الاثنين، 2 أبريل 2012

الاخوان بين الميدان و الرئاسة والدستور والبرلمان ..!!

الاخوان بين الميدان و الرئاسة والدستور والبرلمان ..!!

منذ أن قامت الثورة المصرية العظيمة التي أسقطت ــ ظاهريا ــ رأس النظام الفاسد وبعض أفراد عصابته ، وبدأ المصريون يتنسمون عبير الحرية ، بدأت محاولات عديدة لإعاقة التحول الديمقراطي والانتقال السلمي للسلطة ، والسبب من وجهة نظري أن الثورة والثوار غير راشدين ولم يبلغوا مرحلة الرشد السياسي الكامل ، وقد بدأ هذا التعويق والتعطيل مبكرا جدا ، بدءاً من إثارة الجدل حول استفتاء 19 مارس 2011م على التعديلات الدستورية ، الذي تحول لاستفتاء على الدين بفضل الاخوان والسلفيين ، للضحك على الناس للتصويت لهم ، لكي يمنحوا أنفسهم شرعية زائفة يتحدثون بها فيما بعد قائلين أن الشعب قال كلمته واختار الدين (اختارهم بإرادة شعبية حرة ومنحهم شرعية) ، وقد استغلوا هذا الاستغلال الأمثل بالنسبة لهم.

ثم أثيرت معركة مفتعلة تحت شعار (الدستور أولاً) ، وأخرى تحت شعار (المبادئ الحاكمة للدستور) أو المبادئ فوق الدستورية ، وبعد أن حققت هذه المعارك الغرض منها ، وبالضغط الشعبي في مليونيات التحرير وبعد مضيعة للوقت ونزيف الدم وخسائر مالية تم التوافق من جهة البعض و الاتفاق من جهة البعض الآخر مع القوى السياسية والحزبية والمجلس العسكري ــ وكل من له مصلحة في خطف الثورة وسرقتها من ثوراها ــ على خريطة طريق لتكوين مؤسسات الشعب التشريعية والدستورية وتحديد جدول زمني لنقل السلطة في 30 يونية 2012م.

ثم أثير جدل آخر حول طريقة إجراء الانتخابات النيابية هل تكون بنظام القوائم أو بالنظام الفردي ، وكالعادة بعد أن نجح هذا الجدل في استنزاف جهد ووقت وتركيز الثوار تم التوافق (الاتفاق) بين القوى السياسية والحزبية والمجلس العسكري وبحضور ممثلي المحكمة الدستورية العليا على انتخاب الثلثين بنظام القوائم والثلث بالنظام الفردي ، ولا يمكن نغفل أو نتجاهل أن التوافق أو (كل ما يتم الاتفاق عليه) دائما يصب في مصلحة الاخوان والسلفيين لذلك لا أسميه توافق ولكن أسميه اتفاق لأكون شفافا وصادقا ، واحتراما لعقلية القارئ ، ومجلسي الشعب والشورى أكبر دليل على ما أقول..!!

بعد انتهاء صفقة الشعب والشورى التي جاءت بأغلبية للتيارات الدينية صدعونا من جديد بالمقولة الكاذبة ( لقد قال الشعب كلمته) كما قيلت بُـعَــيْـد استفتاء مارس ، وبعد أول جلسات البرلمان جلس المصريون بشغف وشوق وترقب ينتظرون تحقيق أهدافهم وطموحاتهم ومطالبهم التي ثاروا من أجلها ، وكذلك يريدون إثبات من الاخوان والسلفيين يؤكدون فيه للشعب أنهم معه وأنهم مهمومون بتحقيق مطالبه ، ولكن بكل أسف لم يحدث ذلك أبدا أبدا ، وحين بدأنا مبكرا نلوم الاخوان تم الهجوم علينا وقالوا لنا اعطوهم فرصة كي يعملوا ، وهي نفس المقولة التي تكررت مع حكومة شفيق وشرف والجنزوري ، وهي مقولة تعبر عن الفشل وخيبة الأمل ، وفي الحقيقة لم ينفذ الاخوان وعدهم بإصلاح حال الناس لأنهم مشغولون بأهداف أخرى ومزيد من المكاسب والمغريات التي شغلتهم عن هموم الناس ومشاكلهم ومطالبهم ، وهذا هو الواقع ، جميع الاخوان الآن لا يتحدثون إلا في إيجاد حلول للمشاكل السياسية مثل كتابة الدستور وانتخابات الرئاسة.

ولذلك لم ينجح البرلمان السلفي الاخواني في إيجاد حل لأي أزمة من الأزمات التي تحيط بالمواطنين وجعلت بعضهم يتحسر على أيام مبارك لكن بأسلوب السخرية من الاخوان والسلفيين ، وندم ولوم للنفس بسبب التصويت لهم ، لأنهم لم ينجحوا في حل أزمة الفراغ الأمني ، ولا البوتاجاز ولا السولار ولا البنزين ولا الحد الأقصى قبل الأدنى للأجور ، ولا مشاكل الفلاحين وارتفاع أسعار الكيماوي ، وأصبح البرلمان محلّك سر مثله مثل الحكومات المتعاقبة لا يهش ولا ينش إلا بأمر أو تصريح أو اتفاق مسبق مع المجلس العسكري.

ولكي يتم التغطية على كل هذا الفشل الواضح في إدارة المرحلة والتخاذل والانبطاح أمام تحقيق مطالب الناس لتحقيق العدالة والكرامة والحرية والمساواة التي قامت من أجلها الثورة ، تم الدخول في أزمة جديدة مفتعلة أيضا ومتفق عليها وهي الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور ، ولكي أؤكد لحضارتكم أن كل ما يحدث هو مسلسل متفق عليه ، إن عملية إعداد الدستور واختيار الجمعية التأسيسية التي ستكتب الدستور(المكتوب أصلا) لابد أن تكتب الدستور وفقا للإعلان الدستوري المُستفتى عليه من قبل ، أو الاعلان الدستوري الذي يعتبره الاخوان والمجلس العسكري تفويضا من الشعب المصري لكي يفعلوا نيابة عنه كل شيء ، ومنذ يوم 19 مارس اعتبر الاخوان أن الشعب منحهم الحق الدستوري في التحدث باسمه في كل شيء وأن الشعب حمّلهم أمانة ومات الشعب بعدها.

ورغم أن أحد نواب البرلمان طالب بسن وتشريع قانون يجرم التظاهر ويضع شروطا معقدة للتظاهر لكي يقتل الثورة ، إلا أن الاخوان عادوا للتحرير من جديد لكي يعبروا عن رأيهم واعتراضهم على فشل حكومة الجنزوري ، لكي يثبتوا للرأي العام أنهم ضد حكومة الجنزوري ولا يوجد أي اتفاق بينهم وبين المجلس العسكري ، ومن جهة أخرى يفعلون ما يسعون إلى تحريمه على الثوار.

وبدافع المسئولية التي يدعي الاخوان أن الشعب فوضهم إلى الأبد للتحدث باسمه فقد سعوا هنا وهناك وحاولوا بكل الطرق الوصول مع كل الجهات إلى كلمة سواء وطالبوا الجهات المعنية بالقيام بدورها في اتخاذ ما يحقق الاستقرار الاقتصادي والأمني وتلبية الاحتياجات الضرورية للشعب وتشكيل حكومة توافق وطني لكن بشرط (أن تكون هذه الحكومة من الأغلبية البرلمانية) ، وطبيعي جدا لا يمكن لأي إنسان يحترم نفسه أن يوافق على حكومة بهذا الشكل ، وهذا هو الخُـبْـث السياسي الذي يريده الاخوان لكي يُـظْـهِـروا جميع القوى السياسية الأخرى بأنها لا تريد إصلاح مصر ولا تبحث عن الاستقرار العام ، ولنفس السبب لم يجدوا أي استجابة عملية من هذه القوى السياسية.

واستمرارا في الهزل السياسي وفي استنزاف الوقت وضحكا على الناس وإدخالهم في مسرحيات مكتوبة مسبقا كان قرار مجلس شورى الجماعة بعدم تقديم مرشح للرئاسة من الاخوان بتاريخ 10/2/2011م ، وتم التأكيد عليه في جلسة 29/4/2011م ، وكانت المبررات داخلية وخارجية لضمان نجاح الثورة ، ولكي يحافظ الاخوان على الثورة وعلى عملية التحول الديمقراطي غيروا موقفهم وقرروا فجأة ترشيح (المهندس/ خيرت الشاطر ) للرئاسة ، ويبررون هذا بأنهم يخافون على الثورة ، هذا ما قالوه في جلستهم الطارئة المنعقدة بتاريخ 31/3/2012م ، ولكن ما أراه من وجهة نظري أنها محاولة واضحة لشغل وإلهاء الشارع السياسي والرأي العام في موضوع هزلي هو أن الاخوان كاذبون وغير ملتزمين بما يقولون وتوجيه الفكر الشعبي كله في موضوع خيرت الشاطر ، بحيث يتم تمرير موضوع الجمعية التأسيسية وكتابة الدستور وهو الأهم الآن بالنسبة للإخوان لأنه عقد شراكة على إدارة الوطن بين الشعب وجميع السلطات ، ولأن الدستور هو العقد الذي يتم الاتفاق فيه على كل شيء بين الحاكم والمحكوم ، ونؤكد ثانية أن الاخوان الآن لا يشغلهم إلا كتابة الدستور بأغلبية تنتمي للتيار الديني ، ومن الممكن جدا أن ينسحب الشاطر من انتخابات الرئاسة فيما بعد ، ولكن بعد أن يكون قد تحقق الغرض الأهم للإخوان وهو كتابة الدستور الذي سيحكمون به الشعب المصري لعدة عقود أو قرون.

الغريب في الأمر أن الاخوان يفعلون كل هذا بعقيدة راسخة لديهم أنهم يحافظون على الثورة وحرصا منهم على تحقيق أهدافها وبدافع اختيار الشعب لهم.

كلمة أخيرة :

الاخوان مثلهم مثل الحزب الوطني يبحثون عن السلطة وكل ما يشغلهم حصد أكبر قدر من السلطات بالرضا أو الاغتصاب أو الخداع بشغل الناس في شيء لتمرير شيئا آخر ، ولم يفكروا حتى الآن في حل أزمة واحدة من الأزمات التي يعاني منها المصريون في جميع محافظات مصر ، هل قامت الثورة لتحقيق العدالة والحرية والكرامة الإنسانية ومنع الاحتكار والتسلط في كل شيء .؟ ، أو لتسيلم مصر كلها برلمانا ودستورا وحكومة ورئيسا وفوقهم هدية هي الشعب المصري ونعطيهم هدية للإخوان.؟.

هناك تعليق واحد:

  1. اللهم ولى امورنا خيرنا ولا تولى امورنا شرارنا

    ردحذف