الجمعة، 4 مارس 2011

ثورة مصر أظهرت الكثير

ثورة مصر أظهرت الكثير

بداية يجب أن نوضح حقيقة قرآنية هامة ـ أن المولى عز وجل جعل قتل نفس واحدة كقتل الناس جميعا ، وكذلك جعل إحياء نفس واحدة كإحياء الناس جميعا ، وهذه حقيقة قرآنية إلهية لا جدال ولا مراء فيها ، وقد خالفها مبارك على طول الخط هو وكل أمثاله من الحكام العرب منذ أكثر من ربع قرن.

وما اكتبه في هذا المقال لا يعد شماته أو تشفي في أحد ، ولكن هي مجرد وجهة نظر قد تكون صحيحة ومناسبة لعقلية الطغاة والحكام المستبدون القاتلون لشعوبهم السارقون لحقوقهم وأموالهم ، وعلى هذا النحو أتوقع أنه قد يفكر كل من بن علي طاغية تونس ومبارك طاغية مصر في احتقار نفسيهما بعدما سمعا وشاهدا ما فعله مجرم ليبيا في شعبه العظيم الذي واجه شعبه بهجمات إجرامية بمرتزقة مأجورين وقصف بمدفعية ثقيلة مثلما يحدث في الحروب مع الأعداء ، ومن هنا أقول هل سيشعر مبارك ومن قبله بن على بالخيبة والضعف أمام ما فعله مجنون ليبيا وقدرته وتفوقه عليهم في الإجرام للاحتفاظ بمنصبه كل هذا الوقت ومحاولاته الكاذبة للضحك على العالم حين قال أن ليبيا لم تحدث فيها ثورة أصلا.

قد ينجح القذافي المجرم المجنون المهووس القاتل السفاح في مقاومة ثورة ليبيا لبضعة أيام قليلة ، والسبب هو إفراطه في استخدام القوة والعنف والقتل المباشر ، كما أن هناك سبب جغرافي هو اتساع مساحة ليبيا وبعد المسافة بين المدن ، وهذا يوفر له أكثر من فرصة لضرب الثوار في الخلاء بالطيران والمدفعية الثقيلة ، وهذا الوضع الذي تفوق فيه القذافي في الإجرام عن نظيره مبارك قد يكون سببا في إحساس مبارك بضئالة عقله وقلة حيلته رغم توفر الإمكانات المتمثلة لمبارك في وزارة الداخلية والإعلام ونظام متكامل فاسد يسبح بحمده ليلا ونهارا وهذا كله كان من شأنه مساعدة مبارك في التمادي في الإجرام للإحتفاظ بالسلطة مثلما فعل القذافي المجرم.

وقبل أن يتهمنى أحد أنني كنت أحب أن يحدث للمصريين ما حدث للأشقاء الليبين أقول إن ما أقوله هو لسان حال كل من بن علي ومبارك بل وجمال مبارك أيضا ، الذي أشيع عنه أنه حاول الإنتحار بالسم بُعَـيد تخليي مبارك عن الرئاسة.

وخيبتهم هذه أعتقد أنها قد تكون حقيقية وواقعية وهم يشاهدون أقل رؤساء العرب عقلا وفهما وهو يحافظ على بقاءه في السلطة بينما استكان بن علي وركب الناقة وشرخ على بيت آل سعود خلال 23 يوم ، ومبارك كذلك بعد 18 يوم ـ قد أجبره شعبه على التخلي عن منصبه وذلك بفضل الله جل وعلا الذي ثـبـّت أقدام الثوار ووحدد كلمتهم وأظهر حقيقة الموقف الوطني المشرف للمجلس الأعلى للقوات المسلحة برفضهم أمر الطاغية مبارك بضرب الثوار في ميدان التحرير وأمام قصر العروبة.

فلسان حال كل طاغية سواء تنحى أو خلعه شعبه أو مازال في السلطة وهو يكلم نفسه كيف أقاوم ثورة شعبي.؟ وكيف أخرج بشكل مشرف.؟ وكيف أتهرب من المسائلة والملاحقة القانونية على جرائمي.؟ وكيف أضمن أن أعيش في أمن وأمان بعد حياة ملطخة بالدماء والقتل والظلم والسرقة والنهب.؟

كيف أعيش .؟

هكذا يسأل كل طاغية نفسه ، ومنهم من سيفقد عقله وصوابه ويتحول لمجنون ، ومنهم من سيفقد حياته نتيجة الصدمة وعدم تحمل الوضع الجديد الذي تبدلت فيه المواقع حيث كان الطاغية هو الآمر الناهي يتحرك كيف يشاء دون إذن وفي أي وقت وإلى حيث شاء هنا أوهناك يملك كل شيء على هذه الأرض و لا يستطيع إنسان أن يرفض له أمر ، كيف يعيش حياة منغلقة محدودة كل حركة فيها بإذن وقيود ، لا يستطيع الظهور أومواجهة الناس ، لا يستطيع الظهور في وسائل الإعلام التي كانت ملكا له تسبح بحمده ليلا ونهارا ، يتذكر كل لحظة قام فيها بظلم الشعب ويتذوق طعم الخوف والرعب بجرعات مكثفة كما أذاق شعبه طوال مدة حكمه ، وقد يقضي بقية عمره في السجن ، وقد يكون عقابه الإعدام على جرائمه في حق شعبه.

حسنى مبارك العنيد ذو الخبرة كما كان يصفه المنافقون لم ينجح في اتخاذ قرار مناسب يحفظ ماء وجهه أمام شعبه وأمام العالم ، فكان كلما ظهر بخطاب ازدادت الثورة قوة وثقة وأملا في التغيير وذلك من خلال القراءة الواعية من جانب الثوار لحقيقة الأمر أنهم فهموا أن النظام قد سقط ، مبارك وكل نظامه الفاسد ظهروا على حقيقتهم أنهم أغبياء وجهلاء وضعفاء سياسيا وإداريا بنسبة مائة في المائة ، لأنهم جميعا لم ينجحوا في اتخاذ قرار واحد يهديء الثورة ، بل على العكس كل قراراتهم وكلامهم كان يشعل نار الثورة ويزيدها قوة وإصرارا وحماسا ، وهذا دليل على فشلهم في إدارة أي أزمة حقيقية تمر بها مصر ، ولذلك كان يجب سقوط هذا النظام الفاشل الفاسد الذي كان سببا في تأخر مصر عن ركب الحضارة والنهوض بها لتواكب تطورات العصر ، والأخذ بأسباب العلم والتكنولوجيا للنهوض بهذا البلد العظيم الذي لم أرى فيه أسوأ من مبارك وعائلته ونظامه ونواب برلمانه وأعضاء حزبه وكل من كان يؤمن به ويدافع ويآزر هذا النظام الفاسد.

هذا النظام أظهر وأثبت أنه فاشل وضعيف ولا يستطيع مواجهة أي موقف طاريء تمر به البلاد ، ولا يستطيع التعامل مع أي أزمة حقيقية تمر بها مصر كدولة مهمة جدا في العالم ، ولها وضع اقتصادي وسياسي اتضح للجميع أثناء الثورة حيث كانت جميع بلاد العالم تتابع عن كثب ما يحدث في مصر ، وقد صاحب هذه الثورة العظيمة تقارير اقتصادية وسياسية تعبر بوضوع عن أهميه مصر بين دول العالم ، ولكن مبارك أفقد مصر هذه الأهمية وجعلها في مصاف الدول المتأخرة.

لعن الله بن علي ومبارك والقذافي وباقي الطغاة وأتمنى لهم سقوطا عاجلا أو آجلا ، كما أتمنى لهم عقابا مناسبا لأفعالهم من خلال القضاء العادل ، وإن لم يتحقق هذا في الدنيا فلننتظر قضاء الله وعدله الذي لا يظلم أحدا.

وأخيرا ::

إن ثورة مصر العظيمة كانت سببا حقيقيا في ظهور كم هائل من الفساد والنفاق والجهل السياسي لمئات الأشخاص كل في موقعه ، وكل يوم سيظهر جديد لتطهير مصر من كل أنواع الفساد والنفاق والجهل ليحل محلها الإصلاح والصدق والعلم والتنوير والحب والعدل والمساواة بين أفراد الشعب المصري العظيم الذي يستحق العيش بكرامة سلبت منه منذ نصف قرن أو يزيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق