الفتنة الطائفية .. بين عالم يسبق عصره وعلماء يعانون طفولة فكرية..!!
منذ ثلاثة عقود أو أكثر ، الدكتور أحمد صبحي منصور ـ يعاني حالة من الاضطهاد ، هو وجميع أفراد أسرته ، بسبب دعوته لإصلاح المسلمين من خلال القرآن الكريم وحده ، ودون الرجوع لتفسيرات س أو ص من السابقين الذين كانت تفسيراتهم واجتهاداتهم مناسبة لعصرهم ، ولا يمكن على الإطلاق أن تناسب عصرنا الراهن بكل ما فيه من تطورات واختلÇتلافات ، والأهم من هذا تناقض معظم هذه الاجتهادات والتفسيرات مع حقائق القرآن العظيم ، فكان الاضطهاد والظلم والتهم الظالمة هي الرد الوحيد على مشروعه الفكري الإصلاحي التنويري منذ أكثر من ربع قرن.
وعلى الرغم من استمرار حالة الاضطهاد للرجل وأسرته بسبب جريمة التفكير ، يفاجئنا كل حين أحد علماء الإسلام بأنه أخيراً قد اقتنع بفكرة ما ضمن مئات الأفكار والاجتهادات التي عاش بسببها ـ أحمد صبحى منصور ـ متهما بالردة وبالتآمر على الإسلام ، ولكن هؤلاء العلماء كما أشرت في العنوان يعيشون حالة من الطفولة الفكرية مقارنة بعقلية وفكر الدكتور منصور ، وهذا ليس مجاملة لأحد أو تجريحا في أحد ، فهؤلاء العلماء الذين يظنون في أنفسهم أنهم حماة الإسلام ويدّعون أن المولى عز وجل قد فوضهم دون غيره للدفاع عن دينه والتحدث باسمه بين الناس ، هم أنفسهم الذين يتخبطون اليوم في تعاملهم مع الفتنة الطائفية ، ولن يتجرأ واحد منهم مهما كان منصبه أو اسمه أن ينسب ما يحدث على أرض مصر لفاعله الحقيقي ، ولم يستطع أحدهم أن ينسب الفكر الوهابي ـ الذي تمثله جميع التيارات الدينية في مصر ـ لجذوره الأصلية السعودية ، ولكن معظمهم ينددون ويشجبون ويرفضون ، حتى الإخوان والسلفيين اليوم وبعد ما حدث في امبابة يرفضون ما حدث ويقفون ضد الفتنة الطائفية التي عاشوا عقودا طويلة يجيشون آلاف الشباب بغسل عقولهم وتحويلهم لقنبلة تم نزع فتيلها اليوم ، لكنها لم تنفجر بعد ، والنتيجة لو انفجرت هذه القنبلة ، دخول مصر في نفق الفتنة الطائفية ثم الحرب الأهلية ، لو دخلنا هذا النفق المظلم لن نخرج منه قبل قرن من الزمان.
وبينما يعيش هؤلاء في حالة الطفولة الفكرية سالفة الذكر تفضل علينا الدكتور منصور بمقال مصغر يحذر فيه من مغبة الفتنة الطائفية ، ولكن كان هذا سابقا للعصر وقراءة للمستقبل ، لأنه فعلا يبحث عن الحق ويريد الإصلاح ، ولا يخاف ولا يخشى من أحد ، ولا يجامل أحد فيما يقول ، كتب الرجل مقالا
http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=90
بتاريخ 6/8/2006م كان عنوانه (نداء الى كل مصرى يريد أن يتمسلم أو يتنصر : افعلها سرا.)
اقتباس((فى هذا الجو الخانق الملتهب تنمحى تماما حرية الاعتقاد فيصبح المسلم الذى يريد التنصر خائنا لقومه المسلمين ، ويصبح المسيحى الذى يريد دخول الاسلام خائنا لقومه المسيحيين . ويتحول اعتناق الاسلام او المسيحية من حرية شخصية الى جريمة سياسية واجتماعية وطائفية، وتتفاقم المشكلة اذا كان الذى يتحول الى الدين الآخر فتاة أو امرأة. هنا يرتبط الدين بالشرف وبالكرامة الشخصية والطائفية. وتتحول تلك المفاهيم العليا (الدين ـ الشرف ـ الكرامة) الى خدمة التعصب ، بل تحول التعصب الى سفك دماء يبدأ فرديا ثم يصبح جماعيا.
هل نريد لمصر أن تتحول الى لبنان السبعينيات او الى عراق اليوم..
لذا أقولها لكل مصرى يريد أن يتنصر أو يتمسلم : أرجوك افعلها سرا....لا تضع المزيد من الزيت فوق الفحم المتأجج..
فى البداية نحن نحترم حقك فى التحول الى أى دين تشاء ، ولكن الاعلان على تحولك الدينى ولجوئك الى السلطات الدينية هنا أو هناك يجعل قضيتك الشخصية شأنا عاما وسياسة تسهم فى تأجيج الخصومة بين المعسكرين المتعاديين. وستدفع الثمن وسيدفعه معك أبرياء من أسرتك ومن غير أسرتك. وفى كل الأحوال ستجد نفسك رهينة بين الأزهر و أمن الدولة والاخوان والمنظمات الارهابية والكنيسة ، كلهم يتخاطفونك ويتحاربون فوق جثتك أو ما تبقى منك. وفى النهاية تصبح عود ثقاب يشعل حريقا فى مصر. لا أظن انك تريد حريقا لمصر!!))انتهى
كان يحذر فيه المجتمع المصري مما يحدث على الأرض الآن ، كما نبه إلى أمر هام وخطير ، وهو ان أي مصري يريد تغيير دينه فلا داعي أن يعلن هذا في وسائل الإعلام ويذهب إلى الأزهر أو المحكمة ليشهر إسلامه لأن هذا يجعل من هؤلاء الناس أوصياء على الدين وعلى الناس في دينهم ومعقتدهم ، ويعطيهم درجات ليست من حقهم ، هذا بالإضافة لخلق نوع من الاحتقان تجاه من تنصر أو أسلم ودور ذلك في تأجيج الفتنة وخلق جو من الشحناء بين المسلمين والأقباط ، قد يصل للتراشق بالألفاظ ، ثم الاشتباك بالأيدي ، ثم يتحول الأمر لحرب أهلية تستخدم فيها الأسلحة النارية ، والسبب هو في قضية بسيطة جدا كفلها المولى عز وجل لجميع البشر وهي حرية العقيدة ، وأنه ليس من حق أي مخلوق بشرى مهما كان حجمه أو وزنه أو اسمه أو منصبه أن يسألني ما دينك وما اعتقادك وما درجة إيمانك ، وهل أنت مسلم أو قبطي ، فهذه الأمور مرجعها للمولى عز وجل يحكم بيننا جميعا يوم القيامة ، ولم يفوض المولى عز وجل أحدا من البشر لمحاسبة الناس في الدنيا ، حتى لو كان نبياً مرسلاً.
ومع الأسف الشديد لم يفطن معظم المسلمين لما يقوله الرجل منذ سنوات ، وكانوا يتسابقون في اتهامه بالردة والعمالة والتآمر على الإسلام ، ولا يفهمون ما يقول ، ولا يدركون خطورة المستقبل الذي ينتظر البلاد ، والنتيجة ما تعاينه مصر الآن.
وعندما فكر الأزهر في محاربة التشدد والتطرف والعنف ، تعاون مع الإخوان الذين جاء فكرهم دخيلا وضيفا ثقيلا على الثقافة المصرية والهوية المصرية المتسامحة ، ولا ينكر أحد أن جميع التيارات الدينية في مصر قد ولدت من رحم الإخوان ، حتى لو ادعوا جميعا أنهم يكرهون الإخوان ، فكيف يحارب الإخوان التعصب والتشدد ، وهم أهلا له ، وهم من جاءوا به من شبه الجزيرة العربية من بلاد آل سعود.؟.
إذن هناك طفولة فكرية لا تزال تسيطر على عقول هؤلاء الناس ، وكلما تأخر هؤلاء في إدراك الحقائق وما يجب أن يكون ، كلما وقعت مصر في ظلمات الفتن ، التي لن تنتهي حتى يستيقظ هؤلاء من سباتهم ويعلمون للإصلاح الحقيقي طريقاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق