الاثنين، 28 يوليو 2008

قضايا هامة في معتقدات مسلم ـ الجزء الثالث

قضايا هامة في معتقدات مسلم ـ الجزء الثالث


تابع إعادة قراءه لكتاب المسلم العاصي ـ للدكتور ـ أحمد صبحي منصور
بعد الحديث عن أماني المسلمين في الخروج من النار ، وعن الروايات التي تسببت في تثبيت هذه الأماني في عقائد المسلمين نتحدث في هذا الجزء عن أسباب خلود العصاة في النار من خلال آيات القرآن الكريم ..

كما فهمنا من خلال آيات الله عز وجل في كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أن هناك طريقه واحده للنجاة من النار يوم القيامة ، وهي الإيمان والعمل الصالح معاً ـ وهما دائما مرتبطين معا ، ولذلك ارتبط الإيمان بالعمل الصالح في آيات عدة ـ لذا يتردد في القرآن الكريم قوله تعالى ( الذين أمنوا وعملوا الصالحات ) ، وبذلك يتضح أن الإيمان وحده بلا عمل صالح لا ينفع ، والعمل الصالح بلا إيمان لا يفلح صاحبه .. وهذه معادلة يجب أن تكتمل ليدخل الإنسان الجنة ..


وأصحاب النار هنا هم الكفرة ، والمؤمنون العصاة يقول تعالى (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) الجن :23ـ وهذه الآية توضح أن العصاة خالدون في جهنم سواء كانوا مؤمنين أو كافرين .. والشائع بين المسلمين أن الكفار فقط هم من يخلدون في النار ، أما المسلمون العصاة فسوف يدخلون النار لفترة محددة كما منـَّاهم الشيطان ، ثم يخرجون منها ليدخلوا الجنة ، كما جاء في روايات البخاري .. وهنا وقع المسلمون فيما وقع فيه السابقون من اليهود وأهل الكتاب ، وزين لهم الشيطان أعمالهم ..


وإذا عرضنا الذنوب التي يستحق أصحابها الخلود في النار كما جاءت في القرآن الكريم ـ سنجد أن أغلب المسلمون قد يقعون في هذه الذنوب ..


1ـ الربا على سبيل المثال ـ كان المسلمون يتعاملون به في المدينة في عصر الرسول عليه السلام ـ إلى أن جاء قوله تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ) البقرة : 278، 279 ، وجاء تحذير آخر يخوف المؤمنون من الخلود في النار إذا استمروا في التعامل بالربا ـ يقول تعالى (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)البقرة :275 فالمسلم إذا أقرض محتاجا بالربا كان من المخلدين في النار يوم القيامة ، كما تحدث القرآن ، وعلى سبيل المثال كثير من التجار الأغنياء يُـقرضون الفقراء أو أصحاب المشاريع الصغيرة مبالغ مالية لإنشاء مشاريعهم البسيطة التي يتعيشون منها ، وفي المقابل يأخذون منهم (الجنيه بجنيه عند سداد الدين) يعني فائدة مائة بالمائة ، وتجد من يُـقرض الناس هذا يقيم الصلاة عادي ، لكنه لم يقرن الإيمان بالعمل الصالح ، ولأنه تناسى قوانين رب العاملين في الثواب والعقاب ، وقع تحت تأثير روايات البخاري وأماني الشيطان فهو مؤمن بالله ويصلي ، لكنه لا يعمل صالحا..


2 ـ الميراث ـ أنزل المولى عز وجل جميع تفصيلات الميراث في القرآن الكريم ثم قال سبحانه وتعالى (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) النساء : 13، 14 ـ أي أن المسلم الذي لا يلتزم بقواعد الميراث التي نزلت في كتاب الله فهو مخلد في النار ، ورغم ذلك تجد في الريف المصري أغلب الفلاحون يأكلون ميراث أخواتهم البنات ، وذلك بحجة أنه يصل رحمه معهن ، ويقوم بزيارتهن في كل موسم من مواسم المسلمين ، وإذا طالبت الأخت أخيها بحقها الشرعي في الميراث ـ يرفض ويقول (حقك وصلك واكتر شوية ) ، وعادة ما يكون الميراث أرضا زراعية ، وبسبب حب الفلاح للأرض الزراعية يخالف شرع الله ويتسبب لنفسه في دخول جهنم والخلود فيها ، على الرغم أنه غالبا يكون من المصلين ..


3 ـ الغرور والطغيان بالمال ـ الإنسان إذا اغتر بأمواله و طغى وبغى على الناس انطبق عليه قوله تعالى (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ) الهمزة : 1 :9 أي يكون في النار وقد أقفلت عليه أبوابها أحقابا لا نهائية ..


4 ـ المسلم إذا قتل مؤمنا متعمدا فجزاءه الخلود في النار مع الغضب واللعنة من الله يقول تعالى (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) النساء :93 ، وهنا سؤال قد يرعب الكثير من المسلمين ـ ما هو مصير الصحابة والسلف الصالح الذين اقتتلوا فيما بينهم في الفتنة الكبرى ، وما بعدها في موقعة الجمل وصفين والنهروان وغيرها ـ حيث زاد القتلى عن مائة ألف قتيل ـ أعتقد أن أحاديث الخروج من النار كانت في الأغلب لتبرئتهم من قوله تعالى (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) النساء :93
وما مصير قادة فتح وحماس الذين تسببوا في مقتل آلاف الأبرياء من أجل الوصول إلى السلطة ، ولا يزالون ..؟؟!!


5 ـ المسلم الزاني خالد في عذاب شديد ـ إلا إذا تاب قبل موته ، وهو في كامل قواه ـ توبة صادقة وهي بالإيمان والعمل الصالح معا ـ يقول تعالى (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ) الفرقان : 68 : 70
إذن العصاة المسلمون إذا ماتوا بدون توبة فمصيرهم الخلود في النار وهذا ما أكده كلام الله عز وجل ، لا يستطيع أي إنسان أن يحكم على توبة إنسان آخر بالقبول من عدمه لأن ذلك غيب لا يعلمه إلا الله ..

أرجو أن أكون وفقت في عرض هذه الجزئية من الكتاب


وإلى اللقاء مع الجزء الرابع


رضا عبد الرحمن على ـ مدرس بالأزهر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق