السبت، 26 يوليو 2008

يوم الطفل اليتيم

يوم الطفل اليتيم


تقديرا من الدولة لاحتياج الأطفال الأيتام للعون والمساعدة في مصر ، لقد خصصت الدولة يوما للطفل اليتيم ، ويقام احتفالا في الجمعة الأولى من شهر أبريل من كل عام في أنحاء الجمهورية ، وفي جميع مؤسساتها على السواء ، تقام فاعليات هذا اليوم لهذا الطفل اليتيم ، والطفل اليتيم معناه هنا (يتيم الأب أو الأم أو الاثنان معا) ، وهذا لا بأس به ، ولكن هل كل طفل يتيم بهذا المفهوم يحتاج أن نحتفل به ونخصص له يوما من أيام السنة ، وتحتفل به وتكرمه جميع مؤسسات الدولة ، هل جميع الأطفال الأيتام بهذا المعنى المذكور فعلا محتاجون لمساعدة من الجميع ، ومحتاجون لإلقاء الضوء عليهم ليتبناهم أهل الخير ، وحتى يتم مساعدتهم بطريقة أو بأخرى ، وحتى لا يشعرون بفرق بينهم وبين أقرانهم في المدارس و المعاهد و النوادي أو حتى في الشوارع التي يلعبون فيها.
إن هذا اليوم الذي تم تخصيصه لهذه الفئة من الأطفال أو الأولاد الذين يراهم المجتمع في حاجة للرعاية والتعويض النفسي للأبوة أو الأمومة أراه أمراً قاصرا ومتحيزا لفئة بعينها كي تسلط عليها أضواء التليفزيون والفضائيات ، فئة ليست بحاجة لعائل يوفر احتياجاتها , ولكن هناك ملايين الأطفال يعيشون في الشوارع وتحت الكباري ، وفي الورش الميكانيكية ، ويعملون في المهن اليدوية الشاقة التي لا يتحملها أي طفل على الإطلاق ، ورغم ذلك فهم يتمتعون بأب وأم ، ولكن !! جهلاء ـ فقراء ـ ضعفاء ، وكل شيء جائز ، أليس هؤلاء أحق بالرعاية وتسليط الأضواء عليهم بدلا من استثنائهم من قاعدة الأيتام التي تخصص مسمى لا يحدد فقرا أو تشريدا أو ضياعا لهؤلاء الأطفال ، وهذا المسمى يفتقر للعدل والمساواة ، لأنه عندما نريد مساعدة أحد فليس بالضرورة أن يكون يتيما ، ولكن الضرورة تحتم علينا جميعا أن من يستحق المساعدة هم أولى بهذه المساعدة ،وأولى بتسليط الضوء عليهم، وعلى سبيل المثال ـ أنا أعرف أطفالا أيتاما منذ عام 1984م لوفاة والدهم ، ولكنى رأيت بعيني من تكفل بهم من إخوتهم وأقاربهم على أكمل وجه ولم أراهم يوماً في حاجة لأي مساعدة ، وهذه الأمثلة موجودة بكثرة ، وفي نفس الوقت هم أيتام بهذا المفهوم ، والمقصود من هذا كله انه ليس كل طفل يتيم يحتاج لمساعدة ، وليس كل طفل غير يتيم لا يحتاج لهذه المساعدة ، ولكن الطفل اليتيم فعلا هو من لا يجد من يرعاه ، من لا يجد من يعلمه ، من لا يجد من يوجهه ، من لا يجد قدوة حسنة أمامه في بيته وفى مدرسته وفى مسجده ، وفي الشارع الذي يلعب فيه ، الطفل اليتيم هو الذي يولد في مجتمع لا يعترف به كإنسان من حقه أن يفكر ، ويبدع ، ويدلى برأيه في كل شيء ، ومن الممكن أن يقع في يد أحد شباب اللحية والجلباب ، وبذلك يكون صيداً سهلاً لترويضه لتجنيده وتحويله لإنسان كاره لجميع الناس ، رافض لكل شيء ، ومن الممكن أيضاً أن يقع في يد شباب البانجو وما أدراك ما البانجو ـ أصبح أرخص من السجائر ..
الطفل اليتيم هو الذي لا يُنظر إليه بعين رأفة أو حنان أو إحسان ممن حوله.
عزيزي القارئ ـ هناك بعض التوضيح لهذه النظرة للأطفال ، فلابد من تصنيف الأطفال ـ كي نعرف ما يحتاجه الطفل فعلا ـ ونبدأ في مرحلة البحث عن تعويض هذا النقص والاحتياج .
1ـ طفل يتيم ـ غني ـ وهذا يحتاج إلى رعاية نفسية واجتماعية في المقام الأول ، و من يقوم على رعاية أمواله حتى يكبر ويرشد ويستطيع القيام على أمواله ، ويعتمد على نفسه.
2ـ طفل يتيم ـ فقيرـ وهذا يحتاج إلى رعاية نفسية واجتماعية أيضاً ، ثم مساعدة مادية من المجتمع المحيط به من أهله وأقاربه ثم جيرانه ومن الدولة ، فهو في أمس الحاجة لمن يكفله حتى يصير عضوا نافعا في المجتمع .
3ـ طفل ضائع ـ غير يتيم ـ وهذا الطفل أبويه أحياء أموات ، وهو الطفل الأكثر شيوعا في المجتمع ، وهو الطفل الذي يتسرب من التعليم لجهل مدرسيه ، لجهل الأسرة ، وانحراف الأبوين أو انفصالهما ، ولعدم وجود القدوة الحسنة في المجتمع, فهذا الطفل أشد الأنواع خطورة حيث يتخرج من هذا النوع بالتحديد محترفي الإجرام مما يعوم على المجتمع في النهاية بالضرر ، وهذا يرشدنا إلى حل الموضوع منذ بدايته ، وهو أن الطفل لو وجد الرعاية المناسبة منذ صغره والتوجيه المطلوب فلن يتحول إلى مجرم محترف الإجرام ، وبالتالي نكون قد وفرنا على أنفسنا مجهودا كبيرا ووقتا أكبر .
فيجب علينا جميعا أن نعرف ونحدد من هو الطفل الذي يحتاج للمساعدة فعلا ، ونفكر لو أن هذا الطفل لم تقدم له المساعدة كيف سيكون حاله في المستقبل ، من خلال هذه النظرة يمكن تحديد الفئة الأجدر بالرعاية والاهتمام من الأطفال ، حتى يمكن أن نضمن لهم مستقبلا مضيئا خاليا من الإجرام والانحراف ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق