الاثنين، 7 مايو 2012

هـل كـان عـمـر أحـرص عـلى الـشـريـعـة مـن الـرسـول عـلـيـه الـسـلام.؟

هـل كـان عـمـر أحـرص عـلى الـشـريـعـة مـن الـرسـول عـلـيـه الـسـلام.؟

بين سطور التراث السُـني بتاريخه وأحاديثه تقع أعين الباحث ــ إذا كان يريد إصلاحا ــ على بعض الروايات تصيبه بالصدمة والدهشة معا ، وخصوصا لو كان باحثا في بداية الطريق مثلي ، وسبب هذه الصدمة والدهشة .. كيف قرأ علماء السُنـة وفقهاء الإسلام هذا التاريخ وهذه الأحاديث ولم يتوقفوا معها ويناقشونها نقاشا علميا موضوعيا محايدا بعرضها على حقائق القرآن الكريم للتأكد من صحتها أو كذبها بل تعاملوا معها بكل تقديس وإجلال على مر العصور ، وأظن أن هذا التجاهل حدث ويحدث لسببين: السبب الأول: أن معظم هؤلاء العلماء والفقهاء لم يقرأوا كتب التاريخ والتراث والحديث جيدا ، والسبب الثاني: الاستفادة من جهة وخوفهم من مواجهة المجتمع الإسلامي الذي يقدس الأحاديث ويرفعها فوق القرآن ويقدس تاريخ المسلمين (السلف) ورفع بعض شخصياته فوق مستوى البشر ، بالطبع هذا بعيدا عن الدخول في حديث مطول عن تآمر كثير من الفقهاء والعلماء والمحدثين ورجال الدين على الإسلام والمسلمين إرضاء للحاكم بتسخير الدين لخدمة السياسة كما حدث وظهر جليا للعامة بعد ثورة  25 يناير في مصر.
فعلى كل مسلم أن يفهم ويعي تماما أن فعله الاخوان والسلفيون بعد الثورة هو جزء صغير جدا مما فعله تجار الدين عبر تاريخ المسلمين الطويل لخدمة السلطان والتمتع بعطفه ونعمه وهداياه وعطاياه.
ـــ وأبدأ المقال بحديث في باب (خروج النساء للبراز) وجدته صدفة حين كنت أبحث في كتب التراث لكتابة مقال عن النقاب.
146 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا تَبَرَّزْنَ إِلَى الْمَنَاصِعِ وَهُوَ صَعِيدٌ أَفْيَحُ فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْجُبْ نِسَاءَكَ فَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنْ اللَّيَالِي عِشَاءً وَكَانَتْ امْرَأَةً طَوِيلَةً فَنَادَاهَا عُمَرُ أَلَا قَدْ عَرَفْنَاكِ يَا سَوْدَةُ حِرْصًا عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَابُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْحِجَابِ - ص 68 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَدْ أُذِنَ أَنْ تَخْرُجْنَ فِي حَاجَتِكُنَّ قَالَ هِشَامٌ يَعْنِي الْبَرَازَ.
ـــ وفي شرح هذه الرواية اتهام واضح لعائشة كما قال عمر (" قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ نِسَاءَكَ يُدْخِلْنَ عَلَيْهِنَّ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ ، فَلَوْ أَمَرْتَهُنَّ أَنْ يَحْتَجِبْنَ ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ "، وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَعَائِشَةُ تَأْكُلُ مَعَهُمْ إِذْ أَصَابَتْ يَدُ رَجُلٍ مِنْهُمْ يَدَهَا ، فَكَرِهَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ.
وضمن الشرح المتعلق بنفس الرواية لم يتحرج الرواة في دس هذه العبارة بين السطور (ونزلت بها آية الحجاب وكانت تمتاز بكثرة إعطاء الصدقات ، وكانت تتنازل بيومها لصالح عائشة)
 طبعا الكلام واضح أن سودة كانت امرأة كبيرة خالية من أي جمال كما وصفها المحدثون ولذلك كانت تتنازل لعائشة الأصغر سنا عن يومها مع الرسول ، هل يسمح أحد مشايخ السلفية أن ينتشر مثل هذا الكلام عن أهل بيته.؟
قد يتعجب بعض المسلمين ويثور معظمهم عليّ لكن لابد من التفكير بعقل وعدل لأنني لم أؤلف هذه الروايات ولم أخترعها من عندي.
ــ وبمنتهى الهدوء أعترف أنني ليس بيني وبين عمر ابن الخطاب أو أحد رواة هذا الحديث أي مشاكل أو خلافات أو قضايا لكي أُجهد نفسي للبحث بين سطور هذه الرواية وإظهار ما بها من تناقضات تصل لدرجة غريبة وغير مقبولة وهي أن عمر بن الخطاب يَظهر وكأنه أحرص على تطبيق الشريعة من الرسول صاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام.
مواطن العيب والضعف والكذب والادعاء في هذه الرواية حسب مَتْـنِها يتلخص في الآتي:ــ
1ــ أن هذه الرواية تمت صياغتها بطريقة تُـظِهـرُ الترف الفكري الذي جعلهم يصيغون ويكتبون أحاديثا لعمليات التبرز ، وهذه سابقة لم تحدث في التاريخ البشري كله ، ومن جهة أخرى يقصد منها الطعن في نساء النبي وأنهن كُن يخرجن بالليل في وقت متأخر ، وهذا ما يخالف تشريعات القرآن الخاصة بزوجات النبي وهذا ما سنوضحه فيما بعد.
2ــ إظهار عمر بن الخطاب الذي لم يمض على دخوله في الإسلام إلا حوالي ثلاث سنوات (حين قيلت هذه الرواية حسب زعمهم) وكأنه أحـرص على الشريعة من الرسول عليه السلام ، والأكثر من هذا أنه يقول للرسول (احْجُبْ نِسَاءَكَ) ، ويرفض الرسول أن يفعل ، وهنا لابد أن نوجه سؤالا لأحد مشايخ الإسلام :هل يقبل أحدكم أن يكون مكان رسول الله عليه السلام في موقف مشابه بأن يتدخل أي مخلوق بشري ويطلب منه أن يحجب زوجته.؟ ، وماذا لو فعلها إنسان حديث عهد بالإسلام ونصح أحد شيوخ السلفية بهذه الطريقة.؟
وآخر عبارة في هذه الرواية تظهر أن عمر فعل هذا حرصا على أن ينزل الحجاب فأنزل الله آية الحجاب وهذه العبارة كافية لتجعلنا أضحوكة لشعوب العالم كله لأنها تظهر ابن الخطاب حديث العهد بالإسلام أكثر حرصا على اتمام الشريعة بل اكثر من هذا تثبت أنه يعلم الغيب وأنه فعل هذا لكي ينزل الله آية الحجاب(حِرْصًا عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَابُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْحِجَابِ).
3ــ الرواية فيها اتهام لعمر ابن الخطاب بأنه كان يتلصص ويتجسس على زوجات الرسول عليه السلام ، وإلا كيف شاهد عمر (سودة) وهي خارجة من بيتها عشاءً لتقضي حاجتها (تتبرز) والأكثر من هذا لم يكتفي عمر وناداها وخاطبها قائلا: (ألا قد عرفناك يا سودة ) ، إذن فقد نظر إليها عمر أكثر من مجرد نظرة بريئة لأن الفقه السني يقول النظرة الأولى لك والثانية عليك لكن عمر نظر لسودة لدرجة أنه عرفها وعرف من تكون.
ــ كما تتهم الرواية عمر بأنه يترك صلاة العشاء ويذهب للتلصص على زوجات الرسول عليه السلام (فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنْ اللَّيَالِي عِشَاءً وَكَانَتْ امْرَأَةً طَوِيلَةً فَنَادَاهَا عُمَرُ) أعتقد أن معنى (عِشَاءً) أي حين بدأ دخول وقت صلاة العشاء أو بعد الصلاة مباشرة ، فهل سيترك عمر صلاة العشاء في جماعة مع خاتم النبيين ، أو نفترض أنه صلى العشاء وفورا ذهب ليفعل ما يدعيه راوي الحديث.؟ ، وإذا كان راوي الحديث حريص على الإسلام بهذه الطريقة فكيف يسمح لنفسه هو الآخر أن يتجسس على زوجات خاتم النبيين حتى وقت التبرز وقضاء الحاجة.؟.
نكتفي بهذا القدر ونبدأ بالتعليق قبل أن نحتكم للقرآن الكريم في موضوع الحجاب
ــ نبدأ بإظهار كذب هذه الرواية وتناقضها مع بعض الروايات الأخرى وهي أن الثابت في كتب التراث نفسها أن عمر أسلم في ذي الحجة في السنة الخامسة من الهجرة ، و في مصادر أخرى قيل أنه أسلم في السنة السادسة ، وفي نفس المصادر التراثية يقولون أن سورة الأحزاب وتحديدا (آية الحجاب) نزلت في ذي القعدة في السنة الخامسة من الهجرة قبل غزوة بني المصطلق التي وقعت في شعبان في نفس السنة الطبقات(63/2- 65) ، وفي رواية لابن اسحاق يقول أن غزوة الأحزاب حدثت في شوال من سنة خمس من الهجرة ... سيرة ابن هشام(5/163) ، ولا خلاف عندهم أن سورة الأحزاب كلها نزلت عند غزوة الأحزاب ، إذن سورة الأحزاب وآية الحجاب نزلت قبل دخول عمر في الإسلام أصلا.
ومن جهة أخرى نظهر تناقض الرواية مع آيات القرآن الكريم
ــ الرواية تبين أن سبب نزول آية الحجاب تتعلق بخروج زوجات النبي لقضاء الحاجات ومطالبتهن بالاحتشام وقت الخروج بلبس الحجاب حسب ما جاء في الرواية ، بالإضافة إلى أن الرواية تثبت خروج زوجات النبي في وقت متأخر من الليل وهنّ قدوة لجميع المؤمنات.
ونبدأ الرد على هذا:
بداية : آداب التعامل مع الرسول عليه الصلاة والسلام في شخصه وفي النداء عليه يقول جل وعلا (لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً...) النور:63، وهناك آداب في التحدث والحوار معه وقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) الحجرات:2 ، هناك آداب بيت رسول الله عليه السلام ومنها ما يتعلق بشخصه كما في قوله تعالى(إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ  وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)الحجرات:3: 5 ، والآيات فيها دعوة صريحة لاحترام الرسول ومراعاة حرمة بيته بغض الصوت وعدم النداء عليه بطريقة همجية عند بيته وأن الأفضل الصبر حتى يخرج إليهم خاتم النبيين.
ــ ثم ينتقل التنبيه والتوجيه إلى توضيح الطريقة المثلى التي يدخل بها المؤمنون بيت رسول الله يقول تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ) إذن دخل المؤمنون بيت رسول الله ولذلك يبين ربنا جل وعلا مفهوما جديدا وتعليمات جديدة للمؤمنين ولزوجات خاتم النبيين ، تدخل الآيات لتوضيح مفهوم الحجاب كما جاء في القرآن الكريم أنه ليس معناه إطلاقا قطعة من القماش توضع على الرأس أو الوجه بالنسبة للمرأة ، وقد تكررت كلمة (الحجاب) سبع مرات في القرآن الكريم ولا توجد آية واحدة منها تعني الحجاب الذي يعنيه اليوم فقهاء السنة والسلفية ، حتى يدّعي المحدثون أن قصة عمر وسودة هي سبب نزول آية الحجاب ، لأن المقصود من الحجاب في الآيات التي يشيرون إليها من سورة الأحزاب تبين وتشرح طريقة التعامل مع زوجات النبي بوسيلة راقية تحفظ لهم خصوصية وتوقير واحترام في بيوتهن إذا حـلّ بعض المؤمنين ضيوفا على بيت رسول الله فلابد أن يكون التعامل من وراء حجاب أي تعامل غير مباشر (وجها لوجه) مع زوجات الرسول لأن هذا أطهر للجميع يقول تعالى(وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً)الأحزاب:53 ولا علاقة لهذا إطلاقا بلبس الحجاب أو النقاب ويؤكد هذا جميع الآيات القرآنية التي تتحدث عن الحجاب في القرآن الكريم ، التي تعبر عن مانع أو فاصل أو حاجز أو ساتر كما جاء في توضيح الحجاب بين أهل الجنة والنار (وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ)الأعراف:46 ، للتعبير عن وجود حاجز أو فاصل أو مانع بين الكفار وبين فهم آيات القرآن الكريم(وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَسْتُوراً)الإسراء:46 ، ويؤكد هذا قوله تعالى (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)محمد:24 ، وتكرر هذا بنفس المعنى في قوله تعالى (وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ )فصلت:5 ، وهذه الآيات تبين أن الحجاب أنواع (حجاب يُعـمي البصر ، وحجاب يُعـمي القلب وحجاب يصم الأذن) ويجعل الحواس الإنسانية تكفر بالقرآن ، إذن الحجاب لا علاقة له بالقماش واللباس.
ــ الحجاب بمعنى الابتعاد عن المكان أو الانعزال وترك المكان تماما كما فعلت مريم عليها السلام (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً)مريم 16 ، 17.
ــ الحجاب بمعنى الحاجز والفاصل الهام جدا بين ربنا جل وعلا حين يُكلم بشرا من عباده لأن ربنا جل وعلا عظيم وكبير وأكبر من أي شيء والإنسان ضعيف ومخلوق بطريقة لا تتحمل رؤية الله جل وعلا ، ولا يتحمل جسد الإنسان الضعيف هول الموقف ولذلك يقول ربنا جل وعلا(وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ)الشورى:51 ، فيستحيل هنا أن يكون معنى الحجاب قطعة من القماش توضع على رأس المرأة ، أقول هذا الكلام لأننا كمسلمين يجب علينا حين نريد فهم أي كلمة تخص الشريعة والدين فلابد أن نرجع للقرآن الكريم نبحث في آياته ونتدبر مصطلحاته لنفهم ما نريد.
ــ ربنا جل وعلا أمر زوجات النبي أن يقرن في البيوت ولا يتبرجن تبرج الجاهلية(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً)الأحزاب:33 ، 34
ــ فكيف بعد هذا يدعى المحدثون أن إحدى زوجات خاتم النبيين خرجت من بيتها ليلا بهذه الطريقة ، الشيء المضحك في الأمر أن كتب التراث تقول أن المكان الذي خرجت فيه  سودة لقضاء حاجتها وهو المكان المعتاد للتبرز(أنها أماكن معروفة بناحية البقيع).
 

هناك تعليقان (2):

  1. شكراً لكم ع الموضوعات المتنوعة ...

    ردحذف
  2. أشكر صحاب التعليق المعنون بــ غير معرف Übersiedlung Wien

    واتمنى ان اكون عند حسن ظنم دائما
    الى اللقاء

    ردحذف