الأحد، 24 أغسطس 2008

حرية العقيدة قبل وبعد الرسالة الخاتمة


حرية العقيدة قبل وبعد الرسالة الخاتمة


الحرية الدينية أو حرية العقيدة من أهم الأمور التي ألهمها المولى عز وجل لكل إنسان من مخلوقاته بدءاً من خلق آدم عليه السلام ونهاية بما تعلمناه وقرأناه في أخر الرسالات السماوية القرآن الكريم رسالة خاتم النبيين عليهم جميعا السلام فيما يخص حرية العقيدة وحرية الإيمان أو الكفر يقول تعالى (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا *
فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا)الشمس:9،8 ، وهذه الحرية المطلقة أعطاها المولى سبحانه وتعالى لكل البشر على السواء ، وليس من حق أي إنسان أن يتدخل في علاقة إنسان آخر بربه جل وعلا ، لأنه (أي الإنسان) هو الذي يختار بنفسه ما يعتقده وما يؤمن به وما يسلكه من طريق في حياته ، وفي المقابل سيحاسب على ذلك ويكون مسئولا عما فعل هو نفسه ، وكما قلت أنه ليس من حق أي إنسان أن يتدخل في علاقة إنسان آخر مع الخالق جل وعلا ، فليس من حق أى إنسان أن يغضب أو يتحسر أو يدَّعي هداية الناس فيتخطى هذه المرحلة إلى تكفيرهم دون أن يشعر ، بحجة الخوف عليهم أو بدعوى الدفاع عن الدين الإسلامي الذي تكفل المولى عز وجل بحفظه إلى قيام الساعة ، وليس هناك أفضل من قول الله جلا وعلا لخاتم النبيين في القرآن يوضح له أن الله جل وعلا يضل من يشاء ويهدي من يشاء ، وينهاه أن يتحسر على الكفار يقول تعالى (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ )فاطر:8 ، وهذا هو حال خاتم النبيين ، النبي المرسل من رب العالمين ، فهل من حق الإنسان العادي أن يتعدى ويتخطى مسئوليات الأنبياء في الدعوة ، ويتدخل في حياة وشئون وعقائد الناس.؟.

ولذلك يجب على كل إنسان أن يحترم حرية كل من حوله من الناس مهما اختلفوا معه في الفكر أو المعتقد أو العرق أو الدين ، وليس كل منا مطالب بتقديم كشف حساب عن كل تصرفاته وسلوكياته وعباداته لكل الناس ، حتى يشهدوا له بالإيمان كما يدَّعون ، ولكن مرجع ذلك كله لله الواحد القهار فهو الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، وهو أيضا يحاسب ويحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ، ولذلك خصص سبحانه وتعالى يوما عظيما لذلك سماه يوم الحساب ، وهذا اليوم سيحاسب فيه الجميع ، وسيحكم الله بينهم فيما كانوا فيه يختلفون يقول تعالى(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)الحج:17.

ولذلك ليس من حق أي إنسان أن يكفر إنساناً آخراً لمجرد أنه اختلف معه في الرأي ، أو أختلف معه في فهم أمر من أمور الدين ، أو اختلف معه في الحديث عن أحد القضايا العقيدية ، أو اختلف معه في الطريقة التي يسلكها كل منهما في الحياة أو في آداء شعائر ومناسك الدين ، فكل هذا ليس مبررا لأن يتهم أحدهم الآخر بالكفر والردة والعمالة و معاداة الإسلام ، حتى لو كانت المبررات كما قلت بحجة الدفاع عن الدين ، أو خوفا على الشخص من الخروج عن الدين ، لأن حرية الاعتقاد مكفولة للجميع ، وإذا رجعنا للقرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لنضرب منه أمثلة قرآنية أثبت فيها رب العزة جل وعلا أنه سبحانه قد كفل حرية الاعتقاد لكل البشر ، سنجد أمثلة عدة تجسد لكل صاحب عقل أن الإيمان والكفر حرية وعلاقة خاصة جدا بين كل إنسان وخالقه ، وليس من حق أي مخلوق أن يتدخل فيها ، وتبين الآيات القرآنية أيضا أن الحساب أو العقاب أمر خاص بالخالق جل وعلا ، وليس من حق إنسان أن يحاسب إنساناً في هذه الدنيا.

وقبل أن أضع الأمثلة القرآنية بين يدي القاريء سأوضح أمراً هاماً يفرق بين عقاب الكفر بالله ورسله ورسالاته في جميع الرسالات السماوية وبين الكفر بالله ورسوله ورسالته الخاتمة الإسلام ، منذ خلق الله جل وعلا آدم عليه السلام وزوجه وأسكنهما الجنة ، قد نهاهما عن الأكل من إحدى شجر الجنة ، وعندما أغواهما الشيطان فأكلا منها ، فكان العقاب فورياً من رب العالمين ، بخروجهما من الجنة للدخول في الاختبار الدنيوي الذي نعيشه اليوم ، فمن أفلح فله ، ومن أخطأ فعليه ، والحساب أيضا عند الله ، وليس للبشر شأن فيه ، وهنا نجد أن من يعص أمر الله يأخذ عقابه فورياً كما سنوضح في أمثلة متعددة من القرآن ، ولكن كان لابد من التنويه عن أولى هذه الأمثلة ، التي حدثت مع بداية خلق الإنسان.

أولا : قصة الملائكته وإبليس وأمر الله جل وعلا لهم بالسجود لآدم ، عندما أخبرهم جل وعلا أنه سيجعله في الأرض خليفة ، وأمرهم بالسجود إليه يقول تعالى (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) البقرة ، وهنا أمر الله بالسجود لآدم أمر واجب الطاعة ، الملائكة سجدوا جميعا لآدم متبعين أمر خالقهم سبحانه وتعالى ، وإبليس رفض أن يسجد لآدم وكفر ، ليس هذا فحسب ، إنما استمر في عناده حيث قال سبحانه وتعالى يوضح لنا كيف كان ذلك (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32) قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35) قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (37) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38) قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40) الحجر ، وهنا زاد إبليس على عصيانه وكفره برب العالمين بأنه سوف يضل الناس إلى قيام الساعة ، ولأن إبليس رفض أمر الله ولم يسجد لآدم كان عقابه أن أخرجه الله جل وعلا من الجنة ، ولحقته لعنة الله إلى يوم الدين ، وسيكون مصيره جهنم هو ومن اتبعه من الغاويين فكانت العقوبة فور عصيانه حسب السياق القرآني.

ثانيا : قصة نبي الله نوح عليه السلام ، لقد استمر يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً ، فكان دعاؤه لا يزيدهم إلا فرار ، وأصروا على كفرهم واستكبروا ، ولما رفضوا هذا الرفض دعى عليهم يقول تعالى (قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا(22)نوح ، فكان عقاب هؤلاء القوم أن أغرقهم الله بكفرهم وبظلمهم ، ولكنهم أخذوا فرصتهم أيضا ، و كان من الممكن أن يؤمنوا ، ولكهنم أصروا واستكبروا ، فكان الجزاء من جنس العمل ، وسورة نوح توضح هذه القصة بالتفصيل ، كما توضح الآيات من رقم 36: 49 من سورة هود توضح تفاصيل العقوبة التي حلت بهم ، وهي إغراقهم جميعاً.

ثالثاً: وفي نفس سورة هـود قصة نبي الله هود وقوم عاد ، حيث دعاهم إلى عبادة الله جل وعلا وحده فرفضوا واستكبروا وقالوا من أشد منا قوة في الأرض ، ونسوا قدرة الله جل وعلا ( فصلت :15) وكذبوا المرسلين (الشعراء :123)، فكان مصيرهم أن أهلكهم الله جل وعلا بعذاب غليظ.

رابعا: قصة ثمود ونبي الله صالح ، دعاهم إلى عبادة الله بلا شريك ، فلم يستجيبوا له فأخذتهم الصيحة فأصبحوا في دارهم جاثمين (هود 67،66) ، ولكنهم أيضاً أخذوا الفرصة بعرض نبيهم عليهم أن يؤمنوا بالله وحده لا شريك له وتحذيرهم من عقاب الله فلم يؤمنوا ولم يستجيبوا فكان العقاب فوريا نتيجة كفرهم وأعمالهم.

خامساً: قصة إبراهيم عليه السلام ودعوته لقومه أن يعبدوا الله ويتركوا الأصنام ، ثم قيامه بتحطيم أصنامهم ، فما كان منهم إلا أن وضعوه في النار لينتقموا منه لأنه كسر آلهتهم ، وهنا إصرار واضح على الكفر ومحاولة حقيقية لقتل رسول الله ، فأمره الله جل وعلا أن يعرض عنهم ويتركهم ، وسيعذبهم الله بما فعلوا ، وقد آمن معه لوط ، وله أيضا قصة مع قومه ، حيث كان قوم لوط من الشواذ الذين يأتون الرجال شهوة من دون النساء ، فحذرهم لوط من أفعالهم الشاذة ، وعرض عليهم بناته ليكن حلالا لهم ، ولكنهم رفضوا ، وأصروا ، فأمره الله أن يتركهم ، وأن موعدهم الصبح ، فجاء أمر الله فجعل عاليها سافلها وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود (هود 82،81) ، و يبقى من قصص الأنبياء السابقين الكثير ، ولكن ما يهمني في عرض هذه الأمثلة أن المولى عز وجل ، كان يعاقب الكافرين المكذبين لرسله ورسالاته عقاباُ دنيوياً ، ولكن بعد أن أخذوا فرصتهم كاملة ، وبعد أن قامت رسلهم بتبليغهم وتبصرتهم ودعائهم لعبادة الله بلا شريك ، والمولى عز وجل قد وضع قاعدة قرآنية عظيمة توضح مسئولية الإنسان الشخصية في كل ما يقوم به من أعمال ، كما توضح أن الله جلا وعلا لن يعذب أحداً ما لم يصله رسول أو نذير من الله سبحانه وتعالى ، يقول جل شأنه (مَّنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً )الإسراء:15 ، ويقول أيضا (إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ بِٱلْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ)فاطر:24، إذاً لن يعاقب الله جل وعلا إنساناً إلا إذا وصله نذير أو رسول من المولى عز وجل يدعوه لعبادة الله بلا شريك ، ومن آمن فقد فاز ، ولكن الذين استكبروا وكذبوا وحاربوا رسل الله ، فكان عقابهم أن يأخذهم الله جل وعلا أخذ عزيز مقتدر في الدنيا ، ثم تلحقهم لعنة الله ، ولهم عذاب النار في الآخرة ، وتلك كانت نبذه عن أحوال الكفار في قصص الأنبياء السابقين ، وأن من كفر منهم واستكبر بعد أن عرف الحق ، وذُكـِّر به عدة مرات من قبل رسل الله ، لكي يأخذ حقه وفرصته في الإيمان أو الكفر ، ولكن لأنه لم يؤمن وعاند وكفر فكان العقاب من جنس العمل ، ولكن عقاباً دنيويا فورياً كما أوضحنا ، وهؤلاء الناس لم يظلمهم الله جل وعلا ، ولكنهم كانوا انفسهم يظلمون ، يقول تعالى(.سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ )الأعراف:177، ويقول جل شأنه(أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَٰهِيمَ وِأَصْحَـٰبِ مَدْيَنَ وَٱلْمُؤْتَفِكَـٰتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)التوبة:70.
وأخر من أهلكهم الله جل وعلا بكفرهم وظلمهم أصحاب الفيل ، وإبرهه الحبشي الذين جاءوا إلى مكة بجيش كبير قادمين الكعبة بين الله الحرام ، وكان هدفهم هدم الكعبة ، ولكن الله جل وعلا أنزل عليهم عقاباً فورياً لينتقم منهم لأنهم يريدون الاعتداء على بيت الله الحرام ، وسورة الفيل توضح هذا الأمر بالتفصيل ، وكانت هذه الحادثة الشهيرة في عام الفيل الذي ولد فيه خاتم النبيين عليهم جميعا السلام.

لكن بعد نزول الإسلام ، وعلى الرغم أن النبي عليه السلام تم اضطهاده من كفار قريش وأُجبر على الهجرة من مكة إلى المدينة خوفاً على نفسه من بطشهم ، إلا أن الفرصة كانت متاحة أمامه أن يبني دولة قوية يدافع بها عن دين الله ويواجه المعتدين ، ودون أن يبدأ بالاعتداء على أحد ، فاختلف الأمر هنا ، حيث أعطى المولى عز وجل كل إنسان حرية الكفر وحرية الإيمان ، دون العقاب الدنيوي كما فعل جل شأنه مع ألأقوام السابقين ، لأن الرسل كانوا ضعافا ، ولم يؤمن معهم إلا قليل ، وكانوا لا يستطيعون مقاومة جبروت وظلم وبطش الكفار ، فكان المولى عز وجل يتدخل في الوقت المناسب لنصرة دينه ورسله من ظلم هؤلاء وكفرهم.

و بعد أن أسس خاتم النبيين دولته ، ضرب لنا مثالاً قمة في الرقي والتحضر والتمدن في أول دولة مدنية أسسها عليه السلام حيث عاش في سلام مع كل الناس ، وكان لا يعتدي على أحد إلا إذا بدأ بالعدوان على المسلمين ، فأين نحن الآن من هذا الرقي والتمدن.
و هي قاعدة قرآنية وضعها المولى سبحانه وتعالى لجميع خلقه ، حيث قال جل وعلا (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ) الكهف : 29 ، وقوله تعالى (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) المدثر : 38.
وهذا كلام الله ، وليس بعد كلام الله عز وجل كلام ، فبينما أعطى سبحانه وتعالى هذه الحرية المطلقة لكل إنسان في أن يؤمن أو أن يكفر ، يضع قاعدة تكمل ذلك وتوضح أن كل ما يقوم به الإنسان من خير أو شر سيحاسب عليه مهما كبر أو صغر ذلك العمل ، يقول جل وعلا (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) الزلزلة ، ويقول سبحانه وتعالى أيضاً يوضح أن الحساب يوم الحساب سيكون بالعدل ، وسيكون على أقل الأعمال التي يقوم بها الإنسان يقول تعالى (
وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ )الأنبياء:47.

وفي النهاية يجب أن يعرف كل إنسان أن هذه الحرية حق كفله المولى عز وجل لكل الناس إلى قيام الساعة ، ولو شاء الله لأهلك من يحارب دينه ويكذب قرآنه ، ولكن يمهلهم ليوم تشخص فيه الأبصار.
وهناك جزء خفي باطن لدى كل إنسان لا يعلمه إلا المولى عز وجل ، فلا يجوز أن يتعدى بعض الأشخاص ويحاولون إثبات أنهم يعلمون الغيب وبواطن الأمور ، وأقول لكل متحمس بدرجة متعصب متطرف و مـُكفر إذا كنا نختلف معك و نحترم حقك في تقديس كل ما قيل عنه تراث ، و احترام حقك في تقديس كل من كــُتبت أسماؤهم في كتب التراث فيجب عليك احترام حريتنا في الإيمان بالله وحده لا شريك له والإيمان بالقرآن الكريم وحده لا شريك له ، وهذه أبسط الحقوق التي يجب أن نحترمها فيما بيننا نحن البشر.
، ولكن هذه الأيام نرى العجب فكل شاب متعصب متطرف فكرياً يريد أن يُـحَـصِّـل من المجتمع فاتورة تدينه وتمسكه بما يعتقد ، ويريد أن يقدس الناس لحيته ، وجلبابه لأنه يصلي ويعتاد المساجد ، كما يريد أن يحاسب كل الناس على أفعالهم ، أكبر دليل على هذا التطرف الفكري ما تقوم به جماعات تأمر وتنهى الناس ، وكأنهم يوحى إليهم من السماء ، ولقد وضح ربنا جل وعلا في القرآن الكريم أن الحساب قد اقترب ، ورغم ذلك الناس في غفلة ومعرضون يقول تعالى(ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ)الأنبياء:1 ، ويقول جل شأنه ينفي تدخل أي بشر في الحساب يوم القايمة (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ)الغاشية:26، الحساب يوم الحساب وكل نفس بما كسبت رهينة يوم تأت كل نفس تجادل عن نفسها ، يوم توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

رضا عبد الرحمن على

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق