الاثنين، 16 مايو 2011

هل الثورة المصرية ضـلّـت الطريق ..؟؟!!

هل الثورة المصرية ضـلّـت الطريق ..؟؟!!

كانت شعارات الثورة المصرية ومطالبها منذ بدايتها (كرامة ـ حرية ـ عدالة اجتماعية) ، وبالتعامل الأمني الغاشم الذي أوقع النظام الفاسد في شر أعماله تطورت المطالب وارتفع سقفها وتبلورت في مطلب واحد هو (الشعب يريد إسقاط النظام) ، وكلما تمادى النظام في إجرامه و في استعمال القوة بكل انواعها وبكل صورها ، كان الرد السلمي من الثوار بارتفاع سقف المطالب ، إلى أن طالب الثوار بعد أن أسقطوا مبارك وخلعوه من سدة الحكم بأن يحاكم مبارك وكل اعوانه على جرائمهم التي ارتكبوها ضد الشعب المصري الأعزل أثناء الثورة ، وكذلك محاكمة مبارك وكل رموز نظامه الفاسد على كل جرائمهم التي أفسدوا بها كل شيء في مصر منذ ثلاثة عقود مضت ، والمطالبة بكتابة دستور جديد للبلاد بعد الثورة يكفل للمصريين جميعا حياة تليق بهم وبثورتهم العظيمة ، وبناء مجتمع متمدن متحضر حر يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات ، اتفق الثوار بكل ألوان طيفهم على هذه المطالب في جُـمعات متتالية يقررون ويحددون ويرسمون في كل جمعة طريقا يسيرون عليه حتى يتقابلوا في التحرير يحتفلون بتحقيق إحدى المطالب ، أو للإصرار على تنفذي مطلب لم يتحقق بعد ، كانت هذه ملامح الثورة المصرية بكل اختصار وبكل وضوح لمن شارك فيها ولمن لم يشارك فيها.

وبعد أن نجحت الثورة في حل جهاز أمن الدولة وتغيير اسمه ، خرج علينا السلفيون من كل حدب وصوب يعبرون عن أنفسهم ويحاولون سرقة ثورة شباب مصر وشعبها ، كما يحاولون قدر المستطاع قتلها في مهدها ، وهذا ليس افتراء عليهم ، ولكن من يتابع الأحداث بدقة ووعي يعلم جيدا أنه منذ يوم الجمعة الذي استقال فيه أحمد شفيق ، تزامنا مع الهجوم على مقرات أمن الدولة وهروب العاملين فيها وفرم وحرق جميع المستندات ، بدأ السلفيون يظهرون بوضوح في الشارع ، وبدأت مرحلة جديدة ومختلفة تماما وغريبة على الثورة ، حيث تم جر الثوار المصريين إلى اتجاه بعيد كل البعد عن المطالب الحقيقية لثورتهم السلمية ، وخير دليل ما حدث من محاولات كثيرة ومتعددة لإشعال نار الفتنة في البلاد باشتراك اتجاهات وجهات متعددة أهمها السلفية وبقايا الوطني والنظام السابق وأمن الدولة والبلطجية.

وسميت بالثورة المضادة التي تحاول طمس ومحو المطالب الحقيقية للثورة ، وخصوصا المطلب الأخير الذي طالب فيه الثوار محاكمة مبارك وكل رموز نظامه الفاسد ، وكان التركيز على خلق فتنة طائفية بين الشعب المصري ، ونشر الخوف والرعب والهلع والفزع بين معظم المصريين ، وبطريقة أو بأخرى استطاع المصريون تخطي هذه العقبات والمحاولات حتى وقتنا ، وبعد فشل من يديرون مشروع إشعال الفتنة الطائفية كان الجديد لديهم توجيه السلفيين لاختراع مطالب جديدة لا علاقة لها بالثورة أصلا ، والحمد لله فطن إليها المصريون وفشلت في إشعال الفتنة في البلاد ، ومنها على سبيل المثال:
ــ المطالبة بالحرية لأختنا كاميليا ..!! وبكل أسف فشلت تلك المحاولة وانفضح أمر كل من ادعى أن كاميليا أسلمت ، حتى الشيخ أبو يحيي بطل هذه القصة الذي يؤمن بأنه لا يجوز لمسلم أن يسير مع أنثى بدون مِحـْرِم ، اعترف بنفسه أنه تم القبض عليه مع كاميليا وهما يسيران على كوبرى قصر النيل.
ــ المطالبة بالحرية لأختنا عبير ..!! وبكل أسف أيضا فشلت ، رغم كل الجرائم التي تبعت تلك القصة الهابطة من حرق لكنيسة وقتل للأبرياء وترويع للآمنين وتعطيل الثورة عن تحقيق مطالبها ، وكذلك تعطيل سير الحياة نحو البناء.

ــ وأخرها ومن جهة أخرى ، قد قامت مجموعات مجهولة بإطلاق الرصاص العشوائي وقنابل المولوتوف الحارقة على المعتصمين الأقباط أمام مسبيرو ، وكان هذا بعد قرار النائب العام بحبس قرينة الرئيس المخلوع مبارك ، وهو جزء لا يتجزأ من الثورة المضادة ، الذي اعتدنا منهم برد فعل أكثر إجراما من هذا بعد كل قرار من قرارات النائب العام بحبس شخصية كبيرة من النظام السابق ، ولكن كل هذا له بنفس الضرر على البلاد ، فهو لا يختلف عن الدور الذي يقوم به السلفيون ، وهو زعزعة الاستقرار ونشر الخوف والفزع وإشعال الفتنة في البلاد.

وانتظروا رد فعل أكثر إجراما لو أصدر النائب العام أمرا بالقبض على أحد وزراء مبارك الأحرار.!!
وهذه الأفعال رغم خطورتها على الثورة واعتبارها معوقا خطيرا أمام تحقيق مطالبها وأهدافها ، إلا أنني أظن أن المصريين كل يوم يزداد وعيهم وإدراكهم وفهمهم للأمور ويحسنون التعامل مع تلك الأحداث المؤدية للفتنة الطائفية المزعومة ، وهم على مقربة من أن يعلموا ويوقنوا أن الاحتقان الطائفي سببه الرئيسي هو فكر السلفية الوهابية كمنهج ، وجهاز أمن الدولة الذي يدبر ويعطي الضوء الأخضر للسلفيين ليعيثوا في الأرض فسادا ويفعلون ما يؤمرون ، والبلطجية الخارجين عن القانون ، والنتيجة لا تخفى على أحد ، ولكن كل هذه الأمور تحدث على أرض مصر بين أبنائها وهناك إمكانية ـ وإن كانت صعبة ـ للسيطرة عليها واحتوائها وعودة الحياة لوضعها الطبيعي ، وقتل الفتنة في مهدها كما حدث في ميدان التحرير في آخر جمعة وهي جمعة الوحدة الوطنية.

لكن الأخطر من هذا ما يدعو له اخواننا السلف وكل من على شاكلتهم وكل من تأثر بهم ، وهو الزحف ، إلى فلسطين ، وسرقة الثورة علنا وإفراغها من مضمونها الحقيقي ، تغيير مطالبها الحقيقية التي لم تتحقق بعد ، وذلك باختراع ما يسمى (بجمعة الزحف) وهؤلاء الناس لا يعلمون خطورة ما يقولون وما يفعلون ، ويريدون جر مصر وشعبها لمهلكة حقيقية لا محالة ، ولو كانوا يحبون مصر ويخافون عليها ما فكر أحدهم في الخروج عن النص فيما اتفق عليه الثوار ، والمطالبة أولا بتحقيق مطالب الثورة التي لم تتحقق حتى الآن.

وسؤالي لهم جميعا: هل كانت ضمن مطالب الثورة الاتفاق على الزحف لفلسطين.؟

إذا كنتم تحبون فلسطين ومن فيها ، جاهدوا في بناء دولة مصرية قوية في العلم والمعرفة والتكنولوجيا والاقتصاد ، دولة يتحقق فيها العدل والديمقراطية وحقوق الإنسان والعدل ، ساعدوا في بناء دولة قوية ، حاولوا أن تعيدوا لمصر وضعها الذي كان ، وبهذه الطريقة وبقوة مصر وبناء دولة لها مكانتها في المنطقة العربية يمكن أن نعيد لفلسطين وللعرب جميعا مكانتهم ووضعهم الذي يرتضونه ، لكن بالزحف لفلسطين اليوم في ظل دولة تآكلت وتهالكت وأنهكت من أفعالكم الغير مسئولة ، وأفكاركم الهدامة ستكون العواقب وخيمة علينا جميعا ، وسيكون هذا الزحف سببا في تخريب وتدمير ما تبقى من مصر ، وقتل ملايين من المصريين ، وذلك بعد دخولنا في حرب لسنا في حاجة إليها الآن ، وليس معنى هذا أننا نتخلى عن اخواننا في فلسطين ، ولكن العقل يقول لابد أن ننتهي من بناء دولتنا أولا ، حتى نكون على استعداد لمساعدة الغير ، ولأننا لم ننتهى بعد من تحقيق مطالب وأهداف ثورتنا ، ولم ننجح حتى الآن في بناء أول لبنة في دولة مصرية حقيقية يتمتع فيه المصريون جميعا بكافة الحقوق الإنسانية ، ولم نبدأ حتى الآن عملية بناء هذا الوطن ، فإذا كان هؤلاء يحبون مصر حقا فيجب عليهم تسخير جهودهم وبذل هذا العرق في سبيل هذا الوطن ، ولا يسيرون خلف شعارات كاذبة مضللة لا يعلم معظمهم من وراءها ومن المستفيد الحقيقي منها ، لأنها خطة لجر مصر لمهلكة وكتابة صفحات بدماء المصريين.

احذروا يا ثوار مصر من أن تسرق ثورتكم أو تضل الطريق ، لأن هناك خطة خارجية سعودية إسرائيلية تعمل مع الثورة المضادة ، وذلك لوقف نجاحات الثورة من ناحية ولجر مصر لميدان غير ميدان التحرير ، هناك مشروع لجمعة جديدة بعد جمعة الزحف سيكون اسمها جمعة الافراج عن الشيخ عمر عبد الرحمن ، وستتوالى الجُـمع تباعا لإعادة توجيه الثورة وسرقتها وإفراغها من مضمونها ، لتتحول لثورة تسيطر عليها التيارات الدينية بكل الوان طيفها ، ويقومون هم بتحديد مسميات أي مطالب في كل مليونيه في أي جمعة قادمة لتخدم كل من يريد قتل الثورة.

وبشاير هذا بدأت تطفو على السطح ، رغم أن السلفيين كانوا يحرمون الخروج على الحاكم المسلم مهما فعل ، وكانوا يحرمون العمل السياسي ، وأفتى أحدهم أن البرادعي يجب قتله لأنه أحدث الفتنة في البلاد ، اليوم الشيخ حسان أعلنها صراحة سوف يرشح نفسه في الانتخابات البرلمانية القادمة ، وتيمنا بهذه الخطوة ، أنشأ محبوه صفحة خاصة على الفيس بوك يدعون الشيخ حسان بأن يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية.

ولذلك أحذر وأقول أن الثورة المصرية فعلا ضـلّت الطريق ، ولو لم يفطن المصريون لذلك سنفاجأ أن التيارات الدينية سرقت كل شيء ونسبته لنفسها ، وسيتحول الثوار لفعل ماض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق