الجمعة، 25 يوليو 2008

حوار بلا فائدة حوار بلا جدوى ..2

حوار بلا فائدة حوار بلا جدوى ..2


في الجزء الأول ـ عرضت الطريقة التي يتلقى بها معظم المسلمون الحقائق القرآنية ، التي يلقى عليها الضوء الباحثون عن الحق ، و ردود الأفعال المترتبة على قراءة أو سماع أو معرفة الحق القرآني الذي أوحاه الله عز وجل على رسولنا الكريم ، وغالبا ما تكون ردود الأفعال قاسية وتصل إلى الاتهام بالكفر ، والوصول لمستوى في النقاش من جانبهم ليس له أدنى علاقة بلغة الحوار ، ولا يمكن أن نطلق عليه حوار بأي حال من الأحوال ، ولذلك اخترت هذا العنوان ، لأنه في الغالب ينتهي الحوار بلا فائدة مع هذه النوعية من القراء والمعلقين ، أو الكتاب المتحاورين ـ حيث يقوم من يسمون أنفسهم بالكتاب المدافعين عن الإسلام بمخالفة أولى مبادئ الإسلام وهي التسامح والدعوة إلى سبيل الله عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة ..


الإسلام العظيم دين التسامح والعفو والحرية واحترام حقوق الآخر مهما كان هذا الآخر مختلفا معك في دينه أو عقيدته أو منهجه الفكري ، فالإسلام كدين وقيم عليا يأمرنا كمسلمين أن نحترم بعضنا البعض وأن نحترم كل إنسان مسالم طالما لم يعتدي علينا وعلى حقوقنا ، وأن نتحاور بالحسنى وقد نختلف أو نتفق لكن على ألا يؤثر هذا في مستوى الحوار بين المتحاورين ، وهذا هو الإسلام كقيمة عليا ..


كيف يدافع عن الإسلام إنسان يبدأ دفاعه بمخالفة الإسلام الذي يدافع عنه ، و يشوه صورة الدين الذي يدَّعي الدفاع عنه ، وكيف يدافع عن الإسلام إنسان يقول للعالم كله أنا مسلم ومن يختلف معي فهو كافر ويستحق القتل ، كيف يدافع عن الإسلام من يعتدي على حرية الآخرين في التفكير والاجتهاد. ، كيف يدافع عن الإسلام أناس تسببوا في تسويق صورة شديدة التطرف ، كيف يدافع عن الإسلام أناس لا يقبلوا أراء الآخرين بمجرد أنها لا تتفق مع أراءهم وأهواءهم ، ويريدون استعباد الناس وخداعهم وإقناعهم بأنهم لابد أن يكونوا تابعين فكريا للسلف والأزمان الغابرة وليس من حقهم التفكير مع أن التفكر والتدبر فرضان قرآنيان ..


ولأن التفكير هو أولى خطوات الشخصية المستقله التي قد تهدم نظرية اولئك المتطرفون المتعصبون لفكرهم ، لذلك نجدهم يتخذون من الإرهاب الفكرى ورفع سلاح التكفير وسيفه سبيلا فى وجه المتدبرين الداعين إلى قرآن الله المجيد ، والباحثين عن الحق بين صفحاته وجنباته ، وهنا يحق لنا ان نسأل هل دعوة الناس لقراءة القرآن وتدبره تعد كفرا ..؟؟
هل دعوة الناس لكتاب الله واتخاذه حـَكـَمـَا عادلا على كل شيء تعد كفرا وفجورا ..؟؟


سأضرب لكم مثالا حيا من الواقع لتوضيح تأثير هذا الفكر المتعصب المتطرف في تقييد حرية الناس ، وفي تحجيم العقول ، وفي محاولة قد تنجح بعض الأوقات في تهميش بعض العقول ـ ذات مرة كـنت أتحاور مع بعض الأصدقاء والمعارف في فتوى يطالب فيها قائلها ، وهو أحد مشايخ الإخوان المسلمين ـ يحكم فيها بقتل البهائيين جميعا ، قد قالها على قناة دريم 2 عندما كان ضيفا على برنامج الحقيقة ، فبدأ الحوار أن قلت أنا وصديقي أنه ليس من حق هذا الشيخ أن يفتي بقتل هؤلاء الناس لأنه بذلك يمكن أن يوحى إلى العديد من الشباب الإخوانى المسكين بجرائم قتل ليس لها أي سند ديني في القرآن الكريم ، وتحدثنا في أمور عدة ، وكان ضمن المشاركين في الحوار طالب في كلية الطب ، فعندما قلت أنا وصديقي انه لابد من مناقشة كذا وكذا وعرضها على كتاب الله عز وجل ـ فقال وما دخلكم أنتم بمثل هذه الأمور إن لها رجالا متخصصون فقلت له وما الفرق بينك وبينهم من الممكن أن تفكر بعقلك فيما قالوا وتجد فيه ما يخالف القرآن الكريم ـ فقال أنا في أي موضوع يخص الدين أضع عقلي تحت حذائي وأوافق على أرائهم بدون تفكير ، وهذا ما وصل إليه طالب كلية الطب ، وهو بكل أمانه كان طالبا متفوقا في الدراسة فما بالكم بالإنسان العادي محدود الإمكانيات ..


إن أصحاب هذه الأفكار يريدون تهميش العقول ، يريدون استعباد الناس باسم الدين ليس إلا ..
ونرجع ونقول إن مستوى الحوار الذي يكون عنوانه التكفير لا يمكن أن نطلق عليه حوار مطلقا ، الحوار الذي يحمل بين ثناياه اتهامات بالردة والفجور لا يمكن أن يرتقي لهذا الاسم (حوار) ، الحوار الذي يلجأ صاحبه لتشويه وتمزيق صورة من يحاوره يوضح المرض النفسي الذي يتمتع به هذا ألمكفراتي ـ حيث يقول علماء النفس أن الإنسان الضعيف دائما عندما يريد التفوق والظهور والنجاح يتمنى أن يفشل جميع من حوله ، و لا يفكر في العمل والاجتهاد ليتنافس معهم ويتعلم منهم ، فهو يريد النجاح بفشل غيره ، وهذا لا يعد نجاحا على الإطلاق ..


وهذه النوعية من الناس تلجأ لتلك الأساليب المتطرفة لأنهم لا يملكون حجة يواجهون بها الباحثين عن الحق فى كلام الله عز وجل وكتابه الكريم ، وفي الوقت ذاته يريدون طمأنة النفس أنهم على الحق والآخرون هم الكفرة الفجرة ويستحقون القتل لأنهم أيقظوهم من غفوتهم تلك ، وضيعوا أحلامهم في دخول الجنة بمجرد قولهم لا إله إلا الله ، أو موتهم وفي قلوبهم مثقال حبة من خردل من إيمان ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق