الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ... في ثوبها الجديد
لا يخفى على أي إنسان ما تقوم به جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من تطبيق العقوبات على المقصرين والمخالفين لشرع الله من البشر من قبل أعضاء تلك الجماعة أو الهيئة ، وكأنهم يعتبرون أنفسهم المتحدثون باسم السماء ، وبأمر مباشر من الله عز وجل ، وبدون وسيط ـ ، ظنا منهم أن ما يقومون به من اعتداء على حرية البشر التي كفلها الله عز وجل وشرعها لكل الناس هي روح الدين وقمة العدل وتطبيق شرع الله في أرضه ، متناسين بذلك أن هناك حساب في يوم الحساب ..
وتلك الجماعة بما تفعله تتجاهل القوانين الإلهية لرب العالمين ، والقوانين الوضعية للمجتمع التي تعيش فيه ، حيث يقومون بتقمص دور ليس دورهم كبشر ، ويفعلون ما لم يفعله رسول الله وخاتم النبيين عليه السلام في حياته ، وأبسط هذه المخالفات حكمهم الظالم بجلد فتاة القطيف التي وقعت ضحية لإنسان فاقد الإنسانية ..
لكن العجيب ما حدث في مصرنا الحبيبة في شهر رمضان الماضي من عام 2007م ـ على يد إحدى هذه الجماعات ، ولكن في ثوب جديد وفكر جديد ، من شأنه وضع الشعب المصري تحت الاختبار ـ حيث يقوم شباب من الجماعة بالتطوع بمراقبة الناس في الشارع ، وفي محطات القطارات والأتوبيسات ومواقف السيارات وأي مكان به تجمعات ، مقسمين أنفسهم مجموعات ، ويبدأ عملهم بمراقبة أحد الأشخاص وبمجرد أن يشاهدوه قد نظر لبنت جميلة أو امرأة متبرجة أثناء مرورها في الشارع ، فيسارعون بمعاتبته قائلين له لقد ارتكبت ذنبا وإثما يستوجب عليك كفارة ولابد عليك من دفع هذه الكفارة فورا ، قائلين له إذا تكرمت ادفع لنا قيمة هذا الإيصال ، ويقرأ المواطن الإيصال يجد المكتوب فيه ( عليك الصلاة على النبي عشرة مرات ) ويتركوه ويذهبون للبحث عن غيره ..
وهذه الجماعة سعودية المنشأ وهابية الفكر تريد عمل اختبار للشعب المصري كما تريد ترويضه لتقبل هذه الأفعال في المستقبل البعيد ، فهذه المرة يطلبون من الإنسان أن يصلي على النبي أو يستغفر الله ، وأنا هنا لا أرفض أو أمانع في أن يستغفر الإنسان ربه جل وعلا ، ولكن لابد أن يكون ذكر الله واستغفاره سبحانه وتعالى نابعا من داخل الإنسان وبدون وصاية من أحد ، وهذه مجرد بداية ، ولكن من الممكن في السنوات القادمة أن تطبق هذه الجماعة نفس الفكر ونفس الأداء لمثيلتها السعودية ..
هذا في مصر ، أما العجيب والغريب ـ هو ما حدث في الهند ، وبالتحديد على يد ـ فرقة مريم ـ ، وهي نموذج نسائي جديد للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإليكم التفاصيل ..
نقلا عن العربية نت (إن المطالبين بدولة القانون والمؤسسات واحترام حقوق الإنسان في بعض المجتمعات الإسلامية هم أول من يعتدون على هذه المفاهيم حينما لا تتوافق مع أجنداتهم وتفسيراتهم الخاصة لها. نقول ذلك على ضوء ما حدث مؤخراً في ولاية جامو وكشمير الهندية حينما قامت الأحزاب السياسية والحركات الجهادية الانفصالية المناوئة للحكم الهندي، والتي ما برحت تتهم نيودلهي بخرق حقوق الإنسان، بإعلان الإضراب وقيادة المظاهرات وإصدار البيانات النارية رداً على اعتقال الشرطة المحلية للسيدة "آسيا عندربي" وست من زميلاتها بتهمة الاعتداء على الأشخاص والممتلكات والحريات الخاصة والحلول مكان الدولة في تشريع الأحكام وتطبيقها بالقوة و الإكراه..
و"آسيا عندربي" لمن لا يعرفها سيدة كشميرية تقود ما يعرف بمنظمة "دوختراني مللت" أو "بنات الأمة" التي أنشأتها في سريناغار في منتصف الثمانينيات مع انتقال زخم الجهاد من أفغانستان إلى كشمير لتقوم بدور اجتماعي وتعبوي مواز لدور الحركات الجهادية السياسي والحربي. وبسبب نشاطها هذا، وما قيل عن تلقيها لأموال من أجهزة الاستخبارات الباكستانية دخلت المعتقل لعام واحد، وسمحت لها السلطات حينذاك أن تصطحب معها طفلها الرضيع لاعتبارات إنسانية.
ومن رحم هذه المنظمة المحظورة منذ عام 2002 ظهرت في السنوات الأخيرة "فرقة مريم" المكونة من سيدات (وليس آنسات) متشحات كلياً بالسواد ويلبسن النقاب المشابه لنقاب النساء الملتزمات في السعودية والخليج ، لتقوم بدور الشرطة الدينية أو الوصية على الأخلاق من خلال حملات جماعية وتخصيص أرقام هواتف لمن يريد الإبلاغ عن المنكرات.
إذن فنحن أمام نمط جديد غير مسبوق من هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أعضاؤها نساء بدلا من الرجال وشخصيات منسوبيها غير معروفة بسب النقاب وشروط الانضمام إليها تستبعد الآنسات بدعوى أن المهام المنوطة بها قد يخدش حياءهن أو يعرفهن على ما لا يجب معرفته قبل الزواج..
فقد بدأت بمحاولة إكراه النساء اللواتي يفضلن ارتداء الأزياء المحلية المحتشمة عموما على ارتداء النقاب والبراقع وما يصاحبها من ملابس سوداء غير مألوفة في ثقافة مسلمي جنوب آسيا.
وفي هذا السياق سجلت حالات قامت فيها عضوات الفرقة برش الأصباغ والأحماض على النساء الرافضات. وفي مرحلة لاحقة تركز نشاط المجموعة على مهاجمة صالونات الحلاقة النسائية ودور السينما المختلطة ، غير أن ما فجر غضب السلطات عليها مؤخراً من بعد صمت وتساهل طويلين هو ارتكابها لاعتداءات جسدية على رواد المطاعم ومقاهي الإنترنت وقيامها بتحطيم محتويات الحانات الملحقة بالفنادق ومحلات بيع المشروبات الكحولية. ،
وفي تصريحات لها قبل اعتقالها قالت "آسيا عندربي" إنها وأخواتها في فرقة مريم لن يرحمن مرتكبي الموبقات أو من يتستر عليهم ..
ومن مظاهر التحولات التي طرأت على حياة هذه السيدة تأثرها بفكر تنظيم "القاعدة" وحركة "طالبان" إلى الحد الذي جعلها تصرح أنها تربي ولديها على هذا الفكر العنيف كي يغدوا في المستقبل صنوين لبن لادن أو الملا محمد عمر، بدلا من أن تربيهما على اقتفاء سيرة جدهما الطبيب الذي كان يعالج الناس و يخفف آلامهم..
هذا مثال إضافي نهديه للبعض ممن يتبنون اليوم مشاريع في البرلمانات الخليجية لتأسيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الوقت الذي تحاول فيه الدول التي ابتليت بمثل هذه المؤسسات تحجيمها.. بل التخلص منها حماية للقانون ومنعا للفوضى)..
والجدير بالذكر أيضا ما نشر مؤخرا في موقع العربية نت عن ما حدث في السعودية منبع وأصل تلك الجماعات والهيئات ـ حيث شاركت وحدة نسائية منبثقة من هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر في السعودية في ضبط وملاحقة المخالفات الشرعية الخاصة بالنساء بمهرجان الجنادرية ، وتشمل هذه الصلاحيات القبض على من يرتكبن مخالفات شرعية أو توجيه النصح لهن حسب نوع المخالفة..
وقالت د. صالحة العتيب رئيسة اللجنة النسائية للمهرجان الوطني للتراث والثقافة (جنادرية 23) لـ"العربية.نت" إنه تم تخصيص مئات من السيدات والفتيات السعوديات لحفظ الأمن والنظام وملاحقة المتبرجات داخل أرض الجنادرية في الأيام المخصصة للنساء، إضافة إلى التعاقد مع شركات نظافة نسائية..
والملاحظ هنا أن هذه الجماعات الدينية وأصحاب تلك الأفكار القبلية المتعصبة لا يوافقون على المساواة بين الرجل والمرأة إلا في كل فعل يدعو للتطرف والتعصب والتخلف السلوكي والفكري في المجتمع ..
سؤال قد يدور في خاطر أحد القراء ـ هل يريد الكاتب أن تعم الفاحشة في المجتمعات الإسلامية ..؟؟ والرد بسيط جدا ، ولكن الرد بسؤال أيضا ـ هل شهد عصر الرسول عليه السلام مثل هذه الجماعات والهيئات التي تتدخل في حرية الناس ..؟؟
وكلمة أخيرة ـ أقول لابد من الوقوف أمام مثل هذه الجماعات والهيئات ، والقضاء عليها فكريا وثقافيا وكشف اللثام عن حقيقتها المخالفة لشرع الله عز وجل ، وقبل أن تصبح واقعا مسيطرا على عالمنا الإسلامي لا يمكن الخلاص منه ، وحينها ستتحول حياتنا كمسلمين إلى جحيم ، بالنسبة للمصريين يكفيهم ما يعيشون فيه الآن من ارتفاع الأسعار والبطالة والظلم الاجتماعي على مرأى ومسمع من شيوخ الدين ورجاله ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق