الحج " سعدون " وامتحانات الثانوية
هذه القصة تجمع بين الواقع والخيال وبعض أحداثها من الخيال لكن بعضها واقعي مائة بالمائة ..
الحاج سعدون تاجر كبير عايش حياته بالطول والعرض مع زوجته و أولاده الخمسة..
بيتاجر في كل حاجة يجيب منها فلوس ، وكل همه في الدنيا أنه يجمع فلوس وبس ازاي على حساب مين مش مهم ولما كان اهتمامه بالفلوس شيء مَـرَضي أهمل في تعليم اولاده الاربعة الكبار ومش فكر في حكاية التعليم دي الا في نهاية المطاف لما لقي السوق والتجارة بقي فيهم منافسين متعلمين ولازم يكون عنده واحد من اصحاب الشهادات ، المهم فكـّر الحاج سعدون أن يكون له واحد متعلم من اولاده وطبعا لان الاولاد الاربعة كبروا وفاتهم الدور أو سن المدرسة ـ يبقه مفيش فرصة الا أصغرهم الواد عوضين المحروس من العين إنه يدخل العلام ، على الرغم انه بيشرب سجاير وهو في اللفة ومش طايق يسمع سيرة العلام ولا المدرسين ولا شكل القلم والكراس ، بس لازم ياخد شهادة وخلاص ، هي تيجي الحاج سعدون اولاده كلهم يكونوا جهله ومفيش ولا واحد معاه شهادة دي تبقة عيبه في حقه ..
المهم قرر الراجل ان ابنه الصغير عوضين يدخل العلام (التعليم) وبدأ يجهز له فى المطلوب وراح قدم له في المعهد ، والحمد لله الواد عوضين ببركة دعا الوالدين بقه ينجح كل سنة بالعافية لغاية ما وصل الثانوية وهو أبيض يا ورد يعني مش بيعرف يفك الخط ، وهنا طبعا لازم ياخد الثانوية بالذوق بالعافية لازم ياخدها حتى لو خدها في العضل ـ ده ابن الحاج سعدون اكبر تاجر في الناحية ، ولما قربت الامتحانات عرف الحاج سعدون بطريقته رئيس اللجنة والسادة الملاحظين وبدأ يبعت أولاده الأربعة في كل ناحية بالهدايا مقدما ورتـَّب المسائل وجهز الدبايح وكله تمام ، لأنه عارف ان المحروس من العين عوضين مش بيعرف يفك الخط ولا يربطه ، المهم بدأت الامتحانات واشتغلت العزومات ونزلت المشروبات ووصلت العربيات لتوصيل الملاحظين طول الامتحانات ..
وكله ماشي تبع الخطة ويا بخت من كان له ابن زميل دراسة للواد عوضين تبقه امه داعيه له ها ينجح من وسع لأن الغش كان على ودنه والورق قصدي البراشيم داخل اللجنة كتير لدرجة أن في ناس كانت بتكتب اجابة السؤال مرتين ما هي هيصة ومولد وصاحبه غايب ..
خلصت الامتحانات وظهرت النتيجة ونجح الأخ عوضين بس من غير حسد جاب مجموع خمسين فى المية يعني نجح بالعافية بس المهم انه نجح وخد الثانوية لأنه ضمن يدخل كلية وخلاص ويرفع راس أبوه قدام الناس.
..
ونرجع بقه للحاج سعدون التاجر الكبير وحكايته في الدنيا وبعد ما عمل مهرجان غش لابنه في الامتحانات علشان ياخد الثانوية ويتشرف بيه قدام اهل الناحية ، مهرجان الغش اللي عمله الراجل ده جه على دماغه بعدين ، كان في كام ولد زمايل ابنه عوضين في الثانوية وزي ما قلت امهم داعيه لهم بس دول والحمد لله كانوا بيعرفوا يفكوا الخط شوية ربنا كرمهم من هوجة الغش وجابوا مجاميع نار فوق التسعين في المية ، واللى دخل طب واللى دخل صيدلة واللى دخل هندسة واللى دخل لغات واللى دخل تجارة وزراعة ـ وهاصت معاهم ، ما هو رزق الهبل على المجانين زي ما بيقولوا عندنا في مصر ، ودارت الأيام ولفت الأيام وكبروا زمايل عوضين واتخرجوا من كلياتهم طبيب ومهندس وصيدلي ومحاسب وموظف في التموين وموظف في الضرايب العامة وموظف في الجمعية الزراعية يعني تشكيلة حلوة قوي ، وبدأ الحاج سعدون يقابل كل سنة واحد من زمايل ابنه عوضين ــ اللى غشوا معاه ــ في مصيبة على المقاس وتفصيل ازاي تعالوا نعرف ونشوف ..
أولا: وطبعا بعد الأخ عوضين ما خلص كلية أصول الدين واتخرج وبقه من اصحاب الشهادات الكبيرة لازم يتأهل ويكمل نص دينه زي ما بيقولوا على الجواز في مصر ، على الرغم انى مش عارف ايه علاقة الجواز بنص الدين ، ما علينا ، المهم الحاج سعدون والد عوضين فكر يبني بيت جديد للواد عوضين قصدي للشيخ عوضين لأنه إن شاء الله هايكون إمام مسجد ولازم يكون له دار ملكة خصوصي ، وطبعا الدار دي عاوزة مهندس والمهندس موجود زميل عوضين في الغش (قصدي في الثانوية) اللى كان معاه في الثانوية ـ جابوا المهندس علشان يخطط ويبني البيت وجابوا الحديد والاسمنت وبدأ العمل وطاخ طيخ طوخ خلص البيت تلت تدوار (طوابق) في اقل من شهرين وقبل ما يسكن فيه حد حصلت مصيبة كبيرة البيت اصله مبني في قلب الارض الزراعية وعلى مساحة كبيرة قوي حوالي قيراطين ، ماهو اصل مدير الجمعية الزراعية قابض هو كمان ..
المهم حصل ايه للبيت ـ حضرة الباش مهندس صمم راسه والف سيف انه يبني البين من غير قواعد لأنه كان سمع زمان ان الارض الزراعية ثابتة ومش محتاجة لقواعد ، وهو والحمد لله ماتعلمش حاجة ومشي على اللى سمعه من الناس زمان ، وكانت النتيجة وقع البيت وقعد سعدون يندب حظه ، ومش كده وبس ..!! جاله صداع نصفي كان هايفجر دماغه ، زعَّـق سعدون يا ولاد الحقوني بحباية من الصيدلية الصداع هايموتني ، وراح واحد من عياله الصيدلية اللي صاحبها برضه دفعة عوضين في الغش ـ ودخل عوضين الصيدلية لقي زميله الصيدلي الدكتور (حقنة) عاملها غرزة لبتوع الكيف والمزاج يبيع لهم ادوية الأطفال وحبوب الصداع وكله ، فقاله عاوزين حباية للصداع لابويا يا دكتور قاله والله لسة بايع أخر شريط وربنا يسهل والعربية تيجي النهاردة ، وربنا يلطف بالحاج سعدون ومش تقلق عليه هايكون تمام ..
ثانيا : طبعا ام عوضين لما عرفت موضوع البيت وقعت هي كمان من طولها في الشارع وراحت في غيبوبة وكده طبعا الموضوع محتاج دكتور ، الأخ الكبير قال ... فز قوم يا عوضين شوف لنا دكتور
ـ حاضر ـ دقيقة واحدة هايكون عندكوا دكتور ..
وراح عوضين جاب الدكتور حـكـشة اللى كان زميله برضه في الثانوية ، دخل الدكتور خير يا جماعة فيه ايه قالولوه اتفضل يا دكتور شوف الحاجه مالها ..
دخل الدكتور وبدأ يقيس الضغط ويشوف النبض وبعد كده وقف مبلم مش عارف يعمل أي حاجة مرة يقول اعملوا لها كمادات ومرة يقول هاتوا بصلة ومرة يقول هي وقعت فين ـ لدرجة انه قال اوعوا تكون الحاجة وقعت عند الساقية القديمة اللى جنب البيت الجديد ـ أصلها زي مانتوا عارفين ساقية مسكونة واللى بيقع عندها يا لطيف مش بيقوم ، بصوا يا جماعة حد يقوم يرقي الحاجة وهاتبقه عال العال وزي الفل ، وساب البيت ومشي لأنه يا ولداه مش عارف اي حاجة في اي حاجة وحتى لو عارف ، ولو كتب اي علاج معروف الصيدلية فيها ايه وبيتباع لمين ، وبعد كام يوم الحاجة توفاها الله ماتت من كتر الدخانه والبخور وصفة حكشة الدكتور..
ثالثا : الحاج سعدون المصايب نزلت فوق دماغه من يوم ما فكـّر يدخل ابنه العلام لأنه واخد كل حاجة بلغة التجارة والفلوس واتعود أنه يشتري كل حاجة حتى لو كانت شهادة ..
وبعد وفاة الحاجة ام عوضين بسنتين فاق و فكر يشغل دماغه تاني في التجارة ، ويعمل مشروع يعوضه الخسارة اللى حطت عليه ، فكر في ايه ، فكر يعمل فرن عيش بلدي لأهل البلد الغلابة ، جهز المبنى و الاوراق المطلوبة وراح قدم وانتظر وربنا كرمه وطلعت رخصة الفرن البلدي من نصيبه ، وبدأ الفرن يشتغل ، واكيد الحاج سعدون عاوز يعوض خسارته في البيت وفي وفاة الحاجة يعمل ايه بقه يخبز نص الدقيق ويبيع النص التاني لاصحاب مزارع المواشي ، ومن حظه الهـِباب جاله مفتش تموين من نفس الدفعة بتاعت ابنه عوضين ، وكان مفتش جعان وعينه فارغه ، قاله بص يا حج بالعربي كده هانقسم بالنص ـ الدقيق اللى هاتبيعه هاخد نص تمنه ، الحاج قاله ازاى بس يا استاذ (فِـيـنُـو) ده حرام ، الأستاذ رد وهو يعني مش حرام عليك تبيع الدقيق بتاع الناس الغلابة للبهايم استحمل بقه يا تدفع النص يا تخبز الدقيق كله ، وقف الحاج سعدون يخبط كف على كف ويقول في سرة بقه دي جزاة اللى يعمل خير في الزمن ده اني السبب اني السبب من يوم ما فكرت ادخل ابني العلام واشتري له شهادة والمصايب هلت فوق دماغي وشوية العيال اللى خدوا شهادات على قفايا ومن تعبي وشقايا هما سبب المصايب اللي اني فيها ، وفي نفس اللحظة اللي الحاج سعدون واقف بيسب ويشتم في شوية العيال قصدى المهندس والصيدليي والدكتور ومفتش التموين ومدير الجمعية الزراعية ـ جه واحد من عياله عمال يهلل ويزعق من بعيد يابا الحج يا با الحج مبروك يابا الحج ـ ابنك عوضين جالة جواب تعيين وبقة شيخ فى الجامع ، صحيح يا ولاه يا فرج الله يا فرج الله ، روح الحاج سعدون عالبيت وفرح ابنه الشيخ عوضين امام الجامع الجديد وقاله بص يا شيخ عوضين اول حاجة عاوزك تخطب فيها وتحذر الناس منها ومن بلاويها هي الغش في الامتحانات وربنا يكفيك شر اللى زيك من أصحاب الشهادات والمؤهلات .....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق