الثورة المصرية في خطر
هناك مؤامرة ضد الثورة وضد الشعب المصري
التيارات الدينية هي أكثر من استفاد من هذه الثورة ، وكل يوم تزداد مكاسبهم
*******
لماذا الثورة المصرية في خطر.؟ لأن هناك قاعدة تاريخية وسياسية تقول( أن أنصاف الثورات هي مقابر للشعوب) ، ولو لم تكتمل الثورة المصرية وتمضي قدما في تحقيق مطالبها كاملة وغير منقوصة ، ستتحول شوارع مصر لحمامات دماء ، وستكون صحراء مصر هي المقابر الجماعية التي لن يكفي ترابها لتغطية جثث الشهداء الذين سيقتلهم نظام ذاق طعم الذل والمهانة بعد أن تفوق على فرعون موسى في إجرامه وقهره وظلمه واستبداده.
نصف ثورة أو (عدم تحقيق مطالب الثورة) يعني نجاح الفاسدين والظالمين والمتآمرين في قتل ثورة سلمية نظيفة فجرها وضحى من أجلها شرفاء مصر ، نصف ثورة تعني ضياع حقوق الشهداء والمصابين ، وانتظار ملايين الضحايا وملايين المصابين بعاهات.
ما هي مطالب الثورة.؟
1ـ محاكمة مبارك محاكمة عادلة أمام القضاء الذي نحسبه حتى الآن مع الثورة ، ولا نريد أن نشكك في نزاهته ونتعامل معه بحسن النية حتى وقتنا هذا ، ومحاكمة مبارك أسهل ما يكون على الأقل في جريمة واحدة فقط وهي قتل المتظاهرين ، لأن أثناء قيام كلابه بنهش أجساد الشرفاء من شباب مصر ، وقنصهم وقتلهم ، كان يرأس غرفة عمليات القوات المسلحة ويشاهد تقريرا مفصلا عن الأحداث ،
http://www.youtube.com/watch?v=ATFOmzIPOx0
كان ذلك يوم 30 يناير 2011م
http://www.awsatnews.net/?p=48522
ولا نستبعد أن يكون قد شاهد فيديوهات لقنص وقتل الثوار ، وحالة الفزع والرعب التي قام بها البلطجية والمسجلين والخارجين عن القانون والهاربين من السجون ، وهذا دليل دامغ على تورطه في قتل الثوار الشرفاء من أبناء مصر وإشرافه على كل شيء كان يحدث ضد الثوار العزل ، ولو كان مبارك يرفض التعامل بالرصاص الحي مع الثوار وضد قتل الشهداء فلماذا لم يصدر تعليماته فورا بوقف عمليات القنص والقتل .؟ ويعلن ذلك صراحة كما أعلن زيارته لغرفة عمليات القوات المسلحة ، وغير مقبول على الإطلاق تحويل محاكمة مبارك إلى مكلمة ووصلات من الردح والكلام الفارغ الذي يضر بمصلحة مصر والمصريين ، فكل ساعة تقرير جديد عن حالته الصحية وعن إمكانية نقله وعدم نقله من شرم الشيخ ، هذا كلام فارغ ويظهر تواطؤ واضح مع مبارك ، ومحاولة لتمييع عملية محاكمته ووضعه في السجن كمجرم ومتهم يستحق العقاب ، وأعتقد أن السجون المصرية يقيم فيها عشرات السجناء أسوأ حالا من مبارك ، إلا إذا كانت هناك نية حقيقية لإعفاء مبارك من المحاكمة.
2ـ لماذا لا تتم محاكمة جميع الضباط والقيادات العاملة في وزارة الداخلية وأمن الدولة على جرائمهم قبل وبعد الثورة.؟ ، وكيف يعود ضابط أو قيادي في وزارة الداخلية إلى عمله دون محاكمته على قتل وتعذيب المصريين.؟ ، فهذا تواطؤ واضح وتسيب وتراخي يدعو للقلق.
3ـ لماذا لا يتم إصدار قرار فورى باستبعاد جميع قيادات الحزب الوطني من العمل السياسي ومنعهم من المشاركة في أي عمل سياسي وطني خلال خمسة أو عشرة سنوات قادمة.؟ ، لأنهم أفسدوا كل شيء في مصر على مدى ثلاثة عقود مضت ، وليس من المنطق أن نترك لهم المجال ليخربوا الثورة ويخربوا الدولة ، وأول المؤشرات على ذلك ما فعلوه في مؤتمر الحوار الوطني على مدار يومين متتاليين ، حاولوا إفساد المؤتمر ، واتهموا شباب الثورة بالديكتاتورية ، هذه بشاير مشاركة بقايا نظام حسني مبارك في العمل السياسي أو العمل الوطني ، فلابد أن يتخذ معهم إجراء سريع وحازم وحاسم حتى لا نعطيهم الفرصة أن يفسدوا كل شيء نريد إصلاحه ، وإلا سنضطر لتفسير ذلك أنه جزء من المؤامرة ضد الثورة والشعب.
4ـ لماذا لا يتم حل المحليات إلى الآن وتركها تمارس الفساد علنا وكأن مبارك لا يزال رئيسا للبلاد ، المحليات هي أعمق قاعدة شعبية للفساد في البلاد ويجب الخلاص منها فورا ، لأنه حتى الآن يتم البناء على الأراضي الزراعية ، بعلم المحليات ، كما تستخدم هذه المحليات القاعدة الشعبية لمحاربة الثورة بشتى الصور.
5ـ يجب أن تتحول وتنتقل محاكمات مبارك ونظامه الفاسد من طور الكلام إلى طور التنفيذ الفعلي السريع.
6ـ لماذا يسمح للتيارات الدينية بإنشاء أحزاب على اساس ديني ومرجعية دينية.؟ ، فهذا ضد الدستور البائد المعمول به في عهد مبارك ، فهل من الطبيعي أن يسمح لهذه التيارات جمعاء أن تنشئ أحزابا دينية بهذه السهولة حتى بعد الثورة (هي أحزاب دينية مهما فعلوا ومهما قالوا) فهذا ضحك على الذقون ، الاخوان والسلفية وحتى الجماعة (الاسلامية) أسسوا أحزابا وفضائيات وجرائد ، واستغلوا الثورة أفضل استغلال ، ونجحوا في جنى ثمارها بأسرع وقت ممكن ، وفكروا في مصالحهم الشخصية ، وهذا واضح منذ اللحظات الأولى والنجاحات الأولية للثورة ، فحين أقال مبارك المخلوع حكومته وعين عمر سليمان نائبا للرئيس وأعلن سليمان عن جلسة حوار وطني ، كان الاخوان أول من رحب بهذا الحوار ، كما فعل رؤساء الأحزاب ، ومنذ أيام قليلة كان الشارع المصري يغلي بسبب ما أشيع عن العفو عن مبارك ، بينما الجماعة (الإسلامية) كانت تحتفل بتأسيس أول حزب وقناة فضائية وجريدة ، فهذه التيارات الدينية هي تيارات انتهازية تبحث عن مصالحها وأهدافها ومكاسبها الشخصية ، ولا شأن لها بالثورة ولا بتحقيق أهدافها ، والحديث عن السلفية يحتاج مجلدات ، فهم يلتزمون الصمت بعدما شاركوا في جميع محاولات إشعال الفتنة ، ويتنظرون تعليمات جديدة.
تعقيب بسيط على الجماعة (الإسلامية) ، وخصوصا (عبود الزمر وطارق الزمر) ـ يفترض أنهما كانا في السجن بتهمة التآمر على قتل السادات ، فهل من المنطق بعد خروج قاتل من المعتقل يسمح له أن يشارك في العمل السياسي بهذه السهولة بحيث يكون عبود وطارق الزمر ضمن مجلس شورى الجماعة التي أسست حزبا سياسيا دينيا سوف يساهم في رسم سياسة المستقبل لهذا الوطن ، فهذا الأمر يدعو للقلق والحيرة والاستغراب ، ويبين إلى أي مدى الدولة السعودية تفرض نفوذها إلى الآن على سير الأمور في مصر.
7ـ كنت أظن أن ضباط أمن الدولة فقط هم الذين عادوا لممارسة أعمالهم حسب منهجهم القديم ، ولكن كل يوم تثبت الأيام أن معظم ضباط الشرطة عادوا أيضا لضلالهم القديم ، بل والأكثر من هذا إعلان بعضهم صراحة أن بعد النصر ظلم ، وكان ذلك في شرم الشيخ التي أشك أن تكون الثورة قد وصلت إليها ، وتكرار ما حدث لأحد المحققين العاملين في مصلحة الطب الشرعي على يد ضباط الشرطة في أحد الأقسام بالقاهرة يتكرر بنفس الأسلوب مع دكتور جامعي في شرم الشيخ ، حيث الإهانة والسب والقذف وسوء المعاملة من الضباط والتحرش من البلطجية والخارجين عن القانون داخل أماكن الحجز ،، لأن هذا المحقق كان بداية فضح رئيس الطب الشرعي السابق (السباعي) وإظهار حقيقته وخيانته للثورة وتواطئه مع مبارك ، ولذلك كان التعامل معه من ضباط الشرطة بهذه الطريقة.
وجدير بالذكر إقامة حفل تكريم في مكتبة الاسكندرية للضباط المتورطين في قتل المتظاهرين ، إلا أن بعض النشطاء أوقفوا هذه المهزلة ، وهذه الخيانة الواضحة للثورة وشهداءها.
8ـ الأخطر من كل هذا ما حدث في برنامج (آخر كلام) على قناة أون تي في مساء الثلاثاء الموافق 24/5/2011م ، حيث قام اللواء (حسام سويلم) الخبير الاستراتيجي بالقوات المسلحة سابقا ـ باتهام شباب الثورة ، واتهام الثورة أنها خطة أمريكية مقصودة وتم تمويلها بمبلغ 270مليون دولار ، (بالطبع اللواء حسام يعبر عن نفسه فقط) ، لكن لا يجب مرور كلامه مرور الكرام ، وقد حاول الإعلامي يسرى فودة مشكورا أن يلطف من حدة هذا الاتهام ، ولكنه اتهام واضح وصريح ، وهو يذكرنا بما فعله الإعلامي (سيد على) بمشاركة الاعلامية (هناء سمرى حين استضافا فتاة مصرية تعمل في إحدى الصحف ، واتهمت الثوار أيضا بأنهم تلقوا تدريبات في امريكا لقلب نظام الحكم في مصر وحصلوا على مبالغ مالية مقابل هذا.
إذن لابد من ربط مجموعة من الأحداث ببعضها لنعلم مدى الخطورة التي تتعرض لها الثورة المصرية ، اتهامات بالعمالة تم تكذيبها من قبل بعد أن تم فضح (سيد على) و(هناء سمرى) والفتاة صاحبة القصة المسكينة ، لكن حينما يظهر نفس الاتهام مرة أخرى في هذا التوقيت وعلى لسان شخص مثل اللواء حسام سويلم ، إضافة لقوله بكل عصبية لضيوف البرنامج الشباب
( حسني مبارك واولاده في السجن ووزراء مبارك كلهم في السجن انتم عاوزين ايه تاني عاوزين ايه تاني) ، ونربط بين هذا وبين ما فعله رجال الحزب الوطني في مؤتمر الحوار الوطني في محاولة لنشر الفتن والخلافات بين شرفاء هذا الوطن ، وكانت النتيجة اتهام شباب الثورة بالديكتاتورية وأنهم يمارسون نفس الديكتاتورية التي كان يمارسها مبارك من قبل ، ويجب أيضا ان نربط بين كل هذا وبين حالة النهم الغير طبيعية عند جميع التيارات الدينية في حصد مكاسب واغتنام الفرص ، وتكوين أحزاب وتوزيع منشورات يشوهون فيها صورة العلمانية كما فعل الأخوان مؤخرا ، أعتقد أن كل هؤلاء يتآمرون على الثورة والشعب سواء خططوا معا لهذا أو لم يخططوا ، سواء حدث هذا بقصد أو بدون قصد ، لكن كل ما يحدث هو بعيد كل البعد عن مطالب الثورة الحقيقية التي لم يتحقق حتى الآن أقوى مطلب منها وهو محاكمة من قتل الشهداء ، ورغم أن هذا لم يتحقق ، إلا أن التيارات الدينية تبحث عن مصالحها ومكاسبها الشخصية ، بل تحاول تشويه الثورة والثوار ، وتحاول تشويه كل من يدعو للنزول يوم 27 مايو للمطالبة بتحقيق مطالب الثورة لأننا فعلا لم نشعر بأي تغيير بعد الثورة إلا بتغيير واحد فقط وهو حرية ونشاط غير مسبوق للتيارات الدينية ، وكأن الثورة قامت لتحرير هذه التيارات وتسليمها مقاليد الأمور لتخرب عقول البسطاء من الناس وتنتقل مصر من استبداد سياسي إلى استبداد ديني أكثر عنفا وتعصبا وإرهابا ، ليس هذا فحسب ، ولكن سيكون من أضرار مساعدة المجرمين والقتلة في الهروب من المحاكمة والعقاب.
أخيرا ::
شباب الثورة الذين كان لهم النصيب الأكبر في تفجير هذه الثورة والتحمل والتضحية من أجل الوطن ، حتى الآن لم ينجحوا في تأسيس حزب خاص بهم ، ولم ينجحوا في استغلال نجاحات الثورة كما فعل أرباب التيارات الدينية ، أعلم أن الشباب لدية مشكلة تمويل لكي يؤسس حزب او فضائية أو جريدة يومية ، لكن التيارات الدينية بمساعدة الدولة الوهابية تتيسر لها كل هذه المشاكل ويتوفر التمويل المطلوب ، وهذا ما يلعب عليه الوهابيون السعوديون ،عندما فشلوا في إنقاذ دولة مبارك ، فسارعوا في تمويل وتأسيس دولة آل وهاب ، ولا عزاء للشهداء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق