لمن تُـبنى هذه المساجد..؟؟
لا أدرى من أين أبدأ الحديث , لكن لابد أن أتكلم لأن الموضوع فى غاية الأهمية والخطورة ..
ظهرت فى السنوات الأخيرة ظاهرة بناء المساجد بطريقة زائدة عن الحد تحتاج دراسة وتفكير ونظرة بعيدة المدى ..
فهناك من يبنى مسجداً ليُسَهـل على نفسه الحصول على تراخيص المبانى و تيسير توصيل المرافق الى المبنى .. الذى يتحول فجأة لعمارة سكنية فخمة ويصبح المسجد طابقا أرضيا ضمن طوابق العمارة ..
ومن يبنى المساجد بهدف البحث عن وظيفة لأبناءة وأقاربة أو أهل بلدته مقابل مبلغ من المال طبعا..
لكن الجديد فى الموضوع أن تظهر جمعيات خارجية تقوم ببناء مساجد خمس نجوم تكلفة المسجد الواحد لا تقل عن نصف مليون جنيه أويزيد ..
لكن هذه الجمعيات لها شروط فى بناء مساجدها : لابد ان يكون المسجد على طريق عمومى وغالبا يكون المسجد فى عزبة أو نجع أو قرية صغيرة جدا لا يزيد عدد سكانها عن خمسمائة نسمة وعلى الرغم أن سكان هذه العزب والقرى والنجوع منهم من لا يجد عملا يتربح منه ليعيش أقل درجات العيش وأغلبهم يشكوا من ضيق الحالة وعدم وجود دخل ثابت , ومعظم سكان هذه المناطق يعيشون فى بيوت من الطوب اللبن ولا يوجد فيها أبسط قطع الأثاث فهم يعيشون حياة بدائية جدا , رديئة جدا .. فهل يعقل أن هؤلاء المساكين يحتاجون إلى مسجد خمس نجوم يصلون فيه .. مسجد به سجاد وموكيت وحمام سيراميك وخلافه ويغلق بعد الصلاة خوفا من السرقة شىء مضحك جدا .. إن مثل هؤلاء المساكين يمكنهم إقامة الصلاة فى أى مكان كما يقول الدين الإسلامى العظيم , ولا غبار على ذلك .. فهم بحاجة إلى مشاريع تستوعب البطالة التى حولت حياتهم إلى جحيم , وهم بحاجة إلى بناء مدارس يتعلمون فيها , وهم بحاجة إلى وحدات صحية للعلاج ومعاملتهم كالبشر .. أظن أن مبلغ نصف مليون جنيه يكفى لعمل مشروع يعمل به شباب ورجال هذه القرية البسيطة ليحول حياتهم إلى الأمان والإطمئنان على لقمة العيش, سيكون ثوابه أكبر من بناء الجامع . هل يعقل أن أطلب من إنسان بلا عمل وبلا دخل ولا يملك قوت يومه أن يذهب للصلاة فى مسجد خمس نجوم كهذا , وبعد بناء هذا المسجد الفخم يتم تصويره بكاميرات الفيديو فى يوم جمعة بحضورعدد من رجال هذه الجمعيات الخيرية وطبعا يتم تصوير هؤلاء المساكين أهل القرية وهم يسلمون على بناة المسجد ..
ما هذا ؟؟
هل يريد أصحاب هذه الجمعيات تحويل القرى والنجوع إلى قاهرة المليون مأذنه وبها خمسة ملايين عاطل بلا دخل , وأربعة ملايين يسكنون المقابر , أو يعد هذا مشروعا وهابيا مدروسا للسيطرة على مصر من خلال هذه المساجد المنتشرة فى أنحاء مصر , ومحاولة نشر الفكر السلفى الوهابى داخل البلاد , لأن هذه الجمعيات يتم تمويلها من جماعات جذورها سعودية , وهذا الموضوع منتشر فى أغلب محافظات مصر , والطريف ان مندوب الجمعية يريد بناء تسعة وتسعون مسجدا أسوة بأسماء الله الحسنى ..
هل بناء المساجد بهذه الطرية أفضل أو بناء المصانع والمشاريع ليعمل بها الفقراء والمساكين المحتاجين ومعدومى الدخل إذا كانوا فعلا يريدون عمل الخير.. هل بناء هذه المساجد أفضل أم بناء المعاهد والمدارس والمستشفيات التى ترتقى بمستوى معيشة الإنسان علميا وصحيا ..
وأنا أجزم أن البلاد التى تبنى فيها هذه المساجد بها أكثر من مسجد يستوعب المصلين فى هذا البلد وأكثر ..
وبها أيضا معهد آيل للسقوط ويحتاج إلى إعادة بناء وبها مدارس ليس بها مقاعد للطلاب بل يجلسون على الأرض كما توجد قرى بدون مدارس أصلا ويقطع الأطفال مسافات طويلة فى البرد أحيانا والحر أحيانا أخرى للوصول إلى المدارس المجاورة .. وبها فقراء بدون عمل وبدون أى دخل ورغم ذلك يكون الإصرار على بناء المساجد الخمس نجوم بجوار معهد آيل للسقوط وبه رطوبة وصلت للسقف ويوما ما سينهار على التلاميذ , والأمثلة موجودة وكثيرة ..
فإذا كانت هذه الجمعيات أو هؤلاء الأشخاص يريدون فعلا عمل خير فلماذا لا يفكرون فى عمل مشاريع للفقراء لتستقر حياتهم , وبناء مدراس ومعاهد ومستشفيات او وحدات صحية لرفع مستوى معيشة هؤلاء الفقراء والمساكين وكله بثوابه وكله عمل خير إذا كانت النية فعلا هى عمل الخير ..
أم أنهم يريدون هؤلاء المساكين فقراء على حالتهم ضعافا ينتظرون العطف كل عيد وكل موسم وكل رمضان حتى يستطيعوا السيطرة عليهم مع مرور الوقت وتجنيدهم وتحويلهم إلى عتاد يستخدمونه فى تنفيذ أعمالهم المعروفة ..
إن الصلاة يمكن إقامتها فى البيت أو العمل أو الحقل أو أى مكان .. فالصلاة فى أى مكان على الأرض جائزة ولا خلاف على ذلك ..
أعمال الخير لها طرق كثيرة ولا تقل أهمية عن بناء المساجد لكن إذا كانت النية هى عمل الخير فعلا ..
سؤال يطرح نفسه :
هل بناء المساجد فى مصر أصبح أهم من إطعام الفقراء وكسوتهم وعلاجهم وتعليمهم ... ؟؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق