:254 ، ومن الآيات التي تثبت وتوضح أن مصير الظالمين يوم الحساب سيكون البقاء في النار قول الله جل وعلا)ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا )مريم :72.

ــ (الخاسرون) جاءت أيضاً تشير إلى الكافرين الذين يكفرون بدين الإسلام يقول تعالى )
وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)آل عمران:85 ، وكذلك الذين يكذبون بآيات الله )وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ)يونس:95 ، و يبين رب العزة جل وعلا أن تلاوة القرآن حق تلاوته قد تفرق بين الإيمان والكفر أو الفوز والخسران في الآخرة ، يقول سبحانه وتعالى (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(البقرة:121، ــ (الخاسرون) جاءت تفيد أيضاً معنى المشركين يقول تعالى )وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)الزمر:85.
ــ (المعذبون) من المرادفات التي جاءت تشير إلى معنى الكفر والشرك في القرآن ، يقول جل وعلا)
فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ)الشعراء:213.

ــ (أعداء الله) يخسرون يوم الحساب يقول تعالى (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ(19) فصلت ، وتوضح وتبين الآيات التالية من نفس السورة ماذا فعل أعداء الله ليكون جزاءهم الخلود في النار يقول تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27( (ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ )فصلت:28.

وإلى الللقاء في الجزء الثاني عن أوامر الله جل وعلا لخاتم النبيين ، وتوضيح درجات التوبة.

هذا البحث مجرد رأي و اجتهاد بشري يقبل الخطأ قبل الصواب ولا أفرضه على أحد.

رضا عبد الرحمن على

الأحد، 21 سبتمبر 2008

إدارة الأزهـر تحقـق معي ثم تعاقبني لأنني أكتب في الإصلاح بالقرآن الكريم



إدارة الأزهـر تحقـق معي ثم تعاقبني لأنني أكتب في الإصلاح بالقرآن الكريم




في يوم 17/7/2008 الماضي تم استدعائي للتحقيق معي بواسطة محامي من مشيخة الأزهر بسبب مقالات وأفكار أقوم بكتابتها ونشرها على مواقع الإنترنت ، ورغم أنني أقوم بهذا بعد انتهاء ساعات العمل الرسمية ، وبعد عودتي لبيتي إلا أنني لم أسلم من التحقيق والظلم من إدارة الأزهر بسبب ما أكتبه بهدف الإصلاح بالقرآن الكريم ، ودائماً أقول إن ما أكتبه لا يتعدى العمل البشري ، وهو مجرد اجتهاد يقبل الخطأ قبل الصواب ولاأفرضه على أحد.ورغم كل هذا قامت إدارة الأزهر بمعاقبتي بالقرار رقم (4651 في 14/8/2008) ، حيث قاموا بخصم عشرة أيام من راتبي الشهري الذي لا يكفيني وحدي كي أعيش حياة كريمة تليق بالآدميين ، حيث أنني أحصل على راتباً شهرياً (305) جنيه مصري ، بالإضافة لكادر خاص (68.5) جنيه مصري شهرياً أي ما يعادل (69.166) دولار .وبينما يبدأ زملائي العام الدارسي الجديد كل على حسب هواه ما بين فرحان وحزين ومهموم ، بدأت عامي الدراسي بقرار خصم عشرة أيام من راتبي الشهري الذي لا يكفيني أصلاً ، والسبب كما وضحه قرار الجزاءات أنني أكتب مقالات تمس الدين الإسلامي على شبكة الإنترنت وأنا غير متخصص في هذا المجال ، وبذلك أكون قد خالفت اللوائح والتعليمات حسب ما جاء في قرار الخصم ، وهذا ظلم بين لأنني كما أشرت أكتب هذه الاجتهادات في بيتي ، ولا أتحدث فيها على الإطلاق مع زملاء أو طلاب أثناء ساعات العمل الرسمية ، ورغم ذلك جعلوني و صنفوني مخالفاً للتعليمات أريد أن أعرف أي تعليمات هذه التي تسول لإدارة الأزهر أن تتحكم فيعقل و تفكير موظف وهو في عقر داره بعد انقضاء ساعات العمل الرسمية ، فبدلاً من قيامهم بكتابة مقالات للرد على ما أكتب قاموا بظلمي وخصموا من راتبي الذي لا أملك غيره ، وأنا أشكو إلى الله جل وعلا هذا الظلم الواقع عليَّ من إدارة الأزهر ، كما أخشى أيضاً أن يتصاعد هذا الظلم أو يستمر. ، وطبقاً لقوانين الجزاءات سيهبط التقرير السري السنوي الذي يقيم عملي كموظف من امتياز إلى جيد جدا أو جيد ، مما سيكون له تأثيراً سلبياً فيما يخص ترقيتي أوحصولي على درجات وظيفيه.كما أن إدارة الأزهر تكيل بمكيالين في التعامل مع موظفيها ، حيث أنني أكتب في الإصلاح بالقرآن الكريم ، ولا أفرض اجتهادي على أحد ، ولا أتحدث فيما أكتب في مكان عملي إطلاقاً ، ورغم ذلك تم التحقيق معي ، ومعاقبتي بالخصم ، وعلى النقيض تماماً أجد الباب مفتوح على مصراعية أمام المدرسين الذي يحملون فكر الأخوان أو أهل السنة والجماعة ، حيث يقومون بنشر أفكارهم علناً بكل حرية ، ومسموح لهم التحدث في الإذاعة الصباحية عن أفكارهم ، وإلقاء الخطب وتوزيعها على الطلاب ، وتوزيع كتب وكتيبات على الطلاب تحمل نفس الفكر المتعصب المتطرف الذي يؤدي بدوره لتسطيح وتهميش العقول، كما أن هؤلاء الزملاء من المدرسين الذين لا يخلوا أي معهد أزهري في مصر من أحدهم يطلق لحيته ، وينشر أفكاره بين الطلاب ، دون أي تعليق من شيخ المعهد أو من إدارة الأزهر على الإطلاق والنتيجة واضحة تماماً فراغ فكري واضح بين طلاب الأزهر ولقد لمست هذا الفراغ الفكري لطلاب الأزهر بنفسي ، في عام 2000م أثناء دراستى وسكني في المدينة الجامعية وفي أعقاب أحداث المظاهرات التي قام بها طلاب الأزهر بسبب كتاب وليمة لأعشاب البحر للكاتب السوري (حيدر حيدر) ، نزلت بين الطلاب المتظاهرين أسألهم لماذا هذه المظاهرات فقالوا علشان كتاب الكافر حيدر الذي يسب الذات الإلهية ويجب أن نقتص منه ، فقلت لهم هل قرأتم الكتاب وعلمتم ما فيه ، فقالوا لا ، تركتهم وذهبت إلى محاضراتي على الفور، فهذا الفراغ الفكري والتعصب و التطرف في التعامل مع المواقف سببه إتاحة الفرصة لفكر واحد يسيطر على معظم الشباب في الأزهر ، وأنا لا أريد إتاحة هذه الفرصة لي على الإطلاق أو أطلب أن يسمحوا لي أن أنشر أفكاري بين الطلاب ، لكن على الأقل يجب وقف ما يقوم به الأخوان في المعاهد والمدارس ، والتنبيه على كل موظف أن يؤدي عمله المطلوب منه فقط أثناء ساعات العمل ، ويترك مسئلة الفكر والدين واتباع اتجاه فكري معين تبعاً لحرية كل إنسان ، وحرية كل طالب من طلاب الأزهر أن يبحث هو بنفسه ويختار ما يؤمن ويقتنع به بإرادته ، وليس كما يحدث من فرض فكر معين وقالب معين للدين الإسلامي على الطلاب في مراحل سنية صغيرة وإقناعهم أن هذا هو الإسلام ومن يخرج عنه هو كافر وخارج عن الملة ويجب قتله ، فهنا قمة الظلم من إدارة الأزهر ، حيث تتيح الفرصة لأقطاب وممثلي التطرف والتعصب أن يفعلوا ما يشاؤون بطلاب الأزهر ، وإذا حاول موظف مثلي لا يملك إلا قلمه وكلمته كتابة مقالات بهدف الإصلاح بالقرآن تقوم عليه إدارة الأزهر بالتحقيق معه ، ثم الخصم من راتبه ، مسببين ذلك بأنني قد خالفت التعليمات.كل ما أريده من إدارة الأزهر أن ترفع هذا الظلم عني ، وتحاسبني عن عملي كأخصائي اجتماعي خلال ساعات العمل الرسمية ، وأن يوقفوا زملائي من أصحاب الفكر المتطرف عن فرض فكرهم على الطلاب وإقناع الطلاب أن هذا الفكر وتلك الصورة هي جوهر الإسلام وحقيقته ، معتقدين بذلك أنهم الفرقة الناجية ، وكل من يخالفهم خارج عن الملة ، ولا أريد أن يعاقبوا مثلي بالخصم ، وإنما يجب ان يتوقفوا عن نشر وفرض فكرهم على الطلاب الصغار والمراهقين ، وإقناعهم أن الإسلام هو اللحية والجلباب والنقاب ، لأن هذا الفكر ستكون عواقبه وخيمه على المسلمين .


يوجد على هذا الرابط صورة قرار قسم الجزاءات بالأزهر يفيد خصم عشرة أيام من راتبي بسبب كتابة المقالات على الإنترنت.


http://rraam55.jeeran.com/files/159044.jpg

الجمعة، 19 سبتمبر 2008

هل أنت مسلم ..؟ أين لحيتك ..؟

على الرغم أن الحرية الدينية هي مبدأ أساسي من مباديء الإسلام الموجود في القرآن إلا أنه بعد انتشار وسيطرة ثقافة التدين الظاهري على معظم المسلمين في العالم ، وبعد تمكن الفكر المتطرف المبني على اللحية والجلباب على معظم منابر الدعوة عبر المساجد أو الفضائيات أو الندوات أو الاجتماعات السرية أو العلنية بواسطة خلايا تنظيمية لجماعات نشر التعصب والتطرف الوهابية ، أصبح التدين غاية في السهولة والصعوبة في الوقت ذاته ، التدين الظاهري الذي يعتمد على الشكل والمظهر الخارجي للإنسان أمراً سهلاً ، حيث بإمكان كل إنسان أن يطلق لحيته حتى لو كان من مدمني البانجو والمخدرات ، ومن بائعي الحشيش أو من السوابق أو المسجلين خطر ، من الممكن لأي إنسان أصيب بحادث أدى إلى تشويه جزء من وجهه أن يطلق لحيته ، وبذلك يستر عيباً حدث في وجهه ، كما أن كل شخص نحيف أو نحيل يفضل ترك لحيته ، وبهذا يضمن كل واحد من هؤلاء لنفسه نظرة احترام وتوقيرمن أصحاب الفكر المتطرف المتعصب الذي يجعل اللحية جزء أساسي من الدين ، وهذه الأمثلة وأكثر منها واقعية مائة في المائة ، ولا أذكرها من الخيال.
أقول هذا الكلام لأن جماعات التطرف أو جماعة الأخوان في مصر وجماعة أنصار السنة التي كنت أظن أنهم أقل تطرفاً وأقل تعصباً ، فوجئت أنهم يستخدمون نفس الأسلوب ونفس المنهج ، التكفير المباشر لمن يختلف معهم على الفور ، وحدث ذلك معي شخصياً ، حيث قالها لي أحدهم مباشرة (ليس بعد الكفر ذنب) ، ولقد عشت مخدوعاً فيهم ، وكنت أظن أنهم يطلقون اللحى ويلبسون الجلباب ، ولا يتدخلون في شئون الغير ، ولكن يبدو أنهم يتظاهرون بذلك لكي يخدعون الناس ، أو لمجرد الاستقلال فقط أو متبعين سياسة خالف تعرف ، و بذلك لا يتم تصنيفهم مثل جماعة الأخوان ، بأنهم متطرفون أو متعصبون ، ولكن من وجهة نظري الشخصية المتواضعة إن جماعة أنصار السنة لا تقل خطراً عن أي جماعة من جماعات التطرف في العالم الإسلامي ، فهم يخدعون الناس ، ولكنهم يؤمنون بنفس الفكر المتعصب المتطرف الذي لا يقبل الأخر على الاطلاق ، وسلاح التكفير أول سلاح لديهم يوجهونه لمن يختلفون معه ، ومن أبسط تصرفاتهم التي تعبر عن حقد وضغينة داخلية ، اتفاقهم جميعا على عدم القاء السلام على أي شخص يختلف معهم فكرياً ، وهم بذلك يعاقبون هذا الشخص على فكره ومعتقده ، وحدث ذلك أيضاً معي شخصياً ، وبالطبع أنا لا أكتب هذا لكي أدعي الاضطهاد أو أي شيء من هذا القبيل ، فأنا قادر على التعامل مع أمثال هؤلاء ، وتجاهلهم نهائياً ، ولكن أقول هذا لكي أوضح أن أي إنسان مسلم يطلق لحيته معتقداً أنها دين أو جزء من الدين ، فهو يـحوي في داخله أطوار متعددة للتطرف تخرج وقت اللزوم لكل من يختلف معه في الرأي أي رأي ، هذا الشاب الذي يطلق لحيته بإيمان تام أنها فرض ودين ، ويريد فرض أفكاره على الناس هو متعصب سواء كان في مصر أو فلسطين أو الجزائر أو السعودية البلد الأم لهذا الفكر ، ومنشأ هذا التطرف والتعصب ، إن هؤلاء الشباب يريدون محاسبة الناس في الدنيا متجاهلين يوم الحساب من ناحية ، ومتناسين أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق وهو المحاسـِب لكل البشر.
هؤلاء الشباب يعتمدون اعتماداً كلياً على اللحية في تقييهم للإنسان ، لدرجة أنه وصل بهم الحال إلى سؤال البعض (أنت مسلم .؟ أين لحيتك .؟) ، وبهذا الحال وبهذا الفكر الظلامي المتطرف الذي يعتمد الشكل مقياساً للتدين الذي يمكن أن يصل من خلاله أي إنسان للتقوى ، والتقوى لا يحكم فيها إلا الله جلا وعلا لأنه أعلم بمن اتقى ونهانا أن نزكي انفسنا، أقول أنهم خطر على المجتمعات الإسلامية ، وإنهم أول من يعطل مسيرة الشعوب العربية نحو الديمقراطية والحرية والتطور والتحضر والتمدن ، وأكبر دليل على هذا جماعة الأخوان في مصر بدأت عملها في عام 1927م تقريباً ، وإلى الآن لابد أن نسأل ماذا قدمت جماعة الأخوان للمصريين ، كم مصنعاً أنشأت ، كل ما قدمته للمصريين لم يكن خالصاً لوجه الله تعالى ، ولكن لأهداف سياسية بحتة ودعاية مقصودة ، ورغم انتشار الفقر والفقراء إلا أنهم يُصرون كل الإصرار على بناء المساجد الفاخرة الخمس نجوم التي تساعدهم في نشر دعوتهم ونشر فكرهم والسيطرة على الشعوب باللحية والجلباب والنقاب ، فهي جماعة متقلبة تبحث عن مصالحها الخاصة وأهدافها المنشودة ، حيث كان دوماً الإسلام هو الحل شعارهم ، لكن عندما تفشى الفساد والغلاء ، فكان لزاماً عليهم تغيير هذا الشعار قبيل انتخابات المحليات في العام الجاري 2008م ، فعدلوا الشعار إلى ( معاً ضد الفساد ) ، و(معاً ضد الغلاء) حتى يتماشى دورهم مع مشاكل الشعب ، ولكن أيضاً لأهداف خاصة منشودة محسوبة.
وأخيراً أحذر كل مسلم من كل شخص يطلق لحيته معتقداً أنها كمال الدين والتدين ، لأنه من الممكن أن يأتي اليوم الذي يجول فيه هؤلاء الناس في الشوارع سائلين كل إنسان (أنت مسلم .؟ أين لحيتك.؟) .

السبت، 13 سبتمبر 2008

هل يجب على الإنسان الإيمان بكل ما يسمع أو يقرأ ..؟؟

هل يجب على الإنسان الإيمان بكل ما يسمع أو يقرأ ..؟؟


خلق الله عز وجل الجن والإنس ليعبدوه وحده لا شريك له ، وميـَّز المولى سبحانه وتعالى الإنسان بنعمة العقل والتفكير عن باقي مخلوقات الأرض ، ولكن هذه النعمة مقرونة بفرض أو أمانه حملها الإنسان بإرادته ، كما فرض الله جل وعلا على كل إنسان أن يتفكر ويتدبر ويـُبصر في كل شيء بدءً من خلق نفسه ، يقول تعالى (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) الذاريات ، وهي دعوة من الخالق سبحانه وتعالى أن يـُبصر كل إنسان في خلق كل شيء بدء من نفسه ، ويتفكر كيف خلقه الله جل وعلا ليؤمن بقدرته سبحانه وتعالى ، كما أمرنا خالقنا أن ننظر ونتفكر في خلق السماوات وما فيها من مجرات ونجوم وكواكب والشمس والقمر ، والسعي في الأرض والنظر إلى كل ما عليها من جبال وأنهار ومخلوقات وثمرات يقول تعالى(وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الرعد 3 ، وحدد سبحانه وتعالى أن في خلق الأرض آيات لقوم يتفكرون ـ أي لن يُـقدر ويفهم هذه الآيات الكونية في خلق الله عز وجل إلا من يتفكر ويتدبر ويبحث في هذا الخلق مستخدماً نعمة العقل ، ومن خلال هذا التفكير وصل العالم الخارجي إلى ما وصل إليه الآن من علوم وتكنولوجيا وثورة أو طفرة هائلة في عالم الاتصالات ، ومع ذلك مازال الاختلاف في بلادنا قائما على دخول الخلاء بالقدم اليمنى أو اليسرى .

وبتوضيح أكثر نقرأ قوله تعالى (إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (3) وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4) وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5) الجاثية ، وهنا علينا أن نعقل ونؤمن بآيات الله جل وعلا في خلقنا وفي السموات والأرض وتصريف الرياح وكلها دعوة للتفكر وإعمال العقل للوصول للإيمان بقدرته جل وعلا.

وعندما خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وضَّح لنا جميعا في كتابه العزيز أن جميع البشر خلقوا من نفس واحدة ، وأنه لا فضل لمخلوق على آخر إلا بالتقوى التي لا يعلمها إلا الله خالق كل شيء ، وعالم الغيب والشهادة ، الذي يعلم ما نخفي ومانعلن سبحانه وتعالى .

والطريقة التي خُـلقنا بها تؤكد بلا أدنى شك أن جميع البشر متساوون في كل شيء من ناحية كونهم مخلوقات بشرية لا تقديس لها على الإطلاق ، ولا يمكن أن يكتسب أي مخلوق بشري أية قداسة ترفعه فوق مستوي البشر مهما كان ، ومهما بلغ من علم أو معرفة أو إيمان ، إلا إذا اختار الله جل وعلا أحداً منهم ليكون نبياً أو رسولاً ، وهذا لأن الاختيار أو التفضيل للرسل والأنبياء جاء من قبل المولى عز وجل لأنه يعلم من خلق ، ويعلم أنهم أفضل البشر وأصلحهم لتحمل الرسالات السماوية وهذا الاختيار من قبل المولى عز وجل ليس فيه أدنى تقديس لهؤلاء البشر ، ولم يرسل الله رسولا لكي يقول لقومه اعبدوني من دون الله يقول تعالى (
مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ )آل عمران:79، والمعنى أن اختيار الرسل والأنبياء في الأساس لدعوة الناس لقول (لا إله إلا الله) ، وضرب الله مثلا بعيسي وأمه مريم عليهما السلام يقول تعالى (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ )المائدة :116 ، فما كان من عيسى عليه السلام إلا التبرء من أفعال هؤلاء ، كذلك سيفعل خاتم النبيين حيث يقول يوم الحساب(وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا)الفرقان:30.

وأرسل الله عز وجل الرسل والأنبياء للبشر لتبليغ رسالاته جل وعلا بداية من أبينا آدم ونهاية بخاتم النبيين عليهم جميعا السلام ، يجب الإيمان بجميع الرسل ، كما يجب الإيمان بالرسالات السماوية المنزلة من الله سبحانه وتعالى ، وأمرنا جل وعلا أن نؤمن بها ، لكن فرض علينا أيضا أن نحتكم إلى القرآن في كل شيء ، وأن نحكم عليها من خلال القرآن ، وهذا يتطلب أمراً هاماً هو قراءة القرآن بتدبر وتفكر وتعقل ، وذلك لأن الخالق سبحانه وتعالى فضل الإنسان بنعمة العقل عن جميع المخلوقات ، فإذا كان هذا هو الحال مع كتاب الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أمرنا خالقنا أن نتدبر ونتذكر ونعقل آياته عند القراءة ، وهذا أمر من الله للبشر ليكون إيماننا مبنيا على التفكر والتدبر واليقين يقول تعالى ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) القمر 32 ويقول جل شانه (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ص 29 وهنا تمييز لأصحاب العقول من البشر يوضح استخدام نعمة العقل ، ويصف المولى جل وعلا كل من لايتدبر القرآن قائلا (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) محمد.


و هذه النعمة (نعمة العقل) هي مسؤولية كبيرة سيحاسب عليها كل إنسان ، حتى لا يبرر إنسان تعطيل عقله واتباعه لشخص أو جماعة بحجة أنهم متخصصون في الدين ومسئولون عن الأمة ، ولكن يوم القيامة يتبرأ كل إنسان ممن اتبعوه في الدنيا ، وكما قال رب العزة في القرآن الكريم ، وهنا يتجلى دور تلك النعمة التي أنعم الله بها على الإنسان وهي العقل والتفكير والتدبر وتتمثل أيضاً في مسئولية كل فرد عن نفسه ، لأن الموضوع مسؤلية خاصة وفرض على كل إنسان أن يفكر في كل ما يسمع أو يقرأ ، ولذلك سيكون الحساب فردياً يقول تعالى(
يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)النحل:111 ، ويقول تعالى يوضح أن الحساب سيكون فردياً أيضاً ، كما يوضح انقطاع الصلة بين المشرك وشركاءه أو الإنسان وشفعاءه (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ)الأنعام:94 ..

وهنا أقول ليس من حق أي إنسان أن يفرض فكره أو معتقده على الناس بحجة أنه رجل دين أو عالم دين ، كذلك من حق أي إنسان أن يسأل ويناقش ويحاور ويستفسر ويعارض ويرفض أو يؤيد كل ما يسمعه أو يقرأه ، لأنه ليس هناك مقدس في كلام البشر ، وليس هناك تقديس لما يقوله أو يكتبه البشر ، وإنما التقديس كله لما أنزله الله جل وعلا على الأنبياء والرسل فيما يسمى بالرسالات السماوية ، والتي يجسدها القرآن الكريم أخر الرسالات السماوية الذي تكفل المولى عز وجل بحفظه إلى يوم الدين ، ورغم ذلك يقع كثير من الناس أصحاب الشهادات والمؤهلات وأساتذة الجامعات في سقطة كبيرة ، وهي إعطاء العقل اجازة مفتوحة بدون مرتب ، ويعتمد على الغير في فهم أمور دينه ودنياه متجاهلا حقه في التفكير والتدبر والنظر والبحث في كل شيء حوله ، ليس هذا فحسب ، ولا يكتفي هؤلاء بحرمان أنفسهم من نعمة أنعم الله بها على الإنسان وفرضها عليه أيضا ، ولكن يريدون لكل من يبحث ويجتهد ويفكر من أجل الوصول إلى الحق ألاَّ ينعم تلك النعمة التي لا يعرفون قيمتها ، فتجدهم يطاردون كل مفكر وكل باحث عن الحقيقة في كل مكان لتشويه صورته وتمزيق أشلائه حقدا وحسدا من عند أنفسهم ، والسبب بسيط جدا لأن هذا الإنسان المسلم المسالم أطاع الله عز وجل وبدأ يتفكر في خلق السموات والأرض وفي خلق نفسه ، ويقرأ القرآن بتدبر وعقل مفتوح دون أن يفرض عليه (أي على القرآن)وجهة نظر مفسرين أو تراثيين ، إنسان يريد النجاة لنفسه ولكل من يفكر ويعقل من المسلمين إنسان يريد الوصول للحقيقة مستخدما العقل ، دون أن يفرض رأيه على أحد ، هل هذه جريمة ..؟؟ هل استخدام العقل أصبح جريمة يحاسب عليها الإنسان ويلام من أشخاص لا يعرفون قيمتها ولا يقدرون نعمتها ..؟؟

أقول لهم ليس من حق أي إنسان أن يجبرني أن أؤمن بكلامه المكتوب أو المقروء أو المسموع ، ولكن من حقي كإنسان سأحاسب عن نفسي أن أناقش وأتحاور وأرفض وأعترض في حدود الأدب والحوار الراقي ، ولا يجوز أن يفرض إنسان على إنسان آخر فكره أو معتقده ، وفرض الفكر يتم بطريقة غير مباشرة حيث القنوات الفضائية الدينية التي تنشر فكراً تراثياً متعصباً منقولا بدون تفكير أو تصحيح ، والكل يستمع ويقول آمين ، والخطاب الديني في مساجد الدول الإسلامية لا فرق بينه وبين تلك القنوات في فرض الرأي دون مناقشة ، والخطب معظمها مكررة ، ومنقولة ومحفوظة من كتب مخصوصة ويتم إلقائها على الناس ، وما عليهم أيضاً إلا قول آمين ، سواء كان الخطيب أو الإمام من أصحاب العلم أو متخصصاً في الجهل.

ومن هنا أكرر لا يجب أن أؤمن بكل ما أسمع أو أقرأ من كلام البشر ، لأنه لايوجد بشر معصوم من الخطأ ولن ينفعني اتباعي لفلان أو علان ، ويوم الحساب سيفر كل إنسان بنفسه ليواجه مصيره ، ولن يكون هناك متسع من الوقت للدفاع عن الآخرين ، ولكن الوقت والفرصة متاحة هنا في دار الدنيا ، فليدافع كل إنسان عن حقه في التفكير ، وعن حقه في التعبير ، وعن حقه في فهم دين الله ، وحن حقه في التحاور والتساؤل والمناقشة البناءة التي تنمي العقل وتقوي الوعي الديني وتهدم الكهنوت الديني ومؤسساته ورجالة الذين اغتصبوا حق كل الناس في التفكير والتدبر بدون وجه حق ، فاغتنم الفرصة أيها الإنسان وفكر من الآن قبل فوات الأوان.




الاثنين، 8 سبتمبر 2008

هل من حقنا ..... قول رضي الله عنه ورضي الله عنها..؟

هل من حقنا ..... قول رضي الله عنه ورضي الله عنها..؟

هذا المقال يناقش موضوع هام يقع فيه معظم المسلمين دون أن يشعر أحدهم بأنه قد تقول على الله سبحانه وتعالى ، و تدخل في علم الله ، وادعى معرفة أمور غيبيه لا يحكم فيها إلا الله ، ولا يقررها إلا الله جل وعلا ، وذلك حينما يقول أحدهم عن شخص ما(رضي الله عنه أو رضي الله عنها) وهذا القول يجعل الإنسان منا يحكم في ما ليس له به علم أو يتقول على الله جلا وعلا ما ليس من حقه ويصدر حكماً قطعيا بأن الله جل وعلا قد رضي عن فلان أو فلانة ، فإذا كنا لم ولن نرى الله سبحانه وتعالى ، وإذا كنا لم نرى من نقول عنهم هذا القول ولم نعايشهم ، وحتى لو عايشناهم ، فليس من حقنا أن نزكي أحدا على الله جل وعلا ، وليس من حقنا أن نزكى أنفسنا فهل يجوز أو يعقل أن نزكى الأخرين أو نحكم بأن الله تعالى قد رضي عنهم.؟.

والحكم بصلاح أي إنسان أو فساده ، أو إيمانه أو كفره ، غيب لا يعلمه إلا الله جل وعلا وليس من حقنا نحن البشر التدخل فيه ، ويقول سبحانه وتعالى يوضح لنا أنه ليس من حقنا أن نزكي أنفسنا (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى )النجم:32 ، وقد أمرنا المولى عز وجل أيضا أن نهتدي ويحاول كل إنسان أن ينأى بنفسه عن الكفر ، ولا يفكر فيمن كفروا ، لأنه (أي الإنسان) إذا اهتدى لن يضره من كفر يقول تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )المائدة:105.

ورغم هذا الوضوح ، وهذه النهي عن تزكية أي إنسان لنفسه ، لكن نجد من يزكي الأخرين ضاربا عرض الحائط بقول الله عز وجل ، متناسيا أن العلم عند الله سبحانه وتعالى وهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، لكن يقع معظم المسلمين في أمر غاية في الخطورة ، وأنا أراه تعدي واضح على الله جل وعلا وخوض في أمور خاصة بالله سبحانه وتعالى ، وهي عندما يتحدث إنسان مسلم عن أحد السابقين سواء من الصحابة أو غيرهم ، أو أي إنسان من المسلمين عاش في عصر الرسول أو إي إنسان ممن عاشوا في عصر الخلفاء الراشدين الرجال منهم أو النساء ، فإنه يتلو الإسم بقوله (رضي الله عنه ) أو (رضي الله عنها) ، ورضى الله سبحانه وتعالى لا يعلمه إلا الله وليس من حق إنسان أن يحكم في هذا الأمر من تلقاء نفسه بهذه السهولة ، والله عز وجل وحده هو من يحكم بأنه تعالى قد رضي عن فلان أو فلانة ، وليس من حقنا أن نتقول على الله ونحكم بهذا لمجرد أن أحد هؤلاء قد عاصر الرسول أو عاش في عصر الخلفاء الراشدين ، فالله جل وعلا لا يـُـظـِــهـرُ على غيبه أحدا يقول تعالى (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِه أَحَدًا)الجــن:26 ، والله جل وعلا لا يشرك في حكمه أحدا يقول تعالى (قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا )الكهف :26 ، أليس الحكم والقول بأن الله رضي عن فلان أو فلانة غيب لا يعلمه إلا الله ، وتدخل في حكم الله.؟ ، فكيف يحكم الإنسان بهذه السهولة بأن الله قد رضي عنهم وأرضاهم.

وسيقول قائل ويسأل سائل أن الله جل وعلا قد رضي عن بعض الصحابة الذين بايعوا الرسول عليه السلام تحت الشجرة في قوله تعالى ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْـزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا )الفتح:18، وهنا سؤال ، من يستطيع من المسلمين أن يعطينا كشفا بأسماء وعدد الصحابة الذين بايعوا الرسول عليه السلام في هذه اللحظة ، وهذا الموقف الذي استحقوا عليه رضي الله ، حتى لو استطاع أحد أن يأتينا بأسماء هؤلاء الصحابة الذين كانوا مع رسول الله عليه السلام آنذاك فليس من حقنا أيضأ أن نتدخل في حكم الله ، وفي غيبه ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، هؤلاء الصحابة في ذلك الموقف كما توضح الآية نالوا رضى الله سبحانه وتعالى لأن المولى عز وجل( عَــلِـمَ )ما في قلوبهم من إخلاصهم لله وللرسول في هذا الموقف ففتح الله عليهم ونصرهم ، فهل أحدنا يعلم ما قلوب هؤلاء السابقين حتى يحكم عليهم ويقرر أن الله جل وعلا قد رضي عنهم ، ولو ادعى إنسان أنه يعلم ما في قلوب هؤلاء ، فمن يحكم ومن يقرر هوالله جل وعلا .

ولو قرأنا وتدبرنا معاً السياق القرآني الذي ذكر فيه (رضي الله) سيكون الأمر أكثر وضوحاً: يقول تعالى : ( قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) المائدة : 119 ، وهذه الآية توضح أن رضى الله سيكون من نصيب أهل الجنة ، وهذا يوم يوم الحساب . يقول تعالى : ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)التوبة:100 ، وهذه الآية توضح أن من نالوا رضى الله جل وعلا هم المهاجرين الأوائل الذين هاجروا مع رسول الله عليه السلام والأنصار الذين استقبلوهم في المدينة ، وآثروا على أنفسهم ، ولكن أيضا لا يستطيع أحد أن يحكم في هذا إلا الله جل وعلا ، لأنه يعلم ما نخفي وما نعلن ، وليس من حقنا نحن البشر أن نقول أن الله جل وعلا قد رضي عن فلان أو فلانة من تلقاء أنفسنا . يقول تعالى: ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا)الفتح:18، وهذه الآية توضح كما ذكرنا أن الله جل وعلا قد رضي عن مجموعة من المؤمنين الذي صدقوا وأخلصوا النية لله وللرسول وبايعوه بإخلاص ، ولم تذكر الآية أن الرسول قد علم ما في صدروهم ، ولكن الله سبحانه وتعالى نسب علم الغيب واطلاعه على ما في قلوبهم لذاته جل وعلا ، ولذلك رضي عنهم. يقول تعالى: ( لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )المجادلة:22، وهذه الآية يوضح فيها رب العزة جل وعلا قوما أمنوا بالله وأيدهم بروح منه ورضي عنهم ، وأسماهم حزب الله ، وأكد أنهم هم الفائزون ، وهنا لا يجوز لأي إنسان أو جماعة أن يدعوا أنهم حزب الله ، لأن حزب الله اختيار من رب العالمين نتيجة علمه جل وعلابما يفعلون وما يسرون وما يعلنون. يقول تعالى يوضح ثواب الذين أمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة أن يرض الله عنهم ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنها ، وكل هذه الأمور غيب لا يحكم فيها إلا الله ، ولا يعلمها إلا الله ، يقول تعالى ( جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ)البينة:8، من الممكن أن نقول أن الله جل وعلا يرضى عن المؤمنين عامة ويغفر لهم ويدخلهم جنته في الآخرة ، لكن دون تحديد أسماء ، وأشخاص ، فهذا غيب لا يعلمه إلا الله.

ورغم هذه الآيات التي توضح وتبين أن رضى الله جل وعلا على أي إنسان سواء كان في الدنيا أو في الأخرة هو أمر وحكم خاص بالله جل وعلا ولا يجوز لأي بشر أن يزكي بشراً أخر أو يتقول على الله جل وعلا بأنه قد رضي عن فلان أو فلانة بمجرد أن هذا ، وهذه قد عاصر النبي عليه السلام ، أو رآه أو جلس معه أو كان خليفة للمسلمين أو عاش فى القرون الأولى لنزول الإسلام ، فهذه الأمور أمور غيبيه لا يعلمها إلا الله ، وليبحث كل منا عن نفسه ، ويترك الحكم في تزكية وتفضيل الأخرين لله جل وعلا ، ويترك الحكم برضى الله جل وعلا عن فلان أو فلانة لله سبحانه وتعالى هو أعلم بنا من أنفسنا ، وهو عالم الغيب والشهادة ولا يطلع على غيبه أحدا ، ولا يشرك في حكمه أحداً.
هذا المقال ليس قدحاً في أحدٍ بعينه ، حتى لا يتهمني اهل السنة أنني شيعي ، أو يتهمني الشيعة بأنني سني ، فهو مجرد وجهة نظر في خطأ يقع فيع معظم المسلمين، وقد يكون صحيحاً وقد يكون خاطئاً ، ولا أفرضه على أحد.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
رضا عبد الرحمن على

الأحد، 24 أغسطس 2008

حرية العقيدة قبل وبعد الرسالة الخاتمة


حرية العقيدة قبل وبعد الرسالة الخاتمة


الحرية الدينية أو حرية العقيدة من أهم الأمور التي ألهمها المولى عز وجل لكل إنسان من مخلوقاته بدءاً من خلق آدم عليه السلام ونهاية بما تعلمناه وقرأناه في أخر الرسالات السماوية القرآن الكريم رسالة خاتم النبيين عليهم جميعا السلام فيما يخص حرية العقيدة وحرية الإيمان أو الكفر يقول تعالى (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا *
فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا)الشمس:9،8 ، وهذه الحرية المطلقة أعطاها المولى سبحانه وتعالى لكل البشر على السواء ، وليس من حق أي إنسان أن يتدخل في علاقة إنسان آخر بربه جل وعلا ، لأنه (أي الإنسان) هو الذي يختار بنفسه ما يعتقده وما يؤمن به وما يسلكه من طريق في حياته ، وفي المقابل سيحاسب على ذلك ويكون مسئولا عما فعل هو نفسه ، وكما قلت أنه ليس من حق أي إنسان أن يتدخل في علاقة إنسان آخر مع الخالق جل وعلا ، فليس من حق أى إنسان أن يغضب أو يتحسر أو يدَّعي هداية الناس فيتخطى هذه المرحلة إلى تكفيرهم دون أن يشعر ، بحجة الخوف عليهم أو بدعوى الدفاع عن الدين الإسلامي الذي تكفل المولى عز وجل بحفظه إلى قيام الساعة ، وليس هناك أفضل من قول الله جلا وعلا لخاتم النبيين في القرآن يوضح له أن الله جل وعلا يضل من يشاء ويهدي من يشاء ، وينهاه أن يتحسر على الكفار يقول تعالى (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ )فاطر:8 ، وهذا هو حال خاتم النبيين ، النبي المرسل من رب العالمين ، فهل من حق الإنسان العادي أن يتعدى ويتخطى مسئوليات الأنبياء في الدعوة ، ويتدخل في حياة وشئون وعقائد الناس.؟.

ولذلك يجب على كل إنسان أن يحترم حرية كل من حوله من الناس مهما اختلفوا معه في الفكر أو المعتقد أو العرق أو الدين ، وليس كل منا مطالب بتقديم كشف حساب عن كل تصرفاته وسلوكياته وعباداته لكل الناس ، حتى يشهدوا له بالإيمان كما يدَّعون ، ولكن مرجع ذلك كله لله الواحد القهار فهو الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، وهو أيضا يحاسب ويحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ، ولذلك خصص سبحانه وتعالى يوما عظيما لذلك سماه يوم الحساب ، وهذا اليوم سيحاسب فيه الجميع ، وسيحكم الله بينهم فيما كانوا فيه يختلفون يقول تعالى(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)الحج:17.

ولذلك ليس من حق أي إنسان أن يكفر إنساناً آخراً لمجرد أنه اختلف معه في الرأي ، أو أختلف معه في فهم أمر من أمور الدين ، أو اختلف معه في الحديث عن أحد القضايا العقيدية ، أو اختلف معه في الطريقة التي يسلكها كل منهما في الحياة أو في آداء شعائر ومناسك الدين ، فكل هذا ليس مبررا لأن يتهم أحدهم الآخر بالكفر والردة والعمالة و معاداة الإسلام ، حتى لو كانت المبررات كما قلت بحجة الدفاع عن الدين ، أو خوفا على الشخص من الخروج عن الدين ، لأن حرية الاعتقاد مكفولة للجميع ، وإذا رجعنا للقرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لنضرب منه أمثلة قرآنية أثبت فيها رب العزة جل وعلا أنه سبحانه قد كفل حرية الاعتقاد لكل البشر ، سنجد أمثلة عدة تجسد لكل صاحب عقل أن الإيمان والكفر حرية وعلاقة خاصة جدا بين كل إنسان وخالقه ، وليس من حق أي مخلوق أن يتدخل فيها ، وتبين الآيات القرآنية أيضا أن الحساب أو العقاب أمر خاص بالخالق جل وعلا ، وليس من حق إنسان أن يحاسب إنساناً في هذه الدنيا.

وقبل أن أضع الأمثلة القرآنية بين يدي القاريء سأوضح أمراً هاماً يفرق بين عقاب الكفر بالله ورسله ورسالاته في جميع الرسالات السماوية وبين الكفر بالله ورسوله ورسالته الخاتمة الإسلام ، منذ خلق الله جل وعلا آدم عليه السلام وزوجه وأسكنهما الجنة ، قد نهاهما عن الأكل من إحدى شجر الجنة ، وعندما أغواهما الشيطان فأكلا منها ، فكان العقاب فورياً من رب العالمين ، بخروجهما من الجنة للدخول في الاختبار الدنيوي الذي نعيشه اليوم ، فمن أفلح فله ، ومن أخطأ فعليه ، والحساب أيضا عند الله ، وليس للبشر شأن فيه ، وهنا نجد أن من يعص أمر الله يأخذ عقابه فورياً كما سنوضح في أمثلة متعددة من القرآن ، ولكن كان لابد من التنويه عن أولى هذه الأمثلة ، التي حدثت مع بداية خلق الإنسان.

أولا : قصة الملائكته وإبليس وأمر الله جل وعلا لهم بالسجود لآدم ، عندما أخبرهم جل وعلا أنه سيجعله في الأرض خليفة ، وأمرهم بالسجود إليه يقول تعالى (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) البقرة ، وهنا أمر الله بالسجود لآدم أمر واجب الطاعة ، الملائكة سجدوا جميعا لآدم متبعين أمر خالقهم سبحانه وتعالى ، وإبليس رفض أن يسجد لآدم وكفر ، ليس هذا فحسب ، إنما استمر في عناده حيث قال سبحانه وتعالى يوضح لنا كيف كان ذلك (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32) قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35) قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (37) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38) قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40) الحجر ، وهنا زاد إبليس على عصيانه وكفره برب العالمين بأنه سوف يضل الناس إلى قيام الساعة ، ولأن إبليس رفض أمر الله ولم يسجد لآدم كان عقابه أن أخرجه الله جل وعلا من الجنة ، ولحقته لعنة الله إلى يوم الدين ، وسيكون مصيره جهنم هو ومن اتبعه من الغاويين فكانت العقوبة فور عصيانه حسب السياق القرآني.

ثانيا : قصة نبي الله نوح عليه السلام ، لقد استمر يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً ، فكان دعاؤه لا يزيدهم إلا فرار ، وأصروا على كفرهم واستكبروا ، ولما رفضوا هذا الرفض دعى عليهم يقول تعالى (قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا(22)نوح ، فكان عقاب هؤلاء القوم أن أغرقهم الله بكفرهم وبظلمهم ، ولكنهم أخذوا فرصتهم أيضا ، و كان من الممكن أن يؤمنوا ، ولكهنم أصروا واستكبروا ، فكان الجزاء من جنس العمل ، وسورة نوح توضح هذه القصة بالتفصيل ، كما توضح الآيات من رقم 36: 49 من سورة هود توضح تفاصيل العقوبة التي حلت بهم ، وهي إغراقهم جميعاً.

ثالثاً: وفي نفس سورة هـود قصة نبي الله هود وقوم عاد ، حيث دعاهم إلى عبادة الله جل وعلا وحده فرفضوا واستكبروا وقالوا من أشد منا قوة في الأرض ، ونسوا قدرة الله جل وعلا ( فصلت :15) وكذبوا المرسلين (الشعراء :123)، فكان مصيرهم أن أهلكهم الله جل وعلا بعذاب غليظ.

رابعا: قصة ثمود ونبي الله صالح ، دعاهم إلى عبادة الله بلا شريك ، فلم يستجيبوا له فأخذتهم الصيحة فأصبحوا في دارهم جاثمين (هود 67،66) ، ولكنهم أيضاً أخذوا الفرصة بعرض نبيهم عليهم أن يؤمنوا بالله وحده لا شريك له وتحذيرهم من عقاب الله فلم يؤمنوا ولم يستجيبوا فكان العقاب فوريا نتيجة كفرهم وأعمالهم.

خامساً: قصة إبراهيم عليه السلام ودعوته لقومه أن يعبدوا الله ويتركوا الأصنام ، ثم قيامه بتحطيم أصنامهم ، فما كان منهم إلا أن وضعوه في النار لينتقموا منه لأنه كسر آلهتهم ، وهنا إصرار واضح على الكفر ومحاولة حقيقية لقتل رسول الله ، فأمره الله جل وعلا أن يعرض عنهم ويتركهم ، وسيعذبهم الله بما فعلوا ، وقد آمن معه لوط ، وله أيضا قصة مع قومه ، حيث كان قوم لوط من الشواذ الذين يأتون الرجال شهوة من دون النساء ، فحذرهم لوط من أفعالهم الشاذة ، وعرض عليهم بناته ليكن حلالا لهم ، ولكنهم رفضوا ، وأصروا ، فأمره الله أن يتركهم ، وأن موعدهم الصبح ، فجاء أمر الله فجعل عاليها سافلها وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود (هود 82،81) ، و يبقى من قصص الأنبياء السابقين الكثير ، ولكن ما يهمني في عرض هذه الأمثلة أن المولى عز وجل ، كان يعاقب الكافرين المكذبين لرسله ورسالاته عقاباُ دنيوياً ، ولكن بعد أن أخذوا فرصتهم كاملة ، وبعد أن قامت رسلهم بتبليغهم وتبصرتهم ودعائهم لعبادة الله بلا شريك ، والمولى عز وجل قد وضع قاعدة قرآنية عظيمة توضح مسئولية الإنسان الشخصية في كل ما يقوم به من أعمال ، كما توضح أن الله جلا وعلا لن يعذب أحداً ما لم يصله رسول أو نذير من الله سبحانه وتعالى ، يقول جل شأنه (مَّنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً )الإسراء:15 ، ويقول أيضا (إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ بِٱلْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ)فاطر:24، إذاً لن يعاقب الله جل وعلا إنساناً إلا إذا وصله نذير أو رسول من المولى عز وجل يدعوه لعبادة الله بلا شريك ، ومن آمن فقد فاز ، ولكن الذين استكبروا وكذبوا وحاربوا رسل الله ، فكان عقابهم أن يأخذهم الله جل وعلا أخذ عزيز مقتدر في الدنيا ، ثم تلحقهم لعنة الله ، ولهم عذاب النار في الآخرة ، وتلك كانت نبذه عن أحوال الكفار في قصص الأنبياء السابقين ، وأن من كفر منهم واستكبر بعد أن عرف الحق ، وذُكـِّر به عدة مرات من قبل رسل الله ، لكي يأخذ حقه وفرصته في الإيمان أو الكفر ، ولكن لأنه لم يؤمن وعاند وكفر فكان العقاب من جنس العمل ، ولكن عقاباً دنيويا فورياً كما أوضحنا ، وهؤلاء الناس لم يظلمهم الله جل وعلا ، ولكنهم كانوا انفسهم يظلمون ، يقول تعالى(.سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ )الأعراف:177، ويقول جل شأنه(أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَٰهِيمَ وِأَصْحَـٰبِ مَدْيَنَ وَٱلْمُؤْتَفِكَـٰتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)التوبة:70.
وأخر من أهلكهم الله جل وعلا بكفرهم وظلمهم أصحاب الفيل ، وإبرهه الحبشي الذين جاءوا إلى مكة بجيش كبير قادمين الكعبة بين الله الحرام ، وكان هدفهم هدم الكعبة ، ولكن الله جل وعلا أنزل عليهم عقاباً فورياً لينتقم منهم لأنهم يريدون الاعتداء على بيت الله الحرام ، وسورة الفيل توضح هذا الأمر بالتفصيل ، وكانت هذه الحادثة الشهيرة في عام الفيل الذي ولد فيه خاتم النبيين عليهم جميعا السلام.

لكن بعد نزول الإسلام ، وعلى الرغم أن النبي عليه السلام تم اضطهاده من كفار قريش وأُجبر على الهجرة من مكة إلى المدينة خوفاً على نفسه من بطشهم ، إلا أن الفرصة كانت متاحة أمامه أن يبني دولة قوية يدافع بها عن دين الله ويواجه المعتدين ، ودون أن يبدأ بالاعتداء على أحد ، فاختلف الأمر هنا ، حيث أعطى المولى عز وجل كل إنسان حرية الكفر وحرية الإيمان ، دون العقاب الدنيوي كما فعل جل شأنه مع ألأقوام السابقين ، لأن الرسل كانوا ضعافا ، ولم يؤمن معهم إلا قليل ، وكانوا لا يستطيعون مقاومة جبروت وظلم وبطش الكفار ، فكان المولى عز وجل يتدخل في الوقت المناسب لنصرة دينه ورسله من ظلم هؤلاء وكفرهم.

و بعد أن أسس خاتم النبيين دولته ، ضرب لنا مثالاً قمة في الرقي والتحضر والتمدن في أول دولة مدنية أسسها عليه السلام حيث عاش في سلام مع كل الناس ، وكان لا يعتدي على أحد إلا إذا بدأ بالعدوان على المسلمين ، فأين نحن الآن من هذا الرقي والتمدن.
و هي قاعدة قرآنية وضعها المولى سبحانه وتعالى لجميع خلقه ، حيث قال جل وعلا (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ) الكهف : 29 ، وقوله تعالى (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) المدثر : 38.
وهذا كلام الله ، وليس بعد كلام الله عز وجل كلام ، فبينما أعطى سبحانه وتعالى هذه الحرية المطلقة لكل إنسان في أن يؤمن أو أن يكفر ، يضع قاعدة تكمل ذلك وتوضح أن كل ما يقوم به الإنسان من خير أو شر سيحاسب عليه مهما كبر أو صغر ذلك العمل ، يقول جل وعلا (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) الزلزلة ، ويقول سبحانه وتعالى أيضاً يوضح أن الحساب يوم الحساب سيكون بالعدل ، وسيكون على أقل الأعمال التي يقوم بها الإنسان يقول تعالى (
وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ )الأنبياء:47.

وفي النهاية يجب أن يعرف كل إنسان أن هذه الحرية حق كفله المولى عز وجل لكل الناس إلى قيام الساعة ، ولو شاء الله لأهلك من يحارب دينه ويكذب قرآنه ، ولكن يمهلهم ليوم تشخص فيه الأبصار.
وهناك جزء خفي باطن لدى كل إنسان لا يعلمه إلا المولى عز وجل ، فلا يجوز أن يتعدى بعض الأشخاص ويحاولون إثبات أنهم يعلمون الغيب وبواطن الأمور ، وأقول لكل متحمس بدرجة متعصب متطرف و مـُكفر إذا كنا نختلف معك و نحترم حقك في تقديس كل ما قيل عنه تراث ، و احترام حقك في تقديس كل من كــُتبت أسماؤهم في كتب التراث فيجب عليك احترام حريتنا في الإيمان بالله وحده لا شريك له والإيمان بالقرآن الكريم وحده لا شريك له ، وهذه أبسط الحقوق التي يجب أن نحترمها فيما بيننا نحن البشر.
، ولكن هذه الأيام نرى العجب فكل شاب متعصب متطرف فكرياً يريد أن يُـحَـصِّـل من المجتمع فاتورة تدينه وتمسكه بما يعتقد ، ويريد أن يقدس الناس لحيته ، وجلبابه لأنه يصلي ويعتاد المساجد ، كما يريد أن يحاسب كل الناس على أفعالهم ، أكبر دليل على هذا التطرف الفكري ما تقوم به جماعات تأمر وتنهى الناس ، وكأنهم يوحى إليهم من السماء ، ولقد وضح ربنا جل وعلا في القرآن الكريم أن الحساب قد اقترب ، ورغم ذلك الناس في غفلة ومعرضون يقول تعالى(ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ)الأنبياء:1 ، ويقول جل شأنه ينفي تدخل أي بشر في الحساب يوم القايمة (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ)الغاشية:26، الحساب يوم الحساب وكل نفس بما كسبت رهينة يوم تأت كل نفس تجادل عن نفسها ، يوم توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

رضا عبد الرحمن على

الاثنين، 4 أغسطس 2008

أفيقوا يا عرب قبل فوات الأوان : مرة أخرى -هل حماس وفتح جماعات إسلامية-.؟

مرة أخرة "هل حماس وفتح جماعات إسلامية".؟

ولماذا يغضب المسلمون من توجيه النقد وفضح الجماعات الإسلامية..؟؟
نشرت مقالا بعنوان "هل حماس وفتح جماعات إسلامية" في يوم 6/2/2007م ، وكالعادة انهالت عليَّ التعليقات والشتائم وكأنني من أقتل وأزهق أرواح الأبرياء في فلسطين ، اليوم أعيد نشر نفس المقال مع بعض الأخبار المحزنة المليئة بدماء الأبرياء من النساء والأطفال ، وكل هذا بسبب صراع شخصي واضح على السلطة ، وعلى من سيكون القائد ، ومن سيكون التابع ، وكل هذا يتم تحت غطاء ديني لخداع البسطاء من الناس .
إليكم المقال بعد مرور 18 شهر تقريبا ، مع بعض التعليقات الإضافية تناسب الأحداث الإجرامية الدامية الجارية بين حماس وفتح .


هل حماس وفتح جماعات إسلامية..؟

(( ليس المقصود بسؤالي هذا أنى أشكك في انتماء حركتي فتح وحماس إلى الدين الإسلامي لأنه ليس من حقي أن أسال أي إنسان عن دينه أو معتقده , لأن هذه حرية شخصية من الدرجة الأولى , و يقرها الإسلام , لكن بحكم انتماء هاتين الجماعتين إلى الدين الإسلامي فلابد من مناقشة ما يحدث بينهما اليوم , لأن ما يحدث في فلسطين هذه الأيام من قتل عمد بين رجال حركتي حماس وفتح , وسقوط قتلى يوميا من هؤلاء وهؤلاء يجعلني أتساءل ثانية هل حماس وفتح جماعات إسلامية .. ؟؟ , وبالطبع الكثير من القراء سيجيب ويقول نعم أنهما جماعات إسلامية جهادية ولهما دور لا يمكن إنكاره في الدفاع عن الأرض الفلسطينية , كما لهما دور كبير في تكبيد العدو الإسرائيلي مخاسر كبيرة , وهذا كله شيء جميل , لكن هل يمكن أن يتحول الوضع بهذه البساطة إلى حرب وقتل فلسطيني فلسطيني ، وبدلا من السعي في طريق السلام للوصول إلى عملية السلام الحقيقية , السلام الدائم الذي يحقق الأمن والسعادة والرفاهية للمواطنين الفلسطينيين , لكن للأسف تم توجيه أسلحتهم بقوة إلى الإخوة في الدين والإخوة في الوطن والإخوة في نفس القضية الوطنية , ما سبب ذلك وكيف تحولت القضية إلى قضية ثأر أو قضية شخصية بهذه الطريقة التي ضحك وتعجب منها العالم , هل يصدق أن يقتل الفلسطيني أخاه مهما كانت الأسباب ..؟؟ فلسطين في أمَس الحاجة إلى وحدة وطنية لكن بمن بفتح وحماس لا أظن لأن الموضوع ببساطة يا اخوانى فيه خلط للأوراق بين الدين والسياسة , وفيه أطماع سياسية واضحة وليس له علاقة بالدين الإسلامي على الإطلاق .

هذه هي صورة حية وواقعية للجما عات الدينية التي تدخل عالم السياسة , تتخلى عن كل المبادئ والقيم الإنسانية والإسلامية وتبدأ في البحث عن السياسة والسلطة بكل غال ورخيص وتحاول عبور الطريق والوصول إلى أهدافها حتى لو داست في طريقها على القيم والمبادئ والدين نفسه , لا يمكن أن يُغفر لفتح أو حماس قتل كل منهما للآخر لأن هذه الجماعات سيطرت بطريقة أو بأخرى على الشارع الفلسطيني والمواطن الفلسطيني واقتنع بها بكل جوارحه وظن فيها خيرا في المستقبل وأعطاها ثقة لا تستحقها , وتذكروا معي أيام الانتخابات عندما كان يأمل كل فلسطيني في حماس خيرا , والنتيجة أمامنا اليوم قتل وتخريب ليس له علاقة بأي دين .. هل هناك دين يأمر بقتل الإنسان من اجل الوصول إلى السلطة و السياسة ..؟؟.

هل الدين الإسلامي الذي ينتمون إليه يأمرهم بقتل بعضهم البعض من أجل الوصول إلى السلطة ..؟؟ إن المولى جل وعلا ينهى عن قتل النفس في كتابه العزيز يقول تعالى ( مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ) المائدة :32
( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ) الفرقان :68
(وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا ) الاسراء :33
إن صدمة المواطن العربي في هذه الجماعات كبيرة جدا لما أحدثوه من تخريب وإزهاق للأرواح لأهداف شخصية بحته ليس للمواطن الفلسطيني المسكين أي ذنب فيها .
باختصار شديد أي إنسان يريد أن يكون سياسيا فلابد أن يخلع عباءة الدين حتى لا ينخدع به الآخرون وحتى لا يظلم الدين الإلهي الذي لا يأمر بالقتل والتدمير وإنما يأمر بالعدل والإحسان والعفو والصفح والمغفرة والتسامح مع الآخرين . هذا هو الدين الإلهي أما أديان البشر فليس لها علاقة بمثل هذه الصفات النبيلة ، وبالتالي من يتبع دينا من صنع البشر سيكون من السهل التخلي عنه أو التلاعب به , وبما فيه من تشريعات مطاطة تسول القتل وسفك الدماء من أجل الوصول إلى السلطة , حتى لو كان على حساب الشعوب.

شيء ملفت للنظر .!! أن رجال فتح وحماس عند ظهورهم في القنوات الفضائية يحملون أسلحتهم , أراهم ملثمين الوجه ويلبسون ملابس سوداء , أنا أربط هذا بما حدث من طلاب جماعة الإخوان المسلمين في مصر داخل جامعة الأزهر في الحادثة الفريدة من نوعها لاستعراض القوة والعضلات أمام الجميع, أن الطلاب ظهروا بنفس الصورة التي يظهر بها رجال حماس وفتح في تقليد واضح يظهر التطابق الكبير بين الجماعات الدينية في العالم العربي , وهنا وجه الشبه واضح جدا في استخدام نفس الأسلوب للجماعات الإسلامية عند إظهار قوتها , وطبعا الإخوان جماعة إسلامية ظهرت بقوة في الشارع المصري وأصبح لها كيان سياسي كبير في البرلمان المصري جعلها تفكر في تكوين حزب سياسي في الشهور الأخيرة كنوع من المراوغة وإيهام الشعب المصري المسكين الذي سيعرف انه انخدع في هذه الجماعة عندما أعطاها صوته في الانتخابات بحجة أنها جماعة دينية تعمل بالكتاب والسنة , هذه الجماعة كغيرها من الجماعات الإسلامية عندما تفكر في الوصول إلى السلطة يمكنها التخلي عن كل شيء في سبيل الوصول إلى طموحاتها السياسية التي أسسها زعيمها الشيخ حسن البنا , ومن ضمنها تكوين دولة دينية وطبعا لابد أن يكون رئيس هذه الدولة كبير هذه الجماعة .

الخلاصة : أن أي إنسان لا يمكن أن يحظى بالاثنين معا الدين والسياسة ـ إما أن تضحى بكل حطام الدنيا وما فيها وتوهب حياتك للبحث في الدين والاجتهاد وتوضيح حقائق الدين في كتاب الله عز وجل بهدف الإصلاح السلمي ، وهذه أسمى الوظائف , وإما أن تترك ذلك وتركب موجة السياسة والبحث عن الطموحات السياسية التي من خلالها يتم التنازل عن كل القيم والمبادئ وحقائق الدين واتباع الأهواء والأمزجة الشخصية وبذلك يتم استخدام الدين كستار يتخفى حوله من يريد الوصول إلى السياسة أو السلطة ..
والمثال في تاريخ المسلمين موجود , هو قريب الشبه بما يحدث في فلسطين ألآن , هو عندما اختلف على ومعاوية على الخلافة وكان لعلى أتباع يحبونه ويؤيدونه ولا يقتنعون بسواه , كما كان لمعاوية أتباع أيضا وفيهم نفس الصفات , لكن للأسف الشديد عندما يبتعد الإنسان قليلا عن التفكير الخالص في الدين وفى مصلحة الأمة ومصلحة الوطن والمواطن , يتحول التفكير في طموحات شخصية خاصة , ويبدأ في استغلال من يتبعه من جند وعتاد , وبالتالي يتحول الموضوع إلى فتنة كبرى كما تحولت قضية الخلافة بين على ومعاوية إلى موقعة الجمل التي مات فيها آلاف من المسلمين الأبرياء , وهذا أكبر مثال تاريخي نقارنه بما يحدث الآن في فلسطين مع اختلاف الحدث والظروف , ولكن السبب واضح هو البعد عن الدين الحقيقي القرآن الكريم كتاب الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , والاهتمام بالسياسة وبالأمور الدنيوية الزائلة .

سؤال :ـ

لماذا لم يؤسس النبي عليه الصلاة والسلام أول هذه الجماعات الدينية .؟؟ ) انتهى المقال.


وإليكم أخر أخبار حماس وفتح

1ـ (( تصاعدت الأزمة الفلسطينية من حملة الاعتقالات المتبادلة التي شنتها حركتا المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة والتحرير الفلسطيني (فتح) في الضفة الغربية، لتصل إلي حد تجدد الاشتباكات المسلحة بين أنصار الفصيلين، قتل خلالها ٣ضباط وأصيب ما لا يقل عن ٣٠ فلسطينيا أثناء محاولة قوات الأمن التابعة لحماس اعتقال عدد من عناصر فتح في حي الشجاعية، شرق مدينة غزة.
وصرح إسلام شهوان، المتحدث باسم حماس، بأن ٣ من ضباطها قتلوا، وجرح ٣٠ آخرين، بينهم مدنيون، أصيبوا بأعيرة نارية وقذائف هاون أطلقتها عناصر من عائلة «حلس» الموالية لحركة فتح، أثناء عملية اعتقال بعض أفرادها، وذكرت الشرطة التابعة لحماس أن الاعتقالات جرت علي خلفية انفجار شاطئ غزة الذي وقع الأسبوع قبل الماضي، وأسفر عن مقتل ٦ أشخاص، بينهم طفلة، وأكدت وزارة الداخلية في الحكومة المقالة أن «الأجهزة الأمنية تقوم بحملة أمنية في حي الشجاعية لاعتقال بعض المطلوبين والخارجين عن القانون المتورطين في حادثة تفجير بحر غزة».
من جانبها، أوضحت مصادر طبية أن «٣٠ شخصاً بينهم عدد من من عناصر الشرطة أصيبوا بجروح ونقلوا إلي المستشفي»، مشيرة إلي أن حالة أحد المصابين «صعبة»، بينما قال شهود العيان إن الاشتباكات وقعت منذ ساعة مبكرة أمس بين عناصر الشرطة وعائلة حلس، التي ينتمي عدد كبير من أفرادها إلي حركة فتح، وأضافوا أنهم سمعوا دوي انفجارات عدة خلال الاشتباكات.

وتعهد أحمد حلس، القيادي في حركة فتح، في تعليق هاتفي، «بالدفاع عن كرامتنا»، وقال «لن تستطيع حماس أن تكسر إرادة شعبنا»، معتبرا أن «سلاح حماس لم يعد طاهراً لأنهم يوجهون الهاون والرصاص علي رؤوس الأطفال والنساء»، ذلك في حين نفي عادل حلس، قيادي ثان في فتح، أن يكون أفراد عائلته قد أطلقوا أي صواريخ، علي قوات حماس، داعيا باقي الفصائل الفلسطينية إلي التدخل)).

2ـ تصعيد دموي جديد بين حماس وفتح

((كتب ـ فتحية الدخاخني والأراضي المحتلة ـ وكالات الأنباء 3/8/2008
تصاعدت حدة الأزمة علي الساحة الفلسطينية أمس، حيث تجددت الاشتباكات المسلحة في قطاع غزة بين الشرطة التابعة لحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، وموالين لحركة التحرير الفلسطيني «فتح»، أدت إلي مقتل ٣ ضباط وإصابة ما لا يقل عن ٣٠ فلسطينيا، أثناء محاولة قوات أمن حماس اعتقال عدد من عائلة حلس، الموالية لـ«فتح» في حي الشجاعية، الأمر الذي وصفه الرئيس الفلسطيني محمود عباس «أبومازن» بأنه معارك «غير مقبولة»، واعتبر أن الحملة التي تشنها ميليشيا حماس تستهدف دعوته للحوار الوطني الشامل.)).

3ـ مرشد الإخوان يطالب حماس وفتح بوقف الاتهامات والاعتقالات المتبادلة

((القاهرة - محرر مصراوي - طالب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف الأحد حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين بالتوقف عن تبادل الاتهامات والاعتقالات.
كما حث عاكف الحركتين على تهدئة الأوضاع في قطاع غزة والضفة الغربية.
وأكد أن الجماعةَ ترقب بكل الأسى والحزن ما يجري هذه الأيام على أرض فلسطين من تفجيرات واعتقالات واتهامات متبادلة بين فتح وحماس، والتي وصلت حدا من التردي أدى إلى المزيد من الاحتقان وتوتر الأجواء، وبالتالي ازدياد الفجوة والهوة وصعوبة التوصل إلى أي تقارب ممكن بينهما؛ الأمر الذي لا يستفيد منه سوى العدو الصهيوني.
وطالب الطرفان (فتح وحماس) بالكف عن تبادل الاتهامات، وأن تتوقف حركة الاعتقالات، وأن يعمل الجميع على تهدئة الأوضاع.
كما طالب حماس بألا تتوسع في الاعتقالات، وأن يتوقف الأمر على المتورطين في أعمال التفجيرات فقط، مع توفير ضمانات تحقيقات ومحاكمات عادلة لكل المشتبه فيهم.
وشدد عاكف في بيان نشره موقع الجماعة على الانترنت على ضرورةِ أن تتحرك الأطراف العربية، وبخاصة مصر لإزالة الأسباب المؤدية إلي التوتر بين فتح وحماس، وأولها التفجيرات التي شهدها قطاع غزة مؤخرا.)).



تعليق أخير

تدخل مرشد الأخوان في مصر بهذه الطريقة وقوله هذا الكلام يؤكد صحة القتال الدائر بين حماس وفتح لأسباب شخصية ، حتى لا يتهمنا أحد اننا نتجنى علىى هذه الجماعات السياسية ، التي لا يليق بالإسلام أن يطلق عليها جماعات إسلامية لأن هذه التسمية ظلم بين للدين الإسلامي.
و يجب أن أوضح أنه ليس بيني وبين أي شخص في هذه الجماعات أي علاقة أو مشكلة ، حتى لا يظن أحدا أني أتحامل عليهم لأي سبب.
لكن ما يجب توضيحه للمواطن العربي أولا ، وللعالم الخارجي ثانيا أن هذه الجماعات وما تفعله ليس له أية علاقة بالدين الإسلامي الحقيقي ، وهذه الجرائم تنسب لأصحابها فقط ، ولا يجوز نسبتها إلى الإسلام دين السلام والتسامح والعدل والرحمة والعفو والصفح وحقوق الإنسان.

وأقول ما قاله الإمام محمد عبده عن السياسة (إن السياسة إذا دخلت في أي شيء أفسدته) ، وأقول أيضا أن هذه الجماعات يقتلون بعضهم البعض بسبب خلافات بسيطة تافهه سياسية ، وهم لا يملكون سلطة حقيقية واضحة في الدولة ، وهم بذلك يفعلون ما فعله الأخوان في مصر عندما قتلوا بعض قادة وأعضاء الجماعة لمجرد خلافات بين المرشد وبعض القيادات ، فإذا كان هذا هو حال هذه الجماعات ، وهذه هي طريقتهم في حل مشاكلهم وتصفية حساباتهم مع من يختلف معهم ، مع الأخذ في الاعتبار أنهم يفعلون ذلك دون وصولهم لأي سلطة فعلية في الدولة ، فهل هذه الجماعات يمكن أن نأتمنها على أرواحنا وحياتنا ، ونرشحها لتكون حَـكـَما وحاكما علينا في بلادنا.؟
أفيقوا يا عرب قبل فوات الأوان.


الخميس، 31 يوليو 2008

عندما يتحول علاج مشكلة إلى جريمة في حق القرآن الكريم




أولا: يجب توضيح شيئين أساسيين:

1ـ ما هو الخطأ الذي يراد معالجته.؟

الخطأ هو التخلص من برنامج ستار أكاديمي بالنسخة اللبنانية لما يحويه من مشاهد عري.

2ـ ما هي الجريمة.؟

الجريمة هي استغلال القرآن الكريم كتاب الله عز وجل ، ثم وضعه في هذه المنزلة التي لا تليق به ، وعمل مسابقات لاختيار أفضل المقرئين ليكون هذا البرنامج بديلا لتعويض المشاهد الجزائري عن برنامج ستار أكاديمي.

وإليكم باقي التفاصيل والرد عليها.

هذا العنوان أقل وصف يمكن أن أصف به ما قامت به كل من مؤسسة التليفزيون الجزائري ، بالتنسيق مع وزارة الشؤون الدينية بإطلاق نسخة إسلامية من البرنامج الشهير "ستار أكاديمي" ولكن بدلا من المنافسة في الغناء ، سيتبارى المشتركون الستة عشر ، طيلة شهر رمضان ، في تلاوة القرآن ليتم في النهاية اختيار أحسن مقرئ.

أحسن مقرئ

والمنافسة هي عبارة عن مسابقة "قافلة القرآن" ، التي تهدف إلى اختيار أحسن مقرئ في الجزائر ، والتي تنتهي بتتويجه بلقب فارس القرآن عشية عيد الفطر المبارك ، في وقت لقي بث برنامج ستار أكاديمي على شاشة التليفزيون الجزائري في شهر يناير 2006 موجة استياء كبيرة من طرف المشاهدين انتهت بتوقيف بثه ، على خلفية مشاهد العري التي يظهر بها الشباب.

وبرأي منتج برنامج فرسان القرآن ، سليمان بخليلي ، متحدثا لـ "العربية نت" فإنه (البرنامج)" يطمح لتلبية مختلف أذواق المشاهدين من خلال هذا النوع من البرنامج ، خصوصا وأنه سيعقب ببرامج أخرى كمسابقة شاعر الجزائر ومسابقة أحسن مذيع تليفزيوني ومسابقة مواهب كرة القدم.

15 ألف مرشح في المسابقة

وقد انتهت قافلة فرسان القرآن قبل أيام جولتها ، باختيار 16 متنافسا فقط من أصل 15 ألف مترشح تنافسوا من كل ولايات الجزائر ، وحسب عضو من لجنة التحكيم ، تحدث للعربية نت فإن المسابقة كانت شديدة جدا بين المترشحين كما كان هناك إقبال من طرف العنصر النسوي الأمر الذي يمكن أن يساعد على تخصيص مسابقة لهن في العام المقبل.

نظام المسابقة

ويقوم خلالها المترشحون بقراءة آيات القرآن ، ليتم فسح المجال أمام الجمهور المشاهد للتصويت على أحسن مقرئ ، وفي نهاية شهر الصيام يتم اختيار فارس القرآن الفائز بالمسابقة.

ويستضيف البرنامج في كل حلقة خلال شهر رمضان كبار المقرئين في العالم العربي والإسلامي من مصر وتونس والمغرب واندونيسيا ، بينما يعرض التليفزيون كل مساء من الشهر الفضيل تسجيلات المترشحين للمسابقة.

ونشر هذا الخبر في موقع العربية نت على هذا الرابط

http://www.alarabiya.net/articles/2008/07/28/53886.html



التعليق على هذه المأساة التي يعيشها المسلمون إلى الآن.

لا أجد أفضل مما قرأته وفهمته من مقال (لعنة التجويد) للأستاذ الدكتور ـ أحمد صبحي منصور ـ للرد على هذه المهزلة وهذا التغييب العقلي الواضح.

والتعليق على هذه الإهانة التي ستقع من هؤلاء العلماء على كتاب الله جل وعلا ، وهم بهذه الأفعال يسيئون التعامل مع القرآن الكريم ، وفشلوا في تنفيذ أوامر الله جل وعلا في التعامل مع كتابه القرآن الكريم الذي وصفه سبحانه وتعالى بقوله( إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكْرِ لَمَّا جَآءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ)فصلت:41، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.

أول ما يجب الإشارة إليه بهذا الخصوص قول الله جل وعلا(وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)الأعراف:204، وهذا الأمر من الله جل وعلا حتى يستطيع الإنسان منا أن يفهم ويتدبر ما يسمعه من آيات الله.

ويعتقد المسئولون عن وزارة الشئون الدينية أنهم قد اجتهدوا وتوصلوا إلى ما لم يسبقهم إليه الأوائل بهذا البرنامج الذي يوضح استمرار هجر المسلمين للقرآن الكريم كتاب رب العالمين.

وبهذه الطريقة يتم التعامل مع القرآن الكريم حسب قواعد التجويد التي تعتمد في الأساس على حديث ضعيف يقول (حسنوا القرآن بأصواتكم) وهذا الحديث يتعارض تعارضا واضحا مع قول الله جل وعلا في وصف القرآن(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ )يوسف:3 ، وقوله جل وعلا(اللَّهُ نَـزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ )الزمر:23، وبهذه الآيات يظهر كذب هذا الحديث وجهل العلماء الذي رددوه ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى هذا البرنامج يتعامل مع القرآن على أنه أغنية تحتاج إلى فن وتمثيل وأداء وأحبال صوتية ونفس طويل وتدريب وسؤال أصحاب الخبرة من المقرئين ، وسيتم بالطبع عملية انتقاء لبعض الآيات التي تتناسب مع الإمكانيات الصوتية لكل مقرئ ، وهنا لا يمكن أن نفرق بين القرآن وأية مقطوعة غنائية.

وهؤلاء المشايخ سيغضبون غضبا شديدا لو تغنى أحدا أمامهم وهو يقرأ حديث من أحاديث البخاري ، سيثورون عليه وكأنه كفر.

ألا يعلم هؤلاء أن المؤمن الحق إذا تذكر اسم الله تعالى ارتعش قلبه( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) ( الأنفال 2 ، ولا يرقص ويتمايل طربا مما يسمع ، وإذا تليت عليه آيات القرآن ازداد إيماناً ، ولم يزدد ظلما وعدواناً.

ويجب أن يعلم هؤلاء أن قراءة القرآن عبادة والاستماع إليه عبادة وتدبره ودراسته عبادة ، وليس في العبادة هزل أو طرب أو لعب أو برامج تليفزيونية للتسلية والترويح عن المشاهدين والقرآن الكريم لا مجال فيه للهزل يقول تعالى(وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ ) ( الطارق 11.

وتفضل منتج أو مصمم البرنامج بعمل أفيش للبرنامج فيه (فرسان القرآن) عنونا للبرنامج ، مع كتابة آية قرآنية استخدمت في غير موضعها (ورتل القرآن ترتيلا).

ونقول التلاوة والترتيل معناهما واحد في اللغة العربية ، وهو القراءة المتتالية أو الأحداث التي يتلو بعضها بعضا ، وكلمة تلا تفيد القراءة المتتابعة لكلام متتابع، كما تفيد مجيء شيء تلو أو بعد شيء سابق. وهكذا كلمة (رتل) تقول :جاء رتل السيارات أي سيارات متتابعة يتلو بعضها بعضا.

التلاوة في القرآن لا تعني مجرد التتابع اللفظي فقط في آيات القرآن الكريم التي يتلو بالفعل بعضها بعضاً ، ولكن التلاوة والترتيل في القرآن الكريم يعني أن تكون طريقة القراءة موضحة للمعنى القرآني. وهذا معنى قوله تعالى(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) ( البقرة :121، فهناك من يتلو الكتاب حق تلاوته وهذا هو المؤمن بالكتاب ، ومنهم من تتحول عنده القراءة والتلاوة والترتيل إلى أغنية ولهو ولعب وطرب وبرامج على غرار ستار أكاديمي.



ولأن قراءة القرآن قضية خطيرة فهي تستحق مزيدا من التوضيح.

إن في القرآن الكريم أنواعا مختلفة من الخطاب ؛ فيه الخطاب التشريعي وفيه القصص وفيه الحوار وفيه الإنذار وفيه التبشير وفيه الأسلوب التقريري والأسلوب العلمي وفيه الأسلوب العاطفي وفيه التكفير من الله تعالى واللعن لمن يستحق ذلك ، وفيه الدعوة للتكفير وفيه وصف نعيم الجنة وفيه عذاب النار.

هل نتعامل مع كل هذه الأنواع المختلفة بطريقة واحدة ـ حتى على فرض أننا نقرأ القرآن دون غناء ودون اتخاذه لهوا ولعبا كما يفعل الغافلون.؟

بالطبع لا بد أن تختلف القراءة حسب المعنى الذي تتضمنه الآية وكل آية.

فإذا كان في الآية سؤال فلابد أن تقرأها بصيغة السؤال ، وإذا كان فيها تعجب فلابد أن يظهر التعجب في طريقة قراءتك للآية ، وهكذا في السخرية وفي الترهيب وفي والوعيد. بهذه الطريقة تتلو القرآن حق تلاوته. لأن تلاوتك هذه تسمح لبيان القرآن ومعناه الواضح أن يظهر ويتضح أكثر طالما تلوت القرآن حق تلاوته.

أما تحويل القرآن الكريم إلى أغنية ولها نوتة موسيقية تسمى التجويد فهي تغييب كامل لبيان القرآن الكريم لأن الذي يستأثر بالانتباه هو صوت القارئ أو (المقرئ) أما المحتوى القرآني للصوت فقد ضاع بين آهات المقرئ وتهليل المستمعين ، ويتحول كلام العزيز الجبار في الوعيد والإنذار والتشريع إلى جلسات أنس وفرفشة وانبساط ومزاج عال العال ، ويظهر ذلك جليا في مناسبات العزاء أو حفلات المجون بالقرآن الكريم حيث ترى العجب من تخلف المستمعين العقلي والحجاب الموضوع على قلوبهم وهم يهيجون بالصراخ والإعجاب من صوت القارئ وهو يتغنى بآية فيها الوعد والوعيد ، معظمها ينطبق عليهم وهم لا يشعرون ولا يعقلون ولكن فقط يرقصون ويتمايلون.

هؤلاء العلماء الذين اجتهدوا وتوصلوا لهذا البرنامج الخطير الذي يدعو لمزيد من الهجر والبعد عن القرآن كتاب الله ، لو كلفوا هذا العدد الرهيب الذي تقدم لهذا البرنامج من الشباب والشابات إلى تدبر القرآن وفهم معانيه بدلا من هذه المهزلة التي يعتقدون أنهم نجحوا من خلالها في إبعاد الناس عن برنامج ستار أكاديمي وما يحويه من مشاهد عري.

يجب على هؤلاء المشايخ أن يبدأوا من الآن للتجهيز والإعداد لكأس العالم لفرسان القرآن في العام القادم ، ويعممون هذه الفكرة التي لا تزيد عن فتوى رضاعة الكبير أو التبرك ببول الإبل. سؤال أخير لمن يسمون انفسهم علماء الدين في العالم الإسلامي أجمع ( هل يجوز استغلال القرآن الكريم كتاب الله تعالى في الحكم على أصوات المقرئين وتقييمهم واختيار أفضلهم صوتاً..؟.

أجيبونا يا من تسمون أنفسكم رجال الدين والمسئولون عنه ن والمتخصصون فيه.

والله جل وعلا هو المستعان