هل سيضيع الدم المصري بين القبائل
بداية لابد من توضيح حقيقة هامة جدا للقارئ الذي لا زال يقتنع أن رحيل المجلس العسكري معناه سقوط الجيش أو سقوط الدولة ، أعيد وأكرر توضيح هذا للتفريق بين (الجيش أو القوات المسلحة) وبين (أعضاء المجلس العسكري) ، مصر لن تسقط برحيل شخص أو مجموعة أشخاص مهما كان هذا الشخص ومهما كان دوره وقامته وقيمته ومنصبه ومكانته ، ولكي يفيق الشعب المصري أقول للمصريين جميعا:ــ هل سقطت الدولة الإسلامية وانهارت بُعَـيْد موت خاتم النبيين عليهم جميعا الصلاة والسلام.؟ ، وهنا مأزق كبير جدا سيقع فيه كل من يروجون لفكرة أن سقوط أو رحيل المجلس العسكري معناه سقوط مصر ، لأنهم لو قالوا أن الدولة الإسلامية سقطت بُعَــيْد موت خاتم النبيين فهذا دليل قاطع على أن الصحابة انقلبوا على أعقابهم كما قال رب العزة جل وعلا في القرآن الكريم يحذرهم من هذا يقول تعالى (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ)آل عمران:144 ، ولو قالوا أن الدولة الإسلامية لم تسقط بُعَــيْد موت خاتم النبيين إذن مصر لن تسقط أبدا لو رحل المجلس العسكري كله ، أو رحل عنها وتركها كل مجرم من المجرمين الذين شربوا من سياسة مبارك وسرقوا أموال وحقوق المصريين في كل شيء على مدى ثلاثة عقود في صورة مصالح وخدمات و هدايا ومحسوبيات ووساطات وأظرف منـتـفخـة تعبيرا عن الولاء لمبارك ، إذن لن تسقط مصر لو رحل كل هؤلاء الفاسدين من الحياة السياسية و الحياة الإنسانية المصرية ، وأنا هنا لا أقصد أبدا مقارنة خاتم النبيين بأي شخص ، وإنما أقارن سلوكيات وأفعال وعمل إداري كان يقوم به كلاهما في دولته.بــدايـة: لماذا أسأل عن ضياع دماء المصريين.؟ ، وماذا أقصد بالقبائل.؟ ، أعني بالقبائل (الحكومات المتعاقبة) وهي حكومات شفيق وشرف والجنزوري ، فهو تعبير مجازي عن ضياع الحقوق ومهزلة المحاكمات التي لم تتم حتى الآن ، منذ بدأت الثورة وكل حكومة من هذه الحكومات أو كل قبيلة ــ كما نعتهم عنوان المقال ــ قامت بدور فعال في الثورة المضادة وشاركت بشكل واضح جدا في قتل مجموعة من المصريين ، ولا يمكن أن نبرئ رئيس حكومة عندما يتم قتل وسحل وتعذيب عدد من المصريين والاعتداء على إنسانيتهم وكرامتهم في وجوده ، لأن رئيس الوزراء المسئول الأول عن كرامة وحقوق وحياة كل مصري ، ورغم أن رؤساء الوزراء جميعا حتى الآن شاركوا المجلس العسكري بصورة فاضحة واضحة في قتل المصريين فهم متهمون جميعا ولابد من التحقيق معهم ومحاكمتهم ومحاسبتهم أمام القضاء فهذا أمر بديهي وعادل جدا ، لكنه لم يحدث وهذا هو سبب اختيار العنوان ، وفيما يبدو أن الثورة كلما طالبت بمطلب حتمي يتم إدخال البلاد في معركة يسقط خلالها عشرات القتلى ومئات المصابين وينشغل الجميع بهم وينسوا مؤقتا ثورتهم ، ثم يتكرر الوضع كما تكرر في العباسية والبالون وماسبيرو ومحمد محمود واليوم في القصر العيني ومجلس الوزراء ، وأصبح الأمر أكثر وضوحا ، يقومون باختلاق أي مشكلة بين الثوار بحيث يكون هناك مبرر للتعامل الأمني معهم ، وفي الوقت المناسب يدخل البلطجية في المشهد يحرقون ويسرقون ويخربون ويدمرون المباني والشوارع ويمثلون ما يشبه معركة مع الجيش أو الشرطة لكي يتم تشويه صورة الثورة والثوار ويبدو المشهد وكأن الثوار بلطجية ومخربين ويريدون إحراق مصر على الرغم أن نفس الثوار هم الذين نقلوا 30 ألف كتاب خارج المجمع العلمي لحمايتها من الحريق وسلموها للجيش ، هذا هو السيناريو المقصود تسويقه طوال الوقت عن الثورة وعن الثوار وبكل أسف بعض المصريين صدقوا هذا الكذب والافتراء ، وبكل نذالة وخسة يساهم بعض الاخوان في هذا ويخرج أحدهم على قناة الجزيرة مباشر مصر اليوم الأحد 18/12/2012م ، يتهم الثوار بأنهم يحصلون على تمويل من الخارج (أمريكا) لتنفيذ مخطط ما ، وتناسى هذا الاخواني عملية التنسيق العلني بينهم وبين أمريكا ، هذا هو رد الجميل للثورة والثوار ــ الثورة التي وضعت الإخوان في هذه المنزلة ومنحتهم هذه الفرصة ، ولكن لا نلوم عليهم فمن يستغل الدين لمصالح سياسية ومن يكذب على الناس باسم الدين لا نستبعد عليه فعل أي شيء.
المضحك في كلام الدكتور الجنزوري: أنه يقول صراحة أنه ينوي البدء في تنفيذ خطة تقشف عامة في المجتمع ــ دون أخذ رأي أحد من المصريين ــ لكي يستطيع توفير 20مليار جنيه ، ومقابل هذا يخشى من تطبيق الضريبة التصاعدية على رجال الأعمال الذين سرقوا مصر وشعبها بمساعدة مبارك ، وفي نفس السياق يقول الجنزوري إن تطبيق الحد الأقصى للأجور ليصبح (35 مرة من الحد الأدنى) سوف يُغضب البعض واعترف صراحة أنه لا يمكن أخذ هذا القرار قبل عرضه على مجلس الوزراء ، ثم يقول أن هذا الكلام سيغضب البعض ممن يأخذون أكثر من الحد الأقصى بكثير ، وهنا لابد من سؤال: أين هي الصلاحيات الكاملة.؟ ، حضرتك يا دكتور جنزوري تخشى غضب قلة من المصريين نهبوا حقوق ملايين المصريين ، ولا يحرك فيك ساكنا من لا يجد قوت يومه ، ومن يحصل على راتب لا يكفي الخبز ، ولم تفكر في غضب وحزن وقهر أسر الشهداء والمصابين ، لم تشعـر بخطورة ما تقول وأنت تخشى خوف هؤلاء ، ولا تعير اهتماما لمن عاشوا عقودا طويلة في فقر وجهل ومرض ، وضحوا بأنفسهم في ثورة مصرية عظيمة ، ووصل بك الحال أن تستعطف أصحاب الأجور المليونية وتذكرهم أن مصر بلدهم في محنة مالية واقتصادية وتطلب منهم التضحية برواتهم ، هل هذا أسلوب رئيس وزراء.؟ يفترض أنه يرأس حكومة إنقاذ وطني..!! ، صدقني يا دكتور لن تسطيع تطبيق الضريبة التصاعدية ولا الحد الأقصى على هؤلاء لأنهم شركاء في كل شيء ولن يوافقوا ، والسبب أنهم لن يسكتوا لأنك تريد حرمانهم من ثمن سكوتهم كما كان يفعل مبارك من قبل.
الفيديو هنا: http://www.youtube.com/watch?v=PsmwPAk4-4k
الظريف في الأمر أيضا أن وزير الآثار: قرر اليوم الأحد الموافق 18/12/2012م تشكيل لجنة لمعاينة عاجلة لمبنى المجمع العلمي الذي اشتعلت فيه النيران وأحرقته بالكامل...!! ، هذا القرار يدين وزير الآثار ، وكان يجب عليه التحرك فورا والاتصال بالجهات المسؤولة لإنقاذ المبنى ، لكن يبدو أن هذه خطة متفق عليها ، وأعتقد أن الشعب المصري لم ينسى بعد حريق مجلسي الشعب والشورى من قبل واستمرار اشتعال النيران فيهما لمدة حوالى 24 ساعة أو أكثر ولم تأتى سيارة إطفاء واحدة إلا بعد انتهاء المهمة واحتراق المبنى بالكامل وهذا ما حدث تحديدا مع المجمع العلمي.
بقليل من حسن النية سوف أعتبر نفسي مخطئا فيما قلته وٍسأفرض جدلا أن نفسي شريرة:
أقـول لو كان الثوار فعلا بلطجية ومخربون ويحركهم طرف ثالث.؟ فلماذا لم يقبض عليهم المجلس العسكري منذ أحداث البالون وماسبيرو ومحمد محمود وأخيرا وليس آخرا في أحداث القصر العيني ، ليس هذا فحسب لماذا لا يقبض عليهم ويذيع صورهم وأشكالهم أمام الرأي العام وعلى جميع الفضائيات لكي ينفضح أمرهم ، ثم يقوم بمحاكمتهم بالقانون دون قتل أو سحل أو تعذيب.؟ ، ليستريح الشعب منهم ومن أذاهم ، ولو كان الثوار بلطجية فلماذا تتركهم يحرقون مصر.؟ ، ولماذا تتركهم يخربون مصر.؟ ولماذا تتركهم يصنعون الفتنة بين الجيش والشعب.؟ ، ولماذا تتركهم وتترك حرائقهم حتى تأكل التاريخ والآثار.؟ هذا بخصوص البلطجية.
أما بخصوص الطرف الثالث: أو اللهو الخفي أقـول أين دور جهاز المخابرات العامة وأمن الدولة أو الأمن الوطني.؟ هل فشلوا في الكشف عن هوية الطرف الثالث والقبض عليه ومحاكمته وإعلان حقيقته أمام الرأي العام المصري لكي يهدأ الناس ويطمئنوا على أنفسهم وعلى وطنهم.؟ ، لماذا تتركون اللهو الخفي (الطرف الثالث) يورط الجيش والشرطة العسكرية في جرائم قتل وسحل وهتك عرض لا تقل إجراما عما حدث في موقعة الجمل ، وهنا لابد من الإشارة إلى أن المتهمين في موقعة الجمل قد يكونوا هم السبب في كل ما حدث ويحدث بعد بداية من موقعة الجمل ، لتوريط الجيش والشرطة العسكرية في جرائم أقبح وأقذر مما فعلوه بالمصريين في موقعة الجمل مما يجعـل محاكمتهم مستحيلة لأن المجلس العسكري المسئول عن محاكمتهم قد مارس نفس الأفعال وتورط في نفس الجرائم وهذا بالطبع يخدم موقف كل المتهمين في موقعة الجمل ويخدم جميع المتهمين بقتل الثوار منذ بداية الثورة ، وهنا الخطورة وخوفي من ضياع حقوق الشهداء والمصابين بين اللهو الخفي وبين توريط المجلس العسكري لأفراد الشرطة العسكرية في نفس الجرائم.
الـثـــوار: بكل أسف يتم وصفهم ظلما بأنهم سبب كل شيء ، فالثوار هم سبب الفوضى وتوقف عجلة الانتاج وهم البلطجية وهم يتعاونون مع الطرف الثالث اللهو الخفي ويحرقون ويخربون ، ومطلوب منهم نشر الأمن والأمان في مصر ، ومطلوب منهم أيضا القبض على البلطجية الذين اعتلوا أسطح المباني الحكومية وخربوها وأحرقوها وكسروها وهذه المباني في الأصل هي في حماية الجيش ، ومطلوب منهم تطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور ومطلوب منهم محاكمة مبارك وعصابته ومطلوب منهم محاكمة القتلة والمجرمين وجميع المتهمين بقتل الثوار ، ومطلوب منهم توفير احتياجات المواطنين ومطلوب منهم حل جميع المشاكل التي يتعرض إليها أي مواطن مصري في أي مكان على أرض مصر في حالة غياب الدولة والقانون معا ، ومطلوب منهم أيضا فوق كل هذا تقديم ضحايا ومصابين ومعتقلين كل يوم ، وغيرهم يغسل يديه بدماء هؤلاء الشهداء أو يستغل المرحلة الاستغلال الأمثل ويعيش فرحة و نشوى سياسية غير مسبوقة ، وبكل سفالة يجني ثمار تضحيات ومعاناة هؤلاء الثوار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق