الثلاثاء، 28 يونيو 2011

محاكمة مبارك بين الحالة الصحية والحالة الأمنية والتمهيد للبراءة..!!

محاكمة مبارك بين الحالة الصحية والحالة الأمنية والتمهيد للبراءة..!!

المقال في جملتين:

صحة مبارك أهم من حياة جميع المصريين حتى بعد الثورة..!!

أمن مبارك أهم من أمن جميع المصريين حتى بعد الثورة..!!

التفاصيل....

حسب ما نشرته مؤخرا مجلة روز اليوسف عن استعانة مبارك بطاقم أمريكي بريطاني لمساعدته في تهريب أمواله خارج البلاد خلال ثمانية عشر يوما بدأت مع أول أيام الثورة وانتهت بيوم التنحي ، وفي هذه الأيام كان يتم قتل المصريين الأبرياء بالرصاص الحي في جميع محافظات مصر لأنهم طالبوا أن يعيشوا بحرية وكرامة وعدالة اجتماعية.

ومنذ اللحظات الأولى التي أصدر فيها النائب العام قرارا بحبس مبارك ونجليه ومنعهم من السفر ، والتحفظ على ما تبقى من فتات أموالهم و ممتلكاتهم التي لم ينجحوا في تهريبها بأرقام سرية أو نقلها لأسماء وهمية أو تركوها عن عمد ، ونظرا للضغط الثوري الشعبي المستمر لتحقيق المطالب التي فرضتها ثورة الخامس والعشرين من يناير ـ وإن شاء الله لا مفر من تحقيقها ـ ، وكل يوم نقرأ تقريرا طبيا مغايرا عن الحالة الصحية لمبارك ، معظمها كانت تفيد سوء حالته الصحية وخطورة نقله من منتجع شرم الشيخ مما سيعرض حالته النفسية قبل الصحية لخطر قد يؤدي للوفاة ، وأن عملية نقله في هذه الحالة الصحية السيئة تعتبر مخالفة صريحة للقانون المعمول به في مصر ، ولن يستطيع أحد تحمل مسئولية نقل مبارك وهو في حالة صحية سيئة ، وفيما يبدو أن هذا القانون هو قانون خاص بالرئيس المخلوع مبارك وحده.

وتزامنا مع حالة الصخب الإعلامي حول صحة مبارك يقوم جهاز الشرطة المصري بتلقين الشعب المصري درسا لأنه طالب بحقه في الحرية والكرامة ، وطالب بأن يكون رجل الشرطة إنسان يراعي إنسانية المواطنين ، ويقوم البلطجية والخارجين عن القانون والمسجلين خطر بهذا الدور على أكمل وجه من أجل عيون جهاز الشرطة الشرطة ــ الذين يلعبون في أقسام الشرطة لعبة بلاي ستايشن ــ ، تاركين الوطن والمواطنين للبلطجية والخارجين عن القانون يفلعون به وبهم م يشاءون ، حتى يقولوا للمصريين هذا جزاء ثورتكم ضد قمع الشرطة.

وفي نفس السياق حدثت جرائم بشعة في حق خمسة من المصريين على يد رجال الشرطة أدى إلى ضحيتين وثالث فقد عينه ، بالإضافة لقيام ممثل النيابة باستجواب أحدهم وهو تحت تأثير البنج ، ناهيك عن كتابة تقارير كاذبة مضللة غير حقيقية ضد الضحايا لخدمة رجال الشرطة ، ، وذلك لتبرئة رجال الشرطة ، وإلقاء اللائمة على عاتق المواطنين ، وأنهم خالفوا القانون ، حيث تعدى أحدهم بالضرب على مأمور قسم الأزبكية ، والثاني كان شقيقه يسير بالتوك توك مخالفا لقواعد المرور ، جاء أخيه لينجده من الضابط فارتكب أخيه جناية مهاجمة رجال الشرطة بالسلاح الأبيض ، وأنا هنا لا أوجه التهمة لرجال الشرطة ، لأني لا أملك دليلا على ذلك ، لكن الأهم لماذا كانت كل الإجراءات سريعة لمحاولة إخفاء الحقيقة وتضليل العدالة ، كما حدث في محاولة إخفاء الأشعة في موضوع مستشفى بولاق الدكرور التي وصل إليها المصاب وهو يحتضر ولولا ضمير الموظف (فني الأشعة) لضاعت الحقيقة وضاع حق الضحية ، ورغم ذلك أهالي المصاب هم من بلغوا النيابة وطالبوا بتشريح الجثة ، وتمت الإجراءات بهذه السرعة لتبرئة فريق وإدانة الآخر.؟ على الرغم من حدوث جريمتي قتل..!! ولم يحاكم أحد ولم يحاسب أحد ، وهنا لابد أن نسأل أنفسنا أين القانون الذي يتعاملون به مع مبارك في شرم الشيخ وكلهم حرص على حياته وحالته النفسية .؟، عرفتم إلى أي مدى حياة المصريين لا تزال رخيصة.؟.!! (طبعا عند الفاسدين فقط).

وعندما زاد وفاض الحديث عن الحالة الصحية لمبارك في جميع البرامج التلفزيونية والمواقع الإخبارية ونفذت كل سبل الاستعطاف المتاحة لديهم ، واستمرار إهانة وتعذيب وقتل المصريين في أقسام الشرطة ، فأصبح الحديث عن صحة مبارك مسرحية هزلية نسبيا ، وبعد جمعة الغضب الثانية ، التي كان ضمن مطالبها الإصرار على محاكمة جميع القتلة والفاسدين وعلى رأسهم مبارك ، ولما تجمع حوالى خمسة آلاف مصري أمام مستشفى شرم الشيخ مطالبين بنقل مبارك من شرم الشيخ حتى تعود للمدينة طبيعتها الهادئة الآمنة التي تسحر القلوب وتخلب العقول وتجذب السياح من شتى بقاع الأرض لشد الرحال إليها ، كما طالب المعتصمون بسرعة نقل مبارك حتى تعود الحياة لطبيعتها بالنسبة لهم ولأرزاقهم التي تأثرت سلبا بوجوده داخل شرم الشيخ ، فكان لابد من تغيير الخطاب والبحث عن سبب مقنع يمكن تصديقه.

بدأت مرحلة جديدة في التعامل مع مبارك والحديث عن محاكمته ، والحديث عن شخصه ، وأنه ليس متهما عاديا ، ومحاكمته تحتاج لعملية تأمين صعبة جدا ، يصعب على أي جهة تحمل مسئوليتها خصوصا في ظل حالة الانفلات الأمني التي تعاني منها البلاد منذ يوم الثامن والعشرين من يناير الماضي (وسببها الأول والأخير هو جهاز الشرطة) ، وهنا بدأت مرحلة الحالة الأمنية ، معظم المتخصصين في القانون والعمل الأمني والقضاء كان حديثهم يصب في اتجاه واحد وهو استحالة محاكمة مبارك في القاهرة بسبب الحالة الأمنية من جهة ، ومن جهة أخرى بسبب الظروف الصحية ، وبدأ بالفعل التجهيز لمكان المحاكمة في شرم الشيخ ، بعد أن تم تجهيز مستشفى سجن طره منذ أسابيع ، وأعلن رسميا أن مبارك سينقل إلى طره خلال ساعات ، لكن يبدو أنها كانت عملية تنويم للمصريين قبيل جمعة الغضب الثانية.

كما تم إضافة تصريح خطير وهو نقل علاء وجمال مبارك لشرم الشيخ لصعوبة محاكمتهم في القاهرة بسبب الحالة الأمنية أيضا ، ولأنهم سيحاكمون مع أبيهم في نفس التهم وفي قضية واحدة.

التعليق::

أولا: الإصرار على محاكمة مبارك في شرم الشيخ بسبب حالته الصحية أو بسبب الحالة الأمنية أمر قد يكون مقبولا ، رغم رفضي وعدم اقتناعي بهذا مطلقا وأتمنى أن يدخل مبارك سجن طره كما دخله آلاف الشرفاء الأبرياء من شعب مصر ظلما وعدوانا إرضاء لمزاج مبارك من قبل ، مع العلم أن محاكمة مبارك في شرم الشيخ ستكلف الدولة مبالغ طائلة ذهابا وإيابا لأعداد من القضاة وممثلي الادعاء (النيابة) في كل جلسة من جلسات المحاكمة ، لو حدثت المحاكمة أصلا.

ثانيا: أما عملية نقل علاء وجمال من طره إلى شرم الشيخ للمحاكمة فهذه نكتة كبيرة جدا ، ومن يوافق عليها أو يفكر فيها فأقول له بكل ثقة أنت لم تشعر بالثورة حتى الآن ، لأن نقل أي متهم من القاهرة إلى شرم الشيخ هي عملية مكلفة جدا وصعبة جدا جدا ، وهي تضرب عرض الحائط بكل ما يقال عن الحالة الأمنية في القاهرة ، وعن صعوبة المحاكمة داخل القاهرة ، لأنه من وجهة نظري ( كلما بَـعُـدَت المسافة بين مكان الحبس ومكان المحاكمة ـ كلما ازدادت صعوبة تأمين المتهمين ذهابا وإيابا) ، فأقول لأصحاب نظرية (الحالة الأمنية في القاهرة سيئة ولا تصلح لمحاكمة مبارك ونجليه) إذا كان من الصعب تأمين عملية نقل علاء وجمال من طره إلى التجمع الخامس ، فهل الأسهل هو تأمين نفس العملية من القاهرة إلى شرم الشيخ ذهابا وإيابا أكثر من مرة.؟. ألهذه الدرجة تسخرون من عقول المصريين..!!

ثالثا: سيقول قائل من الممكن أن تتم عملية النقل بالطيران ، وهنا أقول أن هذه هي الخطوة الأولى في خطة هروب مبارك ونجليه من مصر بعد نجاحهما في تهريب تحويشة العمر وتأمينها قبيل التنحي بساعات ، كما أعلن موقع روزا ويسف.

رابعا: أعتقد أن تأجيل محاكمة مبارك ونجليه لهذا الأمد البعيد سيكون له مفعول السحر لهما لتصريف الأمور والاتفاق بهدوء لتأمين خطة الهروب خارج البلاد ، وكما نجح مبارك في توكيل طاقم أمريكي بريطاني لتهريب أمواله في نفس الوقت الذي سقط فيه مئات القتلى وآلاف الجرحى ، ولم تهتز شعره من رأسه (هذا حسب ما نشرته روزاليوسف) ، وهذا ليس اتهاما للقضاء بالتواطؤ ، ولكنه مجرد تذكرة وتنبيه أن مزيدا من الوقت يعني إعطاء هؤلاء فرصة لتستيف الأوراق من جديد وإخفاء بقايا لأي دليل ضدهم في جميع التهم المنسوبة إليهم ، حتى لو فشلت خطة الهروب ستكون البراءة هي الحكم الطبيعي الذي ينتظرونه بعد الجهود الكبيرة التي قاموا بها منذ اندلاع الثورة والوقت الوفير الذي استغلوه من البداية ، ولا يزال أمامهم الوقت حتى أولى جلسات المحاكمة في 3سبتمر 2011م ، وأعتقد حين يأتي موعد المحاكمة ستكون الأدلة المتاحة لا تسمح إلا بأحكام بسيطة وتافهة يمكن أن يحكم لهم بالبراءة لعدم كفاية الأدلة.

خامسا: ما جعلني أقول هذا الكلام : حينما سمعت الأستاذ / فريد الديب محامى مبارك ونجليه : في برنامج (ضوء أحمر) على قناة دريم2 حيث كان يتحدث بكل ثقة ، وبكل طمأنينة بأسلوب متمكن فيه احتراف في اختيار الألفاظ والعبارات ، وقال أن التهم الموجهة لمبارك ثلاث تهم فقط ، وأن عنده الرد على كل تهمة وأنه سيقول هذا الرد في المحكمة ، كما ضرب أمثلة كثيرة جدا أنه ترافع في قضايا أخطر من هذه وتمكن من تبرئة المتهمين ، والحوار في مجملة أعتبره من وجهة نظري عملية تمهيد وتأهيل للمواطن العادي لتلقي خبر براءة مبارك ونجليه بصدر رحب.

أخيرا:

خلال الشهور القليلة الماضية تأكدنا جميعا أن عنصري الأمن و الوقت هما أهم العناصر التي استفاد منها أعداء الثورة ، وهناك أمثلة كثيرة على هذا ، وأكرر تأخير محاكمة رموز نظام مبارك ، وتأجيل محاكمة مبارك ونجليه كل هذا الوقت بحجج حالته الصحية وحالة البلد الأمنية هو كلام غير مقبول ، وأقول ـ تجاوزاـ يمكن محاكمة مبارك في شرم الشيخ ، وإذا كان البعض يؤمن بنظرية مضمونها أن عملية نقل مبارك إلى مصر صعبة ومستحيلة أعتقد أن العقل والمنطق يقولان أن عملية نقل نجليه من القاهرة إلى شرم الشيخ ستكون أكثر صعوبة بل مستحيلة تطبيقا لنفس النظرية ، ناهيك عن التكلفة المالية لهذه المحاكمات الغريبة والفريدة من نوعها ، ومن أين ستوفر الدولة ميزانية للإنفاق على هذه التنقلات والمحاكمات التي قد تستمر لشهور طويلة.؟ لو حدثت أصلا..!!

طبعا سيتم الإنفاق عليها من أموال الشعب المسكين الذي لم يذق حلاوة ثورته حتى الآن بحصوله على حد أدنى للأجور ، على الرغم من الصداع الذي سببه لنا جميع خبراء الاقتصاد وكل من يدعى خوفه على مصر من أزمة اقتصادية وشيكة ستحل بالبلاد ، بينما مبارك قابع في شرم الشيخ ولا يعلم أحد من يدفع فاتورة علاجه ، وهؤلاء جميعا لم ينطقوا بحرف واحد بخصوص تكلفة محاكمة مبارك ونجليه في شرم الشيخ ، وكل ما يشغل الجميع هو السفسطة عن الحالة الصحية والحالة الأمنية.

أرجوكم ارحمونا يرحكم الله ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق