الثلاثاء، 29 يوليو 2008

مخالفة القرآن في شهر رمضان

مخالفة القرآن في شهر رمضان


في هذه السطور أحاول تسليط الضوء على بعض المخالفات التي قد يقع فيها الكثير من المسلمين خلال شهر رمضان من كل عام، التي تخالف شرع الله عز وجل المُـنزل في كتابه الحكيم القرآن الكريم..

ولأن شهر رمضان يعتبر أهم الشهور عند المسلمين ـ لأنه الشهر الذي نزل فيه القرآن الكريم على خاتم النبيين، وهو الشهر الذي فيه ليلة القدر حيث تنزل الملائكة بأقدار البشر من رزق وموت وحياة.. لذلك فيحظى هذا الشهر باهتمام كبير من المسلمين ، ولكن مع الأسف يتم التعبير عن هذا الاهتمام بتدين سني ، وصوفي سني ، وكلاهما مخالف لما جاء به القرآن الكريم من ناحيتين ..


أولا ـ احدي هاتين المخالفتين في طريقة الإنفاق خلال شهر رمضان:


وفي هذا الشهر المبارك يسارع المسلمون في الخيرات ، والعبادات والطاعات ومساعدة الفقراء والمحتاجين ـ على خلاف العادة طوال العام حيث يعيش معظم المسلمون في حالة سبات طوال العام تجاه المولى عز وجل ، وفي حالة كسل شديد تجاه الإنفاق على الفقراء والمساكين والمحتاجين ، ولكن بحلول هذا الشهر المبارك يتحول الأمر إلى سباق شديد اللهجة بين المسلمين في إظهار الإمكانات في فعل الخير وإطعام المحتاجين والمساكين في موائد الرحمن المشهورة في معظم الدول الإسلامية ، وفي هذا الشهر يبدأ أصحاب الأموال في تذكر الفقراء والمحتاجين لإخراج الزكاة ، والاهتمام بهم وببعض احتياجاتهم في هذا الشهر ، وكأن هؤلاء المساكين يموتون ويعودون للحياة مرة أخرى بقدوم شهر رمضان ..
هل الفقراء والمحتاجين والمساكين لا يحتاجون هذا الاهتمام وهذه الرعاية طوال العام ..؟؟ ، أم أن معظم المسلمين يؤمنون برواية ( من رمضان إلى رمضان كفارة لما بينهما ) ـ وبهذه الرواية يعيش هؤلاء الأغنياء سعداء ، لا يعبئون بهؤلاء الفقراء والمساكين طوال العام ، لأنهم يعتمدون على هذه الرواية التي تخالف القرآن الكريم ، الذي لم يحدد وقتا لإخراج الزكاة ، ولم يقيد الإنفاق بشهر دون شهر ، لأن الفقر والمرض والحاجة موجودة طوال العام .. ، وكذلك لم يحدد نسبة معينة للزكاة أو الصدقات على الفقراء والمساكين كما يقول الفقهاء..
هل الفقراء موجودون فى شهر رمضان فقط..؟؟ أم أنهم فقراء طوال العام ..؟؟


والتناقض العجيب في الموضوع أن الدول الإسلامية هي أكثر دول العالم بها حالات الفقر والمرض والجهل ، ومن المفروض أن يكون العكس هو الصحيح ، لأنه من المفترض أن هذه الدول تطبق الشريعة الإسلامية ، ولكن السبب واضح ـ لأن معظم المسلمين في هذه الدول ينفقون ويزكون حسب الروايات الظنية ، متجاهلين تشريع القرآن الكريم ـ فتكون النتيجة واضحة ـ انتشار الفقر والمرض والجهل والظلم الاجتماعي بين طبقات الشعب الواحد في معظم الدول الإسلامية ، حيث تجد مواطن يمتلك من المال ما يكفي احتياجات الآلاف من البشر ، بينما تجد مواطن آخر لا يجد قوت يومه ويسكن العراء ، وكل هذا تحت سمع وبصر علماء ومشايخ الإسلام الأجلاء ..
وأعتقد أن هؤلاء الأغنياء لو طبقوا شرع الله عز وجل في الزكاة والصدقات كما نزلت في كتاب الله عز وجل ـ ما بقي إنسان جائع أو مريض أو محتاج في هذه الدول ..


ثانيا ـ المخالفة الثانية التى يقع فيها أكثر المسلمين وهي خاصة بالطريقة التي يؤدي بها المسلمون الصلاة في رمضان ..


مع قدوم هذا الشهر المبارك تجد عمال المساجد يبدأون في إصلاح مكبرات الصوت إن وجدت أية أعطال فيها استعدادا للسباق الكبير بين المساجد المجاورة لبعضها البعض في الإعلان عن قدوم شهر رمضان ، حيث تتم الصلاة في مكبرات الصوت بدأَ من الأذان وإقامة الصلاة ، وصلاة المغرب والعشاء وصلاة القيام (التراويح ) كاملة في مكبرات الصوت ، وكأن الصلاة باستخدام هذه المكبرات أصبحت سنة هي الأخرى ، مع العلم أن الصلاه من ضوابطها عدم رفع الصوت وعدم الجهر به .وهى بذلك تتحول الى شيء مخالف تماما لشرع الله عز وجل الذي أنزله على خاتم النبيين في كتابه العزيز ، وهذه الطريقة في الصلاة مخالفة واضحة لما أمرنا به مولانا تبارك وتعالى كيف نعبده أو ندعوه او كيف نؤدي الصلاة .. ولتوضيح ذلك بآيات بينات ـ يقول المولى عز وجل في كتابه العزيز يعلمنا كيفية الصلاة (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً) الإسراء : 110


ويعلمنا ربنا جل وعلا كيف ندعوه فيقول (ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) الأعراف :55، وفي آية أخرى من نفس السورة يقول تعالى (وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ) الأعراف : 205
هذه هي تعاليم القرآن في الصلاة والعبادة ـ كلها أدب ورقي وهدوء وسكينة وخشوع، ويتضح أيضا من الآيات القرآنية السابقة أن من لم يلتزم بها يكون من المعتدين أو الغافلين..
إذن الصلاة وكيفيتها كما جاءت في الآيات الكريمة السابقة ، وليس كما يفعل المسلمون في مكبرات الصوت في الصلاة وفي الدعاء ، التي تحول فيها الدين إلى مظاهرات صوتية بفضل أصحاب الفكر السلفي الوهابي من ناحية ، وبفضل التصوف السني من ناحية أخرى ..


هل أمرنا المولى عز وجل أن نصلي في مكبرات الصوت..؟؟
هل أمرنا المولى عز وجل أن ندعوه لمدة قد تصل أحيانا لنصف ساعة في مكبرات الصوت..؟؟
هل أمرنا المولى عز وجل أن نشوش بمكبرات الصوت على القرآن أثناء تلاوته كما يحدث الآن..؟؟ حيث تجد أحد المساجد يـُقرأ فيه القرآن والآخر يستمع فيه الناس لخطبة قصيرة ، ومسجد ثالث يدعو فيه الإمام بنصرة الإسلام وهلاك اليهود ، ومسجد رابع تجرى فيه مسابقة دينية يشرف عليها أحد الشباب التابع للجماعات الإسلامية ، وكل هذا يحدث في قرية صغيرة جدا في نفس الوقت ..
هل الصلاة بهذه الطريقة تراعي مرضى المجتمع ..؟؟
هل الصلاة بهذه الطريقة تراعي الطلاب المحتاجين للهدوء للمذاكرة والتركيز ..؟؟


وسأضرب مثالا يوضح كيفية التناقض في سلوكيات المسلمين عند التعامل مع خالقهم جل وعلا ، وعند التعامل مع رئيس العمل أو أحد كبار رجال الدولة مثلا ـ هل يستطيع أحد المواطنين أن يطلب من رئيسه في العمل إجازة مثلا ـ مستخدما في ذلك مكبرات الصوت أو معبرا عن طلبه هذا في صورة ابتهال ..؟؟ هل يمكن أن تقف أمام أحد كبار الدولة وتتغنى أثناء حديثك معه ..؟؟ أو تعبر عن طلبك مستخدما مكبرات الصوت ..؟؟ ـ أعتقد لو حدث هذا من أحد المواطنين سيكون مكانه معروف إما مستشفى العباسية أو سجن طره .. للأسف الشديد هذا ما وصل إليه تدين المسلمين هذه الأيام، تناقض واضح لكتاب الله عز وجل..
وأخيرا ـ هل أداء الصلاة بهذه الطريقة توافق التشريع القرآني الذي أنزله رب العالمين..؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق