إن الهدف الأول من إرسال جميع الرسل هو الدعوة لـ (لا إله إلا الله) وحده دون سواه وعبادة الله وحده بلا شريك (وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ)الذاريات:56.
فكانت كلمة لا إله إلا الله هي أول كلمة يطرق بها الرسل جميعاً أسماع أقوامهم لأنها أساس عقيدة التوحيد التي بُـعـِـثـُوا بها، وجاؤ وجاؤا لتقريرها وتأكيدها في النفوس، فهي الأصل الذي إذا رسخ ثبتت عليه بقية الفروع، وهي الحقيقة الكبرى التي لا مراء فيها ، فدعا إليها جميع الرسل عليهم السلام أقوامهم.
والإسلام في جوهره وحقيقته يعني الاستسلام الكامل لله تعالى وإكمال والخشوع والخضوع والانقياد لشرع الله عن رضا وإقبال بدون قيد ولا شرط .يقول تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ حَنِيفاً وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً)النساء:125وخليل الله إبراهيم لم يكن من المشركين (
قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ)الأنعام :161
والمولى تبارك وتعالى قد تفرد بخلق وتنظيم كل شيء في هذا الكون بقدرته وعظمته وإرادته لأنه سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء ، ولا يجوز لمؤمن أن يجعل مع الله شريك في الملك أو الخلق أو طلب النفع ودفع الضرر أو التشريع أو أي أمر أو قضاء إلهي اختص به نفسه جل وعلا ، ورفع به نفسه فوق جميع مخلوقاته التي تختلف جميعها في ضعفها و طريقة خلقها وتركيبها وتشكيلها ، وهنا تتجلى عظمة الخالق سبحانه وتعالى في جعل الوحدانية له سبحانه بخلق كل شيء في هذا الكون على شكل ثنائيات وخلق جميع المخلوقات في حالة احتياج له سبحانه وتعالى وفي حالة احتياج لبعضها البعض ، وفي حالة تكامل مع بعضها البعض ، وهذا مالا يمكن أن نصف به الخالق العظيم الذي لا يحتاج لمخلوقاته في شيء فهو الغني عنهم وهو على كل شيء قدير و سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء.
ومن أبرز علامات الفطرة السليمة
أن الناس جميعهم في كل العصور والأزمان ، وفي كل البقاع والأماكن ذكورهم وإناثهم ، كبيرهم وصغيرهم ،عالمهم و جاهلهم ،فقيرهم وغنيهم ، رئيسهم ومرؤسهم ، كل أصناف البشر إذا ما تعرضوا لشدائد يعجز البشر عن إخراجهم منها .هنالك تستيقظ الفطرة ، وتنفض ما بها من غبار وما علق فيها من شوائب فتلجأ إلى خالقها ذليلة صاغرة تستنجد بربها وحده لا تلتفت إلى أحد سواه.
ومن العجيب أن يعترف الإنسان المشرك أن الله جل وعلا هو من خلقهم و خلق السموات والأرض يقول تعالى(وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ)الزخرف:87 ، يقول تعالى (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ)العنكبوت:61
معنى وحدانية الله أو توحيد الله
وحدانية الله : هي أن نعبد الله جل وعلا بلا شريك ، أن نصلي لله جل وعلا ولا نذكر معه أحدا من البشر حتى لو كان نبيا مرسلا ، أن نطلب العون والرزق والعفو والرضا والهداية والفوز في الآخرة من الله جل وعلا ولا نستعين بسواه. يقول تعالى (إياك نعبد وإياك نستعين)الفاتحة:4.
الله جل وعلا هو الخالق هو المعبود هو المحيي المميت هو الرازق هو الشافي هو مالك يوم الدين وحده لا شريك له.
إخلاص العبادة لله وحده بلا شريك تعني وحدانية خالصة بلا شوائب ، وبلا اختلاط بعقائد فاسدة تودي بالإنسان إلى الشرك الذي لا يغفره الله أبدا.
ومن عظمة هذا الخالق أنه جعل جميع مخلوقاته في صورة مغايرة تماما لهذه الوحدانية وهذا التفرد فالله جل وعلا ليس كمثله شيء في قدرته وفي عظمته بينما نجد معظم البشر وباقي المخلوقات النباتية والحيوانية والكونية في حالة تشابه وتقارب في كثير من الصفات والأشكال ، وهناك مثل مصري يقال حين يرى الناس شخصا له شبيه في ذاكرتهم (يخلق من الشبه أربعين) أراد الله جل وعلا أن تكون المخلوقات في ثنائيات بمعنى خلق من كل شيء ذكرا وأنثى أو زوج و أزواج ، هذا معنى كلمة ثنائيات ، وخلق الإنسان من ثنائية متصلة هي النفس والجسد ،ليخضع من خلالهما للاختبار الدنيوي الذي يصاب فيه بالصحة والمرض والغنى والفقر وكذلك جعل الله فروقا بين البشر فمنهم الأبيض والأسود وجعل الأعمى والبصير وجعل المؤمن والكافر وجعل الخبيث والطيب الصادق والكاذب ، ومن الممكن لشخص واحد أن يتقلب بين هذه الصفات البشرية جميعا وهذه هي الطبيعة التي خـُـلِـقَ عليها الإنسان ، كما يتحقق نفس الشيء في الكون بأن جعل السموات والأرض وجعل الليل والنهار والشمس والقمر والبرد والحر.
الإنسان مخلوق ضعيف يؤثر ويتأثر بالبيئة التي يعيش فيها ، له عواطف وله مشاعر يقوى أحيانا وأحيانا يضعف يصيب ويخطئ يصدق ويكذب من المستحيل أن يكتسب هذا الإنسان بعض صفات الخالق العظيم إلا في عقول هواة الشرك بالله.
إذن لو تحدثنا من ناحية دينية عقائدية نجد الحقائق الآتية:
الله جل وعلا هو وحده المعبود
الله جل وعلا هو وحده الرازق
الله جل وعلا وحده بقدرته يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور ويجعل من يشاء عقيما
الله جل وعلا وحده يهب الصحة والعافية لمن يشاء وينزعهما ممن يشاء
الله جل وعلا هو وحده يحيي ويميت
الله جل وعلا وحده يملك علم الساعة وموعدها
الله جل وعلا وحده يبعث من في القبور
الله جل وعلا وحده يحاسب كل الناس وليس من حق أحد أن يراجعه أو يحاسبه لأنه لا يظلم أحدا ولأنه العدل المطلق ولأنه لا يبدل القول لديه
الله جل وعلا وحده هو مالك يوم الدين
الله جل وعلا وحده يقول أصدق الحديث وأحسن الحديث وليس بمقدرة الجن والإنس بما فيهم جميع الأنبياء أن يأتوا بآية مثل آيات الله جل وعلا فوحدانية الله جل وعلا في كل هذه الصفات تجعل من البديهي أيضا وحدانية في التشريع الإلهي بمعنى أن الله واحد في كل شيء فلابد أن يكون تشريعه واحد لا ثاني له ولذلك يقول ربنا جل وعلا (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ)الأنعام:161 ، ويقول تعالى لخاتم النبيين يؤكد أن منهج الاسلام وشريعته ووحيه المنزل على خاتم النبيين هو ما أنزل على السابقين من الرسل(مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ)فصلت:43
فإذا كان ربنا جل وعلا يملك كل هذه الصفات وأكثر وينفرد بكل هذا وحده لا شريك له فهل يعقل أن يكون لأحد من البشر جزء ولو يسير من التقديس حتى لو كان نبيا مرسلا إذا كان الأنبياء جميعا يخلصون عبادتهم لله وحده بلا شريك مع الله ويدعون الله أن يلحقهم بالصالحين وذلك خوفا وحرصا منهم أن يكونوا قد وقعوا في أدنى درجات الشرك بالله ، ويقول ربنا جل وعلا يحذر خاتم النبيين عليهم السلام (وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ)الزمر:65، ورغم كل هذه التحذيرات من الشرك بالله ورغم خطورة الشرك بالله إلا أن معظم المسلمين يعانون عقائد شركية في معظم أمور الحياة ولو حاول إنسان دعوتهم لعبادة الله بلا شريك واتباع قرآنه وحده بلا شريك يظهر عليهم أعراض يمكن التعليق عليها بهذه الآية القرآنية
(وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَٰتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكُمُ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ)الحج:72
ويتجسد اعتراض معظم المسلمين وتعنتهم عند دعوتهم لعبادة الله وحده والإيمان بقرآنه وحده في تقديسهم للبشر والأضرحة والروايات التراثية الظنية ، وهم بهذه العقائد تفوقوا على من كذبوا خاتم النبيين لأن من عاصروا الرسول وكذبوه كانوا يطلبون منه أن يأت بقرآن غير هذا أو يبدله يقول تعالى(وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا ٱئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـٰذَآ أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِيۤ أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِيۤ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىۤ إِلَيَّ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ )يونس:15، وهنا قاعدة قرآنية عظيمة تبين أن خاتم النبيين عليهم السلام كان رده واضحا جليا على من كذبوا القرآن بأنه ليس من سلطته الإتيان بقرآن غير هذا لأنه متبع للرسالة والوحي ، ولأن رسالة الله وشرعه واحد لا يعلمه إلا هو ولا ينزله إلا هو ، وأول من يعلم هذه الحقائق هم الأنبياء أنفسهم لذلك كانوا دائما يجيبون الكافرين المكذبين بآيات الله أنه ليس في استطاعتهم تغيير المنهج أو التشريع .
إذن ما هو المطلوب من كل إنسان يريد أن يفوز وينجح في الآخرة عليك أيها الإنسان عبادة الله بلا شريك والإيمان بالقرآن الكريم مصدرا وحيدا للتشريع واجعل هذا ينعكس على أخلاقك وسلوكياتك وتعاملاتك مع الناس لينطبق عليك قول الله جل وعلا (وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)البقر:82،والسؤال المنتظر هنا من معظم المسلمين كيف سنفهم القرآن الكريم بعقولنا القاصرة وعلمنا المحدود أقول لهم من منكم حاول قراءة القرآن بتدبر ودراسته كما أمرنا ربنا جل وعلا من منكم انتهى من قراءة ودراسة وتدبر القرآن الكريم ولو مرة واحدة ولم يفهمه أو يفهم بعض حقائقه.
كلمة أخيرة :
قدسوا القرآن وقدروه حق قدره واجعلوه فوق كل شيء وأكثروا من دراسة وتدبر القرآن وعندها ستفاجئون بالنتيجة .
وإلى لقاء أخر إن شاء الله
فكانت كلمة لا إله إلا الله هي أول كلمة يطرق بها الرسل جميعاً أسماع أقوامهم لأنها أساس عقيدة التوحيد التي بُـعـِـثـُوا بها، وجاؤ وجاؤا لتقريرها وتأكيدها في النفوس، فهي الأصل الذي إذا رسخ ثبتت عليه بقية الفروع، وهي الحقيقة الكبرى التي لا مراء فيها ، فدعا إليها جميع الرسل عليهم السلام أقوامهم.
والإسلام في جوهره وحقيقته يعني الاستسلام الكامل لله تعالى وإكمال والخشوع والخضوع والانقياد لشرع الله عن رضا وإقبال بدون قيد ولا شرط .يقول تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ حَنِيفاً وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً)النساء:125وخليل الله إبراهيم لم يكن من المشركين (
قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ)الأنعام :161
والمولى تبارك وتعالى قد تفرد بخلق وتنظيم كل شيء في هذا الكون بقدرته وعظمته وإرادته لأنه سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء ، ولا يجوز لمؤمن أن يجعل مع الله شريك في الملك أو الخلق أو طلب النفع ودفع الضرر أو التشريع أو أي أمر أو قضاء إلهي اختص به نفسه جل وعلا ، ورفع به نفسه فوق جميع مخلوقاته التي تختلف جميعها في ضعفها و طريقة خلقها وتركيبها وتشكيلها ، وهنا تتجلى عظمة الخالق سبحانه وتعالى في جعل الوحدانية له سبحانه بخلق كل شيء في هذا الكون على شكل ثنائيات وخلق جميع المخلوقات في حالة احتياج له سبحانه وتعالى وفي حالة احتياج لبعضها البعض ، وفي حالة تكامل مع بعضها البعض ، وهذا مالا يمكن أن نصف به الخالق العظيم الذي لا يحتاج لمخلوقاته في شيء فهو الغني عنهم وهو على كل شيء قدير و سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء.
ومن أبرز علامات الفطرة السليمة
أن الناس جميعهم في كل العصور والأزمان ، وفي كل البقاع والأماكن ذكورهم وإناثهم ، كبيرهم وصغيرهم ،عالمهم و جاهلهم ،فقيرهم وغنيهم ، رئيسهم ومرؤسهم ، كل أصناف البشر إذا ما تعرضوا لشدائد يعجز البشر عن إخراجهم منها .هنالك تستيقظ الفطرة ، وتنفض ما بها من غبار وما علق فيها من شوائب فتلجأ إلى خالقها ذليلة صاغرة تستنجد بربها وحده لا تلتفت إلى أحد سواه.
ومن العجيب أن يعترف الإنسان المشرك أن الله جل وعلا هو من خلقهم و خلق السموات والأرض يقول تعالى(وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ)الزخرف:87 ، يقول تعالى (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ)العنكبوت:61
معنى وحدانية الله أو توحيد الله
وحدانية الله : هي أن نعبد الله جل وعلا بلا شريك ، أن نصلي لله جل وعلا ولا نذكر معه أحدا من البشر حتى لو كان نبيا مرسلا ، أن نطلب العون والرزق والعفو والرضا والهداية والفوز في الآخرة من الله جل وعلا ولا نستعين بسواه. يقول تعالى (إياك نعبد وإياك نستعين)الفاتحة:4.
الله جل وعلا هو الخالق هو المعبود هو المحيي المميت هو الرازق هو الشافي هو مالك يوم الدين وحده لا شريك له.
إخلاص العبادة لله وحده بلا شريك تعني وحدانية خالصة بلا شوائب ، وبلا اختلاط بعقائد فاسدة تودي بالإنسان إلى الشرك الذي لا يغفره الله أبدا.
ومن عظمة هذا الخالق أنه جعل جميع مخلوقاته في صورة مغايرة تماما لهذه الوحدانية وهذا التفرد فالله جل وعلا ليس كمثله شيء في قدرته وفي عظمته بينما نجد معظم البشر وباقي المخلوقات النباتية والحيوانية والكونية في حالة تشابه وتقارب في كثير من الصفات والأشكال ، وهناك مثل مصري يقال حين يرى الناس شخصا له شبيه في ذاكرتهم (يخلق من الشبه أربعين) أراد الله جل وعلا أن تكون المخلوقات في ثنائيات بمعنى خلق من كل شيء ذكرا وأنثى أو زوج و أزواج ، هذا معنى كلمة ثنائيات ، وخلق الإنسان من ثنائية متصلة هي النفس والجسد ،ليخضع من خلالهما للاختبار الدنيوي الذي يصاب فيه بالصحة والمرض والغنى والفقر وكذلك جعل الله فروقا بين البشر فمنهم الأبيض والأسود وجعل الأعمى والبصير وجعل المؤمن والكافر وجعل الخبيث والطيب الصادق والكاذب ، ومن الممكن لشخص واحد أن يتقلب بين هذه الصفات البشرية جميعا وهذه هي الطبيعة التي خـُـلِـقَ عليها الإنسان ، كما يتحقق نفس الشيء في الكون بأن جعل السموات والأرض وجعل الليل والنهار والشمس والقمر والبرد والحر.
الإنسان مخلوق ضعيف يؤثر ويتأثر بالبيئة التي يعيش فيها ، له عواطف وله مشاعر يقوى أحيانا وأحيانا يضعف يصيب ويخطئ يصدق ويكذب من المستحيل أن يكتسب هذا الإنسان بعض صفات الخالق العظيم إلا في عقول هواة الشرك بالله.
إذن لو تحدثنا من ناحية دينية عقائدية نجد الحقائق الآتية:
الله جل وعلا هو وحده المعبود
الله جل وعلا هو وحده الرازق
الله جل وعلا وحده بقدرته يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور ويجعل من يشاء عقيما
الله جل وعلا وحده يهب الصحة والعافية لمن يشاء وينزعهما ممن يشاء
الله جل وعلا هو وحده يحيي ويميت
الله جل وعلا وحده يملك علم الساعة وموعدها
الله جل وعلا وحده يبعث من في القبور
الله جل وعلا وحده يحاسب كل الناس وليس من حق أحد أن يراجعه أو يحاسبه لأنه لا يظلم أحدا ولأنه العدل المطلق ولأنه لا يبدل القول لديه
الله جل وعلا وحده هو مالك يوم الدين
الله جل وعلا وحده يقول أصدق الحديث وأحسن الحديث وليس بمقدرة الجن والإنس بما فيهم جميع الأنبياء أن يأتوا بآية مثل آيات الله جل وعلا فوحدانية الله جل وعلا في كل هذه الصفات تجعل من البديهي أيضا وحدانية في التشريع الإلهي بمعنى أن الله واحد في كل شيء فلابد أن يكون تشريعه واحد لا ثاني له ولذلك يقول ربنا جل وعلا (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ)الأنعام:161 ، ويقول تعالى لخاتم النبيين يؤكد أن منهج الاسلام وشريعته ووحيه المنزل على خاتم النبيين هو ما أنزل على السابقين من الرسل(مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ)فصلت:43
فإذا كان ربنا جل وعلا يملك كل هذه الصفات وأكثر وينفرد بكل هذا وحده لا شريك له فهل يعقل أن يكون لأحد من البشر جزء ولو يسير من التقديس حتى لو كان نبيا مرسلا إذا كان الأنبياء جميعا يخلصون عبادتهم لله وحده بلا شريك مع الله ويدعون الله أن يلحقهم بالصالحين وذلك خوفا وحرصا منهم أن يكونوا قد وقعوا في أدنى درجات الشرك بالله ، ويقول ربنا جل وعلا يحذر خاتم النبيين عليهم السلام (وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ)الزمر:65، ورغم كل هذه التحذيرات من الشرك بالله ورغم خطورة الشرك بالله إلا أن معظم المسلمين يعانون عقائد شركية في معظم أمور الحياة ولو حاول إنسان دعوتهم لعبادة الله بلا شريك واتباع قرآنه وحده بلا شريك يظهر عليهم أعراض يمكن التعليق عليها بهذه الآية القرآنية
(وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَٰتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكُمُ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ)الحج:72
ويتجسد اعتراض معظم المسلمين وتعنتهم عند دعوتهم لعبادة الله وحده والإيمان بقرآنه وحده في تقديسهم للبشر والأضرحة والروايات التراثية الظنية ، وهم بهذه العقائد تفوقوا على من كذبوا خاتم النبيين لأن من عاصروا الرسول وكذبوه كانوا يطلبون منه أن يأت بقرآن غير هذا أو يبدله يقول تعالى(وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا ٱئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـٰذَآ أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِيۤ أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِيۤ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىۤ إِلَيَّ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ )يونس:15، وهنا قاعدة قرآنية عظيمة تبين أن خاتم النبيين عليهم السلام كان رده واضحا جليا على من كذبوا القرآن بأنه ليس من سلطته الإتيان بقرآن غير هذا لأنه متبع للرسالة والوحي ، ولأن رسالة الله وشرعه واحد لا يعلمه إلا هو ولا ينزله إلا هو ، وأول من يعلم هذه الحقائق هم الأنبياء أنفسهم لذلك كانوا دائما يجيبون الكافرين المكذبين بآيات الله أنه ليس في استطاعتهم تغيير المنهج أو التشريع .
إذن ما هو المطلوب من كل إنسان يريد أن يفوز وينجح في الآخرة عليك أيها الإنسان عبادة الله بلا شريك والإيمان بالقرآن الكريم مصدرا وحيدا للتشريع واجعل هذا ينعكس على أخلاقك وسلوكياتك وتعاملاتك مع الناس لينطبق عليك قول الله جل وعلا (وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)البقر:82،والسؤال المنتظر هنا من معظم المسلمين كيف سنفهم القرآن الكريم بعقولنا القاصرة وعلمنا المحدود أقول لهم من منكم حاول قراءة القرآن بتدبر ودراسته كما أمرنا ربنا جل وعلا من منكم انتهى من قراءة ودراسة وتدبر القرآن الكريم ولو مرة واحدة ولم يفهمه أو يفهم بعض حقائقه.
كلمة أخيرة :
قدسوا القرآن وقدروه حق قدره واجعلوه فوق كل شيء وأكثروا من دراسة وتدبر القرآن وعندها ستفاجئون بالنتيجة .
وإلى لقاء أخر إن شاء الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق